-->

رواية جديدة نفق الجحيم 2 مكتملة لريناد يوسف - الفصل 10

 

قراءة رواية نفق الجحيم الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل العاشر



خلصت ليلة الحنه وخلاص كلها ساعات عتفصل كرار عن حلمه اللي طال انتظاره.

وطول الليل عينه مازارهاش نوم مهما حاول؛ لأن العين معتنامش من شدة الفرح كيف ما معتنامش من شدة الحزن بالظبط.


وحتى شوقيه في الليله داي قعدت طول الليل صاحيه ورايحه جايه فى أوضتها، وأمها طول الليل سامعه صوت خطواتها، وعرفت إن بتها راحت منها السكره وجاتها الفكره. 

وعتشوفلها حل فالنصيبه اللي امها متوكده إنها عاملاها وعتكابر بالانكار، وللاسف جات اللحظه اللي هيتكشف فيها كل شي والمدسوس يبان. 

ولحد ماصبح الصبح وهي على حالها، وامها قلبها عيتشاهد عليها وحاسه إن فستانها الاوبيض هيكون هو كفنها اللي هتروح بيه قبرها. 

❈-❈-❈


في بيت المقاول 

حوريه:

هموا يابنات افرشوا البيت حريم بيت العمده زمانهم جايين بالعشا احسن يشوفوا البيت زايط ورايط، وسيرتنا توبقي على كل لسان من حريم البلد. 


البنات كلهم منتشرين في البيت، وحتى شام شغاله معاهم، فبصتلها حوريه واتعجبت منها وهي عتخدم بقلبها فى فرح جوزها فبصتلها وقالتلها:

والله اني شفت كتير وقليل، بس حد معنديهش صنف الاحساس زيك يابارده مصادفت! ديه فرح جوزك المفروض عنيكي متبطلش سح دموع والغيره تكون واكلاكي وكل. 

شام بصتلها ومتكلمتش وكملت اللي عتعمله، وردت بدور موطرحها علي حوريه بلؤم:

-لو كان طايقها ولا مديها ريق يامرت عمي كانت زعلت واتقهرت، لكن من يوم مارجلها خطت البيت ديه وكرار كارهها كره العمى، ومشايفهاشي مره واصل. 


شام مرضتش ترفع عنيها على بدور هي كمان ولا تعمل لكلامها اي قيمه، وبرضوا كملت اللي عتعمله، وديه خلى بدور تقيد نار اكتر من برودها وعدم ردها عليها، ولا كانها عاملالها اي اعتبار واصل!


خلصوا الحريم تنضيف وتوضيب البيت وراحوا يكملوا شغل الموطبخ وقعدت حوريه في الحوش في استقبال الحريم اللي هياجوا بعشا العرسان يسبقوا العروسه ويستنوها. 


اما شام فراحت على اوضة ستها عديله لبتها، وخدتها من عديله وباستها وشمتها وابتدت ترضعها وهي عتتأمل فيها كيف ماتكون واحة الراحه اللي عترتاح فيها بعد تعبها وشقاها واليد اللي عتطبطب على قلبها بعد كل جرح ووجع. 


عديله بصت لشام اللي باصه لبتها ومبتسمه وكل هبابه ترفع يدها علي خشمها وتحبها، وسالتها:

قوليلي ياشامه قلبك مقارصكشي وانتي واعيه جوزك عيتجوز وكلها هبابه ومرته تاجي البيت إهنه وتوبقي الكل في الكل؟ 


شام: والله ياستي لو قلتلك اني فرحانه عشان هيتجوز والفرحه مش سايعاني يمكن متصدقيني. 

عديله:له اصدقك ونص كمان، عارفه ليه ياشامه، عشان انتي هبله. 

شام:

له ياستي مش هبله ولا حاجه، بس اني وكرار انتي خابره اللي بينا، وخابره إنه لما عيقربلي عتمنى الموت وعناجي ربنا عليه ومعاطولهوشي، ويوم ماكرار هيجيب مره غيري هيحل عني ويرحمني ويعتقني من قربه اللي عيكرهني روحي. 


عديله بضحكة سخريه ردت عليها:

-ماعشان إكده عقول عليكي هبله.. ياشامه كرار بعد مايتجوز ويشوف غيرك هتحلى فعينه ويرغبك اكتر من لاول؛ 

عشان اللي حداكي مش حدا وحده تانيه، ولا شوقيه تاجي ضفر من ضوافرك. 

انتي الجسم والرسم والحلا كله، كل حاجه فيكي مرسومه رسم، واللي داق الحلوا مهيرضاش بالحادق. 


شام بخوف:

-يعني ايه كلامك ديه ياجده؟ 

عديله:

- حديتي ياشام معناه إن كرار هيعاودلك راغب.. ووكت مايعملها عايزاكي ترقصيه على الدربكه كيف الغوازي، اتدلعي عليه ودلعيه ونسيه كل اللي كان، وعيشوا من أول وجديد، خدي من الدنيا حظك الزين اللي داساه منك يابت دهب..

 فلاول هياجيكي في الليالي يتسحب، بس بشطارتك وجمالك ودلالك تقدري تخليه يجيلك فنص النهار وعلى عين العزول، ويقول من فُم مليان مرتي وليها فيا ومحدش ليه حداى حاجه. 


شام بإعتراض:

والله ياستي لو هيبوس القدم ويعلن الندم والتوبه، ويغرفلي بأديه الشهد ويسقيني ماهعمل اللي عتقولي عليه ديه ولا هقبل كرار يقربلي بخُطري واصل. 

عديله ردت عليها بقلة حيله:

مااني قولتها يابتي من لاول هبله، هبله وهتقعدي طول عمرك خدامه وانتي جمالك يقدر يخليكي ست الستات، بس انتي اللي معارفالوش. 

خلصت كلامها وسكتت وهملت شام للخوف اللي رمته فقلبها، وابتدت تسأل حالها ياترى لو ديه حوصول وكرار رغبها صوح هتعمل ايه وهتتصرف كيف، وكيف هتمنعه؟ 

❈-❈-❈


حدا شوقيه في بيت العمده

ام شوقيه:

-يلا ياشوقيه افتحي، البلانه جات عشان تزوقك وتلبسك. 

شوقيه فتحت باب اوضتها اللي كانت قافلاه على حالها وقاعده فيها من بعد ماخلصت حمام العروسه، ومانعه حد يدخل عليها، ودخلت البلانه بصرة التزاويق اللي فيها البودره والكحل بتوعها اللي عتزوق بيهم كل عرايس البلد والبلاد اللي حواليها، 

ولبست شوقيه الفستان وابتدت تزوق فيها، وتخطط وشها بعد ماسرحتلها شعرها ورفعته لفوق وثبتته بكوم بنس. 


خلصت البلانه وشوقيه بصت لروحها في المرايه، وشافت جمالها اللي اتبروز وظهر، واتبسمت ابتسامه خفيفه، وقوام راحت ابتسامتها وحطت يدها على قلبها وخدت نفس وزفرته، وبعدها طلعت البلانه بره بالأمر، ، وقعدت بعدها شوقيه هبابه في الاوضه وبعدها وطلعت للناس اللي كانت مستنياها، والجمل والهودج والزفه اللي كانت في إنتظارها عشان توديها لبيت جوزها. 

❈-❈-❈


اما حدا حوريه

اثناء ماكانت قاعده مستنيه اهل بيت العمده، سمعت الهيصه وقامت تستعد لاستقبالهم، وادت امر للبنات يحضروا الضيافه، ولما دخلوا الحريم استغربت من الطابور الطويل اللي دخل البيت ومفيش غير مرتين اتنين منهم شايلين فوق روسهم صنيتين فيهم عشا العريس والعروسه! 

واستقبلتهم احسن استقبال، وبقت واقفه تحادي وتدادي وتفخم فيهم كيف مايكونوا حاشية ملك وداخلين بيت من بيوت عامة الشعب. 

واللي برد قلب عديله وخلاها شمتت فحوريه اكبر شماته، وهي شايفه حريم بيت العمده بيعاملوا حوريه بتعالي، ويكلموها من طراطيف مناخيرهم زي ماتكون مش كد المقام، 

وهي ولا قادره تنطق، بعكس يوم ماكانوا جايين اهل شام ومرضيتش حتى تقابلهم، واهي الايام دارت واتقلبت الادوار وكل ساقٍ عيسقي مما سَقى. 

❈-❈-❈


بعد ساعه من مجي اهل بيت العمده لبيت المقاول. 

وقف كرار واخواته علي بوابة البيت من بره يستقبلوا العروسه وهي جايه فموكبها اللي مفيش بت من بنات البلد اتعملها موكب زيه،

 وأول ماتاق الجمل من بعيد والهودج عليه يتهادى شمال ويمين، ابتدا قلب كرار يميل على ميله ويروح وياجي معاه، وهو خابر إن جواه محبوبته متربعه كيف مامتربعه جوا قلبه.

 ووصل الجمل لعندهم ونخ، وقرب كرار وكشف ستارة الهودج ولاحت من وراه اللي رقص قلبه لشوفتها، 

ومدلها يده ومسك يدها وهو حاسس إنه عيمسك السعادة بيده، وخلاص كل اللي فات كوم، واللي جاي كوم تاني خالص. 


وخدها ودخل الجنينه وبس وصل البيت شالها ودخل بيها شايلها، وهي بمجرد دخولها عينها بقت تدور وسط كل الحاضرين على وحده محدده؛ عايزه تشوف رد فعلها ايه وهي واعياها داخله البيت علي دراعات جوزها،

 لكنها ملقتهاش وسط الحريم كلهم، وفسرت ديه إنها حابسه روحها ومقهوره. 


اما شام فكانت في الموطبخ عتجهز وكل للناس اللي هتقعد تتعشى بعد مايشوفوا بياض العروسه،

 واثناء ماعتكمل الوكل بصت لبره ولمحت كرار داخل اوضته بشوقيه شايلها، وعقلها سرح في اللحظه دي اللي دايما اتمنتها واتخيلتها مع صابر، وياما حلمت باليوم ديه، وصحيت من حلمها على كابوس اسمه كرار، وراح صابر واتبخر مع ضلام الليل اللي طلعت عليه شمس كرار الحاميه حرقته حرق. 

قفل كرار الباب عليه وعلى شوقيه، وابتدا قلبه يدق الف دقه في الدقيقه، وقرب منها وابتدا يسمعها كل الكلام الحلوا اللي يطمنها ويهدي خوفها ومهابتها اللي مكانش شايف منهم اي حاجه واصل! لكنه اتصرف كيف مالروتين عيقول. 


شوقيه كانت عتسمع كلام كرار الحلو وهي باصاله بمنتهى البرود، وفي الاخر قاطعته وهي عتقف وتسأله:

فين الحمام؟ 

شاورلها كرار على الحمام وهي راحت عالدولاب فتحته وخدت منيه غيار وراحت عالحمام، غابت شويه وطلعت مبدله هدومها، ووقفت قدام كرار وخدت نفس وزفرته كيف ماتكون عتتحضر لمعركه شرسه، معركة حياة او موت. 

❈-❈-❈


عند السيد في البيت

ابو السيد باصص لولده اللي سارح في الملكوت وميل علي مرته وهمسلها:

ولدك سودنته بت عبد الصمد يانبيهه


نبيهه:

وماله خليه يتسودن ويعشق ويتعلق باللي تعقله وتربطه بيها وبالبيت والبلد ويبطل فرفره في الدنيا ويكن.

وبيني وبينك البت مليحه وتستاهل ياعبده. 

رد عليها عبد الفضيل بتأييد:

هي من ناحية مليحه فهى مليحه قوي قوي، وغير إكده حسب ونسب واصل طيب، ولولا عملته المهببه ماكان يحلم يعدي من قدام باب بيتها حتي، مش يدخله عريس. 

نبيهه بضحكه:

-داعياله من كل قلبي بالزين كله، وغير إكده هو قلبه اوبيض وكيف البفته البيضه ويستاهل كل خير، غيرش بس هي الصحبه السو وساعة الشوطان. 

عبد الفضيل:

ساعة شوطان وبيعتنا ارضنا وضحكت علينا الناس يانبيهه

نبيهه:

فداه ياعبده، المهم إنه بخير وعقله رد فراسه وعاودلنا، ولو عالارض حقها راجع لولدك تاني، هو عبد الصمد هيوديه فين يعني مش كله لبناته، واللي حداه مش قليل وولدك هينوبه تلت الحب ياعبده. 


عبد الفضيل سرح بعيونه بعيد وشفط شفطه من كباية الشاي اللي كان يشرب فيها ورد عليها وقالها:

-ايوالله يانبيهه، البنت مال وجمال يابخت السيد بيها. 

نبيهه:

-صلى عالنبي فقلبك ياراجل هتحسد الواد علي بخته، عيقولوا مايحسد المال الا اصحابه. 

عبد الفضيل:

-عليه الصلاة والسلام، طيب يختي ممتكلمينش تاني، قومي شوفي المحروس ولدك الحيله هيتعشى ولا هيقضيها عد في النجوم. 

نبيهه: اديني قايمه اعشيه اهه، الا الواد ياعيني اليومين دول عشقان وهفتان والفكر هادد حيله. 

❈-❈-❈


حدا كرار

دقايق قضاها مع شوقيه وأدى مهمته ويافرحة قلبه وهو واعي شرفها بعينه وانه اول راجل فحياتها،

 بس برغم إكده كان حاسس بحاجه غريبه، حاجه غلط بس مش قادر يحدد هي أيه بالظبط؟!

ياتري هي جراءتها اللى مش طبيعيه ابدا فليله زي دي؟ 

ولاعدم خوفها وعينها اللي تندب فيها رصاصه غير ماكان يسمع إن العروسه عتكون ميته في الليله داي من الخوف والخجل؟ ولا التفاصيل التانيه الواضحه اللي وقف عقله عندها ومقدرش يتجاهلها. وخلت عقله عمال يودى ويجيب، 

لكنه برغم كل ديه طلع للناس اللي بره ووراهم شرف بتهم، وعيارات النار انضربت في الهوا تعلن عن الفرحه والفخر، وبعدها حطوا العشا لضيوف بيت العمده اتعشوا ورجعوا على بيتهم مرفوعين الراس. 

وخصوصاً ام شوقيه الي الخبر خلاها كيف الغريقه اللي طلعوها على اخر نفس ورجعوها للحياة من تاني بعد ماكانت فاكره انها النهايه واخر الانفاس عتتلفظ. 


ونامت شوقيه بعدها قريرة العين، وفضل كرار صاحي طول الليل عينه مغمضلهاش جفن؛ وهو عيقارن بين شام وشوقيه في نقاط معينه،

 وبعدها اقنع عقله بأن ديه عادى وطبيعي، وفي الاخر قام اتسبح ورجع صحى شوقيه وصبح عليها، وهى كمان قامت اتسبحت وفطروا سوا، 

وكل الوكت عين شوقيه عليه وهو سارح ومش مركز معاها، واتفاجأ من حركتها وهي عترمي الوكل من يدها فوق الصينيه بعنف وتقوم.. وهو سألها بإستغراب:


-مالك ياشوقيه ليه عتتنشكي إكده؟ 

شوقيه بحده:

-والله إسأل حالك، يعني معارفشي مالي وانت ساهي على روحك ورايح فدنيا غير الدنيا ومنطقتش معايا بحرف واحد من ساعة ماصحيت.. مالك فيك ايه قولي؟


كرار وقف قوام وراح عليها لما حس إنها دخلت فحالة غضب ممكن تعمل مشكله وخصوصي إن اهلها على جي، وخدها فحضنه وطبطب عليها وهو عيقولها:


-ياحبيبتي كلام ايه اللي عتقوليه ديه، اني كل الحكايه إني ممصدقش حالي لدلوك ولا مصدق إنك خلاص بقيتي فبيتي وفأوضتي وقدام عيوني.. بذمتك مش داي فرحه تسلب العقل وتتوه الفكر؟ 


شوقيه بعد ماكانت متعصبه ومتخشبه بعد ماسمعت كلامه لانت، وبعدت عنه واتمشت قدامه بدلال وهي عتقوله:


-طيب يابو عقل مسلوب اياك تكون جاري وعقلك يتوه أو يفكر فحد غيري، اوو فحاجه غيري ولو لقيت عيونك دول حادوا بعيد عني هخزقهملك فاهم ياكرار ولا مفاهمش؟ 

كرار قرب منها ومسك يدها حبها وقالها:


-توبه من دي النوبه ياست البنات، كرار من الساعادي طول ماهو معاكي قلبه وروحه وعيونه وكل شي فيه هينتبهلك انتي وبسس. 

خلص كلامه وشوقيه اتبسمت إبتسامة غرور، وهملته وراحت طلعتلها غيار عشان تلبس وتتزوق وتستعد للصباحيه، وهو كمان لبس جلابيته البيضه وهم يطلع يروح المندره عشان يفضى البيت للحريم اللي هتاجي. 

وهو طالع وقف لما شاف شام فايته قدامه على الموطبخ ولا معبراه، 

ولأول مره ينتبهلها وهي ماشيه قدامه، ووقف ثواني يتاملها وبعدها طلع قبل ماشوقيه ولا أي حد يشوفه عيتطلع عليها ويروح يقولها وتوبقي وقعته سوده. 


وبعد ماطلع من البيت هو وكل الرجاله وراحوا عالمندره، مفيش وكت كتير عدى وجات الحريم اللي جايبين الصباحيه وجايين يباركوا. 

وبمجرد دخولهم البيت الزغاريت لعلعت، واتنسى توفيق وموته وسنويته، ودخلوا حريم بيت العمده بالصباحيه اللي بمجرد ماشافتهم حوريه وشافت اللي جايبينه صباحيه لبتهم خدها العجب! 

؛ عشان جايبين حاجه لا تذكر، ويوم شام أهلها عبوا البيت خيرات، مع إن ابوها غلبان وديه العمده! وغير ديه وديه لاهف منهم فلوس بالهبل؟! 

لكنها متملكش دلوك غير السكوت خوفاً من الشماته. 

خلصت الصباحيه، واهل العروسه نقطوها، ودخلت شوقيه اوضتها، ودخلت وراها امها اللي بمجرد مابقوا لحالهم شدتها وخدتها فحضنها وهمستلها:


-قلبي كان هيوقف عشيه من اول مااتقفل عليكي انتي وكرار باب الأوضه، وروحي راحت مردتش غير وهو طالع يورى الكل شرفك. 

شوقيه بعدت عن امها وقالتلها بعتب:

-عشان توبقي تصدقيني لما اقولك مفيش حاجه وإن بتك صاخ سليم، مرمرتيني ومرمرتي عيشتي عالفاضي واني اتحملت منك كتير يمه. 

ام شوقيه بندم:

-معلهش يابتي حقك على، بس كمان اللي شفته واللي سمعته محدش يسمعه ويصدق انه مفيش حاجه ياشوقيه! 

شوقيه:

-قلتلك سمعتي وفهمتي غلط، قولتلك يمه اني لا ممكن اعمل إكده، بس انتي راسك والف سيف تركبيني الغلط والعار. 


ام شوقيه:

-طب ومادام إكده ليه واد عمك عيد هملك وقال معاوزهاشي؟ 

شوقيه:

-لعملك يمه اني اللي بقيت اصده وخليته يكرهني، عشان لقيته مدلدل مش كيف رجالة بلدنا، عيد رباية بحري ورباية بحري عمرها ماتنفع. 

ام شوقيه بعدم أقتناع:

-إهيي.. مش هو ديه واد بحري اللي كنتي تقولي جزمته انضف من انضف واحد في البلد حدانا؟ مش ديه اللي كان مخك يفر لما يجي زياره وتلصقيله كيف الطبابه متفارقيهش لا ليل ولا نهار؟! 

شوقيه:

-مكنتش اعرفه يمه ومع الايام عرفته، واهو راح لحال سبيله واني اتجوزت، وخلاص متجيبيليش سيرته مره تانيه. 


خلصت كلامها ولفت بجسمها بعيد عن امها، وعملت روحها عتدور علي حاجه في الاوضه، لكنها في الحقيقه كانت عتدور على قلبها اللي شق صدرها وطار يدور عالحبيب، اللي جات سيرته وصحت كل الشوق، وصحت كمان معاه الجرح اللي عتحاول تنيمه وكفت عليه ماجور، وجات امها رفعته من عليه ورجعتها لوجعه 

❈-❈-❈

اما حدا همام

همام شايف بسيمه من ساعة ماعاودت من حدا اختها تايهه ومهمومه وشايله الهم، ويدها طول الوقت على خدها والتنهيده تطلع فديل اختها، فسألها بحيره:

مالك يابسيمه عتتنهدي وشايله طاجن ستك من ساعة ماعاودتي من حدا اختك ليه؟ دا المفروض تكوني فرحانه ومزغططه عشان عيونك نضرت الحبايب! طب داي شوفة الغاليين عتروى القلب. 


بسيمه ردت عليه وهي على نفس وضعها وتوهانها:

مش كل الشوف عيريح ولا كل اللقى عيروي. 

همام بحيره: مفاهمش؟ 

بسيمه:احسن انك متفهش عشان عقلك يرتاح وميتعبش من الفكر. جعان تاكل؟ 

رد عليها همام بلهفه:

إيوه الله يابسيمه جعان، جعان قوي وكاتلني جوعي. 

هي سمعت كلامه وقامت تجيبله وكل، وهو كان قاصد بجوعه شي تاني خالص، هو كان جعان ليها وهي عايزه تسد جوعه بالوكل. 

قربت منيه بسيمه بالوكل وابتدت توكله، واثناء ماعياكل سألها:

كيف اخبار اختك، ليه معاوده مشغول بالك عليها لقيتي كرار عامل ايه فيها؟ 

ردت عليه بسيمه وهي عتوكله وعينها عالوكل:

زينه 

همام: ومالك عتقوليها كيف ماتكوني عتقولي مش زينه واصل؟ 

بسيمه: له زينه وزي الورد وخلفت بت كيف البدر المنور كمان. 

همام رد عليها بإستغراب:

صوح؟ امبارك عليها ماجالها تتربى فعزها وعز ابوها يارب. 

سكتت بسيمه واتنهدت وهمام كمل وهو باصصلها:

اني عارف يابسيمه ايه اللي مخليكي مهمومه إكده، انتي اتحسرتي على حالك لما شفتي بت اختك وإنك اتظلمتي معاي وإنك مهتوبقيش ام مش إكده؟ 


بصتله بسيمه بإستنكار ولسه هترد عليه قاطعها وكمل وهو باصص لبعيد:

عارفه يابسيمه، من اول يوم دخلتي فيه بيتي واني اتمنيتك أم لعيالي، وكل ماكنت اسرح بفكري كنت اشوفني قاعد معاكي فوسط عيالنا وعيتنططوا حوالينا، وإن السنين محت الكره اللي في القلوب وبدلته بمحبه، وكنت اغمض عيوني واقول يارب من نص قلبي.. يارب حقق.. يارب حبب.. يارب حنن.. يارب قرب. 


واديني في الاخر لا طولت محبه ولا حلمي بإني يكون حداى عيل من صلبي عمره هيتحقق، وكل اللي إتحقق من دعايا شوية قرب بالغصب هبابه ويروحوا، وتفارق الناس بعضها وخالتي وخالتِك واتفرقوا الخالات. 

بس والله يابت الحلال اني وكتها هتمنالك كل الخير اللي في الدنيا، وكل الفرحه، مع انك هتفرحي مع غيري، بس يلا اني نصيبي إكده وانتي تستاهلى الزين كله يابت الاصول. 

بسيمه خدت نفس وبصت لهمام وقالتله:

-مش وكته الحديت ديه دلوك ياهمام، دلوك بس خلى بالك على نفسك وعلى صحتك وهمل بكره ياجي باللي شايله على راحته. 


همام رد عليها بسخريه:

-صحتي! وهي فين صحتى داي يابسيمه؟ اني كل اللي هعمله من إهنه ورايح اني اكل واشرب واخش الحمام، كيف البهيمه بالظبط. 

له بهيمة ايه داي البهيمه ليها عازه عني. 

البهيمه الناس عتستفاد بلحمها في الاخر، انما اني مفيش منى رجا خلاص.. انا هصفى لحالي.. اكلم الحيطان لحد مااتجنن واشحت الناس شحاته تلافينى الحاجه ولا تقضيلي مُصلحه. 

تعرفى يابسيمه إني عتمنى لو كنت متت، كان هيوبقي ارحملي واحسنلي واحسن للكل. 


بسيمه كلام همام هز بدنها وحست بشفقه عليه وعلى حاله، لكنها دارتها وردت عليه بكل جمود:

المرض والصحه، الفقر والغني، المحبه والكره، كل الحاجات داي نصيب وكل واحد ونصيبه ياهمام اللي كاتبهوله ربنا على جبينه من وهو عيل صغير، لسه حتتة لحمه حمره. وفي الاخر ملناش غير اننا نحمدوه ونشكروا مجايبه وعطاياه. 


همام بندم:

- له يابسيمه ديه مش المكتوبلي من واني صغير، ديه جزات اللي عيملته فوحده ضعيفه لا حول ليها ولا قوة، دي جزات الشوطان اللي كان معشش جواي، ديه عقابي من ربنا، كيف ماحسستها بالعجز وسلبتها اعز ماتملك ربنا سلبني حياتي وخلاني عاجز لباقي عمري..ديه القصاص العادل يابسيمه؛ وعشان اني اللي جنيت على روحي مش هلوم غير حالي. 


بسيمه سكتت ومتكلمتش ولا ردت عليه؛ لانها معارفاشي تقوله ايه، هو صحيح ندم واعترف وعيعترف بذنبه، بس برضك كل ديه ميشفعلهوش عندها، وخصوصي بعد حال اختها اللي شافته امبارح، واللي جدد جواها الكره والغل ليه من تاني. 

صوح ندمه واسفه جايز يشفعله حدا ربنا ويسامحه، لكن هي مش ربنا ولا حداها ليه سماح، ممكن شفقه صوح، لكن سماح مستحيل. 


❈-❈-❈


في بيت المقاول 

خلص اول يوم بحلوه ومره، علي كل سكان البيت، وجه تاني يوم، وكرار قام من النوم علي حس شوقيه وهي عتصحيه وتقوله:

كرار، ياكرار.. قوم ياحبة القلب، قوم عشان تندلى الشغل مع الرجاله، قوم ياعيني متسبش السايب في السايب إكده وشوف الرزق اللي جاي من معدات ابوك جاي منين وعيروح فين. 

كرار فتح عنيه بصعوبه، وبص حواليه لقى الدنيا لساها مغبشه والصبح لساه مصبحش زين فبص لشوقيه بإستغراب وسألها:

شوقيه انتي بايته تحلمي بالشغل ولا ايه؟ مالك ياحبيبتي اتنجمتي ياك؟ 

شوقيه ردت بحزم:

كرار، قوم من غير كتر كلام، من النهارده المعيله اللي كنت فيها زمنها ولى وراح وتنساها، ومن اليوم وطالع إنت اللي لازمن تكون الكل في الكل فى الشغل، وكل حاجه توبقي تحت عينك، وتعرف كل كبيره وصغيره عن اخواتك وعيال عمك ومتخليش الميه تسير من تحت منك وانت غافل. 

من النهارده إنت مش كرار..(انت المقاول) 

كرار بصلها وهو مستغرب وقع الكلمه على ودانه، لكنه حبها قوى، وبص بعنيه بعيد واتخيل حاله المقاول موطرح ابوه، ومنين مايمشي يلاقي احترام ليه وتقدير من الكبير قبل الصغير، وكلمته مسموعه ورأيه فوق رأي الجميع، وشعشعت فدماغه الكلمه، وبص لشوقيه ورد عليها اخيراً:

-وحياة عيونك ياشوقيه ليصير واكون المقاول وماهخلي حد ينولها غيري. 

شوقيه بتعالى:

-واني هكون مرت المقاول، ومرت المقاول لازمن تكون كبيره عالكل كيف ماجوزها كبير، وداي إنت اللي هتعيني عليها ياكرار، اسندني في البيت ووسط حريمه وكبرني، واني هسندك وهكبرك قدام الدنيا كلها. 


وبالفعل إبتدت اول مشوارها واول خطوه فاللي عزمت عليه، وخرجت من الاوضه وراحت عالموطبخ بخطوات ثابته، وكل الحريم كانوا متجمعين فيه بما فيهم حوريه، ووقفت وسطهم وبعلوا حسها قالت:

اصباح الخير عليكم.. النهارده نفسى فكشك ياحريم امانه وحده منكم تعملهولي، اصلكم خابرين اني مكنتش عحط يدي فحاجه فبيت ابوي ولا ععرف اطبخ، ولغاية مااتعلم اتحملوني عاد. 

وبصت لشام وبأمر قالتلها وهي عتشاورلها بأيدها:

وانتي.. هملي اللي فيدك وتعالي نضفيلي الأوضه وافرشيها، يلا. 

الكل وقف عن اللي عيعملوه هما وواعين شوقيه واقفه وسطهم وعتدي اوامر كيف المديره، وحتي حوريه استغربت، وردت عليها بنارها القايده منها:

عقولك ايه يابتي، اني خابره انك عروسه والعروسه عيحقلها يومين تلاته دلال، بس ديه من جوزها مش من ناس البيت، والحريم اللي داخله تؤمري وتتأمري عليهم دول كل وحده ماسكه حاجه فيدها ومتقدرش تهملها عالنص وتعملك اللي انتي صابحه تتوحمي عليه، وشام كمان وراها خدمه لازمن تخلص فمعادها، فياحلوه روحي نضفي موطرحك وتعالي اطبخي لروحك اللي نفسك فيه وكليه، 


ولو علي انك معتعرفيش تطبخي فاللي هتعكيه هتاكليه، اتعلمي فنفسك. 

خلصت كلامها وزعقت في البنات يكملوا شغلهم، وشوقيه طلعت من الموطبخ ودانها عيطلعوا دخان من حوريه، وراحت علي كرار وقفت قدامه وحطت اديها فوسطها وحكتله عاللي حوصول كله وفكرته بإتفاقهم، وهو راح على المطبخ طوالي.. وعشان مهيقدرش يحكم غير عاللي فيده بص لشام وبأمر قالها قدام الكل بحسه العالي:

شااااام.. هملي اللي فيدك وعاللي امرتك بيه شوقيه قوام، ومن الساعادي لو عصيتيلها أمر متلوميش غير حالك. 

خلص كلامه ونقل عيونه بين الكل وكمل كلامه.. عايز اقولكم حاجه والكل يسمعها ويفهمها زين.. من اليوم وطالع اللي يزعل مرتي كانه زعلني اني، واللي يكدرها كانه كدرني اني، واني زعلي عفش وانتوا خابرين.. واللي عايز يخسر كرار ويعمله عدوه يزعل شوقيه. 

قال اخر كلمه وبص لامه اللي كانت عتسمع الكلام وانفاسها عتعلى وتهبط من شدة الغيظ من ولدها، اللي بلفته بت العمده من اول يوم، ولسه هتفتح خشمها وتتكلم قاطعها كرار وهو عيبص لنعمه اخته وبأمر يقولها:

نعمه اعمليلي النهارده كشك نفسي فيه، وتعمليه زين عشان لو دوقته وملقيتش طعمه طيب هكبه علي راسك.. سامعه. 


قال كلامه وبص لامه بتحدى وهمل الموطبخ وطلع، وشوقيه من بعده ابتسمت بخبث وهي عتنقل عيونها مابينهم بشماته، وبصت لشام وشاورتلها بصباعها السبابه بأمر عشان تتبعها، ومشت قدامها على اوضتها، وشام عشان تقصر الشر تبعتها وهي حاسه إن فيه عهد جديد من العذاب بدأ، وايام مهتشوفش فيها غير سواد عتلوح فالافق. 


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف من رواية نفق الجحيم الجزء الثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة