-->

جديدة قلوب حائرة (الجزء الثاني) لروز أمين - الفصل 30 - 2

 

رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة روز أمين
رواية قلوب حائرة
الجزء الثاني



رواية جديدة 

تنشر حصريًا 

على مدونة رواية وحكاية 

قبل أي منصة أخرى


الفصل الثلاثون

الجزء الثاني


العودة للجزء السابق


عودة إلي المشفي

كانت تتسطح فوق التخت داخل الغرفة التي خُصصت للإقامة بداخلها ويبدو علي ملامحا الإرهاق والتألُم،يجلس بالمقعد المجاور لها مُمسكاً بكف يدها وهو يتطلع إليها بقلبٍ مُمزقاً لأجلها وشعوراً بالذنب يجتاح كيانه ويؤرقه،كم كانت روحهُ مهترئةً من وطأة شعورهُ بالذنب الذي بات يُحاصرهُ ويُضيقُ عليه الخِناق


تجاورها علي الجهة الأخري سُهير التي أتت مهرولة هي وسالم بعدما هاتفهُما ياسين وأخبرهما بما حدث إلى مليكة،كانت تبكي بمرارة حُزناً علي ما أصاب إبنتها الغالية واوصلها لإعلانِ الإستسلامِ،نظرت لها بتألُم لأجلها وتحدثت كي تحثها علي التوقُف: 

-كفاية عياط يا ماما،ما أنا كويسة قدامك أهو يا حبيبتي 


شهقت بصوتٍ عالي فهتف سالم مؤنباً زوجتهُ رُغم تمزُق روحهُ لأجل كِلتاهما: 

-خلاص يا سُهير،البنت كدة ممكن تتعب من عمايلك دي


تحامل علي حالهُ وعقب قائلاً بمصادقة علي حديث سالم: 

-عمي سالم عنده حق يا ماما،الدكتورة قالت إن التوتر والزعل هيزود الحالة عندها 


أما ثُريا التي أتت لتطمئن علي غاليتها وجلبت معها الصغار بعدما أصروا علي الحضور والإطمئنان علي والدتهم،وبعدها قام ياسين بإرسال مروان وأنس ويُسرا وراقية بصحبة طارق ووليد،وضل الصغير الجالس علي ساقاي ثريا،فتحدثت:

-خلاص بقي يا سُهير،إدعي لها ربنا يسترها عليها ويتمم لها علي خير 


جففت دموعها وتحدثت من بين شهقاتها: 

-يارب 


وقف سالم وتحدث وهو يحث زوجتهُ علي النهوض وذلك بعدما وجد حيرة بعيناي ياسين وهو ينظر إلي زوجته: 

-تعالي يا سُهير إغسلي وشك في الحمام واشربي لك كباية ليمون في الكافيتريا تروق أعصابك. 


أردفت ثُريا هي الأخري وهي تتأهب للوقوف بعدما علمت مغزي سالم: 

-خدوني معاكم أنا وعز 


خطي سالم إليها وحمل عنها الصغير،هتف الصغير الذي أشار إلي والدته قائلاً بتذمر:

-أنا عاوز أقعد مع مامي


أردف سالم بترغيب:

-هنجيب شيكولاتة وعصير وبعدين نرجع لمامي


وافق الصغير وخرج الجميع واغلقوا خلفهم الباب،ضم كفها بين راحتيه ثم نظر لها بعيناي متأسفة وتحدث بأسي:

-أنا أسف،والله أسف


بتتأسف علي إيه بس يا حبيبي...جُملة نطقتها وهي تشملهُ بعيناها الحنون،أردف قائلاً بخجل:

-أنا السبب في اللي إنتِ فيه،كل الضغوطات والمضايقات اللي إتعرضتي لها ووصلتك للحالة دي بسببي أنا

واسترسل بإبانة:

-الظروف ومرات خالي وداليدا،وكملت بأيسل


أردفت بنبرة صادقة كي تُزيل عنه عاتق ذنبهُ الذي يشعر به ويُطوق روحهُ،وتراهُ يسكُن عيناه ويتملك مُنذُ أن رأته صباحاً بالمقابر:

-أنا مش زعلانة من أيسل واللي قالته يا ياسين،البنت مصدومة من اللي حصل مع مامتها،الله يكون في عونها


ربت علي ساقها بعرفان وقام بتقبيل كفها الرقيق بحِنو ثم تحدث بعيناي متألمة: 

-أنا بحبك قوي يا مليكة

واسترسل بمؤازرة: 

-إجمدي واتحملي علشان خاطر بنتنا 


أومأت له بإبتسامة حانية رغم الألم الذي مازال متواجداً،تحدثت بنبرة حنون عندما رأت الإرهاق يسكُن عيناه:

-قوم يا حبيبي علشان تنام وترتاح،إنتَ ليك يومين مدقتش فيهم طعم النوم وكدة غلط علي صحتك،أنا بقيت كويسة خلاص 


تنهد بألم،كان يُريد أن يشتكي لها مُر زمانهِ وما يؤرق حالهُ،ود لو كانت الظروف مُهيأةً ليرتمي بداخل أحضانها ويُبكي كطفلٍ حتي يرتاح قلبهُ بعدما تغسلهُ الدموع وتُطهرهُ،لكنها الأن ليست بخير،فهي من تحتاج لمن يؤازرها وليس العكس


وضع كفها فوق التخت ثم أراح خدهُ فوق راحة يدها وأخذ نفساً عميقاً مما جعل قلبها يتوجع لأجل تيهتهُ وتمزُق روحهُ الظاهر لها


عاد الجميع بعدما دقوا الباب فاعتدل وبعد قليل تحدثت سُهير: 

-قوم يا أبني خد عز وعمتك وروحوا علشان ترتاحوا،وما تقلقش علي مليكة


أنا هبات هنا معاكم علشان لو إحتجتم لحاجة...نطقها سالم فتحدث ياسين: 

-ما تقلقش يا عمي،دكتور أحمد ومراته موجودين علشان هيتابعوا حالة مليكة،وبعدين لو حصل أي حاجة لا قدر الله إحنا هنا جنبها


واسترسل وهو ينظر إليها بعيناى أسفة: 

-أنا كان نفسي أفضل معاكم هنا،بس مش هينفع أسيب أيسل وحمزة في يوم زي ده لوحدهم 


أومأت بعيناها بتفهُم وتحدثت ثُريا بمصادقة: 

-عين العقل يا ياسين،قوم روح لولادك يا حبيبي وأنا هفضل معاهم


هتفت سُهير بنبرة حاسمة: 

-والله ما فيه حد غيري هيبات معاها،يلا بقي روحوا اليوم كان طويل والكل تعبان ومحتاج يرتاح


بالفعل غادر الجميع كُلٍ علي وجهته وبقيت هي مع إبنتها لتؤازرها 


❈-❈-❈


حمل صغيره ودخل من بوابة الحديقة بعدما أوصل ثُريا لمنزلها وأستأذنها بأن يبيت الصغير مع شقيقاه كي يُزيل ببرائتهُ من همهما ولو قليلاً


وجد عُمر جالساً فوق أحد المقاعد ويبدوا أنهُ ينتظر عودتهُ،هب واقفاً واقترب عليه ثم تحدث بملامح وجه صارمة: 

-أنا عاوز أقابلها


تنهد ياسين وتحدث بنبرة مهمومة: 

-ممنوع يا عمر،دي محجوزة في مبني المخابرات الحربية وبيتحقق معاها في قضية تخابر،صعب لأن القضية تخص أمن الدولة 


القضية إنتِ المسؤول عنها وبتحقق فيها،يعني سهل تخليني أقابلها...هكذا عقب علي حديثه

ملأت الحسرة عيناه وهو ينظر إلي شقيقهُ المغدور فاسترسل الآخر بنبرة حادة:

-إتصرف يا سيادة العميد،أنا لازم أشوفها 


حاضر يا عُمر...نطقها وكاد أن يتحرك بصغيرهُ فتحدث عُمر بجنون: 

-حالاً يا ياسين،عاوز أشوفها حالاً 


باستيلام أردف بإبانة: 

-الساعة داخلة علي واحدة بالليل وأنا مش هعرف أخليك تشوفها حالاً ده أولاً،لأن الأول لازم أخد لك إذن من رئيس الجهاز شخصياً

واستطرد شارحاً: 

-وتاني حاجة أنا لازم أطلع لولادي علشان أكون معاهم،النهاردة أول يوم لدفنة أمهم وأكيد اللي حاسين بيه لا يُمكن يتوصف في كلام،ده غير إن ليا تلات أيام واقف علي رجليا ومدوقتش طعم النوم



وكأنهُ لم يستمع لما قِيل وكأنها ثرثرة لا تُعنيه،ويرجع ذلك لغضبهُ الحاد من ياسين علي عدم إخباره من ذي قَبل وتركهُ لتلك المخادعة لتُكمل خطتها الشيطانية ورسمها العِشق عليه، هز رأسهُ وكاد ياسين أن يربت علي كتفه بمؤازرة فباغتهُ الأخر بإبتعاده الحاد وتحرك سريعاً ليعود إلي مقعده،تنهد ياسين وعذر غضبه وتحرك إلي الداخل حاملاً صغيره الذي ما أن رأي جدهُ عز جالساً بجوار حمزة ومحتضنهُ باحتواء حتي تهلل وجههُ وأشار عليه ويرجع هذا لعدم رؤيته له مُنذُ ما حدث،وهتف قائلاً بحبور:

-جدووووو



وكأن ظهور ذاك المُشاكس أشبه بنِسمة هواء باردة بليلةٍ صيفية إقتحمت قلبهُ الذي أصابهُ الجفاف بفضل ما حدث مؤخراً فأنعشته وأعادت لحياتهُ رونقها،فتح له ذراعيه علي مصرعيهما وتحدث بنبرة حنون وإبتسامة جذابة خرجت بعفوية وبدون إرادة جعلت من يراه يتخيل أنهُ أصبح بأفضل حالاته،يا لهُ من حضورٍ طاغي لذاك المُشاكس الصغير: 

-تعالي يا قلب جدو


وما أن قربه ياسين منه حتي ألقي الصغير حالهُ لداخل أحضان جدهُ وكأنهُ يشعر أنه الملاذ له،إحتضنهُ عز وبات يُزيدهُ من قُبلاته الشغوفة التي تُظهر كَمْ إشتياقه لصغير نجله الذي أتي للحياة كي يُزهر حدائق قلبهُ الخريفية ويُحولها بضحكاتهِ وبرائته إلي ربيعية زاهية،حتي ذاك الحزين المجاور لجدهُ شعر بالراحة لمجرد وصول ذاك الملئ بالطاقة الإيجابية


هتف الصغير معبراً لجدهُ عن مدي إشتياقهُ وحنينهُ إليه: 

-إنتَ وحشت عزو كتير يا جدو،وأنا قُلت لمروان يجيب عزو عندك بس هو مش كان يرضي


مد ياسين يده لنجله ليحثهُ علي الوقوف ثم سحبه لداخل أحضانه وربت علي ظهره ثم سأله بحِنو:

-عامل إيه يا حبيبي؟ 



الحمد لله يا بابا...هكذا أجاب الصغير فسألهُ من جديد عن شقيقتهُ فأخبرهُ بوجودها بغرفتها بصحبة عمتهُ شيرين ومنال فتحدث بنبرة حنون:

-طب إطلع بلغ أختك إننا كلنا هنام في أوضة ماما النهاردة



أومأ له بارتياح لمسامحة ياسين لشقيقته بعدما تجاوزت بحقه وبحق زوجتهُ أمام الجميع،ناول عز الصغير لشقيقه وتحدث:

-خد أخوك معاك وسيبني مع الباشا شوية يا حمزة



صعد الصغير بشقيقهُ ونظر عز إلي نجله ودقق النظر لداخل عيناه ليري ذاك الرجُل الذي أوشكت قواه علي الإنهيار وتحدث وهو يربت علي كف ذاك الذي جاورهُ الجلوس:

-هتعدي يا ياسين،هتعدي يا ابني  



أغمض عيناه وتحدث بإرهاق: 

-لحد الوقت مش مصدق اللي حصل مع ليالي يا باشا،حاسس إني في كابوس وبتمني أفوق منه وألاقيها لسة موجودة وبخير


ثم فتح عيناه وتحدث بعدم إستيعاب: 

-مش قادر أستوعب ولا أتقبل خبر موتها وبالذات بالطريقة البشعة دي


هون علي نفسك يا ياسين...قالها بمؤازرة وأكمل شارحاً: 

-سيلا وحمزة محتاجين لوجودك جنبهم اليومين دول،الولاد موت أمهم كسرهم ولازم إنتَ اللي تقويهم،وكمان مراتك الحامل اللي ملهاش ذنب في كل اللي بيحصل ده 


هز رأسهُ بموافقة فاسترسل بايضاح: 

-بمناسبة سيلا،مش عاوزك تشيل همها،أنا هتكلم معاها وهحاول أفهمها إن اللي عملته ده غلط


واستطرد بتعقُل: 

-بس طبعاً  ماينفعش حالياً،لازم الأول تاخد وقتها الكافي من الحُزن علي أمها وبعدها نقعد ونتكلم لأنها ما بقتش صُغيرة علشان نتجاهل الطريقة العدائية اللي كانت بتتكلم بيها 


أردف بنبرة حزينة وملامح وجه مُنطفأة لأجل ما أصاب قُرة عين أبيها: 

-بجانب الإحتواء والدعم اللي محتجاه أيسل مننا كُلنا،هي للأسف لازم تبتدي في زيارة أخصائي نفسي،لأن البنت بقي عندها إضطراب وعدائية


هز رأسهُ بموافقة وتحدث بطمأنة:

-كل حاجة هتبقي كويسة يا ياسين،خلي عندك يقين بالله،وتيقن إن بعد العُسر يُسر


  

تحدث بنبرة خافتة وعيناي منكسِرة: 

-إدعي لي يا بابا،إدعي لي الفترة دي تعدي علي خير  

أومأ لهُ عز وتحدث وهو يربت علي كتفه بمؤازرة: 

-إن شاء الله هتعدي،قوم إطلع لأولادك وحاول تفصل وتنام شوية علشان تريح عقلك من التفكير 


وافق أباه وصعد للأعلي وجد صغيرهُ يتوسط شقيقاه فوق التخت،وما أن رأت والدها حتي أشاحت عنهُ بناظريها كي لا تري بهما لوماً يؤرق روحها أكثر ويُشعرها بذنب ما حدث مع زوجته وشقيقتها،أشار إلي حمزة فأفسح له المجال ليصعد التخت ويتوسطهما،ثم حمل صغيرهُ فوق ساقاه وجاورهُ حمزة،نظر لها ثم وبدون مقدمات أمسك رأسها وضمها إلي صدره مما جعلها تدخل في حالة من البكاء المرير بعدما شعرت بمسامحتهْ لها،إحتواها بذراعيه وبات يربت علي ظهرها بحنان حتي هدأت روحها وغفت دون إدراكٍ من شدة تعبها،تلاها شقيقاها وخر هو مستسلماً للنوم الذي بات عزيزاً وأصبح بالنسبةِ له كرفاهية وكماليات 

  

❈-❈-❈ 


داخل منزل سراج

كانت تتوسط الأريكة مُمسكة بكف يدها جهاز التحكم عن بُعد الخاص بشاشة التلفاز،تُقلب به بألم يعتصر داخلها وهي تتذكر جلوس زوجها المفضل بذاك المكان وتعلُقهُ الروحي به،باتت تؤنب حالها وتُجلدها علي عدم بصيرتها وإبصارها لمزايا زوجها التي لا تُعد ولا تُحصي والتي لم تتدبرها إلا بعدما رحل وتركهُا لتكتشف كم كان وجودهُ مؤثراً بحياتها،فمنذ رحيلهُ ما عاد لحياتها معني وأنطفئ رونقها،ومازاد من كسر روحها هو وفاة ليالي بتلك الطريقةِ البشعة التي تقشعرُ لها الأبدان


تذكرت ليلة أمس بعدما أتي معها بناءاً علي رغبتها وطلبها،كم كان حنوناً وعطوفاً حينما ضمها إليه وطمأن فزعها وجاورها المببت محتضناً إياها كي يخفف عنها وطأة حُزنها علي فراق صديقتها،لم تدُم راحتها لذهابهُ بعد إنتهاء مراسم العزاء،حين هاتفته لتسأله أين هو ولما تأخر بالعودة،فباغتها بذهابه وبأنهُ لم يصفي لها بعد ولم يُشفي من حديثها المرير والذي أصاب رجولتهُ بمقتل،فتوسلت برجوعهُ فطلب منها إمهالهُ بعض الوقت للملمت شتاتهُ المُبعثر والتأم جروحهُ،وأيضاً لإعطائها هي الأخري بعض الوقت لتتأكد من أن كانت تلك المشاعر وذاك الإحتياج رغبة حقيقية وشعور بالفقد جراء إنسحابهُ من حياتها،أم أنها وليدة اللحظة جراء ما حدث لصديقتها وستزول بزوال صدمتها واستعادت كيانها وكامل وعيها 

    

❈-❈-❈


عند بزوغ الفجر، كان يتوسط أيسل وحمزة الغافيان بقلوب متألمة أما صغيره فيغفو فوق صدرهُ واضعاً كفه الرقيق فوق وجنة والده مما أشعر ياسين بسكينة بعض الشئ،أفتح عيناه بصعوبة عندما إستمع إلي رنين هاتفهُ الذي صدح بالمكان وازعج صغارهُ،رفع رأسهُ للأعلي وأبتسم لا إرادياً حين وجد صغيرهُ غافياُ فوقهُ،نظر إلي أيسل التي تمللت بضيق بعد إستماعها لصوت الهاتف المُزعج،ببطئٍ شديد حمل الصغير ووضعهُ داخل أحضانها وتحدث بوصاية:

-خلي أخوكِ في حُضنك علي ما أرد على الفون وأرجع لكم



أومأت له وضمت شقيقها لحُضنها باحتواء وحنان،وسحب هو جسده وتحرك إلي الشُرفة بعدما وجد إسم عابد،وتحدث بصوتٍ متحشرج نتيجة نومه: 

-اهلاً يا عابد،إيه الأخبار؟ 


عقب عابد قائلاً باعلام: 

-اهلاً بيك يا ياسين باشا،أنا حاولت أجيب التسجيلات زي ما حضرتك أمرت،بس للأسف الشرطة الألمانية محوطة علي الموضوع جامد ومش سامحة لأي جهة تتطلع علي التحقيقات أو أي شئ يخص الحادثة


واستطرد شارحاً: 

-لكن أنا ما أستسلمتش،وقدرت أجيب شوية معلومات عن طريق مصادري الخاصة،وعرفت إن اللي خططوا للجريمة إخترقوا سِستم الكاميرات وحذفوا الوقت اللي تمت فيه الحادثة


واستطرد مُستبشراً:

-بس إطمن جنابك،أنا تابعت الموضوع ودورت وراه لحد ما عرفت إسم الشركة المسؤلة عن تركيب الكاميرات ووضع سيستم المراقبة ومتابعته،وعرفت من حد موثوق إن ممكن الشركة تقدر ترجع المحذوف عن طريق تكنولوجيا خاصة بشغل الشركات دي،ومن حُسن حظنا إن المهندس المسؤول طلع مصري وليه وضعه هناك  


عقب ياسين بنبرة حماسية: 

-حلو قوي الكلام ده يا عابد،يبقي كدة إحنا سكتنا مع المهندس بعيد عن الشركة،سيب لي أنا موضوع المهندس ده وأنا ليا سكتي الخاصة اللي هعرف أوصل بيها لكل اللي أنا عاوزة واخرجه منه



تمام يا باشا،بس ياريت تعامله بالراحة وبحذر،لأن علي حسب ما سمعت عنه إنه جد في شغله وشخصيته قوية وعنيد وكمان ملوش سِكة...هكذا تحدث عابد فعقب ياسين بنبرة صارمة:

-عنيد علي نفسه يا عابد،الأشكال اللي زي دي أنا بعرف أتعامل معاها كويس،المهم تجيب لي عنوان بيته وأنا يومين بالظبط وهكون عندك 



أغلق هاتفهُ ثم رفع رأسهُ للأعلي،بات ينظر لنور الصباح ويتطلع إليه وهو يشق السماء ليخرُج ويُنير الكون بأمرٍ من رب الكون،تنفس وتحدث بنبرة مسموعة:

-يارب هون الصعب



إستدار ليدخل وجد أيسل تقف خلفهُ تتطلع عليه بقلبٍ متألم،ضيق عيناه وسألها مستفسراً:

-سيلا،إيه اللي صحاكي من النوم؟ 


عقبت علي سؤالهُ بسؤال: 

-حضرتك هتسافر ألمانيا؟ 


قطب جبينهُ وقبل أن يُجيب هتفت: 

-أنا سمعت كُل كلامك


تنهد وتحدث بنبرة خافتة:

-الكلام اللي سمعتيه ده ما يطلعش لمخلوق وخصوصاً جدك،المفروض إن رئيس الجهاز سلم ملف القضية لواحد زميلي علشان يجبرني أبعد عن الموضوع وما اتهورش


يعني حضرتك رايح لوحدك؟...هكذا سألته بقلق فأجابها لطمانتها: 

-متقلقيش،أنا عندي رجالتي اللي بتتحرك معايا وبيخدموني بعيد عن أوامر الجهاز


ممكن تخلي بالك علي نفسك...نطقتها بعيناي متوسلة فاومأ لها،فتحدثت من جديد:

-بابي،أنا عاوزة أكمل دراسة السنة دي وأدخل الإمتحان لو حتي هنا في القاهرة زي ما حضرتك قُولت،مش هينفع أضيع تعب سبع شهور دراسة


سيلا...نطقها مُحذراً بعيناي تُطلق شزراً وكأنهُ تحول واسترسل لائماً:

-هو إنتِ مش حاسة بالمصيبة اللي إحنا فيها؟

أنا مفتوح عليا مية جبهة والمفروض إني بحارب فيهم كُلهم وبحارب عدو مجهول بالنسبة لي لحد الوقت،ما تجيش إنتِ في وسط الهم اللي أنا فيه ده كُله وتقولي لي أكمل السنة 

واستطرد لتذكيرها: 

-وياريت ماتنسيش إنك كُنتي هدف للمجرمين دول،يعني لو حتي فكرت فلازم الأول أعين لك حراسة قوية من حَديد النملة ما تقدرس تخترقك من خلالهم،وده محتاج وقت 

واسترسل بإبانة: 

-وأنا للأسف حالياً معنديش رفاهية الوقت


أردفت موضحة: 

-وتعين حراسة جديدة ليه وإيهاب ورجالته موجودين


أجابها باستفاضة: 

-إيهاب ورجالته بيصفوا كّل اللي يخصنا في ألمانيا وبعدها هياخدوا حسابهم ويروحوا لحال سبيلهم  


شعور بالذنب إجتاح داخلها وتحدثت بنبرة متألمة:

-لكن لا إيهاب ولا رجالته ليهم ذنب في اللي حصل،هما عمرهم ما قصروا في حمايتنا،أرجوك بلاش تمشيهم وتظلمهم

واستطردت بدموعٍ وبقلبٍ يتمزق من شدة شعورهُ بالذنب: 

-ما تخلنيش أحس بالذنب ناحيتهم هما كمان،كفاية عليا اللي أنا فيه


بهدوء أجابها: 

-مش هينفع يا سيلا،حتي لو تم خداعهم منكم فهما بالنسبة لي قصروا وكانوا سبب من ضمن الأسباب اللي وصلتنا لنفس النتيجة،

واستطرد موضحاً:

-لأن لو إيهاب شايف شُغله كويس مع رجالته،ما كنش الراجل بتاعه ساب مكان حراسته فاضي مهما كانت الأسباب،إيهاب ورجالته اهملوا في شُغلهم وده اللي مستحيل أسامح فيه 


وضع كفهُ فوق كتفها وتحدث مُترجياً بعيناه: 

-بلاش تضغطي عليا وتحمليني عبئ فوق أعبائي الكتير،إن شاء الله السنة الجاية هتكون الأمور كلها إتحسنت والوضع بقي أفضل من كدة


اومأت لهُ بموافقة مكروهةً وأنسحبا للداخل وعادا كلاهُما للنوم مرةً أخري لشدة إرهاقهما


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة روز أمين من رواية قلوب حائرة (الجزء الثاني) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة