رواية جديدة مواسم الفرح (ست الحسن) لأمل نصر - الفصل الأخير الجزء الأول
قراءة رواية مواسم الفرح (ست الحسن) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية مواسم الفرح
من روايات وقصص
الكاتبة أمل نصر
(ست الحسن)
الفصل الأخير
الجزء الأول
- احنا الصعايدة يا احنا.......احنا نعمر فرحنا.
احنا الصعايدة وكالين الضانى....... البت حلوة والولد شرانى .
إحنا الصعايدة الفتوى....... ناخد العين اللي من جوا
إحنا الصعايدة يا إحنا......... إحنا نعمر فرحنا.
أصوات الغناء المختلطة بالضحكات الصاخبة بدلع مع بعض التعليقات الجريئة من زوج المصائب كما أطلقت عليهن من وقت أن اجتمعوا خصيصًا من أجل هذه المناسبة السعيدة، لتبتلى بأزعاجهن المتواصل، حتى تنهض اليوم من بكرة الصباح، برغم رأسها المثقل، نتيجة سهرة ليلة الحناء أمس التي ظلت لقرابة الفجر.
- يكونش الاغنية مش عجباها؟ ولا صوتنا احنا اللي مش واصلها؟
- خلاص نبجى علي الصوت أكتر في الأغنية دي، ولو منفعتش معاها نبجى نغير.
- وانا من رأي كدة برضوا .
احنا الصعايدة يا احنا.......احنا نعمر فر....
- بببببببس.
هتفت بها بصيحة وهي نرفع رأسها عنوة، حتى استلقت بنصف نومة، ونصف جلسة على الوسادة خلفها، لتتكتف بذراعيها، تطالعهن متجهمة الوجه، عاقدة الحاجبين، شعرها المشعث من أثر النوم، وبفمها تزفر بغيظ ، فكانت النتيجة منهن هو المزيد من الضحكات مع مزحات ثقيلة وبعضها تتخطى الجرأة، عن هيئنها المزرية في الصباح، والحظ الأسود لهذا المسكين الذي سيتزوجها ويبتلى بها:
- يا عيني عليك يا مدحت اخويا، صبرت صبرت عشان يجي حظك على نهال .
- بس يا بت زهرة متقوليش كدة، دا اختي بدر في تمامه، هي بس بتبجى مخربطة شوية ساعة ما تصحى .
- وشها بس يا بطة، طب وشعرها، ما هو مخربط هو كمان.
قالتها وانطلقن بالضحكات مرة أخرى يشاكسنها بتسلية، حتى استسلمت نهال لتخاطب شقيقتها بقهر وهي تحارب النعاس فوق أجفانها:
- طب هي تبجى اخت العريس يا ست بطة، ولو اتريقت مش عليها كلام، أنا بجى مش اختك انتي؟! يعني معندكيش مرارة تدافعي عني، على الأجل ما تتريجيش عليا.
جلجلت بطة بضحكة رقيعة تقصدها لتزيد بمناكفة شقيقتها الصغرى:
- لا ما انا معروف عني الندالة، يعني امبارح ارجصلك في حنتك والنهاردة اتمسخر عليكي عادي، واجف في صالح ابن عمي الدكتور؟ ولا انتي إيه رأيك يا زهرتي؟
ردت الأخرى مندمجة معاها:
- انا معاكي يا نور عيني، دا انتي جاية مع جوزك وعيالك من مطروح عشان كدة، وهو في أحلى من الندالة؟
- بصراحة لأ
قالتها بطة لتنطلق زهرة ابنة عمها ضحكة عالية هي الأخرى مرددة:
- حبيبتي يا بطة، وحشتيني ووحشتني أيامك يا غالية، ابو الجوزا اللي فرجنا، كل واحدة في بلد .
ردت الاخيرة بحنين:
- اه والله صدجتي، بس ادينا اها اتجمعنا من تأني، لا وكمان بجينا نسايب با بت عمي، اخوكي فرحو الليلة على اختي.
همت زهرة لترد ولكن نهال سبقتها بصوت ضعيف وقد أوشك أن يغلبها النعاس، ورأسها أسقطت للأمام:
- ما تطلعوا بجى وتكملوا وصلة الحنين دي... برا الاؤضة.
بشهقة عالية أجفلت نهال هتفت شقيقتها متصنعة الجدية:
- نكمل برا؟! دا انتي معندكيش دم صح، يا بت دا انا بعبر عن سعادتي بفرحك على واد عمك، بجى دا ميأثرش معاكي؟
طالعتها نهال بعدم استيعاب لتستغل زهرة ذلك وتزيد عليها:
- بتقولك أن النهاردة فرحك يا عروسة اخويا يا جمر انتي، إيه مش فرحانة يا عسل؟
- فرحانة فرحانة والله.
رددت بها وهي تومئ بهز رأسها حتى ترضيهن ، ليفاجأنها بالتصفيق بكفوفهن ويعُدن بالغناء:
- اَخر ليلة فى بيت ابوكي، اَخر ليلة فى بيت ابوكى.
إلى هنا وقد فاض بها لتصرخ بهن بلهجة أقرب للبكاء:
- حرام عليكم ، والنعمة حرام، الساعه لسة سبعة يا مؤمنين، يعنى انا مكملتش ساعتين نوم بعد ليلة امبارح اللي استمرت للفجر، هو انتوا مش كنتوا سهرانين زيي برضو؟ ايه مبتتعبوش؟
بكف يدها خبطت بطة شقيقتها على عظام صدرها، تدعي التأثر قائلة:
- يا حبيبتى يا أختي، هو انتى هتبكى عشان تنامى؟
غمزت زهرة بطرف عيناها تعقب:
- أعذريها يا بطة، اصلها لسه ع البر.
ختمت بضحكة خبيثة شاركتها الأخرى بها، قبل أن تصيح بهن نهال بصوت اعلى من السابق:
- وغلاوة عيالكم سيبونى انام، ابوس ايدكم يا بشر، سيبونى انام .
- خلاص خلاص، ادينا ماشين اها، كملى نوم براحتك، يا للا بينا يا زهرتى.
قالتها بطة وهي تستدير لتسحب الأخيرة معها في الخروج، ويرددن بالغناء والتصفيق مع هز أكتافهم:
احنا الصعايدة يا احنا....... احنا نعمر فرحنا.
احنا الصعايدة الفتوة....... ناخد العين اللي من جوا.
زفرت بتزمر وهي تتبعهم وتتبع اصواتهم حتى اختفت عن أسماعها، لتنزل تحت الغطاء وتجذبه عليها حتى تعود للنوم .
ولم تمر عشر دقايق حتى تفاجأت بمن تنضم معها في الفراش، همت أن تعترض صارخة هذه المرة، ولكن بدور سبقتها:
- والنبي يا شيخة ما تتحركى، وخليكى نايمه عشان انا كمان عايزة انام، انا ما صدجت هربت من الثنائى المرح.
- هما عملوها معاكي انتي كمان؟
قالتها نهال بيأس لتتابع قبل أن يغلبها النعاس:
- مفيش فايدة منهم، نامى يا بدور نامى .
❈-❈-❈
- خدوا هنا رايحين فين؟ تعالو معايا تعالوا
هتفت بها سميحة بصوت خفيض كالهمس، وهي ترفع الطفلة ذات العالمين عن الأرض، وتسحب بيدها الولد ذا الخمس سنوات، قبل أن يتمكنو من فتح باب الغرفة التي ينام بها عمهم العريس، ليصدر صوتها فور ان ابتعدت بمسافة كافية في الصالة التي يجلس بها سالم زوجها، مع بلال ابنها البكر وامرأته، والتي خاطبتها قائلة:
- كده برضوا يا مرفت يا بتي، انا مش منبهه ومشددى عليكي تاخدي بالك من العيال دي!
ردت الأخرى بلهجتها القاهرية تسألها بعدم فهم:
- فى ايه بس يا ماما ؟ هما عملوا إيه الشياطين دول؟
جلست سميحة لتجيبها وهي تجلس الطفلة الصغيرة على حجرها:
- المصايب دوب للمرة التانية اسحبهم جبل ما يفتحوا اؤضة عمهم عاصم، وانا ما صدجت عينه غفلت بعد سهره الليل كله.
عقب بلال ضاحكًا:
- ويعنى انتى ياما مفكرة، انه هيصحى منيهم؟ دول لو طبلوا جمبيه حتى، برضوا مش هيحس بعد العمايل اللى عملها امبارح بالرقص بالعصاية وع الحصان .
قال سالم ضاحكًا:
- فرحان يا ولدى، هو كان يتوقع انه ياخد اللي بيحبها، أو أن الفرح يتم فى ميعاده، بعد ما راجح دج راسه انه يكمل البيت الاول وبعدين يجوزهم.
رد بلال :
- بس الحمد لله يا بوى، عمي نفذ ورجع البيت احسن من الاول كمان.
تدخلت سميحة بقولها:
- ويعني كان عاصم سايبه لوحده؟ دا كان واجف معاه يد بيد، من أول الأساس لحد التشطيب ودخيل العفش والسكن فيه.
عقب بلال على قولها ضاحكًا:
- ما هو برضو عشان مصلحته ياما، ولولا وجفته دى، مكانش الفرح تم فى ميعاده!
تمتم سالم برضا:
- الحمد لله، يا للا بجى ربنا يتم فرحته على خير.
تدخلت ميرفت زوجة ابنه الأكبر بلال قائلة :
- بس بصراحة ليلة الحنة امبارح كانت جميله جدا ولا الخيال، البنات العرايس كانوا قمامير وعاصم والدكتور ابن عمه، الرقص اللى رقصوه بالاحصنة كانت حاجة خرافه بجد.
- دا اول فرح تحضريه معانا من ساعة ما اتجوزتى بلال، تلاجيكى اول مرة كمان تشوفى ليلة صعيدي كده طبل وزمر وحصنة.
قالتها سميحة كسؤال، وردت الأخرى:
- بصراحه انا شوفت كتير عندنا فى القاهرة زي كدة، بس دي اول مره اشوف واحد بيرقص ع الحصان، عملها ازاى عاصم دى؟ دا ماشاء الله متمكن .
- عشان فارس والمدرب بتاعه كان اكتر منه، ولا انتي مخدتيش بالك مين اللي دربه من الأساس؟
قالها بلال بمكر، فردت هي تغلبه بزوقها:
- لا ازاى يا باشا؟ دا انت المدرب، و الكل فى الكل كمان.
سمع منها بلال ليتمتم ضاحكًا لها:
- ايوة كدة اللحجى نفسك .
❈-❈-❈
في منزل عبد الحميد، والد العريس الاَخر مدحت، جلس الرجل يتناول وجبة إفطاره مع زوجته راضية، والتي سألها باستغراب:
- خبر ايه يا ولية؟ هنفطر انا وانتي لوحدينا، طب والعيال؛ مفيش حد فيهم صحى يجوم يفطر معانا؟
ردت راضية:
- معلش بجى يا ابو العريس، افطر لوحدك النهاردة، حكم زهره بتك الكبيرة، طلعت الصبح بدرى وراحت بيت عمها راجح، عشان بطه صاحبتها، انتي عارف روحهم في بعض كيف؟ ورائف ولدك الصغير نايم في بيت جده مع باجي شباب العيلة فى المندرة، والعريس اسم الله نايم هو كمان، بس في أوضته.
تسائل عبد الحميد عن الاَخيرة من أبناءه:
- طب ونيرة؟ هى كمان نايمه زي خواتها؟!
اجابته راضية:
- نيره انا بعتها بيت جدها بحليب الصبحية، ما انت عارف البيت هناك مليان ما شاء الله بالضيوف وعيال بت اختك اللي بيزوروا البلد أول مرة.
عقب عبد الحميد ضاحكًا:
- أيوة والله فكرتيني، دا العيال كبرت وكبروا بت اختي معاهم، حكم انا بقالي سنين ما شوفتهاش.
اضافت على قوله راضية:
- أنا نفسي معرفتهاش في البداية، بس صباح اختك الفرحة مش سايعاها بيهم .
ردد عبد الحميد:
- مش عيال بتها الوحيدة ومتغربة عنيها .
ربنا يفرحها بيهم يارب
-❈-❈-❈
- صباح الخير يا جدي.
هتفت بها نيرة وهي تقترب لتجلش بجواره في مكانه المفضل على أريكته أسفل عرش الكرم في الحديقة، جذبها من ذراعها، ليضمها ويقبل رأسها قائلًا
- يا صباح الهنا والجمال، ايه اللى صحاكى بدرى كده يا عين جدك؟
بابتسامة جميلة منها ردت نيرة:
- أمى بعتتنى اجيبلكم حليب الصبحية يا جدي، عشان فطار الجيش اللى عندك، ما شاء الله يعنى، اللهم لا حسد ويزيد ويبارك يارب.
قالتها ليبادلها ياسين الابتسام قائلًا:
- والله فيها الخير انها افتكرت، دا انا كنت شايل هم الموضوع ده، عشان البقرة عندي على مولاد، وبطلنا الحليب منها، أديلنا شهر، بس برضوا امك جلابة محدش يعرفلها مرسى ..
أومأت برأسها قائلة بضحك:
- بصراحة عندك حج يا جدي، انا نفسى باحتار فيها احيانا، لكن يعني، هي ممكن تكون شديدة في معظم الأحيان وتصر على رأيها، بس كمان مش عفشة، هي كل تفكيرها في المصلحة، ان كان ليا أو لأي حد من اخواتي.
- اه يا ستي صدجتي فيها دي.
تمتم بها ياسين قبل أن ينتبه على قولها:
- ممكن اسألك سؤال يا جدى وما تزعلش منى:
سألته بتوجس، وكان رده بابتسامة صافية مشجعًا:
- اسألى يا عيون جدك ولا يهمك، أنا عمري ما ازعل انا منك، مع اني مستغرب يعني، هو السؤال هيكون على أيه بالظبط؟
شجعت نيرة نفسها لترد:
- بصراحة يعني هو سؤال ومحيرني، كيف انت كنت بتحب عمتي رضوانة حسب ما سمعت، وكيف انت يجيلك جلب تطلجها؟
تنهد ياسين بعمق ما يحمله بداخله من ذكريات طلت فجأة برأسه مع ذكر من أحبها بالفعل، فتبسم باتساع، قبل أن يجيبها بإعجاب
- اممم، شوفى يا عيون جدك، انا هجاوبك بصراحة عشان انتى كبرتى وبينك كمان عجلتى، الحب دا من عند ربنا، وانا جلبى اتعلج برضوانة، بعد ما اتجوزتها .. وانا مطلج نحمدو اللي كانت ام العيال، زي ما انتي عارفة.
رضوانة كانت صغيرة وجريئة مش مكسورة زى ما انتى شايفاها دلوك، بس كانت راسها ناشفة، وانا كان طبعى حامي ما اتحملش ولا اتهاون مع حد يراجعني أو مسمعيش كلمتي، حتى لو كان الشخص ده روخي فيه، ولذلك مجدرناش نكمل واحنا بنعاند بعض، واتفرجنا وكل واحد راح لحاله، انا رجعت لام ولادي، وهي اتجوزت واحد غيري من ناسها، لكن رغم كدة عمرى ما نسيتها في كل السنين اللي عدت في بعدها عني، واى خبر عنيها بيسعدنى ويزعلنى فى نفس الوجت .
تسمرت نيرة تطالع جدها بازبهلال وكأنها ذهبت لعالم اخر، باستيعاب كل ما أردف به.
استغل ياسين شرودها، ليناكفها بالطرق بكفه على خدها بخفة قائلًا:
- مالك يا بت؟ تنحتى كده ليه؟
هزهزت برأسها ثم أطرقت بخجل، قبل أن ترفع عينيها نحو من قدم إليهما يخاطب ياسين، بلكنة غريبة عنها:
- صباح الخير يا جدى، هو انت قاعد هنا واحنا بندور عليك جوا؟
طالعت نيرة الشاب الوسيم بملامحه، فقد كانت هذه أول مرة تراه عن قرب، ورد ياسين
- وه، وائل واد الغالية، تعالى يا ولدي، اجعد جاري عشان اعرفك كمان على بت خالك، دي نيرة بت عبد الحميد ولدي، دي أول مرة تشوفها صح؟
- صح جدًا يا جدي.
تمتم بها وائل وهو يشاركهما الجلوس على الاريكة، ثم تابع:
- وكنت هشوفها ازاي بس؟ دا انتو امبارح كنتوا عاملين حاجز ولا السور العالي، تفصلوا بيه الرجالة عن الستات فى الفرح.
- دي عوايدنا يا حبيبي.
قالها ياسين بتفاخر، تقبله وائل بابتسامة ودوده، ليرحب بالأخرى:
-اهلا يا آنسه نيرة، مش انتي اَنسه برضو؟.
قال الأخيرة وامتدت كفه نحوها ليبادلها المصافحة، اومأت بهزة من رأسها، تؤكد كلامه، فتابغ ضاحكًا:
- اصلك صغيرة اوى ع الجواز.
أخجلها بقوله، حتى أنها لم تجد ما ترد به، لتفاجأ بقول حربي الذي واصل للتو، يتحدث بوجه عابس، وانظارده تتنقل بين الاثنين:
- هى مين اللى صغيرة؟!.
تبسم له وائل يقول بترحيب:
- اهلا يا حربى تعالى اقعد معانا .
إشتعلت أعين الاَخر، وهو يجد هذا المدعو وائل وهو يقترب من نيرة، كي يفسح له مكانا بجوارهم، فصاح منفعلا:
- اجعد فين معاكم في المكان الضيج ده؟ جومى يا بت شوفى وراكى ايه؟.
أجفلت نيره بقوله، فتمتمت هامسة لجدها بغضب:
- شايف يا جدى عمايله وكلامه اللي زي الدبش في آحراجي؟ يعنى احرجوا انا كمان دلوك جدام الناس الغريبه؟
ربت ياسين بكفه على يدها، يقول بتهوين:
- معلش يا بتي، جومى انتى تجنبًا للمشاكل وانا هشوف حسابى بعدين معاه الواد ده.
سمعت نيرة ونهضت على الفور ، لتغادر بدون أن تعيره أدنى اهتمام في الرد عليه، ولكنها وما أن تقدمت بخطوتين حتى التفت نحو وائل تخاطبه بابتسامة مغتصبة:
- تشرفنا يا استاذ وائل نورت الفرح .
رد الاَخير على قولها بابتهاج:
- والله دا انا اللى اتشرفت وفرحت بليلة الحنة الجميله دى، عقبال ليلتك يارب.
بادلته الإبتسام مرددة له التهنئة قبل أن تغادر أمام أنظار حربي المحتدة بدون سبب، وياسين المتابع لكل ذلك بعدم رضا لفعل حربي، واسلوبه الأحمق مع ابنة عمه، تجاهل مؤجلًا النظر في هي هذا الموضوع، ليخاطب وائل:
- مجولتليش با ولدي، ناوي بجى تحضر معانا لبلة الدخله النهاردة فى القاعة؟
على الفور رد وائل بحماس:
- طبعاً يا جدى، دا انا متشوق قوى احضر فرح العرسان اللى يجننوا دول
❈-❈-❈
روعة العشق تكمن في النهايات السعيدة
وما أجمل الفرح حينما يأتي بعد تعب ومشقة.
في القاعة التي امتلأت بالأهل والأحباب والأصحاب الذين أتو من كل حدب وصوب للتهنئة ومشاركة العروسان فرحتهم
فرحة من القلب، لا تساويها كل كنوز العالم أجمع.
تلك التي كان يشعر بها أربعتهم، حتى تخطت الحدود وبدت واضحة بقوة في نظرات العيون والهمسات الرقيقة برقصاتهم الهادئة على أنغام الموسيقى الرومانسية الجميلة، والعيون تنقل أجمل الكلمات واروع الإحساس
أحساس اتنقل لكل الواقفين أو المتابعين بجلساتهم فوق مقاعدهم، مع أغنية تعبر وبقوة عن عشق عاصم ل بدور وهيام مدحت الطبيب بابنة عمه الطالبة معه نهال.
❈-❈❈
في معظم الأحيان يكن العند نوعًا من الغباء، خصوصًا حينما نجبر أنفسنا على تجاهل ما تصرخ به مشاعرنا، وما يريده القلب، حتى وأعيننا تفضح ما بداخلنا
في ظل انشغال معظم الحضور والعروسان والإندماج مع رقصتهم البديعة، كان هو الوحيد الذي ينظر بجهة أخرى، يتابعها بعيناه، كالصقر يقتنص كل هفوة منها ليزيد اشتعاله بالغضب وهو يراها تتمايل بحالمية مع صديقات نهال ابنة عمه، نهى وبثينة، حيث كنا مندمجات مع كلمات الأغنيه وخطوات العروسان.
تعصف به مجموعة من المشاعر المختلطة، شعور بالغيظ مع أعجاب يحاول إنكاره وبكل قوة، مع رغبة ملحة بداخله كي يذهب إليها ويسحبها حتى لو استدعى الأمر أن يجرها من شعرها، حتى يجلسها على مقعدها كي تلتزم الأدب، وتكف عن هذه الافعال التي تجذب الأنظار إليها
- شيل عينك شوية من على البنتة، نظراتك مكشوفة ومفضوحة يا جزين.
قالها ياسين بخبث ليقطع عنه شروده، ليناظره الاَخر بإجفال لعدة دقائق، قبل أن يستفيق لنفسه ويرد بعدائية:
- يعنى عاجبك يا جدي عمايل بت ولدك؟ وهى لابسة المحزق وشغاله تتمايل ولا هممها نظرات الناس؟
طالعه ياسين بطرف عيناه يصدمه بقوله:
- وانت مالك يا اخي؟ ما تلبس اللي عايز تلبسه ولا تعمل اللي عايزة تعمله، كنت ابوها انت ولا اخوها ياك؟
كز على أسنانه يكظم غيظه بعد أن افحمه ياسين برده الصادم، واشتعلت عيناه من جديد، حينما انتبه لهذا المدعو وائل، وهو يقترب منها ويسألها هامسًا في أمر ما، ليجعلها تضحك ويشاركها هو الضحك، إلى هنا ولم يقوى حربي على السيطرة على رد فعله وجموح لسانه ليهتف:
- طب يعنى عاجبك دلوك الهزار الماسخ مع اللى اسمه وائل ده كمان؟ اللى كل شويه الاجيه يتلزق عنديها هى والبنته .
اعتدل بجذعه ياسين إليه ليواجهه بجلسته تاركًا متابعة فقرات الحفل يسأله بحدة:
- وما يهزر معاها يا اخي، انت ايه دخلك؟ مش يمكن عاجباه وعايز يتجوزها
- يتجوزها!
خرجت منه الكلمة بقوة مع انتهاء الأغنية الرومانسية ورجوع كل عريس بعروسه إلى أماكنهم المخصوصة ع المنصة.
ليتابع بصدمة وعيناه تتنقل ما بين جده، ونيرة وهذا المدعو وائل:
- يعنى هو هيسيب بنات اسكندرية بحلاهم وجمالهم، عشان ياجي هنا ويتجوز نيرة!
طالعه ياسين بنظرة أربكته يعقب:
- أيوة يا خوي بحلاهم وجمالهم، وبرضو ممكن يعملها مدام عجباه زي ما انا شايف، وخليك انت كدة ارميلها دبش بلسانك كل ما تشوفها بس ما ترجعش تندم لما تلاجيها راحت منك .
ابتلغ ريقه بتوتر ليرد باعتراض، وكأنه ينفي عنه تهمة:
- إيه اللى انت بتجوله دا يا جدي؟ وانا مالى بيها اساساً؟
- خلاص انت حر .
قالها ياسين ببساطة مع اهتزاز كتفيه بعدم اكتراث، قبل أن يعود بجذعه لوضعه الأول في جلسته، اتجاه الحفل وفقراته ، ليترك الاَخر تأكله الظنون والأفكار العديدة، وقد افترض أنه حقيقة يرفض تصديقها
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر من رواية مواسم الفرح (ست الحسن)، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية