غِنى بيجاد رواية جديدة بقلم سيلا وليد - الفصل 9
رواية ونوفيلا جديدة بقلم سيلا وليد
تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية
غِنى بيجاد
نوفيلا جديدة بقلم سيلا وليد
كل ما بداخلي تحطّم وتبعثر، أصبحت أشلاء تناثرت فوق صفحات البحر، ربما الخوف من المجهول يسكنني، وتلك الدمعات تأسرني، ولكنّي فقدت إحساسي بالأمان وثقتي بالأزمان.
كان متجها للخارج للمغادرة من عمله... فجأة تيبست قدمه عندما رأها تسرع إليه
ثم وقفت أمامه للحظات تنظر إليه
وقف أمامها وجها لوجه فتجمد الاثنان للحظات هو بإضطراب مشاعره وهي باشتياقها الذي لم تعرف ماهيته
دنت منه بإشتياق حبيبة ولم يدع التفكير لدى عقلها إذ ألقت نفسها بأحضانه... لا تعلم لماذا فعلت ذلك ولكن هذا ما هيأ لها قلبها
-
وقف كالآلي لم يشعر بما حوله سوى تلك النبضات الهادرة من قفصه الصدري
أغمض عيناه محاولا أخذ أنفاسا... ولكنه شعر بإنسحاب الهواء من حوله وتيبس جسده....
ياالله.. ماهذا الشعور القاسي الذي أشعر لقد انقبضت ضلوعي بقوة معتصرة قلبي دون رحمة
حمحم حتى يخرج حاله من ذاك الموقف الذي لا يعلم ماهو هويته
خرجت من حضنه وهي تبتسم كأنها لا تفعل شيئا
- وحشتني جدا على فكرة وسألت بابا عليك قالي حضرتك مشغول وطبعا كالعادة بابا وسفرياته فمعرفتش أوصلك إلا مع هذا الكائن...
قالتها وهي تشير باستخفاف لبيحاد الذي وقف عاقدا ذراعيه مستندا على الجدار... ينظر بغموض لكليهما
كان لحديثها وقع خاص على قلبه الذي جعله غير قادر على التفوه فاكتفى بإيماءة بسيطة من راسه
اتجه بنظره لبيجاد ولكن كأن لسانه لم يعرف النطق وحروفه هربت من النطق
شعر بيجاد بتخبطه... إتجه إليه واقفا أمامه
- أنا معرفش حضرتك إتعرفت عليها إمتى.. بس لقيتها النهاردة بتقولي عايزة تقابلك... أصلها شافتنا مع بعض في البيدج
أومأ برأسه عندما وصل لحالة عدم السيطرة في مشاعره المتخبطة
جذبته من ذراعيه وهي تردف بسعادة
- سيبك منه... رغاي أوي... كنت طالبة من حضرتك خدمة
أشار إليهما بالتقدم لمكتبه
كل هذا دون حديث
وقف لدقائق يزفر العواء المكبوت في صدره دفعة واحدة... ثم استدار متجها إليهما
نظرت غنى لبيجاد وعزمت أمرها وهي تتحرك سريعا متجهة للداخل
جذبها بيجاد من ذراعيها وأردف بسخرية
- اهدي إيه اللي يشوفك يقول تعرفي الراجل بقالك سنين...
قال جملته الاخيرة بتمهل وكأنه قاصدا ردود الفعل من كليهما ثم اكمل إسترساله
- تعالي نروّح شكله مشغول
دفعته بقوة وأردفت
- مهمتك إنتهت حضرة الكابتن العظيم...
دنت منه وهي تنظر لمقلتيه بغضب
- روح نام بدل ماانت صايع طول اليوم مع الاجنبيات
حك ذقنه وإستغل وجود أحد الضابط منشغلا بالحديث مع جواد
ثم جذبها بقوة حتى أصبحت بأحضانه
- تعرفي أنا لو دخلت النار هيكون بسببك
قالها وهو يلف خصله من خصلاتها المتمردة حول إصبعه
تأوهت عندما جذبها بقوة
- اتلمي ياغنى... علشان أفضل الكابتن اللذيذ بتاع الاجنبيات ومقلبش لفريد شوقي... ثم ضيق عيناه وتسائل
- وبعدين مالك ومال إعجابهم بيا
قاطعهما جواد عندما تحدث
- تعالى يابيجاد
❈-❈-❈
بكلية الشرطة
خرج من كليته يتحدث بهاتفه
- ياسين قدامك اد إيه
أجابه ياسين عندما اعتذر من الشخص الذي أمامه
- لسة قدامي ساعتين ياجاسر فيه حاجة
صعد لسيارته وأردف
- لا ياحبيبي أنا قولت نروّح مع بعض... نظر لهاتفه على مكالمة قيد الإنتظار
تمام هسيبك واعدي على بابا
بعد إغلاقه مع أخيه
- أيوة ياروبي
كانت تجلس بحديقة المنزل تستنشق بعض الهواء الربيعي المنعش
- جاسر قدامك كتير... أنا زهقت من القعدة لوحدي
تنهد بحزن على حالة إخته الصغرى.. وأختنق حلقه
- حبيبتي قدامي نص ساعة.. إتصلي بجنى خليها تيجي تقعد معاكي أو أشغلي نفسك بالبيانو شوية
- تمام ياجسورة هشغل نفسي وأحاول اعملكم كيك الشيكولت لحد ما مامي ترجع أصلها كلمتني وقالت عندها عمليات كتير النهاردة
وصل جاسر أمام القسم بعدالذي يعمل به والده بعد دقائق ترجل من سيارته وتحدث بحب لاخته
- تمام ياروبي كتري الشكولت علشان خاطر جسورة
ضحكت بصوتا ناعم لأخيها
- جسور عليه يؤمر بس وروبي تحت التنفيذ
دلف للقسم ومازال يتحدث
- هو أوس مش في البيت ولا أيه
أجابته بهدوء
- لا راح إسكندرية... قالي كدا
هز رأسه واردف:
تمام ياحبيبتي... نص ساعه بالكتير وهنكون عندك
دلف لمكتب والده كالمشاغب
- أنا جيت حضرة اللوا المعظم... ولكنه قاطع حديثه عندما وجد بيجاد يجلس بمقابلة والده وتلك الغريبة التي لم يراها قبل ذلك
سكن لثواني يتأمل قسمات وجهها ثم تحرك بهدوء ينظر لوالده الذي ابتسم له ورغم إبتسامته إلا أن عيناه تحكي الكثير
أشار جواد على جاسر
- تعالي حبيبي... رفعت نظرها لجاسر وتلاقت نظراتهما بمشاعر مختلفة
وقف أمام بيجاد
-إازيك يابيجاد عامل إيه
- كويس ياجسور... ليك وحشة
اومأ جاسر وكأن عقله مغيب ينظر لتلك الغريبة القريبة
ظل جواد يوزع نظراته بين جاسر وغنى وحدث حاله
- ياترى ياجاسر حسيت باللي حسيت بيه
طالعته غنى بابتسامة ثم نظرت لجواد
- دا إبن حضرتك
توقف جواد وخطى إلى أن وصل لوقوف جاسر ثم ضمه
- دا إبني الكبير... تقدري تقولي روحي الأكبر
نظر جاسر لوالده وترقرق دمعه... من حديث والده المبطن بالحزن
حاول بيجاد التخفيف من تلك المقابلة التي جنت له بعض الشئ...
ماتقعد يالا بتبحلق في البت كدا ليه.. ايه اتكونش بتشبه ولا عجبتك
ثم داعبه بنظره مرحة
- لو بتشبه هنا أعذرك.. لكن لو معجب
دي فيها رقاب
ظل جواد صامت لا يتحدث ولكن بخبرته فهم مايرمي إليه بيجاد
نظر لبيجاد وضيق عيناه وتسائل بخبث
- وجاسر هيشبه عليها ليه يابيجاد
رفع حاجبه متزامنا مع شفته العلوية
- ايه ياحضرة اللوا أنابقول مجرد إقتراح
حضرتك اللي طبعت الكلمة
مازال جاسر ينظر إليها وهناك شعور بداخله إنه رآها قبل ذلك... ولكن أين
أغمض عيناه محاولا إستكشاف إين رأى تلك الشخصية القريبة من قلبه الغائبة عن عقله
ساد صمتا على الجميع للحظات.. كان جواد
يجلس بوجه يكسوه الحزن يبدو كأنه يريد الحديث والبوح عما يشعر به.. ولكن كيف وهو مجرد إحساس... زفر قاطعا صمتهم
- باباكي عامل إيه... ثم تذكر شيئا متجها لبيجاد
- مقولتليش يابيجاد إيه اللي عرفك بغنى.. تسائل بها بغموض
مط شفتيه ورفع حاجبه عندما شعر بمراوغة جواد
- تقدر تقول صدف سعيدة ياعمو... بس إيه رأيك
ضيقت غنى عيناها وتحدثت بسخط
- صدف منيلة بنيلة والله ياحضرة اللوا... دا عاملي زي عفريت العلبة... ساعات فيه صدف بتكون نقلة في حياتنا... وساعات صدف بتكون باردة
جذب جاسر بيجاد من ذراعيه
- دي الجرل فريند ياكابتن ولا إيه
نظر إليها واستقرت عيناه على ملامحها البريئة بطريقة توحي لعاشق برسم ملامح حبيبته... هنا شعر بدقات عنيفة بين جنبات صدره لأول مرة يشعر بها حينما تحدث جاسر
- الصراحة ذوقك حلو وجذاب والبنت طعمة ولذيذة
لماذا شعر بغضب إجتاح اوردته وشعور الغيرة يتملك منه لا يعرف كيف سيطرت على قلبه في ذاك الوقت القياسي
اتجه بنظره لجاسر
- لا ياخفة مش الجرل فريند دي صديقة ونزل عينك من عليها
رفع حاجبه بشقاوة كالأطفال
- باين صداقة بس... دا عيونك دي هتاكلها.. ولا الغيرة اللي بتنط منك
كانت غِنى تتحدث في ذاك الوقت مع جواد
- حبيت أشكرك على يوم المستشفى
ضيق عيناه وتسائل
- مش فاهم قصدك إيه؟
فركت يديها وتحدثت
- يوم ماكنت مضايقة بسبب تعب ماما وحضرتك قعدت معايا اليوم دا... بصراحة هونت عليا كتير ثم أكملت إسترسال حديثها
- هو حضرتك ليه معنتش بتروح المستشفى... يعني بقالك شهر وسألت كتير ومحدش يعرف
كانت نيران ملتهبة تحرق أحشاؤه من الداخل من حديثها وصدمة قوية اجتاحته عندما اردفت
- أول مرة أحس إن فيه حد بيوحشني كدا كأني أعرفك من زمان مش مجرد تلات مرات اللي اتقابلنا فيهم
كانت عيناه تستقر على ملامحها بطريقة توحي للرائي إنه معجب بها حد الجنون.. ولا يغيب ذاك عن نظراتها في كل مرة
قاطع حديثهما جاسر
مش ملاحظين حاجة
أردف بها جاسر... مسح جواد بكفيه على وجهه محاول أخذ نفسا عميقا
- مش ملاحظين إن غنى فيها شبه من ماما
صدمة بل صفعة لكلاهما.. رفعت غنى نظرها لجاسر وتحدثت بغموض
- أول مرة حد يشوفني ويقولي أنا شبه حد... ثم استدارت لجواد ناظرة بمقلتيه
وأكملت حديثها المبطن بالإغراء
- عيوني حلوة حتى صحباتي بتركيا مسميني المنوم المغنطيسي
دقق النظر في ملامحها التي شقت قلبه لنصفين...
- معقول يكون التشابه للحد دا...
- آه عيون قطة ياختي
هذا ماقاله بيجاد عندما وجد نظرات جواد لها
ظل يراقبها بنظراته الصقرية عندما كانت تتحدث مع جاسر وبيجاد
قاطعهم صوت هاتفه
نظر لهاتفه مضيقا عيناه مستغربا إتصال جنى ابنة صهيب به قام بالرد سريعا
- أيوة ياجوجو
هب واقفا مسرعا للخارج ينظر لجاسر
- حاضر إهدي ياقلبي مسافة السكة واكون عندك
إتجه بيجاد إليه
- فيه حاجة ياعمو ولا إيه... انهى حديثه سريعا
- جاسر عز عمل حادثة في لندن... أحجز طيارة بسرعة
وقف بيجاد ممسكا ذراعيه
- ممكن تهدى وأنا هتصرف
اتجه بنظره لغنى وتحدث
- معلش ياحبيبتي مضطرين نمشي
كلمة بسيطة تحدث بها ولكن كان لقلبها ردا آخر عندما شعرت بشعور من نوع آخر
أهذا هو الحب... هذا ماتحدث به لسانها وقلبها
أسرع لسيارته
- بيجاد شوفلي طيارة للندن خلال ربع ساعة لو عايز تساعدني بجد
قاد سيارته سريعا حتى وصل إلى منزله خلال دقائق معدودة
ترجل سريعا متجها لمنزل صهيب... دلف سريعا إلى المنزل...
وجد صهيب يتجه لسيارته للسفر
-"صهيب " صاح بها جواد وجاسر الذي وصل خلف والده
- إيه اللي سمعته دا
ألقى صهيب نفسه بأحضانه وهو يبكي بنشيج على فلذة كبده
- وديني لإبني ياجواد... عايز أشوفه قبل مايسبني... خليني اضمه
تردد كلمات صهيب المؤلمة لقلبه وانسدلت عبراته رغما عنه... سقط صهيب من بين ذراعيه وعقله يصور له أشياء كثيرة تصاب بإبنه
أشفق جواد عليه كثيرا... يعطيه كل الحق فيما يشعر به فالأمر صعب ومؤلم
وضم وجهه بين راحتيه
- إيه ياحبيبي . إجمد كدا... إن شاءلله هيكون كويس... من إمتى وانت ضعيف كدا ياصهيب... قدّر الخير ياحبيبي
وصلت نهى اليهما بساقين مرتعشتين بجوارها مليكة التي تساندها
- جواد أتصل بحازم شكله في إجتماع وفونه مقفول... ممكن تشوف حد من السكرتارية يوصلنا بيه
- خليه براحته يامليكة إحنا هنسافر ولو حصل في الأمور أمور هنعرفكم
قاطعهم رنين الهاتف
- ايوة يابيجاد... تمام عشر دقايق وهنكون في المطار
جاسر خليك هنا وأنا هسافر مع عمك
- إيه اللي بتقوله دا يابابا... أنا مستحيل اقعد هنا وهموت من القلق على عز
أشار بسبابته
- مينفعش يابابا لازم يكون فيه راجل مع إخواتك...
أمسكه من أكتافه
- أنا عارف إن عز صاحب عمرك وغالي عليك... لكن ياحبيبي مينفعش تسيب بيتنا وبيت عمك من غير راجل وأوس في إسكندرية قدامه يومين لما يرجع
❈-❈-❈
فتح السيارة لصهيب الذي لم يشعر بشيئا حوله سوى بكاء زوجته بأحضانه
قبّل رأسها
- إشش إهدي إن شاء الله هيكون كويس
نزل جواد بجسده بمستوى جلوسهما
- خمس دقايق وراجع ياصهيب إياك تمشي من غيري
اتجه سريعا لمنزله ناسيا ابنته الحبيبة التي لاتعلم بما صار
- صعد غرفته سريعا وأحضر مايحتاجه ثم صاح باسم الخادمة
-" منى"وصلت العاملة إليه سريعا
- أنا مسافر انجلترا عرّفي الدكتورة لما ترجع ممكن تقلق لما تلاقي فوني مقفول
عرّفيها إن عز عمل حادثة في لندن
هنا استمع لسقوط شيئا ما
اتجه ينظر خلفه... صدمة زلزلت كيانه عندما وجد إبنته تخرج من غرفة الطعام بيديها قالب من الكيك
بصعوبة وقفت مترنحة تكمكم صراخ قلبها الذي انتفض ألما على حبيب روحها
تدفقت عبراتها حتى غامت الرؤية امامها
أسرع إليها عندما وجد دموعها تتساقط بغزارة وتيبس بجسدها كأنها لم تشعر بما حولها
ابتلع ريقه الجاف قائلا بهدوء
- حبيبتي أنا كنت بقول.... قاطعته عندما نظرت إليه
- لسة عايش مش كدا... قولي يابابا إنه لسه عايش
ضمها لحضنه وهو يشعر گأن روحه تزهق منه... اخرجها بهدوء متجها بها لغرفتها
- حبيبة بابي لازم اتحرك عمك مستنيني هكلمك أول ماأوصل واطمنك تمام ياروبي
- خدني معاك يابابي لو سمحت... قالتها بصوتها الباكي المتؤلم كروحها
وصل جاسر إليهما... نظر جواد إليه ففهم والده.. جذب ربى من احضان والدها
- تعالي ياروبى معايا بابا لازم يسافر ياقلبي
أنقبض قلبها جزعا حتى آلمها وشعرت بشيئا حاد يخترق صدرها
أمسكت بيد والدها تقبلها
- علشان خاطري يابابي خدني معاك.. هطمن عليه
اتجه بنظره لجاسر عندما شعر بنيران تحرق صدره من حالة أبنته اخذ جرعة كبيرة من الهواء عله يهدئ من حالة الألم الذي وصل إليها
- اختك عينك متغفلش عنها ولا لحظة ياجاسر لحد ماما توصل... قالها جواد متحرك سريعا للصهيب