غِنى بيجاد رواية جديدة بقلم سيلا وليد - الفصل 9 - 2
رواية ونوفيلا جديدة بقلم سيلا وليد
تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية
غِنى بيجاد
نوفيلا جديدة بقلم سيلا وليد
في لندن
قبل عدة ساعات كان يجلس امام حاسوبه يعمل عليه اذ قطع تركيزه رنين هاتفه من أحد المكلفين بحماية عز
- سيد عمر لقد حدث شيئا سيئا للغاية
استمع بتركيز إليه
- ماذا صار
- لقد أصيب الباشمهندس عز الألفي بحادث أليم وتم نقله لإحدي المشافي الكبرى
هب سريعا لغرفته يرتدي ملابسه سريعا
- اي مشفي ارسلي اللوكيشن فورا
انهى حديثه وقام الأتصال بريان
- ريان عز الألفي عمل حادثة ولسة معرفش حاجة... اتصل بوالده وعرفه وانا رايح على المستشفى
عودة للحاضر
كان يقف بالخارج ينتظر خروج الأطباء
خرج الأطباء من غرفة العمليات... أسرع إليهما عمر
How is the patient?
كيف حالة المريض
أجابه الطبيب بعملية
Sorry
There was inrernal bleeding
كان يوجد نزيف داخلي
أغمض عيناه ألما على ذاك الشاب الخلوق
ثم أكمل الطبيب
Some fractures to his arms and legs
وبعض الكسور في ذراعيه وساقيه
نظر إليه عمر وتسائل
هل النزيف خطير
Is bleeding serious?
لقد سيطرنا على توقفه
We have got. his stop under control
but ... he'll be under 24 hours probation
سيظل تحت المراقبة لمدة أربعة وعشرين ساعة
شكره عمر وظل جالسا أمام غرفة العناية بإنتظار والده وعمه
وصل جواد وصهيب بعد عدة ساعات
بخطوات سريعة حتى وصلوا إلى عمر
اتجه صهيب بخطوات ثقيلة كحال جسده وتسائل
- ابني فين ياعمر
ضم يديه بين راحتيه وتحدث
- كويس هو في العناية... الدكتور طمنا عليه... إن شاءالله يقوم بالسلامة
اتجه جواد ينظر من خلف زجاج الغرفة بعينان تغشاها الدموع... نظر إليه جسدا بلا روح تغرز به الكثير بالأبر... ناهيك عن جهاز التنفس.. أغمض عيناه وآهة خفيضة خرجت من أعماق صدره
وصل إليه صهيب ونهى التي وقفت كالتائهة المشتتة... شهقة خرجت من جوفها يتبعها عبراتها الغزيرة...
صرخة رجت المكان عندما وجدته بتلك الحالة... ضمها صهيب بأحضانه
اللهم إعتراض على قضائك ياأرحم الراحمين.. الحمد لله على قضائك يارب
وضعت يديها المرتعشة على زجاج النافذة
- ياحبيبي يابني... يارب متحرمنيش منه يارب...
اتجه جواد بنظراته لأخيه الذي يتظاهر بالقوة أمام زوجته ولكن هل يستطيع الأب السيطرة على مشاعره أمام آلام إبنه
❈-❈-❈
بعد عدة ساعات
كان مازال يقف بقلبا حزين ينظر لأبنه بعدما أعطى زوجته حقنة مهدئة بسبب إنهيارها
خطى إلى أن وصل لأخيه يضمه بأحضانه يربت على ظهره
- هيبقى كويس ياحبيبي.. والله هيبقى كويس... قاطعهم وصول ريان ورُبى وجاسر
وصل جاسر حيث وقوف والده
- مقدرناش عليها يابابا... ماما سمحتلها وهي قعدت مع جنى وفارس... عمو ريان وعمو حازم وجواد قابلونا في المطار
اومأ برأسه متجها لأبنته التي تبكي بأحضان صهيب
أقترب منهما
- حبيبتي.. بابا ليه كدا ياروبي ينفع نتعب عمو أكتر ماهو تعبان
نظر إليه صهيب جاذبها ومتجها بها لغرفة العناية
- سبها ياجواد مع عمها... أحنا هندخل نشوفه... الدكتور سمحلنا
دلف صهيب أولاً ثم دلفت بعده
بخطى متعثرة وقلبا يأن حزنا على حبيب قلبها... خطت بساقين كالهلام... وصلت إليه
تستند على فراشه تحاول التنفس بسبب مارأت من حالته... شعرت بنغزة قوية بمنتصف قلبها
جلست بجواره ودموعها تتساقط كالشلال
ضمت يديه السليمة بين راحتيها مقبلة إياها
ثم رفعت يديها على خصلاته وشهقاتها تتزايد
كانا يقفا خلف زجاج النافذة ينظر كليهما إليها... نظر إليها بقلبا دامي من حزنه على عشق من ليس له.. كانت عيناه الصقرية تتفحصها اعتصر قلبه عندما وجدها قريبة منه تناظره بعشق وتقبل جبينه... شعر بتجمد الدماء بعروقه وأنفاسه الملتهبة تشعل الذي يقف بالقرب منه.. أغمض عيناه يحاول السيطرة على نفسه... ويحدث حاله
- إهدى ياجواد مهما كان دا ابن خالك وصاحب عمرك.. وهي الرقيقة لقلبك المتعطش لنظرة رأفة بعيناه
ظل على هذه الحالة إلى أن شعر بيد خاله على ظهره
- حبيبي عامل إيه
اتجه بنظره لخاله محاولا الحديث الذي بدأ يهرب منه
- كويس ياخالو.. تسلملي ياحبيبي
ثم اتجه يبحث بعيناه على صهيب
- خالو صهيب راح فين؟
تنهد جواد متجها بنظره لإبنته مرة وإليه مرة وأجابه
- راح يطمن على نهى
ثم رجع ينظر لأبنته بقلب مفطور
نزلت بجسدها تهمس له
- عز افتح عيونك... رُبى هِنا.. ينفع تسبني زعلانة دا كله... ظلت تهمس مع دموعها التي تسابق كلاماتها
- عايزة أقولك كل كلامي كدب والله كدب افتح عيونك واخليك تصالحني كمان... إبتسمت من بين بكائها
- أيوة أنا زعلانة منك أوي وعايزاك تصالحني... دلفت الممرضة تتحدث إليها
- لقد انقضى الوقت آنستي
أومأت راسها ونهضت تقبّل جبينه الملفوف بضمادة وأردفت له بهمسها
- بحبك ياعزي... إبتمست عندما أردفت له بعض الكلمات ثم خرجت بهدوء
كان صهيب يجلس واضعا رأسه بين يديه ويدعو ربه تضّرعا ليشفي إبنه
جلس حازم بجواره
- سلامته ياصهيب... يارب متشفش حاجة وحشة فيه... ويحفظهولك وإن شاء الله يقوم بالسلامة
اللهم آمين يارب العالمين
رفع نظره لرُبى التي تجلس بأحضان والدها
- متزعلش من جواد ياحازم هو مالوش دخل باللي حصل
ربت حازم على يديه
- مش زعلان من حد صدقني متنساش إحنا اخوات في الأول والأخر
هز صهيب رأسه ناظر بمقلتيه
- أتمنى كدا ياحازم.. أتمنى.. وأهو شوفت إبني بين الحيا والموت
قاطعه حازم
- إياك تقول كدا... عز هيقوم بالسلامة وهتفرح بيه صدّقني... ربنا مايحرمك منه ياحبيبي
وصل جواد حازم إليهما
- سلامة عز ياعمو صهيب... إن شاء الله يقوم بالسلامة
ابتسم ابتسامة بسيطة
- ربنا مايحرمكم من بعض ياحبيبي وتكونوا دايما سندا لبعض
اتجه بنظره مرة اخرى لرُبى
- قلوبنا مش بإيدينا ياجواد.. ربنا يكملك بعقلك ياحبيبي
بعد عدة ساعات والجميع بالترقب
نهض ريان وتحدث لصهيب
- الطيارة جاهزة ياصهيب... هتنقله مصر
أجاب الطبيب المصري
- نقله خطر ياريان بلاش..
بعد مرور شهرين بالقاهرة
صباحا إستيقظ على ألما شديد بأعضاء جسده... حاول الإعتدال لأخذ بعض الأدوية
ولكنه لم يستطع
دلفت إليه نهى
- حبيبي محتاج إيه...
تبسم لها محاولا السيطرة على آلامه
- مفيش كنت محتاج آخد الدوا بس
دلفت غزل وهي تلقي تحية الصباح
- صباح الخير ياعزو باشا... عامل إيه النهاردة يابطل
رفع حاجبه وتحدث
- إيه يادكتورة محسساني إني طفل صغير وهدخل أخد حقنة
طبعت نهى قبلة على رأسه
- هتفضل بالنسبالي طفلي المدلل ياعزو
قبّل يديها
- ربنا يخليكي ليا ياست الكل
رفع نظره لغزل التي تقوم بإحضار حقنته
- أنطي غزل
اتجهت بنظرها وكأنها تعلم بما سيحدثها
وزعت نهى نظراتها بينهما وأردفت
- هروح أجهزلك الفطار ياحبيبي
هز رأسه بايماءة بسيطة
إتجهت غزل تجلس بجواره تمسك بذراعيه لتقوم بحقنه ثم أردفت بإبتسامة
- ربى في الجامعة ومش هتسأل بلسانها ياريت تريح نفسك.. دنت تنظر داخل مقلتيه
- كأني بشوف صهيب قدامي من خمسة وعشرين سنة
دلف يقهقه عليها
- شامم ريحة حد جايب في سيرتي
وقفت تنظر إليه وترفع حاجبها بسخرية
- شوف إزاي وأنا الغبية اللي كنت مفكرة إننا بنسمع الكلام مش بنشمه
ضحك بضحكات صاخبة وأردف من بين ضحكاته
- والله زي ماإنتِ يازوزو مش عايزة تكبري خالص
سيبي عز يفطر وتعالي نقعد نشرب قهوتنا زي زمان
هزت رأسها بإيماءة بسيطة تحاول ألا تذرف دموعها... فحديث صهيب شعر بها غير زوجها الذي تغير كليا في تلك الفترة
اتجه لحديقة المنزل
- مالك في إيه... شايفك واخدة أجازة من المستشفى
اتجهت بنظرها لنهى التي تأتي بقهوتهما ثم أجابته
- مفيش شوية إرهاق وكمان رُبى وإمتحاناتها وياسين اللي دايما غايب على طول
وضع يديه على المنضدة ينظر لمقلتيها
- وجواد وسفرياته اللي بقت بتخنقك مش كدا
زفرت الهواء ثم اتجهت بنظرها وتسائلت مع وصول نهى إليهما
- جواد مخبي عليا إيه ياصهيب
ضيقت نهى عيناها تنظر إليه
- وصهيب هيخبي عليكي إيه ياغزل
هبت واقفة من مكانها
- عندك حق يانهى إذا كان جوزي نفسه مخبي عليا حوزك هيقولي... قالتها ثم تحركت مغادرة
مسح على وجهه بغضب محاولا أن يجد حلا فمنذ أن رأى غِنى بدأ الشك يتغلل داخله
ربتت نهى على يديه
- صهيب ايه اللي بيحصل... وجواد ماله أنا حاسة إنه متغير فعلا... يعنى حتى إجتماعتنا يوم الجمعة معدش بيحضرها وكمان سفرياته الكتيرة مع إنه أجازة
نهض صهيب من مكانه
- روحي شوفي عز نام ولا لسة... وكلمي الدكتور علشان العلاج الطبيعي.. وبلاش نتكلم في حاجات مع غزل منعرفهاش يانهى تمام... أنا هخرج عندي إجتماع.. من ساعة سفر سيف وحازم وظهور غِنى وكل حاجة بقت فوق دماغي
وقف بمقابلته
- ظهور غِنى مين ياصهيب
- أووووه يانهى اتلخبط ياستي قصدي ربى اللي حالها اتغير كليا من ساعة ماعز رجع لصحته... كنت فرحت برجوعهم لبعض وشوفي حالة إبنك كل ماحد يدخل عليه يفكره هي
بالجامعة الامريكية
تجلس بالكافيه تنظر لكوبها وتتلاعب به ونظرات شاردة... قاطعتها صديقتها
- وبعدهالك ياغِنى هتفضلي كدا
رفعت نظرها إليها وأردفت
- يُمنى أنا بحب واحد وبحبه قوي ومش شايفة حياتي مع حد غيره
ضيقت يُمنى عيناها وتسائلت
- وايه يعني ياحبي... إنتِ مش صغيرة دا انتِ عديتي العشرين يخربيت برودك... دا اللي زينا عندهم عيال
قالتها بطريقة فكاهية ولكن ظلت غنى كما هي
دنت منها يُمنى وتسائلت
- إوعي يكون الولد ابو عيون عسلي الحليوة دا يخربيت جماله... ولا إسمه تحسيه ملك كدا
انسدلت دمعة غائرة من عيناها وأردفت
- ياريت يايُمنى ياريت كنت بحب بيجاد مكنتش هتعذب كدا
توسعت عيني يمنى وتسائلت
- قصدك إيه إوعي ياغنى يكون اللي في بالي اللي كل شوية تروحيله مكتبه لحد مالراجل زهق منك ومعدش بيروح
تفاجئت "يمنى" ببكائها فجأة واضعة يديها على وجهها
- غصب عني والله غصب عني... هموت واشوفه يايمنى حتى لو من بعيد
شهقت يمنى شهقة محملة بالوجع على صديقة عمرها.. حاولت السيطرة قدر المستطاع على نفسها بعد سماع حديثها المهلك لها
ألقت غِنى نفسها بأحضانها
- بحبه أوي يايمنى أوي فوق ماتتخيلي... حبه حاجة خاصة كدا.. متعرفيش إيه دا إحساس يخليكي ملكة وإنتِ في أحضانه
خرجت تبتسم من بين بكائها
- تعرفي حسيت بإيه.. هزت رأسها
- مش عارفة أوصفلك شعوري يايمنى
ربتت على يديها
- يعني ياغنى من كل الولاد والرجالة اللي قابلوكي دول متلقيش غير الراجل المتجوز اللي بيعشق مراته على حسب الأحاديث اللي حكتيها... غير ولاده ولا بيجاد اللي بأكدلك انه بيحبك
هنا ذهبت بذاكرتها منذ اسبوع
خرجت من الجامعة وجدت بيجاد ينظر لها بغضب... ثم فجأة جذبها بقوة متجها بها إلى سيارته
دفعته بقوة
- إيه ساحب جاموسة ماتهدى شوية
قبض على مرفقيها مرة أخرى بكفه ليلوي ذراعها خلفها وهمس بجانب اذنيها
- تقربي تاني من جواد الألفي دون علمي هوريكي جهنم سمعتيني ياغنى... متخلنيش أندم على اليوم اللي خلاني أدور وراكي.. اصبري شهر واحد بس، خلي عقلك الجذمة دا يشتغل بحاجات تانية بلاش شغل الهبل والصور اللي كل شوية تبعتيها له تمام
ثم دفعها بقوة بعيدا عنه... وبدون حديث آخر تحرك يستقل سيارته بسرعة جنونية كلما تذكرت ذاك اليوم الذي أخرجته عن شعوره
- دنت منه... وتحدثت بقوة تنظر داخل مقلتيه
- أيوة بحبه يابيجاد وهتجوزه كمان.. وشوف غِنى هتعمل إيه علشان توصل لحبيبها
صفعها بيجاد بقوة على وجهها وتحدث بغضب صارخ وهو يرجع خصلاته كانه يقتلعها
- إنتِ مجنونة اكيد مجنونة... قبض على يديه بقوة رافعها أمام نظرها
- مفيش واحدة عاقلة وبنت ناس تعمل اللي بتعمليه دا
دفعته كقطة شرسة واهردفت بقوة
- مالكش دعوة بيا أعمل اللي اعمله إنت مالك إنت... قالتها وهي تلكمه بصدره
خرجت من شرودها على حديث صديقتها
- وبعدهالك هتفضلي كدا كتير... متعودتش منك على كدا... ثم افتكرت شيئا
- طيب تعالي نروح نعاند في بيجاد شوية والله الولد دا وحشني
أعتصرت عيناها ألما فقد أشتاقت له هو كذلك لا تعلم ماهية شعورها اتجاهه.. تحتاجه بقربها فقط... أغمضت عيناها تتنفس بهدوء لعل تجد حلا لشعورها المشتت
مساء بفيلا الألفي
جلس بعد جلسة العلاج الطبيعي.. يعمل على جهازه... إستمع طرقات على باب غرفته
رفع نظره للطارق وجد جواد حازم يدلف إليه مبتسما
- ممكن ادخل ولا مشغول
رفع يديه وهز رأسه بإيماءة بسيطة
- تعالى ياحبيبي... لا فاضي حبيت اشغل نفسي شوية
ضمه بحب وتحدث
- حمدالله على سلامتك.. وصلت إمتى
وضع سلاحه الخاص على المنضدة بجواره
نظر عز إليه وتحدث بشقاوة:
- والله ماعايز أموت دلوقتي.. ممكن نتفق
قهقه عليه جواد وهو يتحدث بسعادة إليه
- يابني أكبر يخربيتك...دا لو حرامي ثبتك هيموتك... دا إنت اللي زيك مابيمشيش غير سلاح
هز رأسه رافضا الفكرة تماما
- لا ولا عمري أفڰر أبداً
ظلا يتحادثان لفترة ثم قاطع مزاحهما جواد:
- هتسافر تاني ولا كدا خلاص
أخذ جرعة كبيرة من الهواء يعبأ بها رئتيه ثم زفرها
- بابا وماما رافضين خالص ياجواد.. غير مشاغله الكتيرة هنا بعدو ماأسسوا شركة في فرنسا. .. وباباك استقر هناك زي ماإنت عارف
أومأ جواد رأسه بتفهم ثم تحدث
- لسة إنت وربى مبتكلموش بعض
❈-❈-❈
بفيلا جواد الألفي
جالسا بالحديقة رافعا رأسه للسماء وهو مغمض عيناه يتذكر تلك الأيام التي مرت عليه منذ صغره لليوم... مر وقتا ليس بالقليل وهو على تلك الحالة... كانت تجلس بالشرفة تنظر له من حين لآخر... تقسم بداخلها أنه هناك مايؤلم روحه
زفرت بحزنا ثم اتجهت إليه
ذهب بشروده لتلك الليلة التي قلبت حياته
فلاش باك
جالسا بمكتبه دلف إليه المسؤل عن مكتبه
- فيه آنسة برة عايزة تقابل حضرتك
دلفت بعد لحظات ودموعها تنسدل بقوة على وجنتيها ويسرع خلفها بيجاد يجذبها بغضب... نهض سريعا ونيران قلبه تتآكل داخليا من دموعها الذي شعرته بالعجز عندما أحس بها
اتجه ينظر لبيجاد بغضب
- مالك ومالها؟
وقفت بمقابلته وأمسكت يديه تنظر داخل مقلتيه
- قوله مالوش دعوة بيّا... أنا معرفوش علشان يتحكم فيّا كدا... لحد دلوقتي مقولتش لبابا حاجة... ثم أشارت عليه بغضب
- لأخر مرة بحذره والله ممكن ادخله السجن وهو عارف دا كويس
أزال دموعها بحنان أبوي
- طيب ممكن تحكيلي أيه اللي حصل خلاكي زعلانة أوي كدا
لمساته التي لمست خديها جعل قلبها يدق بصخب عندها تذكرت حديثها مع والدها
- بابا فيه موضوع مضايقني ومحتاجة اتكلم معاك شوية
كان يعمل على جهازه يبدو إنه يشاهد إحدى العمليات... تحدث ومازال مدقق النظر لجهازه
- بعدين ياغِنى هشوف وقت فاضي ونتكلم
ظلت لدقائق وحزن قلبها يدميها وجعا عندما لم يهتم حتى ويرفع نظراته إليها
خرجت من شرودها عندما سحبها جواد من يديها ونظر لبيجاد وتحدث
- تعالي يابيجاد
جلسوا لبعض الدقائق دون حديث قاطعه هو عندما تحدث
- ممكن تحكيلي يابابا إيه اللي حصل من الولد دا... ووعد مني لو غلطان لاجبلك حقك
هبت واقفة وصاحت بصوتا باكي
- متقولش بس يابابا دي متحسسنيش إنك بابايا
هنا أغمض بيجاد حزنه عندما نظر لجواد الذي ارتجفت شفتيه وهو يحاول الرد عليها ولكنه عجز عن الحديث
نهض واقفا وتحدث
- آسف ياعمو... شكل غِنى أعصابها تعبانة ومحتاجة تروح ترتاح مش كدا... قالها وهو يجذبها بقوة إليه
دفعته ونظرت لجواد وتحدثت بما شق قلبه لنصفين
- مستحيل في يوم تكون زي ابوي لسبب بسيط إن حبيتك...
انسدلت دموعها بغزارة وهي تكمل حديثها المدمي لقلوبهم جميعا
- مش ذنبي إني حبيتك ومش ذنب قلبي يدقلك إنت دون عن الكل... لو فيه يوم عدى عليا من غير مأشوفك بتجنن.. ولو مش واخد بالك من كدا يبقى بتستهبل.. أما لو واخد بالك وبتستعبطني يبقى ربنا يوجع قلبك زي ماإنت واجع قلبي
كان يقف على الباب وكأن صاعقة تضربه بقوة من هيئتها ونظراتها لأخيها... مسح على وجهه يحاول أن يقنع نفسه أن تلك التي تقف أمامه ليست غزل بصغرها
رفع بيجاد نظره لصهيب الذي وصل للتو واقفا وعيناه تستقر على ملامحها كأنه رسام...
إرتجف جواد قلبه لدى سماعه لكلماتها التي احرقته بالكامل... عندما أغرقته كلاماتها في العذاب اكثر وأكثر
أمتقع لونه بشده عندما شعر بإنسحاب الدماء من اوردته... رفع نظره لبيجاد بنظرات متسائلة
- ماذا تقول هذه؟
رفعت يديه إلى نبضها وتحدثت
- هو مالوش ذنب... الذنب عندي في دا... قوله يبطل يفكر فيك... قوله أزاي اكون طبيعية لو عدى يوم من غير ماأشوفك.. ليه الكل بيلومني
ثم اتجهت نظراتها لبيجاد بغضب
- مين اداله الحق يضربني علشان قولتله إني بحبك... طيب أنا عارفة هو بيلف على إيه بس بقولها قدامه أهو لو آخر راجل يابيجاد يامنشاوي مستحيل أفكر فيك
مش بيقولوا الخداع مباح في الحب والحرب
- طيب أنا خدعتك علشان اقربله هو مش إنت ابدا...
قاطع ذكرياته عندما وصلت غزل تجلس بجواره على المقعد وتضع رأسها على صدرها
- جود حبيبي وحشتني.. إنت كنت بتقول هنسافر يومين بعد ماعز يخف وعز اهو الحمد لله خف
ضمها بقوة لأحضانه كأنه كان يحتاج إليها.. ثم حملها متجها لغرفتهما عله يخرج من شعوره المميت الذي يحرقه يوما بعد يوم
بفيلا ريان المنشاوي
وقف أمامه يتحدث بعصبية
- قولي أنك مش ناوي تموتني... عايز أعرف إنت عايز توصل لإيه بالضبط
كان يجلس بهدوء يطالع والده وتحدث كحالته
- تمام يابابا... حضرتك عايز تعرفني إني غلط وانتوا الصح... طيب فيه حاجة إسمها تحليل DNA دا على مااعتقد خيريّحنا كلنا
أرجع ريان شعره للخلف وهو يكاد يشعر بالجنون
- إنت مجنون ياله...بقولك أنا كنت مع جواد في الحفلة وسأله قدامي أنا فاكر كويس مش معنى البنت شبه مراته يبقى بنته
نهض بيجاد وهو يضع يديه بجيب بنطاله
- والله يادادي العظيم لو قولتلي أيه مفيش حاجة هتريحني غير التحليل هو دا اللي يريحني
اتجه ريان لابنه ينظر إليه بغضب مما جعل الدماء تندفع الى راسه وغلى صدره وصرخ به
- تتحمل حد يجي يوقف قدامي ويقولي عايز أعمل تحليل لياسمينا اصلي شاكك إنها بنتي
دنى من والده وتحدث بهدوء مميت لوالده
- متربطش الاحداث ببعضها ياحضرة الدكتور... بنتك متخطفتش بنتك ومالهاش شبيه غير... صرخ ريان بوجه ورفع يديه لكي يصفعه لولا صراخ نغم التي وصلت على صوتهما المرتفع
- ريان فيه أيه..؟
- ممكن تهدى العصبية مش هتعمل حاجة
أغمض عيناه قهرا... لأول مرة يرفع يداه على أحد من أبنائه
جلس واضعا رأسه بين يديه وهو يحاول اخذ انفاسه بهدوء
- قولي لأبنك يانغم إننا سألنا الراجل يوم الحفله... عرّفيه إن كلنا كنا بنستجوبه كأنه متهم والراجل ياحرام كان هيروح فيها
تذكرت نغم تلك الحفلة التي أقاموها في المستشفى الخيري لبناء عدة مبان جديدة ملتحقة بها لعلاج إمراض اخرى
وقف جواد يحاوط غزل من خصرها فجأة لفت نظره للتي تشير إليه من بعيد
نظر إليها وتحدث أمام ريان ونغم وصهيب ونهى
- هعرفكم على بنت الدكتور طارق.. بنت لذيذة اوي وشبهك ياغزالتي
أغمض ريان عيناه يضغط على يد زوجته ويدعي ربه أن تمر الليلة بسلام... ولكنه تسائل فيما بينه بصوت خفيض سمعته زوجته
- ياترى ياجواد إنت عندك شك في البنت بعد ماشوفتها ولا لا
نظر ريان لغنى التي كانت بمقابلة وجهه ونظر لغزل... استدار ينظر لزوجته بإندهاش بمعنى أيعقل هذا... ولكنه رفع نظره إليها مرة اخرى وجدها اختفت
وصل الدكتور طارق وزوجته إليهما
- بعد فترة من الحديث... فجأة نظر ريان لطارق وأردف متسائلا
- بنتك حلوة أوي ياطارق... تخبي الجمال دا كله عننا يآخي وإحنا عندنا رجالة ماشاء الله كلهم عايزين عرايس
❈-❈-❈
ضحكت غزل على حديث ريان
- وياترى شفتها فين ياباشمهندس وعجبتك من غير حتى الولاد
ابتسمت نغم واكملت حديثها
- والله نفسي اجوز بيجاد أوي وعرفنا إنهم عارفين بعض
اتجه جواد بنظره وتسائل
- هي مولودة هنا ولا في تركيا
أجابته تهاني سريعا
- بتركيا... وتعبت جدا في ولادتها حتى بعدها حصل نزيف وشلت الرحم وللأسف اتحرمت من الولاد... ومعنديش غيرها
ظل ينظر إليها واكمل أسئلته
- انتوا مسافرين بقالكم كام سنة
أجابه طارق بهدوء
- سبعة وعشرين سنة.. بعد ماغزل خلصت الجامعة على طول... بس قعدنا هناك حوالي تلات سنين من غير ولاد لحد ماربنا أراد
قاطعه ريان وتسائل
- وهي عندها أد إيه دلوقتى... ثم ابتسم وأكمل
- نشوف عروستنا الأمورة تنفع لمين في الولاد
أنا عندي بيجاد... وجواد عنده جاسر... وكمان صهيب عنده عز
قاطعتهم تهاني سريعا
- لا هي مبتفكرش في الجواز
- بس هي معجبة ببيجاد قالها جواد بغموض... بينما أكمل صهيب صاعقته وأردف ماجعل الدماء تنسحب من وجه تهاني
- بس أنا شايفها لجاسر أحسن واحد... دا حتى فيهم شبه من بعض
-" مستحيل " قالتها تهاني سريعا دون تفكير
ضيق عيناه وتسائل
- ليه يادكتورة مستحيل... مش يمكن جيّتكم مصر علشان تناسبوا عيلة الألفي
فهم كلا من جواد وريان لعبة صهيب
فابتسم جواد وأردف
- صراحة البنت عجباني ولو عجبت جاسر يبقى على بركة الله
هزت رأسها برفض تنظر لزوجها
- والله ياجماعة كلامكم زادني شرف... لكن غنى مابتفكرش في الجواز... ولو بتفكر مستحيل تتجوز ظابط... مبتحبهمش ابدا... قالتها تنظر لجواد
- آسفة ياحضرة اللوا بس دا اللي بتفكر فيه بنات الجيل دا... بيقولوا عليهم خنقة
ضغط صهيب بالحديث فمنذ حديث جواد عنها قُبيل أن يراها بيومين.. فحيث كانت الحفل قبل إعترافها بحبها لأبيها
رفع صهيب نظره لتهاني
- خلاص خلينا نقعدهم مع بعض ونشوف
أومأ طارق برأسه يتحدث لزوجته
- خلاص ياتهاني مايمكن غِنى تحب جاسر ونكوّن علاقة أعمق مع حضرة اللوا
- تمام ياطارق بدل إنت شايف كدا يبقى خلاص بنتك عندك
نظرت غزل للجميع وتحدثت بصوت مرتعش لأول مرة منذ بداية الحديث
- هي بنت حضرتك إسمها غنى يادكتور
خرجت نغم من ذكرياتها وهي تنظر لبيجاد
- يعني لو زي ماإنت بتقول إن غِنى بنت جواد كانوا فضلوا رافضين...وكمان اتفقوا على ميعاد...إيه رأيك...ياريت يابيحاد تقفل الكلام عن الموضوع دا... وبعدين ابوها وعمها شافوها لو فعلا شاكين مش هيسكتوا
خرج ريان عن صمت دام لبعض الدقائق
- عملت إيه في فرنسا... وصلت لعنوان الست اللي يوسف قالك عليها
جلس بيجاد يمسح على وجهه
- قابلتها وعملت زي ماحضرتك طلبت
أومأ برأسه عدة مرات وتحدث
- هتسافر مع جواد بكرة فرنسا بدل عايز تتأكد البنت دي غنى ولا لا... الست دي اللي شاكين إنها خطفتها
ذُهل بيجاد من حديث والده... تسائل
- بتقول إيه حضرتك
وقف ريان ودنى منه وتحدث
مش حضرتك روحت رميت القنبلة بوش جواد... خلينا كلنا وراك لحد مانغرق
تذكر بيجاد حديثه لجواد منذ أسبوع
بقسم الشرطة
دلف بيجاد إلى مكتبه
- أنا جيت ياحضرة اللوا... عامل إيه
نهض يفتح ذراعيه
- اهلا بكبتنا الحبيب... عامل إيه يالا وحشني
رفع حاجبه وتحدث بسخرية
- شوف إزاي وأنا اللي كنت ظالمك
لكمه جواد بضحكاته
-بقولك ايه يابيجاد ماتاخدني معاك سفرية
من سفرياتك الحلوة دي
مط شفتيه وهو يرمقه بنظرات تفحصية ثم أردف متسائلا
- شوفت المُزة بتاعتي الأسبوع دا ولا لا
تهرب جواد من نظراته... ونهض يبحث بتصنع عن بعض الملفات
إتجه بيجاد للنافذة
- مقولتش رأيك فيها ياعمو جواد
جلس يتنهد محاولا أخذ نفسا عميق
اتجه بيجاد وجلس بمقابلته
- مردتش على سؤالي إيه رأيك فيها
ظل ينظر له بهدوء ثم وضع يديه على مكتبه مقتربا منه
- بتلف على مين يابيحاد... عايز توصل لإيه... وليه عرفتني عليها... وبعد كدا حاولت تتقرب مني وفجاة اختفت من غير أسباب
استند بظهره على المقعد عاقدا ذراعيه أمامه
- مش فاهم حضرتك ياريت توضحلي
نهض من مكانه متجها إليه ثم جلس بمقابلته
- عايز توصل لإيه يابيجاد سؤال عايز إجابته من غير لف ودوران
بدون مقدمات ألقى قنبلته
- عايز اتأكد انها بنتك
اتسعت عيناه وهزة أصابت جسده بالكامل حتى شعر بعدم اتزانه... فجلس أمامه ودقات قلبه بالأرتفاع وبلسان ثقيل وشفتين مرتعشتين
- أنت بتقول أيه يابني... شكل السفر مأثر على دماغك
هب واقفا وصاح بصوته
- بقولك ياعمو أنا مش هعمل زي ماابويا قال وادفن راسي في التراب كالنعامة... علشان مفيش دليل...
اقترب من وجهه وأردف بقوة
- البنت دي غنى بنتك... عايز تصدق صدق مش عايز براحتك... أنا متأكد
للحظة نظر له جواد كالمشتت وشعر تعطل جميع اجهزة جسده وتجمد الدم بعروقه وجحظ بمقلتين ينظر إليه بتيه
- مستحيل... آه مستحيل
جلس بيجاد بجواره وتحدث مقنعا إياه
- شعور غنى اتجاهك دا شعور أبوي... وحضرتك شوفت إنهيارها لما كانت بتتكلم عن باباها... لو سمحت ياعمو أنا مش طالب منك غير إنك تعمل تحليل وبس
أنا كنت شاكك بس دلوقتي متأكد حتى عمو صهيب كمان بدأ يشك
خرج من شروده عندما تحدث إليه ريان
- الست اللي قابلتها أنت ويوسف دي بنت عمة جواد ووالدتها معاها... وطبعا الباقي إنت عارفه... بكرة هتسافر معاه... أنا بعتك علشان تقدر تسيطر عليه... ويوسف مش هيسبكم كمان... ثم أشار بسبابته
- بلاش تهور يابيجاد... علشان نتأكد البنت دي غنى ولا لأ بلاش تهور منك ومن جواد... لو عمر موجود كنت بعته... بس طبعا مش هجيب اخوك من شهر العسل علشان كدا
بفيلا الألفي
يغط بنوما عميق.. شعر بأحدهما يمسد على خصلاته ويهمس لها بإذنيه
- وحشتني ياعزي... وحشتني عينك وهي بتبصلي... ثم لمست شفتيه
وحشني شفايفك وهي بتناديلي بروبي..
فتح عيناه وجدها قريباة جدا منه.
يتبع...