-->

رواية جديدة نفق الجحيم 2 مكتملة لريناد يوسف - الفصل 1

 

قراءة رواية نفق الجحيم الجزء الثاني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


قراءة رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الأول

هل الربيع بحكياته ونسماته وليله البارد الهادي، ومواويله اللي تفضل توصف الماضي، وتتطلع على الآتي بشوق وأماني منسوجه بأن الجاي يكون احلى.


وناس تقعد في ضل الورد تتمتع بألوانه وتقطف منه وتهادى، وناس من شوكه تتخبى ولا تشوفه جميل اللون ولا الريحه ولا المنظر، ولا تعرف تشوف فى الورد غير شوكه،

عيونهم زهدت الالوان وروحهم نسيت الفرحه وحتي المسك والعنبر وريحة الهيل وريحة الفل والريحان انوفهم ماعادت اتشمه، ولا تعرف تميز بين روايح الطيب ولا تفرق مابين الفرحه والاحزان، من كتر ماروحهم شمت روايح موت، ومات القلب جواهم،

وحل القهر في مكانه، وجمر الشوق حرق الروح وهو عيكوي ليل ونهار وياكل وكل فى حشاهم

وناس عاشقه وهيمانه ومهما تشوف من الدنيا ومهما التعب يطول الروح بنظرة حب مع ضحكه تشوف الدنيا بالالوان، تطير الروح مع النسمات وتجري تحاوط المحبوب وتتلفلف بأنفاسه ومهما الدنيا تهديهم الم وهوان، في ضل وجود حبايبهم يهون كله ولا كل وجايع الدنيا تكون فارقه.

وبين عاشق وبين معشوق، وبين تاعب وبين متعوب، وبين ظالم وبين مظلوم، يمر الليل وياخد في جعوبه معاه تناهيد الوجع، والاه، ويرحل عند ناس تانيين ويسمعهم ويتحمل، وعمر ما كل فيوم ولااتململ وفض القعده ولم نجومه فجيوبه وقام ولى.. اصيل ياليل بقلب كبير ومتحمل وبال اطول من الاعمار وتفنَى الناس واوجاعها، ولساك انت بتكمل فى مشوارك. 

❈-❈-❈

طلع ممدوح واد صفوت من البيت يجري وراح عالمندره ولقى عمه كرار قاعد فيها لحاله ودافن دماغه بين رجليه ومش باين نايم ولا صاحي، قرب منيه ممدوح ومد يده الصغيره وهزه، وبمجرد ماكرار رفع راسه ممدوح قاله بحماس:

ياعم كرار اني اللي هتجوز بتك ربيعه اوعى تديها لحد سامع، داي بت عمي واني أولى بيها من كل الناس. 

كلمات طلعت عفويه من جوف عيل صغير لكنها حرقت روح كرار، ومن غير وعي مسك دراع ممدوح وهزه بعنف وهو عيقوله:

داي مش بت عمك ولا هي مننا عشان تقول انك اولى بيها من الغريب، داي لا يمكن هتختلط بعيلتنا ولا يكونلها موطرح فيها، داي دواها وحلها الوحيد الموت وانها تندفن هي وأمها كيف ماكانو الكفار يعملو زمان، دول طلع معاهم كل الحق فدفن البنته اللي معياجيش من وراها غير العار ووجع القلب. 

خلص كلامه ونتر دراع ممدوح، وغضب الدنيا كلها كان متجلى على ملامحه، وديه خوف ممدوح اللى أول نوبه يشوف عمه كرار بالمنظر ديهه وخلاه يرجع خطوات لورا بخوف، 

أما كرار فقام وقف على حيله، ولبس جزمته وهمل المندره كلها وطلع قاصد شوقيه وهو مش واعى قدامه من القهر، و مش عارف هيقولها ايه، ولا يفهما اللي جرا كيف وهو ذات نفسه مش فاهمه! ومتوكد ان مفيش حد على وش الارض هيصدق ان وحده تحبل وتولد وأهل البيت اللي عايشين معاها ليل نهار ميدروش بيها!

❈-❈-❈

اما ممدوح ففضل واقف موطرحه مصدوم من اللي عمه كرار قاله ومن شكله المخيف، وكل اللي جه فباله ان عمه عايز يموت بته ويدفنها صوح، وبعقل عيال صغيره جري عالبيت، وأول حد استنجد بيه هو أبو دراع، 

اللي برغم صغر سنه الا أنه عارف ومتوكد كيف أهل البيت كلهم، أن لو عمه هيعمل مصيبه مفيش غير ابو دراع بس هو اللي هيتصداله ويوقفه عند حده. 


وصل ممدوح عند ابو دراع اللي كان قاعد ع المصطبه قدام بيته، وبصوت متقطع ونفس نهجان قاله:

-عم ابو دراع الحق.. عمي.. عمي.. عمي كرار عايز يدفن بته الصغيره، وحتي امها يدفنها معاها، ومرضيش يجوزهاني وقالي انها غريبه ومش بت عمي، والبت حلوه ياعم وخساره تندفن، وحتى مرت عمي شام خساره يموتها هي كمان عشان حلوة برضك وغلبانه قوى والله، أمانه عليه تقوله هملهم واني هحوش مصروفي واشتري منيه ربيعه واخدها وميبقالوشي دعوة بيها. 

ابو دراع كان مسنود على الحيطه واتعدل وهو عيسمع حديت ممدوح وللأسف مستغربش ولا حرف منه؛ لأن كرار يطلع من تحت يده يعملها ولا يرفله جفن؛ عشان قلبه مات، وكمان عشان شام محداهاش حد يدافع عنها ولا يوقف لكرار، وأبوها اغلب من الغلب ومغلوب على أمره. 


فقرر انه من اليوم وطالع هينقض عهده مع روحه اللي اتعهد فيه انه مش هيتدخل فمشاكل العيله داي مره تانيه  وخصوصي مشاكل كرار اللى معتخلصش،

لكنه قدام ظلم بين بالطريقه داي مستعد ينقض كل العهود. 

بص لممدوح اللي كان واقف وعلى وشه علامات الخوف والرعب وطمنه بإبتسامه وهو عيقوله:

تخافش ياممدوح عمك مهيقدرشي يقرب ناحية بته ولا ناحية مرته اني مهخليهش. 

رد عليه ممدوح بعد ماعلامات الخوف اتبخرت من فوق وشه وقاله بفرحه:

صوح ياعم.. طيب وهتخليه يعطيهاني اتجوزها؟ 

رد عليه ابو دراع بنفس الابتسامه لكن كساها الوجع وغلفتها الحسره:

له عاد يا ممدوح داي فعلم الغيب ياولدي وتبع النصيب، وصدقني لو كنت كبير هبابه كنت نصحتك وقلتلك اياك تعلق روحك بمخلوق وتحط قلبك فأيده، وهو ذات نفسه أمره مش بأيده، 

بس بأذن الله ربنا مايكتب عليك لوعة القلب ياولدي ولا يعلق قلبك باللي مش ليك. 

خلص كلامه وقام طلع يشوف كرار فين ويستفسر منيه عاللي سمعه من ممدوح وعالاحداث الغريبه اللي عتجرا من امبارح في البيت، وعن البت اللي كنها اتولدت من العدم داي، ولكنه ملقيهش في المندره، فقعد يستناه لحد مايرجع، 


❈-❈-❈

اما ممدوح فعاود للبيت، وراح قعد جار شام وبتها ورابض جارهم، وكل هبابه يبص لربيعه وكل ماتحرك وشها ولا تعمل حركه بملامحها، ووشها لونه يحمر يضحك عليها. وحتى اخوه ووادعمه انضمو ليه وقعدوا طول النهار فاوضة ستهم عديله مرابطين متحركوش من جار البت كيف اللي لقولهم لعبه جديده وفرحانين بيها. 


اما حدا همام وبسيمه

عزام وابوه قوام قوام  نقلوا همام  بالعربيه الكارلوا بتاعتهم للوحدة الصحيه عشان يلحقوه، ومن هناك دكتور الوحده طلبله اسعاف من البندر على وجه السرعه لما شاف حالته. 

أما أمه لواحظ واخواته البنات وحتي بسيمه عاودوا عالدار، واخواته وامه نصبوها جنازه كنهم اتوكدوا انه مات خلاص، والناس كلها جات تجامل وتصرخ وتولول معاهم. 

أما بسيمه فهملتهم ودخلت الاوضه وهي حاسه بخنقه وديقه والدمعه محبوسه فعينها، مش حزن عليه؛ لان هو كشخص ميهماش فحاجه ولا يعنيلها، لكن احساسها بالذنب لان دا حصل بسببها، وبسبب ان همام حابب يتقرب ليها، ورغبته بالقرب هي اللي ودرته وخلت حياته تنتهي وهو عيحاول. 

وبرغم كل اللي عمله فأختها الا أنها في اللحظه داي مفتكرتلهوش غير اهتمامه بيها وسهره جارها، وبصته عليها طول الليل كيف اللي حارس كنز ثمين وطول ماهو قاعد مش مصدق انه يمتلكه..شعور متضارب اجتاحها بين قمة الكره وقمة الشفقه والتأنيب، والاتنين متساويين في القوة! 

غصت هبابه وبعدها استجمعت قوتها وطلعت راحت عالموطبخ وقعدت فيه، وطلعت كل احساسها بالذنب فجلي المواعين وترويق الموطبخ؛ لدرجة انها محستش بروحها وهي عتقلب الموطبخ فوقانى تحتاني، وتغسل كل حاجه فيه، 

وفضلت عالحال ديه لغاية ماعاود عزام من البندر بالخبر اللي صعق الكل وأولهم بسيمه. 

همام اتصاب في عموده الفقري اصابه جامده وكسور في كل جسمه والدكاتره قالو ان حالته صعبه خالص ومحتاج يدخل عمليات فوراً، والمستشفى العام مفيهاش امكانيات ولازمن يدخل مستشفى خاصه. 

امه سمعت الكلام ديه ورقعت بالصوت هي وخواته البنات التنين، وجاملتهم الحريم اللي صوت صراخهم جاب باقي حريم البلد اللي مسمعتش بالخبر، أما بسيمه فدخلت اوضتها وبصت علي السرير موطرح ماهمام عيكون دايماً قاعد وباصصلها، واتخنقت بالدموع لكنها رفضت رفض تام ان دموعها تنزل وتعلن عن ضعفها، ولجمتها فعيونها وخدت نفس جامد ورددت لروحها.. أني  مغصبتهوش ولا طلبت منيه يعمل حاجه عشاني، واللي عملو كان بخُطره وهو الوحيد المسئول عنه، ولامت حالها حتى على الشفقه عليه وقررت انها لازمن تتخلص من احساسها بالذنب؛ عشان ميهلكهاش؛ وان همام مش اهل للشفقه واصل. 

وبعدها ربطت الربطه علي راسها زين، وطلعت من الأوضه، وسمعت عزام اللى اخد امو علي جنب بعيد عن الحريم، وعيطلب منيها فلوس لعلاج همام،

وفوراً امه ابتدت تولول وهي عتقول بحسها العالى: 

اجيب منين، وإيه حيلتنا ياولدي وجاتنا من وين الفلوس داي كلها، كانت تتكلم وتبكى وتبص عالنسوان اللي في البيت بإستجداء كأنها عتطلب منهم المعونه،

والوضع ابداً معجبش بسيمه، وبدم حامي دخلت اوضتها جرى، وفتحت صندوقها وطلعت من بين خلجاتها صرة الفلوس اللي كانت خافياها، وخدت منيها مبلغ كبير ودست الباقى، وطلعت عطته لعزام قدام الكل وهي رافعه راسها وقالتله بحسها العالي اللي سمعت بيه كل الموجودين:

عتطلب ليه من امك وانت خابر انها محدش عيعطيها فلوس، وان فلوس اخوك عيدسها معاي؟ خد دول ولو عوزت حاجه تانيه اخوك معاه كتير تعالا خد تاني، علاجه زين ومتقصرش وخلي الفلوس اخر همكم انت وعمي الخير كتير والحمد لله. 

قالت كلامها وبصت للواحظ حماتها اللي كانت عينها هتطلع عالفلوس اللي فيد عزام، وكيف ماتكون عايزه تخطفهم من يده، مع انهم لعلاج ولدها! 

استغربت بسيمه لموقف حماتها، ولاحظت كمان ان هي بس اللي استغربت حال لواحظ، والظاهر ان الكل خابر ان الفلوس حداها اغلى حتي من ضناها عشان إكده لهفتها وريقها اللى جرى عالفلوس مشافوهاش غريبه. 


طلع عزام بالفلوس قوام بعد، وبسيمه هملت الكل، ودخلت اوضتها مره تانيه، وللحظه حب ضميرها يأنبها علي مساعدتها لهمام، وخصوصي ان المساعده من الفلوس اللي خدتهم منه شام اختها تمن لعرضها اللي هتكه، 

لكنها قوام بررت لضميرها ان داي حاله انسانيه وكمان الفلوس داي رفضت شام تاخدها، واهي عاودت لصاحبها. 

وغير ديه وديه مرضيتش علي جوزها اللي حتي لو جوزها بالأسم بس ان امه تشحت عليه من الخلق، وتقل من قدره وبالتالي بسيمه هيتقل من قدرها، وهي كله الا صورتها وكرامتها قدام الناس، ولازمن راسها تفضل مرفوعه دايما ومتنزلش لاي سبب كيف ماتعودت فبيت ابوها وكيف مارباها على رفعة الراس. 


❈-❈-❈

أما حدا بيت العمده

كرار:

-وحق لا اله الا الله ياشوقيه اللي عقولهولك هو اللي حوصول بالظبط من غير زياده ولا نقصان، عارفك مش مصدقاني وكل الحق معاكي، أصل مفيش عاقل يصدق الكلام ديه، بس والله العظيم هو ديه اللي حوصول، 

وانى ماكنت اعرف ان بت المحروق داي مصقطتش ولساها حبله والبت فبطنها قاعده الله ياخدها هي وبتها فساعه وحده ويخلصنى منهم. 

شوقيه بغضب:

-اخرس ياكرار ومتنطوقش بكلام ميتصدقش من عقل عيله صغيره، قول انك غاويها ومبعدتش عنها وانك عتقول انك مبعد بالكدب عشان تضحك على عقلي، قول انك حاببها وانك مكنتش عتمسك حالك قدامها وكنت مستغفلني وعتضحك على عقلى واني كيف الهبله مصدقاك. 

كرار:

- له وغلاوتك ماحوصول، واكبر دليل علي كلامي اني لو عقربلها كان عرفت انها حبله، اسألي امي لو مش مصدقاني، اسألي اي حد من اهل بيتنا وهو يقولك ان كرار لا عتجمعه بشام قعده ولا نومه ولا حتي كلمه. 

شوقيه وقفت منتوره وردت عليه بحس عالي:

وكمان عتنطوق اسمها قدامي؟ قوم روح ياكرار ومتفقعش مرارتي اكتر من إكده، روح عاود لمرتك الوالده واقعد جارها نفِسها ووكلها، وشيل بتك وهشتكها.. تتربى فعزك انشاله. 


كرار: ياشوقيه اسمعيني اني.. 

شوقيه:

-مش هسمع حاجه قوم عاود بيتكم ياكرار. 

كرار:

- له مش هعاود هستنى عمي العمده لما يعاود عاوز اتحدت معاه؛ واطلب منه يقدملي معاد الجوازه مش هستنى للسنويه بتاعت ابوى ولا زفت اني. 

شوقيه بزعيق: 

-مفيش جواز من اصلو عشان تقدمه ولا تأخره، خلاص موضوع وفضيناه وجزره وقطمها جحش..يلا على بيتكم ياواد المقاول


كرار: ديه اخر كلام حداكي ياشوقيه يعني؟ 

شوقيه:

-ايوه اخر كلام ياكرار. 

كرار هز دماغه بتفهم وهو حاسس بنار جواه من شام اللي خربت حياته اول وتاني من ساعة مادخلتها، ودايما منغصه عليه فرحته. 

وهم عشان يطلع لكن وقفه حس مرت العمده ام شوقيه وهي عتقوله:

-وقف ياكرار ياولدي متمشيش وانت غضبان، معلهش اعذر شوقيه داي عتقول إكده من غيرتها عليك، والغيره من المحبه، لو مش عتحبك وغالي عليها متغارش ولا نارها تشعلل.

خلصت كلامها وكانت وصلت حدا شوقيه وزغدتها بكوعها وهي عتقولها:

-مش إكده ياشوقيه!

شوقيه بصت الناحيه التانيه متجاهله حديت امها وربعت اديها وابتدت تهز رجلها بغيظ اكنها مش عاجبها الكلام كله، وكرار هو اللي رد على حماته وقالها:


-والله يامرت عمي واني عحبها وعموت فيها،ومستعد احلف بأيمانات الله كلها اني ماكدبتش فحرف واحد من اللي قولته، واني من يوم ماخطبت شوقيه ومن قبلها كمان مااكون قربت علي صخام البرك ولاجيت ناحيتها. 


ام شوقيه: 

-واني مصدقاك ياولدي. 

كرار:

- بس المهم شوقيه كمان تصدقني 

أم شوقيه:

-هتصدقك، غصب عنها، لازمن تصدقك. 

قالتها وبصت لشوقيه بصه خلت ملامحها لانت في التو واللحظه، وردت على كرار بعتب كداب:

هصدقك النوبادي ياكرار، وهعتبر اللي فات مات، بس وعزة جلال الله لو عرفت انك قربت ناحية مرتك مره تانيه ولا شميت ريحتها حتى ليكون ديه اخر اللي بيني وبينك. 

رد عليها كرار بفرحه ولهفه:

وغلاوتك ماهقرب ولا هلفلف حواليها حتى ولا عايز اقرب من اساسه.. ودلوك تعالي ياقمر ١٤ اقعدي جاري هبابه داني مشتاقلك، وبرضك هستنى عمي العمده واخليه يقدملنا ميعاد الفرح اني ممتحملشي يوم تاني تكوني فيه بعيده عني. 

خلص كلامه وقعد عالدكه وشوقيه جات قعدت قباله وابتدت احاديث العشاق والكلام المزوق اللي عيطرب بيه كرار ودان شوقيه عشان يعجبها اكتر واكتر. 


اما مرت العمده فهملتهم لحالهم فى المندره ودخلت الموطبخ وهي مطمنه وبالها مرتاح، وقررت إنها هي اللي هتكلم جوزها يعجل الجوازه داي قبل ماكرار يطير من اديهم، مش هتتكل على كلام كرار بس معاه. 

وبعد حوالي نص ساعه عاود العمده من بره هو وولده اللي ياما كانتله عرايك مع كرار، ورغم انهم لقوا كرار قاعد لحاله في المندره مع شوقيه وديه فعرف الصعايده اكبر عيب وعار الا إن مفيش واحد فيهم فتح خشمه ولا إتكلم، والتنين سلموا على كرار ورحبوا بيه، وقعدوا جارهم، واتكلم كرار مع العمده بخصوص تقديم ميعاد الفرح، والعمده معترضش ووافق طوالي وقال إن خير البر عاجله والحي ابقى من الميت. 

بس هو نطق إكده وإسماعيل اخو شوقيه كأن نار لهبت فيه وعيونه اتحولت لكتلتين لهب كانهم نفسهم يحرقوا كل اللي يقعوا عليه وخصوصي كرار. 

❈-❈-❈


عاود كرار للبيت وهو طاير من الفرحه بموافقة العمده على تقديم ميعاد الجواز، ولكنه فنفس الوقت مش عارف يعمل ايه في الطلبات اللي طلبها منيه العمده ومصاريف الجواز، بس قلبه كان مطمن وعيقول لحاله طول ماحوريه أمك فى الدنيا متعتلش هم هي عمرها مااتخلت عنك عشان تتخلا عنك دلوك، واكيد هتتصرف. 

فدخل البيت وإبتدا يتلفت شمال ويمين لحد ماشافها نازله من على السلم، فراح عليها واتجاهل كل الموجودين وشدها من يدها نزلها الكام سلمه الباقيين قوام ووقف قصادها يبلع ريقه اللي نشف من التوتر وقالها:

-ام كرار انتي عتحبيني اكتر حد في الدنيا كلها صوح، وغالي حداكي وليا فقلبك معزه خاصه من يوم يومي صوح ولا اني غلطان؟ 

ركزت حوريه عيونها عليه هبابه بملامح جامده وبعدها قالتله:

- عايز ايه ياكرار قول على طول من غير الرط اللي عيسبق الطلب ديه. 

كرار بإبتسامه:

أمه العمده قدم معاد الجواز وخلاه بعد سبوع من النهارده. 

حوريه ضربت على صدرها وردت عليه بصدمه:

وه، وسنوية ابوك ياقزين، هو كلام عيال ولا ايه، إيه اللي جراله العمده وخلاه يتصربع وهو مباقيش غير حاجه بسيطه؟ هو نسي الاصول ولا ايه! 

كرار:

-بصراحه يمه اني اللي وقعت فعرضه يقدم الجوازه، عشان عرفو إن مرتي خلفت وشوقيه كانت عايزه تفض الخطبه وقالتهالي بس الحمد لله قدرت اكل بعقلها حلاوة وانسيها الزعل وادهلس عليها. 

حوريه بصت الناحيه التانيه وردت عليه بعدم مبالاة:

وليه تعمل إكده ياكرار، بصراحه اني كنت عايزه احدتك في الموضوع ديه واقولك إن شوقيه داى مداخلاشي مخى من أول نوبه شفتها فيها وحكيت معاها وشفت جلعها الماسخ وعينها المقشره، ولا ارتحتلها بعد إكده، وكنت هقولك بلاها منها واشوفلك وحده غيري احلا وأئدب واهدا.. بس إنت كيف مامتعود عالصربعه اتصربعت وطينت الدنيا. 

رد عليها كرار بصدمه واستنكار:

حديت إيه ديه يمه اللي عتقوليه، شوقيه مين اللي اسيبها وغيرها مين اللي تخطبيهالي،إنتي كيف تفكرى فى إكده من الاساس، كيف طاوعك قلبك تنطوقيها وانتي خابره زين اني عاشقها وروحي متشعلقه فيها؟ 

ردت عليه حوريه بغضب:

-مش من توبك ياكرار ولا هتنفعك، وروحك اللي متشعلقه فيها داي هتطلعهالك بت العمده ام عين قويه، انتي عتحدت لموصلحتك ياولدي. 

كرار بإصرار:

-كيف يعنى مش من توبي، له من توبى ونص كمان، ومن غير كتر كلام يمه غير شوقيه مش هاخد، وبعد عنيها مش هبعد، ودلوك هتساعديني في الجوازه ومصاريفها ولا اتصرف أني واتجوز لحالي وحتى في البيت ديه مهقعدش معاكم. 

حوريه:

- وهتتصرف كيف يانن عيني ممكن تعرفني؟ 

كرار:

-هبيع نايبي فالارض ونايبي في المعدات واتجوز بيه. 

حوريه بضحكه:

-نايبك ايه يابو نايب، انت نسيت ان الحجج بتاعة الارض والعقود بتاعة المعدات كلها غارت ومحدش عارفلها طريق ولا ايه؟ نسيت إن محدش عاد يقدر يتصرف فحاجه ولا يبيع حاجه من الارض والمعدات؟ 

كرار:

- على فكره العقود عرفيه والعقد الجديد يمحي القديم، وعادى اني هبيع لحد من اخواتي او ولاد عمي اللي معاه يشيل، وبينا وبين بعض مفيش عقود، يعني ميته ماتظهر العقود تتقطع ويادار مدخلك شر. 

حوريه بخوف:

- اقففل خاشمك ياصخام الحلل انت واياك اسمعك تنطوق بالحديت ديه مره تانيه، ولا تجيب سيرة بيع على خاشمك، الارض والاملاك كلها هتفضل حته وحده لاخر العمر متتقسمش ولا تتبعشك، أيوه ياخوي انتو تبيعو وعيال عمكم يشتروا ويحوزو وفى الاخر تصفوا انتوا بلا شي من تحت خيابتكم وهما يكوشوا على كل حاجه.. واني على جثتي أخلى عيال عدويه احسن ولا اعلى من عيالي إنت سامع ولا له. 

كرار:

- خلاص مادام إكده يوبقى تساعديني إنتِ وتجوزيني شوقيه مادام خايفه عالارض والاملاك كد إكده. 

حوريه بتفكير:

-طيب روح أنت وهملنى دلوك واني هقلبها جوا راسى واشوف هقدر اعمل ايه واتصرف كيف. 

كرار سمع الكلام وبفرحه حضن امه وباس خدها وجبينها وهو عيقولها:

كنت خابر إني مههونش عليكى ياام كرار، كنت متوكد انك مش هيهون عليكي زعل كرارحبيب قلبك. 

خلص حديته وطلع من البيت وهو فرحان والفرحه مش سايعاه، وحتى ماالتفتش ناحية أوضة سته ولا بص عاللي فيها، وديه خلى شام بلعت ريقها بأرتياح بعد ماقضت طول المده من أول مادخل من الباب لحد ماطلع وهي ترجف من الخوف لما وعيت منظره وهو داخل كيف زعابيب امشير. 

وحتى ممدوح فرح وهو واعي عمه كرار طالع من البيت من غير مايعمل حاجه لربيعه اللي من أول ماشاف عمه وهو محاوطها بأديه الصغيره من الخوف عليها أحسن عمه كرار يكون جاي ينفذ كلامه وياخدها يدفنها من صوح. 

❈-❈-❈


عديله في الوكت ديه كانت فى الموطبخ عتجيب وكل لشام، وهي داخله بالوكل اتقابلت مع حوريه اللي وقفت فى طريقها وبصتلها بغل وقالتلها:

- طول عمرك مش هينه يامرت عمى ولا حد يقدر عليكي، جبروت، وعلى رأي المثل تكتلى الكتيل وتتاويه ومحدش يدرى بيكي، واللي يسألك تقولي لا شفت ولا ريت، بقي تدسى وحده حبله فأوضتك وتدارى فيها لحد ماتولد واحنا نايمين على ودانه ومش داريين بالميه اللي عتجرى من تحت مننا؟! بقى انتى تستغفلي بيت بحاله حريم برجاله؟ 


ردت عليها عديله بإبتسامه هاديه:

ديه ربك لما يكون رايد لروح انها تاجى عالدنيا عيسبب الأسباب ويسهل الصعب ويستر عبيده، رب مريم اللى ساعدها تخفى حملها عن الكل لغاية ماولدت ولدها بخير وسلام هو هو رب شام اللي حفظها من شروركم وعمى عنيكم عنها. 

وهو رب كل ضعيف ونصير كل مظلوم.. 


ودلوك اوعى من قدامي هدخل صحن السليقه والفروجه للغلبانه اللي جوه داى تتنفس بيهم، بكفايه إنها ولدت قبل أوانها وعانت المرين لحالها من غير أم تاخدها فباطها ولا أخت تمسك يدها وتطبطب عليها وتزيح الوجع. 

أوعى إكده دانتو عالم لا تعرفوا الرحمه ولا مخليين اللي فقلوبهم رحمه يقربوا. 

خلصت كلامها وزاحت حوريه من وشها بيدها الخاليه، ودخلت لشام اللي كانت شايله بتها عترضعها وعنيها مليانه بالدموع، بس الدموع متحجره مانازلاش. 

قربت منها عديله وحطت الوكل جارها وقعدت قبالها عالسرير وبنبرة صوت حانيه قالتلها:

-النفسه متبكيش ياشامه عشان الهدبه متنزلش فعينها، وكمان عشان لبن البت ميتنكدش، وبعدين ياقزينه فيه وحده تبكى وهي شايله عوض ربنا ليها بين اديها؟ أشكري ياشام بدال ماتبكى، اشكري ربك اللي حافظلك عليها ونجاهالك من خشم الموت كذا مره وجابهالك عالدنيا تكون رفيقة أيامك. 

غمضت شام عنيها فنزلو الدمعتين اللي كانو محبوسين وشهقت بمراره وهي عتحمد ربها وبصت لربيعه، وهمستلها بوجع:

كان نفسي يابتي ستك وسيدك يكونوا معاي ساعة ولادتك، وابوي يكبر فودنك بنفسه الطاهر، وأمي تاخدك فباطها وتدوقك من حنانها وتفرح بيكي.. كانوا هيفرحوا قوي هما وخالاتك بيكي، خلاتك اللي اني متوكده انهم كانوا هيتعاركوا عليكي مين تشيلك اكتر من التانيه.. آاااااه ياوجع القلب.  آااااه ياشوق ميته تهملني وتغيب بوجود الحبايب جارى بس ميته؟ 

خلصت كلامها وابتدت دموعها تتسابق، وحالها قطع قلب عديله وبدال ماكانت هتسكتها وتواسيها، لقيت حالها هي كمان عتبكي زيها ودموعها ينزلو؛ عشان حست بالوجع اللي طالع من جوف شام مع الكلام، وقهرها اللي يقطع القلب الشديد. 


اما شام فغمضت عيونها ودعت علي كرار وعلى همام والسيد اللي كانو السبب فاللي هي فيه ديه، وسألت روحها لو كانت اللحظه داي فبيت صابر والبت داي بته، ومحصلتش حاجه من كل اللي حصل، ياترى كان زمانه عامل ايه دلوك وفرحته كانت واصله لفين؟


❈-❈-❈


اما عند همام فى المستشفى

ابو همام:

- اصيله يابت عبصمد والله، اصيله وبت اصل ومن بيت اصيل. 

عزام:

- والله يابه خلتني رفعت راسي قدام الحريم بكلامها اللي قالته وتكبيرها باخوي وبينا، وحده غيرها كانت قالت يغور لجهنم الحمره مالي بيه وبعلاجه اني. 

ابو همام:

- والله ماخابر اخوك عامل ايه فدنيته زين عشان ربنا يرزقه بيها، على العموم يطلع من العمليات ونطمنوا عليه واني بنفسي هشكرها واحب على راسها على وقفتها جارنا وعلى طيب اصلها..بس ادعي معايا ربنا ينجي اخوك ويقومه منها بخير وسلامه ويكون ديه هو تكفيره عن طيشه وربنا يتوب عليه بعد إكده. 


ساعات فضلوا مستنيينها قدام أوضة العمليات، وبعدها طلع الدكتور ووقف قدامهم وجاوبهم على السؤال المعتاد حتى من قبل مايسألوه:

- اطمنوا المريض بخير دلوقتي وحالته مستقره، بس فيه حاجه هقولهالكم ومش عارف هتتقبلوها ازاي بس لازم تعرفوها عشان تكونوا مستعدينلها نفسياً.. المريض احتمال كبير ميقدرش يمشي تاني علي رجليه

ودا معناه انه هيكمل باقي حياته قعيد. 

ابو همام سمع الكلام وخبط بأديه التنين على راسه وهو عيزعق بعلو حسه من الصدمه

يعني ايه ياداكتور؟ يعني ولدي اتششسل؟ 

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف من رواية نفق الجحيم الجزء الثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة