-->

رواية جديدة نفق الجحيم 2 مكتملة لريناد يوسف - الفصل 8

 

قراءة رواية نفق الجحيم الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الثامن




شام كانت سامعه كلام كرار من جوا المطبخ وقلبها عيتقطع من الوجع على بتها اللي وصمها بالعار، وبأنها بت حرام قدام الكل،

 وبطنها عتتقطع من الوجع كل ماتميل ولا تتعدل بسبب اللي عيملته فيها الدايه، وروحها عتتقطع من القهر اللي مش عارفه هتلاحق عليه من مين ولا من مين! 


فغمضت عنيها وطردت الدموع اللي اتجمعوا فعنيها، وبعدها فتحت وبصت للنار الوالعه في الكانون، ودعت ربها إن قلب كرار وامه حوريه تقيد فيه نار كيف النار دي بالظبط ومتنطفيش غير بعد ماتحرقهم حرق.

أما كرار فبص لسته عديله بغيظ وكان هيرد عليها، لكن صفوت وقفه بكلمه وحده منه حذره بيها لما قاله:

اوووعك.

وكرار سكت وخد بعضه بعدها وطلع. 

وعم السكوت مابين الكل، وحتى ممدوح خد الكف من عمه وسكت متكلمش ولاحتى بكي، وكل اللي اتحفر فمخه بعد الموقف ديه: 

إن عمه كرار كاره بته ومعاوزهاش، وانه لازمن هو اللي ياخد باله منيها ويعملها كل حاجه الاب عيعملها لبته لانها من غير اب دلوك، وعلى كد مخه الصغير ماهداه قرر انه من اليوم وطالع كا قرش ياخده من ابوه مصروف يقسمه معاها او يعطيهولها كله تجيب بيه اللي هي عايزاه.

ولغاية ماتكبر وتعرف تقول هي عايزه ايه هيحوشهوملها فحصاله هتكون بتاعتها هي وبس. 


❈-❈-❈

طلع كرار من البيت راكبه غضب الدنيا، وحتى عدى على ابو دراع مكلمهوش ولا رمى عليه السلام

وابو دراع اتوكد إنه عمل مصيبه مع حد من اهل البيت، واتمنى إن مصيبته متكونش مع شام عشان ميضطرش ينفذ فيه تهديده ويمد يده عليه ويشوفه اللي مهيعجبوشي واصل. 

فقام من علي المصطبه وهمل كباية الشاى اللي كان عيشربها وراح ناحية البيت الكبير، ووقف عند بابه من بره وشاف ممدوح قباله فشاورله، واول ماجاله ممدوح سأله:

عمك كرار اتعارك مع مين قبل مايطلع من البيت يامندوح؟ 

ممدوحرد عليه بطفوليه: 

اتعرك مع بته ربيعه ومعاي ياعم 


أبودراع بإستغراب:

كيف ديه يعني، كيف اتعرك معاك ومع البت الصغيره داي؟ 

ممدوح: اني ضربني بالكف علي وشي عشان قلت عليها بت عمي وهتجوزها وزعق فيا وقالي مش بت عمك، وقالي كمان داي بت حرام ومش هتكون بتي، وهي اكيد سمعت الكلام وزعلت بس مبكتش زي ماني مبكيتش من الكف، عملت حالها مسامعاشي، زي مااني عملت حالي منضربتش عشان اخوي وواد عمي ميضحكوشي علي ويقولولي البكاي اهه. 


أبو دراع غمض عنيه وزفر بقلة حيله من البجم اللي عمال يوجع فقلب البنيه الغلبانه اللي لساها والده، ومن ساعة ماجات البيت ديه وهي مقضياها قهر بقهر على يد كرار وامه، ولا ارتاحت فيوم ولا خدت نفسها. 

اتحرك من قدام البيت ورجع على موطرحه، ومسك كباية شايه وكملها وهو محسسلهاش بطعم؛ عشان النوبادى الاذى اللي اذاه كرار لشام اذى نفسي، وضربها بلسانه مش بيده، وضرب اللسان مع انه اوعر من ضرب اليد واشد، الا إنه مليهش تار يتاخد، ولا ليه قصاص غير السكوت فأغلب الاحيان. 

❈-❈-❈


أما حدا بيت عبد الصمد

دهب: بشاير، يابشاير هاتي حزمة الحطب وتعالى يلا العجين خمر عشان تقرصيه. 

بشاير:

- حاضر يمه جايه اهه هطلع ماجور اللبن عالسطح واوكل الفروجات قوام وانزل. 


دهب اتنهدت بهم وقالت لنفسها:

خلاص يادهب كلها شهرين تلاته وهيفضى عليكى البيت من تالت طرح لروحك وهتصفى لحالك.. تكلمي الحيطان طول ماعبصمد بره البيت ولما يعاود تشكيله الشوق لبناتكم وهو مابيده حيله عالفراق. 


خلصت مناجاتها لنفسها وشافت بشاير نازله، ودخلت عالحوش جابت حزمة حطب وجات رمتها قدام الفرن، وراحت غسلت اديها ورجعت قعدت وابتدت تقرص فى العجين عالطراريح، ودهب ولعت فى الفرن عشان تسخن، وبعد ماخلصت بشاير تقريص لفت وقعدت قدام الفرن، وابتدت تفود فيها عشان ترص العيش،

 ودهب متابعاها بعيونها طول الوكت ومتابعه كل حركه عتعملها كيف اللي عيتودع من حد هيفارقه ومعادش هيشوفه مره تانيه، وأصعب وداع في الدنيا واصعب فراق هو فراق الضنا،

 لكنها متأمله فربنا إن بشاير يكون حظها احسن من حظ خياتها التنين، وتكون اليد اللى تطبطب على وجع الايام وشربة الميه اللي تهدى جوفها وجوف عبد الصمد جوزها من عطش الشوق والحرمان من باقي ضناهم. 

أما بشاير فكانت طول ماهي عتخبز مره تركز مره عقلها يسرح فكلام السيد وتلسع العيش أو تصفن وهي ماسكه المطرحه على يدها بالرغيف وناسيه ترميه فى الفرن بعد مارحرحته، ودهب حست بيها وفهمت عليها، وعرفت إن بتها إبتدت تعد قلبها للمحبه، أو هو اللي عيستعد لحاله، ومع إن دهب كانت خابره إن الحب حاجه زينه قوي، لكنها كمان خابره إن الحب لو اتولد للشخص الغلط عيكون عذاب مابعده عذاب للمحب، بس دعت إن السيد يكون اهل للي هيتولد جوا قلب بتها ليه، ولمشاعر بِكر لو كبرت وحب صاحبها يموتها عتاخد كل الحيل وتموته هي وبرضك مش عتموت. 


❈-❈-❈


اما حدا همام وبسيمه

همام قاعد وباصص لبسيمه اللي عماله تشتغل بالابره والخيط الصوف، 

وظهرت ملامح اللي عتشتغله اخيراً، وطلع شال صوف حريمي بألوان تخطف العين، ومبين من إهتمامها بتفاصيله إنها عاملاه لحد عزيز عليها قوي عشان يطلع بالجمال ديه. 

وبرغم إنها قدامه قاعده، لكنها وحشته، وحشته بصته جوا عيونها من جوه وهي رافعه جفونها ومفتحاهم، وحشه إنه يشوف انعكاسه فيهم لما تقرب عليه وتعمله حاجه، وحشه قربها بمعنى اصح، وعشان مليهش بصاره عالبعد غير حاجات محدوده هي اللي عتقربها منيه،

 ففوراً طلب منها إنه يشرب، وهي سابت اللي فيدها وقامت عشان تسقيه، والدقيقتين اللي عتسقيه فيهم عيروى فيهم كل عطشه ليها ويشم ريحتها لغاية ماترتوي روحه. 

سقت بسيمه همام وعاودت لموطرحها ورجعت للي عتشتغله وهو برضك مراقبها، لكنها رفعت عنيها عليه مره وحده خلت قلبه الصفنان عليها مع عيونه جفل، ودق وهو عيترقب الحروف وهى عتطلع من خاشمها لما قالت:

-همام

رد عليه بلهفه:

-ياروحه

اتجاهلت الكلمه وكملت كلامها عادي.. أني عايزه اروح اطل على اختي شام. 

ملامح همام اتغيرت وكشر وقالها:

تروحيلها فين اختك، عند كرار؟ له يابسيمه مش هتروحي. 

بسيمه رفعت حاجبها بإستنكار وردت عليه:

-ايه هو اللي مش هتروحي ديه؟ 

همام:

-اللي سمعتيه يابسيمه انتي مرتي وفعصمتي وحكمي وعقولك مش هتروحي لاختك فبيت كرار.

بسيمه:

-ايهي.. طيب ماشي امرك ياسي همام مرايحاشي.. اااهه.. خلصت جملتها ولمت الخيط والبكره والشال اللي كانت بتشتغله وحطته فكيس جارها ووقفت على حيلها وابتدت تربط فعصبتها زين وتهندم فخلجاتها، ومدت يدها عالملس بتاعها لبسته وهمام شافها عتعمل إكده وجن جنونه وسألها بحس عالي:

-عتعملي ايه يابسيمه اني قلت مش هتروحي،هتكسري كلمتي يعني ولا ايه؟ 

بسيمه:

-له مهكسركش كلمتك ولا هروح لاختي خلاص، اني بس كل الحكايه اني هروح البيت اقعد فيه عشان اتخنقت من قعدة المشتشفى وعايزه اريحلي يومين تلاته وبعدها اعاود، وعزام اهه معاك وهياخد باله منيك زيي ويمكن اكتر هبابه. 

همام قلبه فرفط وهو عيسمع حديتها ديه ورد عليها بضعف وقالها:

عتمسكيني من قلبي اللي عيوجعني يابسيمه، عتقايضيني ببعدك يعني.. عتفكريني باني محتاجلك وإني لو منفذتش طلبك هتحرميني منك؟ 

بسيمه بجمود:

- إيوه هو إكده بالظبط.. اني عقايضك ووحده بوحده، اللي يحرم حد من حد عيحبه ويتحكم في القلوب، يدوق الحرمان عشان يجرب ناره. 

همام بنبرة ترجي:

والله ماتحكيم ولاحرمان ولا القصه إكده واصلل.. دلوك يابت الناس كرار ديه اللي إنتي رايحه بيته مش بني آدم، ولا بقي يعرف للاصول ولا للرحمه ولا للخشا سبيل، 

وكل اللي قاهره من اختك ومننا إن احنا طولنا مرته قبله واننا كلنا اشتركنا في الجرم بس هو اللي اتظلم لحاله، وعشان يقهرني زي ماهو مقهور ويدوقني من نفس الكاس ممكن يستفرد بيكي ويعمل فيكي كيف ماحوصول فمرته وميخليش حد احسن من حد. 

بسيمه بصت لهمام وردت عليه بثبات وقوة:

ايوه بس اني مش شام، ولا حد يقدر يعمل معايا اللي اتعمل فغيري، اني بسيمه ياهمام، اني غير، اني اللي يقرب مني ويحب يطول مني حاجه يقدر فحاله وحده بس،، ان روحي تكون ساكنه مأواها الاخير، اما غير إكده فعمره يخلص على يدي وادبحه من غير مايرفلي جفن حتى. 


همام: يابسيمه افهميني

بسيمه وهي عتتحرك من قدامه على بره:

-اني فاهماك ياهمام بس إنت اللي لازمن تآمن إن بسيمه محدش يقدرلها، وتعرف زين ايه اللي معاك. 

خلصت كلامها وكانت وصلت باب الاوضه وخطت برجلها براه، ولسه هتخطى برجلها التانيه وتغيب عن عيون همام، وقفها بحسه المغلوب على امره وهو عيقولها:

-خلاص عاودي هتروحي. 

وقفت بسيمه ولفت عليه وبصتله بثبات وهو نفخ بقهر وكمل:

روحي شوفى اختك بس عزام هيروح معاكي مش هيهملك تروحي لحالك. 

بسيمه:

-يروح معاي عزام ميروحش ليه..بكره الصبح ياجي معاي ونروحولها حتى يكون جوزها انكشحله على نصيبه تاخده ماترده عشان معاوزاش اشوف خلقته قدامي. 


خلصت جملتها وعاودت على موطرحها من تاني، وقعدت بعد ماقلعت الملس ومسكت ابرتها وخيطها وابتدت تكمل فاللي كانت عتعمله، وهمام لما قعدت بس قلبه هدى عن الفرفطه هو كمان وقعد مكانه. 

❈-❈-❈


عند بيت العمده

ام شوقيه:

-سليمه، ياسليمه.. خلصتي خبيز انتي والحريم ولا لسه؟ 

سليمه: اخر كيلة بسكوت ياستي ونبقوا خلصنا خبيز الفرح كله. 

ام شوقيه:

- طيب عال.. يلا عاد عشان تلموا الهيصه بتاعة الخبيز داي وتتفضوا لتعب يوم الحنه وطبيخه ودوشته. 

سليمه:

متقلقيش ياام العروسه كله هيتعمل فمعاده وكله هيوبقي عال العال. 

خلصت سليمه حديتها وطلعت تشوف الخبيز والحريم الخبازه، 

وهملت ام شوقيه اللي راحت على اوضة شوقيه وفتحت عليها الباب ولقتها فارده شعرها قدام المرايه وعتسرح فيه وعتغني بمنتهي الهدوء فقالتلها بعجب:

-يابرودك ياشيخه، والله اني ماعارفه جايبه البرود ديه من وين وانتي اللي زيك المفروض تكون ناشفه فعِرشها، داني حاسه بطني عتتخرط ولا علي حامي ولا على بارد من ساعة ماقرب معاد فرحك.. اني عموت عموووت


شوقيه ردت عليها بهدوء: 

-والله يمه انتي اللي عامله إكده فحالك، قولتلك مفيش حاجه من اللي فبالك داي، بس انتي مفيش فايده فيكي واللي فمخك قافله عليه بميت قفل. 

ام شوقيه:

-له ماهو اني مش هكدب عنيا واصدق كلامك ياشوقيه، الشوف ابو الصدق كله واني شفت اللي ميقدرشي عقلي يفوته، وعلي العموم كلها يومين والميه تكدب الغطاس، ويأما تندبـ.ـحي يأما تعيشي ويتكتبلك عيش عالدنيا. 

شوقيه:

-والله اني ماخابره يمه انتي ليه شاكه فيا حتي بعد مالدايه قالتلك اني سليمه مفياشي حاجه. 

ام شوقيه:

-عشان اني مربياكي ياشوقيه وعارفه اللي فيها وقلبي حاسس، ولا انتي ولا كلامك ولا الدايه وكلامها يسوو حداي تعريفه. 


شوقيه ابتسمت لامها وبصت تاني عالمرايه ورجعت تغني ، وأمها هزت دماغها بقلة حيله وردت باب الاوضه من تاني، واتمشت في الطرقه وهي عتفتكر اللي جرا فديك الليله وتراجع الموقف كله،وبعدها حطت يدها علي قلبها بخوف واتمنت إن اللي قلبها عيحدثها بيه ميكونش صح،

 وحتي لو صح راهنت علي حب كرار لشوقيه بتها إنه ممكن ينجيها من الموت، ورجعت سحبت رهانها وقالت لروحها إن مفيش حد هيرضاها على رجولته وعلي نفسه حتي لو روحه مقرونه بانفاس الوحده ولو سكتت انفاسها يموت مش عيحبها بس. 

❈-❈-❈


جه الليل وبسيمه فضلت طول الليل صاحيه وعينها مزارهاش النوم، وعتمني روحها بمقابله مع اختها تطفي بيها شوقها ليها وتطمن قلبها اللي طول الوكت قايد نار عليها وملاقيش بصاره،

 ودعت ربها من كل قلبها إنها متلقاش جوزها في البيت وتسرق شوفه من اختها وهبابة قرب، وكل وحده تحكي فيهم همها للتانيه وتمسح دمع عيونها فطرف شال اختها ويطبطبوا علي قلوب بعض بالكلمه الطيبه ويصبروا بعض عاللي هما فيه بهبابة حنيه. 

وبسيمه خابره زين إنها هي اللي هتدي اكتر ماتاخد عشان اللي شام فيه يضاعف اللي هي فيه بالقناطير.

وزي ماهي صاحيه وعينها مازارهاش النوم، عينه هو كمان فضلت صاحيه قبالها مزارهاش النوم، وقاعد متابع عيونها اللي عيتقلبوا يمين وشمال، وواضح إن بالها مشغول وهو عارف زين مشغول بأيه، وهو كمان باله مشغول اكتر منها، والنوم هملهم الموطرح كله وطار منه، وسابهم لليلهم الطويل، وتفكيرهم اللي عيطحن فعقولهم طحن،

 وكل واحد فسوقه يبيع دلوقه، لكن القلوب متجمعه علي قبضة الخوف والتنين شايلين هم بكره شيل.


❈-❈-❈


واخيراً صبح الصبح، وكل اللي وراه شي قامله من عز نومة الصبح الحلوه، وابو دراع واحد من الناس دول اللي قام الصبح بدري وهو مبيت من عشيه نيته بأنه هيروح السوق يستلقط الغنم اللي هيجيبهم، 

وقال لسلام كمان، وفي الميعاد اللي اتفقوا عليه بالمظبوط اتقابلوا عالبوابه بتاعة الجنينه كيف مايكونوا ظابطين عقارب خطاويهم مع بعض.

وراحوا السوق، واستلقط ابو دراع عشر غنمات زينين ودول كانوا بكل الفلوس اللي معاه، أما سلام فأستلقط عشره وملقيش في السوق غيرهم غنم زين، واجل العشره التانيين للسوق الجاي، وروح الغنمات مع ابو دراع لغاية قبل البوابه بتاعة بيتهم، ووقف هو، 

وابو دراع كمل بالغنم لحاله كانهم بتوعه وحده.

وسلام خلاه دخل من البوابه بالغنمات وراح هو عالمندره دخلها وصبح على كرار كأنه لساه طالع من البيت، عشان لو دخل البيت الكل هيسأل صحي ميته وراح فين في الصبح البدري، وعقل حوريه مرت عمه يقعد يودي ويجيب والا ماتنخرب وراه لغاية ماتعرف الفوله ومين زرعها.


اما كرار فكان صاحي مبتسم ومبسوط بعد ليله طويله من الاحلام اللي بطلتها الوحيده شوقيه، واللي عتزيد كل يوم لدرجة الهلوسه كل ماميعاد جوازه يقرب، ومش مصدق إنه خلاص مباقيش غير يومين اتنين بس وكل احلامه تتحقق وتتحول لاجمل حقيقه ويشوف عوض ربنا ليه عن كل اللي قاساه فحياته بسبب ابوه وظلمه ليه.

 وعشان يصبر روحه اليومين دول اللي حاسسهم بقوا اطول من سنين عمره كلهم، كان كل يوم يادوبك يفطر ويروح بيت العمده يقعد معاه فالمندره هبابه وبعدها يستأذنه ويروح يقعد جار شوقيه خطيبته، 

والنهارده كمان كيف كل يوم يادوبك فطر وطلع طوالي عليهم. 

❈-❈-❈


عند همام في المستشفى

بسيمه خلصت الشال اللي كانت عتعمل فيه امبارح واللي بعد ماصلت الفجر رجعت تشتغل فيه ومهملتهوش لغاية ماكمل، وبعد ماكملته بعتت عزام جاب فطور وادته فلوس من اللي معاها، وبعد مافطرت همام وفطرت معاه هي وعزام.. قامت حطت الشال في شنطه واستعدت عشان تمشي على اختها، 

وهمام كان على عينه مرواحها، بس تروح وتقعد جاره احسن حداه مامتروحش وتهمله لحاله وتحرمه منها. 

وبمجرد ماابتدت تستعد مسك عزام وهاتك ياوصايا، اوعاك تهملها، أوعاك تغفل عنها، واللي ضحك عزام وبسيمه لما همام قال لعزام لو حصلت حاجه عفشه ومقدرتش تحوشها صرخ كيف الحريم ومتتكسفش اهم حاجه تلم الناس. 

وكل ديه كان يسمعه عزام ويرد عليه بحاضر، ولغاية ماطلعوا من الاوضه وهو عالحال ديه يوصي وينبه. 


عزام طلع الاول وبسيمه طلعت وراه، وبحركه لا اراديه بصت لهمام بصه اخيره وهي فى الطرقه، وشافت عيونه باصينلها وجواهم خوف الدنيا كله عليها، واتنهدت وهي عتجاهد فقلبها عشان متتولدش منه نبضة محبه لهمام، ولاتسمح لقلبها يتخدع باللي شايفاه عنيها منيه، وقالت لروحها أن ديه كله رغبه فيها، وأول مايطولها كله هيتبخر، لأن همام فنظرها كلب حريم، وكلب الحريم معيهداشي غير وهو غارز انيابه فكل حتتة لحمه يشوفها ويشتهيها.


فكمدت قلبها واحساسها واتجاهلت عنيه واللي فيهم وراحت مع عزام على بيت الحبايب. 

وصلوا اخيراً قدام البيت، وكانت البوابه مقفوله، فنادى عزام على حد من اهل الدار، لكن للاسف الرجاله كلهم كانوا طلعوا على شغلهم، ومفيش غير الحريم في البيت والحريم معيردوشي على رجاله. 

فضل عزام ينادي وينادى لغاية ماحسه اتنبح، ولما محدش برضك رد عليه، بص لبسيمه وقالها يلا بينا الظاهر مفيش حد هيرد علينا، لكنها رفضت بعد ماصدقت انها توصل لحد إهنه، وحلفت طالما جات ووصلت ماتمشي غير بعد ماتشوف اختها


فقربت من البوابه وبدأت تخبط عليها وبعلوا حسها تقول:

افتحي ياشااام، واياشااااام اني بسيمه اختك افتحيلي، افتحيلي اشوفك يانن عيني واملي عيني منك داني هموت على شوفتك.. واااه ياشااااااام. 

فضلت تزعق وتنادي وحسها وصل لمسامع ابو دراع اللي رجع بغنماته اللي كان عيرعاهم جوا الجنينه تحت الشجر، فرد وقالها:

استني ياللي عتنادمي ابردي هبابه اديني جاي اهه.

وفتح البوابه، وأول مافتحها دخلت بسيمه منها كيف الاعصار خلته جفل وهي واخداه فوشها، وبمجرد ماادرك انها اخت شام جرى وراها ولف قدامها قوام وفرد دراعاته وقفها وبحزم قالها:

رايحه فين انتي اطلعي تاني مينفعش تخشي واصل. 

بسيمه بغضب:

ليه يعني ان شاء الله لو دخلت هاطلع بحيطه دهب من حيطانكم ولا ايه؟ 

ابو دراع:

مش القصد يابت عمي بس اختك محلوف عليها يمين لو شافت حد منكم ولا حد منكم نضرها توبقي طالقه من جوزها. 


بسيمه وهي عتحاول تتفادى ابو دراع وتدخل:

- مايطلقها وتوبقي طالق ايه يعني مهتلقاش فبيت ابوها لقمه تاكلها، طب دا ربنا يوبقي رحمها. 

ابو دراع وهو عيرجع يلجم خطاوي بسيمه بوقوفه قدامها مره تانيه:

-متقوليش كلام متعرفيش معناه ولا تعملي حاجه تخرب على اختك وتحزن ابوكي وتخلي العار اللي أبوكي ماصدق خلص منيه يعاودله مره تانيه.. الله يرضى عليكي يابت الراجل الطيب عاودي من موطرح ماجيتي وقلوب الحبايب عتتلاقى وتسلم على بعضها حتى لو واحد منهم فأول الدنيا والتاني فأخرها. 


بسيمه بغل:

-يابوي انتو ليه عتعملوا إكده فى الناس بس لييه، يعني دا الحكام والملوك معيتحكموش فمصاير الناس إكده انتو جنس ملتكم ايه كفره؟ خلصت حديتها 

وأبو دراع رد عليها بشفقه على لمعة القهر اللي لمعت فعيونها:

-والله مااني ولا ليا يد متجمعينيش، اني كل الحكايه اني مش عايز الشر لحد فيكم وبس. 

بسيمه بوجع:

-اللي يحرم اخت من اختها يوبقي اكبر واحد شراني في الدنيا، صوح مش انت اللي حكمت، بس انت اللي عتنفذ وتعين على تنفيذ الحكم، انت يد البطش. 


نفى أبو دراع التهمه عنه قوام:

-له والله ابدا، حد الله بيني وبين الظلم والبطش، اني معحبش اظلم حد واصل، او خليني اقول مبقتش اظلم حد. بس فموضوع شوفتك لاختك ديه اني موافق اكون ظالم بس خلى اختك قاعده فبيت جوزها مستوره. 

بسيمه اتحركت خطوه لورا من قدام ابو دراع، واخيرا دموعها نزلوا، وردت عليه بقهر:

-روحوا ربنا يحرمكم من اعز ماليكم، ربنا يكوي قلوبكم بالفراق ويحرقها بنار الشوق حرق، روحوا الهى ماتفرحوا ولا تدوقوا الفرح، كل اللي ظلم اختي يارب مايدوق الا قهررر.. خلصت كلامها ولفت عشان تمشي مع عزام اللي لقته واقف وراها مباشرة، وهي عتقول:

روحوا يابعدا منكم لله وعدله وجبروته وانتقامه، اللي يظلم واللي يعين منه لرب العالمين. 

قالتها ومشت لكن حس ابو دراع وقفها وهو عيقولها:

-وقفى هوريكي بتها. 

بسيمه لفت بسرعه وهي مامستوعباشي ابو دراع قال ايه لتوه، وسألته بإستغراب:

بت مين؟ 

ابو دراع:

-بت اختك، اصلها ولدت، هما اهلك قالولكش ولا ايه؟ 

بسيمه بحنان ممزوج بشفقه ومحبه:

شام ولدت؟ 

ابو دراع:

-جابت بت حلوه قوي تشبهكم، دقيقه خليكي واقفه إهنه اروح اجيبهالك، لان هي بس اللي مسموحلك بشوفتها. 


خلص كلمته ومستناش رد من بسيمه وراح طوالي عالبيت يجيبلها بت اختها تشوفها وتسد معاها موطرح اختها، وتطمن قلبها، وبالمره تسقط دعوتها عليه اللي خلت قلبه رجف رجف. 


وقف على الباب ونادى على عديله:

ستي عديله، ياستي. 

عديله تاقت من اوضتها وهي شايله بت شام وراحت عليه وردت لما وصلتله:

ايوه ياولدي خير ياحبيبي؟ 

ابو دراع اتلفت حواليه ولما ملقيش شام ميل على سته وهمسلها:

خالة البت بره وعايز اخدها اوريهالها ومينفعش انها هي وشام يشوفوا بعض كيف ماخابره عشان يمين الزففت كرار. 


عديله مدتله البت قوام وقالتله:

طيب خد البت وريهالها وهاتها قوام قبل ماشام تاجي تتفقدها، الا كل هبابه تسيب اللي فيدها وتاجيلها.

ابو دراع اتلافى منيها البت وهزلها دماغه بطاعه، وقوام بالخطوه السريعه راح علي بسيمه، اللي من أول ماشافته جاي وفيده قماشه بيضه ملفوفه فيها حاجه صغنونه قلبها رجف من الفرحه والحنيه عليها 

 واتبسمت أول ماوقف قدامها ومدهالها، فخدتها منيه بلهفه بعد مامسحت دموعها، ورفعتها عليها وشمتها وباستها،

 وبعدها ركزت علي ملامحها وضحكت ضحكه خفيفه وهي شايفه فيها ملامح اختها شام كلها، وضمتها على صدرها وهي عترحب بيها للدنيا وتتمنالها حظ حلوا وايام احلا. 

أما ابو دراع فراح علي عزام وقاله يطلع يستنى بشاير بره البوابه عشان حريم البيت ممكن وحده فيهم تطلع علي غفله، وممنوع اي راجل غريب تتكشف عليه حريم بيت المقاول.

اتردد عزام للحظات، لكنه نفذ الأمر بعد ماشاف بسيمه مرتاحه ومبسوطه ببت اختها، وكمان عرف ان همام مقاعدشي في البيت، فطلع لكنه وقف بره البوابه مباشرة بحيث انه يكون سامع اي حركه واقل صوت. 

ولف ابو دراع عشان يروح لبسيمه مره تانيه، لكنه وقف موطرحه وبرق عنيه وهو واعي شام عتظهر من باب البيت، ومن الواضح انها جايه عشان تشوف اختها، فقوام مسك بسيمه من يدها وجرها على بيته دخلها وقفل عليها الباب بالغلق قبل ماشام تشوفها أو هي تشوف شام،وبسيمه متجرجره ومفاهماشي اي حاجه بس متبته في البت لتقع منيها، وبمجرد ماشام وصلت حداه سألته بلهفه وعتب:

-ليه ياابو دراع عيملت اكده للمره التانيه ليه، ليه تحط بين الحبايب سدود وتمنع التلاقى ليه؟ 

ابو دراع رد عليها بحزم:

-لموصلحتك ياشام، روحي ياخيتي عاودي جوه قبل ماجوزك ياجي ويلاقي اختك في البيت ويعمل نصيبه، روحي ومتخليش يمينه يوقع عليكي خلي بتك تتربى فبيت ابوها. 

ردت عليه شام بوجع:

-فينه بس ابوها ديه فين، ابوها اللي ممعترفش بيها وعيقول عليها بت حرام وحتي مراضيشي يسجلها على إسمه؟ 

رد عليها ابو دراع بشفقه:

-معليهش ديه بس دلوك، لكن بعدين كل الامور هتتحسن وكل شي هيتظبط لحاله وعقله هيعاودله.. ودلوك ادخلي جوه الله يرضى عليكي. 

شام بصتله بوجع وقالتله بحس دايب من الشوق والحنين:

طيب اسلم عليها من ورا الباب واسمع حسها واسمعها حسي، احكي معاها ونطمنوا على بعض من غير شوف كيف ماحكيت مع ابوي وأمي. 

ابو دراع بصلها واتنهد، وسمحلها بهزه من دماغه، لكنه اتأكد في الاول انه قفل باب البيت علي بسيمه بالغلق زين عشان مفيش وحده فيهم تقدر تفتح وتشوف التانيه لو غلبها الشوق، وبعد عنيهم يديهم المساحه الكافيه عشان يتكلموا مع بعض براحتهم. 

شام اول ماابو دراع مشى قربت من الباب وحطت خدها عليه كنها عتحطه علي خد اختها وقالتلها:

كيفك يااختي، كيفك ياحبيبتي اتوحشتك قوي، كيفك يابسيمه طمنيني وقوليلي عمل ايه الزمن فيكي؟ طمنيني عن حالك. 


بسيمه مقدرتش ترد عليها من كتر ماكانت مخنوقه بالدموع، لكن صوت شهقتها رد علي شام لحاله، ومن بعد الشهقه الأولى اتوالت الشهقات وعلي حسها بالبكا، وشام على حس بكاها نزلت دموعها، وبكت هي كمان زيها، وبعد نوبة بكا من التنين اخيراً بسيمه قدرت تنطق وقالت لشام:

-لساكي في الظلم ديه ياخيتي، لساكي تحت رحمة النمرود ديه؟ لساكي عتتحملي جبروته هو وامه، ولميته ياشام هتتحملي، لميته يختي بس لحد ميته؟

ردت عليها شام بوجع:

-لحد مايؤن الاوان وربك يحنن القلوب.. المهم دلوك هملك مني اني، اني عيشتي ورضيت بيها، كل اللي تاعبني دلوك بعدكم عني وشوقي ليكم، بس طمنيني عنك انتي امانه. 

بسيمه بوجع:

-جوزي وقع من فوق النخله واتشل ياشام، اتشل واني بقيت خدامه لواحد مشلول.. ربنا اداه جزاته علي عملته السوده بس اني عدفع معاه التمن ومش عارفه بأي ذنب. 

شام غمضت عيونها بقهره علي حال اختها وحظها اللي بقي انيل من حظها، وهمست بوجع:

-كنها لعنه وصابت بنات عبد الصمد، واتقرن بيهم العذاب والوجع. 

أننت بسيمه بقهر وفي سرها أكدت على كلام أختها، وانها صوح لعنه ونزلت على شام فليله غبره وجابتها للبيت كله. 


دقايق معدوده، وبعدها هديت نيران قلوبهم وخمد الشوق هبابه، وابتدت كل وحده تحكي للتانيه عن اللي عايشاه، وبسيمه طول الوكت تتكلم مع شام وباصه لبتها كانها شايفاها فيها، وبين كل دقيقه والتانيه تحبها وتشمها،

 وابو دراع طول الوكت يتطلع لشام وعايز يقولها كفايه بزياداكم إكده، لكنه شايف ابتسامتها وهي قاعده وسانده ضهرها للباب وعتحكي بدون توقف كيف مايكون لسانها كان مأسور ورا قضبان الصمت واتفك اسره وماصدق لقى حريته واتلاقى مع الحبايب. 

لكنه شاف إن خلاص بكفايه عليهم إكده بدال مافرحتهم ببعض تتقلب لجنازه لو كرار عاود وشاف بسيمه اخت شام في البيت، 

فراح عليهم وهم يقول لشام بذياداكم انتي واختك على اكده، لكن للأسف حصل اللي كان خايف منيه، وبص شاف كرار داخل من بوابة الجنينه كيف الاعصار وعلى وشه غضب الدنيا بعد ماشاف عزام اخو همام على البوابه. 


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف من رواية نفق الجحيم الجزء الثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة