رواية جديدة نفوس طاغية لشهد السيد - الفصل 14
قراءة رواية نفوس طاغية كاملةتنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نفوس طاغية
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة شهد السيد
الفصل الرابع عشر
دلف لمنزله سريعًا بعدما هاتفه والده وطلب منه الحضور على وجه السرعة ولم يهتم حتي بأغلاق سيارته وترك الأمر لـ "مهران"..
أستغرب من وجود باب غرفة المكتب الخاص بوالده مفتوح والضوء ظاهر بالداخل وتقدم فـ تسمرت قدماه من الوضع بالداخل
حيث كان والده جالسًا فوق مقعد المكتب الرئيسي وأمامه كلا من" رياض " و "صفوت"
أبتسم "رياض" وأردف بمزاح تهكمي:
-"كده تتأخر على ضيوفك، مش عيب برضو".؟
نظر له بضيق ونظر نحو والده بتساؤل عن كيفية دلوفهما لهنا فـ وضح "شاهين" الأمر قائلًا بوقار:
-"البهوات عادوا ورايدينك ".
تقدم ليقف جوار والده فـ هم" شاهين " بالنهوض حتي يجلس "عدي" قائلًا:
-"أسيبك على راحتك مع ضيوفك يا ولدي".
سارع "عدي" بمنع والده وقال موجهًا حديثة لهما:
-"خير.. مع إني أشك أنه يجي منكم الخير".
تجنبوا الرد رغمًا عندهم وأردف"صفوت" بجدية:
-"احنا جايين نحل الموضوع بالود طالما العنف مجابش نتيجة في المرة الاولي".
ظهر طيف أبتسامة واثقة على فم "عدي" وأجاب بحدة:
-"والود مش هيقدم شئ.. "
قاطعة "رياض" عن أكمال حديثة وقال:
-"هديك أتنين مليون جنية وتجبهالي دلوقتي، أنا واثق أنها معاك".
أبتسامة ساخرة ظهرت فوق وجه "عدي" وأجابه ببساطة:
-"هي معايا فعلًا، بس نجوم السما أقربلك منها".
زفر "رياض" وأبتسم بأستفزاز وقال:
-"ضيعت على نفسك فرصة متتعوضش لأن سواء برضاك او بدون البت دي أنا هجيبها لو في بطن الحوت، ومصيرها الهلاك على أيدي عشان تتعلم متلعبش مع أسيادها من تاني، وانتَ دخلت نفسك فى دايرة انتَ مش قدها ".
سند" عدي" بكفيه فوق سطح المكتب وأقترب بجذعة العلوي من رياض وهو يجيبه بثقة تامة ونظرات حادة:
-"مفيش حاجة عدي الأنصاري مش قدها ".
طرقات هادئة فوق باب غرفة المكتب تبعها دخول
"مهران" وقد تلاقت أعينه فورًا مع "صفوت" الذي شعر بالخطورة، تلك النظرات والملامح هو رأها منذ سنوات عديدة، نظرة النفور والأنتقام تلك جعلته يستمع جيدًا لصوت "زاهر" وهو يصرخ فيهما قائل:
-"كنت أتوقع الغدر من أى حد إلا انتَ.. إلا انتَ يا صفوت انتَ كنت بثق فيك أكتر من نفسي".
نهض "صفوت" بأقدام مرتعشة وتقدم ليقف بجوار "مهران" يتأمله عن قرب والأخر نظر بقوة داخل أعينه ليزيد من صدق أحساسه يشعر بمرارة فقدان والده وأنفطار فؤاده وهو يبكي قائلًا:
-"بابا أنا بحبك متسبنيش".
أحمر وجه "مهران " ونفرت عروقه وزادت نظراته كراهية حتي كاد بلحظة غضب أن ينقض فوقه ويتذوق دمائه حتي تطفئ نيران أنتقامه لكنه تراجع وابعد بصره عن "صفوت" يحرك رأسه بالأيجاب لـ "عدي" المتابع لكل ما يحدث فـ أقترب "عدي" من "رياض " وقال ببساطة وثقة:
-"وعشان أثبتلك إنك راجل أهبل هتلاقي حبة الأوباش اللي جبتهم يتعدوا على أهل بيتي في غيابي معمول معاهم الواجب وزيادة ومستنينك برا، والأرض دي لو فكرت تدخلها تاني مش هتطلع منها حيّ".
أنهي حديثة بغضب واضح جعل التوتر يسيطر على "رياض" ونهض يلعن "زينة" بداخله ودفع "صفوت" بضيق:
-"يلا يا صفوت ".
لم يزيح" صفوت " بصره عن "مهران" فـ استغرب "رياض" وقال بعدم فهم:
-"مالك.. انتَ تعرفه".؟
أنتبة "صفوت" وحرك رأسه بالنفي بتردد وأنسحب معه للخارج يردف بصوت هامس خائف:
-"زاهر ".
❈-❈-❈
بدأ بجمع متعلقاته ينوي المغادرة قبل شروق شمس يوم جديد، يعلم أنها ستكون بخير ما دامت بصحبة
" زينة" وتحت حماية عائلة الأنصاري، مواجهته اليوم مع "صفوت" كانت كطبول الحرب التي على وشك البدء وهو أفضل من يعلم طرق "صفوت" الدنيئة..
فتح باب غرفته فـ تفاجئ بوجود "عدي" الذي نظر لحقيبته وملابسه وقال دون مقدمات:
-"الموضوع بينك وبينهم مكنش مجرد خلافات، مفيش خلافات تخلي صفوت يفضل متنح كده قدامك كأنك ميت وصحيت".
دفعة "مهران" برفق قائل بضيق:
-"وسع".
لم ينزاح "عدي" وفاجئه بدفعة قوية لداخل الغرفة ودلف مغلقًا الباب من خلفه يجيبه بأصرار:
-"مش هتمشي قبل ما أعرف انتَ مين وفي أيه بينك وبينهم".
شعر "مهران" ببداية فقدان أعصابة فـ أردف بنفاذ صبر:
-"ميخصكش وأنا ماشي دلوقتي ومش هتشوفني تاني".
هم "مهران" بالأقتراب من باب الغرفة فـ منعه "عدي" وقال بحزم :
-"وأنا قولت مش هتمشي قبل ما أعرف".
❈-❈-❈
بالخامسة صباحًا..
نظر "ظافر" من نافذة صغيرة في باب المنزل ليري من قد أتي إليه في وقت كـ هذا فـ وجد "صفوت" و "رياض".
فتح الباب دون تردد فـ دلف كلاهما وتحدث" رياض" اولًا وقال:
-"مستعدين نعمل أي حاجة تخليك تصدق إن مش احنا اللي عملنا كده في أبنك.. احنا ملناش مصلحة لكده اصلًا، طول عمرنا أيد واحدة أي يخلينا نغدر بيك".
صمت "ظافر" للحظات ورد بهدوء:
-"جايين ليه".
تحدث "صفوت" هو هذة المرة بعد صمت دام طويلًا:
-"محتاجين مساعدتك، من غيرك الموضوع ده مش هينتهي".
جلس "ظافر" وأخرج لفافة تبغ وأشعلها قائل بتروي:
-"يبقي كل واحد فيكم يجبلي الموضوع من الأول وبصراحة يا كده يا تمشوا ".
تبادل" صفوت" و"رياض" النظرات لفترة قصيرة وجلس كلًا منهما..
❈-❈-❈
كان "شاهين" يسير في أنحاء القرية يلاحظ النظرات الغريبة الموجهة له منذ الصباح، والتي أختلطت بين السخرية والعتاب فـ جلس على أحد المقاهي البسيطة وطلب كوب من الشاي فـ وضعه النادل له وتحدث بلوم قائل:
-"تسمحلي أجلس معك يا حاج شاهين".
اومأ "شاهين" بالموافقة فـ جلس الأخر وتحدث:
-"انتَ كبيرنا.. وكلمتك سيف على رقبتنا راجل أصيل وميعرفش طريق للظلم ومتربي على أصولنا وعاداتنا وطول عمركم سمعتكم زي الدهب".
شعر "شاهين" بالريبة من حديث الرجل لكنه أخفاها وقال بهدوء:
-"الله يعزك".
زفر الرجل بتروي وأكمل بضيق:
-"بصراحة يا حاج ولدك كان موجود أكثر من مرة عند بيت عوائل غُرب قرب البحيرة، وهما ساكنين وحديهم وده شئ لا يصح".
لأول مرة يشعر "شاهين" بالضيق من تصرف قد فعله "عدي"، الأن فقط علم سر النظرات التي تلاحقه منذ الصباح، شئ كـ هذا لم يكن ليخفي لوقت طويل بين سكان القرية..
أخذ نفس عميقًا وأجاب بهدوء وسياسية:
-" ولدي مغلطش في شئ العوائل هادول تبعنا بس فضلوا أنهم ما يسكنوا معنا وبكل مرة راح لهم كان ياخذ باقي أهل البيت وياه وينتظرهم ليعودوا معاه".
همهم الرجل بتفهم وأبتسم وأجاب بود:
-"أعذرني ما كنت بعرف يا حاج شاهين بس ما كنت أقدر ما أقولك اللي سمعته".
اومأ "شاهين" بالإيجاب وأحتسي كوب الشاي ومن ثم نهض مغادرًا نحو المنزل يتصل بـ "عدي" وفور إن أجاب قال:
-"رايدك "..
❈-❈-❈
جلست" زينة " تحاول أستبيان ما يحاول "عدي" أخفائه خلف مقدمات متوترة أخرها كانت:
-"أنا دايمًا جمبك وكل حاجة هعملها عشان مصلحتك وانتِ أكيد واثقة من ده".
اومأت رغم قلقها وتحدثت بنفاذ صبر قائلة:
-"أخلص يا عدي طمني، في أي للكلام ده كله".
مسح فوق وجه بكف يده وقال دفعة واحدة:
-"هروبك ده مش هينفع يستمر مش هتفضلي طول عمرك مستخبية والقضية بقيت قضية رأي عام، انتِ الوحيدة اللي في أيدك تنهيها وفـ أيدك تفضلي مثبتة التهمة على نفسك بهروبك ده".
دام صمتها للحظات قليلة قبل إن تتسأل بشحوب:
-"والمطلوب".
أتتها أجابة "عدي" سريعًا:
-"الظابط جلال اللي ماسك القضية كلمني وطمني وقالي لو معايا أخليكِ تسلمي نفسك وهو هيساعدنا ونثبت براءتك واللي عمل كده ياخد جزاءة".
أول من أعترض كانت "فجر" التي قالت:
-"وافرض بيقولك كده عشان تخليها تسلم نفسها وتروح هي فيها بدل الحقير التاني".
نفذ صبر "عدي" وقال بضيق وأنفعال:
-"أنا مش صغير عشان معرفش أفرق بين اللي بيضحك عليا وبين اللي لأ، حاولت أثبت برائتها ومعرفتش رياض بعد عملته السوده دي خلع كل الكاميرات اللي في البيت عشان مفيش حاجة تكون دليل ضدّه وشاري شهادة الخدامة والبواب أعمل أي أنا، أنا لو ضمنت إني أخبيها من رياض مش هقدر أخبيها من الحكومة وانتوا شوفتوا بنفسكم إن لولا ستر ربنا كان زمان رجالة رياض خاطفينها، هي كده مربوطة جمبي ولا ضامن حمايتها ولا عارف حتي أتجوزها لأن ورقها الأصلي مش معانا ".
عم الصمت للحظات قبل أن تتسأل" زينة" ببعض الأمل:
-"ماما أيمان كان ليها محامي أسمه شوقي، هي قالتلي لو وقعت في أزمة مفيش غير شوقي هيعرف يخرجني منها ".
أبتسم" عدي " بخيبة وقال:
-"عرفت من الظابط أنه راح وشهد ضدّ رياض وكان بيحاول يدور على أي حاجة تثبت برائتك لحد ما تظهري بس أختفي محدش يعرف هو راح فين ".
أجابته" فجر " بغضب ونفور:
-"أكيد الحقير رياض عمل فيه حاجة".
حسم "عدي" النقاش بقوله:
-"الأهم دلوقتي، هتثقي فيا وتيجي معايا تشهدي عشان نعرف نكمل باقي حياتنا من غير شوشرة وجري كل شوية".؟
نظرت"زينة" في أعينه طويلًا، نظرات أستطاعت بها التعبير عن ريبتها من القادم وخشيتها من أخذ القرار، حديثة كان صحيح لكن خوفها كان أكبر فـ لم تنطق سوي بشئ واحد قبل أن يغادر المنزل للرد على والده:
-"أنا موافقة".
❈-❈-❈
ضوء بسيط صادر من النافذة المرتفعة للغاية ذات الأسلاك الشائكة ينير ظلمات تلك الغرفة حالكة السواد والفارغة من كل شئ عدا جسد "شوقي" الجالس جانبًا يدخن في شرود تام وعلى محياه أبتسامة هائمة يتذكر "أيمان" في لحظات صباها قبل إن ينصدم بخبر زواجها من أعز رفاقه وقرر نسيانها فـ طالت السنوات وعادت وحيدة كما كانت وظلت مُخلصة لـ "عصام" حتي أجبرها والدها على الموافقة من الزواج بـ "رياض".
" رياض" الحقير الذى أختطفه بعدما أعلن ملكية "زينة" لكافة أملاك "أيمان" وكان يدافع عنها لحين ظهورها فـ تفاجئ ليلًا بأقتحام منزله من أفراد مُلثمين وضعوه بتلك الغرفة الحقيرة..
وما يجعله مصرًا على موقفه حديث "أيمان" قبل مقتلها مُباشرة:
-"زينة أمانتي ليك يا شوقي.. دي بنتي اللي مخلفتهاش، أوعدني تحميها من بعدي، رياض مش هيسيبها تعيش في سلام".
أنتبة لصوت فتح الباب الحديديّ فـ ظنه الحارس الذي يدخل له الطعام كل فترة طويلة لكن ظهر الأحتقار على وجهة عندما أستمع لصوت "رياض" يردف بأسي مصتنع:
-"ياخسارة.. شوفت أنا شرير أزاي مع أي حد يقف في طريقي".؟
لم ينطق "شوقي" بحرفٍ واحد فـ انحني "رياض" بوقفته وأكمل حديثة بتفكير:
-"بس قلبي طيب وممكن لو أدتني الأوراق اللي بتثبت أن زينة تبقي مش بنت أيمان هروحك لحد بيتك معزز مُكرم".
أستمر صمت "شوقي" فـ أكمل:
-"أصل مش من مقامك تفضل محبوس في أوضة الكلاب دي كتير".
نظر له "شوقي" وأردف بهدوء تام:
-"أكرام الضيف بيبقي على حسب أصول صاحب البيت".
اومأ "رياض" وأعتدل ينظر للحارس الواقف بالخارج يردف بحدة:
-"محدش يدخله بوق ماية واحد سامع".!
اومأ الحارس وغادر "رياض" يزفر بضيق...
❈-❈-❈
مساء اليوم التالي..
عقب أنتهاء صلاة العشاء وقف أحد الأشخاص يفرغ زجاجة كبيرة من مادة قابلة للأشتعال حول الغرفة الخشبية المجاورة للبحيرة حتي تأكد من تمام كل شئ فـ أبتعد مُلقيًا عود ثقاب جعل النيران تشتعل مُلتهمة كل شئ بضراوة تامة من حولها وهرول هو بعيدًا يتأكد من تخبئة وجهة بقدر كافي..
دقائق قليلة ولاحظ أهل القرية مظهر النيران وانطلقوا ليروا ما يحدث وأردف عامل المقهي لأحد الصبية:
-"بلغ الحج شاهين بالحريق".
هرول الصغير سريعًا فوجد "شاهين" و "عدي" واقفين أمام المنزل بجانب سيارتهم فـ قال الصغير بأنفاس متلاحقة:
-"حج شاهين.. الدار اللي جوار البحيرة بيولع".
سيطرت الصدمة عليهم للحظات قبل أن يدلف "عدي" لسيارته سريعًا منطلقًا بها نحو المنزل ولحق به "إدريس" و "مهران".
ورغم قصر المسافة إلا أنه شعر وكأنها لا تنتهي لا يستطيع تصديق ما سمعه منذ لحظات.. لكن مظهر النيران التي أنارت عتمة الليل جعلته يشعر بأنسحاب الدماء من عروقة وقدميه كالهلام..
النيران منعكسة في عينيه يري أهالي القرية يتسابقون في أطفائها بكافة الطرق وأنضم لهم
" مهران "..
الأخشاب التي تتساقط شابهت أحلامه التي أنهارت فور رؤيته لما يحدث، " زينة " التي كانت بحضرته كالقط الأليف الأمن بحضرة صاحبه ومن عاهدها بأن يحافظ عليها ذهبت كالهباء.!!
تحرك نحو النيران دون وعي فـ كاد يتعثر لولا يد "إدريس" التي عاونته وأردف بجدية وحدة رغم صدمته مما رأه:
-"أجمد ".
أبعد" عدي " يده بأصرار وتقدم بعدما هدأت النيران ورغم الأدخنة الخارجة من الداخل ومحاولاتهم بمنعه دلف يبحث عنها وسط الرماد، يشعر بقرب سقوطه بأي لحظة فور إن يراها جثة هامدة، شعر بالأختناق ودمعت أعينه يلفظ بضياع وألم:
-"زينة".
لم يكن منتبهًا حول حديثهم عن عدم وجود أي أثر لأفراد كانوا بالداخل ولم ينتبة سوي ليد "مهران" التي جذبته يتبعها حديثة الخافت للغاية:
-"جايلي أشارة أن تليفون فجر برا قرب الطريق الصحراوي ".!
❈-❈-❈
-"وبس يا ستي كنت كل مرة أشوفه يكون هربان من مصيبة لحد ما نفسي أتقطع من الجري معاه كل يومين تلاتة".
أنهت" فجر " بقولها ذلك قصتها كاملة منذ رأت "مهران" على مسامع "زينة" وهما يسيران بذلك الطريق الخالي تمامًا من المارة عدا بعض سيارات النقل التي تمر من حين لأخر..
مررت "زينة" كفها فوق ذراعها في محاولة بائسة منها للشعور. بالدفئ وقالت بشرود:
-"تفتكري هروبي ده كان صح".؟
أجابتها "فجر" بحقن وقالت:
-"وحياة أمك جاية تفكري في كده دلوقتي ما أنا قولتلك خلينا مع عدي يمكن نكسب إني اللي خوفك أتحكم فيكِ.. مش هلومك بصراحة أنا لو مكانك هشك في هدومي مش اللي حواليا بس ".
أبتسمت" زينة " وقالت بعد فترة من الصمت:
-"بس انتِ شكلك بتحبي مهران ليه تبعدي عنه".؟
أبتسمت "فجر" بقلة حيلة وأجابتها:
-"مش كل حاجة بنحبها بتبقي صالحة لينا، يمكن هو كان هيكون أحسن لو قابلته في غير ظروفنا الحالية وكانت خطوبتنا كملت يمكن.. هو غامض وحتي لو قال جزء من اللي مخبية بحس أن اللي لسه معرفهوش عنه أكتر، ساعات قرار البُعد بيبقي أريح من البقاء ".
عم الصمت للحظات قبل أن تنتبة" زينة" لسيارة سوداء مصفوفة بجانب الطريق ويقف أمام مقدمتها شاب غير ظاهرة ملامحة فـ أردفت بمزاح:
-"يمكن رياض باعتة يخطفني زي الرواية اللي كنتِ بتحكيلي عنها امبارح قبل ما أنام ".؟
ضحكت" فجر " وقالت بتخمين:
-"رياض هيبعت يخطفك في عربية شيك زي ده أخرك معاه شوال يحطك فيه وانتِ شبر ونص".
نظرت لها "زينة" بسخرية وقالت بتهكم:
-"مهما كنت فـ أنا أطول منك رغم إن انتِ الكبيرة".
ألتزم كلاهما الصمت عندما مروا من جانب سيارة الشاب الذي اوقفهما سريعًا بلهفة وكأنه وجد ضالته:
-"لو سمحت حضرتك متعرفيش mechanical engineer ".؟
توقفت" زينة " ونظرت لـ "فجر" متسألة بشك:
-"هو بيشتم ولا بيعاكس".!
حاولت "فجر" السيطرة على ضحكتها من الظهور وأجابتها بصوت منخفض:
-"بيسأل".
همهمت "زينة" بفهم ورمقته بأستحقار غير مُبرر وجذبت "فجر" ليكملوا سيرهم فـ لحق بهم سريعًا وقال:
-"أنا مش قصدي أدايق حضرتك أنا بس عربيتي عطلانة والـ My phone has run out of charge... "
صمت بتفاجؤ عندما صاحت "زينة" فجأة بوجه قائلة بضيق:
-"ما تكلمنا عربي يا جدع انتَ فهمتلك كلمتين والباقي لأ شايفني لابسة برنيطة وأنا واقفة قدامك".
إلا هما ولم تستطيع "فجر" التماسك وضحكت رغمًا عنها تحاول أسكاتها وأرتبك الشاب قليلًا قبل أن يردف بقلة حيلة:
-"بعتذر لحضرتك، تليفوني مفيش فيه شحن ومحدش بيقف تساعدني، ممكن تساعدوني وأنا ممكن أديكم فلوس كمان بس.. ".
تأفئفت" زينة " بأنزعاج من وقالت بنفاذ صبر لـ "فجر":
-"شكله مؤدب ومش هعرف أتعامل معاه، شوفيه".
حمحمت" فجر " قائلة بهمس مسموع:
-"هم يضحك وهم يبكي.. أتفضل يا أستاذ وريني العربية".
عادوا خطوتين ووقفت "فجر" تدقق النظر بالمعدات الداخلية للسيارة وقالت "زينة" بملل:
-"انتَ لو العربية دي مشيت يعني إن شاء الله عندك مانع توصلني لحد أول الطريق عشان رجلي ورمت".؟
أومأ الشاب بترحاب وقال:
-"أكيد يا فندم ".
همهمت وأكملت حديثها قائلة:
-" أنتَ أسمك أي ".
أبتسم الشاب بود وقال:
-" معاذ.. معاذ حضرتك".
وبأستغباء واضح أستفسرت قائلة بتعجب:
-"أبوك أسمه حضرتك يعني ولا أي".
أمتنع عن الأجابة عندما أنتبة لصوت أدارة محرك السيارة بعدما أستطاعت "فجر" أصلاح العطل البسيط وقالت:
-"أتفضل جرب".
أبتسم "معاذ" بأمتنان وقال:
-"شكرًا لحضرتك جدًا بجد تسلم أيدك، أتفضلوا معابا أوصلكم مكان ما تحبوا".
وأمام أصراره وموافقة "زينة" ورفض "فجر" أنتهي بهم الحال جالسين بالمقعد الخلفي لسيارته وتزمرت "فجر" بهمس:
-"انتِ غبية بجد هو أبن أختك عشان تثقي فيه ونركب معاه".
شعرت "زينة" اخيرًا بالدفئ عوضًا عن برودة الأجواء خارج السيارة وقالت ببساطة:
-"واحد بيتكلم انجليزي وبيقولي حضرتك ازاي مش هثق فيه يعني".
شعرت "فجر" بعدم قدرتها على الرد فـ فضلت الصمت قبل أن تردف بهمس:
-"هي مش دي عربية عدي".؟
أنتفض جسد "زينة" ونظرت خلفها بقلق فـ لم تستطيع الرؤية بشكل واضح وقالت بتوتر وصوت مسموع:
-"ممكن بسرعة شوية".
أومأ معاذ وزاد من سرعة سيارته فـ حين أن "فجر" فكرت للحظات وقالت بعدم تصديق:
-"مهران الحقير أكيد مراقب تليفوني، مش صدفة أنهم يمشوا يدوروا علينا هنا، زي ما عرف مكانا واحنا في محطة الأوتوبيسات".
وبسرعة قامت بأغلاق هاتفها ولم تهدأ أحدهن إلا بعد أن أبتعدوا بقدر كافي فـ قال "معاذ":
-" حضرتكم لو راجعين القاهرة فـ أنا ممكن أوصلكم معايا بدل ما تستنوا مواصلات في الوقت ده".
وافقت "زينة" سريعًا وعم صمت طويل قطعته هي بأمل تسأله من جديد:
-"بقولك أي متعرفش محامي أسمه شوقي ساكن او عنده مكتب قريب من الزمالك".؟
فكر "معاذ" للحظات وتسأل بأستفسار:
-"شوقي عابدين ".؟
زفرت" زينة " بقلة حيلة وقالت:
-"معرفش، بس هو طويل شوية شعره مش أقرع أوي وبيلبس نضارة نظر ".
أبتسم" معاذ " وقال بتخمين:
-"I Think أنه أستاذ شوقي ده يبقي جارنا اللي في العمارو، حضرتك ممكن تيجي معايا وشوفيه".
أبتهج وجه "زينة" وقالت بتأكيد:
-"ماشي هنيجي معاك".
❈-❈-❈
-"قررنا نحن حبس رياض عبد العزيز الغريب أربع أيام على ذمة التحقيق بعد شروعة في قتل أبنة زوجته بيسان عصام أبو المكارم وخطفه لـ شوقي عابدين ".
علامات الغضب ظاهرة بوضوح للأعمي ينظر للرجل الأحمق الذى استأجرة واعترف عليه بكل بساطة
ولـ" شوقي " الذي أستطاع "ظافر" المعرفة بوجوده وأبلاغ الشرطة عن خطف "رياض" له دون أن يظهر بأنه الفاعل..
الآن قد بدأ كل شئ..
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة شهد السيد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية