-->

رواية جديدة نفق الجحيم 2 مكتملة لريناد يوسف - الفصل 3

 

قراءة رواية نفق الجحيم الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الثالث



نزلت بدور تجرى ووقفت في الطرقه اللي بين الأوض، وفضلت تصرخ وتقول بوووه عفريت، لحد ماصحت البيت كله. 

واتلموا على حسها، وأول ماشافت آمها اترمت فباطها وفضلت ترجف وتبكى وتقولها الحقيني شفت عفريت شفت عفريت، وعدويه والكل ملمومين حواليها مش فاهمين حاجه! 

أما حوريه فبمجرد ماشافت بدور وبدور شافتها عالسطوح، اتلغفنت معرفتش تعمل أيه، لكن لما بدور صرخت ونزلت جرى إطمنت إنها مشافتهاش زين، فقوام طفت الكلوب اللي معاها ودخلته اوضة الخزين ودارته تحت الكراكيب، 

وقلعت طرحتها وربطت بيها الفلوس اللي معاها على وسطها تحت الجلابيه، ونزلت خلجاتها وراحت عالكلوب اللي هملته بدور واتلافته من الأرض، وشالت ماجور الرايب على راسها ونزلت على السلم بالهداوه، وأول ماتاقت من فوق الكل بص عليها بإستغراب بما فيهم بدور! 

وقبل ماحد منهم ينطوق سبقت هي ووجهت كلامها لبدور وقالتلها:

-لميته يابدور هتفضلي من غير عقل  إكده؟ طيب لما إنك خوافه ودم داخل عليكي عتطلعي عالسطوح فنصاص الليالي ليه؟ 

منك لله قلقتي منامي ورجفتي قلبي رجف بصراخك وصحتيني من احلاها نومه، وقمت اهجم عالسطوح كيف المنجومه اشوف فين العفريت اللي عتتحدتي عنيه ديه؟ 

وولا لقيت عفريت ولا جن حتى. 

ملقيتش غير الكلوب عالارض، واللي لو كانت اتكعبلت فيه قطه ولا نمسه كانت قلبت السبيرتو اللي فيه عالقش، وهب الكلوب فى القش والجله الناشفه، والنار كلت البيت وكل. 

وكمان ماجور الرايب مرمي بره القفص والدنيا خربانه فوق السطوح خالص! 

بدور بإستغراب:

- طلعتي ميته يامرات عمي؟ 

حوريه: 

-اول مانزلتي تتخبطى اني صحيت طوالي، وجريت عالباب فتحته، ولقيتك عتلدلدي كيف الملسوعه وتقولي عفريت عالسطوح ومواعياش قدامك، طلعت جرى اشوف يمكن حرامي ولابد فوق السطوح عشان يقشط البيت. 

بس طلعت لا لقيت حرامي ولا عفريت، ملقتش غير خيبتك التقيله سايباها فوق السطوح ونازله تتكحرتي كيف المهبوله. 

عدويه بزعيق:

-وانتي إيه اللي مطلعك عالسطوح فالسعادي يابومه، وانتي خابره روحك خوافه وتخافي من خيالك؟ 

بدور ببكا:

-ستي عديله هي اللي قالتلي اطلع اجيب ماجور رايب عشان توكل شام وتحن لبتها لبن عشان جعانه. 

حوريه بغضب مصطنع:

-يقطع شام وبتها اللي دايما قالقينا ومكدرين عيشتنا، اديكي اتزوعتي وزوعتينا معاكي عشان يعجب ستك ويعجب شام ويعجب بتها كمان. 


خلصت كلامها ومدت الكلوب لعدويه اختها بغضب، ونزلت الماجور من على راسها سدحت بيه بتها فكريه على صدرها وادتهولها، وراحت على اوضتها وهي عتاخد انفاسها براحه اخيرا؛ عشان البوليكه اللي عيملتها خالت عالكل، ومحدش قدر يتحدت ولا حد كدبها. 

وبس وصلت اوضتها وفتحت بابها، بصت لقت عديله حماتها واقفه عالسلم وبصالها بصه غريبه، بادلتها حوريه البصه ببصة غضب، وفتحت الباب ودخلت ورزعته وراها،

 وعديله برغم الكلام اللي سمعته، لكن النمره اللي عيملتها حوريه قدام الكل مخالتش عليها، وقلبها قالها إن في الموضوع إن، وراحت على بدور وخدتها من يدها على اوضتها، وقعدتها عالسرير وقعدت قدامها وقالتلها:

-احكيلي يابدور شفتي إيه فوق السطوح بالظبط؟ احكيلي من أول ماطلعتي لغاية مانزلتي. 

بدور رجعت تبكي تاني وترجف وهي عتفتكر المنظر اللي خلى قلبها هيقف من الرعب، وحكت لستها كل حاجه، وعديله كانت عتربط كلام بدور ببعضه وتحلله طول مابدور عتتكلم، وفى الاخر قالتلها:

-يعني العفريت اللي انتي شفتيه كان ماسك فيده كلوب وحاطط حاجه فوق راسه كيف الشال اللي عنلبسوه؟ 

بدور:

-ايوه ياستي. 

عديله:

-طيب وكان جنسه ايه العفريت ديه؟ 

بدور:

-كيف ياستي جنسه ايه يعني، هو اني هسال العفريت على جنسه؟ 

عديله:

-يعني ياهبله كان شكله راجل ولا مره؟ عفريت دكر يعني ولا عفريته نتايه؟ 

بدور:

-مععرفشي فنوع العفاريت، بس هو كان لابس جلابيه حريمى وحاطط فوق راسه طرحه يوبقي عفريت نتايه صوح. 

عديله:

-كان يدي علي حوريه مرت عمك إكده يعني؟ 

بدور:

-له ياستي مرت عمي ايه بس، ديه كان طويل كد النخله وعريض كد الحيييطه، وعيونه حوومررر وباظيين لبره إكده وخشمممه واااسع واااسع يدخل بني آدم، ومناخيره خرومها كااااد الـ.... 

وقبل ماتكمل كانت عديله مدياها بالكف على وشها مسكتاها قبل ماتكمل وقالتلها:

-بسك خررط وفشر اني اصلا عرفت العفريت خلاص. 

قالت الكلمه وقامت وخدت ماجور الرايب معاها ونزلت، وهي عتقلبها فدماغها وتسأل روحها ياترى حوريه كانت عالسطوح في الساعه داي من الليل عتعمل ايه؟ 

ونزلت وكلت شام وقعدت صاحيه تستنى الصبح بفارغ الصبر عشان تدعبس ورا حوريه وتكشف المستور. 

❈-❈-❈


عاود ابو همام من المستشفى للبيت بالليل، وهمل عزام وبسيمه مع همام، وبمجرد مادخل البيت كان متوقع إنه يلاقي لواحظ مرته ميته من الهم والقهر على ولدها، ويكون حالها لا يسر عدوا ولا حبيب؛ عشان إكده مقدرتش تروح مع عزام المستشفي تشوف ولدها، لكنه لقى حاجه تانيه خالص. 

شافها قاعده مهمومه صوح ورابطه راسها وباكيه، بس أول ماشافته هبت فوشه كيف وابور الجاز؛ تشتكى من بسيمه واللي عيملته فيها، وانها مدت يدها عليها وضربتها وضربت بناته كمان. 

وإهنه بس فهم كلمة بسيمه إنها عتحترم الكبير طول مامحترم نفسه، وفهم إن لواحظ ابتدت بالغلط على بسيمه وعملت فيها هي وبناته اللي مقدرتش تتحمله وتسكت عليه. 

فبص للواحظ بلوم وعتب وقالها بنبره حادة:

-بقى الاصول ياللي ماتعرفى الاصول إنك تستفردى بمرت ولدك إنتي وبناتك؟ 


وكمان معملتيش حساب لولدك اللي مرمى في المستشفى بين الحيا والموت وفأشد العوزه لدعوة منك وركعه تصليها تطلبيله الشفا من ربنا، وانتي تهملى ديه كله وتعملى مشاكل؟ 

بقى إنتي أم إنتي؟ 

لواحظ بغضب:

-ياحمدون أني مديت يدى عليها من قهرتي على ولدي عشان هي السبب فاللي جراله، لولاها لكان ركب نخل ولا وقع ولا جراله اللي جراله. 

حمدون:

-ياشيخه حرام عليكي مااحنا كنا قاعدين كلنا سوا، لا البنيه طلبت منه حاجه ولا قالتله اطلع نخل، ولدك اللي مخه ملحوس لحاله وعمره ماعيحسب خطاويه واصل. 

لواحظ:

-مطلبتش بس عيمله عشان يرضيها ويحايلها، وهي لو مريحاه اصلا ومدياله ريق حلو مايرميش حاله في الموت عشان خاطرها، متدافعش ياحمدون عشان هي السبب يعنى هي السبب. 

حمدون:

-طيب وفلوسها اللي دفعتها لولدك ووقفتها جارنا ورفعتها لراسنا وهي مش مجبوره مشفعتلهاش عندك ولا هبابه؟ 

لواحظ:

-فلوسها ايه ام فلوس داي، اصلا فلوس المره هي فلوس جوزها ولما تعطيه وتقف جاره مسمهاش جِبايه ولا جمايل، ديه واجبها والاصول عتقول إكده. 

حمدون بصلها وهز دماغه بسخريه وبعدين قالها:

-له وانتى ست من تفهم فالأصول يالواحظ الصراحه. 

طيب قومى ياام الأصول حميلي هبابة ميه اتسبح الاجسمي واكلني من تراب الحصاد وعفاره قومي. 


وبالفعل لواحظ بدأت تقوم بالراحه وهي عتتألم وماسكه ضهرها، ودخلت تحميله الميه، وهو قعد عالدكه يفكر فالحال اللي وصله ولده، وهل ياترى مرته هترضى تقعد معاه وتخدمه وهي ملحقتش تتهنى معاه، ولا هتقول اروح اشوف حالى واطلق واتجوز، ووكتها محدش ابدا يلومها وعذرها معاها. 

ولو اتطلقت ياترى مصير همام هيكون ايه مع بتين اخوات مهملين معيخدموش غير بالشديد القوى ومسيرهم هيتجوزو ويسيبوالبيت، وأم مهمله اكتر منهم؟ 

قعد يفكر لحد مالميه سخنت وبعدها قام ودخل يتسبح ورمى حموله وحمول ولده ومصيره على رب العباد. 

❈-❈-❈


أما فى المستشفى عند همام:

بسيمه:

- روح ياعزام شوف الداكتور يسمح لاخوك بالوكل ولا له، ولو سمحله تعالى خد السليقه وانزل سخنها عالقهوة اللي تحت وهاتها عشان توكله. 

سمع عزام كلامها وطلع شاف الداكتور، وسمح لهمام بالوكل والشرب، وعزام عاود خد العمود بتاع الوكل نزل يسخنه، وبسيمه راحت علي همام بالميه تسقيه لما قالها إنه عطشان

ولأن اديه كانوا متجبسين التنين فالكفوف وميقدرش يشرب لحاله، اضطرت بسيمه انها تسقيه هي. 

وعشان تعرف قعدت جاره وبهداوة ابتدت ترفع راسه بيدها لغاية مارفعتها المسافه الكافيه، وبعدها قربت منيه الميه عشان يشرب. 

لكن هو فاللحظه دي كان فدنيا تانيه وارتوى بقربها وريحتها اللي عبت انفاسه كأنه شرب نهر النيل كله، ومعادش بحاجة ميه من بعده، ثواني فضلت فيهم بسيمه ماده يدها قدامه وهو مغمض عنيه، وهي الوضع معجبهاش فنهرته بغضب:


-هتشرب ولا معادش بدك ميه والعطش راح اقوم بدال التذنيبه داي؟ 

فتح همام عنيه قوام، وبسرعه شرب من يدها قبل ماتبعد عنه، وكان عيشرب بالراحه وبوق بوق عشان قعدته فحضنها تطول،

وبسيمه للحظه وهي واعياه عامل كيف العيل الصغير على دراعها ومحتاج حنان ورعايه شفقت عليه،

 وبرغم إنها عارفه إنه عيتجلع فى الشرب وفهمت حيلته، الا انها جارته فى اللي عيعمله لحد ماشرب الكوبايه كلها، وبعدها نزلت دماغه بالراحه تانى على المخده،وبس عدل راسه شافت الجرح اللي فرقبته، واللي فكرها بأختها شام واللي عيمله فيها، وحالها وكل اللي جرالهم بسببه، وفلحظه ملامح وشها اتقلبت ١٨٠ درجه ولامت نفسها على شفقتها عليه. 


أما هو فأول ماشاف عنيها عالجرح رفع يده قوام وحطها عالجرح داراه من قدام عنيها، 

وغمض عيونه بوجع على حظه اللي خلى الذنب اللي عيمله وتاب عنه ساب عليه اثر على جسمه،كأنه وشم عار يفكر بسيمه طول العمر بعملته وهو كمان كل ماياجي يناساها بس يشوف الجرح يفتكر كل حاجه. 

راحت بسيمه قعدت بعيد عنه، وشويه ودخل عزام بالوكل، وكان المفروض إن بسيمه هي اللي توكل همام، لكنها قالت لعزام  اخوه يوكله هو، 

وهي قعدت بعيد وربعت اديها على صدرها وسرحت، وحست بالشوق لأختها شام اللي من أول ماشافت الجرح اللي فرقبة همام افتكرتها وهي عتقاسي الوجع، وسألت نفسها:

-ياترى ياشام ياختي كيفك وكيف حالك دلوك، وعامل ايه الزمن فيكي وعاملين ايه الكلاب دول معاكي؟

وفلحظه جرفها الشوق لاختها، وقررت إنها هتروحلها البيت وتعمل المستحيل عشان تشوفها، ولو لزم الأمر هتنط السور من ورا اهل البيت وتتسلل كيف الحراميه، بس أهم حاجه عينها تنضر شام وتتطمن عليها. 


عزام وكل همام وخلص، وبعدها قالهم إنه طالع ينام فى الطرقه، ولو عازوا حاجه يدوه حس وهو ياجيلهم قوام، وهملهم الاوضه كلها عشان بسيمه تعرف تنام وتاخد راحتها فى النومه. 

بس نوم ايه اللي تنامه بسيمه، وهمام بعد طلوع عزام على طول ابتدا يتشال ويتحط وحس بالوجع كله بعد مالبنج فك منيه عالاخر، وحسه بقى جايب لآخر المستشفي، وحتى ابرة المهدىء اللي عطهاله الداكتور مجابتش فيه اي نتيجه، وقعد للصبح يقول ياعين ياليل. 


ومع طلوع النهار اخيراً سكت هبابه وهدى، وقدر يغمض عيونه، وبسيمه وعزام حمدوا ربهم إنه اخيرا بطل صراخ وألم وهينامولهم هبابه، لكن فى اللحظه داى دخل عليه أبوه والشيخ حكيم، اللي جه يشوط عالمعمل، وعرف الخبر وجيه طوالي لهمام. 

حمدون اول مادخل ولقاه نايم اتحدت بحس واطي:

-كيفه دلوك اخوك ياعزام وكيف كانت عشيته ياولدي، والله قلبي بايت قايد نار عليه 

عزام:

- ليلته كانت زفت يابوي بايت طول الليل يهاتي من الوجع وحسه مقلقل المشتشفى كلها. 

حكيم بهمس:

-معلهش حقه، الله يكون فعونه عذره معاه اللي فيه مش هين ياناس، ربنا يجعله فميزان حسناته ويؤجر عليه. 

وبص لأبو همام ومد يده فجيبه وطلعله كل ايراد المعمل بتاع الاسبوع وحطه فيده وقاله:

دول مصاريف المستشفى والعلاج ياابو همام، وهمام من اليوم شهريته طالعه من النهارده لآخر العمر، وأول كل شهر هتتسلمله فيده، يعني متعتلوش هم. 

حمدون:

- ايوه بس ديه كتير ياولدى! 

حكيم:

-مش كتير ولا حاجه ياابو همام، الفلوس اخر حاجه تفكر فيها، ودير بالك على ولدك ومتحسسهوش بأنه خلاص الحياه بالنسباله انتهت ومعادش ليه لزمه فيها. 


هز حمدون دماغه بتفهم وغمض عنيه ونفخ بقلة حيله، لانه خابر إنه مهما حاول يخفف عن ولده، الا إن اللي فيه أكبر من جبر خاطره بكلمه ولا بضحكه فى وشه وإن هو مش عيل صغير. 


حكيم بص لبسيمه اللي كانت قاعده بعيد وعينها عتتنقل مابين حكيم وابو همام وهمام وهي ساكته سكوت تام، وجلى صوته وبص لابو همام وقاله:

بعد إذنك عايز اختى فكلمتين ياابو همام على جنب تسمحلى؟ 

حمدون:

-وه ياولدي عتستأذن إياك؟ كلمها ياولدي كلمتين وعشره وألف كلمه كمان؛ إنت ماعليك حرج ولا لوم إنت من الأول قلت إنك فمقام اخوها والاخ ليه على اخته حق محدش يقدر ينكره. 

خلص كلامه ولف ووجه كلامه لبسيمه وقالها:

-بسيمه قومى الشيخ حكيم عايزك فكلمتين. 

قامت بسيمه بهدوء وراحت عليهم، وطلع حكيم قدامها فى الطرقه وهي راحت وراه، ووقف ولف عليها وخد نفس وبصلها وبهدوء قالها:

-شوفي ياختي هقولك كلمتين مخلصين بعضهم.. انتي خابره إنى خدت حماكي واتعهدت اني مسئول عنك وعن راحتك، ودلوك جوزك ربنا خصه بإبتلاء عظيم، أو خلينا نقول تكفير ذنب، بس مش لحاله المُبتلى بيه. 

انتى ليكي نصيب كبير من الابتلاء، بس انتي مش مجبوره عليه. 

بمعني.. إن انتي يحقلك تتطلقى منيه، بس مش دلوك ومش فى الفتره داي،

هتقعدي معاه عالاقل سنه.

طبعاً مفيش عُرف يجبرك على إكده، ولا فيه من الدين والسنه شي نص على اللي عقوله، بس الانسانيه هي اللي عتحكم في المواقف داي، والاصل هو اللي عيسود القرارات. 

واني خابرك بت اصول وجدعه واصلك طيب.. وعطلب منك إنك تتحمليها السنه داى، مش هقولك بحلوها عشان مهيكونش فيها حلوا. 

واديني عقولهالك.. هتكون كلها مر ومسئوليه وتعب.. بس بعد السنه هيكون همام اتعود على وضعه واتأقلم مع حياته الجديده، وعرف يتعامل مع عجزه ويتعايش معاه. 

هاه قولتي ايه يابت الاصول؟ 

بسيمه ردت عليه بمنتهى الهدوء:

-اني من غير ماتقول ياشيخ مكنتش ههمله وهو فحالته داي؛ مش عشانه ولا عشان حالته ولا يتعود ولا حاجه، عشان الكلام ديه آخر همي، وهو كله اصلا آخر همي. 

بس اني هقعد عشان ميتقالش بت عبد الصمد رديه واصلها ردي وهملت جوزها فشدته، عشان مأخليش إسم ابوى وربايته ليا ينذكروا بالسوء. 

بس ديه اللي هيخليني اقعد واتحمل همام، ومش بس سنه، له داني مستعده سنين اتحمل ولا إن حد يقول عبد الصمد مخلف بت معندهاش اصل. 

اتبسم حكيم وهو عيبصلها وقالها:

-عارفه يابسيمه.. اللي اصله طيب زيك إكده ويعرف فالأصول عمر قلبه مايكون بالقسوه اللي انتي عتتحدتي بيها داي.. اللي تعمل حساب لأبوها وسمعته وسيرته هتعمل حساب اكبر لربها وحسابه، وهتعمل  لوجهه الكريم، وعشان تنول رضاه اللي محدش غيرها يقدر يعمله. 

تسلم البطن اللي شالتك ويسلم اللى ربى وعلم وزرع من طيبة قلبه فيكم شجر طراح يابنات الراجل الطيب. 

ودلوك هطلب منك طلب.. عايزك تاخدي بالك فكلامك مع همام ع الاخر، يعني لاتقولي قدامه كلمة شلل ولا عجز ولا الكلام اللي يتعب النفسيه ديه، ولا تحسسيه بإنه عِجز وبقي معتمد على غيره عشان يعيش. 

ارفعى من معنوياته وفهميه إنه عادي وناس كتير زيه إكده، ديه هيخليه يتقبل وضعه اسرع. 

هزت بسيمه دماغها لحكيم بموافقه، ولسه واقفين موطرحهم شافو لواحظ أم همام جايه فى الطرقه تبكي هي وبناتها، ودخلت الأوضه كيف الأعصار وبمجرد مادخلت صرخت وقالت بوووه.. 

وراحت على سرير همام اللي قام مفزوع على حسها واترمت فوقه وبعلو حسها تبكي وتقول:


-يااااولدااااي ياااااحبيبي،، مكانش ليك الشلل والعجز ياحبيبااااااي،، خلاص بقيت طريح الفرااااش ياولدي ومعادتش ليك قووومه... آااه يابختك المايل ياحبيبياااااي.. ياحظك المنيل دون الناس كلها ياضناي.. وبصت لبناتها وزعقت فيهم بعلو حسها.. ماتصرخوا على اخوكم يابُلغ ساكتين ليه؟ 

وبمجرد ماقالت إكده ولولوا البنته التنين فوق راس اخوهم اللي غمض عنيه وابتدا يون من تاني من الوجع اللي ماصدق إنه ارتاح منه هبابه بالنوم. 


أما حكيم فكان واقف بره هو وبسيمه وشايف الموقف وسامع كل اللي عيتقال، وبص لبسيمه وقالها بيأس:

-بالنسبه طبعاً لموضوع رفع المعنويات ديه تنسيه خالص، وبالنسبه لهمام فالو عالحال ديه مش هيطول وهيموت مقهور علي حاله من عمايل امه وخياته البنات وكلامهم اللي يقطع الفرط ديه. 

خلص كلامه وبسيمه اتبسمت غصب عنها، وقالت الله يكون فعونه، وهو مد يده فجيبه وطلع مبلغ ومده لبسيمه وقالها:

دول من اخوكي خليهم معاكي لو حبيتي تجيبيلك حاجه ولا نفسك هفتك علي شي اشتريه ومتقوليش لحد علي حاجه،الجماعه من إهنه ورايح حالهم هيوبقي حال ومصاريفهم هتتقل بسبب اللي جرا لهمام وعلاجه ومهيوبقاش معاهم. 

بسيمه:

- كتر خيرك ياخوي، بس والله اني معاي فلوس كتير وممحتاجاش شي، وكمان اني عيني شوافه وعمر نفسى ماتطيب على شي ولا اطلب شي من حد واني خابره انه على فيض الكريم، فمن الناحيه دي اطمن، بنات عبد الصمد عينهم مليانه ومقنوعين، واللي شافوه فبيت ابوهم من عز وبغدده، يخليهم يعيشوا عليه العمر كله شبعانين. 


ولوفيوم عوزت اي حاجه والنفس غصب عنها اشتهت شي إنت اول واحد هقوله واطلب منه، وهو اني اعرف مين إهنه ولا ليا مين غيرك اقوله. 

حكيم بإصرار:

- عارف يابسيمه انك شبعانه وعينك مليانه ومعاكي، بس معلهش حتى لو معاكي خدي دول مني ومتكسفيش مدت يد اخوكي. 

بسيمه بإصرار اكبر:

- ماعاش ولا كان اللي يكسف مدت يدك ياخوي، بس الفلوس تروح للمحتاج أولى وأني مش محتاجه، وخابره إنك عتساعد ناس يامه بالفلوس داي، فاعطيهم لحد يفكو زنقته واني ميته مااعوز هقولك صدقني. 

رجع حكيم اديه بالفلوس تاني وهو عيتبسم ويهز دماغه بإعجاب لعزة نفس بسيمه اللي زادت احترامه ليها، واتحرك عشان يمشي بعد ماعمل الواجب، لكن وقفه حس بسيمه اللي قالتله:

مش هتروح تسأل علي اختك التانيه شام ياخوي ولا نسيتها خلاص؟

حكيم اتنهد ولف عليها وقالها:

-له والله مانسيتها يابسيمه بس للأسف مش لاقيلي ليها سبيل وجوزها مقفل عليها كل الطرق ومانع اي حد يوصلها او يعرف عنها شي. 

بسيمه بوجع:

-ولحد ميته هنقعدوا عالحال ديه يعني؟ 

حكيم:

- لغاية ماربك يفرجها ويهدي جوزها، غير إكده مافي في اليد حيله. 

اني اقدر اروحلها كل يوم واقف على عتبة بابها واحاول اشوفها بالعافيه، بس وكتها كرار ممكن يضرب سمعة اختك وسمعتي في الارض، ويقول للناس إن فيه حاجه مش تمام ،والناس تصدق وكرار مليهش كبير يقوله عيب ولا كِخ وانتي خابره انه خسيس ويعملها ويعمل أبوها. 

وإن هو الوحيد مابين التلاته سيد وهمام اللي ربنا خاتم على قلبه ومفيش اي طريقه نفعت معاه عشان يتعدل أو يتصلح حاله. 

بس الامل فربك كبير وماعلينا الا نقول يارب وهو فراج الهموم.. بس يعني هفضل اقولها إن طول مامسامعينش عنها حاجه شينه توبقي بخير.. قولي يارب ياختي قولي يارب وادعيلها وادعي لجوزها بالهدايه. 


بسيمه بيأس: ياااارب، ربنا يهديه عليها يارب

حكيم:

-طيب هروح اني يادوبك اشوف حال المعمل والعمال واعاود البلد، وهقول لابوكي وامك واعرفهم باللي جرا لجوزك ويمكن اجيبهم معاي بكره.. عايزه حاجه مني قبل مااروح ولا حاجه اجيبهالك معاي بكره من بلدكم واني جاي؟ 

بسيمه:

-شالله تسلم وتعيش يارب، معاوزاشي ايوتها حاجه والله، مستوره والحمد لله ومناقصنيش حاجه. 

حكيم:

-انشالله دايما توبقي مستوره ومناقصكش حاجه. 

خلص كلامه ومشى وبسيمه عاودت للأوضه ولقت لواحظ وبناتها لسه محاوطين همام وعيبكوا فوق راسه كيف مايكون ميت وعيغسلوه عشان يشيعوه لمثواه الاخير، وهو ياعيني وشه غدا اصفر كيف الليمونه من الوجع والقهر اللي اتقهره على روحه، وقامت مزعقه فيهم مره وحده:

-مابزياداكم ولوله وعديد عاد ماهو زين اهه وعين الله عليه مافيه الا العافيه، وبعدين بكفايه إن حسه ونفسه في الدنيا مالكم ناصبينها جنازه وعتفولوا عليه ليه؟ 


بعدي عن السرير منك ليها الدنيا شوب وحر وهو متجبس كله خلى نسمة هوا تفوتله متسدوش هوا ربنا من الفوته عليه. 


هي قالت إكده والكل سكت، وحمدون قام يحوش فيهم من حوالين همام يالقوة، كيف مايكون كان عايز يعمل أكده بس مفيش حد مشجعه. 

أما همام فكان عيسمع فكلام بسيمه وقلبه يدق بقوة وهو لامس في نبرتها خوف عليه وشفقه على حاله مشافهاش من أمه واخواته، وغمض عنيه وكرر دعوته اللي دعاها فقلب السما وسط جريد النخل، إن ربنا يخلقله فقلب بسيمه مكان وتحبه ويكونله فرصه معاها، بس سكت وقطم الدعوة وهو عيفتكر حالته، وقال لروحه إنه خلاص معادلهوش اي فرص، وإن قعادها معاها مش هيطول، ايام او اسابيع او شهور بالكتير والفراق محتوم. 


❈-❈-❈


أما عند نعيم وولاده وولاد توفيق قبل ساعات


الكل متجمع في البيت الصبح عالفطور قبل مايطلعوا عالشغل، معروف وعزت وصفوت وسلام وكرار نايم وغايب عن القعده زي مابقى غايب عن الشغل وعن كل جمعه لرجالة العيله.. 


نعيم: هاه ياولاد كل واحد يجيب اللي عيمله امبارح من المعده اللي طلع بيها شغل 

سلام:

- اني اللي عيملتو فولت بيه المعده وغيرتلها تروس ومفضلش معاي اي حاجه حتي معاودتش بحاجه فيدي لمرتي وولدي الصغير. 

معروف كان هيهم يمد يده فجيبه لكن سلام زغده خلاه لم يده تاني وكمل كلام:

-داني حتي الفلوس مكفتش وخدت فلوس معروف كلها اللي اشتغل بيها النهارده كملت بيها. 

نعيم: كيف يعني الحديت ديه؟ 

صفوت وهو عيمد يده فجيبه يطلع ايراد اليوم كله:

-عتحصل ياعمي، وبعدين براوه عليهم إنهم عيصونوا المعده اول باول، بكده عمرها يطول، هيفيد بأيه فلوس شغل يومين تلاته ولا حتي اسبوع والمعده خربانه فيها حاجه، وإنت خابر إن الحديد لو متصلحش اول باول خربانه يوم يوم عيزيد، والمعده تتحول لخرده ملهاش عازه. 

اني الفلوس اللي عيملتها اهي، وعزت عيمل كدهم عشان كنا شغالين مع بعض باللوادر وكبشتي بكبشته، واظون هيغطوا مصاريفنا ومصاريف البيت ويزيدوا. 

وحط الفلوس هو وعزت كلهم قدام عمه وعيال عمه، وابتدا عمهم يعد الفلوس ويقسموها عاللي لازمن يتصرفوا فيه، وكل ديه حوريه واقفه من بعيد وشايفاه، وقلبها قايد نار من هبل عيالها، وهتموت من كهانة ولاد عمهم اللي خلاص حطوا رجلهم على أول طريق الكَنز والحوز، وعيالها قرشهم موهوب للكل معارفينش الدنيا ماشيه كيف ولا الناس عتعمل ايه عشان تعرف تعيش فيها. 


فطروا الرجاله وطلعو وطلعت عديله تتسحب علي الدور الفوقاني ورا حوريه اللي سلتت نفسها وطلعت أوضتها، وهي في الوكت ديه ابدا معتطلعش، وزاد عندها الشك  اللي كلام بدور خلاه استوطن قلبها، وبالهداوه اتسحبت، وبصت من خرم الباب بتاع حوريه، ولمحاسن الصدف شافتها فارده الفلوس اللي جابتهم من فوق عالسرير قدامها على ٤ اكوام وعتعد فيهم، وإهنه رفعت عديله دماغها بإنتصاروهي عتهمس بحس واطي:

ايا حوريه الكلب،وقعتي ياحراميه ولا حدش سمى عليكي. 

واتحركت عشان تنزل بهداوه، وتستنى لما الرجاله كلهم يعاودوا اخر النهار، وتقول لنعيم ولدها وللبيت كله عاللي عينها شافته وتخليهم يفتشوا اوضة حوريه ويمسكوها بالجرم المشهود ويتعرف مين الحرامي ابو يد طويله اللي خد الفلوس. 


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف من رواية نفق الجحيم الجزء الثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة