-->

رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 6 - 1

 

 قراءة رواية بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية بدون ضمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل السادس




تهالك جسد فريدة فوق الفراش ولم يقوَ على الوقوف مرة أخرى كلما تذكرت حينما رأت أسر يقف مع تلك المدعوه نرمين! الآن فقط بدأت الصوره توضح امامها ولما كان طول الوقت بعيد عنها ربما لم يتوقف الأمر عند حديثهما معا فقط بل هناك أشياء آخري تسير في نواياه، لم تتوقع ذلك أبدا فهي اكتفت بانها تفكر بانه يرغب بالابتعاد عنها فتره مؤقته، لكنها لم تفكر بانه يريد الإبتعاد عنها دون عوده وقد بدأ يبحث عن غيرها ايضا؟ 


رفعت فريدة رأسها للأعلى، وحدقت في الفراغ مستعيدًا في ذاكرتها؟ ما يا ترى الفعل التي ارتكبه خلال الفترة الماضية من حياتها، حتى تعاقب بذلك الشكل من الجميع؟ كل ما أرادته 

ان تحصل على عائله تحبها وشخص تعشقة يدعمها ويساندها طوال حياتها كما كانت تفعل معهم، لكن لا أحد منهما الآن قادر على مساعدتها، وفي تلك اللحظه دلفت شقيقتها

ريهام وهي تهتف ببهجة وتبتسم بسعادة 


= بت يا فريده امسحي دموعك جايبلك اخبار حلوه هتفرحك أوي بدل الغم اللي احنا فيه ، سمعت ابوكي وهو بيتكلم مع أسر خطيبك انه لازم يحط حد للموضوع ده ولو موافق يكمل معاكي ينزل يجيب المأذون ويكتب عليكي دلوقتي، وهو وافق مبروك يا حبيبتي .


لم تعقب عليها، بل نظرت لها بأعين شاردة منكسرة، ففي لحظة خسرت كل شيء، الشرف، السمعة، والقوة، و الحبيب أيضا. اقتربت منها ريهام واضافت بحماس 


= قومي بقي اغسلي وشك وتعالي كده اظبطك يا عروسه وتعالي كمان نطلع الفستان اللي كنتي هتلبسيه يوم كتب الكتاب، واشتريناه سوا .


تطلعت فريدة نحو ريهام بجمود ثم تركتها  بمكانها ونهضت بخطوات اشبه بالركض ولفت حجابها حول رأسها لتهرول بعدها إلى الخــارج، لتجدة مازال جالس مع والدها يتناقشون حول موضوع زواجهم، نظرت له شزرًا قائله بصوت محتد 


= هو انت مين قال لك ان انا موافقه اتجوزك؟ هو انا لعبه في ايديك تختفي وقت ما تحب وقت ما تعوزني تيجي؟ اتفضل يا استاذ روح للهانم نرمين بنت خالك اولى بيك وانتم الاتنين بصراحه تستاهلوا بعض .


ازدرد أسر ريقه بصعوبة، وجاهد ليبدو هادئًا وهو يقترب منها هامس بارتباك


= فريده انا ما فيش حاجه بيني وبين نرمين وانتٍ بنفسك شفتيني واقف ساكت معاها وهي اللي عماله تتكلم وتضحك وانا ما كنتش مديها اهتمام، انا اصلا كنت نازل وسايبها فوق مع ماما وهي اللي نزلت ورايا وشبتت فيا اوصلها بس انا رفضت ولله .


ظلت أنظار فريدة مثبتة عليه، تطالعه بخزي، اصطبغ وجهها بحمرة مختنقة وتأوهت بصوت منخفض من الألم الشديد داخلها و ردت بفتور واضح


= وهو انا كل المشكله اللي بيني وبينك نرمين بس يا اسر؟؟ أنا كنت بعديلك عشان مش عايز أخسرك مش عشان تضمن وجودى وتبهدلنى، هو انت فاكرني ما كنتش فاهمه اختفاءك فجاه عني ده معناه ايه؟ وانت كنت بتفكر تبعد عني عشان مش قادر تستحمل الوضع الجديد اللي بقيت فيه واللي ما ليش ذنب فيه .. أنا عملت ايه عشان تأذيني كدة، عمري ما هسامحك .!


اقترب ليقف أمامها وابتسم لها قائلًا بصوت رخيم 


= انا عارف اني عكيت الدنيا ،بس عايزك تبقي عارفة اني ممكن أعمل اي حاجة عشان نرجع لبعض. 


شعرت بنغصة في صدرها لمجرد التفكير بوضعها المشفق ذلك، و الألم القوي الناتج عن تخلي أسر عنها سابقة، لذا أجابته فريدة بتنهيدة متعبة


= وانا إيه اللي هيخليني أصدقك ؟!! انت للاسف يا أسر ملكش أمان 


هز رأسه برفض وقال بجدية


= أنا عمري ما كدبت في مشاعري، جايز اكون فعلا كنت متشتت مش عارف اخذ قرار في الموضوع بالاول، بس ده كان رد فعل طبيعي اللي حصل ما كانش قليل يا فريدة عشان خاطري سامحيني وانا بوعدك قدامهم اهو ان انا مش هسيبك ولا هبعد عنك تاني وبعدين خلاص انتٍ هتبقي مراتي هبعد عنك ازاي بعد كده بس؟ 


أضاف مبتسمًا بتأكيد وهو ينظر لها بحب


= و والدك اهو الحمد لله حسم الموضوع وهو معاه حق لازم فعلا بعد اللي حصل نكتب كتابنا عشان نخرس لسان أي حد يتكلم عليكي نص كلمه بعد كده .


تمتم عابد بامتعاض هامس مبدية انزعاجه منه

لكن داخلة يرغب في ان تتم تلك الزيجة حتى تتوقف الاقوال بالخارج عنهم .


= خلاص يا فريده طالما اتاسف وهيكتب كتابه عليكي يبقي اكيد عرف غلطته ومش هيكررها تاني .. سامحيه عشان خاطرنا .


لوهلة بدأت في حيرة واضحة غير قادرة على إيجاد الكلمات المناسبة للرد عليه، شعرت بألم حاد يصف في قلبها بسبب ضعفها امام ذلك الحب، وأطرقت رأسها قليلاً ثم ضغطت على شفتيها هامسة


= طب مش تسمع شروطي ممكن ما ترضكش وخصوصا وانت ما لكش راي ثابت بالموضوع ده بالذات؟ انا مش هتنزل عن القضيه يا اسر مهما حصل هتقول لي فضايح كلام الناس مش هيفرق معايا غير حقي وبس!!. وما فيش قوه هتجبرني على الارض ان انا اتنازل عن حقي سامعني .


انفرج شفتاه أسر باضطراب وبدأ متردد بالموافقه بما قالته للتو، وهي لم تنتبه لتلك الجزئية وانشغلت بالتفكير فقط في كونها تخبرة بشروطها، عقد ما بين حاجبيه بحيرة في طلبها لكن لم يرغب في إثارة أعصابها اكثر ويعود نادم لذا تحرك هو خطوتين للأمام مرددًا بهدوء


= ماشي موافق والمره دي هكون معاكي ودعمك 


كانت فريدة تتعمد أن تصعب الأمر بكل شيء قبل أن يحاول تركها مره اخرى، وبنفس الوقت تريد أن تخمد جذوة حبها قبل أن تصف بها بنهايه المطاف، واصلت حديثها المنفعل حينما طال ذلك الوضع المريب


= وهرجع شغلي تاني زي ما كنا متفقين، في المستشفى الثانيه انا مش عامله عمله وخايفة منها عشان أخاف من حد واستخبي؟!. اللي المفروض يستخبى ويخاف ويتكسفوا على دمهم هم.. مش انا !!. 


تحدثت بكلماتها الاخيره وهي تنظر الى والدها بعتاب شديد وهو أخفض رأسه بتوتر، بينما

هز أسر رأسه هذه المرة بالموافقه وهو يردد بخنوع


= تمام معنديش مشكله في ده كمان، هاه أنزل أجيب المأذون ولا لسه في شروط تاني ؟!. 


فركت أصابعها بارتباك كبير، صمتت للحظات تفكر في الأمر، ورغم إعلانها موافقتها مسبقًا لكن تلك الموافقه عندما كانت تثق بحبه لها لكن في الفترات الاخيره بدأت تشعر بالشك نحو ذلك الحب بسبب أفعاله الغير المبرره حتى الآن. تصارعت الأفكار في رأسها و تخبطت قرارتها، هي تخشى من تلك الإقدام عليها، بالرغم انه كان في يوم حلمها الارتباط منه؟ و ذلك قبل ان ترى تردده بعلاقتهما! 

لكن اليوم عندما خيروا والدها ان يختار الانفصال عنها أم الزواج بها؟ وقع الاختيار علي الزواج بها وكان هذا اكبر دليل على ندمة فماذا تريد اكثر من ذلك؟ واخيرا هزت رأسها مستسلمة بالموافقة وقد اعتلت الحمرة وجهها. 


زادت ابتسامته اتساعًا وهو يهمس بثقة


= مبروك يا فريده مبروك علينا كلنا، عاوزك تجهزي نفسك لحد ما اجي بالماذون و أهلي، البسي واتشيكي كاننا فرحنا الليله فعلا كفايه حزن بقى وعتاب .. مش كده ولا ايه؟. 


اخفضت رأسها بتشوش اكثر وهو اعتقد أنها شعرت بالخجل لذا صمتت، ابتسم أسر باستمتاع ثم التفت يسير نحو باب المنزل بالخارج حتى يأتي بالماذون، فيومه سيبدأ بها، ويستمر معها طول العمر بعدما تصبح زوجته.


❈-❈-❈


في الوقت نفسه، كانت تسنيم قد انتهت من تجهيز نفسها للذهاب إلى النادي مع أصدقائها بيوم العطلة، حيث بدأت تشعر بالملل أثناء جلوسها بمفردها في المنزل ، لذلك قررت الخروج تلهي نفسها قليلاً. غادرت غرفتها وهي تفرك رقبتها بأصابعها بسبب نومها الطويل طوال اليوم ، وقبل أن تلبس حذائها لتغادر ، تفاجأت بجرس الباب. اقتربت في دهشة لتفتح الباب ، إلا أن تفاجات بشقيقها أمامها

لتقول مرادفة بود


= ايمن ازيك اتفضل ادخل .


أجابها قائلًا بهدوء


= قلت بقالك كتير مش بتسالي قلت اسال انا، مختفيه فين الفتره اللي فاتت حتى ما بقيتيش تردي عليا في التليفون ذي الأول


بدا الحزن ظاهرًا على ملامح تسنيم وهي تنظر بأخيها بعطف لتتحفز حواسها كليًا متذكرة فعلت ليان وكيف كأن يعاني أيمن بمفرده ولم يخبرها، عقد حاجبيه باستغراب من شردها فاقترب منها متسائلا بغرابة 


= تسنيم انتٍ سرحتي في ايه؟ مالك


هزت رأسها برفض وهي تتنهد بعمق قائله بتلعثم بينما افسحت له الطريق ليدلف 


= لا أبدا يا أيمن اتفضل معلش بس الايام اللي فاتت كنت مشغوله كده في كام حاجه في الشغل، خصوصا ان الشركه المدير بتاعها اتغير ولسه بنتعود على وضعنا الجديد معاه، يعني في شويه مشاكل كده وان شاء الله بتتحل

المهم طمني انت على نفسك عامل ايه؟ و آآ ليان كمان عامله ايه؟ 


تلفت أيمن حوله بنظرات زائغة محاولًا السيطرة على اضطرابه الشديد عند ذكر اسم زوجتة! فمجرد التفكير في حالة أرهق قلبه وأضناه، ليهتف باقتضاب 


=عادي كويسين ما فيش جديد، بقول لك صحيح عمك اتصل بيا من يومين وبيقول في عريس كده من البلد جايبهلك وعاوزكٍ تقعدي معاه وتشوفيه ممكن يحصل قبول ما بينكم و..


كزت على أسنانها بغيظ، ثم اندفعت بغضب نحوه و وقفت تسنيم قبالته متسائلة بجدية وغضب


= و ايه؟ يا أيمن احنا مش كنا خلصنا من الموضوع ده وقلت لي عمك ١٠٠ مره يا ريت 

مايجيبش عرسان من طرفة، ما انا جربت الموضوع ده مرتين قبل كده وما شاء الله على العرسان اللي بيجيبهم ليا عمك، دول بيبقوا تقريبا نفس نشفيه الدماغ وطريقته وتفكيره في التعامل معانا ما يفرقوش عنه حاجه خالص، و ما فيش داعي نفتح الموضوع ده تاني، وبعدين انا مش هتجوز بالطريقه دي وهو عارف كده كويس ليه مصمم بقى يستخدم معايا الأسلوب ده 


أسرع أيمن قائلا بتمهل متعمد


= اهدى بس يا تسنيم انا قلتله نفس الكلام ورفضت حتى انه يجيب العريس ويجي هنا وبعد كده ترفضي وهو يقعد يتخانق معانا، أنه اتحرج مع العريس واهله بسببك، فقلت أقفل الطرق من البداية افضل.. بس انتٍ عارفه دماغ عمك هو مش هيهدى لي بال غير لما يشوفك متجوزه .


احتجت تسنيم قائلة برفض قاطع


= انا مش عاوزه اتجوز لمجرد عماله اكبر في السن زي ما هو بيقول دايما او عشان هو عاوز كده، وان شاء الله لما اشوف حد مناسب هاجي اقول له من نفسي يا ريت بس يرحمنا شويه من الزن كل شويه .. انا عارفه ان كل اللي مضايقه في كل ده؟ ان انا عايشه لوحدي من غير راجل! 


كاد ان يتحدث أيمن لكن تفقدت تسنيم الهاتف بيدة وهو يضيء لتقول هاتفة بكلمات مبهمة


= ما ترد على تليفونك انا ملاحظه ان عمال يرن من ساعه ما دخلت هو ده عمك ولا ايه؟ 


ظهر فجاه على وجهه علامات تجهم كبيرة، وأجاب أيمن بضجر و دون وعي


= لا ده مش عمك دي والده ليان عماله تتصل بيا من الصبح مش عارف عاوزه ايه؟ وانا عمال اكنسل، لما اروح ابقى ادي التليفون لي ليان تكلمها تلاقيها بتتصل بيا انا عشان ليان مش هترد لأن تليفونها معايا .


نظرت تسنيم إليه للحظة بدهشة ، لكنها سرعان ما فهمت الأمر ، وأن شقيقها أخذ الهاتف من زوجته عن قصد ربما اعتقد بهذه الطريقة أنها لم تحاول خيانته مرة أخرى.

تصلب أيمن في مكانة وقد انتبه الى كلماته الاخيره، وأخفض نظراته متجنب تحديق شقيقته الصريح به، ثم أشاح أيمن بوجهه العابس للجانب وقال مرتبك


= قصدي يعني تليفونها معايا عشان كنت بصلحه، المهم ما تقلقيش من حوار عمك انا هتكلم معاه تاني واحاول افهمه ان انتٍ مش رافضه موضوع الجواز بس مستنيه الشخص المناسب، واذا كان على قعدتك في الشقه لوحدك هقول له برده ان انا كل فتره باجيلك او انتٍ تجيلي .


تأثرت مقلتاها سريعًا ولمعت بعبرات خفيفة وهي تري حاله شقيقها البائسه وكيف يحاول ان يخفي عنها ذلك السر تجنبا الى نظرات العطف والشفقه، وبصعوبة بالغة منعت نفسها من البكاء، ثم لاحظت مره ثانيه بأن هاتفه يضيء لتقول بقلق 


= أيمن ما ترد انت بتقول بتتصل بيك من الصبح، ممكن يكون حد جريله حاجه 


وكأن أيمن سيغلق الهاتف بالفعل هذه المرة ، لكنه توقف بعد حديثها برهبة ، لأنه لم يفكر بالأمر هكذا و أن ربما حدث شيئًا خطيرًا  وأرادوا إبلاغه.


❈-❈-❈


خلال ساعه قد ذهب أسر ليحضر المأذون وعائلته، بينما في ذلك الأثناء بداخل المنزل قد بدأت بعض التجهيزات البسيطه و رفضت فريدة ارتداء أي ثياب مبهرجة رغم محاولات شقيقتها ريهام إقناعها بالعكس، حركت رأسها بالنفي قائلة بإصرار


=لا مش عاوزة! سيبيني براحتي يا ريهام 


اقتربت منها ريهام وألحت عليها قائلة بابتسامة


= هو ايه اللي لا، ما كفايه حزن بقى يا بنتي ده النهارده كتب كتابك، يعني المفروض تكوني شيك وزي القمر النهارده يا عروسه 


رمشت فريدة بعينيها بحزن ثم أشارت لها  بيدها بخيبة أمل


= عروسه! ما احنا فاهمين اللي فيها يا ريهام

يعني مالهاش لازمة 


هزت رأسها بعتاب ريهام قائلة بضجر


= في ايه يا فريده هو انتٍ غاويه نكد وخلاص ايوه عروسه غصب عن اي حد وبعدين ما هو وافق اهو وربنا هداء وكتب الكتاب هيتم، هو انتٍ شفتي يعني حد غصبة.. يبقى ايه لازمه الغم ده؟ فكي بقي يا نكديه شويه وحاولي تنسي اللي حصل .. حتى الليله دي بس .


لم تعطيها ريهام فرصه للحديث ونهضت نحو الخزانة وهي تقلب بين الثياب باهتمام، حتي أنها أصرت أن تعطيها أفضلهم، ثم التفتت ناحيتها جاذبة ثوبًا رقيقًا كأن فستاناً طويل باللون العنابي منقوش بفاكهة النبأ وبحمالتين عريضتين مصنوع من قماش الساتان هاتفة بحماس


= بصي بقى ده حلو خالص! وهطلعلك حجاب 

يليق عليه ونشوفلك حاجه شيك تلبسيها عليه من تحت .


دققت فريدة النظر لها بتردد في حين اقتربت منها قائلة بعبوس 


= عشان خاطري مش عاوزه اعتراض قومي يلا البسي قبل ما أسر يجي هو و المأذون . 


دفء استلذت به فريدة ما أن وضعت قدميها بالصالة وخرجت للجميع بالخارج! واول ما لمحته كان أسر الذي تطلع فيها بابتسامه عريضه بحب و التي تربت وترعرعت داخل قلبها.. بينما شعور بالحنين والاشتياق واللهفة غمرها كليًا !. والان فقط قد بدأت تستوعب الأمر بانها ستصبح زوجته كما كانت تتمنى وتريد؟ لتشعر بالتوتر كل ما اقتربت خطواتها منه رغم انها شعرت بالسعاده وتحقيق حلمها الذي تمنته طوال سنوات إلا أن تنفيذ الأمر على أرض الواقع أصعب بكثير.


خفق أسر بشدة حينما رأها تطل كالبدر في تمامه عليه، مظهرها ألهب حواسه كلها خاصةً أنها لأول بعد عدة لحظات ستكون ملك له ويحق له يفعل ما يشاء دون حواجز، وعند تلك النقطة هو ملتاعاً بكلا الجانبين ..اقتربت شيماء من فريدة لتحتضنها متابعة بسعادة


= مبروك يا فريده الف مبروك يا حبيبتي فرحتلك أوي.


ردت عليها فريدة بإبتسامة هادئة


= شكرا يا شيماء عقبالك .


قبلت شيماء وجنتيها بحب ثم ابتعدت عنها، بينما اقتربت فريدة من سميحة وقالت بنبرة مرحبة للغاية 


= ازيك يا طنط سميحة .


ابتسمت سميحة لها ببرود وهي ترد باقتضاب 


= كويسة!


شعرت فريده بنبرتها الجافة لكن الأخري لم تعطيها أي اهتمام، وبامتعاض مزعوج أشاحت سميحة وجهها عنها بغيظ شديد وهي تنظر الى ابنها بعدم رضي وعبوس، فكانت تتمنى أن تكون ابنه أخيها العروس المنشودة، بدلا من فريدة خصوصا بعد ما حدث معها وأصبحت في نظرها فتاه ليست مناسبه ولا صالحه للزواج من أي شخص وبالأخص ابنها، كانت تتمنى وتطمح ان يتزوج من فتاه ذاته سمعة وشرف، وليس لها علاقات سابقة حتى وأن كانت رغم عنها؟ فهي أم ودائما تريد وتتمنى الافضل الى ابنائها وتعتقد بانها تفعل الصالح له حتي وان كأن القرار الأخير بيد ابنها البكري.. لا تريد تلك الزيجة مطلقاً،لا تريد بان يتزوج ابنها من فتاه ساقطه تجرا غيره ولمسها وافقدها شرفها..ولا تريد ان تلازمة تلك الفضيحه طوال العمر فالناس لا تنسى ! ولا تتوقف عن الحديث، لذلك كانت تسعى للافضل إليه .


لكن خاب رجاؤها وتفاجات قبل ساعه بأنه جاء تحت بناية المنزل وامرها بان ترتدي ثيابها هي وابنتها شيماء وينزلون الى الاسفل سريعا دون ان يوضح الامر لهما؟ وعندما هبطت اخبارها بالامر باختصار بانة سيتزوج من فريدة والآن؟ ورحل بعدها ولم يعطيها اي فرصه للحديث فهو يعلم جيد بانها ستعترض وبشده على ذلك القرار !؟. لذلك وضعها امام الامر الواقع، خرجت من شرودها المؤقت على هتاف خيرية القائل وكانت الأخري تنظر اليها بضيق فهي رغم فرحه ابنتها لكن لا تخفى عنها نظرات سميحة والتي ستكون حماتها المستقبليه 


= تعالي يا فريده اقعدي هنا جنبي .


بدأ المأذون في إتمام الاجراءات، وكان معظم الموجودين بحالة مبهجة فرحة،أو على الأغلب في حاله رضا بتلك الزيجة إلا أن بالتاكيد ليس الجميع! لقد كأن من بينهما من ليس راضي بتلك الزيجة تماماً وتمني تعكير الصفو بينهما.


وفي ذلك الأثناء أطلقت ريهام زغاريد كتعبير رمزي عن فرحتها، لينظر عابد الى أسرتة وهم 

في حاله سعاده وفرحة صريحًا فتلك المناسبة السارة كأن أهل منزلة بحاجتها، ثم انتبه إلي صوت المأذون وهو يسائل العروسة عن موافقتها، رفعت فريدة رأسها بخجل وقد شعرت بالسعادة العارمة كم حالفها الحظ بأن باب من أبواب أحلامها فتح إليها على مصراعيه، لكن هناك شعور آخر لا تعلم ما هو كما يخبرها حدسها المقلق كلما تنظر صوب عينيه أسر ذات اللون البني القاتم والأهداب الكثيفة ونظراته التي تخترق القلب والروح، لذا دون أن تتحكم في لسانها أجابت على الفور


= موافقة


لوي ثغر أسر للجانب مُشكلًا ابتسامة متشوقة، ولمعت نظراته ببريق الحب، لم يختلف حالها عنه كثيرًا، بل ربما أشد فرحة منه، فهي كانت من قبل تحترق من الخيبة بداخلها، لكن حالفها الحظ وتحول الأمر الى بهجة و تبدلت تعابير وجهها للإشراق، ولم تكترث بافتضاح أمرها، فالمهم الآن أن تشعر هي تحديدًا بما يكنه لها في قلبه، لتتاكد بالفعل أنه احبها هي وسوف يتزوجها هي! وليس غيرها كما توقعت .


وجه انظاره المأذون الى أسر وعابد حتى يشرعون في وضع يديهم تحت المنديل الابيض ويرددون خلفه حديثه بالضبط، ردد عليه أسر بابتسامة متسعة للغاية..بينما كان الغيظ يأكل سميحة منها و شريراً تلمع بعينها وهي تتابع بعينيها قرب انتهاء إجراءات عقد القران .


بالمقابل كانت فريدة تراقب بذهول وكأنها لم تصدق ما يحدث ، واستسلمت لتيار الانفعال الكاسح ، فاشتد العاطفه فيواصل سطو المشاعر بين فريدة وأسر وقد اجتمعت كل حواسهما في تلك اللحظة ، وانتظر كل منهم بفارغ الصبر حتى يكتمل المنتظر بسرعة البرق لتشعر فريدة بهزة الأمان نفسها التي شعرت بها سابقًا. !!


إلا أن وهن جسد فريدة كان أكبر التي شعرت به فجاه، لتفتح ثغرها متأوهاً بتوجع منخفض وهي تضع يدها أسفل بطنها، مسحت بمقدمة حجابها جبينها الذي كان يتصبب عرقاً لا تعرف لما اصبحت حالتها هكذا و تحركت في جلستها أعلي المقعد بعد راحة و رمشت بعينيها عده مرات وهي تشعر بثقلها وبدأت رأسها تميل للخلف بوهن قبل أن تغمض عينيها باغماء .


شهقة مصدوماً أصدرها الجميع وهم ينظرون الى فريده بهلع وبدات حاله فزع تسير بداخل المنزل وتوقف كل شيء ولم يكتمل! أسرع أسر إليها ليرمقها بنظرات خوف وهو يصيح باسمها عده مرات لكن لم تستجيب له؟ لتصرخ والدتها بان يحضر احدهما الطبيب .


❈-❈-❈


حلت الصدمة على وجة شقيقه وفاء زوجه زاهر الاولى، وتباينت ردت أفعاله، حيث هب طة واقفًا من مكانه مرددًا بصدمة واضحة


= نعم! يعني ايه زاهر جوزك جي هنا من حوالي شهر ونص وما تقوليش يا وفاء؟؟ و اكيد طبعا كأن جاي يهددك زي كل مره عشان ترجعيله مش كده


ابتلعت وفاء شقيقته ريقها وهي تنهض لتقف مقابله، ثم نظرت له والعبوس والخوف ظاهر على وجهها وهي تردف بقلق شديد 


= اهدي يا طة ما انت عارفه وعارف دماغه كل فتره هتلاقيه بينطلي هنا عشان يخوفني ويخليني ارجعله بس انا خلاص المره دي خدت قراري ومش هرجع انا تعبت من العيشة معاه، ومش ناويه تاني ارجع للذل والاهانه اللي شفتها معاه


تطلع فيها هادر باقتضاب


= ولا انا كمان يا وفاء عاوزك ترجعيله، ده شخص زباله وما عندوش نخوه ولا دم، لو هو راجل فعلا كان طلقك او يجيلي انا بدل ما كل شويه بيجي من ورايا ويهددك .. 


أضاف طة بوعيد شرس


= بس ملحوقه اروحله انا بقى مره بدل ما هو كل شوية ياجي


هتفت فجأة بنزق وقد انعقد ما بين حاجبيها بشدة 


= والله العظيم يا طه لو عملت كده لا اعمل في نفسي حاجه، انت لو رحتله مش هيسيبك و كفايه اللي عمل المره اللي فاتت وكنت هتموت لما سلط واحد عليك يخبطك بعربيته ولولا ساتر ربنا قمت منها بخير، حرام عليك يا طه انا ما ليش غيرك بعد ابويا وامي الله يرحمهم، ولا كمان عيالك ومراتك ليهم حد فكر فيهم


ربتت على كتفه وفاء متابعة بصوت متأثر


= ما تحطهوش في دماغك هو ما يقدرش يعمل حاجه عشان كده، بيحاول يخوفنا بمجيته كل شويه البيت.. اوعى تعمل اللي في دماغه يا طه وتروحله وتتخانقوا ، لو جريلك حاجه هتضطرني غصب عني اروحله عشان يبعد عنك 


قاطعها طة أخيها صارخ بانفعال متعمد وهو يلوح بذراعه في الهواء بحركات عصبية


= انتٍ بتقولي ايه يا وفاء امال عاوزين اسيبه عشان يفكر ان احنا خايفين منه، وبعدين عاوزه تروحيله برجلك عشان ما يجيش جنبي زي ما عملتيها لما كنت راقد في المستشفى بسببه واتنازلتي عن قضيه الخلع من خوفك عليا لما هددك ان هو اللي عمل كده فيا، ولحد دلوقتي على ذمته و انتٍ مش عاوزاه والنطع مش عاوز يطلقك وهو عايش حياته كل يوم والتاني يطلق ويتجوز واحده شكل . 


اردفت بصوتٍ متحشرج وخفقان قوي في قلبها لمجرد رؤيته هكذا، بينما ترقرقت العبرات في مقلتيها من الخوف على شقيقها الوحيد، بان يتانبها في لحظة إحساسها بالضياع وتفقده 


= طول ما انت بخير وانا بعيد عنه مرتاحه، خلاص انا رضيت بنصيبي ويطلقني ولا ما يطلقنيش ما بقاش فارق معايا طالما هو بعيد عني، عشان خاطري يا طه انسى الموضوع وما تحاولش تروحله، ده انا ما ليش غيرك .


صمت طة ناظر لها عده لحظات بغضب مكتوم و البغض والحقد اللا محدود داخله يتعالي تجاه ذلك الحقير زاهر والتي عانت وفاء الكثير والكثير بسببه، ترقب بأعصاب محترقة خوف شقيقه الوحيده إليه، فحتى بعد أن تركته وفاه وابتعدت عنه يظل يحوم حولها لإفساد كل شيء حتى تستسلم وفاء للامر وتعود إليه مذلوله، حتي إن لزم الأمر ان يقتله 


شدد طة من أصابعه القابضة على رأسه بسخط، ثم أخفض عينيه الحادتين جانب وهو يشعر بالعجز بسبب كلمات شقيقته، فهي على حق! اذا دخل معركه امام زاهر سيسقط احدهما قتيل وفي الحالتين؟ وستكون عائلته هي الخسارة بذلك الأمر.


لكن بنفس الوقت لن يجعل زياره زاهر الى أخته وتهديده إليها، أبدًا تمرق على خير دون أن يضع حد إلي ذلك الوضع، فقله حيلته تطعن رجوله أمامها وتشعره بالضعف .


❈-❈-❈


بــداخــل مــنــزل زكــريــا، نزعت حسناء إحدى ضلفتي "الشباك" الخشبي بالصالة ولم تجده عائقًا في نزعه وكان اسمراء من كثرة الاتربه والغبار الذي يملاه، تحركت لتضعة جانب ثم انحنت للأمام لتلتقط تلك القماشه المتسخه و قذفت كوب ماء علي النافذة الزجاجية وبدات في تنظيفه على غير العاده بعناية.


بينما في ذلك الأثناء خرجت مهرة من غرفتها  

بخطوات غاضبة وهي تبحث عنها بارجاء المنزل حتى وجدتها فهرولت ناحية هاتفة بنبرة تؤازرها


= انتٍ ايه اللي خلاكي تدخلي الاوضه وانا مش موجوده وتنقلي حاجتي اللي فيها من غير ما تقولي لي .


التفتت حسناء ناحيتها ببرود مستفز وكانها كانت متاكده من قدومها الآن او اصح كانت تخطط الى ذلك، هتفت باستفزاز لتزيد من حنقها قائله 


= في ايه مالك داخله بزعابيبك (هيصة) كده ليه الشقه متبهدله وكنت عاوزه اروق بلاش ولا اسيبها مبهدله لحد ما جانبك تيجي واخد اذنك 


استشاطت مهرة من ردها البارد واندفعت نحوها قائلة بنبرة محتقنة


=نعم وانتٍ من امتى بتهتمي تروقي الشقه ولا تيجي جنب حاجه تخصني ما انتٍ مشيلاني كل حاجه وساكته، اشمعنا المره دي اللي حبكت تروقيها وانا مش موجودة


أكملت حسناء ما كانت تفعله بعدم مبالاة بينما تمايلت بميوعة بجسدها وهي تردف بنبرة باردة 


= هو انتٍ ايه مشكلتك دلوقتي اروق مش عاجب ما اروقش مش عاجب انتٍ عاوزه ايه بالضبط .


هدرت فيها مهرة بعصبية جمة من برودها المستفز 


= عاوزاكي لما تيجي تروقي بعد كده تبقي تعرفيني وانا اشيل الحاجه بنفسي، بدل ما انتٍ بهدلتهالي جوه وعماله ادور على نصها ومش لاقياه .. انا بكون مرتبه اللي عاوزاه واللي مش عاوزاه ، ما تحركيش ثاني مره حاجه ما تخصكيش ولا تفكري تقربي لحاجتي .


وفي ذلك الأثناء خرج والدها من غرفته على اصواتهم لكن لم يتدخل وظل يراقب وضعهم من بعيد وهو يحاول فهم ما الذي يحدث بينهما، قذفت حسناء ما بيدها بغضب و ردت عليها بحدة


= خلاص يا اختي اي اوامر تانيه؟؟ انا الحق عليا يعني بعدلك حاجتك.. كل ده عشان نقلتهم من مكانهم مش فاهمه اي مشكلتك ما تدوري على حاجه وترجعيها تاني 


وجدت مهرة بان الحديث معها ليس له فائده لذلك أشارت بيديها لها بحركه عصيبة قبل ان تلتفت وترحل تاركة إياها، نظرت حسناء بطرف عينها لتشاهد حماها زكريا يقف علي أعتاب الغرفة، زادت ابتسامتها حتى برزت نواجذها، وتابعت حديثها بصوت منخفض هذه المرة لكن وصل له وهي تقول بعبوس مقصود بخبث


= ولا شكلك كده ما كنتيش عاوزاني ادعبس (ابحث) فيهم ومداريه حاجة عننا وخايفه اشوفها . 


لتلتقي نظراتها بأعين زكريا الشرسة لدرجة أنها  استمعت إلي صوت تنفسه من غضبه، بينما التفتت بظهرها وهي تبتسم بتشفٍ عظيم، بينما شعرت بأن نيران زكريا المستعرة قد ازدادت قليلًا او كثيرا !! لا تعرف المهم انها وصلت إلى هدفها وقد زاد الشك داخله أكثر أو ربما اقتنع أخيرا بأن مهرة بالفعل تخفي شئ مريب عنهما .  


❈-❈-❈


في مــنــزل عـابـد، تبادلوا إلي بعض نظرات حائـرة و متوجسة وهم ينتظرون خروج الطبيب من غرفه فريده بالداخل ومعها شقيقتها و والدتها، فلم يعرف احد ما الذي اصابها فجاه هكذا وما الأذى الذي حل بها، فكانت تلك الليله تسير بين الجميع بسعاده وفرحة لكن فجاه فقدت وعيها واصبحوا في حالة هرج ومرج .


خرج الطبيب من الغرفه وكانوا خلف منة خيرية وريهام، ركضت والدتها مهرولة إليه ولسانها لم يتوقف عن الدعاء لها، رافقتها ابنتها وكذلك اقترب أسر منه و والدها والقلق يعتري كل منهما حول مصير فريدة المجهول،بالعبرات تساءلت خيرية بحذر بلهفة وهي تقف أمام الطبيب 


= خير يا دكتور طمني مالها بنتي .


ابتسم الطبيب لها وقال بهدوء 


= اطمني ما فيش حاجه تقلق خالص، مبروك المدام حامل .


شهقت ريهام و شيماء بنبرة مذعورة، وكأنه أصب الجميع بشلل مفاجيء في امكانهم فتجمدت تعابير وجوههم، وقد تساءل البعض بنظراتهما هل ما استمعوا اليه صحيح؟العروس التي كانت ستكتب كتابها قبل لحظات حامل !. 


صعقت خيرية فور اختراق أذنيها كلمات الطبيب مصدومة وقد توترت أنفاسها، و كأن اول من نطق واتسعت مقلتاها بذهول كبير وهي تلطم على صدرها سميحة صائحة بفزع


= يا لهوي حامل .. يا نهار اسود .


هربت الدماء من عروق عابد، لم يتخيل و لو لحظة أن ابنته حامل ، ومن ذلك النذل بالتأكيد! وما يجعله يشعر بالخجل أكثر هو أنه في اللحظة التي اكتشف فيها حملها حدث أمام الجميع! وكأنه سيتحمل تلك الأنباء السيئة أيضًا، ليتم إضافتها إلى قائمة الفضائح! و كالعادة كان أول ما فكر فيه هو فضيحة، ابتلع ريقه الجاف في حلقه محاولًا السيطرة على أعصابه التي أوشكت على الانهيار.. فيكفي ما يحدث حقا لم يعد يحتمل تلك المصائب . 


تصلب أسر قسمات وجة وقفز قلبه في قدميه، وشخص أبصاره هاتفًا بلا وعي 


= حامل ازاي؟ ومن مين؟ 


اقتربت سميحة من ابنها قائلة بجدية صارمة


= هيكون من مين يعني؟ أكيد من الزفت اللي اغتصبها ورافعه عليه قضيه.. يلا يا اسر الوقت اتاخر خلينا نروح، ما بقاش لينا مكان هنا 


لكن ظل أسر مكانه يستوعب الصدمه ولم يسمعها بالاساس، أضافت سميحة وهي تنظر نحو أسرة فريدة باشمئزاز و باحتقار، هاتفًة بتأفف مقصود


=استغفر الله العظيم يا رب! ربنا يسترها على ولايانا... أسر انا بكلمك يلا قدامي سامعني ولا ناوي تقعد وتستنى الهانم لما تخرج وتبارك لها .


لم يستطع احد ان يجيب عليها، فالجميع كان في حالة نفور وصدمة مزعوج. وفي المره الثانيه لم تنتظر هي رد منة و جذبته من يدة بعنف خلفها وهي تسحب ابنتها أيضا رغم عنهم، وفي الأثناء اقترب عادل زوج ريهام الذي كان هنا حتى يكون شاهد على عقد الزواج الذي لم يكتمل، جاهد ليحافظ على أعصابه الغاضبة فلا يعد ينقصة الآخر كل تلك الفضائح التي تسيل من وراء ذلك النسب، ومال نحو زوجته ولكزها عادل بعنف في كتفها وهو يقول بصوت متشنج


= ريهام، يلا إحنا كمان ما بقتش طايق اقعد هنا ولا دقيقة.. يلا. 


خرج الجميع من باقي المنزل حتى المأذون الذي تحرك للرحيل وهو لم يعد يفهم شيء، ليظل عابد و خيرية متجمدين في مكانهما فلا أحد منهم يعرف ماذا يقول في هذا الموقف. فقد تحول المنزل إلى كتلة من السمعة السيئة الحامية التي التهمت كل شيء بلا هوادة.


❈-❈-❈


بمنزل أيمن، استندت ليان بظهرها على حافة الفراش متطلعة أمامها بنظرات شاردة بحزن، 

أصبحت في حيره دائما لا تعلم ماذا تفعل حتى تعود الثقه بينهما كما كانت! هي نادمه بشدة و لقد أدركت قيمه خطاها الفادح 


تكررت تلك الأحداث في مخيلتها لتشعرها وكأنه يد أحدهم تطبقان على عنقها، وهي أوشكت على الاختناق. 


أغمضت عينيها سريعًا لتنفضه عن عقلها، هي لا تريد تذكر الأمر وكيف استطاعت ان تخون  زوجها، فمجرد استعادة تلك الذكريات وقد استطاع ان يتغلب عليها شيطانها يزعجها بشدة ويشعرها بتانيب الضمير والعذاب الأليم، وضعت يدها على وجهها لتمسحه برفق من دموعها فشعرت بملمس صلب لترفع كفها أمام أنظارها لتحدق في ذلك الخاتم الرقيق الذي يزين إصبعها فابتسمت عفويًا بحب وهي تتذكر لحظاتهم الرومانسيه معا وبدايه زواجهم وحبهم الكبير ! وهذا أكثر ما يشعرها بالندم والحزن فهل بالفعل سيتركها أيمن ولم يسامحها بعد ذلك الحب الذي كأن بينهما، أخفضت يدها ببطئ ثم تنهدت ليان قائلة بشرود 


= دي مش النهاية أبدًا!


ثم نهضت وقررت أنها ستخاطر كثيراً حتى تصحح أخطائها ويغفر لها زوجها ويسامحها على هذا الخطأ ، و تعود حياتهما إلى ما كانت عليه من قبل وأفضل .. ثم لاحظت صوته عاد  في الخارج. هبت واقفه من مكانها لتخرج إليه، متأملًا إياه بنظرات قوية، وأردفت قائلة مبتسمة بتوتر


= حمد لله على السلامه يا أيمن، ممكن لو فاضي نتكلم مع بعض.. ارجوك اسمعني وانا مستعدة لاي عقاب منك


ليظهر ارتباكها جليًا وتسربت خيوط حمراء لوجنتيها لتزيد من توردهما وهي تكمل بإحراج متلعثم


= بس بلاش نبعد عن بعض انا عارفه أن إللي انا عملته صعب يتنسى ويتغفر بس انت قلبك طيب وأكيد هتسامحني مش كده؟ خليك احسن مني وصدقني هتكون أول واخر غلطه اعملها .


رد عليها أيمن باقتضاب جاد


= مش وقته الموضوع ده يا ليان، في موضوع تاني مهم عاوز اكلمك فيه.


صمتت للحظة باستغراب، رمقها أيمن بنظرات مدققة وهو يري قلقها الظاهر علي ملامحها، قائلًا بجدية


= والدتك اتصلت بيا من شويه وبلغتني ان باباكي تعبان اوي ولازم تسافري دلوقتي لي، لأن إحتمال تكون اخر مره تشوفيه .


تجمدت عيناها عليه محاولًا استيعاب الأمر، لمعت عيناها سريعا تأثرًا، ولم تستطيع أن تضبط انفعالاتها قبل أن تبدأ تبكي دون مقدمات.. 


بينما اقترب منها واضاف أيمن بعدم رضي و العبوس بوجهه وهو يرفع كفيه أمامها بالهاتف الخاص بها


= انا مش هقدر اجي معاكي للاسف عشان الشغل وتسنيم هتبقى لوحدها هنا، اتفضلي ده تليفونك عشان اكيد هتحتاجي هناك لما تسافري وأنا حجزتلك تذكره، اطمني عليه وارجعي علي طول. 

تابع قراءة الفصل