رواية جديدة مواسم الفرح (ست الحسن) لأمل نصر الفصل 30
قراءة رواية مواسم الفرح (ست الحسن) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية مواسم الفرح
من روايات وقصص
الكاتبة أمل نصر
(ست الحسن)
الفصل الثلاثون
لأول مرة تلفت نظره، ويرى عن قرب ملامحها ليكتشف أنها جميلة، طوال سنوات عمره ومعرفته الدائمة بها، كان يراها ابنة عمه متصنعة الرجولة، ذات اللسان الطويل، التي لطالما تشاجر معها في طفولتهما، فقد كانت دائمًا ما تتحداه ولا تسمع لأمره، وهذه الصفة من أكثر الصفات التي يمقتها، بندية تشاكسه وكأنها رجل مثله، رجل قد اختفى اليوم وحل مكانه امرأة جميلة جعلت يشرد بها للحظات، حتى لم ينتبه لمعظم ما قالته، حتى هتفت به بغباءها المعتاد تفيقه: .
- إيه يا حربى مالك ؟ هو انت توهت !!
- يا بت ال....
تمتم بها حانقًا قبل أن يرد:
- انتى دايماً كده دبش يا بت، ما تعرفيش تنجى كلامك واصل.
بعدم اكتراث لوحت بكفها تقول بتذمر:
- وانا اعملك ايه يعنى؟! ما انا بجالى فترة عماله اكلمك وانت ولا واخد بالك خالص.
رد حربي بضيق:
- معلش يا ست البرنسيسة سرحت فى حاجة كدة تخصنى، كنتى انتي بتجولى ايه بجى؟
تخصرت تقول مشددة على كلماتها:
- بجوللك الحلاوة اللى وجعت منى دى واتبحشكت فى الارض اللمها كيف انا دلوك ؟ وانت السبب عشان خضيتنى .
بنظرة شاملة طالعها ليرد بنفس طريقتها:
- لهو انتى عايزه تلمى الحلاوة من الارض جدام الناس اللى رايحة جاية فى الشارع!
رددت تزيد في استفزازه:
- ما انا بسألك يا ناصح عشان تجولى اعمل ايه !!
ضغط على شــ فته السفلى بأسنانه بغيظ، ليرفع قبضته مهددًا
- غورى دلوك، وانا رايح اجيب غيرهم غوري بدل ما اتعصب عليكي جدام الناس في الشارع، غووورى .
ناظرته باستنكار رافعة طرف شفتــ ها، لتتركه مذعنة بعد ذلك، يتابعها هو بنظراته، وقد تعلقت عينيه بالفستان الذي يضم جســ دها، حيث كان ضيقًا في الأعلى حنى الخصر، لينزل بعد ذلك باتساع ليظهر القد الانثوي من الخلف بروعة، لم يقدر على رفع عينيه عنها، وقد بلغ منه الغيظ أن يغمغم بالكلمات الحانقة عليها:
- جاكى حنش ولا ترلة تايهة تعتر فيكي، ولا !!! ... وه، هى البت دى اتدورت وبجت كدة، من امتى؟
❈-❈-❈
في منزل العمدة
كانت انتصار في جلستها متربعة القدمين على مقعدها، تحاوط بكفيها رأسها الذي يأن من الصداع الذي الم بها من وقت عودتها من زيارة المحامي الخاص بزوجها وابنها والذي صارحها بالموقف الصعب للأثنان في القضايا التي عليهم، لتفاجأ بالفرح المنعقد بمنزل ياسين لأحفاده المتسببين في ذلك، ومع كل اطلاق للنار تسمعه تشعر به على وشك الإنفجار
- اااااه .. ااه .. سامعة يا بت سامعة؟ هما يفرحوا ويتهنوا وانا ولدى ضنايا، نايم على البرش هو وابوه فى السجن مع السوابج والمجرمييين .
فوقية التي كانت جالسة على الأرض أسفلها، تظهر التأثر، وعينيها منشغلة بصوت الاساور الذهبية وهي تتحرك في إيــ دي انتصار:
- معلش يا ست هانم، بكرة ربنا يفك حبسهم .
- بكرة!، اه، دا المحامى اللى هابش منى شئ وشويات بيجولى، إنه هيحاول يخفف الحكم عليهم والبرائه تنسيها، بيجولي البرائة تنسيها يا ختي .
انتفضت فجأة صارخة مع صوت إطلاق النار التي وصلها من الخارج، لتصرخ مرددة:
- ساااامعة؟ سامعة ضرب النار من ياسين وعيال عياله اللي فرحانين؟ اعمل ايه يا ناس؟ نار جايدة فى جسمى ولازم اطفيها الليله دى.
باجفال ودهشة سألتها فوقية:
- ازاى يعنى يا ست هانم، هاتطفيها كيف ؟!
بكفيها كانت تضرب على فخذيها مرددة بغيظ وغل:
- مش عارفة، مش عاااارفة، بس انا لازم احرج جلب ياسين زى ما حرج جلبي، وانكد عليهم ليلتهم، بس اعملها ازى دي؟ لو متولي جاعد دلوك كان ساعدنى؟ جبيصى المخبل ده ما يعرفش يتصرف .
- طب واللى يساعدك يا هانم تديلوا كام؟
قالتها فجأة فوقية وعينيها تزوغ كل دقيقة على الذهب الذي يلمع بكف انتصار، والتي ردت على الفور:
- اللى هو عايزه يا بت، حتى لو الآفات .
❈-❈-❈
جاعده ما مشتش، والنعمة يا شيخ جامدة!
قالتها زهرة بمشاكسة لشقيقها الذي كان جالس بجوارها، هي ووالدتها، وانظاره في الناحية الأخرى تتابعها وقد تقف وتتسامر صديقاتها، فرد بعدم تركيز
- مين هى اللى جاعدة!!
بغمزة بطرف عيناها، قالت زهرة:
- حبيبة الجلب اللى عينك رايحة جاية عليها، حتى وهي مع صاحباتها، إيه يا عم ما وحشتكش اختك الغلبانة؟ دا انا بجعد بالشهور ما بشوفكش .
بمنكافة استجاب لها رد مقارعًا:
- إيه يا ست زهرة؟! دا انتى من الصبح جاعدة معايا فى بيت ابوكي، ضحك وحكاوي ما بتخلصش كل ده مشبعتيش مني؟
تدخلت راضية في الحديث ملطفة:
- معلش يا ولدى، اختك وبتهزر معاك بتناغشك، هو انت معرفهاش يعني ولا عارف غلاستها؟
تبسم قائلًا:
- وانا مش زعلان منها، على جلبي زي العسل، بس اللى مزعلنى صح انها مجبتيش العيال معاها.
بوجه متجعد ردت زهرة بقرف:
- يا عم افتكر لنا حاجة عدلة، دا انا ما صدجت حماتى وافجت انهم يجعدوا معاها واجى بطولى، هو انا فيا حيل للمناهتة معاهم؟ المهم خلينا فى فرحتك انت، ربنا يتمملك بخير ونشوف عوضك.
أممم من خلفها وعينيه ذهبت نحو مقصدها مرة أخرى :
- اللهم امين يارب
❈-❈-❈
وفي جهة الفتيات فقد كانت الأسئلة الفضولية من بثينة ونهى نحو صديقتهن التي فاجئتهم الأمس بخبر خطبتها وشقيقتها اليوم ليتفاجئن عقب حضورهن بعقد قرانها، وليست خطبة عادية ومحدودة كما كانت تقول.
بثينة بلهفة:
- قرى واعترفي وقولى انك كنت مخبية علينا يا خاينة قولى.
- اصل .......
قالتها لتقاطعها نهى بقولها.
- اصل ايه وفصل ايه ؟! دا انتى سنتك مش معدية معانا.
قالتها لتطلق نهال ضحكتها المعروفة، قبل ان تجفل على النظرة النارية التي حدجها بها مدحت من مقعده بجوار شقيقته ووالدته، فعقبت بثينة:
- يا نهار اسود، دا عينه بطق شرار .
ردت نهال وقد اربكتها نظرته القوية نحوها:
- هو فعلا اسود ومنيل بستين نيله كمان، ربنا يستر ، انا لازم اخد بالي من هنا ورايح يا جدعان، دا خلاص بجى كلمته عليا رسمي.
اضافت نهى هي الأخرى:
- وشكله كدة هينفوخك عليها دي، لا احنا نمشى بجى، عشان شكلنا كده عكينا معاكى يا اختى وانتى الى هاتشيلى الليله .
بجدية خالية من العبث ردت نهال:
- ليه بس يا بنتي؟ هو انتو لحجتوا ؟! .
ردت نهى:
- لحجنا ايه ؟ دا احنا اتأخرنا كمان، انا يدوبك نزلت البلد سلمت على اهلى وجيتلك على طول عشان اللحج اروح بدرى ومتأخرش بكرة عن الكلية.
بثينة ايضًا:
- اَه صحيح يا نهال، انتى فايتك محاضرات كتير، امتى هتخلصيهم ؟ .
بنتهيدة قوية مع رفرفرة بأهدابها ردت تجيبها:
- اه ما انا واخدة بالي منها دي، بس مدحت جالى انه هايساعدنى .
بابتسامة استجابت بثينة تشاكسها:
- اه يا ختي قولي كدة، يا بخت من كان الدكتور جو زو .
بتصنع الجدية قال نهال:
- لا لا يا ست بثينة انا مسمحلكيش، انا ملتزمة ومش في حاجة للدكتور ولا لأي أحد.
عقبت بثينة ضاحكة:
- انتي هتقوليلي؟ دا انتي ملتزمة اوي .
شاركنها الفتيات الضحك حتى قالت نهى مستأذنة بعملية:
- انتي الجعدة والهزار معاكي ميتشبعش منها، بجولك ايه ؟ احنا نكمل بعيدين لأننا يدوبك نمشى عشان نحصل ميعاد الجطر، ياللا بجى سلام والف مبروك مره تانيه .
امسكت نهال بالاثنتان قائلة:
- طب استنوا اخلى حد يوصلكم المحطة.
ردت بثينة:
- يا بنتى مفيش داعى، ثم كمان مين دا اللى هايسيب الفرح ويطلع معانا ؟! .
❈-❈-❈
رائف، يا رائف، تعالى هنا.
هتف بها مدحت وهو يخرج بالفتيات من منزل العائلة، فقالت نهى بإحراج:
- يا دكتور مالوش لزوم والله.
بألية وهو يسير معهن رد برزانة وانظاره في الأمام نحو شقيقه :
" : لا ازاى مايصحش طبعاً .. رائف يا رائف .
التف الاَخير برأسه إليه، وقد كان واقفًا مع مجموعة من اصدقائه يتحدث ويتسامر معهم، استئذن يتركهم ليقابل شقيقه في وسط الطريق، وقد انتبه إلى الفتيات من خلفه، بأعين متسائلة خطف نظرة نحوهن قبل ان يجيبه:
- ايوة يا خوي، نعم عايزنى فى حاجة! .
رد مدحت بجدية اَمرًا
- تاخد البنات وتوصلهم للمحطة.
تدخلت بثينة بحرج لتثنيه:
- يا جماعة احنا مش عايزين نتعبكوا .
- مفيش تعب ولا حاجة.
قالها مدحت وعقب رائف بتفكه وانظاره ارتكزت على نهى التي كانت مطرقة رأسها بخجل:
- لا طبعا بالعكس، دا انتو حتى تعبكم راحة
❈-❈-❈
الصلاة ع الصلاة، دا انتى عندك حق ما تعبريناش بقى، مدام قاعده فى العز دا كله يا فوفتى .
- لم نفسك يا زكى، انا طلبتك عشان مصلحة تعملها من سكات، مش عايزه نصايب فاهم !
- امرك يا فوفتى !
- هو دا يا بت!
قالتها انتصار بعد أن خرجت من غرفتها لتقابل هذا الشاب الذي ذكرت لها عنه فوقية، بتقيم وتفحص، جالت عينيها عليه من شعر رأسه وهذه القصة العجيبة بها، وبشرة وجهه البيضاء وهذه الندبة في وسط الحاجب الشمال، وبعض الحبوب واثارها التي خلفت بعض الحفر، بنظرة عينيه الوقحة رغم ما يدعيه من أدب، لتنزل على ما يرتديه من تيشيرت باهت اللون في الأعلى، و اسفله بنطال من الجينز القديم، وفي الاخير خف بلاستيكي في قدمه، بادره بالحديث حينما طالت نظرتها:
- نعم يا هانم أؤمري.
لم تعيره انتباهاً والتفت نحو فوقية التي قالت تجيبها:
- ايوه يا ست هانم هو دا زكى، اللي قولتلك عليه، دا هيعجبك جوى .
بتعجرف جلست لتضع قدمًا فوق الأخرى تقول فاردة ظهرها:
- لما نشوف كلامك هيطلع صح عنه، ولا هيبجى مجرد كلام.
قاطعها زكي:.
- لا يا هانم انا معنديش الكلام، انا كل حياتي تنفيذ وبس.
سألته بتعالي:
- يعني انت عرفت كويس انا عايزه ايه منك ؟
- عرفت يا هانم وفوقية، ورتنى البيت كمان بس فاضل بس نتفق على حقى .
سمعته انتصار فقالت بحزم:
- إسمع اما اجولك، انا عايزه المطلوب يتم الليله وفلوسك انا هاديك نصها دلوك، وبعد ما تيجينى البشارة، هابعتلك النص التانى مع فوقية، جريبتك، ها زين كده ومرضى .
بضحكة سمجة اظهرت أسنانه الأمامية:
- طبعا مرضى يا هانم وانت كمان هتنبسطى مني خالص
❈-❈-❈
بعد أن اطمأن على الفتيات، بان أقلهم شقيقه في سيارته لتوصيلهن إلى محطة القطار، دلف عائدًا لداخل منزل العائلة وعينيه تبحث عنها يمينًا ويسارًا، حتى وجد شقيقته نيرة والتي كانت تسير غير منتبهة، حتى أوقفها ليسألها:
- بت يا نيرة، هى نهال راحت فين؟ انا مش شايفها
ردت نيرة وفمها ممتلئ بقطع الشيكولاته التي تتناولها بنهم:
- عمتى صباح خدتها هى وعاصم وبدور على اؤضة السفرة، ونبهت عليا لما اشوفك اجولك انت كمان تدخل عشان تتعشى معاهم .
عبس يرمقها بضيق وهو يردد خلفها:
- يعني هي نبهت عليكي انك لما تشوفيني، تديني خبر، وانتي ما شاء الله عليكي، ما فتكرتيش غير لما انا ندهت عليكي وسألتك.
ردت نيرة بنبرير:
- طب انت مكنتش جاعد، وانا مخدتش بالي منك غير لما ندهت
بغيظ لوح بقبضته امام وجهها قائلًا:
- ولا كنتي هتاخدي بالك، طول ما انتي حاطة همك في الأكل وبس، خفي يا بت من الشيكولاتة دي لتضرك الله يخرب بيتك.
قالها وذهب على الفور، لتغمغم هي في اثره مرددة:
- واخف وكل ولا شيكولاتة ليه يعني؟والخير كتير والحمد لله، ربنا ما يجيب حاجة عفشة.
التفت برأسها لتجد حربي أمامها واقفًا بعلب الحلويات المغلفة، يخاطبها بصوت خشن:
- خدى العلب دى بدل اللى راحت، اهى جديدة ومن افخر الانواع .
بلهفة التقطت العلبة منه لتفحصها بتمعن وكأنها وجدت كنز، قائلة بفرح:
- الله يا حربى، النوع ده كان ناجص عندينا، متشكرين جوي يا واد عمى .
بدهشة تطلع للفرحة التي ارتسمت على وجهها ولهفتها في فتح العلب وتناول القطع الصغيرة منها بتلذذ، فقال مدعي الغيظ
- العفو يا ستي، المهم خفى انتى على اكل الشيكولاتة شوية.
قالها وذهب هو الاَخر، لتظل فاغرة فاهها للحظات قبل ان تتمتم خلفه:
- وه، انت كمان؟!
❈-❈-❈
على طاولة السفرة التي جمعتها مع شقيقتها وخطيبها من الناحية الأخرى، كانت هي في انتظاره والطعام امامها، دون ان تلمسه، تتلاعب في هاتفها حتى أذا ما حضر، انتبهت ورفعت رأسها اليه، بابتسامة انارت وجهها، لتجعله ينسي الدنيا وكل شيء، تقدم حتى جلس على مقعده أمامها، ليقول غامزًا بعينيه:
- وحشتك يا عسل؟
سمعت منه لتهديه ابتسامة ثم انطلقت بضحكتها العفوية مصدرة صوت يجعل قلبه يتراقص داخله بصخب،
هذه المره ضحكت ضحكتها المميزه ذات الصوت العالي بعض الشيء، زادته ابتهاجًا مهللًا بشقاوة
- ايوه كده .. سمعينى الضحكة
- ما تراعوا يا جدعان ان فى ناس جاعده معاكم ع السفرة
قالها عاصم لينتبه اليه مدحت، وقد كان جالسًا على اخر الطاولة يتناول الطعام مع بدور التي كانت تخبئ وجهها وهي تضحك بصوت مكتوم، ورد الاَخر بضيق:
- يا حبيبي وانت بجى جاعد هنا من امتى ؟! .
بابتسامة متسعة قال عاصم يشاكسه:
انا جاعد هنا من بدري يا حبيبى، جاعد مستنيك عشان اللجمة تحلى .
استجاب مدحت للمزاح ليقول بقرف:
- لا يا حبيبي كل مع نفسك وبص فى طبقك، عيب يا بابا ترمى ودنك معانا، ما تسمعش عنها دي.
ضحك عاصم باندهاش ليوجه انظاره نحو بدور قائلًا:
- اه يا واد عمي صح عندك حج، دا انا نسيت ان انتوا ناس متجوزين. عقبالنا لما نحصلكم.
تبسمت بدور بخجل، كفعل شقيقتها التي همس لها الاخر:
- وانا اللى جولت اخيرا هنجعد لوحدينا؟
❈-❈-❈
في محطة البلدة وبعد ان اوصلهم رائف، حتى جلسوا على مقاعد الانتظار، قام بقطع التذاكر على نفقته رغم اعتراضهن، لم يرحل وفضل بكرم أخلاق منه عدم المغادرة، سوى بعد ان يطمئن عليهن بداخل القطار.
نهى والتي كانت تموت من الاحراج، تكلمت وخرج صوتها اخيرًا بارتباك:
- ااا.. خلاص يا أستاذ رائف، روح انت؟
بانتشاء داخله وقد راقه صوتها ونبرة الخجل به، طالعها بطرف عينيه يقول برزانة غريبة عنه:
- لا طبعًا مينفعش اروح، انا لازم استنى معاكم، لحد اما تركبوا الجطر.
تدخلت بثينة قائلة :
- وليه مينفعش بس يا استاذ رائف؟ احنا فى المحطة و الناس هنا كتير حوالينا .
- برضك لازم استنى معاكم .. انا مش هطمن غير لما تركبوا الجطر جدامى .
بتوتر ازداد اضعاف ردت نهى عله يستمع ويقتنع:
- بس احنا مش عايزين نعطلك اكتر من كدة، وخصوصاً فى يوم زى دا، لاحسن كماه الجطر يتأخر عن ميعاده.
بنظرة جريئة خطفها نحوها قبل أن يلتف نحو جهة القطار مرة أخرى"
- مفيش عطلة ولا حاجة، انا مش ماشي غير بعد ما اطمن عليكم .
بامتنان شديد قالت بثينة:
- بصراحة احنا عاجزين عن الكلام معاك والتعبير عن امتنانًا، حقيقى الف شكر ليك .
- لا شكر على واجب .
❈-❈-❈
في صالة المنزل الواسعة، وبعد أن غادر معظم الحضور، وتبقى فقط افراد العائلة من الأهل، تجمعوا في جلستهم لتبادل النكات والأحاديث الطريقة حول ياسين الذي كان سعيدًا كالعادة بجمعتهم حوله، وقالت صباح:
- الليلة النهاردة على كد ما انها كانت ع الضيج، بس وكتاب الله كانت ليله عسل.
قالت راضية بغبطة تغمر قلبها :
- صدجتي يا حبيبتي، دا كفاية فرحتهم.
تدخل بلال بقوله:
- بس كله كوم ومدحت اللى مشى كلمته وجاب المأذون فجأه كوم تانى، ابن اللذينة مشى كلمته علينا كلنا بجنانه.
عقب راجح بغيظ:
- متفكرنيش يا بلال دا انا اتغظت غيظ لولا ابويا ما هدانى لكنت فركشتها وخلصت.
رد عبد الحميد مستنكرًا:
- بعد الشر يا شيخ، ربنا ما يجيب فركشه ولاحاجة عفشه، دا احنا ما صدجنا والله إن ربنا فك عجدته.
عقب ياسين ضاحكًا:
- لا مدحت دا دماغه صعبة جوى لما يحط حاجة فى مخه، ياللا السلامة، جال وانا اللي كنت فرحان فيه امبارح، ابن الفرطوس ردهالي النهاردة، وحطني في مغرز، لا انا جادر ارفض ولا جادر اتبع ولدي اللي كان هيعملها مشكلة، غصب عني اضطريت اهاوده، واهدي راجح، ليعجلوا مع بعض وابوظ الليلة ع الكل، بلوة مسيحة عرف ازاي يمسكني من يدي اللي بتوجعي.
قالها ياسين وانطلقت الضحكات الصاخبة من الجميع، ليستطرد سائلًا بانتباه:
- ألا هو فين صح؟ مش شايفه يعني لا هو ولا عاصم ولا البنتة.
ردت تجيبه صباح من بين ضحكاتها:
- مطلعوش يا بوي من ساعة ما حطتلهم العشا وهما بجالهم ساعه جوا، كانى عجبتهم الجعده ع السفره باين ولا إيه ههه!
بصوت متأثر رغم ضحكاته، قال بلال :
- سيبيهم يا عمتى فرحانين، وعايزين يجعدوا مع بعض ويحكوا ويتحاكوا، ليلتهم بجى، ومصدجوا لجيوا الفرصة.
سأله محسن بانتباه:
- صح يا بلال، انت مش ناوى تجيب عيالك يعرفوا ناسهم يا ولدي؟ خليهم يشوفوا ناسهم، ويأخدوا ع البلد.
رد بلال:
- هجيبهم يا عمى، المرة الجاية ان شاء الله ع الفرح، وهو بالمرة ناخد أجازة زينة وياخدوا ع البلد زي ما جولت.
علق سالم موجهًا خطابه لمحسن:
- يا للا كمان عجبال ما نفرح ب حربى بالمرة، خلاص الدور الجاي عليه.
تمتم محسن بالدعاء، واكتفى حربي بابتسامة، فقد كان عقله مشغول، وعينيه تتنقل من جده إلى نيرة التي كانت تضحك غير مبالية بأي شيء، وصدر صوت هدية بينهم بتمني تردد:
- يارب يسمع منك يارب .
❈-❈-❈
بداخل سيارة شقيقه التي كان يقودها للعودة إلى منزل العائلة، بعد أن اقل الفتيات صديقات نهال، وظل معهم حتى استقلوا القطار، كان يدندن على انغام الأغنيه الدائرة في مذياع السيارة، بانبساط ومرح يغمره، لا يعلم سببه، ولا السبب الذي جعله بتصرف بهذه الشهامة والمروءة المبالغ فيها منذ قليل، مضحيًا بنصف الليلة على محطة القطار، ولكنه فعل بنفس راضية ومتقبلة،
فعل مستمتعًا بملامح الخجل واعتراضها بحرج لفعله، فعل و...... توقف فجأة عن افكاره وعن كل شيء كان يدور برأسه، ليركز بانتباه نحو الجهة التي يخرج من الدخان على مستوى نظره، مع حركة البشر الغير عادية، ليقترب بسيارته ويقترب صوت الصراخ اكثر، مع تصاعد الدخان من الشارع المعروف لديه، ليزيد باختراقه حتى وضحت الصورة جيدًا، ليصعق برؤية مصدر الحريق في المنزل الأقرب إليه منذ الطفولة، والذي قضى به معظمها، بارتياع غير عادي توقف بسيارته، ليتناول الهاتف يتصل بوالده، ليجيئه الرد بعد لحظات:
- ألوو، ايوه يا رائف يا ولدي، انت فين محدش شايفك يعني؟
تغاضى عن الرد يقول بصوت منفعل:
- اللحج يا بوى، بيت عمى والعة فيه النار .
انتفض عبد الحميد لينهض عن كرسيه مفزوعًا، يسأله، حتى اثار الرعب بقلب من حوله:
- عمك مين يا واد؟ وبيت مين اللي تقصده ؟
صدرت الهمهمات والغمغمات من حوله، تجاهل ليسمع جيدًا رد ابنه من الناحية الأخرى:
- بيت عمى راجح يا بوى !!!
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر من رواية مواسم الفرح (ست الحسن)، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية