رواية جديدة مواسم الفرح (ست الحسن) لأمل نصر الفصل 29
قراءة رواية مواسم الفرح (ست الحسن) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية مواسم الفرح
من روايات وقصص
الكاتبة أمل نصر
(ست الحسن)
الفصل التاسع والعشرون
دلفت هدية لداخل المنزل دون ان تلقي التحية نحو زو جها وولدها الذان يجلسان في صحن الدار، لتلقي الملاءة من عليها بعد عودتها من منزل ياسين، مرددة بقرف:
- يا سااتر اَخيراً وصلت بيتي، حيلى اتهد، جطيعة.
رد محسن بروية متجنبًا الشجار معها:
- معلش يا بوي، هو كان يوم صعب بس الحمد لله العزومه عدت على خير واصحاب بلال انبسطوا، دا حتى كان باين من كلامهم .
تدخل حربي مضيفًا:
- ايوه يا بوي والبركة فى البنتة، دا نهال و بدور ونيرة، نظموا السفره كدة وخلوا منظرها يشرف .
قالت هدية وهي تأن من قدمها التي كانت تدلكها بكفيها:
- أيوه يا حبيبى نظموها، وهما لجيوا حاجة تانى يعملوها؟ بعد ما جعدوا اليوم كله برا مع امهاتهم وعرسانهم ينجوا شبكتهم، وسابونا انا وصباح الشجايا، نطبخ ونعدل وننضف لوحدينا، هما يرحوا ويتهنوا وانا يتهد حيلى على الفاضى .
تغضن وجه محسن يقول بضيق:
- باه، يتهد حيلك ع الفاضى كمان؟ ليه يعني يا بوي؟ دي حتى ما كنتش ليلتهم؟
حدجته بغيظ تردد:
- ايوة يا خويا فكرني، ما انا عارفه إن ليلتهم بكرة، يعنى هتمرمر واتشندل تانى، وزياده كمان اتحسر .. عشان ولدى مش عريس معاهم .
- يووووه احنا ما هنفضهاش بجى من السيره دى؟
هتف بها محسن لينهض متابعًا:
- انا جايم انام وسيبهالك، عيشه تجصر العمر.
قالها ونفض جلبابه، ليتحرك مغادرًا على الفور، وانتظر حربي حتى ابتعد ليخاطب والدته بعتب:
- ليه كدة بس ياما؟ ما كل شئ نصيب، يعني ما منوش فايدة الكلام.
ناظرته هدية مضيقة عينيها للحظات لتعقب على قوله بريبة وتحفز:
- بجولك ايه يا واد، انا الفار ابتدى يلعب في عبي من هدوئك الزيادة ده، جولى يا واد، أنت إيه اللى مهديك كده ؟! بعد ما كنت هتموت على اى واحدة فيهم !! .
ابتلع حربي ريقه ليجيبها بتردد:
- ما انا فى موضوع كدة بجالى فترة كنت عايز اكلمك فيه ياما .
بانتباه شديد ردت هدية:
- موضوع ايه ؟!.
❈-❈-❈
في منزل راجح وأمام مراَتها كانت تدور بالفستان مرددة بفرح سائلة:
- ها إيه رأيك يا نهولة؟ شكله يجنن صح؟
بعدم تركيز ودون ان ترفع عينيها عن الهاتف الذي تتلاعب به ردت تجيبها:
- جميل يا بدور، ولا يج عليكى كمان .
بلهفة وحماس اصبحت بدور تمسك بجانبي قماش الفستان قائلة:
- بس هو عايز يضيج شويه هنا عند الوسط، اصلى حساه واسع جوى.
على نفس وضعها ردت نهال:
- وريه لامك وخليها تظبطهولك، هي أكيد ليها نظرة.
بتنهيدة طويلة تخرج من العمق قالت بدور:
- أنا فرحانة جوى يا نهال، وحاسه ان دى اول مره اتخطب .
رفع رأسها هذه المرة لها تقول بتمني حقيقي يصلها ما تشعر به بشقيقتها:
- ربنا يتم فرحتك على خير .
انتبهت بدور للنبرة المتغيرة في صوت شقيقتها، لتسألها:
- مالك يا نهال؟ حساكي زعلانة وحتى باين من صوتك ، دا انتى حتى مجستيش فستانك زيى! ايه انتى مش فرحانه بخطوبتك بمدحت ؟
التوى ثغر نهال لتقول:
- وافرح ازاى بس؟ هو انتى ما شوفتيش واد عمك النهاردة كان شكله عامل ازاى واحنا بنجى الشبكة؟
بشقاوة ومكر ردت تجيبها:
- هو كان محترم خالص النهارده صراحة وعادي كدة، مش هو دا مدحت بتاع الايام اللى فاتت، يعني االي بيجلب مية درجة لما يشوف نهال.
بغيظ شديد ردت الأخيرة:
- بس دا اللى لاحظتيه؟ ما انتى كنتى مشغوله مع عاصم وما شوفتيش معاملته الجافه معايا .
- وليه دا كله ؟! .
تسألت بدور باستغراب لتجيبها نهال :
- زعلان يا ستي، عشان اتحديتوا جدامهم كلهم وجولت خطوبة بس، كان عايز يمشي اللي في دماغوا وانا بحركتي دي وجفت الحال، زي ما بيجول.
باستدراك جيد للموقف، قالت بدور"
- طب وبعدين هتعملوا ايه؟ دا بكره خطوبتكم وهيلبسك شبكته، حتى لو كانت ع الضيج واهالينا بس اللى ها يحضروا واصحابنا، برضو مينفعش تبجوا مكشرين وانتوا جمب بعض .
زفرت نهال بقلة حيلة تقول:
- جوليلوا يا ختى دا انا كل ما اجى افتح معاه أي موضوع يصدنى على طول ومدينيش فرصة حتى اني اخد ولا ادي معاه في اي كلام عادي حتى، يا ساتر يارب .
ضحكت بدور تعقب:
- بصراحة عجلوا صغير جوى، وبيعمل برضوا زي العيال الصغيرين يا ينفذ اللي في مخه، يا إما بلاش .
بغيظ متعاظم تناولت نهال هاتفها في محاولة للأتصال به مرددة لها:
- اضحكى يا ختى اضحكى، ما انتي فاضية بالك .
❈-❈-❈
ولو رنيتى من هنا لبكرة، برضوا مش هارد بس .
- ايه يا واد عمى انت بتكلم نفسك؟
قالها بلال مخاطبًا مدحت الجالس على الاَريكة في حديقة المنزل الكبير وحده يحدث الهاتف الذي يدوي باتصالها، ورد مدحت :
- اهلا يا عم بلال، عايز ايه؟ ليك غاية تغلس عليا صح؟
قهقه بلال وهو يتخذ مقعده بجواره يقول:
- يعنى هعوز ايه منك يا عم؟ انا بس مستغربك، جاعد لوحدك وبتكلم نفسك.
رد مدحت حانقًا:
- وما كلم نفسى يعني؟ فيها إيه؟ ثم انت ليه ما مشيتش مع اصحابك ؟!
بهدوء اجابه :
- ابدا يا سيدى، انا جاعد مستنى عبد الرحيم، أصله كان عايز جدى فى موضوع يخصه وانا جومت اسيبهم براحتهم، بس انت ما جاوبتش على سؤالى، إيه اللى مضايجك ؟!
بضيق وسأم من الإلحاح المتكرر، رد مدحت:
- الله يخليك سيبنى فى حالى، انا خلجي ضيج انت عارفني.
بضحكة مجلجلة قال بلال يزيد عليه:
- انت لسه زعلان من نهال عشان اجلت الجواز .
بنظرة ساخطة رمقه مدحت ليشيح بوجهه عنه دون رد، فتابع الاَخر:
- يا بوى عليك يا واد عمى لما تحط حاجه فى مخك، لازم ولابد تنفذها .
التف إليه كازًا على أسنانه يقول:
- انفذ فين بجى؟ بعد المحروسة ما وجفت الحال، وعمى وجدى ما صدجوا عشان يمشوا كلمتها عليا .
باستغراب شديد وعدم استيعاب قال بلال:
- حال ايه اللى وجف يا أخينا؟ دا انتوا النهاردة اشتريتوا الدبل وبكرة الخطوبة وجراية الفاتحة، خلى بالك نهال مش عيلة و هتبجى تحت طوعك، لا دي عجلها سابج سنها بكتير ومعتزه بنفسها، انا يدوبك عدى عليا يومين بس فى البلد وفهمتها، عشان شخصيتها واضحة.
بابتسامة متأثرة اعتلت ثغره قال مدحت:
- كل الكلام اللى انت جولتوا ده انا عارفه، ودا اللى عاجبنى فيها، بس برضوا متغاظ منها و نفسى اخنجها بأيــ ديا الاتنين دول .
قال الاَخير بعصبية وتحول مفاجأ، ادهش بلال ليقهقه واقعًا من الضحك.
❈-❈-❈
مين يا ضانا؟ جولى تانى اكون مسمعتش زين !! .
صرخت بها هدية بعدم تصديق ليرد ابنها بصوت مشدود:
- وطى صوتك ياما هتخلى ابويا يصحى من نومته .
بعصبية شديدة ردت هدية
- ابوك مين اللى عامل حسابه يا واد؟ وانت عايز تتجوزلى واحده عزبه؟ ليه؟! فجري مش جادر على مهر الفتاية؟
بجهد شديد كان حربي يحاول السيطرة على انفعاله وهو يتمتم:
- استغفر الله العظيم، ياما بلاش كلامك ده، وهى تفرج ايه الفتايه بعني عن العزبه؟ دا حتى اللى يشوف نسمه ما يجولش عليها اتجوزت اساساً .
بغضب متعاظم هدرت به ساخطة:
- نسمه مين يا جزين؟ بجى بعد ما كنت حاطط عينك على بدور؛ اللى تجول للجمر جوم وانا اجعد مطرحك، ولا نهال اللى ما تفرجش عنيها وزيادة كمان دكتورة، تروج تدورلي على عزبة وعايز تتجوزها؟ وكمان بت رضوانة الفجرية طليجة جدك؟
بحمائية شديدة رد حربي:
-مالها رضوانة ياما؟ الفجر ما يعيبش حد، ونسمة كمان حلوه وتدخل الجلب و ...
قطعت كلماته صارخة بعدم تحمل:
- بس ما تكملش، حتى لو كانت ملاك من السما ، عمرها ماهيبجالها زهوة زى البت الفتاية،.وانا بجولهالك اها .. عايز تتجوز ادورلك على عروسة، لكن موضوع نسمة ده تجفل عليه خالص، انت فاهم ولا لاه؟
نهض فجأة من جوارها مرددًا بتذمر:
- اجفل عليه خالص كمان؟ وانا اللى جولت ها توجفي معايا وانا بكلم ابويا، ماشى ياما خليكى فاكراها.
تحرك ذاهبًا نحو غرفته مغمغمًا بصوت خفيض:
- انا هجول بكره لجدى، وهو اللى هيوجف معايا وينصرنى، دا ما هيصدج اساساً .
❈-❈-❈
في اليوم التالي، يوم الخطبة
كانتا الاثنتان امام المراَة يظبطن طرحن حينما دلفت إليهن نهلة راكضة تهتف
- يا نهال يا نهال، خطيبك الدكتور مدحت وصل عندينا ودخل عند ابويا.
ناظرتها نهال بلهفة تجيبها:
- تمام يا عسل، روحي انتي وانا جاية وراكي اشوفه .
ذهبت نهلة وهي على الفور انهت حجابها ، لتضع بعض العطر الخفيف، ثم ذهبت راكضة، تتبعتها اعين بدور ضاحكة من خلفها.
هبطت الدرج بخطوات مسرعة من الطابق الثاني، ليجدها فجأة أمامها بهيئتها التي تنجح دائمًا في خطف انفاسه، ليشعر بالصغير داخل صــ دره يرفرف كطائر بلهفة السعادة لرؤيتها، ولكنه استدرك فجأة ليخفي لهفته، متلبسًا قناع الجمود حينما رد عليها التحية:
- اهلا
قالها باقتضاب اوقف الإبتسام على وجهها، ليتبع بصوت جاف:
- ايه حكاية التاكسى اللى واجف بره ده ؟! .
ابتلعت صدمتها لتجيبه:
- التاكسى دا عشان يوصلنا للكوافير .
بخشونة خاطبها على الفور:
- مالوش لزوم وانا جاعد، روحي اندهى بدور وتعالى معاها، عشان هوصلكم انا بعربيتى .
تدخل راجح:
- طب اجعد شوية يا ولدى، اشربلك كوباية شاي حتى هو انت لحجت؟
أومأ باعتذار قائلًا:
- لا معلش يا عمى، اصل انا يدوبك أوصلهم وارجع تانى اجيب جدى من مشواره .
- مشوار ايه يا ولدى اللى راحوا جدك .
سأله راجح ورد يجيبه مراقبًا بطرف عيناه لها:
- مشوار يا عمى فى بلد كده جانبينا، أمرني اروح معاه واوصله بنفسي،
توقف يوجه كلماته إليها:
- يا للا على طول انا هطلع اتفاهم مع صاحب التاكسى وهاستناكم فى العربيه متتأخروش .
قالها وانصرف ذاهبًا على الفور دون انتظار، لتشيعه بعيناها حتى خرج من المنزل مغمغمة بالكلمات الحانقة عليه وعلى قلة ذوقه، وعلى كنبته كان راجح يتمتم سائلًا بفضول:
- يا ترى مشوار ايه اللي راحوا ابويا وانا معرفوش .
❈-❈-❈
- ها يا بتى ايه رأيك فى اللى جولتهولك ؟!.
سألها ياسين اَخيرًا بعد أن انهى الكلام الذي أتي من اجله، في جلسته مع نسمة ووالدته وابن ابنتها الكبرى والذي دائمًا ما يكون حاضرًا .
بحرج شديد ردت نسمة بارتباك:
- مش عارفه اجولك ايه ياعم ياسين! بصراحة انا خايفة .
قطب ياسين يسألها باندهاش:
- خايفه ليه بس يا بتى ؟! دا راجل زين وانا اضمنه براجبتى يعني عمره ما يكون زي اللي فات أبدًا، يعني ولا يكون عندك شك فيها دي، ما تجولى حاجة ايا ام جابر.
قالت الاَخيرة:
- أنا مليش رأى فيها دي يا ابو ياسين، الرأى رأيها هى، وهى ادرى بمصلحتها، عشان ما تجيش بعد كدة وتجول انتي ياما السبب، دي بتي وانا عارفاها.
تبسمت نسمة لولدتها قبل ان تتجه لياسين مخاطبة له:
- اصل حكاية ان معاه عيل دى، هي اللي جلجانى.
بحماس شديد رد ياسين:
- شوفى يا بتى، عشان تبجي على نور من أولها، انا جولتلك على ولده عشان دا عيل يتيم، يعنى لو راعيتى ربنا فيه هتكسبى ثواب كبير جوى، وعبد الرحيم راجل مجتدر ويعتمد عليه، وبرضك انتى حرة فى رأيك، لو شايفة نفسك متجدريش عليها دي.
صمتت نسمة بتفكر امامه، فتابع لها:
- خدي فرصتك وفكري زين قبل ما تردى عليا، لكن لو عايزه رأيى عن ثقة ، اجوزهولك وانا مغمض عيني.
❈-❈-❈
توقف بالسيارة التي تقلهم امام محل الكوافير المقصود، وجمود حاله لم يتغير أو ينقص، مما جعل نهال تتريث عن الترجل قليلًا حتى تحاول لترضيته، فقالت لشقيقتها:
- انزلي يا بدور، اسبجينى انتي وانا جاية وراكى .
اومأت رأسها بدور بتفهم ترد وهي تلملم أشيائها:
- تمام بس حاولي متتأخريش.
انتظرت نهال حتى ذهبت شقيقتها لتخاطبه:
- ممكن لو سمحت تفرد بوزك دا شوية.
رد مدحت مستهبلًا:
- نعم حضرتك، ايه بتجولى ؟! .
تمالكت تحاول السيطرة على انفعالها منه، تقول متابعة:
- بجولك حاول تفك شوية يا مدحت، النهاردة خطوبتنا ، يعنى لو جعدت بمنظرك ده، الناس هاتجول علينا ايه بس !!.
بضحكة مستخفة خالية من المرح ردد خلفها:
- اَه، يعنى انتى هامك الناس وبتعرفي جوي الحاجة دي، امال ما همكيش ليه منظرى امبارح؟ جدام جدى وابوكى وعمامى وعيال عمامى، لما وجفتي تعانديني وتحرجيني ومهمكيش منظري ولا هيبتي اللي راحت مع عيال عمي وهما بيتريجوا، ولا ياسين اللي كان فرحان فيا، بعد ابوكي ما لاجاها فرصة عشان يمشي كلمتك عليا.
شهقت نهال بخضة قائلة:
- يا نهار اسود، كل ده يا مدحت، انا عملت كل ده عشان بس جولت انى مش عايزه جواز حالياً.
بعصبية قاطعها بقوله:
- ليه يا نهال مش عايزه جواز ؟! دراستك وانا جولتلك هاتكملى فى بيتي، دا غير اني هساعدك باللي تحتاجيه، ايه بجى؟ عايزة إيه تانى ؟! .
بتريث ردت تجيبه هذه المرة:
- طب نتكلم بصراحة وارجوك تسمعنى للاَخر وتفهمنى .
بهدوء رد هو الاَخر:
- جولى يا نهال أنا عايز الصراحة.
ابتلعت تقول بتردد:
- انا خايفه لمقدرش اوفج بين دراستى والجواز، وكنت ناويه اقترح عليك، أن نأجل الجواز كام سنة.
جحظت عينيه وتلون وجهه بالغيظ، حتى خشت أن تصيبه ازمة قلبية، قبل ان يهدر بها:
- انتى عايزة تشلينى يا نهال؟ استنى سبع سنين، هو انتي عايزاني اموت ناجص عمر يا نهال؟.
قال الأخيرة بصرخة رافعًا اصابع كفيه امامها في الهواء بعدد سبعة، فقال بخوف
- انا جولتلك افهمنى يا مدحت، وبلاش اسلوبك ده.
هدر بها بحسم مقاطعًا مرة أخرى:
- إسمعى يا نهال، انا جولتلك انى هاساعدك واخليكى تكملى فى بيتى، وانا راجل وملزم بكلمتى، انتى بجى موافجه بالجواز من اساسه ولا ليكى رأى تانى ؟! .
نفت سريعًا على الفور:
- لا والنعمة ماليا رأى تانى، أنا بس بجولك على اللى مخوفنى وبس، وكمان انا نفسى يبجى فرحى كبير واشرف عليه بنفسى، لكن باستعجالك ده مش هجدر اعمل ولا حاجة من اللى عيشت طول عمرى احلم بيها فى فرحى .
كلماتها هذه المرة كانت من الأقناع حتى جعلته، يصمت قليلَا بتفكير قبل أن يقول بحزم:
- ماشى يا نهال، نستنى ٦ شهور زى ما جال جدي، بس النهارده تبجى خطوبة وكتب كتاب، والكلام ده مفيش منه رجعه .
حاولت فتح فمها للجدال ولكنه اوقفها بقوله الصارم:
- ها عندك اعتراض؟
❈-❈-❈
في منزل ياسين مساء حضر المدعوين بعددهم المحدود من الأهل والأصحاب، لحضور حفل الخطبة وعقد القران الذي فاجيء به مدحت الجميع بإعلانه، مما كاد أن يتسبب بأزمة مع راجح والد العروس الذي اعترض فعله، وكادت ان تحدث مشكلة لولا تدخل ياسين بحكمته في ارضاءه والتوفيق بين ابنه والمجنون الاَخر
ابتدأ الحفل أولا بمأدبة عشاء للرجال الذي حضروا عقد القران في المندرة ، وبعد ذلك كانت الجلسة في صالة المنزل الكبيرة لكل عروسين بالتقاط الصور التذكارية معهم وتناول الحلوى والمشروبات الغازية بعد ارتداء خاتم الخطوبة.
بدور هذه المرة كانت ترتدي فستان من اللون الفيروز ناسب لون عينيها المتغير حسب الإضاءة والحالة النفسية لها، وقد كانت في اعلى مرحلها من السعادة، بزينة خفيفبة وحجاب حريري زاد من جمالها المبهر والخاطف للأنظار، بجوار عاصم الذي كان بفرحة لا يمكن وصفها رغم إصابة يــ ده وقدمه
أما نهال فقد كانت في حالة من الأرباك والتخبط، بعد ان باغتها مدحت بعقد القرآن في اللحظات الاخيرة، فلم يعطيها فرصة التفكير حتى، إن كان هذا من الجيد أن سيؤثر على دراستها ، ولكنه لم يؤثر على جمالها الظاهري، بزينة من المساحيق حددت ملامحها الجميلة ، وفستان من الستان ناسب رشاقتها المعتادة، لتزيد من فرحة مدحت بجوارها، وقد ارتسمت الابتسامة على ملامح وجهه بشدة، بعد أن نفذ ما برأسه وانتصر في معركته، بأن أصبحت حبيبته حلاله، ليبدو بجوارها كالطفل ينظر لها بهيام وضح أمام الجميع .
تكلمت نهال بخجل وانظارها تنتقل كل دقيقة نحو صديقاتها، نهى و بثينة، الاتي كما يلوحن لها بالهاتف للالتقاط الصور، ومداعبتها بشقاوة الفتيات
- استريحت انت دلوك لما نفذت اللى مخك وكتبت الكتاب؟
رد مدحت بابتسامة متوسعة؛
- جوى .جوووووى .
اربكها بزيادة فلم تملك إلا أن تجاريه هي الأخرى وتبادله الإبتسام .
في الناحية الأخرى
كان عاصم يراقبها باستغراب ليسألها:
- ايه يا بدور؟ شغالة تعدلى وتجلبى فى ايــ دك، هي اول مرة تلبسى فيها دهب؟
رفعت رأسها إليه بفرحة تجيبه:
- هتصدجنى لو جولتلك، إن دي اول مرة اشوف الدبلة شكلها حلو كده فى يــ دى، المرة اللى فاتت كنت شايفاها وكأنها خاتم عادى، جاعد فى يــ دى مالوش لازمة، اسم دبلة ورمز خطوبة زي ما بيجولوا مكنتش حاسة بيه نهائي، انا النهاردة بس اتأكدت وعرفت اميز زين جوي الإحساس ده.
بقلب يضرب بين جنبات أضلعه بقوة، لا يصدق ما تلتقطه أذنيه من روعة الكلمات التي تردف بها، ليردد سائلًا:
- صح يا بدور؟ يعنى انتي فرحانة بشبكتى ليكى، ومش مكسوفه منى وانا جاعد جمبك كده بدراع ورجل مكسورين وبالتجبيرة بتاعتهم؟
بصدق ظهر جليًا في نبرتها، قالت:
- ولا عمري اتكسف منك ولو كنت بأي وضع حتى، دا غير اننا وسط اهلنا ومحدش غريب .
بابتسامة رضا وارتياح طالعها عاصم يقول:
- ربنا يخليكى ليا يا بدر البدور، وما يحرمني منك ابدا.
وفي جانب الحضور جاءت زهرة شقيقة مدحت المتزوجة ببلدة أخرى في الصعيد، وهي حامل بشهرها السادس من أجل فرحتها بشقيقها والتي كانت ظاهرة للعيان حتى انتبهت لها تحدث والدتها:
- واعيه ياما اخويا مدحت فرحان كيف؟ دي اول مرة اشوفه بيضحك كدة من وجت ما كبر واتعلم وبجى دكتور وحافظ مركزه.
بسعادة تغمرها ردت راضية:
- واعيه يا بتى، ربنا يكمل فرحته على خير يارب،
وعقبت سميحة بجانبهم:
- الله اكبر عليهم الأربعة شكلهم يفرح الجلب .
بحزن داخلها كانت تخفيها بصعوبة قالت هدية:
- ربنا يكرم ولدى كمان زيهم، واشوف الفرحة دي في عينيه.
بكف يــ دها ربتت نعمات على ساعدها بدعم مرددة بتمني.
- ربنا يكرموا يا حبيبتى، بنات الحلال كتير، وهو يستاهل كل خير والله .
قالت زهرة متصنعة العتب:
- بس انا زعلانة منك يامــ رة عمى، الفرح دا ناجصه بطة، يعني كان لازم تتصرفوا وتجيبوها.
ضحكت نعمات تستجيب لمزاحها:
- ايوة يا ختي اعملي زيها، دي شندلتنا لما عرفت، عشان كان نفسها تحضر الخطوبة وعملت عمايلها وعايزانا نأجل ، واحنا نراضي فيها عشان دا كلام رجالة مينفعش نرجع فيه، بس ملحوجه ان شاء الله على الليله الكبيره تاجى وتهيصوا انتو وهى فى الفرح .
ردت زهرة بتمني:
- يا ريت يا مــ رة عمى، دى وحشتنى جوى جوي .
توقفت فجأة تجول بأنظأرها بتذكر سائلة:
- صح هى البت نيره راحت فين ؟!.
اجابت راضية:
- اختك راحت تجيب علب الحلاوة اللى فاضلة فى البيت، ما انتي عارفة العلب اللي هنا كلهم خلصوا
❈-❈-❈
وخارج المنزل، كان رائف لا يكف عن اطلاق الأعيرة النارية في الهواء احتفاءًا بالخطوبة وعقد قران أخيه، وفي تحدي منه كطفل صغير، كان بلال هو الاَخر يطلق من بندقيته العديد من الطلقات عاليًا، ليتبادل النكات والكلمات الطريفة مع الاخر .
أما حربي فقد كان بجانب وحده يكتنفه التوتر بشدة، في انتظار انتهاء الفرح ، حتى يختلي بجده ويفاتحه في موضوع زو اجه من نسمة، حتى اقترب منه منعم صاحب بلال والذي كان من ضمن الحضور ليقف بجواره سائلًا:
- حربى هى مين البت الحلوة دى اللى داخلة بيت جدك؟
بعدم تركيز رفع رأسه نحو الجهة التي يقصدها، فتوسعت عينيه فور ان علمها، لينهره بتعصب قائلًا:
- وانت مالك؟ هو انت جاي تبص ع البنته عندينا ولا ايه؟
باعتذار على الفور ردد منعم رفعًا كفيه في الهواء:
- اسف يا ابو عمو، دي شكلها تخصك باين ولا ايه؟ اسف مرة تانية.
حدجه بنظرة ساخطة، ثم ذهب من جواره يتركه بدون رد، ليصل عندها ويوفقها قبل أن تلج داخل منزل العائلة هاتفًا بقوة:
- إنتي يا بت، ايه اللى مطلعك دلوك فى الليالى ؟! .
اجفلها بصيحته حتى اوقعت علب الحلوى من يــ دها، لتجيب مخضوضة:
- وه .. خلعتنى يا حربى.
وقعت عينيه عليها بانبهار، فهذه كانت اول مرة يراها، بزينة نسائية تضعها على وجهها، مرتدية فستان باللون النيتي الذي اظهر انوثة كانت مختفية بها، فخرج صوته باهتزاز رغم خشونته:
- وانت ايه اللى يطلعك فى الوجت ده لوحدك يا نيره " ؟!!!!.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر من رواية مواسم الفرح (ست الحسن)، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية