-->

رواية جديدة البريئة والوحش لأميرة عمار - الفصل 18

 

قراءة رواية البريئة والوحش كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية البريئة والوحش 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أميرة عمار


الفصل الثامن عشر

كلما وصلنا للنهاية،يفتح الكذب بداية جديدة، 

يسلك دروب طويلة ولكن في النهاية سينهدم كل ذلك على الكاذب


❈-❈-❈

-إفتح الكاميرا يا فارس مالك جمبي وعاوز يكلمك 


إختفت البسمة من على وجهه وتهجم قليلاً

مما أدى إلى توقف الحديث بحلقه،لا يعلم ماذا يجب أن يقول الآن؟...فمن المستحيل أن يرفض لطفله طلبه بالحديث إليه وبنفس الوقت كيف وهي تجلس جواره وأول كلمة سيقولها مالك له 

هي "بابا"


دخلت "سارة" والدة لين الغرفة باحثة عن مالك وجدته جالس مع إبنتها على الفراش 


تقدمت من لين وهي تجعد حاجبيها بإستغراب متسائلة:


-بتكلمي مين يا لين؟


نظرت لين إليها وهي تقول بهدوء ومازالت واضعة الهاتف على أذنها:


-بكلم فارس يا ماما... الصراحة مقدرتش أستنى للصبح زي ما قولتيلي


ثم أكملت حديثها قائلة وهي تُفسح لها المكان:


-تعالي إقعدي كلميه معانا هيفتح كاميرا دلوقتي 


تقدمت "سارة" جالسة بجوارها منتظرة أن تتحدث مع إبنها حتى تُعايده بمناسبة عيد ميلاده 


عادت لين بتركيزها إليه مرة أخرى قائلة:


-إفتح يلا يا فارس حتى ماما جت أهي عشان تقولك كل سنة وإنت طيب 


أبعد الهاتف من على أذنه وهو ينظر إلى إنذار 

إقتراب إنتهاء البطارية براحة فرد عليها سريعاً وهو يقول:


-طيب يا حبيبتي خليها بكرة لأن تليفوني هيفصل دلوقتي 


-خلاص خد ماما معاك أهي بسرعة عاوزة تعيد عليك 


أعطت الهاتف إلى أمها عقب إنتهاء حديثها 

تناولته منها "سارة" ووضعته على أذنها اليمنى قائلة:


-إزيك يا حبيبي


-الحمدلله بخير يا أمي...انتِ عاملة إيه 


-يخير يا حبيبي


ثم أكملت حديثها بإبتسامة رقيقة وهي تقول:


-كل سنة وإنتَ طيب يا حبيب عمري وعقبال مليون سنة


-وإنتِ طيبة ومعايا يا ست الكل 


ثم أكمل حديثه قائلاً:


-إديني مالك يا ماما أكلمه بسرعة قبل ما التليفون يفصل


-ماشي يا حبيبي خده معاك أهو


أعطت الهاتف لمالك الجالس بجوارها منتظراً

دوره في مهاتفة أبيه الغالي وها قد أعطته 

جدته الهاتف أخيراً


أخذه منها بلهفة وهو يضعه على أذنه قائلاً:


-كل سنة وإنتَ طيب يا بابي


إبتسم فارس تلقائياً عقب سماعه لصوت إبنه الغالي الذي يشتاق إليه وبشدة قبل أن يرد عليه معايدته قائلاً:


-وإنتَ طيب يا حبيبي....وحشتني أوي أوي 


-إنتَ وحشتني أكتر يا بابي 


ثم أكمل حديثه مخبراً أبيه بإنجازاته الذي فعلها وهو غائب:


-أنا بقيت شاطر أوي يا بابي والكابتن قالي إن هيبقى ليا مستقبل كبير 


إتسعت إبتسامة فارس قبل أن يقول:


-براڤو عليك يا بطل،أيوة كده عاوز أفتخر بيك


ضحك مالك بسعادة قصوى وقال:


-انت هتيجي إمتى يا بابا،وحشتني 


-أسبوع بالكتير يا حبيبي وأبقى عندك 


إنتظر رد مالك عليه ولكن قابله الصمت 

أخفض الهاتف عن أذنه ليرى ماذا حدث 

وجد بطارية هاتفه إنتهت 

فوضعه جواره على الفراش 


-إحنا هنسافر بعد أسبوع؟


أردفت نغم متسائلة


رد عليها فارس بهدوء قائلاً:


-اه يا حبيبتي كفاية كده،شغلي هناك نصه متعطل 


أماءت له برأسها قبل أن تقول متشرطة:


-يبقى تخرجني في الاسبوع ده وتوريني تركيا كلها 


تناول فارس يدها وطبع عليها قبله مطولة قبل أن يقول:


-طلبات ماسة كلها أوامر 


إبتسمت نغم بحب شديد له قبل أن تقول بتذكر:


-صحيح مين مالك ده...هو إنتَ عندك أخ غير أحمد


تصلب جسده واحتد وجهه فها هي كذبة جديدة سيألفها حتى لا ينكشف أمره 

ولكن كان لسانه مربوط في فمه لا يقدر على النطق بكلماته 


ولكن أخيراً بعد ثواني وجيزة من الصمت قال:


-مالك يبقى إبن بنت عمي 


رددت نغم خلفه إسم "مالك" قبل أن تقول:


-إسمه حلو أوي يا فارس،إيه رأيك لو خلفنا ولد نسميه مالك؟


أغمض فارس عيناه لثواني حتى يفيق من حالة التبلد الذي إجتاحته بتلك اللحظة 

وقال بصوت يكاد أن يسمع:


-لاء يا حبيبتي إحنا لو جبنا ولد هنسميه قُصي 


-إشمعنا قُصي 


إبتسم فارس قائلاً:


-إسم سينمائي،قُصي الهواري 


إبتسمت نغم هي الأخرى ولكن إبتسامتها كانت مختلفة تماماً عن أبتسامته

كانت بداخلها السعادة تغمر لتحدث فارس في هذا الحديث بطريقة عادية وليس مثل سابقاً عندما رفض فكرة الإنجاب نهائياً 


قال أن بمخططاته سيسميه "قُصي" معنى هذا أنه ليس لديه مانع من فكرة الإنجاب الآن


نظر إليها فارس بإستغراب عندما لاحظ شرودها 

فقال وهو يضع يده على كتفها:


-إيه يا حبيبي روحتي فين  


-مبسوطة إنك وأخيراً بتتكلم على موضوع الخلفة وكمان بتختار إسم إبننا 


إرتسمت إبتسامة خفيفة على شفتيه من تفكيرها وسعادتها الظاهرة على وجهها بذلك الشئ الذي لا يُذكر 


-يمكن العقدة إتفكت على إيدك يا ماسة

❈-❈-❈

بعد يومين من مرور تلك الأحداث


تجلس لين في النادي منتظرة مجئ "يونس"

كما إتفقوا أمس  


أخذها تفكيرها لمحاولاته المستميتة في اليومين الماضيين  لكي يجعلها تتقبل فكرة إرتباطهم وأنه يحبها بصدق ولا يلعب بها كما تظن 


وها هي رضخت بالفعل لكلامه المعسول ولإصراره وأنصتت لحديثه،جالسة منتظرة إياه الآن 

تذكرت جملته الوحيدة الذي قالها قبل أن يغلق الهاتف عندما يأس من موافقتها

"أنا هاجي النادي بكرة الساعة ١٠ لو ملقتكيش هناك يا لين هعرف وقتها إن كل شئ إنتهى 

ووعد مش هتعرضلك تاني"


تعترف أنها أحبته وأحبت حديثها معه،أحبت حياتها وهو فيها 

شاغل جزء كبير بيومها....فلطلما كان هو يحبها وهي كذلك فما المانع من أن يتعرفوا على بعضهم بشكل أكبر ومن بعدها يتقدم لها


وجدته يسحب الكرسي المقابل لها وجلس بهدوء قبل أن يقول:


-كنت متأكد إنك هتيجي يا لين 


لم تستعف الكلمات لين ففضلت الصمت بخجل شديد فمعنى انها أتت الآن أنها تحبه وهذا في حد ذاته قمة الإحراج بالنسبة لها 


إبتسم يونس إبتسامة صغيرة لعلمه بماذا تفكر الآن فقال أخيراً ورحمها من هذا الصمت الذي طبق على المكان:


-مش قادر أعبرلك أنا فرحان قد إيه إنك وأخيراً رضيتي عني وقررتي تديني فرصة 


تغلبت على خجلها بردها عليه قائلة بصوت يكاد يسمع:


-يونس إتكلم في حاجة تانية 


ضحك يونس بمرح قبل أن يقول:


-لاء يا حبيبتي مش هنتكلم غير في الحاجة دي....إنتِ عارفه أنا بحبك من إمتى ولا متعرفيش 


هزت رأسها بنفي وقالت له متسائلة:


-من إمتى؟


-من أول يوم شوفتك فيه في خطوبة رقية وأحمد سرقتي قلبي مني من قبل ما أعرف إنتِ مين ولا بنت مين...واليوم اللي اعترفت  لنفسي فيه إني بحبك يوم ما اتخانقت معاكي في التلفون


ردت عليه لين بإستنكار قائلة:


-حبتني فقومت متخانق معايا


-كنت غبي وبحاول أداري نفسي أو بمعنى اصح مكنتش مصدق إني ممكن أحب حد 


ثم إسترسل حديثه قائلاً بصدق:


-أنا عرفت بنات كتيرة جداً يا لين،وغلطت كتير أوي،بس والله العظيم عمري ما حسيت باللي أنا حسه معاكي ده مع غيرك 

مش هكذب عليكي وأقولك إني كنت ملاك والكلام ده لأن ده عمره ما كان حقيقي

وأنا بقولك الكلام ده عشان لازم العلاقة تتبني على الصراحة وإنتِ من حقك تعرفي الماضي بتاعي


ردت بكلمة واحدة ببهوت:


-ودلوقتي؟


فهم قصد حديثها فقال سريعاً وهو يبلع ما بجوفه:


-طبعاً مش طايش زي الأول بس لحد دلوقتي عندي صحاب بنات،وعلاقتنا والله مابتتخطاش الصحوبية 


صمتت لين للحظات تستوعب بها ما قاله فهي بحياتها لم تحب حامل تلك الصفات،كانت تكره الرجل اللعوب الذي يضحك على عقول الفتيات

والظاهر الآن أن القدر أوقعها بواحد من أصحاب تلك الصفات 


-انا مش بقولك كده يا لين عشان وشك يقلب الوان،كل هدفي من كلامي ده إن الصفحة اللي هنفتحها تبقى مبنية على الصدق 


-بس أنا ضد فكرة إنك يبقى عندك صحاب بنات يا يونس 


-أوعدك من النهاردة علاقتي بيهم كلهم هتتقطع 


-ومش حابة إننا نفضل نتقابل كده وأنا خايفة حد من أخواتي يشوفنا وقبل ما أكون خايفة من أخواتي خايفة من ربنا يا يونس

دايماً أسمع إن العلاقات اللي مبترضيش ربنا نهايتها بتبقى وحشة


إبتسم بحب ودعم كلامها وهو يقول:


-خلاص يا ستي وقت ما فارس يجي من سفره 

قوليلي وأنا هكلمه وأحدد معاه معاد نيجي نتقدملك فيه 


ظهرت السعادة جليه على وجهها عندما حطم شكوكها بأنه يتلاعب بها وقالت بصوت يغلبه السعادة:


-بجد يا يونس


-بجد يا قلب يونس 

❈-❈-❈

قابعة بغرفتها منذ ذلك اليوم الذي رأته فيه

عقلها لا يتوقف أبداً عن التفكير به

كيف لم يتخذ أي ردة فعل عندما رأها 

والأدهى أنه تركها بعدما فقدت وعيها دون أن يطمئن عليها 

تركها دون أن يبرر سبب غيابه وتركه لها في أشد الأوقات حاجةً له


لهذه الدرجة أصبحت لا تعني له،كيف محاها بتلك السهولة وهو من كان يتغنى بحبها 

تلك الصدمة تشبه صدمتها عندما لم يحارب 

ليصل إليها يوم زفافها من فارس 

تشبه صدمتها عندما تركها زوجةً لفارس دون

أي تدخل منه وهرب بعيداً

تشبه صدمتها عندما إنتظرته يعود مرة أخرى ليأخذها من هذا العذاب الذي كانت تعيش به 

ولكنه لم يأتي 

فهذا هو المتوقع منه الآن 

ماذا كانت تنتظر؟

أن يأخذها بين أضلعه يعبر عن شوقه لها!


هذا لن يحدث أبداً ولا حتى بالأحلام


سمعت صوت طرقات خفيفة على باب غرفتها 

فقالت بصوت عالي بعض الشئ حتى يسمعه من بالخارج:


-إدخل


فتح إبراهيم باب الغرفة بهدوء ومن ثم دخل إلى الغرفة متقدماً نحو الفراش الجالسة عليه سارة 


جلس على طرف الفراش قائلاً بحب:


-حبيبة عمو حابسة نفسها في الأوضة ليه


إبتسمت له إبتسامة بسيطة قبل أن تقول:


-حاسة إن أنا مرهقة شوية يا عمو


-ألف سلامة عليكي يا حبيبتي،مالك لو تعبانة اوي نروح لدكتور نطمن عليكي


-لاء يا عمو شوية إرهاق وهيروحوا لحالهم 


قالتها سارة مطمئنة عمها الذي ما إن قالت أنها متعبة ظهرت ملامح القلق جلية على وجهه 

فحقاً عمها الشخص الوحيد الذي يخاف عليها بتلك الحياة وبالطبع بعد جدها 


ولكن عمها نكهة حبه لها مختلفة تشعر بأنه أب لها بعد أبيها رحمة الله عليه،حنانه الذي يغمرها به يشعرها بأنها على قيد الحياة

هو الشخص الذي لم يخذل ثقتها به حتى الآن


كانت تريد أن يعوضها الله عن خذلانها من "مازن" ولكن لم تشعر بشئ طوال عمرها سوى بالخذلان 


فُخذلت عندما أعطت لفارس فرصة وقابلها هو بالرفض والنفور

وخذلت عندما نبذها الجميع وكرهها 

وخذلت أخيراً من مازن مرة أخرى عندما رأها 

ولم يعطى أي ردة فعل تشفى نيران شوقها له 

لم يشفى ذلك اللهيب الذي إشتعل بصدرها من يومها 

تركه لها وهي عروس ومغادرة للبلاد دون أن يقاتل مثلما كان يقول لها دائماً


خرجت من شرودها الحزين على صوت عمها الحاني وهو يقول بمزاح:


-فارس كلها أيام وجاي،قومي ظبطي نفسك كده عشان ميبصش برة 


إبتسمت سارة بسخرية على حديث عمها قبل أن تقول:


-يبص ولا ميبصش مبقتش فارقة يا عمو


انطفى بريق المرح من وجه إبراهيم وحل محله الحزن على حال ابنة شقيقه 

الذي لم تأخذ من هذه الدنيا شئ سوى الشقاء 


حمحم إبراهيم قبل أن يقول متسائلاً بصوت هادئ:


-إحنا ظلمناكي لما جوزناكي فارس يا سارة؟


إرتبكت سارة قليلاً من سؤال عمها الغير متوقع فهو طوال حياتها مع فارس لم يسألها هذا السؤال فكيف الآن يأتي ويسأله لها بمنتهى السهولة واليُسر 


شردت عيناها بتلك الليالي الصعبة التي عاشتها مع فارس،تذكرت عنفه الغير مبرر معها 

تذكرت تلك الليالي التي كان يتطاول عليها باليد 


فخرج صوتها مقهوراً بشكل كبير قائلة:


-السؤال جه متأخر أوي يا عمو


تنهد إبراهيم بقلة حيلة ولم يريد أن يَفتح بجرح قديم سيسبب ألم لكليهما 

فقام من مكانه قائلاً قبل أن يغادر الغرفة:


-قومي يا حبيبتي خدي دش وبلاش تستسلمي للحزن كده


❈-❈-❈


متقبعة بأحضانه ينظران إلى العالم كله 

من نافذة الطائرة


تلك المرة مختلفة تماماً عن سابقتها،فقبل كان كل منهما يجلس بعيد عن الآخر شارد بملكوته 

أما الآن فإن رأيتهم ستقول عليهم روح واحدة 

يأخذها بأحضانه وكأنها الشئ الوحيد الذي يريده بالحياة


أما هي فكانت متشبسة به بشدة،سعيدة للغاية

بما وصلوا إليه بأخر فترة 

تتذكر أخر يومين قضوهم بتركيا كانوا بالحياة كلها 

أراها كل متاع الدنيا بهم،شعرت بسعادة لم تشعر بها طوال حياتها 

فأراها تركيا بأكملها وكل المعالم التي بها 

بالإضافة إلى الأُمسيات الرائعة التي كانوا يقضونها سوياً بإحدى المناطق التى كان يصممها إليها خصيصاً،كان يملئ المكان بالورود 

ويتغزل بها بأبيات الشعر التي تأسرها به


بالرغم من أن المدة التي حددها لعودتهم إلى مصر هي أسبوع ولكنه قرر أنهم يظلوا بتركيا ليومين فقط وباقي الأسبوع يجلسون بشقتهم في مصر يختلون بأنفسهم

وللحق هذا الاقتراح عجبها كثيراً

فهي أرادت اختلاس بعض الوقت لتقضيه بشقتهم قبل انشغاله بأعماله


لم يقصر بتلك اليومين الذين قضوهم في تركيا 

ففعل ما بوسعه لكي  يسعدها ويرى الإبتسامة على وجهها

كانت تشعر أنها محلقة بالفضاء،سعادة غير طبيعية غمرتها وهي بقربه تتذوق عشقه 

الذي لا نهاية له 


أما فارسنا التي أقصدها إسماً وصفة 

كان يفكر بأشياء مختلفة تماماً،بداخل عقله كانت تقوم ثورة لا يستطيع السيطرة عليها 


يفكر ماذا سيفعل عندما يصلوا لمصر،وكيف سيبرر غيابه عن المنزل لعائلته،والأهم كيف سيبرر غيابه عنها 


من المفترض الآن أنه بعدما يصلوا لشقتهم بخمس أيام سيتركها ويذهب إلى الڤيلا يطمئن على أهله وإبنه 

فماذا سيقول لها وقتها؟


أخذ شهيق كبير عله يهدأ ما بداخله ولكن دون فائدة،يظن أنه لن يستطيع النوم جيداً وعيش حياته بشكل طبيعي  إلا اذا أخبرها بالحقيقة المرة


رفعت رأسها له وقالت بإبتسامة خلابة مرسومة على وجهها:


-مبسوطة أوي أننا راجعين مصر


رفع لها حاجبه الأيمن مُردفاً بتساؤل:


-اشمعنا 


-بحب جو مصر أوي وطبعاً مكنتش عارفة أستمتع بيه عشان كنت عايشة لوحدي أما دلوقتي إنتَ معايا يعني أكيد هنبسط 


أنهت حديثها وهي تدفس نفسها بأحضانه أكثر 


شدد هو الأخر من إحتضانها وقبل مقدمة رأسها بهدوء قبل أن يقول:


-ربنا يقدرني وأبسطك على طول يا ماسة


❈-❈-❈


تقف نغم بغرفة نومهم أخيراً وهي تخرج ملابسها وملابس فارس من الحقائب لتضعها في الخزانة 


وجدت فارس يخرج من المرحاض يرتدي البورنص الأبيض الخاص بالإستحمام 


تقدم منها وهو يقول:


-حبيبي بيعمل ايه


نظرت له نغم بابتسامه رقيقة وهي تقول:


-كنت بخرج الهدوم من الشنط والحمدلله خلصت ورتبت الدولاب 


رد إليها الإبتسامة وهو يستمع إلى إنجازها الذي فعلته ومن ثم مد يده يجذب خاصتها تجاه فمه مقبلاً إياها وهو يقول:


-تسلم أيدك يا حبيبتي،إدخلي يلا خديلك دش عشان ترتاحي لحد ما أطلب أكل 


-ليه يا حبيبي استنى ربع ساعة أكون خرجت وأعملك أحلى أكل 


هز رأسه رافضاً لإقتراحها قبل أن يقول:


-لاء ارتاحي إنتِ الطريق كان طويل ومن وقت ما وصلنا وإنتِ واقفة على رجلك


-والله مش تعبانة،أنا بحب أطبخ 


-الأيام قدامنا طويلة يا ماسة إعملي فيها اللي إنتِ عاوزاه بس دلوقتي لاء

❈-❈-❈

قضوا خمس أيام بلياليهم في شقتهم مفعمين بالعشق 


يصبحون على وجهوه بعضهم ويمسون عليها 

لا يعكر صفوهم شئ،كان كل منهم يعيش على سجيته...كان تأثير تلك الخمس أيام مساوي بل بلغ ما فعلوه بتلك الأشهر التي مرت منذ تعارفهم 


كانت "نغم" تُصلي لربها كل يوم وتدعيه أن يديم عليها تلك السعادة التي باتت عليها 

لم تتخيل يوم ذلك الشعور الذي تعيشه الآن 

تشعر وكأنها محلقة بالسماء،ترى الكون كله مليئ بالورود الحمراء والوردي 


إبتسمت نغم إبتسامة هادئة وهي تتذكر ذكرياتهم بالأيام الماضية،لم تتوقع أن "فارس"

لديه تلك الشخصية المرحة اللعوبة بالرغم من

معاملته الحسنة لها عندما كانوا بتركيا 

ولكن معاملته تلك لا تُقارن بما عليه الآن تحديداً عندما وصلوا لمصر 


عشقته أضعاف مضاعفة لما كانت عليه 

حنون لأبعد الحدود ومراعي 

عندما يزعجها بمزاحه الجريئ بعض الشئ 

يجلس جوارها ويفعل ما بوسعه حتى تبتسم وتعفو عنه 


خرج "فارس" من المطبخ وهو يحمل بيده طبقين متجهاً نحو السفرة يضعهم عليها 


رأته نغم وهو يتجه للمطبخ مرة أخرى فقامت من مكانها متخلية عن شرودها داخله خلفه 


-إي يا حبيبي خلصت الأكل


إلتفت فارس إليها وهو يقول بضجر:


-خلصته ياختي، وأبقى عيل صغير لو لعبت معاكي الشايب تاني 


صدحت ضحكة نغم المرتفعة بالمكان وهي تتذكر ذلك العقاب الذي فرضته عليه عندما خسر بلعبة الشايب تتذكر وقتها رفضه متحججاً بأنه لم يدخل المطبخ طوال حياته ولا يعلم كيف تُقطع السلطة حتى


ابتسم على ضحكتها التى تجعل قلبه يرفرق كفراشة تحلق بالسماء الصافية 


أردف وهو يحمل طبقين أخرين من على الرخامة قبل أن يتجه للخارج


-هاتي الطبقين دول وتعالي يلا 


أخذتهم من على الرخامه الموجودة في المطبخ متجهة للسفرة كما أمرها

وهي متشوقة لتتذوق طعامه الذي من هيئته يبدو لذيذ المذاق

❈-❈-❈

دخلت الغرفة بعد أن طرقت الباب عدة طرقات 

وفي الطرقة الأخيرة أتها صوت القابعة بالداخل سامحة لها بالدخول 


نظرت في أرجاء الغرفة نظرة سريعة لترى أين هي ولكن لم يكن لها وجود،لفت نظرها باب الشرفة المفتوح 

فخمنت أنها بالداخل ،تقدمت عدة خطوات حتى وجدتها بالفعل جالسة على كرسي بالشرفة شاردة بالفراغ


جذبت الكرسي البعيد عن مكان جلوسها قليلاً حتى بات أمامها وجلست عليه 


نظرت إليها بإستغراب تام لحالتها التي تلبستها منذ عدة أيام ولم تكن هي من أوائل الملاحظين لحالتها بل كل من بالمنزل لفت إنتباههم تغيرها التام مما جعل أبيها أولاً يصعد إليها وبعده بعدة أيام جدها و أمها وأحمد ملاحظين هذا التغير ولكن بالطبع لم ولن يصعدوا إليها 


وها هي أخيراً بعدما تأكدت أن "سارة" زوجة أخيها وإبنه عمها بها شئ غريب صعدت هي الأخرى ولكن وهي عازمه أن تعرف السبب 


أردفت لين بعد دقائق من الصمت المطبق على المكان :


-عاوزة أتكلم معاكي يا سارة


أزاحت سارة عيناها من على السماء موجهها إلي لين منصته لما ستقوله إليه دون أن تتحدث


-في إيه يا سارة مالك،إحكيلي فيكي إيه يمكن أقدر أساعدك


أردفت لين جملتها وهي تمسك بيدها خاصتها ضاغطة عليها بحب منتظرة إفصاحها عن سبب حزنها الواضح وضوح الشمس


تُحبها وتثق بها وتعتبرها أخت لها، ولكن كيف ستخبرها أن مشاعرها تحركت مرة أخرى إلى حبها الأول وأصبح تفكيرها منصب عليه؟


كانت ستخبرها إن كانت إبنه عمها فقط،ولكن موقعها كأخت فارس يجعلها تمتنع عن إلقاء ما بداخلها لها


ضغطت لين على يدها أكثر حتى تخرجها من شرودها وصمتها وهي تقول بجدية:


-أوعدك يا سارة إن الكلام اللي هتقوليه مش هيخرج بره عننا...قوليلي يا حبيبتي فيكي إيه 

عشان نفكر سوى ونحل الموضوع


لم تقوى على إفصاح ما بداخلها،تخشى من ردة فعل لين أولاً ومن ثم أن يصل الحديث لفارس ويؤذي "مازن" الذي أصبح عدوه منذ تلك الوقعة 


تنهدت لين بهدوء قبل أن تقول بتساؤل:


-فارس مزعلك؟


هزت رأسها نفي قبل أن تقول بسخرية:


-وحتى لو مزعلني مش جديدة عليه خدت على كده 


زفرت لين بضيق من سخرية إبنة عمها التي ليست بمحلها الآن،فعقلها يدور حول ما ماهية هذا الموضوع الذي يفعل هذا بسارة 


-انا مش هسيبك يا سارة غير لما أعرف فيه إيه 

ولو سمحتي ماتغيريش الموضوع


أبعدت سارة عيناها عن لين متهربة منها قبل أن تقول:


-قولتلك يا لين مفيش حاجه


-لاء فيه يا سارة وزي ما قولتلك مش هخرج من هنا غير لما اعرف انتي فيكي اي 


قالتها لين بحدة وهي تقوم من على كرسيها واقفة مباشرة ً أمامها 


لم تقوى على الصمود أكثر من ذلك أمامها،تخلت عن وجهها الجامد وتبدل بأخر يحمل متاعب الحياة وفجأة وبدون سابق إنذار إنفجرت بالبكاء،بكاء يأن له القلوب وتحزن من أجله النفوس 


أخذتها لين بين أحضانها سريعاً وبدأت تهدأها سواء بالكلمات أو بحركات يدها الرتيبة على ظهرها 


ولكن دون فائدة لم يزيدها ذلك إلا بكاء 


اخذتها لين بمشقة وأدخلتها الغرفة عكس رغبتها وهي ساندة إياها وأجلستها على الفراش 


وذهبت سريعاً صبت لها كأس من الماء الموضوع على الكوميدينو وأعطتها إياه


تناولته منها سارة بأيدي ترتجف من أثر البكاء 

وشربته مرة واحدة ومن ثم أعطتها إياه


وضعته لين على الكوميدينو مرة أخرى 

وعادت إليها وعلى وجهها علامات الإستغراب والإستهجان واضحين للأعمي من حالة سارة 

التي تفاجأت بها


جلست لين جوارها على الفراش وقالت بتعاطف:


-في إيه يا حبيبتي مالك إحكيلي وريحي نفسك 


بدأت شهقاتها تزداد وهي تقول:


-هقولك كل حاجه بس اوعديني إن اللي هقوله  محدش يعرف عنه حاجة


-أوعدك يا سارة 


بعدت عيناها عنها وبدأت في سرد ما حدث في الماضي منذ أول مقابلة بينها وبين "مازن" 

ولأول مرة منذ تلك الواقعه تُبرر لأحد أنها مظلومه فيها وأنها لم ترتكب إثم كما تخيل الجميع


سردت عليها أيضاً مقابلتها له في المستشفى عندما ذهبت لتزور "مها" 

وصفت لها مشاعرها التي أنكشفت لها منذ ذلك اليوم الذي رأته به.....تحدثت معها وكأنها تُعري نفسها أمام نفسها،كانت تريد أن تُخرج ما بجبعتها وللحظ بعث لها ربها لين حتى تستمع إليها 


إبتعلت لين ريقها مما تستمعه منها وقالت بصوت متقطع:


-بس يا سارة مشاعرك دي المفروض تمحيها...انتِ مرات فارس دلوقتي 


-عمري ما كنت مرات فارس يا لين....دايماً هو وطنط بيتعمدوا يوروني إنهم مغصوبين عليا 

بس عمر ما حد خد باله إني مغصوبة على الجوازة دي أكتر منهم 


أنهت كلامها بصوت عالي جاء من أعماقها ثم اكملت ببكاء:


-أنا اللي اتجوزته وأنا في قلبي واحد تاني،أنا اللي يومها كنت بصرخ واترجاكم تصدقوا إن مازن يبقى جوزي....بس محدش وقتها سمعني

شيلتوني من حضن جوزي ورمتوني في حضن واحد ما يعرفش الرحمة،غيرني وخلاني إنسانه جشعة معندهاش لا عزيز ولا غالي


أنهت حديثها بشهقات عالية،في محاولة منها لإلتقاط أنفاسها الضائعة


ولكن استوقفها شهقة لين العالية،رفعت أنظارها للين وجدت عيناها جاحظه تجاه الباب كمن رأي جني 


بلعت ريقها بصعوبة قبل أن توجه أنظارها محل لين لترى من يقف على الباب


ويا ليتها لم تنظر 

وجدت "سارة" واقفة تنظر إليها بنظرات شرسة


تعالت دقات قلبها بشدة عندما جاء ببالها أنها قد تكون إستمعت إلى حديثها مع لين 


لم تفكر كثيراً في الأمر لإنقضاض سارة عليها 

جالبة إياها من شعرها بقوة وهي تهتف بقوة:


-بقى يا زبالة يا قليلة الأدب تبقى متجوزة فارس الهواري وبتفكري في واحد تاني زبالة شكلك....ده أنا هخلي ليلة اللي خلفوكي سودة


إنتفضت لين من مكانها بعدما أدركت ما حدث وأمسكت سريعاً بيد أمها القابضة على شعر سارة وهي تقول بخوف:


-ماما سيبي شعرها... إيه اللي حصل لكل ده؟


زجرتها بنظرات قوية قبل أن تقول:


-ما هو العيب مش عليها العيب على اللي قاعدة وبتسمعها وهي بتقلل من أخوها 


أبعدت سارة يدها عن شعرها بقوة ودفعتها للخلف وهي تقول بصوت عالي:


-إبعدي عني وإيدك دي لو اتمدت عليا تاني هقطعهالك إنتِ فاهمه؟


لم تفكر سارة كثيراً قبل أن تصفعها على خدها الأيمن صفعة نتج عن أثرها إحمرار على خد تلك المسكينة 


وضعت سارة يدها على خدها الأيمن بصدمه من تطاولها عليها وضربها 


لم تصمت سارة على ذلك بل صاحت بأعلى صوتها قائلة:


-إبني ده يا تربية وسخه هو اللي حمى شرفك 

وقبل يتجوز واحدة عديمة الرباية زيك....نسيتي يا بت شكلك وانتِ ملفوفة بالملاية لو نسيتي تعاليلي وأنا أفكرك

❈-❈-❈

قام فارس من على السفرة بعدما أنهى طعامه 

قبل أن يقول لنغم:


-أنا هلبس وأخرج يا حبيبتي....عاوزه حاجه من برة 


-رايح فين؟


تسائلت نغم وهي تجعد حاجبيها منتظرة إجابته :


-هشوف أحمد وزين عملوا إيه في الشغل في غيابي عشان هنزل أتابع شغل من بكرة إن شاء الله


لم ترد عليه نغم بل بعدت أنظارها عنه موجهها للطبق الشهي الموجود أمامها 


غير خط سيره وإقترب من مكان جلوسها...ماسكاً بكتفيها وهو يقول بإبتسامة:


-يا حبيبي أكيد مش هنفضل قافلين على نفسنا هنا في الشقة،في شغل وفي حياة تانية بره


أماءت له برأسها متفهمه لحديثه ومن ثم رفعت أنظارها له قائلة بحب:


-هتوحشني...متتأخرش عليا 


-لاء كده مش هنزل وفي ستين داهية أي حاجة تبعدني عنك 


قالها فارس بصوت عالي وهو يحملها من مكان جلوسها متجهاً بها إلى غرفة نومهم 

باثثاً لها حبه وأشواقه التي لا تخمد أبداً


وبعد عدة سويعات قضوها على فراشهم 

قام فارس أخيراً تاركاً قبلة سطحية على جبهتها بعدما خلدت إلى النوم 


فتح خزانه الملابس وأخرج منها قميص له وبنطال يليق عليه وأرتداهم على عجلة من أمره 


إلتقت هاتفه الذي ارتفع صوت رنينه بسرعة رهيبة خوفاً من أن يزعج نغم بنومها 


رد على المتصل بصوت واطي بكلمة واحدة فقط:


-نازل


❈-❈-❈


وجد أخيه ينتظره بالأسفل بسيارته الخاصة 

فركب جواره وهو يلقى التحية عليه 



-حبيب قلبي وحشتني يا وحش 


إبتسم فارس له ومن ثم إحتضنه قائلاً: 


-إنتَ أكتر يا حبيبي


نظر له أحمد ولهيئته المشرقة مردفاً:


-ده الجواز طلع بيحلي أهو


ضحك فارس على مزحة أخيه قائلاً:


-عقبالك يا حبيبي وأشوفك محلو أوي كمان 


-أمين يا رب 


قالها أحمد بسرعة بالغة داعياً الله بالاستجابة لحديث أخيه


-امشي بالعربية يا أحمد إنجز عشان ألحق أرجع لنغم قبل ما الدنيا تضلم 


دار أحمد السيارة منفذاً لكلام أخيه قبل أن يقول:


-إنتَ هتقولهم هناك إيه يا فارس وهتبررلهم خروجك بإيه 


تنهد فارس بقلة حيلة قائلاً:


-مش هاممني هناك قد ما ههمني نغم يا أحمد 


-أنا شايف انك لازم تصارحها النهاردة أو بكرة بالكتير لأن هنا الموضوع هيتكشف بسرعة 


أماء له فارس دون أن يتحدث موجهاً بصره نحو الطريق،شارد بما أوقع نفسه به 

فهو طوال حياته لم يهاب شئ ولكن الآن 

يجلس كالطفل الصغير الذي إفتعل جُرم ويخشى معاقبة أبيه الحازم له 


تشنج جسده من أثر جملة أحمد الذي ألقاها بتذكر وهي ينظر إلى الطريق من أمامه قائلاً:


-على فكرة إياد جه الشركة من ٣ أيام يسأل على نغم عشان راح الشقة ملقهاش


لا يعلم كم عدد الدقائق الذي صمت بها،ظل فترة كبيرة يستوعب ما قاله أحمد لدرجة إن 

أخيه نظر إليه يتأكد من سماعه للحديث الذي قاله منذ دقائق 


-قولتله إيه


خرجوا من بين شفتيه أخيراً،ونظر لأخيه بإنتباه منتظراً إجابته على سؤاله 


-قولتلوا إنكم مسافرين شغل


❈-❈-❈


دخل فارس من باب الڤيلا الداخلي وجد السكون يعم المكان من حوله على غير العادة


إرتسمت الإبتسامة على وجهه عندما رأي "مالك"  ينزل من على الدرج جرياً عليه وهو ينادي عليه بسعادة


إلتقطه فارس من على الأرضية رافعاً إياه لأعلى وهو يحتضنه بإشتياق وصل لذروته 


مسك مالك برقبته وهو يشدد على إحتضانه هو الأخر قائلاً بإشتياق:


-وحشتني أوي يا بابي


-إنتَ أكتر يا حبيب بابي 


قبله فارس عدة قبلات على خده قبل أن ينظر حوله قائلاً لطفله بتساؤل:


-أمال فين جدو وتيتا يا حبيبي


-كلهم في أوضة ماما يا بابي بيتخانقوا


قال مالك جملته ببرائه شديد مفصحاََ لوالده عن سبب تخفي الجميع 


إلتفت فارس إلي أحمد سائلاً إياه عن ما يحدث

فرفع أحمد كتفيه الإثنين بصمت دلالاة على عدم معرفته بشئ 


عاد بأنظاره إلى مالك مرة أخرى وهو يضعه على الأرضيه قائلا له:


-طب روح يا حبيبي أوضتك إلعب شوية لحد ما أجيلك تاني 


أماء الصغير له بالموافقة وتركهم وغادر مكان وقوفهم صاعداً لغرفته


أما فارس وأحمد فسارعوا الخطى نحو غرفة

"سارة" ليروا ما يحدث بها 


❈-❈-❈

لم تفكر سارة كثيراً قبل أن تصفعها على خدها الأيمن صفعة نتج عن أثرها إحمرار على خد تلك المسكينة 


وضعت سارة يدها على خدها الأيمن بصدمه من تطاولها عليها وضربها 


لم تصمت سارة على ذلك بل صاحت بأعلى صوتها قائلة:


-إبني ده يا تربية وسخه هو اللي حمى شرفك 

وقبل يتجوز واحدة عديمة الرباية زيك....نسيتي يا بت شكلك وانتِ ملفوفة بالملاية لو نسيتي تعاليلي وأنا أفكرك


دخل إبراهيم الغرفة بتلك اللحظة ووجه مكفر وعلامات الغضب واضحه على وجهه من حديث زوجته الجارح لإبنته أخيه 


وقف خلف سارة مباشرةً وفجأة صاح بأعلى صوت له هاتفاً باسمها:


-سارة


إرتعدت فرائصها وسقط قلبها أسفل قدميها من صوته الغاضب،لم تلتفت خلفها لتراه بل بقيت ثابته بمكانها خشية من مواجهة الجحيم الذي تلفح نيرانه ظهرها 


ذهبت لين سريعاً إليه عقب دخوله وتمسكت بذراعه الايمن قائلة بتوتر:


-بابا إهدى مفيش حاجة،دي مشكلة بسيطة


قاطعتها سارة وهي تتقدم حتى تقف أمام عمها مباشرةً وهي تقول بصوت عالٍ مقهور:


-لاء فيه يا عمو....فيه إن مراتك ضربتني بالقلم 

وبتغلط في تربيتي وبتشكك فيا


ثم أكملت حديثها بصراخ نابع من حزنها:


-أنا تعبت،والله العظيم تعبت...هي مستكترة عليا إبنها واللي متعرفوش أصلاً إن أنا مش عاوزاه،والله ما عاوزاه... أنا اللي اتظلمت وأنا اللي إتجوزته غصب


-كنت موتني يومها يا عمو كنت إقتلني وريحني من اللي شوفته بعد اليوم ده،

فارس اللي هي مستكتراه عليا كان ليا كل يوم منه علقة موت....أسال أحمد كانوا بيخرجوني من تحت إيده ميته يا عمو،انتوا كنتوا فكرين إنكم بتحموني لما جوزتوني فارس بس اللي متعرفهوش إنكم قتلتوني 


دخل فارس الغرفة بهدوء وخلفه أحمد بعدما إستمعوا لما قالته سارة 


نظر له إبراهيم بشر وغضب مكبوت بسبب ما فعله بإبنه أخيه الذي ظن أنها ستكون معززة معه وليست مهانه 


إقترب منه إبراهيم باعداً عن سارة وقال بخيبة:


-يوم ما جوزتهالك كنت فاكر إني بسلمها لراجل 

يقدر يحافظ عليها ويعوضها عن اللي حصلها 

بس للأسف طلعت غلطان


أخفض فارس رأسه في الأرض دون أن يرد على حديثه والده الصحيح مئة بالمئة،فهو أذى سارة نفسياً وبدنياً كثيراً دون أن يشعر بتأنيب ضمير...كان يفعل ذلك كي يعاقبها على فعلتها التي تسببت بزواجه منها 


-مبقولكش الكلام ده عشان توطي راسك في الأرض...رد عليا وقولي أسبابك كانت إيه،دي الرجولة اللي انا علمتهالك...كنت بتسترجل نفسك وإنتَ بتمد إيدك على مراتك


صاح إبراهيم بهذا الكلام لفارس بعدما رأي صمته وخزاه من نفسه 


رفع فارس رأسه ناظراً لأبيه وهو يقول بهدوء معاكس للموقف:


-الحب،حبك لأمي هو اللي خلاكوا تستمروا العمر ده كله مع بعض...بتعدوا المشاكل عشان بتحبوا بعض،أما أنا عمري ما حبيت سارة كزوجه دايماً بشوفها بنت عمي اللي كانت في مكانة لين عندي 


بعد أنظاره عن أبيه موجهاً إياها إلى سارة التى كانت تزرف الدموع كشلالات...إقترب منها ببطئ حتى أصبح أمامها مباشرةً ومن ثم أردف:


-يمكن تكوني إتظلمتي ويمكن أكون بهدلتك بس الحقيقة إني إتظلمت أكتر منك يا سارة 

أنا شيلت شيلت غيري ودي حاجة مش سهلة عليا أبداً كراجل


ختم حديثه وهو ينظر لأبيه نظرة ذات معني 

قبل أن يبتعد عنها متقدماً نحو أبيه مرة أخرى 

قائلاً:


-مش سهلة يا بابا تبقى عايش مع واحدة عارف إن أعز صحابك لمسها قبلك،عمرها ما كانت سهلة عليا...لو حد إتظلم هنا فهو أنا وبس 

كنت كل ما شوفها أفتكر خيانة مازن ليا وأشوف خيانتها لينا كلنا،سارة عرتنا يا بابا 

ومش هي دي اللي كان المفروض تجوزهالي 

بس وقتها إنتَ مفكرتش في أي حاجة غير إزاي تداري عليها وبس....مع إنها غلطت وكانت المفروض تتحمل نتيجة غلطها مش تحملهولي أنا 


إسود وجه إبراهيم من حديث إبنه الذي يعلم مدى صحته، كأي رجل شرقي غيور لا يقبل أبداً أن تكون إمرأته ملكاً لغيره


لا يعلم ماذا يقول أو يفعل فهو يشفق على سارة وبشدة من حياتها التعيسة مع فارس 

ولكن الآن عندما إستمع لحديث فارس أصبح مشتت الفكر 

أهو ظلمهم الاثنين عندما أجبرهما على الزواج 


إقتربت سارة من فارس أخذة إياه بين أحضانها عندنا رأت إنكساره الواضح بعينه 

فهي تعلم أنه ليس من السهل على فارس أن يقول ذلك الحديث أمام الجميع 


تعلق فارس هو الأخر بأحضانها،مقبلاً رأسها

بحب شديد وإمتنان على وجودها جواره 


نظر فارس لإبراهيم بعدما أخرج والدته من بين أحضانه قائلاً:


-وعشان مينفعش أفضل عايش في الظلم ده 

خدت خطوة المفروض كنت أخدها من زمان 


تعالت دقات قلب إبراهيم بشدة متوقع ما سيقوله إبنه


أما سارة كانت تقف ببرود تام منتظرة سماع الجملة التي شكت بها منذ أيام قليلة


وها هو قالها بكل ثقة وجدية متناهية:


-أنا اتجوزت


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أميرة عمار من رواية البريئة والوحش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة