-->

رواية جديدة ومقبل عالصعيد لرانيا الخولي - الفصل 3

 

 قراءة رواية ومقبل عالصعيد كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية ومقبل عالصعيد

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رانيا الخولي


الفصل الثالث



بعد مرور عام

وقف ينظر إلى تلك الأرض التي عنا كثيرًا حتى أنهى باقي ديونها

وأصبحت الآن وأخيرًا بين يدي والده بعد ذلك الشقاء

انتبه على تلك اليد التي وضعت على كتفه وصوت يقول 

_ مبروك السداد ياكبير 

التفت جمال الى وليد الذي كان داعمًا له ليقول بسعادة

_ الله يبارك فيك بس الكلمة دي تجولهالي لما أسد الفلوس اللي عليا ليكم 


هز وليد رأسه بيأس من إصراره على تسديد تلك النقود وقال بغيظ

_ هو الدماغ الناشف ده مش هيلين واصل مفيش فايدة فيك.


ضحك جمال وقال بإمتنان

_ كفاية لحد أكده ربنا يجدرني وأسدد باجي الدين عشان أحس فعلًا إن الأرض عادت كامله لأبوى، كل مـ اشوفه وهو بيتسند عـ العكاز ومش جادر يمشي بحس بسكاكين بتجطع جلبي، لازمن أسد ديونها كامله لجل ما يسند طوله كيف لول وأحسن كمان.

قارن وليد الأخوين ببعضهم ليندهش حقًا، فليس هناك وجه مقارنه بين الإثنين 

جمال الذي ينحت في الصخر لأجل والده وأرضه

والآخر لاذ بالفرار كي لا يتخلى عن حلمه، ولم يهتم لأمرهم.

علما جمال ما يفكر به فتحدث بثبات

_ متفكرش كتير ادعيله بصلاح الحال وخلاص.

قاطع حديثهم صوت الهاتف ليخرجه جمال من جيبه ليشعر بالقلق عندما وجد رقم وسيلة

_ دي وسيلة، واني اليومين بجلج من أتصالها

_ طب رد وشوف في أيه.

وبالفعل عندما أجاب سمع صوت صرخاتها وصوت والدته تقول

_ أيوة ياجمال تعالى بسرعة مرتك بتولد 

إنحفق قلبه ورد مسرعًا

_ حاضر أنا چاى دلوجت 

سأله وليد بقلق 

_ في ايه مالها وسيلة

رد جمال بقلب ملتاع

_ أختك بتولد.

❈-❈-❈


ما ان خطت قدماه داخل المنزل حتى سمع صوت صرخات طفله لينتفض قلبه بسعادة لم يشعر بمثلها من قبل ليصعد مسرعًا إلى غرفتها دالفًا الغرفه دون استأذن فيجدها مستلقيه على الفراش بوهن وطفله يبكي بين يدي والدته

وعند رؤيته قالت جليلة بسعادة 

_ تعالى ياولدي شوف عوضك كيف البدر المنور.


رغم لهفته الشديدة لرؤيته إلا إنه دنى من محبوبته يجلس بجوارها على الفراش ليقبل رأسه ويقول بحب 

_ حمد لله على سلامتك ياغالية.

ردت بوهن 

_ الله يبارك فيك ياحبيبي 

أقتربت جليله منه لتضع طفله بين يديه بحرص شديد وقالت بسعادة

_ يالا سمي الله وأذن له 

حمله جمال برهبه وكأنه يحمل الدنيا بين يديه ليقبل وجنته الرطبه ثم يأذن له في أذنيه و وسيلة تنظر إليهم بسعادة بالغة وقد جسدوا صورة تُعد أجمل ما رأت عينيها 

وبعد أنتهاءه سألته وسيلة بصوت واهن 

_ هتسميه أيه؟

نظر إلى طفله الذي جعد وجهه بصورة مضحكه جعلته يبتسم وهو يقول بفخر

_ هسميه جاسر يعني شجاع ميهابش حد واصل 

نظر إلى والدته وتابع بمزاح 

_ ولا حتى جده عمران

ضحك الجميع ويدلف وليد مسندًاعمران على تلك الكلمة ليقول بعتاب مرح

_ والله عال بتجسي الواد عليا من دلوجت 


نهض جمال ليقترب من والده يقبل يده ثم يناوله الطفل 

_ كيف ده؟ انا اجدر أجول أكده

نظر إلى وسيلة وسألها 

_ أنا جولت أكده بردك؟

ردت وسلية 

_ حصل 

علت ضحكاتهم ليقول وليد بغيظ

_ بجى عايزها تكدب وهى لساتها والده؟ عيب عليك ياراچل


علت الزغاريد بالاسفل فعلم وليد انها والدته ليتابع بمزاح

_ وادي الحاچ عاصم وصل هو ومرته 

دخل عاصم وهو يقول بغيظ

_ عيب ياجليل الربايه 

نظر إلى عمران وقال بفرحة

_ مبروك يا حاچ عمران أول حفيد ينور العيلتين يتربى فـ عزك وعز أبوه

رد بفرحة مماثله 

_ الله يبارك فيك وعقبال وليد إن شاء الله.

رد وليد بمرحه المعتاد

_ چوزني إنت بس وأنا أشيلك العيل بعد تسع شهور بالظبط 

قالت ام وليد بغيظ وهى توكزه في كتفه

_ أتحشم ياولد.

رد وليد بإستياء

_ واني جلت ايه دلوجت، على العموم أنا مهملكم وخارچ .

خرج وليد وبارك الجميع لوسيلة وخرجوا بعدها حتى تستطيع أرضاع الطفل 

عارض جمال طلبهم قائلاً

_ بلاش دلوجت دي لساته تعبانه 

ردت والدته بنفي

_ لازمن ياولدي يرضع وبعدها ينام على طول ويبجى ترتاح كيف ما بدها

وافق على مضد

ودنى منها ليسعادها على الجلوس ثم يأخذ طفله من والدتها ويضعه برفق بين يديها 

نظرت إليه بإحراج فعلم حينها بضرورة خروجه

وخرج من الغرفة كي لا يحرجها أمامهم.

............

جلس منصور ينتظر إنتهاء الطبيب من الكشف عليها وبعد الانتهاء جلس على مقعده وهو يقول بأسف

_ أنا بفضل أكون صريح معاكم

جلست سمر بجوار منصور وهى تسأله بخوف

_ خير يادكتور قلقتني

رد الطبيب بعملية

_ للأسف الحمل في الفترة دي هيكون صعبه شوية 

بدأ يشرح الحالة بالتفصيل وهم في وجوم تام حتى انتهى الطبيب قائلاً

_ بس لو مستعجلين ممكن نعمل حقن مجهري ونسبة نجاحها بردوا هتكون ضعيفه.

حاولت سمر التظاهر بالثبات لكنه لم يدوم طويلًا وبدأت العبرات تتجمع في عينيها 

مما جعل منصور يشعر بالحزن عليها وسأل الطبيب بجدية

_ طيب أيه الحل يادكتور؟

رد الطبيب بعمليه

_ الحل إننا نحاول الأول نهئ الرحم لأستقبال الحمل وأول ما نلاقيه جاهز هنعمل الحقن على طول.

بدأ الطبيب يدون الأدوية اللازمه ثم أعطاهم إياها 

فـ أومأ له منصور بصمت ونظر إلى سمر التى كانت جالسه بضياع وقال بتعاطف

_ يالا ياسمر 

تحركت معه مثل الروبوت وظلت على تلك الحاله حتى وصلوا إلى منزلهم وفور دخولهم أسرعت بالولوج إلى غرفتها وأغلقت الباب وقد سقط قناع الثبات فور ولوجها 

حاول منصور الدخول والتخفيف عنها لكنها أغلقت الباب جيدًا لا تريده أن يرى ضعفها.

حاول التحدث لكنها لم تجيبه

ليس حزنها رغبةً في الأنجاب ولكن منذ أن علمت بولادة وسيلة وهى تتحرى شوقًا للأنجاب مثلها، لن تأخذ لقب عقيمة لا تنجب، وتنعم هى بأولادها، سـ تحاول بكل الطرق حتى تنجب مثلها.

اغمضت عينيها تحاول رسم قناع الثبات مره اخرى ونظرت إلى صورتها في المرآة لتقول بتحدى 

_ أنتي أقوى من كده، بلاش تخلى حد يشوف ضعفك، انتى أقوى منهم كلهم.


غسلت وجهها جيدًا ثم قامت بفتح الباب لتجده واقفًا على بابها بقلق ويسألها بلهفه

_ حبيبتي إنتي كويسة؟

سألته بجدية

_ جبت العلاج؟

أندهش منصور من تحولها لذلك الثبات بعد أن كانت في قمة أنهيارها ورد بهدوء 

_ هبعت البواب يجيبه بس طمنيني عليكي

سارت حتى جلست على الأريكة وقالت بلا مبالاة

_ عادي، المهم ابعت حد يجيب العلاج

إزدادت دهشته من ذلك التظاهر وهو أكثر من يعلم بـ النار المشتعله بداخلها، تقدم منها يجلس بجوارها ممسكًا بيدها التي وضعتها على ساقها وقال بتعاطف

_ خلينا نروح لدكتور تاني نتأكد منه، ونعيد التحليل من تاني يمكن تكون غلطة معمل ولا ......

قاطعته سمر بلهجه حازمه

_ لو سمحت يامنصور مش عايزة كلام في الموضوع ده تاني، لأى سبب من الأسباب بلاش تفتحه تاني كأننا معرفناش حاجه

اومأ لها بتفاهم، لا يريد الضغط عليها يكفي ما تشعر به الآن فسألها بإبتسامه 

_ طيب أيه رأيك نخرج نتعشى بره، بقالنا فترة طويلة آوى مخرجناش مع بعض.


نظرت إليه لترى ذلك القلق الذي يحاول أخفاءه خلف ابتسامته، كما ترى إيضًا انه نابع من خوفه عليها، تعلم جيدًا مدى حبه الشديد لها وهى أيضًا كذلك لكن عليها ان تخفي حبها له بداخلها كي يظل دائمًا يفعل المستحيل كي ينول رضاها.

_ عايز تفهمني إنك مش زعلان، ومش متأثر بالكلام اللي قاله الدكتور؟!

هز رأسه بنفي وتحدث بصدق

_ صدقيني ياقلبي أنا كل اللي يهمني إنتي وبس مش عايز حاجه تاني، اه نفسي يكون ليا إبن منك بس لو ربنا مـ أردش خلاص مش عايز.

ابتسمت بسعادة رغم ما بداخلها من قهر وقالت بحب

_ خلاص هقوم أغير هدومي ونخرج.


ولجت غرفتها لتتركه لأحزانه، وقد شعر بالاختناق جراء ذلك الخبر الذي سقط عليه كالصاعقة لكنه تماسك بصعوبة بالغة كي لا يجرحها فـ يكفي ما بها الآن.

لم يمضي على زواجهم سوى عشرة أشهر لكنها منذ أن علمت بولادة وسيلة وهى تتحرى شوقًا للأنجاب

لا يعرف إذا كانت غيرة أم حنين للأمومه

لقد رزقهم الله بكل شئٍ رغبوا به لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ليهتز قلبه بتلك الفاجعة التي كتبت عليهم.

❈-❈-❈


دلف جمال غرفته ليجدها مستلقية على الفراش وحيدة

دنى منها ليجلس بجوارها ممسكًا بيدها يقبلها بعشق جارف مغتنمًا فرصة إنشغالهم بطفله وينفرد بها قليلًا ليستلقي بجوارها مسندًا ظهره على الوسادة

_ كيفك دلوجت ياأم جاسر؟

ردت بإبتسامتها التي تنير دربه

_ أني زينه الحمد لله

تغيرت نبرتها لعتاب محب 

_ كان نفسي تكون معاي فـ اللحظه دي، بس شكلك هربت مني.


أبعد بآنامله خصلاتها التي تحجب عنه وجهها الذي يعشقه ورد بهدوء

_ هـ تصدجيني لو جلتلك كنت جاصدها؟

أكتفت بنظرة العتاب التي وجهتها إليه ليردف قائلًا

_ خابره ليه؟ لإني مجدرتش أشوفك وإنتي بتتوچعي جدامي ومـ جدرش أعملك حاچه.

وزي مـ يكون ربنا عالم بيا؛ أول مـ دخلت الدار دخلت على صوته

تحولت نظرات العتاب إلى نظرات يملؤها العشق الذي أرهق كلاهما لتقول بحب

_ تعرف أيه الحاچه الوحيدة اللى كانت بتهون على؟

رفع حاجبه متسائلًا لتجيب بعشق

_ إن جطعة منك چواى ورايده تشوف النور، وكنت مستعدة لأكتر من إكده عشان أشوف الفرحة اللي شوفتها في عينيك أول مـ شلته بين إيدك.


اتسعت ابتسامته لكلماتها التي اطربت قلبه ويقول بسعادة

_ هى كانت فرحة بعجل، دا أنا حسيت إني شايل الدنيا كلياتها بين إيديه.

جذبها إليه كي يضع رأسها على كتفه وقال بتعب

_ الليلة اللي فاتت خالتيني نمت لوحدي وكانت أصعب ليلة مرت عليا؛ عينيه مـ شفتش النوم واصل

أغمض عينيه وقد غلبه النوم وهو يقول

_ بس الليلة دي لازمن أنام فـ حضنك عشان أعوض الليلة اللي فاتت.

ردت عليه بخجل

_ واني كمان معرفتش أنام زين وانت بعيد عني.

شدد من إحتضانه لها وقال بنعاس

_ خلاص خلينا نناملنا ساعتين وهما مشغولين بالواد أكده.

غفى الأثنين بسعادة وكأن كلاهما قد وجد ضالته فتعاود والدته غلق الباب بعدما وجدت كلاهما ينام في حضن الآخر وهى تقول لذلك الصغير

_ تعالى أني وأنت ننام ويا چدك عمران ونسيبهم 


عادت جليلة إلى عمران الذي إندهش من عودتها به وسأله بقلق

_ يعني عاودتي بيه؟ وسيلة تعبانه ولا حاچه

وضعت الطفل بجواره على الفراش وردت بضحك

_ إبنك زي مـ يكون مـ صدق غيبنا عنيها شوية روحت لقيته واخدها في حضنه ونايم جلت أسيبهم وأرچع بيه تاني

أيد عمران رأيها 

_ خير مـ عملتى أني كمان معرفتش أنام وانتي بعيدة عني 

سألته بـ بهجه 

_ صُح يا عمران؟ لسه بتشتاجلي زي زمان.

ضحك عمران وهو يتذكر سبب خلافهما الوحيد فيما مضى، فـ يقول بصوت محب

_ فاكره زمان لما كنت بتباتي عند أهلك واني بجى هتچنن وأخدك من عنديهم غصب، فاكره كمان لما وجفت قصاد عمي وجلتله لا مراتي مش هتبات تاني بره داري، وجتها عمي زعل وجال لو خدتها من الدار لا هتبجى أبن أخوى ولا أعرفك.

تابعت عنه

_ عمي جاه وجتها وهدى الموضوع وأچبرك إنك تسيبني أبات الليلة دي 

ضحكت عندما تذكرت تلك اللحظة

_ وجتها دخلت من شباك اوضتي واني نايمه ونمت چاري ، ونفس اللي حصل معاي دلوجت نفس اللي حصل مع أمي لما دخلت عليا الصبح ولجيتك نايم چارى 

ضحك أيضًا على تلك الذكرى وقال 

_ وجتها حسيت بيها بس مجدرتش افتح عينيه فيها وعشان أكده مثلت إني نايم وأول ما خرجت خرجت أني كمان من الشباك طوالي

ضحك اثنتيهم على تلك الذكرى وقالت جليلة 

_ربنا يخليك لينا ياعمران.

تبدلت ملامحه فجأة مما جعلها تيقن بأنه تذكر منصور فربتت على يده بتفاؤل

_ بكرة الدنيا تعلمه إنه ملوش غير أهله وعزوته، ويرچع من تاني وسطينا.

تنهد بألم شديد وقال بتهكم

_ منصور عمره مـ هيفكر يرچع تاني طول مـ الحية دي وياه، ده مفكرش حتى يدعينا كيف الغريب على فرحه، وكأنه بيستعر منينا.


شُعور مألم مزق قلبيهما حينما أخبرهم خالد الذي ينقل لهم أخباره بزواجه

لم يتخيل يومًا أن يصل به الإنحطاط لتلك الدرجة، لكن ليس بيدهم شئ سوى الدعاء له بالهداية.

لم تجد جليلة الكلمات التي تخفف بها عنه ذلك الجرح الذي أستوطن قلبه لتلتزم الصمت وهى تنظر لذلك الطفل الذي يشبهه وكأنه نسخه مصغره عنه، تتمنى بداخلها أن يعوضهم عن فراقه.

❈-❈-❈


وقفت تنظر إلى الأطفال وهم يمرحون في تلك الحديقة، تتمنى بداخلها أن تكون مثل تلك الأم التي تجري خلف أولادها تمازحهم، فتزداد غيرتها من وسيلة التي لم تراها يومًا لكنها أصبحت غريمتها منذ أن علمت بعلتها.

اليوم سيحدد الطبيب مصيرها 

رن هاتفها من عيادة الطبيب تخبرها عن ميعادها معه لتزداد ضربات قلبها خوفًا من القادم

فقد مضى عامين وهى تطبق تعليماته بحزافيرها، لن تكن أقل من تلك المرأه.


ها هم الآن جالسين أمامه منتظرين تحديد مصيرهم حتى نظر إليهم الطبيب قائلًا بابتسامة

_ كده الرحم الحمد لله أصبح مهيأ لعملية الحقن.

إندهش منصور وسأله بقلق

_ يعني بعد كل ده ومش هيبقى حمل طبيعي؟

نفى الطبيب

_ الحمل الطبيعي في حالتها هيكون صعب جدًا وهيحتاج وقت، والمشكلة إني شايفكم مستعجلين آوى وده هيآثر على نفسيتها فـ بالتالي الحمل هيكون أصعب.

فـ أنا من رأيي تستعجلوا بالعملية.


هو محق؛ لن تنتظر أكثر من ذلك، لتأكد له

_ تمام يا دكتور لو عايز نعملها من بكرة معنديش مانع.

هز رأسه بتفاهم وتحدث بعملية

_ تمام 


خرجوا من عيادة الطبيب بصمت مطبق يحاول منصور قدر أستطاعته الثبات أمامها وألا يظهر مدى رفضه لتلك الطريقة.


❈-❈-❈


عاد جمال إلى منزله في وقت متأخر، وكان التعب والإجهاد واضحًا عليه، صعد الدرج إلى غرفته ليتوقف حينما سمع صوت والدته

_ جمال؟ إيه اللي أخرك بره البيت لحد دلوجت؟

إقترب منها بـ ٱبتسامه يحاول بها إخفاء تعبه حتى لا يوجع قلبها عليه وقال بثبات

_ ماجلجيش ياست الكل أني بس كنت سهران شوية مع أصحابي

تعلم جيدًا بأنه لا يخبرها الحقيقة كي لاتحزن على حاله وقالت بتعاطف

_ أرحم نفسك شوية ياولدي ومتجهدش نفسك اكتر من أكده

ربت على كتفها ليقول بأقتطاب لعدم استطاعته الوقوف اكثر من ذلك

_هانت يااماى أطمني، يالا تصبحي على خير.

ردت بحب

_ وانت من أهل الخير ياجلبي.


ولج غرفته ليجدها تحمل صغيره الذي غفى بين يديها ليقول بتعب

_ السلام عليكم.

ردت بابتسامتها المحبه لقلبه

_ وعليكم السلام 

وضعت الصغير على الفراش ودنت منه تسأله باهتمام

_ أخرت ليه؟ اني كنت لساتني هتصل على وليد لما لقيت تليفونك مجفول.

رد بتعب وهو يخلع جلبابه

_ حضريلي لول حاچه خفيفة إكده لحد مااتحمى وبعدين أحكيلك.

اومأت له ونزلت للأسفل كي تحضر له العشاء.

ليخرج هو بعد قليل مرتميًا على الفراش بإجهاد وقد أخذ التعب منه مبلغه لم يستطيع مقاومة النعاس ليغرق في سبات عميق ما أن وضع جسده على الفراش.


دلفت الغرفة وهى تحمل الطعام بين يديها لتجده غارقًا فـ النوم، فقامت بوضعه على الطاولة وأقتربت منه كي توقظه بصوت هادئ

_ جوم ياجلبي الوكل چاهز

لم يرد عليها بل جذبها حتى تستلقي بجواره واضعًا رأسه على صدرها حاولت معارضته حتى تطعمه أولًا لكنه منعها قائلًا

_ اششش سيبيني أنام.

ثواني معدودة وانتظم تنفسه فعلمت انه قد عاد لسباته، ابعدت رأسها قليلًا عنه حتى تنظر إلى ملامحه العاشقه لتفاصيلها وقالت بوله

_ بحبك جوي ياغالي، ربنا يديمك في حياتنا.

ثم ملست بأناملها في خصلاتها حتى غلبها النعاس.

....

مرت الأيام شاقه على الجميع، وبعد محاولات عديدة باءت بالفشل أراد الله أن يرزقهم تلك المره ليخبرهم الطبيب بسعادة 

_ الف مبروك يامدام سمر الحمل المره دي نجح.

هلل الجميع بذلك الخبر وسألته بفرحة 

_ بجد يا دكتور 

اومأ الطبيب وهو ينهض من مقعده 

_ اه ياستي بس نفضل ماشيين على التعليمات زي ما اتفقنا لأن اى غلطه هتكلفنا كتير 

أكد منصور وهو يسعادها على النهوض

_ متقلقش يادكتور هنمشي على التعليمات زي ما قلت.

_ انا حددت نوع الجنين زي ما قلتوا؛ ولد وبنت 

تحدث والدها بسعادة 

_ مبروك ياقلبي.

ردت بسعادة 

_ الله يبارك فيك يابابا.

قال الطبيب 

_ تقدري تخرجي النهارده بس المتابعه هتبقى كل ١٥ يوم ولو فيه أى حاجه أتصلوا عليا وأنا هجلكم.

خرجوا من المشفى وكانت ابتسامتها كأنها خاضت معركة ضارية وأستطاعت الفوز بالنصر أخيرًا..


.............

أجتمع الجميع على سعادة أخرى، وقد أصبح عمران يسير وحده أخيرًا لكن بمساعدة تلك اليد الصغيرة التي تدعمه دائمًا 

_ زين ياچدي كمل

ضحك الجميع على ذلك الطفل الذي يبدوا أكبر من سنه، النسخه المصغره من ملامح منصور لكن بهيبة وطيبة والده، فتقول تلك الصغيرة التى لم يتعدى عمرها الرابعة 

_ لما أكبر ياچدي هبجى دكتوره لجل ما أساعدك تبجى زين.

ردت جليلة التي كانت تحملها على قدميها

_ وهتبجي أچمل دكتوره في الدنيا ياجلب ستك أنتي.

تحدثت وسيلة بعتاب 

_ افضلي انتي وأبوها أمرعوها علينا أكده لحد مـ بجتش عارفه أتحددت معها واصل

أكدت جليلة  

_ من حجها وتعمل اللي ريداه، دي بنت الغالي.

تحدث جاسر الذي الذي قد أتم الثامنه من عمره 

_ وأني ياستي؟

فتحت چليلة الذراع الآخر لتحتويه بحب وهى تقول بفخر 

_ أنت جلب ستك ودنيتها، انتي البكري اللي نورت البيت كله بطلتك، ربنا يحرسكم ويبارك فيكم ويحفظكم من كل سوء

آمن الجميع خلفها 

لتتغير ملامح جليلة وهى تقول بحزن 

_ وربنا يتم لولدي فرحته ويقومها له بالسلامة.

تحدث جمال بأمر لطفليه

_ يالا ياجاسر خد أختك والعبوا فـ الجنينه بره.

نظر لوالدته بعد خروج طفليه وطمئن والديه قائلًا

_اطمني يااماى خالد جالي ان العملية نچحت والحمد لله

ردت بسعادة كبيرة

_ الحمد لله، ربنا يسعده ويتم فرحته على خير

آمنت وسيلة خلفها 

_ يارب يامرات عمي 

تحدث عمران بجمود رغم الأشتياق الذي يكتمه بداخله

_ عمره مـ هيشوف السعادة طول مـ الحية دي وراه.

رد جمال بحكمه وهو يساعد والده على الجلوس

_ ملوش لازمه الحديت ده يابوى خلاص بجى فيه روح بتربطنا بيها، الأفضل ندعلهم بالهداية.

هز عمران رأسه بألم وهو يقول

_ ربنا يهديه ويبعد عنه النفوس المريضة كلها.

....

دلفت الغرفة بعد ان آوت طفليها إلى فراشهم وعادت إليه؛ بل إلى موطنها كما يخبرها دائمًا " لا وطن لك خارج أحضاني" لتجده مستلقيًا على الفراش ينتظهرها، وعندما رآها بسط لها ذراعه كي تعود إلى مسكنها لتندس في حضنه الآمن وتتحدث بـ عتاب محب

_ ممكن تعرفني ليه الراچل لما يعاود بعد غياب عن بيته بيسلم على الكل بالأحضان إلا مرته، بيكتفي بانه يسلم عليها بيده وخلاص وبكتيره جوى يبوس راسها.

ضحك جمال غامزًا لها بعينيه وهو يقول بمكر

_ وبعد مـ ينجفل عليهم باب واحد بيعاود سلامه عليها كيف؟

وكزته في صدره وردت بخجل

_ أنا مش بتحدت عن الحاجه اللي فـ دماغك دي، أنا بقصد أدام الأهل.

قطب جبينه متسائلًا

_ كيف ده؟ السلام بين الزوچين بعد غيبه بيكون حاچه تانيه مينفعش واصل تبجى ادام حد، ولا أنتي أيه اللي فـ دماغك عاد.


هزت رأسها بيأس منه لقلب الأمور دائمًا وقالت بغيظ.

_ اللي يشوف حديتك معاي مجولش أبدًا إن ده چمال اللي مبيرفعش عينيه فـ حدا واصل.

ايد حديثها قائلًا

_ أديكي جلتيها، في حدا غيرك ممكن اخده في حضني أكده ولا حتى بشتاجله كيف مـ بشتاجلك؟

هزت رأسها بالنفي ليتابع هو بعشق عاتب 

_ بيجى كيف بتجولي إني مـبرحبش بيك زيهم.

تاهت في عينيه التي تلتهم ملامحها وكأنه يراها بعد طول غياب، فتقول بحب

_ اول ما بشوفك ببجى نفسي أترمي في حضنك وخبرك جد أيه أتوحشتك.


كان ينظر لثغرها الذي يطربه بأجمل الكلمات؛ برغم بساطتها إلا إن صدق مشاعرها يجعله يحلق في سماء العشق ويقول بحب

_ نفس احساسي بس انا خابرك بتخجلي من نظرة جريئة مني ادام حدا وعشان اكده بستنى لما يتجفل علينا باب واحد عشان ( غمز بعينيه) أجولك أني مشتاجلك جد أيه؟

تابع بخبث

_ المره الجاية مش رايد اشوفك بره أوضتنا، تستنيني أهنه لحد مـ أطلعلك وخبرك بطريجتي جد ايه مشتاجلك.

تخجل دائما من كلماته التي يصف بها مدى عشقه الذي لم يتغير قيد أنمله إنما يزداد ويزداد مع مرور الوقت.

مهلًا هل أخبرها بمره أخرى؟ سألته بحيرة

_ چمال انت ناوي تسافر تاني؟ 

هز رأسه بحيرة وقال 

_ مخبرش لسه

اتعدلت كي تنظر إليه جيدًا وسألته بجدية

_ بس أحنا خلاص سدينا ديونا والحمد لله مش محتاجين السفر في حاچه.

_ انتي بتسمي اليومين اللى باغيبهم في مصر دول سفر. انا بجمع المحاصيل وبوديها بنفسي المصنع يعني مره ولا أتنين في الشهر، وبعدين متنسيش ان لولاها كان زمانا محلك سر، رايد أعمل جرشين لعيالي يتسندوا عليهم.

ردت برجاء 

_ أرچوك ياجمال بكفياك سفر وتعب أحنا الحمد لله سدينا اللى علينا وخلاص اللى هتچيبه الأرض هيكفينا ويفيض وبعدين أنا بفضل مرعوبه عليك من وجت ما تروح لحد ما ترچع، أرچوك ياغالي بكفياك بجى.


تعاطف مع خوفها عليه ورد بثبات

_ خلاص مش هسافر تاني ، ورزج هنا رزج هناك.

عاد لمكره وهو يسأله

_ مالك جلبتيها هم أكده

تابع بتحذير

_ هترحبي بيا زين ولا أنام أحسن ويبجى أنتي اللي مجصره؟

ضحكت بدلال مما جعله لا يطيق صبرًا واقترب من شفتيها يقبلها بحب وشوق لينسى همومه داخل أحضانها.


يُتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رانيا الخولي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية