-->

رواية جديدة نفق الجحيم 2 مكتملة لريناد يوسف - الفصل 29

 

قراءة رواية نفق الجحيم الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل التاسع و العشرون



عدت أيام وأيام الحزن كان مخيم فيهم على شام وربيعه، والتنين حاسين بغربه وسط البيت اللي ليهم فيه سنين عايشين والمفروض مولفين عليه، لكن اتضحلهم إن الوطن والبيت مش الارض والحيطان، له ديه طلع قلب كبير يحبك ويساعك بكل مافيك.. هو ديه الوطن الحقيقي، وبموت عديله ضاع الوطن واتهد البيت واتشردت سكانه. 


ورجعت شام لخدمة البيت والشقا من تاني، مع انها مرجعتش كيف لاول واتغيرت فيها حاجه تانيه جنب قلبها اللي اتكسر ونفسها اللي عافت الدنيا.. ضعف نظرها خالص من كتر البكا اللي بكته على عديله، لدرجة إنها توبقي شايفه الحاجه وفلحظه عيونها يغبشوا والرؤيه توبقى ضبابيه وتفضل تفتح وتغمض فيهم مده علي مايرجعوا تاني يشوفوا زين، وديه سببلها مشكله وخصوصي لو عتعمل حاجه تحتاج تركيز وملاحظه طول الوكت ومينفعش اللي عيعملها يغفل عنها واصل. 


وديه لاحظته ربيعه على امها، وفوراً راحت لأبو دراع تترجاه يخلى ابوها كرار يوافق يودى امها لحكيم في المركز تكشف على عنيها اللي هيضيعوا منها وتفقد نظرها وساعتها هتترمى رمية الكلاب.


ووعدها ابو دراع إنه هيكلم كرار بس يعاود ويخليه يوديها للحكيم.. وقال لربيعه انه لو وافق هو اللي هيودي شام بنفسه، 

وياخدها هي كمان معاهم؛ عشان يوريها الدنيا بره البيت ديه عتكون عامله كيف..وربيعه اول ماسمعت إكده حست قلبها طاح عالارض من الفرحه، وفضلت تتنطط قدام ابو دراع وتضحك بدون وعي خلته ضحك على ضحكها وفرحتها، ودار وشه بعيد بخجل وهملها تتنطط براحتها، 

وبعدها شام راحت على البيت جري؛ عشان تبشر امها بالخبر اللي متأكده إنه هيخلى امها تطير من الفرحه اكتر منها.. وهو إنهم اخيراً هيطلعوا بره السجن ديه وينولوا الحريه.. حتى لو كانت حريه مؤقته وليوم واحد.. لكنها هتزيح عن قلوبهم سجن عمر بحاله. 

وبالفعل ربيعه بلغت امها، وشام قعدت على حيلها وهي مش مصدقه اللي عتسمعه من بتها، وفضلت تتخيل في شكل الشوارع والبلاد والبندر والسوق بتاعه اللي مشافتهوش من اكتر من ١٥ سنه، وتسأل حالها ياهل ترى كل شي قاعد كيف ماشافته أول مره ولا اتغير؟ 

وهمست لروحها إن كل حاجه اكيد هتكون اتغيرت.. بس اللي واثقه انه متغيرش هو ابو قلب حديد، اللي أول ماهتطلع هتجرى عليه وتترمى جوا قلبه وتقوله كد ايه وحشها واشتاقت لشوفته، وإنها كانت تسمع حسه كل يوم وعارفه إنه عينادم عليها ويسأل، وطول الوكت يقولها انه فاكرها منسيهاش، بعكس ابو قلب من لحم ودم اللي مافكر حتي يسأل عليها ويعرف اخبارها ويطمن على احوالها، وتلاقيه عايش حياته ومتنعم بمباهجها ولا كأنهم فيوم من ليام كانوا متواعدين عالجواز ولا قلوبهم نبضت لبعض بالمحبه. 


❈-❈-❈



أما ممدوح فكان قاعد على الشط عند المعديه بتاعة البلد، وسرحان وعمال يرمى زلط صغير فى الميه، واتوقف فجاة لما سمع حس منتصر واد عمه سلام عيقوله:

ايه الهم اللي شايله ديه كله ارحم نفسك الهم هيموتك، وكل ديه عشان ربيعه المفعوصه داي..فين قوة الرجال ياواد عمي. 

رد عليه ممدوح وهو عيتنهد بوجع:

العشق معيخليش في الرجال قوة يامنتصر، إنت بس لو عايز تهد راجل وتذله وتوجعه حط فطريقه وحده وخليه يعشقها، وكتها مهيوبقاش منيه ولا من قوته شي.

سمعه منتصر وسكت مردش عليه، لكنه صدق كل حرف عيقوله، عشان ممدوح عمره ماكان ضعيف ولا قليل حيله غير قدام ربيعه وعند امر يخصها، 

وطول عمره عيراقبه لما يكون عيتطلعلها وعيشوفه واحد تاني خالص غير ممدوح اللي يعرفه! 

فلعن العشق واللي عيعشقوه، وحلف بحياته عمره ماهيحب ولا هيخلي قلبه يدق لمره مهما حوصول، وهيفضل محتفظ بقوته ورجولته وكرامته اللي من وجهة نظره عيروحوا مع الحب، وميعرفش إنه وقت الحب عيعمى البصر والعقل، ويغيب الفهم والادراك، والقلب هو اللي عيكون ربان السفينه ويحركها حسب رياح الشوق واللهفه ماتوديه. 


❈-❈-❈


أما حدا بيت توفيق

بدور قاعده عالدكه ومقعده امها قبالها وعتقولها بلهوجه:

قومي يمه قوام شيعيلي حد من عيال اخواتي للدايه يجيبها كني حبلت يمه كني حبلت. 

ردت عليها عدويه بهدوء:

ومالك فرحانه قوي إكده ليه كيف ماتكون اول نوبه ليكي تحبلي؟!


بدور: مش اول نوبه بس النوبادي فرحانه بيها قوي؛ عشان عزت يشوفني ولاده ويحبني لما يلاقيني عزقلطله في العيال على طول، بالك انتي هو عيقول عاوزش منك عيال بس اني عارفاه كداب، واللي جواه غير اللي عيقوله، ديه عيموت فيا وفعيالي. 

هى قالت إكده وفكريه ونعمه اللي كانوا قاعدين قريبين عليهم وسامعين، حطوا اديهم على خشومهم وكتموا ضحكتهم، وحتي عدويه بصتلها بإستنكار، وهزت اديها وقامت شيعت واد معروف الصغير على الدايه يجيبها تكشف على بدور؛ عشان تهدا وتقعد على حيلها. 


ومعداش وكت كبير ودخل واد معروف سالم وهو جايب معاه الدايه اللي السن خد من صحتها وبقت مشيتها على كدها وحيلها راح وعتستعين بعصايه فى المشي، ووصلت بعد مشقه لبيت نعيم، 


واهناك كشفت على بدور وطمنتها بالخبر اللي ريح قلبها وقالتلها إنه حبله، وخدت منيها الحلاوه الزينه، وطلعت وهملتها وهي واعيه الدنيا مش سايعاها من الفرحه. 


واول ماوصلت قصاد بيت المقاول، وقفت قصادة وبصت عليه، وبعد تردد حسمت امرها ودخلت تلقط رزقها اللي هي عارفه هتجيبه كيف.. 

وأول مادخلت وشافت ربيعه بت شام، نادمت عليها وسألتها توبقى بت مين، ولما ربيعه قالتها بت شام معرفتهاش، 

بس لما قالتلها بت كرار عرفتها؛ عشان خابره زين إن كرار محداهوش غير بت وحده، واللي هى من مرته الاولانيه الغريبه. 

سألتها بعد إكده على شوقيه مرت ابوها وقالتلها تنادملها عليها من فوق.. واول ماشوقيه نزلت وشافت الدايه انضربت بالغضب، لانها متوكده إن الدايه جايه ترمي برودها عليها وتاخد منيها فلوس، 


وهي بمجرد ماعتشوفهاعتفتكر كل اللي جرا زمان، وكل اللي هي فيه ديه واللي سببه الغلطه اللي غلطتها واللي خلت كرار اتغير عليها، وبعد ماكان خاتم في صباعها بالمحبه، بقى مداس فرجليها بس من غير محبه، وبصراحه سلطة المحبه عتوبقى احلى وأمتع. 


نزلت شوقيه السلم، وخدت الدايه على جنب بعد ماامرت ربيعه تدخل تعمل شاي، وبمجرد مادخلت ربيعه الموطبخ بصت شوقيه للدايه وبغل قالتلها:

جايه عايزه ايه انتي، مش عرفتي من زمان إن كرار كشف السر جايه تهددي بأيه تاني؟ 

الدايه بمسكنه:

اخص عليييكي اخصص.. بقا إكده يامرت المقاول تتلقيني بالمشوح والملوح واني اللى اتوحشتك وجايه عشان اشق عليكي واشوف خبرك ايه، ومحبلتيش ليه تاني بعد الوادين؟! واديكي حاجه تخليكي تحبلى وتجيبي التالت يخاويهم! 


ردت عليها شوقيه ببرود:

له متشكره منك معاوزاشي منيكي حاجه، اني وكت مااحب احبل هروح للحكيم في البندر يديني علاج زين واحبل طوالي، مش اعشاب ليهاشي عازه ولا ليها فايده، خلاص زمنك وزمن اعشابك ولى ياعجوزة البين. 

الدايه بخبث:

إيهييه.. معلهش يابنيتي يمكن صوح دلوك اني وحاجتي مبقاش لينا عازه.. بس زمان كان لينا كل العازه وكنا عنستروا الولايا ونستتوهم فبيوت يدخلوها ويتملكوها ويسرحوا ويمرحوا فيها على راحتهم.


كان وين الحكيم وكتها وكان فين علاجه الزين ديه؟ 

ولا كانت البنته هتعرف رقبة الحمامه من وين؟! 

القصد.. اوبقي روحي انتي للحكيم وخليه يعالجك.. واني هروح لضرتك اعالجها.. ضرتك اللي قلبتلها بيت الولد بإس جوزك عشان تجيبش عيال تاني.. دلوك هروح اعدلهولها تاني واخليها تجيب لجوزك الولاد وتملاله البيت وتقعد عالحجر وتنزلك بوادينك اللي فرحانه بيهم دول ومكتفيه.. هعالجها واقول لكرار اني عالجتها واوبقي اتفرجى على فرحته وكتها.. 

خلصت كلامها وهمت عشان تلف وتمشي من قدام شوقيه، لكن شوقيه مسكت دراعها وقفتها وقالتلها وهي عتجز على سنانها:

بالك لو سمعت انك عيملتي حاجه زي إكده ياعجوزة البين انتي، بالله العظيم اكون قاطعه خبرك قطع.. 

ردت عليها الدايه بنبرة كيد:

اوبقي اقطعيه خبرى اني إكده إكده قربت اموت وميهمش خبري ياجي لحاله ولا على يدك. 

شوقيه ردت عليها بحاجب مرفوع:

مستبيعه يعني! 

الدايه:

وضارباها صرمه.. اوعى يلا همليني وسيبي دراعي خليني اروح للغلبانه داي خليها تلحق تجيبلها واد من جوزك تتعكز عليه في كبرها. 

ردت عليها شوقيه بعصبيه مكتومه:

وقفى إهنه وقفت الميه فزورك.. قولي عايزه ايه واخلصي. 

الدايه وهي عتبصلها بعيون عتلمع من الطمع في الدهب اللي لابساه ومسكت دراعها رفعته ومشت يدها عالغوايش اللي لابساهم وقالتلها :

كلك نظر عاد يامرت المقاول. 

نفضت شوقيه يدها منها وبحركه سريعه غاضبه قلعت من يدها غويشه دهب ومدتهالها وهي عتقولها:

خدي حار ونار في جتتك، بس اسمعي، وربي لو شفت وشك جوا البيت ديه لأكون فاحته ودافناكي وماأخلى الدبان الازرق يعرفلك طريق جره، فاهمه ولا له؟ 


خطفت الدايه من يدها الغويشه وردت عليها وهي عتنطط الغويشه على يدها تشوف تقلها:

متقلقيشى مهتشوفيشي وشي ولا قفاى حتى،

 مع اني عتوحشك والله وعتوحش دهبك وقرشيناتك، بس يلا ربنا يفرجها من موطرح تاني.. خلصت كلامها وضحكت بسماجه ولفت عشان تمشي.. 

لكنها وقفت متفاجئه وهي شايفه شام وراها واقفه بكباية شاي.. شام اللي خلت بتها تقعد تنقى الرز وقالتلها هي اللي هتطلع الشاي موطرحها؛ عشان ربنا يريد إنها تسمع اللي فاق الخيال، تسمع جبروت وقهر وظلم كرار ليها المدفون ليه سنين،


 واللي كانت مفكره إنه مفيش جبروت ولا ظلم اكتر من اللي عامله فيها وفبتها، لكن ماخفى كان اعظم وأشد وأوجع.

 بصت للدايه بوجع واتفكرت كل الالم اللي قاسته بعد ولادتها، وبطنها اللي قعدت اسابيع تغيب ويجيلها فيها وجع يخليها تعض الارض، ولا هي ولا ستها عارفين سبب الوجع، وحوريه اللي مكانتش تعذر وجعها وكانت تخليها تخدم رغم الالم.. وغمضت واتنهدت بقلة حيلة وبعدها فتحت وبصت للدايه وبقهر المظلوم  قالتلها:

طابور ظلامى اللي هيقفوا قدامي يوم الموقف العظيم زاد نفر.. ومش مسامحاكى ولا هسامحك.. والدهب اللي فرحانه بيه ديه الهي ماتلحقي تتهني بيه الا تصرفيه عالحكما اللي مايلقولك طب ولا دوا. 

خلصت كلامها ولفت ودخلت الموطبخ بخطوات بطيئه مكسوره، وعلى الرغم من انها مكانتش عايزه تخلف من كرار ولا عمرها اتمنتها، لكن كونه يستبيح جسمها ويخرب فيه على هواه.. الحته داي وجعتها فوق وجعها وجعين.. ودخلت الموطبخ وهي عتحسبن من كل قلبها على كل اللي ظلمها فيوم من الأيام. 


أما الدايه فطلعت من البيت قوام وبلهوجه قبل ماشام تفوق من صدمتها وترجعلها تقضى عليها لما تستوعب اللي عملته فيها، وإفترضت إن السكينه سارقاها دلوك، متعرفش إن الاستسلام  والمسالمه طبع شام مش وليد لحظة صدمه. 


 دخلت شام الموطبخ وقعدت مسهمه شويه، وبعدها دموعها نزلوا بحسره على حالها، وربيعه فوراً قامت تهديها وخدتها فحضنها وهي فاكره إنها نوبه جديده من حزنها على ستها عديله، أو نوبه من نوبات حنينها واشتياقها لأهلها اللي عتنتهى بالبكا زي إكده..وبعد ماغلبت ربيعه على ماسكتت امها، هملتها وطلعت تجيبلها لمونتين من الجنينه عشان تعملها كباية لمون تهديها هبابه. 

وبمجرد ماطلعت شافت ممدوح ومنتصر داخلين من بوابة الجنينه، اتجاهلتهم  وراحت علي شجرة اللمون عشان تجيب منها، وممدوح لما شافها ساب منتصر وراح عليها، وابتدا يقطفلها اللمون وهو عيقولها بغضب:

متطلعيش الجنينه تاني مره وتفضلي تتنططي وتمطي روحك كيف العرسه عشان تتلافى لمون ولا غيره، اني كل عشيه هجيبلك اللمون اللي تعوزيه وارزعهولك في البيت. 

ردت عليه ربيعه بغضب اكتر:

قولتلك قبل سابق ياممدوح انت ليكش حكم عليا، وهطلع الجنينه وكت مااحب وحدش يقدر يحوشني، فهمت الحديت ديه فهمت، مفهمتش توبقى إنت قليل فهم عاد. 

ممدوح رد عليها بغضب وهو عيتقدم ناحيتها كيف مايكون ناوى عالشر:

انتي تسمعي الحديت من غير نفس، ياإكده يأما..قال كلمته ورفع يده عليها لأول مره وهو حاسس إن عيارها فلت عليه ولازمن يكبح جموحها هبابه عشان يقدر يسيطر عليها، ومفيش غير الضرب هو اللي هيجيب النتيجه اللي هو عايزها، وفعلا يده كانت هتنزل علي وشها وهى حامله كل خوفه من إنها متكونش من نصيبه وتضيع من بين اديه،، 

لكن وقفه أبو دراع وهو عيمسك يده الهاويه قبل ماتوصل لخد ربيعه وقاله بغضب:

يدددك بدال ماأكسرهالك.. اوعاك تفكر تمدها عليها فيوم من ليام.. والله ياممدوح اندمك عالساعه اللي ولدتك فيها امك وجابتك عالدنيا. 


ممدوح بغضب:

سيب يدي ياعم ابو دراع، البت فاعت فيها ولازمن تتربى، وبعدين داي بت عمي واني ليا حكم عليها برضاكم أو غصب عنكم. 


رد عليه ابو دراع وهو عيزيحه بعيد زيحه بسيطه لكنها كانت لممدوح بمثابة دفعه قويه خلته رجع خطوه لورا:


مش بمزاجكم هبابه تكون بت عمكم وهبابه تاني ولا تعرفوها.. ربيعه ليكش حكم عليها غير فحاله وحده، لو قسمتلك واتجوزتها، غير إكده لسانك يتطاول عليها اقطعهولك، يدك تطول عليها اكسرهالك.. 


ومن إهنه ورايح اياك اشوفك تعترض طريقها ولا توقف قبالها، والجنينه هتطلع فيها زي ماتحب وديه اخر كلامي وعايز اسمعك تتكلم بعديه. 


خلص كلامه وشاور لربيعه برقابته عشان تروح عالبيت وهي طاعت وفورا مشت، وبعدها بص لممدوح اللي كان باصصله بعتب، لكنه اتجاهله واتجاهل عتبه وزعله، ورفع عصايته اللي عيسوق بيها غنمه على كتافه، ومشى من قدامه وراح لغنماته، 


وهمله واقف معارفشى يعمل ايه فاللي هو فيه ديه مع ربيعه ولا لاقي حل لعمه وابوه عشان يوافقوا، 

ولا لاقى حل معاها عشان تلين من ناحيته وتحبه وتديه ريق، عشان يحارب بيها وليها الدنيا كلها لغاية ماياخدها. 



شويه وأبو دراع رفع عينه وشاف كرار داخل من بوابة الجنيه، شاورله بيده وكرار شافه وراحله، وبعد السلام قعد جاره، وأبو دراع دخل في الموضوع على طول:


شام عنيها واجعينها ولازمها زياره للحكيم، واني قولتلها اني هستأذنك واخدها اوديها للحكيم واخد ربيعه كمان معاها. 


بصله كرار وسكت هبابه وسرح بعيد وبعدها رد عليه وقاله:

له متروحش، تشيع حد يجيبلها قطره على إكده، ولا روحلها للمزين هاتلها منيه قطرة شبه زفره وجنزاره وعنيها هتوبقي عال العال. 

أبو دراع بصله بإستغراب وقاله:

وليه يعنى متطلعشي وتروح للحكيم واني معاها قلتلك. 

رد عليه كرار بإصرار:

له شام مهتطلعش من البيت واصل، اللي محتاجاه تشيع عليه، انما طلعه من البيت لحد ماتموت مش هيوحصول، وديه اخر كلام حداي. 

خلص كلامه وقام راح عالبيت وهو عيتخيل لو شام طلعت من البيت وهربت معاودتش مره تانيه، كيف هيكون البيت من غيرها، وهي برغم هدوئها وسكوتها، الا انها ماليه موطرح لو فضى هيوبقي البيت عفش قوي وكتها، وكفايه إنها قاضياله كل طلباته وعتعرف هو عايز ايه وعيتعمل كيف وميته وتعملهوله من قبل مايطلبه. 


دخل كرار البيت، وبمجرد دخوله ربيعه شافته وطلعت جرى على ابو دراع بحماس ولهفه تسأله عمل ايه فموضوع روحتهم للبندر؟ 

وهو اول ماشافها جايه تجرى عليه عرف إنها جايه تتطمن على إن اللي قال عليه هيتنفذ، فنكس وشه للارض بخجل، وهي اول ماعيمل إكده فهمت طوالي، فوقفت قباله تلقط انفاسها وبيأس وخيبة أمل سألته:

مرضيشي صوح؟ 

هزلها أبو دراع دماغه بتأكيد لكلامها، وهي ابتسمت ابتسامه مكسوره وقالتله:

ماهو لو وافق مش هيوبقى كرار وهيتعاير بالرحمه اللي هتنزل على قلبه. 

خلصت كلامها وهمت تمشى، لكن وقفها حس ابو دراع وهو عيقولها:

امك هندلى البندر واجيبلها قطرة غُباش زينه ياربيعه وهتروق عليها عنيها بأذن الله، وكمان هطلع دلوكيت اجيبلها برهم ترمايسين تدهن منيه عنيها قبل ماتنام كل عشيه وعيونها هيوبقوا عال العال، هي بس تبعد عن الدخان هبابه، داي بقت كيف نافخ الكير معياخدش غير اذى لهب النار. 


خلص كلامه واستنى ربيعه ترد عليه، لكنها مشت من غير ماتنطق بحرف واحد، وهو عارف زين قوي إن فرحتها اتكسرت وعشمها في الطلعه من البيت وشوفة الدنيا راح عالفاضى، وديه حسسه بالتقصير وبغل اليد وإنه خذلها لأول مره وديه خلى قلبه وجعه عليها. 


وعاودت ربيعه لشام وبلغتها برفض ابوها لطلعتهم من البيت، وكالعادة شام اتقبلت الخبر ببلادة مشاعر وإحساس ميت، لانها من ساعة مادخلت البيت ديه وهي عمرها مااستنت الفرحه ولا حست إنها هتاجيلها فيوم من ليام، فمبقتش فارقه معاها.. أما اللي فرقت معاه قوى هي ربيعه، اللي كانت معتبرها فرصه للخروج من النار للجنه اللي عتسمع عنيها في الحواديت ونفسها تشوفها. 


شويتين وقاموا التنين عشان يريحولهم هبابه فأوضتهم، وهما ماشيين شافوا شوقيه عتلبس فى الملس بتاعها وتقول لورده بنبرة كيد:

وررده، لما ياجي كرار قوليله اني خدت العيال واندليت البندر عشان اوديهم المولد وجيبلهم حاجه حلوه من البندر، وقوليله كمان اني واني معاوده هجيبله معاى حاجه حلوه قوى من البندر، حاكم البندر ديه مليان حاجات تزغلل العين واللي عيروحه معيشبعش من حلاوة الشوف. 

خلصت كلامها وبصت لربيعه وامها تكيدهم زي كل مره عتروح فيها البندر، وتحسسهم إنها واخده سُلطه لا يمكن هما ياخدوها، وطلعت تتمايل وهملت ربيعه وامها عيتحسروا على همهم التقيل. 


واثناء ماكانت طالعه وقفت في الجنينه على حس ممدوح وهو عينادم عليها ويقولها:

مرت عمى، يامرت عمي استني. 

اندارت شوقيه وبصتله وهي مستغرباه؛ عشان ممدوح بالذات دوناً عن اهل البيت يكاد يكون كلامه معاها معدوم، ومعيحتكش بيها واصل، ومبعد خالص وهي مفسره ديه إنه من حبه لربيعه وامها وميله ناحيتهم.. 

وقف ممدوح قبالها وبأدب مبالغ فيه قالها:


يامرت عمي اني عايزك في خدمه انتي بس اللي هتقدري تعمليها.. ومن بعدها اني خدامك وكل طلباتك اوامر، لو طلبتي لبن العصفور ينحلب ويتجابلك بالعَجل 


اتبسمت شوقيه وهي خابره زين طلبه، وقالتله بمساومه متقبلش الجدال:

موافقه بس تعيش خدامتي لاخر العمر، ومتفكرش إنك تعليها عليا فيوم من ليام.. تفهمها إن مرت ابوها ستها وتاج راسها وخدمتها واجبه لأخر العمر. 


هز ممدوح دماغه بالموافقه فوراَ ورد عليه قوام:

اعتبريه حوصول واعتبريها تحت مداسك من أول يوم اكتب فيه عليها، اني كل همي أنى اطولها واكسرها بس، وبعدها تغور لجهنم الحمرا. 

اتبسمت شوقيه بإعجاب بكلامه ورفعت راسها بغرور وردت عليه:

خلاص هملني يومين وهفرحك. 


خلصت كلامها ومسكت ادين عيالها التنين ومشت، وكل نظرات ممدوح المليانه بإحترام مزيف، وملامحه البشوشه اتغيرت للغل والكره وهو عيراقبها عتبعد ، وهمس لروحه من بين سنانه:

اخدها بس، اخدها ياولاد الك. لب واني اللي هدوس على رقابيكم كلكم واخطفها واطفش بيها من البيت ديه خالص. 

❈-❈-❈


على اخر النهار طلعت شام تاخد حطب للكانون من اللي عيكومه ابو دراع قدام الباب؛ عشان يكون قريب عليهم، وشافته وهو داخل من البوابه وشاورلها عشان تستناه، وهي نزلت الحطب اللي بين اديها ووقفت استنته، وبمجرد ماوصل حداها رمى عليها السلام وهي ردته، ومدلها كيس كان ماسكه فيده وهو عيقولها:


خدي ياام ربيعه داي قطره والبرهم اللي قولتلك عليهم، مرضيتش استنى لبكره ورحت النهارده اندليت البندر وجبتهملك.. 


القطره ٣ مرات في اليوم علميهم صبح وضهر ومغرب، والبرهم فى الليل تحطي منيه قبل ماتنامي.

ربيعه خدتهم منيه وهي عتتشكره، وهمت عشان تدخل لكنه وقفها وهو عيقولها:

استني ياأم ربيعه، ابوكي شيعلك القرشينات دول مع الشيخ حكيم والشيخ حكيم اداهمنى واني رايح البندر. 


خلص كلامه ومد يده فجيبه وطلع القرشينات، وشام مدت يدها عليهم بلهفه كيف ماعتعمل كل مره، وشمتهم وشمت فيهم ريحة المسك اللي ابوها عيحط منيه وغمضت عيونها وحست كانها فحضنه وعتشم ريحته، وبعد كذا مره تشم فيهم الريحه عاودت الفلوس لابو دراع تاني وهي عتقوله:

خليهم معاك ياابو دراع إنت اللي عتشتريلنا الحاجه، إحنا هنعملوا ايه بالفلوس ماانت عارف.. واخصم منيهم حق العلاج ديه لو كنت جايبه من حداك.


رد عليها ابو دراع وهو عياخدهم منيها:

فلوسك اللي حداى كتير وربنا مبارك فيها ياأم ربيعه، وأي حاجه تعوزيها انتى أو ربيعه أطلبيها وتاجيلكم في التو والحال. 


ردت عليه شام بإبتسامه ممتنه:

ربنا يخليك لينا ومايحرمنا منك ياواد الاصول يابو قلب طيب.. والله ياابو دراع ماعارفه لولاك ولولا ستي عديله كنت هعمل ايه في البيت ديه اني وبتي وهنعيشوا كيف؟! سبحانه اللي عيسخر الناس للناس ومعينساش عبده حتى لو محبوس بين جدران الظلم!


خلصت كلامها وشالت الحطب وخطت كام خطوة ووقفها حس نديم واد سلام وهو جاي يجري من بره وعيقول:


عم ابو دراع عم ابو دراع تعالا اتفرج عالحادثه اللي عالسكه الحديد، القطر كل الدايه وفرمها وخلى اللي يشوفها ميعرفهاش، بس الناس عرفتها من خُرجها المرمى جار السكه. 

طلع أبو دراع جرى مع نديم يشوف ايه الحكايه، ويلم مع الناس من وسط الحجاره اللحم اللي اغلب الناس عتخاف تروح يمه كل مالقطر ياكل حد، الا اصحاب القلوب القويه بس، واللي ابو دراع على راسهم طبعاً. 


اما شام فاتحركت علي البيت وهي حاسه بإحساس متضارب، مابين شماته متقدرش تنكرها، ومابين إحساس بالذنب من دعوة دعتها عالدايه فلحظة غضب وباب العرش كان مفتوح.. ومابين امتنانها لحبيبها اللي خدلها بتارها من اللي أذتها بمجرد ماشافها قدامه وجات في طريقه.. 

بس إحساسها بالذنب كان اكبر إحساس فيهم واقوى، لكنها صبرت روحها بإنها لو مش مظلومه مكنش ربنا استجابلها، وفنفس الوكت حست بالندم لأنها بدعوتها داي خدت قصاصها من الدايه فى الدنيا وهي كانت عايزه تاخده في الاخره من حسناتها.. وقررت من بعدها إنها مش هتدعى على حد واصل حتى لو ظالمها، وطلبت من ربنا إنه يأجل القصاص من كل اللي ظلمها للأخره؛ عشان تاخد حقها بحكم من اعدل القضاة، واللي حكمه مافيش بعديه استئناف واصل. 



خلص اليوم وجن الليل وسكنوا شام وربيعها فحضن بعض، وطبعاً ربيعه قطرت لأمها الأول ودهنتلها البرهم، وغمضوا وهما عيفكروا في المستقبل المجهول اللي مستنيهم ومابينلهوش ملامح. 


والصبح فاقوا التنين على صوت قرآن الفجر زي مامتعودين، فقاموا اتوضوا وصلوا الفجر حاضر، وكملت ربيعه نوم، وفضلت شام كالعادة قاعده على سجادة الصلاة، قرت وردها اليومى وفضلت تسبح على السبحه الخشب اللي ورثتها من ستها عديله، واللي كل يوم تسبحلها عليها ١٠٠ مره على روحها، وتدعيلها بعدهم بالرحمه وتقرالها الفاتحه، وتكمل تسبيح لنفسها لغاية ماتبزغ الشمس من جوف السما وتنفخ انفاسها الدافيه على الدنيا وتصحى النايمين. 



وبمجرد طلوع الشمس قامت شام حلبت وشالت الظاطه، وبعدها دخلت عالموطبخ تجهز الفاطور لكرار اللي زمانه نازل على شغله، ومعاه طبعاً عزت اللي معيهملش ساعة الصبح تفوت ولا يرضى يطلع من غير ماياخد كفايته من البص على شام سرقه من ورا عيون كرار، كيف مايكون صباحه ميكملشي من غير ماعيونه يتصبحوا بيها. 


عزت اللي كل مايصحى الصبح، ينزل يتسحب من جار بدور وميصحيهاش ويسبقها على تحت؛ عشان تكون شام اول اصطباحته وبداية يومه، واللي عيستبشر بوشها ويتأكد وقت مايشوفه إن الرزق عياجي على شوفته، وإقتناعه ديه مجاش من فراغ، لأن اليوم اللي معيشوفهاشي فيه قبل مايطلع عيحس إنه يوم منحوس وحتى رزقته قليله. 


أما كرار فبعد مافطر وهم قايم علي شغله وقفته شوقيه وهي عتقوله:

استنى ياكرار عايزاك فحاجه. 

وقف كرار واتافف من غير مايبصلها وسألها بديق:

عايزه ايه؟ 

بدون مقدمات ردت عليه بصيغة امر وقالتله:

جوز ربيعه لممدوح ياكرار. 

لف عليها وهو مستغرب وسألها وهو مضيق عنيه:

وانتي ايه موصلحتك فى القصه داي؟ 


ردت عليه شوقيه وهي عتربع اديها علي صدرها:

ليا موصلحه وعيالي ليهم موصلحه وحتى انت ليك.. البت داي لو خدها واحد مدلدل ممكن زمامها يفلت من يده وساعتها مهيوبقلهاشي رداد، وعيالي هيتلطوا من عمايلها وهيتعايروا باللي محسوبه عليهم اخت، والعرق دساس وإنت خابر، وعشان إكده داي لازمن تفضل في البيت ديه محبوسه لغاية ماتندفن فيه زي مااتولدت فيه، تفضل مع امها في الموطرح الوحيد اللي ينفع يقعدوا فيه. 


رد عليها كرار بغل وهو مش طايقها:

خابر زين اني ياشوقيه إن العرق دساس، عشان إكده طول عمري عدعى إن ربنا مايرزقني ببت منك. 

خلص جملته ووسعت عيون شوقيه بصدمه، وخصوصي وهي واعيه شام واقفه على باب الموطبخ هي وربيعه اللي كانوا جايين يشيلوا الفطور وسمعوا كلمته.. وردت عليه بعيون عتقدح نار:


كرررار اني قلت اللي حداي، ربيعه هياخدها ممدوح ومفيش كلام بعد اللي قلته. 

رد عليها كرار بنديه وغضب اكبر:

واني بتي هجوزها على مزاجي وعطيت كلمه لعريسها وهياجي الجمعه الجايه هو واهله وحريم بيته عشان يقروا فاتحتها والخميس اللي وراه دخلتها و َكلمه زياده اني مش عاوز اسمع. 


خلص كلامه وسمع حس من وراه عيسأله بغضب:

وياترى مين العريس اللي عطيته كلمه ديه ياكرار افندي؟ 

لف كرار على ابو دراع وعقد اديه ورا ضهره ورد عليه وهو باصص للفراغ:

محمود ابو الدنف. 


برق ابو دراع عنيه بصدمه وهو عيستوعب كرار قال ايه لتوه! وبعد مااستوعب رد على كرار وقاله:


اتجنيت انت ياكرار عالاخر صوح؟ عايز تديها لواحد كد ابوها وكمان متجوز ومخلف وعياله اصغر واحد فيهم اكبر منها!، إنت ايه ياخي والله مالاقيلك وصف اوصفك بيه.. انسى اللي قلته دلوك ديه خالص. 

شام سمعت كلام ابو دراع عن العريس اللي عايز كرار يجوزه ربيعه بت ال١٤ سنه وضربت علي صدرها بخوف وبصوا لبعض هي وربيعه وشافوا نفس الخوف فى عيون بعض وقلبهم التنين رجف من الصدمه. 

أما ابو دراع فمسكتش وبص لربيعه وسألها بحزم:

انتي ياربيعه موافقه على واد عمك ممدوح ولا له؟ 

ردت عليه ربيعه قوام:

له ياعم مموافقاشي.. ولا موافقه عالعريس العجوز ابو حريم كمان. 


بص ابو دراع لكرار بعد ماسمع رد ربيعه وكمل.. وجوازها من ممدوح كمان تنساه بعد ماسمعت ردها، وحرف زياده فموضوع جواز ربيعه قبل عالاقل خمس سنين من دلوك لو ربنا عطانا العمر وعشنا لوكتها مسمعش. 


خلص كلامه واتحرك على بره ووقفه حس كرار وهو عيقوله بحزم:

عطيت كلمه اني يابودراع. 


رد عليه ابو دراع بإختصار:

الحسها مهياش او نوبه ليك. 


كرار: له يابو دراع، ربيعه هتتقرا فاتحتها الجمعه الجايه وكتب كتابها ودخلتها الخميس اللي وراها ديه امر محسوم. 


رد عليه ابو دراع وهو على نفس وضعه:

-لو راجل اعملها. 


كرار رد عليه بأستبياع: 

وعزة جلال الله لهعملها. 

وكتب كتاب ربيعه ودخلتها الخميس الجاي له الخميس اللي وراه، ولو هعادى الدنيا كلها وادوق الموت الف مره مهتنازلش عن قراري،

 ربيعه بت شام قعادها فبيتي مش هيطول اكتر من جمعتين.. وقلت اللي حداي واللي عايز يعمل شي يعمله. 


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف من رواية نفق الجحيم الجزء الثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة