-->

رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 5 - 1

 

 قراءة رواية بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية بدون ضمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل الخامس



في المساء وصل أيمن إلى منزله ليجلس لحظات فوق المقعد بوجه قاتم، بصمت! تطلعت بة ليان وهي في حالة حزن شديدة، وهي تعرف ما الذي أصابهم لتبدو حياتهما مكتئبه بصورة مبالغة، بينما هو كان متجهمًا، عابسًا، وجهه محتقن، ونظراته مشوشة. لتفهم زوجته ما الذي يدور داخل عقله ، حدقت فيه ليان وقبل أن تفتح فمها لتتحدث معه كان هو قد اتجه إلى غرفته مباشرة صافقًا الباب خلفه بعنف، لتنهض خلفه و دقت الباب بخفة  مستأذنه بالدخول، لكن لم يأتيها صوته، فـا فتحت الباب بحذر، وأطلت برأسها محاولة رؤيته وهي تهمس بصوت منخفض


= أيمن انا عاوزه تليفوني؟ هو انت هتفضل واخده مني لحد امتى 


احتدت نظراته عليها قائلًا بنبرة جادة


= واللي فكرك بيه، عاوزه ليه؟ ايه وحشك القرف اللي كنتي بتعمليه مع الحيوان اللي كنتي بتكلميه من ورايا


ابتلعت ليان غصة مريرة عالقة في حلقها، بسبب حديثه الأليمة دومًا يتكرر أمامها ليشعرها بالاهانه واستعادت في ذاكرتها ما مرت به وقد اوصلها الى هنا، خانتها العبرات، وسقطت بلا انذار على وجنتيها، وهي تهتف


= انا عاوزاه عشان اكلم ماما و بابا.. واطمن عليهم وكمان عايزه اكلم تسنيم بقيلها كتير مش بتيجي تزورنا 


نظر نحوها بجمود، وأجابها بنبرة هادئة معتادة ليثير اعصابها اكثر بإهانة


= لا فيكي الخير، ما فيش حاجه هديهالك يا ليان، و ما تقلقيش كلهم كويسين طول ما انتٍ بعيد عنهم ومش عارفين حاجه عن المصيبه اللي عملتيها 


تسمرت في مكانها للحظات تحترق من طريقته الحادة معها، هو لا يعطيها أي فرصة لتقترب أكثر منه ويشعر بـنادمها، دومًا يصدها ويثبط عزيمتها، ويحبط كل محاولاتها معه، ابتلعت ريقها بتوجس كبير، ثم أسرعت وهي تقترب منه متسائلة باستفهام


= طب لحد امتى ؟


اعتقد انها تتحدث عن هاتفها، لذلك اكتفتي بالنظر لها باحتقار، وقال بخشونة قوية


= قلتلك لما يجيلي مزاج هبقى افكر اديهلك  وبطلي زن


هوى قلبها في قدميها وهي تسأله بترقب شديد


= انا مش بتكلم على التليفون، انا بتكلم على حالنا!! لحد امتى يا أيمن هنفضل كده في الحال ده.. مش ناوي تسامحني .


طالعها بنظرات أكثر إظلامًا عن ذي قبل، وهتف قائلًا بصوته المتحشرج باستهزاء 


= اسامحك !! 


همست بأنين متوجع


= انا مش هقول اني مش غلطانه لا طبعا

بالعكس أنا غلطانه جدا كمان بس في الأول

والآخر انت واهلي السبب، لو مكنش اهملتني بالطريقه دي اكيد مكنتش هندور علي بديل


استشاطت عيناه وشعر بجفاف نحوها اكثر رغم انها تعترف بغلطها وبخطئتها أمامه بمنتهى الصراحة، لكن لا تعلم بان ذلك يثير أعصابه اكثر نحوها.. ضغط على شفتيه بحده ساخراً وقرب وجهها عنوة منها، ولم تجاهد لتخلص نفسها من قبضته، ولا قاومته بل كانت مستسلمه تماماً، ليصيح بقوته العنيفة 


= لا ولله انتٍ كمان هتجيبيها فيا دلوقتي، ليه كنت انا اللي قلت لك روحي كلمي واحد غيري واحكيله على اسرارنا وكل التفاصيل اللي بتحصل ما بينا..و استني منه يقول لك كلمه حلوه بدالي، و انا اقول معدتش بتسال و لا بتطلب كل شوية اني اقعد معاها في البيت و لا عاد فارق معاها اتاریکی لقیتی البديل اللي بيسليكي ويعوضك عن غيابي .. 


ليتركها ولوي ثغر أيمن للجانب وهو يواصل حديثه بنبرة عدائية


= وفي الاخر جايه تقولي لي انا السبب لا يا هانم دى نتيجة أفعالك الغبية من غير ما تفكرى، انتى اللي وصلتيني لكدة للأسف يا محترمة


أخـرجت تنهيدة حارة موجوعة من صدرها وهي تقول بألم


= ايوه انت اللى وصلتني لكدة؟ انا عمری ما كنت وحشة ولا قصدت ای حاجة بكلامي معاه ولاحتی حبيته و لا فكرت في يوم اني احب غيرك.. انا بس فرحت بطريقته الحلوة معايا عكس اللي انت كنت بتعمله معايا طول الوقت، وبعدين ما تبص على الموضوع من منظور تاني مش ياما كنت بتحايل عليك واحاول اقرب منك باي طريقه وطول الوقت عشان ترجع تهتم بيا، وانت كنت طول الوقت بتستهزا بكلامي وتتجاهلني .. ليه زي ما بتحاسبني دلوقتي ما تحاسبش نفسك على اللي عملته معايا في الأول ؟؟. 


أظلم وجه أيمن للغاية وهو يحدق فيها، بينما اقترب منها قائلًا من بين أسنانه المضغوطة بعنف


= وهو كل ست جوزها يبعد عنها شويه وما يهتمش بيها ولا يقول لها كلام حلو، بتعمل كدة!! ما ياما ستات غيرك كتير اجوازتهم

مسافرين في بلد تانيه و مابیشفوهمش بالشهور.. بيروحوا يكلموا رجالة تانية على اجوازتهم ؟! ولا بيحترموا اسم الراجل اللي شايلينه !! 


لم تستطيع أن تخفي شهقاتها أو حتى بكائها المرير عنها، بل ظلت على وضعيتها المحطمة أمامه مخرجة ما يقتل صدرها، كان كمن انفطر قلبها علي موت أحدهما 


= والله يا أيمن انا اصلا حسيت اني غلطانه انی اتكلمت معاه وكنت مقررة انى مش هتكلم تاني خالص، والله العظيم كانت اخر رساله ما بينا انا بعتهاله بنفسي ان خلاص اخر مرة ما بينا واحنا غلطانين في اللي بنعمله ولازم نوقف كل ده ومانرجعش نتكلم تاني وما استنيتش رد منه كمان.. وعملتله بلوك وحاولت ارجع اقرب منك تاني وانا ندمانه 


بكت بأنين مرتفع مخرجة من صدرها شهقات ملتاعة وحاولت احتواء انهياره وهي تضيف


= لحد ما لقيتك في يوم راجع وحد بعتلك كل الرسائل اللي كانت ما بينا وانا كان ممكن اكدب عليك زي ما انت كنت فاكر أن الرسائل مش حقيقيه، بس انا واجهتك بكل حاجه عشان ضميري كان بيعذبني طول الوقت وندمت


ضحك عاليًا مستخفًا بها وبصورة جعلت قلبها يقفز متألم من سخريه استهزاؤه، ثم توقف  عن ذلك ليحدجها بنظرات مميتة وهو يردف بقسوة جامحة


= آه صح قررتى تتوبي بعد ما زهقتي منة،  وفضلتي اكتر من ست شهور بتحكيله كل حاجه عنا وكل التفاصيل اللي بتحصل ما بيننا ده انتٍ حتى من جبروتك كنتي بتحكيلة لما  بقرب منك وتحصل ما بينا علاقه ؟!. 


وضعت يدها على فمها كاتمة شهقاتها المقهورة وهي تجيبه بندم قاتل 


= يا أيمن انا انسانة وكانت لحظة ضعف وانا في البدايه كنت بعتبره صديق او اخ ليا وغصب عني الكلام اتطور ما بينا من غير ما احس، والله أنا بحبك انت و عمري ما حبيت غيرك.. انا ممكن بس حبيت اهتمامه ليا و مفکرتش في الموضوع ان ممكن يوصل لكده، اعتبرها غلطه مني ومش هتتكرر تاني والله انا عرفت غلطتي ومش هعملها تاني..


رمقها بنظرات أكثر قسوة قبل أن يقول بجمود


= للأسف يا ليان مش هقدر اسامحك انتى خونتینی و مفيش راجل يقدر يسامح واحدة تخونه حتى لو بيحبها!


❈-❈-❈


كان عابد يتحرك بخطوات شبه متعجلة راحل بعد أن أنهي عمله في تلك المدرسة الحكومية التي تعج بالكثير من الطلاب المزعجين، وكان اليوم كعادته مرهقاً له، وغير ذلك المشاحنات التي أصبح يواجهها بمنزله بسبب مشكله أبنته "فريدة"والتي تركها للعداله لتاخذ مجراها، ثم

توقف فجاه عندما لاحظ اصدقائه الاثنين أمامه.. أبتسم صديقة عبد القادر الآخر قائلًا بهدوء


= ازيك يا عابد اخبارك ايه، كده يا راجل اعرف اللي حصل لبنتك بالصدفه وما تقولناش مش  احنا أصحابك برده و ما لناش غير بعض .


توهجت عينا عابد بوميض شرس، وزادت عيناه اتساعًا وهو ينظر إلي صديقه الأخري الذي تفهم علي الفور سبب نظراته وقال بتبرير


= ما تبصليش كده يا عابد انا والله ما قلت له حاجه انا لقيته عارف لوحده واهو عندك اساله 

بنفسك


سأله عبد القادر باهتمام


= في ايه يا عابد واحنا يعني غرب عنك ولا و لما نعرف هنعمل لك حاجه، انت ايه ذنبك في اللي حصل.. المهم ايه الأخبار دلوقتي الموضوع واصل معاك لحد فين؟ 


أخفض رأسه وهو يتحدث بنبرة مختنقة


= ولا حاجه ادينا رافعين قضيه والاجراءات بقى هتمشي في المحكمه بس ابن الكلب ده انكر كل حاجه حصلت وكمان بيقول عنده شهود ان وقت الحادثه كان موجود معاهم .


مسح صديقه علي كتفه الأيسر ليخفف عنه وهو يقول بعطف


= معلش يا عابد أهدي وبعدين انت متوقع يعني هيعترف بكل حاجه على طول كده سيب الحكومه وهي بمعرفتها هتخليه يعترف غصب عنه ، ربنا يخلصنا من الاشكال دي على خير 


نظر له صديقة الذي يدعي عبد القادر بأعين جامدة هاتفا بتبرم ساخط


= وهي الحكومه هتعمل له ايه الحكومه ليها بالشهود اللي قدامهم وبس والقضايا اللي زي كده ساعات للاسف مش بيعرفوا ياخدوا معاهم حق ولا باطل وحقهم بيضيع .. ومش بينوب الاهل غير الفضيحه والعار 


بدأ عابد منزعج من حديثه المبالغة فيه، والذي واستشعر بالخوف وخيبه الامل من أسلوبه ذلك، ومع ذلك لم يرغب في احراجه أمامهم، لذلك هتف صديقه الأخري بحذر مرددا


= ايه بس اللي انت بتقوله ده يا عبد القادر، مش قدام الراجل انت مش شايف حالته؟؟ بتقفلها في وشه ليه، يا سيدي أن شاء الله ربنا يكرم ويعرف ياخد حق بنته 


عبس بوجهه مصححًا بجمود قاسي


= انا مش بقفلها ولا حاجه، و عاوز نصيحتي يا عابد و تعمل بيها وهتخلصك من الموضوع ده.. كأن في قبل كده حادثه اغتصاب برضه حصلت عندنا في الصعيد واهل المنطقه عملوا قاعده مع بعض واولاد الحلال اقترحوا ان الحل المناسب و اللي هيرفع رأس البنت واهلها انه يتجوزها ويعمل لها فرح قدام المنطقه كلها عشان يخرس لسان أي حد .. واهو دلوقتي عايشين مع بعض وعندهم أولاد ومحدش بيفتكر الموضوع .


وكأنه أحد صفعه بقوة مباغتة لتتسع عيناه فورًا، وتظلمت نظراته، بينما حل الوجوم على تعابيره وهو يرد بازدراء


= انت اتجننت ايه اللي بتقوله ده عاوزني اجوز بنتي لواحد زي ده ؟؟. ما عندوش أخلاق و لا ضمير .. ده اغتصب بنتي عارف يعني ايه؟؟ والله اعلم اول مره يعملها مع بنات تاني ولا إيه.


هتف بصرامة بوجه خالٍ من التعابير


= يا عابد اسمعني وما تنشفش دماغك انا عشان اب زيك فاهم اللي انت بتواجهه  وبيحصل لك كل يوم ولسه هيحصل لك كمان  

ومش هتبقى قادر تبص للناس، جري ايه يا عابد هو انت مفكرنا مش واخدين بالنا من عينك اللي بتنزلها في الارض كل ما تقابل حد فينا .. الكسره وحشه انا فاهم كويس اللي جواك وحتى لو المحكمه حكمت لبنتك بحقها هي الناس بتنسى ..


توتر عابد وهو يقف يستمع إلى كلماته بروح خاوية ثم تابع عبد القادر حديثة بنبرة جافة


= واذا كان عشان موضوع أنه اغتصبها، يا سيدي انت عارف شباب اليومين دول وياما رجاله بيتجوزوا وهما فيهم كل العبر وبعد الجواز بيتعدلوا 


اضطرب عابد لوهلة، وتوقف عن التنفس مجمدًا أنظاره للفراغ شاعراً بقهر لعجزه عن حل تلك الازمه ولا يعلم ما هو التصرف الصحيح، ثم أغمض عيناه، وأخفض رأسه قليلًا هامسًا بوجه محتقن


= انت بتحاول تقنعني بايه مين قال لك اصلا ان حتى انا لو وافقت بنتي هترضى وبعدين اصلا هي مخطوبه وكان المفروض يكون فرحها الأيام دي .


اصطبغ وجه عبد القادر بحمرة غاضبة وهو يتحدث بتهكم وكأنه الأمر بتلك السهولة


= جرى ايه يا عابد من امتى والحريم ليهم راي بعد الرجاله ، وبعدين انت هتختار الصح ليها ولمصلحتها هي لسه صغيره مش عارفه اللي هتقابله من الناس بعد الموضوع ده، واذا كان على خطيبها اديك قلتها بنفسك مجرد خطوبه تقدر تفسخها في اي وقت ده اذا ما كانش هو اللي هيسبقك ويعملها قريبا .


❈-❈-❈


بعد مرور أسبوع في الصباح، حاولت فريده أن تسيطر على حالها وعلى حاله حزنها، وتحملت على نفسها وهي تنهض تجهز نفسها للذهاب إلى العمل فلا يوجد فائده من أن تظل بداخل غرفتها طول الوقت، ويجب ان تعود وتمارس حياتها كما سابقاً. بعد فترة في الخارج، انعقد ما بين حاجبيه بدرجة كبيرة، وهو يراقب خطوات أبنته للرحيل من خارج المنزل ليهتف بعبوس قليل


= استني عندك رايحه فين ؟ 


أجابته فريدة باقتضاب وهي تعض على شفتها السفلى


= زهقت من القاعده مش هفضل حبسه نفسي في البيت هنزل اروح شغلي كفايه كده.. عاوزه ارجع بقى أمارس حياتي عادي زي الاول القاعده مش هتحل لي حاجه


نهض عابد فجاه بأعين نـارية متأججة، وبنظرات تحمل طيات من الغضب، ليهتف فيها بقوة متشنجة 


= ادخلي مكانك ما فيش خروج وانسي حكايه شغلك دي كمان، احنا مش ناقصين مشاكل كفايه المصايب اللي احنا فيها، كمان عاوزه تنزلي الشغل، عاوزه الناس تقول عليكي ايه لما يشوفوكي مش همك اللي حصل و رايحه برجلك تاني لنفس المكان . 


ارتفع حاجباها للأعلى في صدمة واضحة، فسألته بغرابة 


= انا ما كنتش راحه نفس المستشفى انا قلت لكم ان انا نقلت لمستشفى ثانيه .. وبعدين انا مش فاهمه تقصد ايه بكلامك ده؟ ايه المشكله لما أنزل و اروح شغلي


خرجت والدتها من المطبخ على أصواتهم، ثم رفعت خيرية أنظارها نحو زوجها الغاضب ولم تستطيع ان تجادله، و هو يرمقها بحدة و يردد بسخرية طفيفة 


= ما تقولي حاجه لبنتك يا خيريه، الظاهر هي مش عارفه الناس بره لما بتشوف حد نازل فينا بتعمل ايه؟ مش عارفه احنا مستحملين ايه من تحت رأسها قد ايه منهم، من اول ما بنخطي خطوه واحده بره البيت بنلاقي اللي بيبصلنا بشفقه وفي إللي شمتان فينا وفي اللي ما عندوش دم وبيجي يسالنا بكل بجحه ايه اللي حصل لبنتكم، وفي اللي بيعمل عاوز يطمن علينا وهو بيرضى فضوله وعاوز يعرف عملنا ايه في القسم وايه هي آخر تطورات القضية لكن احنا في الحقيقه ولا فارقين معاهم، ده غير القرف اللي كل يوم بسمعه في المدرسة اذا كان من زمايلي المدرسين او من اولياء الأمور .. 


وكأنها تلقت صفعة مهلكة على وجهها بعد تصرف والدها المفاجيء وغضبه بهذا الشكل، لم يطرأ ببالها أن يمنعها من الخروج من المنزل ويرفض ان تعود وتتاقلم إلي حياتها كالسابق، وذلك لأنه لا يريد أن يتعرض لبعض المضايقات من الناس بالخارج...وأيضاً خوفا من نظرات من بالخارج! لكن تساءلت نفسها لما مهتم لهذه الدرجه باقول الناس؟ فهي لم تخطئ بشيء، لذا ردت عليه معاتبة 


= طب لما حضرتك عارف ان احنا مش فارقين مع الناس في حاجة واحنا بالنسبه لهم تسليه بيسلوا وقتهم بأنهم يعرفوا اسرارنا ، ليه عاوز تمنعني من النزول .


رمقها بنظرات أكثر شدة وصرامة وهو يمنعها من الاعتراض على حديثه، بينما صر على أسنانه بقوة حتى كاد يحطمهم من فرط وجه المحتقن 


= عشان مش ناقص موضوع و قصه جديده و يقعدوا يسألوني عليكي، هي بنتك ليه رجعت تنزل تاني لوحدها وشكلها مش فارق معاها الموضوع ولا خايفه علي نفسها.. ده غير اللي هيالف الموضوع على هواه بطريقه تانيه؟ 


حدقت فيه مرة أخرى بنظرات معاتبة، وقبل أن تحرك شفتيها لتعترض هتف بصرامة جادة


= هي كلمه واحده ما فيش نزول لوحدك تاني حتى لما تنزلي معانا هيكون للضروره وبس!  


❈-❈-❈


تحرك سالم قدماه برشاقه داخل منزلة بسهوله وهو يغلق الزر الخاص باذرع بدلته ... ثم اتجه نحوه باب منزله ليرحل للعمل لكنه تفاجأ بطرق علي الباب وطرقات قوية وذلك قبل ان يفتح، ليقترب ليفتح الباب ويرى من الزائر الآن بذلك الوقت،وعندما فتح الباب تفاجا بالسيدة ناهد حماتة! رغم انه شعر بالغرابه من وجودها الان؟ لكن نظر لها بابتسامه حانيه و هو يرحب بها


= ازيك يا مدام ناهد اتفضلي 


لكنها لم ترد الترحيب بل دفعت الباب بقوة ودلفت وكأن الشياطين كانت تتراقص امام عينيها، وبدأت تبحث عن حفيدتها "ليلي" وهي تقول بحدة 


= انا مش جايه اضايف! حفيدتي ليلى فين؟؟ بقيلها اسبوع مش بترد عليا هو انت حرت البنت ما تكلمنيش ولا ايه؟ 


تنهد بهدوء ولم يتفاجا من تصرفاتها فهو معتاد على ذلك دائما منها، لوي ثغره سالم بابتسامة عابثة وهو يرد باعتراض 


= وانا هعمل كده ليه؟ ما هي حفيدتك همنعها عنك يعني، هي بس مشغوله الأيام دي في الإمتحانات عشان كده ما ردتش عليكي بس اكيد لما تفضي هترد على حضرتك .


ضايقت عينيها نحوه متهكمة وتحدثت بلهجة شديدة باتهام


= مشغوله في الامتحانات برده ولا انت اللي مخليها مش عاوزه تكلمني وعاوز تحرمني منها.. زي ما حرمتني من بنتي 


نظر لها سالم شزرًا، صائحا بعصبية حادة


= هو انتٍ كل ما تيجي هتقولي ليا نفس الاسطوانه بتاعه كل مره؟!. تمام وانا هجاوب عليكي نفس الاجابه انا ما قتلتش بنتك ولا ليا علاقه بموضوع موتها عمرها انتهى هنا خلاص.. وكفايه قوي اللي حصل لنا بسبب نصايحك العظيمه اللي كنتي طول الوقت بتقوليها لبنتك، فلو عايزه تتهمي حد بموتها فحضرتك بقى اولى 


ارتفع حاجباها للأعلى وحدجة ناهد بنظرات ساخطة وهي ترد بصوت غاضب بشدة


=انت بتقول ايه؟؟ انت اتجننت انا هقتل بنتي الوحيده واحرق قلبي عليها، انت هتجيبها فيا عشان تبرا نفسك ولا ايه.. انت اللي قتلتها بخيانتك ليها مش انا، هو انت فكرني صدقت الكلمتين اللي انت قلتهم لي بعد ما ماتت؟؟ عادي شدينا مع بعض واتخانقنا وسبتلها البيت اكيد 100% شافت عليك حاجه وما قدرتش تستحمل الصدمه .. ويا ترى بقى خنتها فين وهي شافتك؟ تلاقي في بيتها تعملها 

ما أنتم صنف بجح .


نظر نحوها بعدم تصديق وشعر بالغيظ الشديد من كلماتها، ثم أردف بأنفاس متهدجة وصدر مختنق


= لا واضح اني ما شاء الله العيله دي كلها بتخترع حاجات من دماغها وتصدقها من غير ما تسمع اللي قدامها.. تمام مش انا اللي قتلتها يلا تفضلي روحي بلغي عني .. مستنيه ايه؟ مش واثقه ومتاكده كده اوي أن انا السبب في موتها.


نظرت ناهد إليه بنفور وأجابته بنبرة ثقيلة وهي تشير بيدها 


= حاجه بس واحده إللي منعاني عنك يا سالم وهي حفيدتي، غير كده كنت زمانك انا اللي قتلتك بايدي ، انا همشي و يا ريت البنت لما ترجع تقول لها ترد على جدتها


❈-❈-❈


جلس زكريا بالأرض القرفصه وضبط من وضعية جلبابه الداكن ليقترب من صينيه الطعام الموضوعة أمامة وبدأ بتناول الطعام  وكان علي الجانب الآخر يجلس إبنه أنس بمفردهم، بينما كانت نظرات أنس زائغة محاولًا السيطرة على اضطرابه الشديد وهو يفكر كيف سيتحدث مع والده بموضوع كذلك، ثم سمع صوت والده قائلا بصوت آجش


= عامل ايه في الشغل مع زاهر بيه؟ عارف لو عملت مشاكل المره دي تاني انا مش هاجي واضمنك، خلاص فرصك عند الباشا خلصت

والمره الجايه هيطردنا إحنا الاتنين وهتقطع عيشنا .


حرك رأسه نافيًا وهو يرد


= لا يابا ما تقلقش ما فيش حاجه زي كده هتحصل ان شاء الله ، انا خلاص اتعلمت حتى أسأله بنفسك انا ماشية مستقيم وما بعملش حاجه غلط تضايقه مني. 


تنهد زكريا وقال باستخفاف


= اما نشوف 


ساد الصمت للحظات قبل أن يلمح انس زوجته تقف من بعيد وأشارت اليه بضيق ليفهم الأمر علي الفور، ثم حمحم أنس قائلا متردد 


= بقول لك ايه يابا كنت عاوز اقول لك علي موضوع كده.. بس آآ ولا بلاش.. بلاش احسن مش هتصدقني انا عارفك


نظر زكريا له من طرف عينه، ثم دس لقمة العيش داخل فمه مجيبًا إياه بسخط


=و ده اسمه اية أن شاء الله؟ هو ايه اللي عاوز اقول لك على موضوع وبعد كده بلاش ما تنطق في ايه؟ هو انا هسحب منك الكلام عاوز فلوس ولا ايه ؟ 


هز رأسه برفض بتوتر شديد 


= لا مش عاوز فلوس.. بس انا اصلي مش متاكد من اللي هقولهلك فلما اتاكد المره الجايه هبقى اقول لك


استشعر زكريا بالقلق من تصرفاته، وانبه فضول أكبر، لذا رد عليه والده بحدة وهو يرمقه بنظرات مزدرية


= انت هتنطق في ايه؟ ولا اقوم أمد ايدي عليك زي العيال الصغيره.. اخلص وأقول في ايه؟ هو انت بعد ما تقلقني تقول لي بعدين هقول لك


ابتلع أنس ريقة بارتباك وهو يقول بتلعثمٍ


= بصراحه كده يابا بعد ما خلصت شغل قلت اروح اقعد على القهوه شويه واشربلي حجر معسل وكانت الساعه ٣ كده، بس قبل ما اروح القهوه لمحت مهره بنتك او انا مش متاكد هي ولا لاء؟ و كانت ماشيه مع شاب كده كبير في العشرينات تقريباً.. انا شفت كده جريت وراهم وفضلت انادي عليها بس ما ردتش وفجاه اختفوا من قدامي .


ضاق زكريا نظراته أكثر، وأصبح أكثر حنقًا وغضبًا مما سمعه للتو، قد أصابه بالصدمة ليقول بعصبية شديدة من بين أسنانه


=ايه اللي انت بتقوله ده؟ و هي لو فعلا اختك هتمشي مع شاب زي كده لوحدهم ليه .


عبس وجه أنس وهو يقول باندهاش زائف


= وانا هعرف منين ..بس الكلام ده حصل من يومين وما اعرفش بقى اذا كانت هي ولا انا ممكن اكون غلطان وهتطلع واحده شبهها، عشان كده ما رضيتش اسألها قلت ممكن اكون غلطان واظلمها


ثم أضاف إنس بوجوم 


= بس ما تقلقش يابا بعد اللي شفته و الفار بدا يلعب في عبي ولازم من هنا ورايحه اراقبها، مهما كانت عيله صغيره وشغل العلام ده ممكن يخلي حد يلعب في دماغها.. و احنا ماشيين بالستر مش ناقصين حد يجيبلنا العار على اخر الزمن .


قد أدخل أنس الشك بداخل والده نحو شقيقته مهرة ورحل بكل هدوء، بينما أخفضت حسناء نظراتها لتدقق النظر إلي ملامح حماها المنزعج بشدة باضطراب نتيجة كلمات زوجها .. وهذا ما كانت تريدة هي ! لتتحرك إلي الداخل وقد

تقوس فمها بابتسامة خبيثة برزت من خلفها أسنانها وهي في حالة رضي تامة.


تابع قراءة الفصل