قراءة رواية مملكة الذئاب 2 Black لزينب عماد - الفصل 11
قراءة رواية مملكة الذئاب black الجزء الثاني
بقلم الكاتبة زينب عماد كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية مملكة الذئاب black الجزء الثاني
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة زينب عماد
الفصل الحادي عشر
كانت الاجواء المحيطه بالقصر الملكى مليئه بالكأبه والتوتر الشديد....خاصه حين قام الملك بعزل نفسه داخل مكتبه ولم يصد منه أى رد فعل على تغيب الملكه....وهذا أثار قلق الجميع ولكن لم يحاول أحدٍ التدخل بعد خروج السيدة بيترس من مكتبه منذ يومين...
كما لم يحاول أى من ألفين أو ديفيد التحدث معه...
ف ألفين يحمل داخله الكثير من الغضب نحو الملك وديفيد فهو يرى أنهم من تسببوا بحدوث هذه الفوضى من البدايه...لهذا كان يقوم بمهامه نهاراً...
وليلاً يواسى زوجته الحبيبه على فقدانها لشقيقتها بهذه الطريقه المؤلمه...
بينما كان ديفيد يعمل بدون توقف كما لم يتحدث أو يجلس مع أحد...فقد كان يقوم بمهامه بأليه وبعدما ينتهى يعود لغرفته ليغلق بابها عليه...وهو يؤنب عقله وقلبه على ما تسببه من أذى لتلك الصغيره التى لم يكن لها ذنب بكل ما حدث....
وبالنظر ل ماكس فقد كانت الأعمال متراكمه عليه بشده...لدرجة أنه لم يكن يخرج من مكتبه الخاص والذهاب للنوم سوى لساعتين فقط...
كان الكثيرون من الخدم يشعرون بالحزن والشفقه على ما أصاب ليلى...تلك الفتاة التى كانت تمثل شعلة الحياة لهذا القصر بشقاوتها وجرائتها...
كما كانت حالة جميع المقربين من ليلى وسابين تحمل بين طياتها الكثير من الألم وقلة الحيله...
خاصة فكتوريا التى كانت تبكى بصمت طوال يومين دون أن تتحدث مع أحد بل هى فى عالمها الخاص لا تستمع لأى ممن حاول التحدث معها أو حاول التخفيف عنها....
بينما الشقيقات الثلاثه يحاولن التخفيف عن بعضهن البعض...وهن يأملن أن سابين قد تغيبت حتى تجد طريقه لإعادة ليلى من جديد...
كان جالساً خلال اليومين الماضيين يعيد بعقله جميع ما حدث خلال الأيام المنصرمه...حتى بدأت الكثير من الأمور تظهر أمامه أكثر مما كانت عليه قبلاً... منذ بدأ سماع اسم ذلك النيكولاس للمرة الأولى...وبدأ بتحليل كل هجوم قام به على مدار الشهور المنصرمه ودراسه طريقة هجومه...
وخلال ذلك قام بوضع الكثير من التسؤلات التى لم يجد لها إجابة ترضي عقله...فأثناء تحليله للأمر من بدايته أدرك أنه بالفعل لم يكن شخص واحد من قام بكل هذه الفوضى...فلا يوجد من يستطيع فعل كل هذا بمفرده...بل يحتاج لأكثر من جيش مدرب حتى يصل إلى ما يريد...أو تكن معه النقود التى من خلالها يستطيع شراء مثل هذه القوة...ولكن من خلال ما توصل له رجاله فاحتماله الأخير هو الأقرب للصواب...فأولئك الذين ينشرون الفوضى بالبلاد لم يكونوا مجندين...بل كانوا مرتزقه ينهبون البيوت ويقتلون بدم بارد...وهؤلاء هم الذين يقاتون من أجل شئ واحد فقط ألا وهو الذهب...لهذا السؤال الأهم هنا ما الذى سيجنيه الفاعل بعد احداث مثل هذه الفوضى بجميع هذه البلاد؟!...وما النفع الذى سيعود عليه من هذا؟!...
كما أن جميع من وصفوا المدعو نيكولاس بكل مملكه ذهب إليها كان مختلف عن الأخرى...وليس ذلك فحسب بل كان الهجوم على بعض الممالك تم بالوقت ذاته وهذا يؤكد له انهم أكثر من شخص واحد...وأن الفاعل لا يريد أن يتم التعرف عليه بل يريد التلاعب بهم...إذا هل هو شخص معروف بالنسبه إليهم لهذا يقوم بتشتيتهم حتى لا يدركوا من هو ولا يستطيعوا الوصول إليه؟!... ولكن هناك ما يحير لما قام باختيار نيكولاس؟!...هل هناك علاقه تربط بينهم فيما سبق...
أم أنه كان يظن أن نيكولاس ليس سوى ملك ضعيف يستطيع تحريكه كيفما يشاء....أم أنه قام بإختياره بطريقة عشوائيه؟!...
أغمض إستيفان عيناه وهو يشعر أنه يكاد يفقد عقله....فكلما توصل لحل لغز يظهر أمامه لغز أشد تعقيد من الذى يسبقه...ويطرح معه الكثير من التساؤلات الأخرى التى لا يعلم إجابة لها...
ولكن ما توصل له بشأن هذا النيكولاس الحقيقى جعله يدرك كم هو رجلاً ماكر لا يستهان به...فأثناء بحثه أدرك أن الملك نيكولاس هو من دعا لهذه الحرب بالفعل وليس أحد أخر كما ادعى....وما يؤكد له ذلك أن الذين ادعوا أنهم الملك نيكولاس لم يقم أحد منهم من قبل بالإعلان عن أى هجوم يقومون به....بل يتركون الأمر كمفاجئه حتى يختل توازن عدوه وحينها يضرب ضربته القاضيه ويقضى عليه بعنصر المفاجئه...ولكنه يعلم أيضاً لما قام نيكولاس بهذه الخديعه وذلك حتى يستطيع الوصول له دون لفت أنظار العدو ولكن بطريقه ماكره...على أنها أحد طرق هؤلاء الذين يسعون فى الأرض فساد تحت إسمه...وبهذا لن يتم الشك بالأمر...
ولأنه حين يتم الاعلان عن حرب بينهما فهذا سيصب بمصلحة عدوهم...ظنن منه أن أحدنا قرر القضاء على الأخر...وحينها سيسهل عليه الهجوم على الاخر دون اهدار للوقت والمال...
خاصة حين يتم الاعلان أنه قد تم أسر أحد الملوك وأنه سيتم معاقبته...فهذا بالفعل ما تم نشره بين الجميع...وقد كان هذا جزء من خطتهم فى محاولة منهم للإيقاع بالفاعل....
تنهد إستيفان بإرهاق وهو يغمض عيناه فى محاولة منه للتحلى بالثبات وإلهاء عقله بكل هذه المؤامرات التى تواجه مملكته...إلا أن قلبه يعود ليتسأل عن زوجته الحبييه التى اشتاق لها حد اللعنه...ولكنه لا يملك الحق بالذهاب لها...أجل هو يعلم أين هى الآن!!.. ولكن لا يملك الجرأة الكافيه للمرة الاولى بحياته لمواجهتها....فهو يدرك أنه حطم جزء كبير منها بفعلته لهذا تركها لتستريح بعض الوقت ويجد هو الحل الأمثل لهذه المعضله...
❈-❈-❈
أتى الصباح ومعه بدأ الجميع بوضع بضائعه بمكانها المعتاد مع كل بداية شروق للشمس وأصبح المكان يعج بالكثير من الأصوات المتداخله...منها أصوات البائعين للترويج عن بضائعهم ولفت أنظار المارين... ومنها أصوات المطارق التى تدق بعنف وتعبر عن استغراق صاحبها بعمله....منها أصوات المنتجات المعلقه لتعبر عما يبيعه صاحبها...
كانت سابين تسير بين الجميع لشراء ما ينقصها من طعام وخضروات...فقد أوشك مخزون الطعام على الانتهاء وأثناء بحثها عن بعض الخضروات...لاحظت شاب بعمر التاسعة عشر يرتدى ثياب رثه ويده متسخه وقدماه خاليه من حذاء يحميها...أنه ينظر للطعام المعروض بجوع شديد...
فإبتسمت بألم وقررت أن تسرع بإنهاء طلبها والذهاب إليه لتقدم له الطعام والمساعده إن لزم الأمر..وبالفعل أنهت سابين شراء الخضار الذى تريد وأعطت للبائع حقه....وإلتفتت لتذهب إلى الشاب لكنها لم تجده فظهر عبوس شديد على صفحات وجهها....وشعرت بألم شديد يغزو قلبها كلما تذكرت نظراته...فظلت تنظر حولها لعلها تجده قريباً منها إلا أنها لم تنجح فى إيجاده....
فتنهدت بأسى وأكملت سيرها لتنهى تسوقها وهى تتمنى أن تلتقى به مرة أخرى...ظلت سابين قرابة الساعه حتى انتهت من جلب أغلب الأشياء التى تريدها...ولم يتبقى سوء جلب تلك الأعشاب التى تستخدمها من أجل تسكين الألم والتى تضعها ل دوغلاس من أجل ألم أقدامه...ولكن هذه الأعشاب لا يقوم ببيعها سوى رجلاً بنهاية السوق...لهذا قررت سابين ترك المشتريات عند أحد الباعه حتى لا تعيقها والذهاب لجلب الأعشاب....
وصلت سابين لمحل هذا التاجر وابتاعت منه الأعشاب التى تريد...ومعها أعشاب أخرى وبدلا من الإسراع للعودة إلى المنزل حتى لا يقلق دوغلاس عليها....ظلت تنتقل من أعشاب لأخرى وهى تأخذ بعضاً منها وتأمر التاجر بتغليفها....ولكن أثناء ذلك دوى صوت صراخ حاد لأحد النساء وهى تقول بجزع: سارق أمسكوا بهذا السارق...
ولم تمضى لحظات وبدأت الأصوات ترتفع بشدة والتى أدرك كلا من التاجر وسابين أنهم قد أمسكوا باللص....فتنهدت سابين بيأس من هؤلاء الذين لا يكفون عن سلب الناس أشيائهم دون وجه حق...
لهذا لم تعطى بالاً لما يحدث بل أنتهت من شراء أعشابها وقررت الإسراع نحو منزلها فقد تأخر الوقت....
أثناء ذلك كانت فينسيا قد وصلت صباح اليوم إلى المقاطعه بعد رحلة دامت لأيام دخلت خلالها إلى أراضى مملكة الذئاب...كان طعامها الذى ابتاعته من القرى السابقه قد انتهى...وقد توقفت بالسوق لشراء ما يكفيها من طعام لمدة يوم...فقد سألت أحد المارين عن المدة الكافيه للوصول إلى العاصمه فأخبرها أنها بمسيرة يوم أو أقل حسب سرعتها...لهذا قررت سؤاله عن أقرب مكان لجلب طعام يكفيها طوال هذه المدة فأخبرها عن مكان السوق...وها هى تبحث عن طعام يصلح ليبقى معها طوال رحلتها دون أن يفسد...
وخلال سيرها استمعت لصراخ سيدة ولكنها لم تستمع لما قالت...فلقد اصطدم بها شاب ما بقوة وسقط فوقها...وقبل أن يستقم هو من فوقها ليكمل ركضه....أمسكه بعض الرجال وهم يقولون:أيها السارق اللعين...
وبدأ يكيلون له الكثير من الضربات بينما البعض الأخر بدأ بمساعدتها لتقف...وهى تنظر لهذا الشاب هزيل الجسد والذى جرحت قدمها وتنزف بشدة بسبب بعض الزجاج الملقى أرضاً...وهو لا يرتدى حذاء يحميها لهذا اصطدم بها...
شعرت فينسيا بالأسف والشفقه عليه لهذا قررت الدفاع عنه رغم علمها أنه سارق...لهذا بدأت بإبعاد الرجال عنه وهى تقول بصوت مرتفع حاد ليتوقفوا: اللعنه ستقتلون الفتى اتركوه الأن....
فأجابها أحد الرجال يشرح لها سبب ضربهم له:إنه سارق...نظرت له فينسيا بحاجب معقود وهى تقول بالحده ذاتها وصوت مرتفع بعدما رأت أن ما سرقه الشاب لم يكن سوى طعام...ومن مظهره أدركت أنه قد سرقه لجوعه الشديد:هو لم يسرق منها سوى بعض الطعام الذى من المؤكد أنه سرقه لأنه جائع...
كانت سابين قد خرجت من متجر الأعشاب واستمعت لهذه الجمله ولكنها لم تعلق...وأكمل سيرها ولكن عادت صورة الفتى الجائع تهجم ذاكرتها من جديد...وكلمة السيدة منذ لحظات تكررت بعقلها مما جعلها تتوقف وتلتفت لهذا التجمع الكبير من الناس وتسير نحوه بسرعه كبيره....وهى تتخطى الجميع حتى وصلت أمام السيدة التى تدافع عن الشاب الذى صدق حدثها نحوه....والرجال يمسكون به بعد أن غطى وجهه بالدماء وقدمه تنزف بقوة...
فاتسعت عينيها وهى تقترب منه دون أن تعبئ لأحد وهى تبعدهم عنه وتقرب الفتى منها وتقول بعنف: واللعنه ماذا فعلتم به أكل هذا من أجل بعض لقيمات لعينه لا قيمة لها....
نظر الجميع لها وللسيدة الأخرى بإنزعاج شديد وقال أحد الرجال بحده:هل فقدتم عقولكم أيتها السيدتان إنه سارق ويستحق ما حدث له...ثم صمت للحظات وهو يكمل...لما تدافعون عنه أم أنكم شركائه....
ارتفعت الأصوات وبدأ أنظار الإتهام تنظر نحو السيدتين من المحطين بهم...مما تسبب بالتوتر الشديد ل فينسيا التى لم تحب يوماً أن تكون محط أنظار أحد لشعورها أنهم سيقللون من شأنها...فما بالك بأن تكون محط أنظار أناس يظنونك سارق...
لهذا أردت أن تنهى الأمر فقامت بإخراج أموال من جيبها وقدمته للسيدة التى تمت سرقتها...وهى تقول بتوتر فى محاولة منها مداراته بثباتها إلا أن يدها المرتعشه التى امددت أثبتت عكس ذلك:تفضلى هذا حق الطعام الذى سرقه الشاب أظن أن هذا ينهى الأمر...
فأمسك بها أحد الرجال وقال بحده ظنن منه أنها قد اشتركت مع الشاب وسرقت هذه الأموال كما سرق هو الطعام:أخرجى جميع ما معكِ من مال أيتها السارقه وجذبها بحده من ثيابها...
لم تعجب سابين بهذا فجعلت الشاب يجلس أرضا بعدما تأكدت أنه لايزال بخير حتى الآن وأنه يستطيع الصمود حتى تنهى هذا الأمر...وتقدمت من الرجل وبباطن يدها قامت بصفع أنفه بقوة مما تسبب بنزيفها...فترك يد السيده التى وقفت خلف سابين تحتمى بها بتقائيه....وهى تحاول أخذ أنفاس المهتاجه من شدة توترها...
كانت سابين تستطيع حل الأمر بأكثر من طريقه ولكنها اختارت مقاتلتهم....فهى تشعر بكم هائل من الضغط وها قد سنحت لها الفرصه لتفريغ بعضها الآن...لهذا لم تفكر مرتين وهى تخرج خنجراً من بين ثيابها وهى تقول بعنف:فالننهى هذا الأمر اللعين إما تأخذون المال أو أقوم أنا بأخذ أرواحكم...
شعر الرجال بالإهانه بل والغضب الشديد وتأكدوا أن هؤلاء معاً يتقاسمون الأموال والطعام الذى يقومون بسرقته...وقرورا الإمساك بهم جميعاً...ولكن كانت ولاتزال سابين الأسرع والأمهر...وليس ذلك فحسب بل والأكثرهم غضباً...
شعرت سابين بالخوف على تلك الفتاة التى تكاد تكون بمثل عمرها...لهذا أمسكت يدها وسحبتها لتصبح خلفها لتحميها إذا حاول أحدهم الإقتراب منها...
وهى تنظر للجميع من حولها بترقب قائلة بعينان متعطشه للشجار وابتسامه مخيفه بثت الخوف فى قلوب الرجال الواقفين أمامها:وماذا أنت فاعلاً إذا كنا على معرفة مسبقه بالصبى كما تقول؟!..هيا أردنى ما أنت قادراً على فعله....
أجابها أحدهم بحده:إذا أنتِ على علاقة به...واقترب منها وهو يحمل عصا سميكه ليضربها بها إلا أنها تفادتها بمهارة....كما أبعدة الفتاة حتى لا تتأذى وأسرعت نحو الرجل وطعنته بخنجرها فى قدمه...أجل هى أردت التخفيف من ذلك الألم الذى تشعر إلا أنها لن تقتل أحداً...
صرخ الرجل من الألم وأسقط عصاه وقبل أن يعطى رد فعل أخر...قامت بعرقلته وأسقطته أرضاً بسهوله ووضعت خنجرها على رقبته وهى تقول بإنفعال: اللعنه عليكم جميعاً أتظنون أنفسكم رجالاً حتى تتطاولون على صبى سرق طعاماً لأنه جائع....
حاول بعض الرجال الإقتراب منها لمنعها من قتل صديقهم...إلا أنها لاحظت ذلك وقالت بإبتسامة جنونيه:فاليحاول أحدكم التقدم خطوة وحينها سأشق عنقه...
توقف الجميع دون حراك وهم ينظرون بترقب نحوها منتظرين ما ستقوم به....حتى قال أحدهم بتريث:
حسناً تستطيعين أخذ الطعام والصبى والإبتعاد من هنا... هيا ولن يحاول أحدهم الإقتراب منكِ وممن معك ولكِ كلمتى....
اتسعت ابتسامة سابين وهى تجيبه بسخريه:حسنا ولكن إن حدث عكس ذلك لا تلومنى على ما سيحدث بعدها...وبالفعل رفعت خنجرها عن الرجل وهى تنظر للجميع بجمود....واقتربت من الشاب حتى تساعده على الوقوف وهى تتوقع من أحدهم التدخل بأى لحظه...وبالفعل لم تمضى لحظات وتقدم أحدهم من خلفها وكاد يضربها على رأسها...إلا أنها كانت الأسرع فإبتعدت عنه فى اللحظه المناسبه...
ولكن لم تسعفها قدماها للإبتعاد فقد لكمها بقوة بجانب عينها اليسرى مما أسقطها أرضاً...إلا أنها استقامت سريعاً وهى تبتسم له بسخريه رغم سيلان بعض الدماء من حاجبها الأيسر...إلا أنها لم تهتم وألقت خنجرها أرضاً وبدأت بمقاتلته بشراسه...
عندها بدأ الجميع فى التراجع إلى الخلف على أثر هذا القتال الشرس منبهرين بما يحدث....فقد كان رجلاً مقاتل وأرد معاقبتها بعدما سخرت من جميع الحاضرين...من طريقة فى المبارزة أدركت أنه من أتباع ألفين...فهو من يقوم بتعليم مثل هذه الطرق للإيطاحه بخصومه بسهوله....مما جعلها تبتسم بسخريه وهى تنظر لوجه الذى بدأ يميل للإزرقاق بسبب لكماتها قائله:مهما بلغت من البراعه فلن تصل إلى براعة سيدك...إلا أننى واللعنه إستطعت إسقاطه رغم قيامه بمثل هذه الحركات...
تعجب الرجل من قولها إلا أنه لم يهتم وكاد يقترب منها من جديد للكمها...إلا أن عيناه سقطت على ذلك الخاتم الذى ترتديه والذى كان يشبه خاتم الملكه الذى رأه أثناء الحرب منذ أيام...مما جعله ينظر بصدمه للسيدة التى تقاتله والذى ينزف جانب فمها وقد ظهر شق ليس بالعميق بجانب رأسها...وقد تذكرها إنها الملكه فقد رأها منذ مدة قريبه فى مخيم الحرب والتى كادت تقام حرباً من أجل إختفائها...
كيف له أن ينساها وكيف جرحها مثل هذه الجروح إنه ميت الآن لا محال...
وهنا انقطعت أنفاسه وهو يسقط أرضاً قائلاً بصوت يرتعش خوفاً:الملكة سابين...ورغم اهتزاز صوته إلا أن الجميع سمعه جيداً...مما جعل الكثير من الشهقات تخرج من أفواه الحاضرين الذين هبطوا على أقدامهم أمام ملكة البلاد إحتراماً لها...والتى تمت اهانتها من قبل أغلب الحاضرين...
ولكن كان أكثر الحاضرين صدمة هى الملكة فينسيا التى لم تكن تظن أنها قد تلتقى بالسيدة التى تبحث عنها بمثل هذه الطريقه السريعه...ومما رأت أدركت لماذا افتتن زوجها العزيز بها فهى تشبه الشعلة الموقده التى تجذبك إليها دون أدنى جهد...مما جعل ابتسامة متألمه ترتسم على صفحات وجهها مقررة العودة من حديث أتت...فهى لا يحق لها أن تقارن بينها وبين تلك السيدة التى تملك كل شئ وتفعل ما تشاء دون خوف من أحد...كادت تذهب إلا أنها تذكرت الصبى المصاب فرق قلبها له وقررت الإنتظار لمساعدته ثم العودة من حيث أتت...كما ظنت أن الملكه سابين ستنزل بهؤلاء أشد العقاب فظلت تنظر لها منتظرة ما ستقوم به...
والتى فاجأها ما قامت به حين قامت سابين بالإقتراب من الرجل الذى كان يقاتلها وربتت على كتفه قائلة بثبات:استقم أيها الجندى لقد كنت بارعاً فى قتالك...
ثم نظرت للجميع من حولها مكملة حديثها:فاليستقم الجميع....أطاعها الحاضرون واستقاموا كما أمرت فنظرت لهم سابين بثبات قائلة:أظن أنه من المعيب أن نحاسب من يسرق من أجل جوعه...وأنا لا أقول ذلك لأننى أحلل السرقة...ولكن ما أعرفه جيداً أنه حين نعاقب أحدهم على خطأ إقترفه فإننا نعاقبه على قدر خطأه....
ثم أشارت إلي الفتى الغارق بدمائه:إنظروا إليه
هل سرقة قطعه من الخبز لديكم تساوى كل هذا العذاب؟!..اللعنه على قطعة الخبز هذه التى قد تسبب بقتل صاحبها...أنهت حديثها وأخرجت بعض النقود وألقتها أرضاً....
وسارت تجاه الفتى وجعلته يستند عليها ثم نظرت السيدة الأخرى وقالت بجمود:ساعدينى...
فأسرعت فينسيا بمساعدتها وأمسكت كل واحدة منهم بكتف الفتى لمساعدته على السير حتى يصلون لوجهتهم....
وبالفعل ساروا فى صمت حتى اقتربوا من منزل دوغلاس...فقامت سابين بإدخال كلاهما وهى تصيح بصوت مرتفع:دوغلاس...قالتها وهى تضع الفتى على أحد المقاعد وتدلف للمطبخ لجلب بعض الأعشاب والأدوات التى تحتاجها...ثم جلست أرضا جوار الفتى وبدأت بتطهير جروح قدمه التى من المؤكد تلوثت بشدة...وأثناء قيامها بذلك طلبت من السيدة التى معها أن تقوم بطحن تلك الأعشاب معاً حتى تنتهى من تنظيف الجروح...
خلال ذلك خرج دوغلاس من غرفته وهو ينظر للحاضرين بهدوء...فقد اعتاد على رؤية المصابين فى غرفة معيشته....ولكن تعجب من وجود تلك السيدة التى تساعد سابين فى عملها....
تقدم دوغلاس منهم وهو يستمع لصياح الفتى وبكائه بسبب شعوره بالألم حين قامت سابين بوضع بعض الأعشاب التى تم طحنها على جرح قدمه...وبالوقت الذى رأى دوغلاس وجه سابين أصيب بصدمه وامسك وجهها يدقق فيه النظر بقلق قائلاً:من الذى تجرأ وفعل بكِ هذا؟!...وصمت للحظات وأكمل بحاجب معقود:كيف قام بضربك؟!...
ثم اتسعت عيناه حين أدرك ما قامت به:اللعنه هل سمحتِ لأحدهم أن يقوم بكلمك؟!..هل فقدتى عقلك سابين؟!..ختم دوغلاس حديثه بصوت حاد جعل فينسيا والصبى يصبان بالفزع...كما أصبحت الأجواء متوتر حين ظل دوغلاس يتحدث بغضب وهو يعود متجهاً إلى غرفتة من جديد مغلقاً بابها خلفه بقوة...
إلا أن سابين لم تعطى أهميه للأمر قائله بهدوء:لا تصابوا بالفزع فهذه طريقته للتعبير عن غضبه...كما أننى خضت قتالاً عادلاً فقد قمت بجرح خصمى كما فعل معى أليس كذلك؟!...ختمت حديثها وهى تنظر للسيدة التى أمامها بإبتسامة صادقه للمرة الأولى...
مما جعل فينسيا تؤمى برأسها تؤيدها الرأى...
وكادت سابين تدلف للمطبخ لجلب بعض الطعام للصبى حتى تذكرت أنها قد نسيت ما تسوقته عند أحد البائعين...مما جعلها تعود وهى تنظر للسيدة التى أتت معها وهى تقول:هل تنتظرين مع الصبى حتى أعود...فلقد نسيت جلب الخضروات من السوق...
أومأت لها فينسيا بالموافقه وقد قررت الرحيل بعد ذهاب سابين...التى توقفت فجأة وهى تقول بتذكر: ولكن هل أعطلك عن شئ ما سيدة؟!...وصمتت حين أدركت أنها لا تعلم اسمها حتى الآن....فأجابتها فينسيا بإبتسامة لطيفه:فينسيا...أدعى فينسيا...
ارتسمت ابتسامة رقيقة على وجه سابين وهى تقول: فينسيا اسم جميل يليق بصاحبته...أليس هذا اسم لاتينى؟!...
أومأت لها فينسيا بالموافقه قائلة:أجل معناه النجمة اللامعه...اتسعت ابتسامة سابين وهى تؤمى لها بود وكادت تخرج من المنزل....إلا أنها توقفت وقالت بعفوية:أتعلمين كل منا يولد وله نصيب من اسمه...
لهذا اتمنى ان يكون حظك أوفر من حظى فينسيا وأن تكون النجمة التى تضئ عتمة أحدهم...انهت سابين حديثها وخرجت من المنزل....وهى لم تغفل عن ذلك الألم الذى يحيط عينى تلك النجمة الضائعه...
❈-❈-❈
كانت تعمل بالإسطبل منفصله عن العالم الخارجى المحيط بها...ولم يكن ذلك بأمر من الملك الذى تراه كل صباح ينظر لها من شرفته بكره لم تعلم سببه...بل كان بأمر من ذلك ال رالف الذى أغضبته يوم قامت بإهانته وإهانة رجاله أمامه...لهذا أصدر الحكم بشأنها
من منعها بالإختلاط مع أحد ساكنى هذا القصر وكأنها ستموت إن لم تتحدث مع أحدهم...كانت لاتزال تتذكر حديث رئيس الخدم الجاف معها...
"فلاش باك"
رئيس الخدم بجمود وحاجب معقود بشدة وكأنه أجبر على التحدث معها:لقد أمر السيد رالف أن يكون عملك هو الاهتمام بالإسطبل....كما أنك ممنوعه من التحدث مع أحد من الخدم أو أحد ساكنى القصر...
وتم تحديد الأماكن التى يسمح لكِ بدخولها وهما الاسطبل وغرفتك...لهذا إذا تمت مشاهدتك بغير هذين المكانين ستتم معاقبتك...أنهى كبير الخدم حديثه وتركها راحلاً دون سماع أى إجابة منها وكأنها عبدة لديهم يجب عليها السمع والطاعه...
"انتهاء الفلاش باك"
عادت ليلى من شرودها وهى تبتسم ساخرة...فقد مر على حديث كبير الخدم معها أكثر من خمسة أيام التزمت هى بما أمرها به ذلك ال رالف...ليس لخوفها من معاقبته لها كما ظن الجميع حين التزمت بما وضعه السيد رالف طوال هذه الأيام المنصرمه...
بل كان ذلك لأنها أردت الإختلاء بنفسها لبعض الوقت لتساعد ذاتها على العودة لما كانت عليه قبل حدوث كل شئ....ولقد نجحت فى فعل ذلك لبعض الوقت كما قررت أن تعيد احياء ما كانت تفضله وهى صغيرة....لعلها تشعر بتلك الراحة التى كانت تشعر بها فى وقت مضى....ولهذا قررت اليوم أن تكافئ ذاتها بالخروج قليل إلى الحديقة الخلفية والجلوس تحت ظل أحد الأشجار وهى تتناول طعام الغداء....
وبالفعل وحين اتى وقت غدائها حملت طعامها وخرجت للحديقة الخلفيه وجلست تحت ظل أحد الأشجار تتناول طعامها...وحين انتهت وجدت أنه لايزال أمامها بعض الوقت على معاد بدأ العمل من جديد....لهذا قررت اغماض عينيها لبعض الوقت لتحصل على مزيد من الصفاء....
ولكن لم يدوم هذا طويلاً حيث شعرت بوجود شخص يجلس جوارها....مما جعلها تفتح عينيها لتنظر بجانبها لتجد تلك الفتاة التى ساعدتها بأول يوم تواجدت فيه بالقصر...تنظر لها وتبتسم بلطف ابتسامة أذابت قلب ليلى التى اعتدلت بجلستها لتواجهها...قائلة بإبتسامة مشابه لإبتسامتها:كيف حالك أيتها الجميلة؟!...
أجابتها الصغيرة بروح تشع براءة:بخير وأنتِ كيف حالك؟!..اتسعت ابتسامة ليلى وهى تجيبها بمودة: بأحسن حال يا جميلتى....كيف هو حال دميتك الصغيرة؟!...
أجابتها الفتاة بمرح:انها بخير لقد اخفيتها بعيداً عن باتر حتى لا يقوم بتمزيقها...فقد أقسم أنه سيقطعها لأشلاء إذا رأها معى مرة أخرى...أنهت الصغيرة حديثها وقد امتلأت عيناها بالدموع بعدما كانت مليئه بالحيويه والبهجة...
وهذا أحزن قلب ليلى التى أمسكت بكلا يديها وهى تقربها إليها قائلة بهدوء:سأخبركِ قصة...هل تحبين القصص؟!...
أومأت لها الصغيرة وقد عاد الحماس لعينيها من جديد...مما جعل ابتسامة حنونه ترتسم على شفتى ليلى وهى تقول بصوت مشفق:كان هناك ذئب مات أبواه وهو صغير...لهذا كبر ولم يعلم ما معنى الحب إلا أنه بيوماً ما خلال سيره بالغابه رأى غزالة رقيقه وصغيرة....إلا أنه لم يهتم وقرر إكمال طريقه وحيداً كما اعتاد منذ كان صغيراً...ولكن قبل تحركه مبتعداً وجد تلك الغزالة مصابه وتبكى بخوف....فحين رأته ظنت أنه سيلتهمها....
اتسعت عينى الصغيره خوفاً على تلك الغزالة وقالت بتلهف وهى تضغط على أيدى ليلى بدون وعى منها: وهل قام بإلتهامها؟!..ألم يحزن من أجلها فهى بمفردها تتألم وخائفه؟!...
ابتسمت ليلى وهى تضم يدى الصغيرة الناعمه برفق قائلة:لم يكن يفكر الذئب بتناولها لهذا كان سيتركها ويرحل...إلا أن بكائها جعله يتذكر نفسه حين كان وحيداً خائفاً....فعاد لها وحين حاول لمسها ارتفع صوت بكائها ظنن منها أنه سيتناولها وهى لا تستطيع التحرك للفرار منه...إلا أنها دهشت حين وجدته يساعدها لتستند عليه...حينها توقفت عن البكاء وبدأت تتحرك معه ببطئ بسبب اصابتها...حتى وصل بها إلى منزله فبدأ يرى مدى سوى جرحها وقام بمساعدتها...وحين انتهى نظر لوجهها فوجدها قد غرقت بنومٍ عميق....
توقفت ليلى لبعض الوقت وهى تنظر لعينى الصغيرة اللامعه بمحبة قائلة:هل تعلمين كيف نامت تلك الغزالة فى عرين ذلك الذئب...رغم أنها كانت بالبدايه خائفه منه؟!...
اومأت الصغيرة بالنفى فأجابتها ليلى بصوت ساحر وهى تبتسم بطريقه تجعلك تقع فى عشقها:لقد شعرت معه بالأمان الذى فقدته أثناء إصابتها بالغابه وهى بمفردها متألمه....
اتسعت عينى الصغيرة حين أدركت ما تفوهت به ليلى....مما جعلت ابتسامة مريحة تشق وجهها الرقيق فعادت ليلى لتكمل بهدوء:أتعلمين من يشبه تلك الغزالة صغيرتى؟!...
نظرت لها الصغيرة بتفكير لبعض الوقت ثم أجابتها بحزن حين لم تستطع الوصول لإجابة:لا أعلم من هى...
لامست ليلى رأسها بحب قائله:إنها تشبهك أنتِ... اتسعت عينى الصغيرة بتعجب من تشبيه ليلى لها بالغزالة...وهنا ظهر سؤال لم تجد الصغيرة إجابة له سؤال أصابها بفضول كبير ألا وهو...إذا كانت هى الغزالة فمن هو الذئب إذا؟!...
ظهر هذا السؤال جلياً على وجه الصغيرة وكادت تطرحه على ليلى التى استقامة واقفه...وهى تقول بمشاكسه:لقد انتهى وقت راحتى لهذا أراكى غداً يا صغيرة...
وتركتها راحله بينما الصغيرة ظلت تنظر لأثر ليلى... وهى تحاول معرفة من هو الذئب الذى استطاع انقاذها...
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة زينب عماد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية