رواية جديدة قلوب لا ترحم لنانسي الجمال الفصل 14
قراءة رواية قلوب لا ترحم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قلوب لا ترحم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة نانسي الجمال
الفصل الرابع عشر
وما الروح للروح إلا أمان…
وما قلبك و أحضانك إلا دفء
❈-❈-❈
تحرك محمد للغرفة جالسًا علي الفراش وكل ما فعلة مع منتصر يعود لمرأى عينه مثيرًا الحزن والبغض علي ذاته
ولجت هناء للغرفة لتطمئن علي محمد؛ رفضت انسام النوم وأصرت علي أن تتحدث رفقه محمد حتى اخبرتها هناء بوضعة لترضخ الاخرى
تحركت ناحيته لتصعد جواره علي الفراش جذبته لاحضانها ولم يعارضها ابدًا؛ استلقى هناك حيث قلبها السليم الذي يدفعه للصواب دائمًا، همست بخفوت وهي تعبث بخصلاته :
_ ربنا غفور رحيم يا محمد؛ انتَ غلط و توبت لربنا منتصر سامحك وربنا هيسامحك ان شاء الله فاضل انتَ تسامح نفسك
هربت الدموع من عينه وهو يضمها دون كلمة، ذنب فتحية وجميلة ونوران بعنقه ولا يعلم إن سامحوه أو لا؛ لكن يخشي اخبارها كي لا تظن به أي تعلق ناحية فتحية.
لم تتحدث مجددًا وهي تمرر يدها بخصلاتها بينما ترتل بعض آيات الذكر تارة وأخرى تدعي له
❈-❈-❈
كان معتصم يجلس بالغرفة مع غريب؛ رفض تركة للجلوس وحدة رغم حاجته لذلك لكنه يخشي علي غريب من ثورة افكارة
تحدث بصبر نافذ وغضب :
_ يا بني انتَ ما تبطل شرب زفت سجاير، وبعدين من أمتي بتدخن اصلًا!
نظر له غريب لثانية قبل أن يعيد تركيزه للسجارة وهو يجيبه ببرود:
_ مش بدخن بس العلبة دي عندي كل أما أتعصب بشرب منها تهديني
تجعدت ملامح معتصم بضيق؛ نهض يسحبها من يدها ثم لحقها بالعلبة كاملة وهو يخبره بحده:
_ مفيش زفت تاني لما تتعصب صليلك ركعتين أستغفر ؛ أعمل أي حاجه نضيفة بدل القرف دا
تنهد غريب وهو يحاول قمع غضبة؛ بوضع اخر كان ليسعد بتفكير معتصم ونصحه له لكن ألان لا يحتاج ما يثير حنقه أصلًا لكنة فضل الصمت عن التصارع معه
بعد دقائق صامتة التف لمعتصم بسرعة وغضب جعلا الاخر يتوجس حينما هتف به غريب بضيق:
_ شوفت منظرها؟؟ انا الود ودي أروح أرن ابوها دا علقة تخلية راقد في السرير وبعدين اسألها ايه الي حصل
سأله معتصم بسخرية رغم ضيقه هو الاخر:
_ وأفرض مش أبوها ؟
حرك غريب كتفيه وهو يجيبه بينما يعيد ظهره يشتند علي الفراش:
_ عادي انا كدا كدا هموت و أضربه وأبقي حققت الي في نفسي وبعدين نروح نضرب الي فكر يلمسها
رمش معتصم بذهول؛ ليس لاختلاف رغباته عن غريب بل هي متشابهة ولكنه لم ولن يعترف بها بتلك السهولة،هتف به باستنكار :
_ انتَ فاكرنا بلطجية ولا ايه يا غريب؟
إبتسامة عريضة خطت علي وجهه وهو يجيبه:
_ لا مش بلطجية بس لو حبينا نبقي بلطجية قصاد حد ظالم يبقا براحتنا
حك معتصم عنقة ببعض التفكير وبداء فكر غريب يغرية ليقتنع نفض رأسه من افكارة وهو يهتف به بضيق:
_ بقولك ايه انتَ تسكت وأحتفظ برأيك و مبدأك دا بعيد عني أنا مش ناقص جنانك
_ انتَ الخسران
تمتم غريب بحنق؛ كان يود العبث بعقلة حتى يذهبا لضرب الاخر دون علم والدهم لكن معتصم محصن ضد كلماته وسحرة
❈-❈-❈
جلست فتحيه بغرفتها رفقة الفتاتين اليوم كان مليء بالأحزان والأشواق؛ تحدثت نوران بنغمة ناعسة:
_ انسام صعبت عليا يا ترى مين عمل كدا؟
كانت فتحية تعبث بخصلاتها وجميلة همهمت بالايجاب؛ منظر انسام لامس قلوبهم علي هيئتها؛ لم يتعاملوا معها كثيرًا لكنها كانت طيبة القلب
أستمرت فتحيه بضم الفتاتين حتى سقطت نوران بالنوم وبقيت جميلة مستيقظة؛ همست فتحية لها بلوم:
_ كدا تنزلي بدري و تقلقيني
أجابتها جميلة بصوت ناعس هي الأخرى :
_ مكنش قصدي يا حبيبتي بس كنت محتاجه بابا لوحدي
قبلت فتحية رأسها دون إضافة، نامت الفتاتين لتسحب فتحية ذاتها من بينهم ثم غطت كلتهما وغادرت الغرفة
وقفت بشرفة المنزل وهي تطالع الشارع أمامها؛ كم كان ليسعد منتصر حينما يعلم بتقدم شقيقة! تتذكر حينما مات كانت تائهة لكن تدفع ذاتها للاستمرار من أجل الفتيات؛ ذات ليلة تذكرت عائلته وقررت إخبارهم أنه توفى ولكنها رفضت أخبارهم بمكان قبرة؛ لعل ما فعلتة ألان يعوض قسوتها بذلك الوقت
كان عقلها يغرق ويغرق بالماضي يراجع أخطائه ويراجع مدى الظلم الذي تعرضوا له؛ كانت تكره تلك اللحظات التي يعود عقلها للعمل لذا تحركت تنوي إعداد الطعام ليمنع أفكارها من العبث بعقلها أكثر
❈-❈-❈
انتظرت هناء حتى هدء محمد نهض ليصلي ركعتين لله وكان ذلك مهربه منذ زمن؛ انهى صلاته لتتحدث بصوت خجل:
_ معلش يا حج انا عارفة إنك تعبان؛ بس البت انسام قلقانه ومش علي بعضها و محلفاني لما تهدي تقعد تتكلم معاك
اجابها سريعًا ببعض اللوم:
_ انتِ بتقولي ايه يا هناء؟ بقا دا كلام يتقال بزمتك؛ انسام بنتي وقلقان عليها مش محتاجه معلش دي، قومي يلا اندهيها و أنا خارج
أبتسم بهدوء وهي تتحرك للخارج، قلبها يبكي دمًا علي ما حدث لتلك الصغيرة التي رفضت التحدث سوي أمام محمد..
فُتح باب غريب وطل منه وهو يسالها بصوت منخفض:
_ ايه يا ماما قالت حاجه؛ هتكلموها؟
قلبت عينها بانزعاج منه؛ كان ككلاب الحراسة كلما فتحت باب وأحس بحركتها يركض لها يسال إن قالت انسام شئ أو سوف يتحدثوا ومع ذلك ينكر حبها؟؟:
_ اه أبوك قالي أندهها عشان هنتكلم
_ يالا اوعي ايدك من علي وشي
هتف معتصم بغضب وقد كان يقف وراء الباب يحاول الخروج لوالدتها بينما غريب يبسط كفه علي وجهه ويدفعه منه للوراء، رحلت هناء فهي لا نفس لها لعبثهم وقد كان اليوم مليء بالمصائب بما يكفي
أبتعد غريب متحركًا للخارج ولحق به معتصم حينها هتف غريب به بضيق :
_ انتَ عيل معندكش ريحة الدم؛ وسط كل دا و بتهزر
صدم معتصم متيبسًا بمحله ينظر للاخر بصدمة؛ أكمل طريقة وهو يقرر تجاهل غريب
فتحت هناء باب الغرفة دون طرق مسببه انتفاض انسام؛ تحركت ناحيتها سريعًا وهي تعتذر :
_ حقك عليا يا حبيبتي مكنتش أقصد اخضك
كانت ذابلة وكأن مئة عام مروا عليها؛ حاولت الابتسام لتتحرك شفتيها بصعوبة وهي تجيبها بخفوت:
_ ولا يهمك يا خالتي؛ عمي محمد بقا كويس؟
أجابتها هناء بينما تربت علي ظهرها وتدفعها منه للخارج معها:
_ اه يا حبيبتي وعايزك يلا
استنشقت انسام نفس عميق وهي تتحرك رفقتها للخارج حيث نجاتها؛ كما تأمل…
❈-❈-❈
كانت تنظر نحو اصابعها بخجل بينما تقص عليهم ما حدث؛ وكيف يرغب والدها بتزويجها لعجوز تاجر للمخدرات..
تنفست بتوتر وهي تمسح وجهها وترفع عينها تنظر لهم بعدما أنتهت؛ كانت هناء بجوارها تحسبن علي والدها بينما محمد يجلس حاجبين معقودين؛ برغم التعب البادي علي وجهه لكنه جلس معها.. هي ممتنه له
حديثها كان كصواعق كهربائية تضرب جسد غريب ومعتصم؛ انقبض قلبة وكان صقرًا التقفة بين مخالبه يجرح به لينتفض وهو يهتف بها بضيق وهو يمنع ذاته من السُباب أمام والده:
_ انتِ ازاي متعرفيناش حاجه زي كدا؛ كل دا حصل ومفكرتيش تكلمي حد ايه مش شيفانا رجالة
_ غريب
نبس محمد بحده كي يسكته، كانت انسام تراقبة قبل ان ترمش وهي تسأله ببرود:
_ انا رنيت عليك من يومين مردتش ولا كلمتني تاني؟؟
رفع عينه لها سريعًا؛ يتمني لو ما فهمة يكون خاطئ لكنها اكملت بلوم:
_ مردتش عليا ولا حتى فكرت تتصل بيا بعدها، انا كنت بتحامى فيك يا غريب! استنيتك تيجي تنجدني بس انتَ حتى مفكرتش ترد عليا ولا تطمن أنا فيا أيه
عينها..نظراتها والكلمات التي تنساب من شفتيها بخرت غضبه على والدها واندفعت كل مشاعرة مؤنبه معنفة له:
_ يومها كنا في المستشفي بنور رجلها اتحرقت
قاطعته انسام بجمود أكثر وقد أبغضها تبريره:
_ الف سلامة عليها
جلس بمكانة مجددًا وكانت عينه تعتذر لها لكنها معرضة عن النظر صوبة، تحدث معتصم كاسرًا حاجز الصمت :
_ لو تسمحلنا يا حج نروح نتصرف معاه ونربية
رمقه محمد بأنزعاج :
_ مكنتش أعرف إني خلفت بلطجية و اغبية كمان؟
نظر معتصم للأرض بخجل وسب غريب دون سبب بداخله، تسالت انسام بقلق:
_ هنعمل ايه يا عمي؟
صمت لدقائق يفكر وكانت اعصابها تكاد تنفلت خوفًا أن يتخلى عنها محمد… للمرة الاولى!
لكنة تحدث أخيرًا بجديه؛ إذا كان أبنه احمقًا ليتصرف هو :
_ هتتجوزي انتِ وغريب
_ ايه؟
هتفت بها هي وغريب بصدمة؛ كلامها يطالع الاخر شرذًا كالاعداء، اكمل محمد دون إهتمام بهم:
_ طول ما انتِ في عصمة ابوكي مش هنعرف نرحمك منه؛ هتتجوزي غريب عشان نقدر نحميكي منه و متخافيش هيوافق؛ وبالنسبة ليكوا الجواز خلوه هلي ورق بس لحد ما تقرروا عايزين تطلقوا إمتى
توترت من فكره الزواج به لتتحدث ببعض الاضطراب:
_ بس.. أفرض هو بيحب واحدة يا عمي أنا مش عايزة حياتة تقف عشان تلحقوني؟
نظر لها محمد بملل وهو يخبرها بهدوء :
_ لو بيحب واحدة يعرفها ظروفه ويا توافق يا تستنا تطلقوا، ها يا غريب موافق تلحق بنت خالتك؟
نظر له ببعض التردد غير راغبًا أن يجبر علي الزواج؛ لكن نظرة ناحيتها بتلك الكدمات واحمرار عينها الباكية جعله يجيب بينما ينهض ليغادر:
_ اكيد موافق يا حج؛ بنت خالتي في رقبتي لحد ما نخلص من ابوها وبعدها كل واحد في حالة، انا داخل اريح جسمي
كلماته زادت من انفطار قلبها؛ هي مجرد عبء عليه سيحمله بسبب نخوته فقط لا لرغبته بها، ربتت هناء علي كتفها لتمنحها انسام بسمه منكسرة ليتحدث محمد:
_ خديها يا هناء تنام حبه، متخافيش انا هتصرف مع ابوكي
بعد مغادرتهم تحدث محمد بسخرية وسخط:
_ اخوك غبين
أجابه معتصم بغضب من غريب :
_ وحيوان يا حج والله
_ طب قوم هاتة وتعالا عشان هنروح مشوار
تحرك محمد رفقتهما مغادرين المنزل.
❈-❈-❈
كانت نور خرجت لتشارك عائلتها الغداء وكان هيثم بالمنزل ايضًا؛ وضعت عبير الطعام قبل ان تساله بجدية:
_ مش ناوي تلم نفسك وتنزل مع عمك الشغل؟ عمال تقولي سبيني انا هشتغل علي طرف صح واديك في الأخر قاعد جمبي
لم يجيبها وهو يتناول الطعام وصمتت هي لم تستكمل حينما استدارت لنور متحدثة:
_ رجلك عاملة ايه؟
أجابتها نور وهي تدرك أن والدتها ستلتف لها الأن :
_ أهي اتحسنت شوية
لتومئ لها عبير وهي تطالعهم بسخرية، حمقى لا فائدة منهم نهضت تاركة الطعام وهي تهتف بغضب:
_ منكوا لله سديتوا نفسي
همست نور باستغراب وهي تراها ترحل:
_ مالها دي اتجنت ولا ايه؟
أجابها هيثم دون اكتراث بما يدور معهم وهو حزين قليلًا علي انسام لما تملكه من قلب طيب:
_ عادي تلاقي زيارة عمك جنتها
❈-❈-❈
استيقظت جميلة من نومها ووجدت السرير فارغ؛ تحركت بنعاس تتجه للخارج بحثًا عنهم.
كان الجميع بغرفة المعيشة حيث أنضم عزت لهم لتهتف بينما تدلف:
_ صباح الخير؛ بقا كدا سايبني نايمة كل دا
أجابتها فتحيه بهدوء:
_ صباح النور يا حبيبتي مرضيناش عشان كنتِ تعبانه
تدخل عزت وهو يسالها بنبره هادئة:
_ عاملة ايه دلوقتي
كانت ترغب بتجاهله كان لغز محير لها وهي تكره الالغاز المتعلقة به؛ فعزت بشع ترى به خصال عديدة لا تطيقها ولكنه بيوم زيارة والدهم دائمًا ما يتحول لشخص أخر؛ كأنة يصاب بعدوي الطيبة من والديها
اجابته بدون إهتمام :
_ الحمد لله كويسه، ماما عملتي الغداء
_ اه اغرفلك؟
_ لا خليكي انا هاكل في المطبخ
قالت كلمتها وهي تغادر سريعًا قبل ان تبداء والدتها محاضرة عن ذلك؛ أمسكت هاتفها الذي دق برقم أحمد وتلقائيًا أعاد عقلها وجودة صباحًا بالمقابر؟ كيف عرف حتى!
فتحت الخط وهي تضع الهاتف بين رأسها وكتفها بينما تجيبه وهي تتحرك لوضع الطعام :
_ الو
_ ايه يا جميلة كل دا مش بتردي؟ انتِ نسيتي إن انا خطيبك ولا ايه
كان صوتة مرتفعًا مما جعلها تترك ما تحمل وتمسك الهاتف تجيبه بجمود:
_ أرد ولا مردش أنا حره؛ انتَ بقا تخلي بالك من نبرة صوتك معايا زي ما قولت خطيبي مش ابويا
انخفضت نبرته وتحول صوته لعتاب:
_ انتِ بتتعاملي معايا كدا ليه يا جميلة ! انا عملتلك ايه وحش خلاكي مش طيقاني كدا؟ انتِ رافضة تخليني اقرب منك ومن مشاعرك
تنهدت بغضب وقد سأمت من أحمد وعبثه معاها، أجابته بنفاذ صبر:
_ أحمد لو سمحت انا تعبانه ومش فاضية ولا مستحمله يلا سلام
أغلقت الهاتف بغضب وهي تدسه بجيب بنطالها وتكمل تناول طعامها.
❈-❈-❈
وقف كل من معتصم وغريب رفقة محمد أمام باب بيت انسام وكان الباب مفتوح بالفعل كما تركته هي!!
ضحك غريب بسخرية وشق طريقه للداخل وهو يتحدث :
_ واضح ان المحروس لسه نايم
تحرك محمد جالسًا علي الاريكة التي تتوسط الغرفة وتحدث بجدية بينما ينظر لأبنيه:
_ صحوه و جيبوه ليا
ظل جالسًا فاردًا يده علي قدمه نظر معتصم وغريب لبعضهم بأبتسامه قبل ان يتحركا سويًا
ولجا للغرفة ليجدوا مجدي مسطحًا علي الفراش؛ بصق غريب نحوه وهو يتمتم بتقزز :
_ نتن
أبتسم معتصم بشر وهو يحدث أخيه بسخرية :
_ انا نسيت أجيب ماية يا خويا
أعاد غريب رأسه للخلف وهو يجيبة بضيق مصطنع:
_ يووه بقا يا معتصم هتخلينا نضطر نلمسه؟
مع انتهائه كان يتحرك هو ومعتصم ناحية مجدي؛ ضرب معتصم يده علي كتفي مجدي بعنف وهو يسحب ليستقيم مسببًا استيقاظه فجعًا ولم يتاخر غريب وهو يوجه قبضته له يلكمه بقوة وهو يشتمه بغضب:
_ يابن ال*** بتمد ايدك عليها
دفعه معتصم ناحية غريب ليمكسه الاخر ويديره له وسط صراخ مجدي؛ رفع معتصم قدمة يلحمها ببطن مجدي وهو يخبرة بسخرية:
_ عامل عليها دكر يا حيلتها
تبادل الاثنين علي ضربة وسَبه بينما مجدي يصرخ ألمًا، كان محمد جالسًا بملل يوزع نظراتة حول أنحاء أركان الغرفة وهو يدعي عدم سماع كل ما يحدث خلف الغرفة التي تبعد عنه خطوتين؛ همس بسخرية:
_ مش معقولة الولاد دول اتأخروا اوي في تصحيته!!
زفر وهو يهتف بصوت مرتفع نسبيًا وقد مل الجلوس:
_ معتصم غريب صحتوه؟
توقف صوت الضربات داخل الغرفة ولم يتبقي سوى تأوهات مجدي؛ ثوان والقى الاثنين مجدي أمام قدم محمد ومعتصم يخبره بجدية كاذبه:
_ نومه تقيل اوي يا حج
كان مجدي يتلوي المًا ودماء تنزف من فمه وحاجبه؛ نظر محمد بلوم للفتيان وهو يخبره بنبرة ممازحة:
_ ولاد دا عدي عليه قطر بليل !
كتم غريب ضحكت بصعوبة ومعتصم يجيب والده بعبث:
_ اه يا حج تخيل؟
تنهد محمد يبعد المزاح عن وجهه حينما صرخ مجدي بغضب:
_ انا هوريكم ؛ عامل عليه روباطيه يا محمد يا شنديري المحروسة بعتاكم تربوني! اه ما انتو متمشوش الا ورا كلام النسوان
تحرك معتصم وغريب ناحيته وقد استفزهم مجدي لكن محمد رفع يده يوقفهم؛ نظر له مطولًا قبل ان يتحدث بهدوء:
_ روباطية مره واحده يا مجدي؟ دا أنا وعيالي بس؛ روباطية دي تقولها لما اجيلك انا وكام واحد من عيلة الشنديري، وبعدين احنا بنمشي ورا حريم عيبه منك دي
شعر مجدي بالتوجس من محمد، ذلك الهدوء والكلمات المعاتبة تجعله يقلق منه لكن محمد لم يتأثر بملامح الأخر وهو يستكمل :
_ بص يا مجدي عشان انا مش هقعد اليوم كله، الي عملته في انسام شكل حد ردهولك وانتَ نايم !
أبتسم محمد والاخر يقاطعه بغضب:
_ حد ردهولي وانا نايم؟ مش عيالك الي دخلوا عدموني العافية جوه؟
صفعة غريب علي عنقة بعنف وهو يخبر والده :
_ شايف يابا بيتبلا علينا ازاي؟ سيبنا ناخد حقنا
كان محمد يمسك الضحكة علي طرف فمه بصعوبة وهو يخبره بهدوء:
_ معلش يا غريب انتو مش هتضربوا واحد كبير يعني
صمت مجدي وهو يري العُصبة التي شكلوها أمامه، نطق محمد بجدية:
_ انتَ كلب فلوس وانا عارف؛ انا إيه دا الدنيا كلها عارفه إنك كلب فلوس عشان كدا هديلك الفلوس الي انتَ عايزها كلها أطلب وأتمني وأنا أنفذ
أزداد الشك بقلب مجدي ونظر له بحرص بينما يسأله:
_ وأية المقابل
تنهد محمد بأرتياح وهو يجيب:
_ هتوافق علي جواز انسام وغريب
صمت مجد قليلًا يفكر بالأمر ليسأل ببعض الشك:
_ طب وافرض بعد الجواز مرضتش تديني الفلوس!
أجابه محمد بثقة وحده:
_ اولًا احنا عيلة الشنديري وكلمتنا واحده ثانيًا هديك حبه دلوقتي، معتصم هات الشيكات
تقدم معتصم يعطية الاوراق ليقوم محمد بتزينها برقم ثم مدها لمجدي، أتسعت عينه بصدمة ولم يتخيل بحياتهم ان انسام تساوي كل هذا؟
قاطع محمد ساعدته وهو يخبرة بشرطة:
_ بس مفيش مليم هيتصرف قبل كتب الكتاب؛ يعني لو سمعت إنك سحبت الشيك قبل ما نكتب الكتاب هاجي أسحب الفلوس من زورك عشان انتَ ميتوثقش فيك
لم يهتم مجدي بحديثة ولا بوقت صرف الشيك كل ما يهمه انه يمسكة بين كفية ليخبر محمد بجدية:
_ طب تعالوا نكتبه دلوقتي
أجابه محمد بينما يتحرك ليغادر :
_ لاء لما احنا نقرر
أوقفه غريب بجدية جاعلًا الاخر يعقد حاجبيه ليتحدث أخيرًا :
_ خليه يغني أنا كل لحد ما ننزل من العمارة وبصوت عالي كلنا نبقا سامعينه
نظر محمد له بضحكة قبل أن يلتفت لمعتصم وهو يخبرة بغمزة:
_ شوفت عقل الشياطين؛ بس سيبك محترم وبيستأذن
استدار بعدها بينما كان معتصم يبتسم بهدوء علي كلماته؛ نظر لمجدي وهو يخبرة بجدية :
_ اه شرط كمان
قبل أن يكمل كان مجدي يتدخل مجيبًا:
_ اؤمر يا حج محمد
ظل محمد محافظًا علي ثبات جديته بصعوبة:
_ غني بصوت عالي انا كلب لحد ما نمشي من العمارة ولو نزلنا تحت وصوتك مكنش واصل ممكن يعدي عليك قطر تاني يعالم؟
جحظت اعين مجدي وقبل ان يتحدث تدخل غريب:
_ ولو رفضت يبقا هات الفلوس واحنا كدا كدا نعرف نقنعك بالغصب
أبتلع مجدي لعابة وهو يتذكر لكماته؛ الفتى يده مثقولة بغضب أسواء من الشياطين؛ ضغط بيده علي الشيك و اجابهم بكلمتين فقط :
_ انا كلب
ضحك غريب بسخرية وهو يعطيه ظهره؛ كان محمد ومعتصم يضحكان علي مجدي الذي إستمر بتكرير العبارة بصوت مرتفع، ربت معتصم علي كتف غريب يدعمة علي الفكرة الجهنمية تلك؛ نفض غريب غبارًا وهمي علي كتفة وهو يخبرة بضحك وثقة:
_ مفيش داعي للشكر
رحل الثلاثة وسط ضحكاتهم ومزاحهم علي مجدي الذي أرتفع صوته مزينًا البناية بأكملها بجملة واحدة:
_ انا كلب..
❈-❈-❈
تحركت جميلة تغلق الباب خلفها قاطعة طريقها للاسفل لتجلب بعض الاشياء؛ توقفت تبتسم وهي ترى محمد والشابين يصعدون تحدث محمد بهدوء
_ عامله ايه يا حبيبتي
اقتربت منه بخفه وهي تجيبه
_ الحمد لله يا عموا، حضرتك اتحسنت؟
_ اه الحمد لله، رايحه فين دلوقتي كدا
_ نازلة أجيب كام حاجه نقصانا كدا
أجابته بهدوء وهي تتجنب النظر لمعتصم؛ كان قد لمس بها شئ بعد موقفة صباحًا بداء يزعزع أمان لا ترغب بهدمه، قبل أن يتحدث محمد كان معتصم تدخل
_ طب أطلعوا أنتم وأنا هروح معاها واجي
_ مفيش داعي
أعتراض سريع نطقته لكن محمد تدخل يمنعها
_ مفيش حاجه أسمها مفيش داعي يا بنتي؛ دا أبن عمك وطبيعي يقلق عليكي، يلا روحو عشان متتأخروش
ابتسمت بغيظ وهي تتحرك ولحقها معتصم لكن ليس قبل أن يمنحه غريب غمزة موحية؛ أستدار ليصعد وجد والده ينظر له بسخرية ليسأله بقلق
_ في حاجه يا حج ولا ايه؟
_ لا مفيش يا عيون الحج! بتغمزله يا أخي اتنيل علي خيبتك الأول وبعدين أغمز للناس عيل كدا معندكش عقل
تركة وصعد بينما غريب كان متصمرًا بمكانه لا يعلم ماذا حدث ليتم معاملته هكذا؛ سريعًا ركض خلف والده وهو يهتف باستغراب
_ طب يا حج فهمني انا عمل أيه؛ يا حج
ظل يردد حديثه لكن محمد لم يجبه ابدًا…..
❈-❈-❈
كانت غاضبة تمامًا من وجوده معها الأن؛ حينما استفاقت بشكل جيد وأصبح عقلها يعمل أدركت مدى الخطورة التي بداء يشكلها معتصم؛ خطورة أن تثق به وتسلم أمانها لة، نظر لها باستغراب قبل أن يسالها بخفوت:
_ أنتِ كويسة؟
رمشت تنظر له وهي تجيبه ببعض الضيق:
_ اه كويسة
ماذا فعل! كل ما يتذكره انهما كانا جيدين حتى الصباح؛ حتى أنهم تبادلوا بعض المزحات لما عادت خلف قوقعتها البغيضة!
سألها بتوتر بينما يتجهان للمنزل مجددًا :
_ أنتِ مضايقة مني في حاجه؟
هذا هو معتصم؛ لقد كان الصمت حليفهم منذ غادروا المنزل لما لا يبقي كذلك فقط حتى يعودان؟
_ لاء معملتش
أسرعت خطواتها مجرد أن رأت مدخل البناية؛ لحقها هو الأخر ممسكًا يدها ويمنعها من الصعود لتهتف بتذمر
_ أنتَ مش بيحلالك الكلام إلا علي السلم؟؟
تجاهل حديثها عمدًا وقد انزعج منها ليسألها بجدية
_ ممكن أفهم فيه أيه ؟ انا كل الي فاكره أننا كنا كويسين لحد الصبح!
ابتلعت لعابها بتوتر هو يجعلها تلج بأماكن خطرة؛ أماكن لم يسبق لها المساس بها حتى في مراهقتها؟ هو يجعلها تفكر بتصرفاته الغريبة التي تجعلها قاب قوسين أو أدني من الصراخ يأسًا
زفرت أنفاسها المضطربة وعي ترى نظرتة الحادة عليها كمن أمسك بجرمه المشهود، لما فقط لا يستطيع التحدث بكلمات ذات أتجاه واحد؟ بدلًا من جعلها تقضي ليلها تفكر هل بالفعل يقلق ويخشي عليها أم لا؛ هل تلك الكلمات كانت بمعني الخوف أم أنها عادية؟ لقد بدأت تشعر بالتخبط من تصرفاته التي تتحول من عدو لصديق لعدو!
أبعدت يدها من كفه بهدوء وهي تنظر لعينه بقوتها ونطقت كمن يؤكد لذاته أكثر من له هو:
_ أنتَ بتكرهني يا معتصم؛ متنساش ده أبدًا مينفعش نكره حد ونقلق علية، متنساش إنك بتكرهني أبدًا
تركته وصعدت ركضًا من أمامه وكان بمكانه كما هو، لا يكرهها..عقلة أجاب بثانية وقد أختلفت نظرتة لها مؤخرًا وأنقلبت تمامًا صباحًا أمام القبر……
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة نانسي الجمال لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية