رواية جديدة البريئة والوحش لأميرة عمار - الفصل 16 - 2
قراءة رواية البريئة والوحش كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية البريئة والوحش
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أميرة عمار
الفصل السادس عشر
الجزء الثاني
❈-❈-❈
ستمر الأيام بسلاسة وستظن أن كذبتك
أتت بثمارها ولكن ستأتي لحظة تهدم كل ما بنيت وستشعر أن كل ما عِشته أوهام لم يبنيها أحد سواك
❈-❈-❈
جاءت أن تخفض الهاتف حتى تغلق الإتصال
وجدت صوت إمرأة ناعم للغاية ترد عليها بدلاً من إبنها قائلة:
-السلام عليكم
أردفت سارة بإستغراب تام عليها متسائلة دون أن ترد السلام عليها:
-مش ده رقم فارس؟
-أيوة يا طنط أنا نغم مراته
ظلت حدقتيها متسعة ناظرة للفراغ بصدمة
لم تستوعب حتى الآن الكلمة التي ألقتها تلك الفتاة التى تتحدث معها بالهاتف
إمرأة مَن؟!!...هذه الهاء الذي ضافتها بجملتها تعود على مَن....على فارس؟!
وكيف تُحدثها بكل تلك الليونة كما لو كانت تعرفها منذ زمن؟!!،وألقت جملتها أيضاً كما لو كانت جملة عادية أن تكون زوجة لولدها!
لم ييقظها من شرودها وصدمتها سوىٰ صوت
نغم الذي قالت متسائلة بهدوء،مستغربة لصمتها:
-طنط حضرتك لسه معايا؟
خرج صوتها مهزوز من أثر صدمتها بحديث تلك الفتاة وهي تقول:
- اه معاكي
إبتسمت نغم إبتسامة هادئة كما لو كانت تراها
قبل أن تقول بمودة:
-أنا كان نفسي أكلم حضرتك من يوم جوازنا يا طنط،بس مكنتش بتيجي الفرصة ومبسوطة إني كلمت حضرتك النهاردة...وإن شاء الله
لما حضرتك تيجي مصر لازم أقعد معاكي وأتعرف على حضرتك أكتر
تأتي لمصر!!كيف وهي بالأساس بمصر؟..
من هذه الفتاة يا فارس بحق الجحيم؟
وما هذا الكلام الغريب الذي تُهرتِل به
كان هذا حديثها الدائر بذهنها،لا تقوى على الحديث ولا مجاراة تلك الفتاة التي تتحدث معها
أردفت كلمتين فقط بصوت جامد غير عابئة لما قالت تلك الفتاة من كلام غريب:
-فين فارس؟
صمتت نغم قليلاً بإستغراب لموقفها الغريب
فهي لم ترحب بها حتى ولو بكلمات قليلة مقتضبة!!..لم تتخيل يوم أن يكون حديثهم الأول بتلك الطريقة الباردة
بلعت ما بحلقها حتى تستعيد ثباتها قليلاً
قبل أن تُردف بإهتزاز واضح بصوتها:
-فارس نايم...تحبي أصحيه؟
أنهت حديثها بنبرة متسائلة ثم صمتت منتظرة إجابتها
لم يخفى على سارة تبدل نبرة صوتها والحزن البالغ الذي طغىٰ عليها،ولكن كانت صدمتها أكبر من أن تُطيب بخاطرها أو حتى تجتذب معها الحديث...فأردفت بهدوء مصطنع:
-لاء سبيه نايم ولما يصحى خليه يكلمني ضروري
ثم إسترسلت حديثها قائلة بنبرة لينة قليلاً
حتى لا تُكسر بخاطرها:
-وهكلمك تاني أكيد بس دلوقتي في مشكلة وعاوزة أكلم فارس ضروري فمتزعليش من طريقة كلامي
إبتهج وجه نغم مرة أخرى وقالت بصوت مشرق:
-ولا يهمك يا طنط وإن شاء الله أول ما يصحى هخليه يكلم حضرتك
أماءت لها برأسها كما لو كانت تراها ومن ثم أردفت:
-سلام
-سلام
قالتها نغم وإنتظرت أن تغلق الإتصال هي أولاً
وعندما سمعت صوت إنتهاء المكالمة أخفضت الهاتف من على أذنها ووضعته على الركنة بهدوء
أما عند سارة فبمجرد ما أغلقت الهاتف... أخذت الأفكار تهجم عليها،لم تصدق أن فارس تزوج بأخرى بالسر دون أن يخبرهم
والمصيبة الكبرى أن كذب عليها وأخبرها أنها مسافرة بالخارج وليست موجودة بمصر
لا تعلم ماذا تفعل وبما تبرر له تصرفه،لم تعتاد
من فارس مثل تلك التصرفات...ولم يكن يوماً رجل عابث يُحب مصاحبة النساء
تشعر بالدماء تفور برأسها حتى الآن لم تصدق أن تلك الفتاة التي كانت تحدثها زوجته الأخرى،والأدهى أنها لم تخشىٰ أحد وأخبرتها مباشرةً أنها إمرأة إبنها
الحقيقة هي إستشعرت طيبتها وبرائتها من تلك المحادثه الصغيرة التي كانت بينهم
لم تكن نبرة صوتها خبيثة أو ما شبه ولكن كانت تتحدث بفطرية...لدرجة أنها شعرت بالذنب أن تغلق الهاتف وهي كاسرة بخاطرها
لذلك حاولت تلطيف الأمر حتى تتحدث مع "فارس" وتفهم منه الأمر
أممكن أن يكون كلامها صادق؟...وبالفعل زوجته ولكنه متى تزوجها!!،ولما كذب على الجميع وأخبرهم أنه سيسافر تركيا
وبالأخير هو معها الآن!!
أغمضت عيناها قليلاََ حتى تُهدء من الحرب التى أنشات بذهنها
ووضعت الهاتف بجوارها حتى تنتظر مكالمته
وتستفسر منه عن كل شئ
❈-❈-❈
تقود سيارتها متجهة إلى النادي وفي الخلفية
يصدح صوت "عمرو دياب" من مذياع السيارة
على أغنية "أول يوم في البعد"
سمعت رنين هاتفها...مدت يدها اغلقت المذياع ومن ثم أخرجت هاتفها من حقيبتها اليدوية الموضوعة على الكرسي المجاور لها
وجدت المتصل "مها"...فتحت الإتصال ووضعت الهاتف على أذنها وبيدها اليمنى وباليد الأخرى قابضة على المقود
جاءها صوت مها وهي تقول بتساؤل:
-وصلتي النادي ولا لسه يا سارة؟
-لاء لسه في الطريق أهو
-طيب معلشي مش هعرف أجي لأني في المستشفى
أردفت سارة بنبرة خائفة على صديقتها الوحيدة:
-في المستشفى ليه..مالك؟
-كان ضغطي وطي شوية...وعبدالله جابني،هيعلقولي محاليل
-في مستشفى إيه
أعطتها "مها" إسم المستشفى القابعة بها
وفور أن سمعت سارة إسم المشفى ...أدارت سيارتها للجهه الأخرى مغيرة وجهتها إلى المستشفى بعدما قالت لها:
-طيب أنا ربع ساعة وأكون عندك
❈-❈-❈
بعدما وَصَلت "مالك" إلى تمرينه،خرجت إلى النادي مرة أخرى تبحث عنه لتراه حتى لو من بعيد..فهي إنتظرت أن يهاتفها بعدما أغلقت الهاتف بوجهه ولكنه لم يفعل كما لو كان يتمنى أن تبعد عنه
أغلقت عيناها قليلاََ ناظرة للبعيد،تتأكد مما تراه فهذا الذي يقف وسط مجموعة من الفتايات والشباب يُشبهه للغاية
تقدمت بعض الخُطوات حتى تتضح لها الرؤية
وبالفعل كان هو...أخفض رأسه قليلاً لمستوى الفتاة التي بجواره وقال لها بعض الكلمات
لحظات وكانت ضحكة الفتاة تصدح بالنادي بأكمله
غلت الدماء بعروقها وإحمر وجهها من الغضب
فهمت سبب تجاهله لها فعلى ما يبدو أنه نساها تماماً
ولكن لما حزنت؟!!،فلم يكن بينهم شئ من الأساس حتى تمنعه من الوقوف مع الفتايات
لما تشعر بنيران تشتعل بصدرها وأدخنه تخرج من أذنها
وجدته يمسك يدها باعدين عن الموجودين معهم وعلى ما يبدو أنهم سيخرجون من النادي
ظلت واقفة مكانها بوجوم ناظرة إليه وهو يتقدم هو وتلك الفتاة نحوها قاصداً باب الخروج
حتى تقابلت نظراته مع خاصتها،وقف مكانه فور رؤيته لها وهي تنظر إليه بتلك الطريقة
عادت الفتاة الخطوة التي تقدمتها عنه وهي تقول له بإستغراب:
-إيه يا يونس وقفت ليه؟
حمحم بصوت منخفض قبل أن يقول لها بإهتزاز:
-إرجعي مع الشلة يا ساندي دلوقتي
-ليه يا يونس مش قولتلي هناكل بره؟
خرجت تلك الكلمات من بين شفتيها وهي مستغربة وضعه الذي حل عليه
أخذ نفساً عميقاً ومن ثم عاد كلامه مرة أخرى
قائلاََ بهدوء:
-إرجعي يا ساندي
عادت إلى مكانهم بعدما أماءت له برأسها
أما هو فتقدم الخطوات الفاصلة بينه وبينها
وعينه مثبته على خاصتها
أخفضت عيناها عن خاصته وأدارت ظهرها مطلقة قدميها إلى خارج النادي
أسرع خطواته وهو يمشي خلفها منادياََ عليها بصوت عالِِ ،ولكنها لم تنظر إلى الخلف ولم تعيره أي إنتباه مكملة سيرها إلى الخارج
ولكن أوقفها قبضة يده على معصمها بقوة وهو يلهث من الجري خلفها قائلاََ:
-في إيه طالعة تجري ليه
أدارت جسدها له ونظرت في عيناه بقوة قبل أن تبعد كف يده عن معصمها بعنف
-في إيه يا لين مالك؟
قالها بنبرة حادة وهو عاقد حاجبيه بشدة من تصرفها الغير مبرر بالنسبة له
أردفت بصوت عالٍ من أثر النيران المشتعلة بداخلها سمعه كل الموجودين حولهم:
-من النهاردة ملكش دعوة بيا تاني ولا أكنك كنت تعرفني....إنت فاهم؟
نظر حوله ليرى إذا كان إستمع أحداً لها أم لا
وبالفعل وجد كل القريبين منهم رؤسهم متوجه
نحوهم بفضول حتى يعلموا ما سبب تلك الخناقة
قبض على معصمها مرة أخرى برفق وسحبها معه إلى بمكان هادئ نسبياً خلف النادي
ولكن كان الأمر به بعض الصعوبة عليه
لرفض لين الذهاب معه ومحاولتها في إفلات معصمها من بين كفه
ترك معصمها عندما وصلوا لذلك المكان الخالي من البشر ووقف أمامها مباشرةََ وهو يقول بهودء:
-تقدري تقوليلي من الأول في إيه؟
صاحت بغضب شديد وبصوتها العالي:
-إنتَ إزاي تتجرأ تسحبني كده وسط الناس...إنتَ إتجننت؟
زفر بضيق من صوتها العالي الذي لوث أذنه
ومن ثم اردف بضجر:
-ليه صوتك عالي...متعرفيش تتكلمي زي الناس؟
ربعت يديها على صدرها وهي تقول ببرود:
-صوتي وأنا حره فيه ملكش دعوه
-لأخر مرة هقولك... فيه إيه يا لين وإيه كلامك الغريب اللي قولتيه بره ده
-إيه الغريب فيه بقولك إنسى إني كنت أعرفك يوم
إحتدت عيناه بغضب وأردف بصوت عالٍ هو هذه المرة:
-يعني إيه أنسى يعني وضحي كلامك
-أوضح إيه أكتر من كده بقولك أنا مليش علاقة بيك تاني
-أيوة إيه اللي جد يعني...إنتِ لسه مكلماني إمبارح!!!
قالها بإستغراب وإستنكار لحديثها
-كانت غلطة وندمت عليها... اللي زيك المفروض الواحد ميعملوش قيمة
صاح بإسمها بغضب بالغ وصل لذروته،فهو لم يعد قادر على تمالك أعصابه
بالفعل هو حدد أمس أنه سيبعد عنها تماماً
حتى لا يؤذيها
ولكن عندما رأها أمامه وسمع منها هذا الكلام
رفضته كل ذرة بداخله
مسح على وجهه بكف يده في محاولة منه للثبات وإجتذاب بعض الهدوء ومن ثم قال بصوت هادئ جاهد في خروجه:
-إيه اللي مزعلك مني يا لين...مش المفروض أنا اللي أكون زعلان إنك قفلتي التليفون في وشي!!
-انا قفلت لما مردتش عليا يا يونس وجيت النهاردة عشان خاطرك بس للأسف لقيتك ماشي مع حبيبتك تقريباً
قالت كلماتها مرة واحدة دون أن تأخذ أنفاسها
والدموع إغرورقت بعيناها عندما قالت أنه كان مع حبيبته خشيت أن يؤكد كلامها ويكون بالفعل على علاقة بها
وها قد رد عليها مُخيب ظنونها قائلاً بسخرية:
-حبيبتي إيه يا لين...دي واحدة صاحبتي
أخفضت أعينها للأرض دون أن ترد عليه حتى لا يكشف فرحتها بنفيه لحديثها وبقيت صامته
إقترب خطوة كانت فاصلة بينهم وقال بصوت رجولي هادئ وهو يستائل كما لو كان يسألها عن حالها:
-بتحبيني يا لين؟
صدمت بل صُعقت من جراءة سؤاله الذي أوقف نبضات قلبها وسحب الدماء من وجهها
فماذا يقول هذا المعتوه؟!!...فهي تقول له أنها لا تريد معرفته مرة أخرى وهو يسألها بكل بساطة إذا كانت تحبه أم لا!!
رفعت رأسها له حيث أصبحت عيناها مجابهة لخاصته قائلة:
-لاء يا يونس
إهتزت شفتيه قليلاََ ومن ثم إبتسم إبتسامة خفيفة لم تظهر على وجهه قبل أن يقول:
-كدابة إنتِ بتحبيني زي ما أنا بحبك
أغمضت عيناها بسرعة فور تلقي تلك الكلمات الدالة على حبه لها...لم تصدق أنه أخبرها بحبه
بهذه الطريقة الملتوية
إحمرت وجنتيها بشدة من هذا الموقف الذي ولأول مرة تُضع به...وبدأت ضربات قلبها تتزايد بشدة
❈-❈-❈
ركبت المصعد بعدما إستعلمت عن مكان غرفة صديقتها "مها" من الإستقبال....
أخرجت هاتفها من حقيبتها بعدما إستمعت لرنينه،وجدت المتصل عمها
ضغطت على أيقونة الاستجابة ووضعت الهاتف على أذنها وهي تقول:
-خير يا عمو في حاجة ؟
-متتأخريش في النادي لأننا رايحين لرقية لأنها تعبانة شوية
فُتح باب المصعد...فخرجت منه وهي ماتزال تتحدث مع عمها
ودخل إليه ذلك الرجل الذي كان يقف بالخارج منتظر صعوده
-خلاص ماشي يا عمو هاجي بدري إن شاء الله
بعدما أنهت حديثها وأغلقت الهاتف وضعته بحقيبتها
ولكن عندما جاءت تُغلقها،ثُبتت قدميها بالأرض وجحظت عيناها من الصورة التي أظهرها لها عقلها الباطن الآن
إستدارت سريعاً برأسها للخلف وجدت باب المصعد قد أغلق
تقدمت منه سريعاً وأنفاسها مسلوبة منها مما رأته...وجدته صاعد للدور الرابع
غيرت وجهتها تماماً وصعدت على السلم المجاور للمصعد بسرعة كبيرة
حتى وصلت إلى الطابق المحدد ولكن لسوء حظها كان المصعد قد أغلق وهبط إلى أسفل
وقفت بالطابق الرابع تنظر حولها لعلها تلمح طيفه وتتأكد من شكوكها ولكن كان الطابق خالي تماماً من المارة
تقدمت بقدميها إلى الأمام وهي تلتفت حولها
وها قد صدمت بحائط بشري يخرج من الغرفة التي كانت تقف بجوارها ...غُرست رأسها بصدره
بدأت نغزات غريبة تضربها بقلبها...وسلبت أنفاسها منها بعدما تغلغلت رائحته العطرة بأنفاسها
تخشى أن ترفع رأسها لأعلى حتى تتأكد من حدسها...ولكن أيوجد تأكيد أكثر من ذلك؟!
رائحته تلك هي نفسها التي كانت تتغزل بها
وتُخبره كم تعشقها
وضربات قلبها التي تسارعت بحضوره ويصاحبها بعض النعزات وكأنها تُهلل فرحة باللقاء أخيراً لمالكها بعد مرور تلك السنين
والأكثر إثباتاََ على ذلك أنها رأته..رأته ورأت وجهه المنير وهي خارجة من المصعد ولكنها لم تدرك ذلك إلا بعدما سارت قليلاً متجهة لغرفة "مها"
أما هو فكان جامداً صلباً لم يظهر على وجهه أي تعابير تدل على تأثره بشئ
لم يفعل شئ سوىٰ أنه نظر للأمام فقط دون أن برف له جفن
أبعدت رأسها عن صدره وهي ترفعها لأعلى حتى ترى وجهه وتقطع الشك باليقين
صدمت بل صُعقت عندما تأكدت شكوكها
ورأته أمامها بعد ذلك العمر الذي مر
كان مختلفاً عما رأته أخر مرة بذلك اليوم المشؤوم
كانت عيناه الرمادية تنظر إليها هي الأخرى
ولكن ليست كالسابق بل بريقها اللامع مُختفي
كانت داكنة للغاية معطية رهبة للموقف
وجسده أصبح فتاك مليئ بالعضلات عكس سابقاً
إكتسب سحراََ أخر،أصبح أكثر جاذبية بجديته المرسومة على وجهه
فمازن كان دائماً الشاب المرح الذي يعشق الحياة... أما الذي أمامها الآن رجل جادي
بعيناه شئ غريب لم تستطيع تفسيره
لم تستطع إستيعاب الموقف ولا أن تجاري تلك الأحداث الصادمة بالنسبة لها
فوجدت أسهل حل هو الهروب والإستلام للثقل والتعب الذي بدأ يداهمها
ثواني وكان جسدها يتأرجح ساقطاََ على الأرضية ولكن أن تسقط على الأرضية
أحاطها بذراعه القوي رافعاً إياها لأعلى
❈-❈-❈
فتح عيناه قليلاََ حتى يعتاد على ضوء الغرفة
ومن ثم مد يده حتى يجلب هاتفه الذي كان يضعه على الكوميدينو المجاور للفراش حتى يرى كم الساعة الآن ولكن وجد مكانه خالي
فتح عيناه أكثر وهو يستقيم معتدلاً على الفراش ناظراً للكوميدينو وجده بالفعل فارغاً
رفع يده ماسحاََ بها على وجهه يحاول تذكر
أين وضع هاتفه ولكن ذاكرته لم تسعفه
قام من على الفراش وهو يرتدي خفه البيتي
الموجود على الأرضية ودخل المرحاض
خرج بعد قليل وهو يلف نصفه السفلي بمنشفة
وبين يديه أخرى يجفف بها خصلات شعره
المليئة بالماء
فتح خزانة الملابس وأخرج منها شورت يصل إلى الركبة باللون الأسود
وارتداه سريعاً بعدما خلع المنشفة، ومشط شعره وهو يقف أمام المرآة
ومن ثم خرج من الغرفة باحثاً عن "نغم"
وجد صوت جلبة آتية من المطبخ فإتجه إليه
وجدها تقف معطية ظهرها للباب تقلب الطعام الموجود على طاهي الطعام
تقدم بخطوات غير مسموعة حتى وقف خلفها مباشرةً..وأحاط خصرها بذراعيه ووضع رأسه على كتفها قائلاََ:
-حبيبي بيعمل إيه
عادت برأسها للخلف تجاه صدره وهي ترفعها لأعلى حتى ترى وجهه قائلة بإبتسامة عريضة:
-أخيراََ صحيت ده أنا كنت فقدت الأمل فيك
رد إليها الإبتسامة وهو يقبل عنقها قبلة سطحية قبل أن يقول:
-صاحية بقالك كتير ولا إيه؟
-أنا منمتش أصلاََ
رد عليها بصوت عابث وهو يرفع له حاجبها الأيسر قائلاً:
-أصلاً؟
أماءت له برأسها بإبتسامة رقيقة
-بتعملي إيه في المطبخ بليل كده
-لقيت نفسي جعانة قولت أعمل مكرونة وبانية
-طب وعاملة حسابي في الأكل ده ولا نسياني
إستدارت بجسدها ناظره إليه بعدما أغلقت الطاهي قائلة ببسمة:
-هو أنا أقدر أنساك يا حبيبي ؟
إبتعد عنها خطوتين للخلف وهو يقول بصوت عالِِ نسبياً:
-إبعد يا شيطان
ضحكت نغم بصوت عالِِ على حركته ومن ثم أردفت وهي تجلب الأطباق :
-إستناني بره هغرف الأكل وأجي
رفع يده يمسح بها على خصلاته قبل أن يقول بتساؤل:
-مشوفتيش موبايلي...كنت حاطه على الكوميدينو ولما صحيت ملقتوش
-على الركنة اللي في الصالة...صحيح طنط رنت عليك وإنتَ نايم وأنا رديت عليها
جعد حاجبيه بإستغراب قبل أن يردف بتساؤل:
-طنط مين؟
-مامتك
قالتها بسلاسة وهي تضع المعكرونه بالأطباق
تقدم منها مرة أخرى ولكن تلك المرة بتعجب،
مسك معصمها وهو يُديرها إليه قائلاً بجدية غريبة:
-إنتِ كلمتي أمي؟
أماءت له بإستغراب من تغيره المفاجئ وقالت موضحة له ما حدث:
-رنت عليك وأنت نايم مردتش عليها بس لقيتها بترن تاني قولت يمكن عاوزة حاجة مهمة فرديت عليها وقولتلها إنك نايم
أردف بترقب وهو ينظر بعيناها بشدة:
-وقولتلها إنك مراتي؟
-اه هي سالتني إنتِ مين
أطبق عيناه مغلقاََ إياها بغضب شديد لاعناََ نفسه بشدة
ضيقت نغم عيناها بإستغراب قبل أن تقول:
-في إيه يا فارس
فتح عيناه فجأة عندنا داهمته تلك الخاطرة قائلاََ بتساؤل:
-قالتلك حاجة؟
-لاء قالتلي أما يصحى خليه يكلمني
ثم إسترسلت حديثها قائلة بحزن:
-إنتَ مضايق إني رديت عليها من غير إذنك؟
هز رأسه بنفي وأجبر نفسه على رسم إبتسامة مزيفة على وجهه وقال بعدما قبل جبهتها:
-لاء يا حبيبتي مش مضايق...هدخل أكلمها لحد ما تخلصي
تركها وغادر المطبخ سريعاً بعدما أنهى حديثه
❈-❈-❈
تناولت هاتفها سريعاً عندما سمعت صوت رنينه
وضغطت على أيقونة الإستقبال
وتحدثت قبل أن يتحدث هو قائلة بسخرية:
-قلقت نومتك يا عريس؟
زفر بضيق من سخريتها وقال بتحذير:
-ماما لو سمحتي
-إنتَ خليت فيها ماما...بقي بتتجوز من ورايا يا فارس وبتكدب عليها وتقولها إننا مسافرين
خرجت تلك الكلمات من فمها بصوت عالٍ
مليئ بالغضب
رفع يده على شعره يعبث به بغضب مكبوت
قبل أن يقول:
-لما أجي من تركيا هفهمك كل حاجة
-إنتَ في تركيا ولا دي كانت كدبة عشان تقعد معاها؟
-في تركيا والله...عشان خاطري متجبيش سيرة الموضوع ده لأي حد لحد ماجي
-ماشي يا فارس لما نشوف أخرتها معاك...ويارب المرادي تكون إختارت صح
-أصح حاجة إختارتها في حياتي يا ماما صدقيني
ثم إسترسل حديثه قائلاً بحزن:
-بس الظروف اللي جبرتني إني أكذب عليها عشان تبقى معايا...إدعيلي إنتِ بس يا ماما
-ربنا يسعدك يا رب يا فارس ويفرح قلبك يا حبيبي
نمت إبتسامة بسيطة على شفتيه وقال لها قبل أن يغلق الهاتف:
-يلا روحي نامي أنا عارف إنك صاحية من وقت ما كلمتيها أكيد مجلكيش نوم
ردت عليه سارة وهي تقول:
-ولا هيجيلي نوم غير لما أشوفك وتحكيلي كل حاجه يا فارس
-ماما بالله عليكي متعرفيش أي حد بالموضوع ده
-ماشي يا فارس أما نشوف أخرتها
أغلق الهاتف عقب إنتهاء محادثتهم وإستدار حتى يخرج من الغرفة
وجد نغم تقف خلفه مباشرةً...
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أميرة عمار من رواية البريئة والوحش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية