-->

رواية جديدة نفق الجحيم 2 مكتملة لريناد يوسف - الفصل 6

 

قراءة رواية نفق الجحيم الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل السادس



دخلت شام الأوضه وقعدت على السرير، وغمضت عنيها بوجع، وحست بنغزه فقلبها، فرفعت يدها وحطتها عليه ودلكته وهي عتاخد نفس جامد وتطلعه محمل بنار القهر، ودقايق وكان ابو دراع واقف عالباب عينادى على سته عديله تاخد بت شام منه.

عديله راحتله ومدت يدها خدت البت منه وقالتله بنبرة شكر:

-تسلم ياولدي انك وريت البت لستها وجدها وقدرت تحكم عالبوو، ربنا يفرح قلبك كيف مافرحت قلوبهم.

ابو دراع بهم:

-والله ماخابر ياستي ان كانت قلوبهم فرحت ولا اتقهرت بزياده بشوفة البت الصغيره من غير امها؟ 

على العموم ربك يجازي الظالم..بصي البت فيه فخلجاتها فلوس، اللُكه الكبيره من جدها، والصغيره من حكيم واد الشيخ عرفي شام بيهم، 

وقوليلها ابوكي عيقولك لو يعرف بولادتك كان جابلك اكبر زياره في الدنيا.

خدت عديله منيه البت ودخلت بيها جوا لشام، وقالتلها اللي قالهولها ابو دراع، وشام مسكت بتها وقربتها عليها وشمتها وبكت وهي عتقولها:

- تعالي يابتي اشم فيكي ريحة الغوالي، ريحة اللي خدوكي فباطهم وضموكي لقلبهم بدالي، وابتدت تشم فيها وتبكي، وبعدها طلعت الفلوس، ومسكت فلوس ابوها وقعدت تشم فيهم واتبسمت وهي شامه ريحته في الفلوس، وريحة المسك اللي دايماً امها تحطه وسط خلجات ابوها وتعطرهم بيه، وضمتهم علي قلبها،وفضلت تشم فيهم لما حست أن خلاص ريحتهم راحت، حطت الفلوس على بعضها وعطتها لستها عديله تعينهملها معاها، وبعد نوبة البكا ماهديت، ابتدت شام تاخد نفسها، وتشوف الحلوا في الموضوع، وإن اهلها شافوا بتها وعرفوا انها ولدت وقامت بالسلامه، وطمنتهم عليها وهي اطمنت عليهم، وبعدها خدت بتها فحضنها ونامت براحه، وصوت شهقاتها الخفيفه بس اللي كانت معكره سكون الاوضه، وعديله مع كل شهقه منها تتصعب وتهز راسها بأسى على عيله، فباطها عيله بقت مسئوله عنها لحالها، وياريتها شافت من الدنيا اللي تتقوى بيه وتعيش على اطلاله، الا ماشافت غير القهر والذل وشكلها لسه ياما هتشوف، وهي مش باقيالها ولا هتعيشلها كتير عشان تعينها عاللي هي فيه وتخفف عنها، ولأول مره فحياتها تدعى لنفسها بطولة العمر؛ لغاية ماتتطمن على شام وتشوفها وهي مرتاحه وربنا جابر بخاطرها.



أما ابو دراع فأتحرك من قدام الباب، وراح عالجنينه شوط عليها وشاف ايه المطلوب فيها عمله، وبعدها راح على حوش الغنم وكل الغنمتين الفاضلين في الحوش، وشاف الحوش فضي من الغنم اللي طول الفتره اللي فاتت لحمة البيت كلها منهم، ومن بعد ماكان مليان بقي هِو، وفكر فى فكره، وقرر يفاتح فيها نعيم أول ماياجي.

❈-❈-❈


اما حدا بسيمه وهمام

همام بص لبسيمه بحرج وعايز يقولها حاجه بس خجلان. 

وبسيمه كانت قاعده تشتغل بالصوف فحاجه لسه فبدايتها ومش معروفه ايه هي، ومركزه عليها انتباهها كله، لكنها انتبهت لهمام وهو بيكح كحه مصطنعه، وفهمت انها حركه للفت انتباهها، فبصتله وسألته:

عايز حاجه؟ 

همام رد عليها بنفي عكس رغبته: 

-له معاوزش حاجه سلامتك. 

بعد رده بسيمه رجعت للي فيدها، لكنها حست بهمام وإنه عايز حاجه ومحروج، وتقريباً خمنتها، وخصوصي إن عزام روح يجيبلهم وكل من البيت وغيار نضيف لهمام من بدري، فركنت اللي فيدها على جنب وقامت وقربت من همام، ومن غير كلام وطت تحت السرير واتلافت القصريه المدوره الخاصه بالمرضى، وقالتله وهي باصه بعيد:

-هساعدك اني عشان عزام مطول مش هياجي دلوك، واظون لو هتقدر تتحمل مكانش لوصت اللوصه اللي انت فيها داي وعيونك عتشرق وتغرب من شدة زنقتك. 


همام كان هيتكلم، لكن فعلاً هو مزنوق ومحتاجها، والنقطه دي بالذات مينفعش فيها مكابره،فسكت ونكس عيونه للأرض وهو حاسس بالخجل، لأنه مكانش يتمنى ابداً إن أول تقارب بينه وبين بسيمه، وأول لمسه لبدنه من اديها تكون بالطريقه داي او للسبب ديه واصل، لكن الامنيات هتفضل مجرد امنيات، فيه البسيط منها يتحقق، والاكتر يتبخر فى فضا الحرمان. 


خلصت بسيمه مساعدته، وطلعت من جاره للحمام، وعاودت تاني، وبصتله وشافته محروج منها، فحبت تزيل الحرج وقالتله وهي باصه بعيد:

شوف ياهمام، من اليوم وطالع متحسش بالحرج مني؛ عشان موضوع الحمام ديه وقضيان حاجتك اني اللي هكون مسئوله عنيه، لان عزام مش قاعدلك في البيت ليل نهار، هيكون وراه مشاغله، والموضوع ديه الواحد مرته اللي عتشيله فيه، وديه الطبيعي يعني. 

رد عليها همام وهو حاسس إنه عايز يقوم يحب على راسها من فرحته بيها وبأصلها الطيب الغلاب، وغير ديه على نطقها لأسمه اللى عتحاول تتحاشى نطقه من أول مااتجوزته، ومقالتهوش غير بس مره أو اتنين وكانوا بغضب، لكن سجن عجزه كتفه، واكتفى بإنه رد عليها من موطرحه وقالها:

-اصيله يابسيمه، اصيله واصلك غلاب يابت عبصمد، تسلم البطن اللي شالتك، ويسلم اللي علمك الاصول على اصولها.

❈-❈-❈


أما عند ابو دراع 

فبعد ماخلص شغل في الجنيه غير خلجاته وطلع قاصد المندره، لأنه خابر إن الكل في الوكت ديه عيكونوا متجمعين فيها، وفعلا دخلها وشاف رجالة بيت المقاول كلهم قاعدين محدش غايب منهم، فدخل عليهم ورمى السلام وقعد وسطهم، ووجه كلامه لنعيم بعد ماخلص نعيم الكلام اللي كان عيقوله لولده سلام، وسؤاله عاللودر وشغله وقاله:

-احمم.. عم نعيم كنت عاوز اخد رأيك فحاجه. 

نعيم انتبهله ورد عليه:

-خير ياابو دراع قول عاوز ايه؟ 

ابو دراع:

-الحوش فضي من الغنم ومبقاش فيه غير غنمتين اتنين، وانتوا محدش فيكم سائل ولا قايل نجيبوا شوية غنم تاني في الحوش بدال مافضي، ولا حد مدور. 

نعيم قاطعه:

ياابودراع ماانت خابر الظروف من ساعة موت اخوي، وان اللي جاي يادوبك على كد اللي رايح، يعني مفيش فلوس نشتروا غنم ولا غينيمه. 

أبو دراع:

-طيب ياعم اني هستأذنك اجيبلي اني كام غنمه بفلوسي واحطهم في الحوش واوكلهم من حشايش الارض اللي تحت الشجر داي، وإكده إكده اني عشيلها كل يوم وارميها، اهو استفاد منيها. 

نعيم بصله ولسه هيرد عليه لكن سبقه عزت:

-إيوه تشتري غنم وتوكله ببلاش من الجنينه وتبيع وتلهف مكسبه لحالك، وبعدين فلوسك ايه يابو فلوس انت،هو انت حيلتك فلوس؟ 

أبو دراع بصله ورفع حاجبه ورد عليه:

-إيوه حداي فلوس، أمال اني وابوي طول عمرنا عنشتغلوا وناخدوا كرانا هوا ولا ايه؟ 

عزت:

- له كنتوا تاخدوا كراكم من فلوس الفواكه اللي كنتوا تبيعوها من ورانا بعد مانقطعوا المحصول وانتوا تلقطوا اللي يتوه مننا في الشجر، ومن فلوس الخشب بتاع الشجر العجوز الميت اللي كنتوا تقطعوه وتبيعوه، ومن فلوس الارض اللي كنتوا ترووها للناس بمكنة الري بتاعتنا، والبيت اللي متاويكم من غير إيجار، وكل ديه كنا فاكرينه كراكم على مراعاتكم للجنينه، بس الظاهر إن ديه الحَس غير اللي عمي توفيق كان يعطيهولكم دس!


وقف ابو دراع على حيله بعد ماسمع كلام عزت ورد عليه وهو صاكك على سنانه:

شوف ياعزت، اني اعديلك اي حاجه تقولها عليا وممكن ابلعهالك، لكن تقرن اسم أبوي بظن السوء، قسماً عظماً اكسر رقابتك واربعك اربع تربع. 

ولعلمك كل اللي عتقول عليه ديه وتحسب فيه مكانش يدخل جيبي ولا جيب ابوي منيه مليم اوحمر، وكله على يد أبوك الله يرحمه، إحنا الحرام طول عمرنا بيننا وبينه حد الله. 

عزت بضحكة سخريه:

-إيوه إيوه، عتستشهد باللي مات عشان مفيش حد يكدبك ولا يقول حصل ولا محصلش، عتجيب شهود من تحت الأرض. 

ابو دراع بغضب اكبر:

-له مش من تحت الارض بس، فيه شهود فوق الارض كمان كانوا شاهدين على كلامي ديه.. ولا ايه ياعم نعيم متتكلم وتقول شهادة حق؟ 

نعيم :

-إيوه ياعزت كلام ابو دراع مظبوط، هو وابوه مكانوش ياخدوا مليم اوحمر من كل الحاجات اللي إنت قولت عليها داي، وكل حاجه كانت تتباع من الجنينه كانت عتتصرف عليها سماد وغاز للمكنه وشجر صغير ينزرع مكان العجوز القديم. 


عزت سمع الكلام بتاع عمه وسكت خالص منطقش، وأبو دراع بصله بصة قرف ومتكلمش، ولا حتى قعد يستنى رد نعيم عاللي قاله، وخد بعضه وطلع على بره المندره، ومحدش قاله وقف، ولا حتى كرار، اللي كان طول الوكت يسمع وساكت، كيف مايكون عيقوله، اني اقدر اساعدك واديك الاذن، بس هتخلى عنك كيف ماانت اتخليت عني وبقيت ضدى مش معاي. 


دخل أبو دراع الجنينه، وقعد عالمصطبه قدام بيته، وهو حاسس بكسرة نفس وهو معاود محروج من وقفته قدام الرجاله كأنه عيستجدي منهم، وهو كل اللي طلبه إنه يستغل موطرح فاضي، مش هيفرق معاهم فحاجه. 

فضل قاعد على نفس قعدته يعاتب فروحه اللي رخصت حالها بطلبها من رجالة بيت المقاول، وفي الاثناء داي لاحت اللي ساكنه القلب من فوق السطوح، واللي عتخلى قلبه يتشال ويتحط لما يشوفها، واتبسم بينه وبين حاله وهو باصصلها، لكنه قوام نكس عنيه للأرض وهو عيفتكر انها مبقتش ليه، ولا ليه حق البصه عليها حتى، واستغفر ربه، وبالغصب سكت قلبه عن الهبد اللي عيهبده بين ضلوعه كيف مايكون عيخبط عليهم عشان يفتحوله يطلع ويروحلها، وسلسل عيونه اللي كانوا هيموتوا ويوقعوا عليها مره تانيه ويتملوا فحلاها. 


وأثناء ماكان فى عز جهادة مع نفسه سمع حس سلام جاره عيقوله:

-جايلك فموصلحه ليا وليك وهتخليك تعمل اللي إنت عاوزه ومحدش هيفتح خشمه معاك بكلمه، وهاخد حِماك قدام الكل.. بس بشررط 

هشترى عشرين راس غنم وتراعيهم مع غنماتك وتقول إن الغم كله بتاعك إنت، ومتعرفش حد إني ليا فيه حاجه. 


رفع ابو دراع عيونه على سلام وسأله بعجب:

-وليه يعني؟ 

رد عليه سلام وهو عيتطلع عالجنينه كيف مايكون عيقيسها بعيونه شبر شبر وقاله:


-عشان خلاص ياابو دراع من إهنه وطالع اللي هيحوز هيحوز لتفسه، واللي هيقدر يخطف من الكعكه حته هو بس اللي هياكلها ويسد جوعه بيها. 

واني شايف إن حتى إنت اهه بديت تتنصح وعايز تعملك موصلحه، فمش غريبه يعني إن كل واحد يدور على حاله هو بس. 

هاااه قولت ايه، موافق ونربحوا احنا التنين، ولا هتقول له ولا تستفاد إنت ولا اني. 

أبو دراع سكت ثواني يفكر وبعدها رد عليه:

موافق بس بشرط.. العشرين راس اللي عتجيبهم ليا فيهم خمسه كراي وحق خدمتي فيهم وكل وشرب وقص ورعيه.. ولا هشتغلك كلاف وراعى ببلاش اياك؟ 

سلام:

-كتار الخمسه اتنين كفايه. 

ابو دراع: اربعه اخر كلام. 

سلام:

- تلاته ومتنطوقش

أبو دراع:

موافق بس انقيهم على عجب عيني. 

سلام:

-استبينا، شوف ميته هتروح السوق تلقط اللي هتجيبه لروحك عشان هروح معاك اني كمان اجيب بتوعي. 

خلص كلامه وهمل ابو دراع وراح ناحية البيت وهو مبتسم بنصر، وأبو دراع همس لنفسه ورا منه.. والله وابتدت جدران بيتك ولمتك وعزوتك يامقاول تسقط طوبه ورا طوبه، وطلع الاسمنت اللي طول عمرك عتأسس بيه فجدران المحبه وتبنى بيه جسور الأخوة مغشوش، والطمع كشر عن انيابه خلاص


❈-❈-❈


اما عند بيت عبد الصمد

قاعد هو ودهب مرته وبشاير بته عيتغدوا، وسمعوا خبط عالباب فقامت بشاير تفتح، وأول مافتحته وقفت متفاجئه وهي واعيه اللي عالباب، واللي كان السيد ومعاه مره كبيره فى سن امها دهب، والظاهر إنها أمه، واتوكدت من إكده لما المره داي هجمت عليها مره وحده وخدتها فحضنها وهاتك يابوس ومن وسط المباوس قالتلها:

-انتي بشاير خطيبة السيد ولدى مش إكده؟ايوه انتي أومال ايه ماهو مفيش غيرك صبيه في الدار. 

خلصت جملتها وبصت للسيد وهي مبتسمه وقالتله:

-صوح فلقة قمر كيف ماقلت ياسيد وطلعت شكل الوصف بالمظبوط، واني اللي كنت عاملاك عتخرط! 

السيد رد عليها بوله:

اديكي شفتي بعينك يمه صدقتيني دلوك؟ 

أم السيد:

صدقتك ياولدي، صوح البنيه سبحان من خلق فصور. 

بشاير كل ديه واقفه وساكته ومنطقاش بكلمه، لكن قطع السكوت حس أبوها عبد الصمد من وراها وهو عيقولها:

-عسألك يابشاير مين عالباب مين عالباب مراداشي ليه يابنيتي؟ 

وبس وصل وشاف اللي عالباب، حتي هو اتاخد من المفاجأه للحظات، وبعدها انتبه وابتدا يرحب بالسيد وامه الترحيب اللي يليق بعبد الصمد واصله:

السيد؟ 

اتفضلوا يابوي اتفضلوا واقفين ليه عالباب إكده؟ 

خشي يابشاير وخدي خالتك معاكي وضايفوها مليح انتي وامك واعملي ضيافه للسيد وهاتيهالنا عالمندره. 

هزت بشاير دماغها بطاعه وخدت ام السيد معاها ودخلت بيها جوه، 

وعبد الصمد اتقدم عن السيد على باب الاوضه اللي عاملها مندره للضيوف، والسيد طول ماماشي وراه عينه علي بشاير وهي ماشيه، ومش شايف حتي مواطن رجليه ولا حاسس بخطاويه. 


ودخل هو وعبد الصمد المندره، وابتدا السيد الكلام، وأول جمله قالها:

-حقك علي راسي ياعم عالعمله اللي عيملتها والغلطه اللي غلطتها فحقك، اني والله ندمان ندم مايعلم بيه غير ربنا، بس والله يومها كنت سكران ومغيب وماعرفت اني هببت ايه ولا كان فيا ذرة عقل حتي اميز بيه إني عرتكب اكبر جريمه في الدنيا، فحق بتك وحقك وحق اهلي وحق نفسي.. حقك على راسي. 


خلص كلامه ووطى على يد عبد الصمد حبها بحركه سريعه مقدرش عبد الصمد يتفاداها، وكمان وقف وحب على راسه قوام، وقعد وكمل قبل ماعبد الصمد يعقب علي كلامه وتصرفه:

-اني تبت لله ياعم وعرفت ان الله حق وهقعد اكفر عن ذنبي لاخر يوم فعمري.. واحب اطمنك على المحروسه بتك اللي هتكون من نصيبي، بأذن الله إني هحطها فعيوني وهصونها وهعاملها بما يرضى الله وهتكون تاج فوق راسي، وديه عهد يحاسبني عليه ربنا وانت تحاسبنى عليه لو موفيتش. 

عبد الصمد:

- ياولدى إنت لساك صغار عالوعود والعهود والكلام الكبير اللي عتقوله ديه، إنت لساك مبلغتش سن الجواز من الاساس فكيف هتعرف قيمته ومسؤليته، وبعدين إنت جاي تقولي الكلام ديه ليه دلوك، واشمعنا دلوك بالذات بعد ماشفت بشاير في المستشفى! 

السيد:

مش هكدب عليك ياعمي أني صوح لما شفت بتك عجبتني ودخلت مزاجي وفرحت بنصيبي اللي قسمهالي، ومن ساعة ماشفتها واني لا على حامي ولا على بارد، وقلت فعقل بالي إنها اكيد كارهاني وهتتجوزني غصبانيه عشان الحكم اللي اتحكم وبس. 

واني مش عايز إكده، اني عايز اتجوزها ونبقوا كيف اي اتنين طبعيين، وميكونش مابينا غير الموده والاحترام، وديه مش هيوحصول فيوم وليله، فقولت اقرب الكام شهر الفاضلين دول. 

واحاول اني اخليها تصدق وتآمن إني تبت وانها كانت غلطه ومش هتتكرر وتغفرهالي،؛ عشان لما نتجوزوا متكونش في النفوس حاجه. 


عبد الصمد خد نفس وزفره وبص للسيد وحس بإرتياح وهو واعي الصدق فعنيه، ورد عليه وقاله:

-والله ياولدي إنت كنت صوح ساعى للخير والمحبه الخالصه لوجه الله فربنا هيعينك عليها، اما إذا كنت ساعى لشي تاني فربنا هيقفلك بالمرصاد؛ عشان الولايا مكسورين الجناح وحوبتهم ربنا وحده اللي عيخلصها ومعينسهاشي لعلمك.

 

السيد:

والله ياعمي اني ماقاصد غير كل خير، ومن اليوم وطالع هكونلك الواد اللي مخلفتهوش واكون تحت رجلك تؤمرني تلاقيني لبيت وقلتلك نعم وحاضر، وايش ماتعوز، وايش ماتحتاج اني سداد، والايام هتثبتلك. 

عبد الصمد اتنهد ورد عليه:

فعلا الايام وحدها هي اللي هتبين وتكشف المطمور جوا القلوب.

خلص كلامه وشاف بشاير بره الباب واقفه بصينية الشاي والضيافه، قام اتلافهم منها ودخل بيهم وهي مشت راحت تقعد جار امها وام السيد اللي من ساعة مادخلت وهي لازقه جارها وعماله تفعص فيها وتتملى فجمالها. 

قعدت بشاير بعيد لما عاودت حداهم تاني وام السيد قالتلها:

- ايه ياحبيبتي قعدتي بعيده عني ليه، تعالي جاري إهنه ياحبيبتي

ردت عليها دهب:

بزياداكي قظقيظ فى البت ياام السيد، انتي مش لسه جايه تشوفيها عشان تخطبيها لولدك، الفاس وقعت في الراس وصاروا فحكم المخطوبين بحكم الشيوخ، فمليهش عازه اللي عتعمليه ديه. 


أم السيد ردت عليها بضحكه وهي عتميل تفتح صره جارها كانت داخله بيها فيدها:

-له والله مالقصد ياحبيبتي، بس كل الحكايه انها عجباني وكل حاجه فيها عجباني وعتملا فجمالها مش عقظقظ، وكنت عايزاها تقعد جارى عشان افرجها اني جايبالها ايه.. قالتها وهي عتطلع حتتة جلابيه مطوه صفره لماعه بسلكه مدهب من الصره، وكمان شال لونه عنابي، وجلابيه جاهزه بكالوش لونها كرومبي، وشبشب لونه ازرق بتوكه لماعه، وحطتهم على رجل دهب وقالتلها:


دول ذوق السيد، نزل البندر مخصوص امبارح جابهملك على عجب عينه ومن حر ماله، وقالي يمه تعالى نروحوا نودوهملها ونفرحوها، وجابلك حاجه تانيه كمان بس هو اللي هيديهالك بروحه، عشان عايز يقولك كلمتين لحالكم ويفهمك على حاجه، والمهمه داي مهمتك يادهب يختي، شاوري جوزك وقوليله السيد عايز يحكي مع خطيبته كلمتين لحالهم. 

سمعت دهب الكلام، وبصت لبشاير تشوف ردة فعلها، لكن بشاير مكانش واضح عليها اي رد فعل، وملامحها كانت جامده، وحتى الخلجات اللي جايباهملها ام السيد مبصتش عليهم، ولما ملقتش شام منها رد فعل بالرفض، شالت الخلجات من حجرها وحطتهم على جنب، وقامت تعمل اللي قالت عليه ام السيد، من سكات. 

دهب قدام باب المندره، وشاورت لعبد الصمد، وهو قام وراحلها، ولما وصلها قالتله بحس واطى:

أم السيد عتقول إن ولدها عايز بشاير فكلمتين وانه جايبلها حاجه عايز يديهالها قلت ايه؟ 

عبد الصمد بصلها وبص للسيد ورجع بصلها تاني وسألها:

-انتي رأيك ايه يادهب؟ 

دهب: اني رأيي خليهم يتحدتوا يمكن ربنا يرمى المحبه فى القلوب ويهديهم على بعض، ويتعدل حال وحده فيهم مش هيبقوا التلاته بختهم مايل. 

عبد الصمد هز دماغه بموافقه، وقالها تنادي بشاير، ووقف استناها لحد ماجات، وخلاها تدخل وقعدها قبال السيد عالدكه المقابله ليه، وهو طلع من المندره بس قعد قدام بابها علي دكه بحيث إنه شايفهم هما التنين، بس مسامعش عيقولوا ايه. 


اما السيد فبمجرد مادخلت بشاير الاوضه وقعدها ابوها قباله، وقلبه نصب فرح وبقى يرقص بين ضلوعه ويتشال ويتحط، وأول جمله نطقها بدون وعي:

-انتي حلوه قوي قوي يابشاير

بشاير رفعت عنيها عليه بإستنكار لجراءته، وإن المفروض أول لقاء بينهم ميديهش الحق يقول الكلام ديه، ولا يخلي حداه الجراءة كمان! 

والسيد بمجرد ماشاف الاستنكار فعيونها وهي بصاله قوام صلح موقفه وقالها:

-اني والله ماقصدي اقول حاجه عفشه واصل،اني بس اللي فعيوني على لساني، وعيوني اللي شايفينه مش شويه. 

خلص كلامه ومد يده فجيبه وطلع منها قماشه صغيره حمره مربوطه، وفتحها ورفع من وسطها حجل فضه بسفاسيف، وبص لبشاير وقالها:

ديه اشتريتهولك عشيه يابشاير من حر مالي ومن تعبي وشقاي هو والحاجات اللي عطتهملك امي، وكلي عشم إنهم يكونوا عربون محبه. 

بشاير:

-عربون محبه؟! هو انت مفكر إن المحبه عيشتروها شرا ولا ايه؟ اللي فهمك إكده غشيم وغلطان. 

السيد ابتسم ورد عليها بفرحه:

يابوي عالحسس اللي احلا من ناي الواد غندور! 

بشاير سكتت ومردتش وبصت بعيد، والسيد كمل حديته: بصي يابت الحلال، صوح المحبه محدش عيشتريها، بس كمان الرسول عليه الصلاة والسلام قال:

( تهادوا تحابوا) ، يعني هادوا بعض عشان تكون فيه محبه بينكم، وديه الكلام اللي علمهولنا الشيخ حكيم،

 وداي هديه متي ليكي وراجي بيها محبتك. 

بشاير بصتله وحضرت حالها عشان ترد عليه وتفكره إنه مليهش حق في الطلب ديه بالذات، وان اللي عيمله مليهش شفاعه ولا سماح، لكنه سبقها بالكلام وقالها:

شوفي يابشاير، اني خابر زين اني هببت ايه، والنهارده اني مش جاي انكره ولا اقولك انسيه واللي فات مات؛ عشان اللي عيملته فلحظة طيش مني عمره ماهيموت ولا هيتنسى اني خابر، بس عايز اقولك واللي انزل القرآن اني ماكنت بعقلي ولا برشدي، ولا فاكر من اللي جرا يومها غير طشاش، وحتى اختك مافاكر منها شي ولا عارف ملامحها ولو شفتها في الطريق والله مااعرفها.

اني كل اللي جاي اقوله اني نادم، نادم ومستعد اكفر عن غلطتي باللي تطلبيه وتؤمري بيه، وأوعدك هصونك واعزك وتكونى إنتي بس اللي فى القلب والعين وفوق الراس كمان، 

و يابت الحلال إحنا خلاص مصيرنا اتربط فرقابى بعض، واني معاوزش يكون مابينا غير كل خير. 

جايلك وناخى اصلك الطيب وكرم اخلاقك وطالب منك تسامحيني وتعطيني فرصه تانيه، رب العباد بجلالة قدره عيغفر، واني طالب السماح من عبده من عباده، ياهل ترى هلاقى حداكي الغفران يابت الأصول ولا هترديني خايب الرجا مكسور الخاطر؟ 

بشاير كانت عتسمعه بملامح جامده، وبعد ماخلص كلام منطقتش، وهو بص لعيونها وشافهم جامدين، اتنهد وكمل وهو باصصلها:

اني خابر إنه مش بالساهل، وعارف إني هتعب على ماانول الرضى، بس اني أوعدك يابت عمى عبد الصمد، وحياة عيونك الحلوين دول لأحاول وأحاول وأحاول. 

ومش هتعب ولا همل وابطل دق علي باب قلبك لغاية ماتفتحيلي الباب وتدخليني ويوبقي بيتي وسكنته. 

خلص كلامه ووقف واتحرك ناحيتها وهي مراقباه بعيونها، وحط القماشه بالحجل جارها، وبعدها اتحرك ناحية عبد الصمد ووقف قدامه وقاله:

لو تتكرم تناديلي امي ياعم عشان نعاودوا بلدنا بزيادنا. 

عبد الصمد:

-مالسه بدري ياولدي..خليكم اتعشوا معانا، قلتوا متغديين وحلفتوا وصدقناكم، خلونا نقوموا بواجبكم عالتمام عاد. 

السيد:

- بدري من عمرك وعمر حبايبك ياعم، معلهش يادوبك نلحقوا والجايات كتير وهنقعدوا اكتر. وبعدين مين قالك إنك مقمتش بواجبنا، ديه كفايه ملاقاتك لينا بس داي لحالها بألف واجب 

تسلم ياابو الأصول عالاستقبال اللي مكنتش متوقعك تستقبلهوني، ومتشكر ليك عشان سمحتلي اتحدت معاك ومع بتك وهملتوني اقول اللي فخاطري.. انتوا ناس من دهب وتتحطوا عالراس والله. 


ابتسمله عبد الصمد ومردش عليه، ونادى على مرته دهب وقالها تقول لام السيد إن السيد مستنيها عشان يعاودوا، ودهب قالتلها وام السيد قامت طوالي،

 وطلعت هي والسيد وهما التنين الرضا ماليهم من بشاير  اللي مكانوش يحلموا بيها عروسه للسيد حتى فأحلامهم ولا كانوا يحلموا يناسبوا واحد كيف عبد الصمد فطيب اصله وكرم اخلاقه. 


أما بشاير فبمجرد مامشى السيد وأمه، وابوها وامها مشوا من قدام المندره، بصت للحجل، ومدت يدها عليه بتردد، ومسكته ورفعته قدام عنيها وبصتله واتأملته كتير، واثناء تأملها كلام السيد كان عيدق فراسها وينعاد على مسامعها، وبعد وكت من التأمل رفعت رجلها عالكنبه، ولبست الحجل فيها، وبصتله هبابه قبل ماتنزل رجلها وترفع التانيه تلبس فيها الفرده التانيه، وبعدها وقفت على حيلها وخطت خطوتين، والحجل سفاسيفه عملت صوت خلاها ابتسمت وهي عتسمعه، ورجعت قعدت تاني، ومدت رجليها وهي عتتأمل الحجل عليهم، وعتسأل حالها ياترى الحجل بتاع السيد اللي حطته فرجليها ديه هيكون قيد من وجع، ولا هيكون رباط محبه؟ 

وياترى فيه أمل إن قلبها يميله فيوم من الأيام وينسى اللي جرا لشام بسببه، ولا هيفضل القلب معبي وشايل وملكوم منه لاخر العمر ؟! 


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف من رواية نفق الجحيم الجزء الثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة