رواية جديدة رزان والمجهول لمايسة الألفي - الفصل 22 والأخير
قراءة رواية رزان والمجهوول كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية رزان والمجهول
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة مايسة الألفي
الفصل الثاني والعشرون الأخير
❈-❈-❈
أتى موعد إلقاء الشجرة فتوجه باهر ومعه الشجرة إلى البحر لإقاءها، استمر يجر الشجرة حتى اقترب من البحر، وهو سعيد يفكر في حال رزان بعد التحول.
هل يا ترى ستتغير للأحسن أم للأسوأ، هل ملامحها وهيئتها الإنسية ستكون أفضل أم ستسوء، إنه يعلم جيدًا أنه أحبها على هيئتها البحرية.
ولا يدري هل ستكون الهيئة الإنسية أفضل أم لا، إنه لم يرها على هيئتها الإنسية قبل ذلك، لكنه يتمنى أن تكون هيئتها الإنسية هي نفسها البحرية.
لهذا استمر طوال الطريق يفكر بالأمر، حتى تبددت ظنونه التي تسببت في هذا القلق، لأنه أراد لمصلحتها الخير الكبير الذي سيغيرها.
واستسلم لفكرة أنها مهما كان تغيرها فسيكون أفضل من حالها الآن، لأنها كهيئة بحرية تفتقد للكثير والكثير من طباعها الإنسية لهذا استمر على تفكيره أن مصلحتها أهم من حبه لها.
وأنه بإذن الله، لن يتبدل إحساسه بها، مهما تغيرت طباعها أو ملامحها، وأنه سيظل على عهده بحبه لها، لقد عانى باهر في طفولته كثيرًا، وعانى عندما توفي أبوه.
استمر طوال هذه السنين يفكر في حاله لو كان أبيه حيًا، هل يترى كان أمره سيظل هكذا، وحيد دون رفيق يؤنس وحشته، حقًا إن أمه قد أشعرته بالأمان.
وجعلت منه شخص جدير بالحب والتضحية، لقد ضحت أمه من أجله، أبقت نفسها دون زواج حتى لا تأتي برجل يؤرق أيامه، خاصة وأنها قد افتقدت لزوجها كثيرًا.
حينما مات وتركها وحيدة دون رفيق، أحس باهر وقتها أنه فقد شيئًا مهمًا، وأنه لن يتخلى عن أمه مطلقًا.
لأي سبب من الأسباب، لهذا راح يفكر، هل طبع رزان سيتبدل وتكره أن تكون زوجة له، وتقدر أمره وأمر أمه، التي أحس أنه سيجعل منها أم تفتخر بإبنها الذي استمر على تقدير كل أفعالها.
وتمنى أن تصبح رزان شخصًا معينًا له على حب أمه التي قد ضحت من أجله، وراحت تنسج له، كل آيات السعادة التي قد تتبدل في لحظة بتغير طباع رزان حينما تتحول إلى إنسية.
عندما وصل إلى البحر، حاول أن يلقي التعويذات التي وصاه بها الساحر الطيب، وأحس بأنه قد اقترب من تنفيذ الأمر، لهذا راح يتلو آيات التعويذة بصوتٍ مرتفع دون أن ينسى شيئًا.
وبالفعل أنهى التعويذة واتجه إلى إلقاء الشجرة في البحر، ثم ألقاها، واعتمد على الله في أمر النتيجة، التي ستؤل إليها حال رزان، وفجأة أحس باهر أن الماء يهتز ويخرج دخانًا كثيفًا.
حاول باهر أن ينظر للشاطيء كي يرى رزان جالسة وملقاة عليه كما وعده الساحر الطيب، وبالفعل وجدها ملقاة على غير وعي.
فهرول إليها يهزها محاولًا أن ينبهها للواقع، فرآها لم تتغير كثيرًا وملامحها لا زالت هي نفسها، لهذا فرح جدًا بالأمر، وحملها إلى البيت كي يعرضها على طبيب.
قد أثرت حالتها الجديدة على وعيها عندما نظرت لحالها فوجدت نفسها قد تغير حالها من عروسة بحر إلى إنسية كما كانت قبل ذلك، لهذا راحت عن الوعي عندما تبدل حالها.
فلم تستوعب أمر هذا التحول السريع الذي سيطر عليها، وظل باهر طوال طريقه إلى البيت يحاول إفاقتها كي تراه ويتأكد من حبها له، الذي كانت تكنه له.
عندما وصل إلى بيته وجد أمه جالسة تشاهد التلفاز، وفي يدها بعض قطع الطماطم تقطعها، لتصنع طبق لذيذ من الخضار لكي يأكله ابنها على الغداء فقد وعدها أنه سيأتي برزان معه.
لهذا حاولت أن تعد له، الغداء قبل أن يأتي، لترى رزان هذه التي خطفت قلبه، فوجدت الأم باهر ابنها يحمل رزان على يديه ومحاولًا أن يفيقها من حالة عدم وعيها هذه.
فأسرعت الأم واتصلت بالطبيب وأخبرته بالأمر، ثم اتجهت ناحية رزان تنظر إلى ملامحها الجميلة وتقول:
-إنها فتاة جميلة جدا يا باهر، إنك قد حاولت أن توصفها لي، لكني لم أفهم أن جمالها مثير لهذه الدرجة، التي قد أخذت بعقلي، إنها والله تستحق كل حبك واهتمامك.
ولا تقلق عليها، إن النبض لا زال حيًا، ولن يحدث لها أي مكروه، أريدك فقط أن تتماسك عندما ستعود لوعيها حتى لا تتفاجأ بك وملامحك القلقة هذه، حتى لا تفزعها عليك.
فمن الواضح أنها عندما تحولت فجأة من النقيض إلى النقيض كان هذا أمر مذهل لها، لهذا أغمي عليها فجأة، ولا تقلق بشأن إحساسها، فإني والله أشعر أنها ستبقى على العهد مهما حدث لها من تغير.
وصل الطبيب، وراح يحاول أن يعيدها إلى وعيها، بعدما شرح له باهر كل الأمر، وظروف التغير التي طرأت عليها، لهذا أخبرهم الطبيب أن الأمر.
سيكون بخير، وأنها فقط أحست بدوار شديد من حالة التغير، التي قد تكون قد أثرت على صحتها بعض الشئ، لهذا أوصاهم بألا يحاولا إجهادها في التفكير بالأمر.
لأن أي إجهاد من الممكن أن يؤثر عليها، لهذا أخبرهم أنها بخير، وفي لحظات قصيرة فاقت وحاولت أن تتكلم فلم تستطع، فنظر لها الطبيب.
وأحس أن ذلك من تأثير مفاجأة تغير حالها من النقيض إلى النقيض، لهذا أمرهم أن يتركوها لتنام قليلًا حتى تستوعب الأمر.
ثم ستعود لحالتها الطبيعية بعد ذلك، فتركها باهر لتستريح وذهب ليأتي بأبيها كي يراها ويفرح بأمر تغيرها إلى إنسية، فقد استسلمت للنوم، وراحت تغوص بأحلامها.
لترى نفسها عروس جميلة لحبيبها باهر الذي أحس بأنها لا زلت على العهد معه، فعندما نظر إلى عينيها حينما أفاقت شعر بأنها قد أحسسته بمدى اشتياقها له.
في البحر حيث روني وسفر يتحدثان في أمر تحول رزان، من عروسة بحور إلى إنسية، لهذا راح يفكر في الأمر كل منهما ويتخيل حياته بعد رحيل رزان منها.
فأحس روني بالحزن، وراح يبكي أمام أخيه سفر، ويقول:
-لقد أحسست بتبدل حالها في أي لحظة، لقد ذكرت لي قبل أن تختفي أنها ستتحول في هذا اليوم، وراحت تؤكد لي أنها ستتبدل حالتها من عروسة بحر إلى إنسية جميلة.
وإننا لن نستطيع بعد الآن من التحاور معها، لهذا كنت أريد فقط أن أطمئن على حالها، ورؤيتها على هيئتها الإنسية التي قد تكون أجمل بكثير من حالتها كعروسة بحر.
نظر له سفر بحزن شديد وراح يتخيل حياته بدون رزان الجميلة، فبكى بحرقة شديدة، وراح يقول لروني في حزن بالغ:
-إننا قد افتقدنا شيئًا عظيمًا بتحول رزان، لأني كنت أشعر أنها أخت لنا، تسعى دومًا إلى إعادة البسمة إلى وجوهنا الكئيبة التي قد ملأها الحزن على رحيلها، ولقد تذكرت وعدها لي.
عندما أكدت أنها سوف ستتبدل إلى إنسية، وأنها سوف تجعل لنا وقتًا للزيارة عند الغروب، وإني قد وعدتها أني سأذهب للشاطيء لمقابلتها.
والإتناس بصحبتها الحلوة التي قد تؤثر على مزاجنا، وتجعله أكثر سعادة، فأنا والله، لا أتخيل أن يكون يومي بدون رزان عروسة البحر الجميلة، لكن ما باليد حيلة.
إنها قد اشتاقت لحياتها الإنسية السعيدة، وتتمنى أن تكون مع والدها الرجل الطيب، والاطمئنان على حبها لباهر، لقد حكت لي قصتها معه.
وكنت اتمنى أن تظل معنا إلى الأبد، لكنها آثرت حياتها الأولى، وإني والله لفي شك في رؤيتها مرة أخرى، على الرغم من أنها قد وعدتني أنها سترانا.
وتقابلنا على الشاطيء كل يوم عند الغروب، لكني لست متأكد من هذا واتمنى لها حياة سعيدة فيما اختارت.
نظر له روني بحزن وراح يقول بحسرة:
-أعتقد أنني أكثر مخلوق تعلق بها، لأنني كنت معها من أول لحظة أتت فيها إلى حياتها البحرية، فمنذ تحولها وأنا أرى أنها تخلص لي، وتتمنى لي الخير.
ولقد ساعدتني في حياتي كثيرًا، لقد كنت عندما أيأس من شيء ما وأظن أنني لن أقدر على تحقيقه، أقرر أن أذهب إليها وأروي لها كل شيء يؤرقني.
فكانت دومًا تقف بجانبي وتجعل كل شيء ميسر وسهل، أذكر مرة كنت خائف جدًا من سمكة القرش، فأنت تعرف عدائها ناحيتنا كمخلوقات ودودة.
تظل تلف وتدور حتى تفترسنا، وتقضي على حياتنا، جئت لها يومها حزين خائف ترتعد فرائسي من شدة الرعب، ظللت أروي لها ما حدث لي.
ومن حسن مقابلتها لي ذكرتني بذكائي وفطرتي التي قد خلقت عليها، وراحت تحمسني ناحية سمكة القرش، لحظتها نصحتني أن أستخدم معها الحيلة والذكاء والمكر.
كي أهرب منها وأنجو بنفسي، فرحت أنفذ ما قد أوصتني به، كلما هاجمتني سمكة القرش، ومن وقتها وأنا أقابل الموقف بشجاعة بالغة جدًا.
ابتسم سفر وأحس أنه الآخر قد تعلم من رزان أشياء كثيرة، فراح يؤكد لروني كلامه قائلًا:
-إن معك كل الحق يا روني، إن أكثر شيء جذبني ناحية رزان هو قوتها وصلابتها وذكائها، الذي كانت دومًا تستخدمه في مواجهة المواقف الصعبة.
وإني أريد أن أذكر، لحظة هروبي من الصياد الذي كان يأسرني ويسخرني لخدمته، كانت يومها في قمة عطائها، فرحت أحكي لها ما قد حدث لي أثناء الأسر.
فراحت تؤكد لي أنها مستوعبة ما قد حدث لي من ألم، وبدأت تشجعني، على التأني والتفكر في أمر الأسر هذا، وأحاول أن أخذ من هذا الموقف الصعب عبرةً تساعدني على تقبل الأمر.
وعدم التأثر بما حدث لي من ألم، فاستمعت لها، وظللت يومها أفند ما حدث لي وآخذ من العبرة.
حتى شعرت في نهاية اليوم أني قد توصلت إلى راحة لا مثيل لها، لهذا ظللت إلى اليوم أتذكر ما قد استفدته منها في هذا الموقف الصعب من حياتي.
نظر روني ناحية بيت رزان القديم، وبدأت دموعه تنهمر، على فراق صديقته الغالية، ولأنه أكثر مخلوق قد تعلق بها، وتعامل معها قال:
-إني أرى أنها قد أبلت بلاءً حسنًا، عندما عينها الملك سنار، وزيرة للشباب، فقد أحسست يومها أنها رغم أن مدة وزارتها قليلة جدًا إلا أنني شعرت بتميزها في هذا الأمر، لهذا فرحت بها.
وأعطيتها كل ما تريده من احترام، لأني أكثر مخلوق يعرف قيمتها لدينا جميعًا، وأعتقد أنها بالفعل قد استفادت واستمتعت من حياتها في البحر معنا.
لهذا رأيت أنها أهم مخلوق قد مر على حياتي السابقة، وقد شعرت بمدى عطائها لي ولك.
في بيت باهر حيث أنه لا زالت رزان تحت ملاحظة الطبيب، تأخذ دوائها، وقد أتى إليها والدها ليراها ويسعد بأمر تحولها، بعد ذهب إليه باهر وأخبره بأمر إلقاء الشجرة.
وعودتها إلى حياتها الإنسية مرة أخرى، لهذا اقترب الأب من باهر، وأحس أنه بالفعل يحبها بحق ويتمنى شفائها إلى الأبد، لكنه عندما رأى حال ابنته.
التي أصبحت خرساء لا تعرف أن تقول شيئًا، اقترب من باهر وهو جالس يفكر في حجرة رزان النائمة على الفراش مستغرقة في أحلامها، حاول عبد الله أن يتكلم مع باهر، فسأله عن الأمر قائلًا:
-اعتقد أنك أكثر شخص قد أحب رزان، وأحدث في حياتها تغيرًا مصيريًا، وإني أشكرك جدًا على هذا الأمر الذي قد فعلته مع ابنتي، وأرى أنك أفضل شخص اقترب منها.
وشعر بحياتها الطيبة التي عانت فيها كثيرًا، إني أرى أنها قد تعلقت بك تعلقًا شديدًا، فمنذ أن أتيت ورأيت حالها، وأنا أرى أنها لا تكف عن النظر إليك.
كأنما تحاول أن تخبرك بشيء لكنها لا تستطيع أن تقول شيئًا، وإني قلق جدًا عليها لأنها قد تبدل حالها، وأصبحت خرساء، فهل يا ترى ستظل هكذا على هذا الأمر.
أم أنها سيتغير حالها وتعود وتملأ الدنيا صراخًا وكلامًا، هل تعلم أني أشتاق إلى صوتها هذا؟ واتمنى أن أستمع إلى كلمة أبي منها، لقد عانيت كثيرًا منذ هروبها وتحولها إلى عروسة بحر جميلة.
وإني رغم حبي لها أشعر أنني مقصر في أمرها، فهي رغم ما كانت عليه من حزن وسخط تجاهي وتجاه ما قد فعلته معها بخذلاني لها قد ساهمت في أزمتها وكرهها للحياة معي ومع زوجتي السابقة نعمات.
نظر له باهر وأحس أن أبيها حزين على حالها يحاول أن يعاقب نفسه على ما اقترفه في حقها، لهذا بدأ يقول له قولًا لينًا ويطمئنه على حالها:
-أعتقد أنك يا عمي عبد الله قد وعيت الدرس، وقد شعرت في صوتك بالندم تجاه ما قد فعلته لأنك قد أثرت على تعلقها بك، وحبها لك، فهي رغم ما قد فعلته تجاهها من خذلان.
إلا أنها قد أنقذتك من الغرق، وتتبعت نعمات زوجتك لتكشفها لك، لأنك كنت رافض التصديق، لكل ما فعلته ضدكم من أمور قاسية، وكنت تبرر قسوة نعمات معكما، وتجاهكما.
نظر عبد الله بحزن إلى باهر، وراح يقول في ألم وحسرة:
-إنني لحظة اكتشافي لتدبير نعمات أمر قتلي، قد عاهدت نفسي أن أتركها، وبالفعل ذهبت إلى المأذون وطلقتها نهائيًا، وأخذت كل ما كانت قد أخذته مني بأمر من المحكمة.
لأني اتهمتها بالتآمر ومحاولة قتلي، وهي قد اعترفت بعد انكار طويل جدًا، أنها كانت تتفق مع عشيقها عادل على أمر قتلي، وأنه هو من حرضها ودبر لها الخطة.
وقد انتقمت لابنتي منها بأن أودعتها في السجن لتعاقب على تآمرها على قتلي، لكني الآن أسعى لمعرفة السبب في خرس ابنتي رزان، وأرجو منك أن تستفر من الساحر الطيب.
فمن الجائز أنه يعرف شيئًا ما وراء سر خرسها هذا، فلماذا لا تذهب إليه وتسأله بنفسك عن الأمر.
نهض باهر من مجلسه وحاول أن ينفذ ما اقترحه عليه عبد الله، فودع رزان وأمه، وأخبرهم أنه سيذهب إلى الساحر، كي يطمئن على رزان منه، ويعرف السبب الحقيقي وراء أمر خرسها هذا، وهل هناك علاج للأمر.
أعد باهر عدته وذهب إلى الساحر في جزيرة الخلد، واصطحب معه صديقه مؤنس، الذي شعر أنه لابد أن يكون معه معين على الأمر، لهذا أخذه واتجه إلى بيت الساحر.
حيث وصل إلى البيت في جوف الليل، فرأى خادم الساحر جالس أمام غرفة الساحر، يشعل نيرانًا يخرج منها بعض الدخان الكثيف الذي جعل المكان غير واضح المعالم.
اقترب باهر ومعه صديقه مؤنس من الخادم، وراح يسأله في اهتمام وحذر:
-أرى أنك أيها الخادم مشغول بأمر ما، لكني أريد منك أن تخبر الساحر الطيب بأمر حاجتنا إليه، فإننا نود أن نسأله عن شيء هام، وأريد أن أراه الآن.
حاول الخادم أن يخبر الساحر، بأمر قدوم شخص يريد أن يسأله في شيء هام، فأذن له الساحر، وسمح له بالدخول، حيث قال له باهر في قلق:
-إننا يا ساحرنا الطيب نحتاجك في أمر هام، فلقد نفذنا كل ما طلبته منا بأمر فك سحر رزان، ورجوعها إنسية مرة أخرى، فهي والحمد لله قد تحولت وعادت لطبيعتها.
لكنها قد أصيبت بالخرس الشديد، وأراها تحاول أن تقول شيئًا لكنها لا تستطيع أن تنطق بكلمة واحدة.
وإني متعجب من أمرها هذا، فلماذا أصيبت بالخرس؟ وماذا تريد أن تقول لنا؟ إني محتار جدًا ومتعب وحزننا عليها كبير.
برقت عين الساحر، وراح يتمم بآيات السحر وتعاويذه، ثم نظر إلى باهر وصديقه مؤنس وقال:
-إنها في حالة يرثى لها، لأنها تعلم أسرار كثيرة عن حياة البحر، لهذا فقد أصيبت بالخرس كي لا تخبر أحدًا بهذه الأسرار.
فللبحر عالمه الخاص الذي لابد ألا يعلم عنه شيء من البشر، لهذا فهي ستكون خرساء، تحاول دومًا أن تحدثكم لكنها لن تقدر على الكلام مطلقًا.
حزن باهر حزنًا شديدًا، وراح يقول في ألم:
-أرى أنك لم تقل لنا هذا الخبر قبل ذلك أيها الساحر الطيب، فإننا لا نريد منها معرفة أسرار البحر.
فقط نريد أن تتكلم معنا كما كانت في السابق، ونود أن نعرف أليس هناك علاج لهذا الخرس؟ أريدك أن تساعدنا في إيجاد حل لهذا الأمر.
نظر الساحر لباهر بتعمق وحاول أن يستجمع كل فكره وعقله كي يخبره بالأمر، ثم نهض من مجلسه ووقف وبدأ يقول في اهتمام:
-سأعطيك محلولًا تضعه له على نصف كوب ماء، لكي تجعلها تشربه لتشفى من أمر الخرس نهائيًا، لكن حذار من الأمر، فإنها إذا تكلمت فستنسى كل شيء عنكم حتى أبيها نفسه.
وحياتها السابقة كلها، كي لا تُعلم أحدًا بأي أسرار، لكنها ستتكلم على أي حال، وستسعدون بصوتها العذب.
حزن باهر لأنها ستنسى حبها له، وتنسى أمره تمامًا، بمجرد أن تأخذ الدواء، لكنه فضل علاجها على حبها له، فيكفي أنه سيحبها ويكون بجانبها.
لهذا أخذ الدواء وذهب إلى البيت محاولًا أن يشرح لأمه وأبوها عبد الله كل ما سيحدث، حزن أبيها لأنها ستنساه بمجرد أن تتكلم، لكنه أكد أنه سيعلمها بكل شيء.
وحتمًا ستعيش معه بمجرد أن تعرف أنه أبوها، لهذا أتى باهر بكوب الماء ووضع فيه المحلول، كي تشربه وتشفى، وبالفعل أخذت الدواء وبدأت تتكلم قائلة:
-من أنا؟ ومن أنتم؟إني لا أتذكر شيئًا على الإطلاق، أرجوكم ساعدوني وأخبروني من أنا، فلقد أحسست أنني قد نسيت كل شيء حدث لي.
ابتسم لها والدها، وراح يخبرها قائلًا:
-إنك رزان ابنتي الجميلة، وهذا باهر حبيبك الذي أنقذك من السحر، وعلاجك من الخرس، هيا يا ابنتي لتعودي معي إلى البيت.
نظر لها باهر بحزن شديد، وبدأ قلبه يتحرك ناحيتها بقوة، يريد أن يقول لها أنه يحبها، ويريد أن يتزوجها، وعندما أخبرها باه بالأمر وقعت رزان على الفور وأحست بالألم.
اقترب منها والدها وحاول أن يعرف سبب ألمها، فرفعها باهر ووضعها على الفراش وأتى بالطبيب على الفور، ففحص الطبيب جسدها.
وأخبرهم أنها قد أصيبت بالحمى، لهذا حاول أبيها وباهر الاهتمام بها واعطائها الدواء، ومر اسبوع على مرضها، وهي موجودة في بيت باهر، يحاول دومًا معالجتها والسهر على أمر علاجها.
حتى شفيت تمامًا وتحرك قلبها مرة أخرى تجاه باهر، لأنه اهتم لأمر علاجها، وتعب معها كثيرًا، لهذا أخبرته قائلة بحب وهيام له:
-إني أعلم أنك تحبني كما أخبرتني منذ أن شفيت من الخرس، لكنني وقتها كنت لا أشعر تجاهك بأي شيء، على العكس تمامًا كنت لا أستريح لك أيضًا.
لكن بعد أن وقفت بجانبي حتى شفيت من الحمى وقد تحرك قلبي ناحيتك، وشعرت أني أعرفك منذ زمن طويل جدًا، لهذا فأنا أخبرك أني بالفعل أحببتك.
ابتسم باهر وراح يرقص قلبه فرحًا، طلب يدها منها وذهب إلى أبيها ليطلب يدها فوافق على الفور، ثم أخبرها بموعدها مع روني وسفر صديقاها عند الغروب، كي تذهب إلى لقائهم، لكنها قالت في حبٍ:
-طالما أن روني وسفر أصدقائي وأني سأقابلهم عند الغروب، فلماذا لا نحتفل بزواجنا على الشاطيء حتى يشاركوا معي فرحتي بزواجي منك، أعتقد أنهم سيسعدون لهذا جدًا.
بعد إسبوع تجهز باهر وجهز الشاطيء لإقامة حفل الزواج، كما دعت رزان روني وسفر والملك سنار لرؤية موكب زفافها على الشاطيء.
وبالفعل بدأ الحفل عند الغروب وقد زين الشاطيء بالورود والحلوى، واجتمع الجميع، حول رزان، دقت الموسيقى ورقص العروسان عليها رقصة البهجة والفرح والسرور.
وراحت رزان تغني بمرح، وتقول لباهر في حب:
-أشعر أني قد ملكت الدنيا، والسعادة بدأت تطرق بابي، فأنت زوجي وحبيبي الطيب، فهيا لنغني سويًا ونعانق الدنيا بمرح وحب.
ابتسم باهر وبدأ يقول في سعادة بالغة:
-إنني سعيد جدًا، ولا أصدق ما يحدث لي، لقد كنت اتمنى حبك وزواجك وقد حقق الله لي الأمر، وأنا سعيد الآن، وسوف أقبلك قبلة السعادة.
قبل باهر رزان قبلته، فراحت تتراقص مع الموسيقى وتمسك يد باهر بحب، اقترب أبيها واحتضنها واقتربت أم باهر واحتضنتهم وراح الجميع يرقصون بسعادة.
ثم سمعت رزان صوت أصدقاءها روني وسفر وسنار ينادون عليها من البحر فاقتربت منهم هي وباهر وراحت تلامسهم بحب وتقول:
-اليوم الكل سعيد، وهذه قُبلة مني لكم جميعًا، فأنا اليوم في أسعد لحظات حياتي، ولن أتخلى عنكم ما حييت.
تمت الرواية.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة مايسة الألفي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية