-->

رواية جديدة نفق الجحيم 2 مكتملة لريناد يوسف - الفصل الثلاثون

 

قراءة رواية نفق الجحيم الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الثلاثون



خلص كرار كلامه وطلع على بره كيف الاعصار قدام عيون ابو دراع اللي كانوا عاملين كيف عيون الغول من كتر الغضب، ووراه طلع عزت اللي منطقش بكلمه ولا اتدخل في الحديت من اساسه، وكأن ربيعه داي لا بت اخوه ولا تعنيه. 


وبص أبو دراع لشام وربيعه وقالهم وهو متقصد إنه يقول الكلام ديه قدام شوقيه: 

تخافيش ياشام بتك محدش هيقدر ياجي نواحيها، وكمان تزعلوشي من اللي سمعتوه دلوك ديه.. اصل من زمان إكده العايبه لو كلمتها تلهيك وتجيب اللي فيها فيك.. انتوا شاش عالراس يابوي، والشرف لو يخيروه يوبقى بني ادم هيكون شام وبتها، وكفايه انك ياام ربيعه من ساعة ماجيتي عالبيت لا حد مسكك جايبه راجل للبيت، ولا عتتدسدسي فمندره فنصاص الليالي. 

ودلوك خشى انتي وبتك وطمنوا قلوبكم، طول ماابو دراع عايش حدش هيقدر يغصبكم على حاجه. 

قال كلامه وطلع وهمل شوقيه تفور وتغلى منه من معيرته الصريحه ليها، واللي حتي كرار معيجرؤش يعملها، وتبصله بنفس الكره اللي كانت تبصله بيه حوريه ونفس السخط عليه وعلى السلطه اللي واخدها في البيت ديه وعلى اهله وعلي كرار بالذات بدون اي وجه حق، له وكمان عيتوعد للناس ويخافوا منه كانه قباض ارواح! 


وبدأت بعدها تزعق في شام وبتها وتديهم أوامر وطلبت دبداب ومبوخيه وكنافه وكله لازمن يتعمل النهارده مره وحده؛ عشان هتزور بيه امها، وكل ديه عشان تكرب على ربيعه وامها وتخليهم طول النهار قدام الكانون وسط دخانه مياخدوش نفسهم، وتخلص فيهم كيد كرار وابو دراع ليها. 


أما ابو دراع  فكان لساه واقف بره البيت قريب على الباب وسامع كل حاجه قالتها شوقيه، ولؤمها وخبثها على شام وبتها، فطلع بكل غضب وراح على السوق، وهناك اشترى وابورين جاز واحد كبير وواحد صغير واشترى سبرتايه، وكل ديه من ماله الخاص، وعاود بيهم للبيت، وخد جركن من غاز المكنه ونادم على شام وبتها استأذنهم ودخل الموطبخ وشغلهم البوابير وعلمهم يولعوهم ويطفوهم كيف، ونبه عليهم وكت يخلص غازهم يقولوله عشان يعبيهم، وديه عشان يرحم شام من دخان الكوانين اللي هلك عنيها، وشوقيه برغم إن البوابير ماليه الدنيا الا انها مصره متدخلهاش البيت لشام؛ عشان متريحهاش. 

أما ربيعه فالفرحه مكانتش سايعاها باللي عيمله ابو دراع، وبصت لامها بفرحه وقالتلها بأمر:

خلاص يمه من إهنه ورايح مفيش كوانين ولا دخنه، من اليوم وطالع بقى حداكي اللي بشطة كبريته يولع ولا يحتاج نفخ ولا سك. 

خلصت كلامها وبصت لامها اللي كانت باصه للوابور وسرحانه وردت عليها بتوهه:

إيوه بس حسه عالي قوي وعفش.. وبعدين ناره صغيره مهتلفش الحله كلها من جميع جانب.. وكمان اني عحب قيد الكانون.. طفيه طفيه وجعلي راسي طفيه. 


ربيعه بغضب:

والله مااطفيه وهيقعد شغال إكده وهنعملوا عليه كل حاجه من إهنه وطالع، ولو عالصوت بكره تعتادي عليه، بزياداكي ياام ربيعه شقى واعرفي طريق الراحه. 


خلصت كلامها وراحت عشان تعجن عجين الدبداب وبعد منيه تروب عجينة الكنافه وتعجن المبوخيه في الاخر، وكل ديه وهي عتسخط على مرت ابوها وتدعى فسرها بإنها تطفحه هي وامها بالسم الهاري، امها اللي حداها الخدامين بالكوم وجايه عالغلابه تشقيهم. 


اما شام ففضلت باصه لنار البابور وسرحت فيه وهو عيضخ لهب من جوفه بلا توقف ولا خفوت! 

ومتعرفش ليه الذكرى خدتها ليوم موت حوريه واتفكرت الليله اللي تسبقه كمان.. اتفكرت يوم ما قامت من النوم مفزوعه بعد ماحلمت بحوريه واقفه على جرف عالي وعتبص لتحت وشكلها عايزه تنط، وشام تزعق عليها وتقولها متنطيش هتموتي ارجعي وبرضك حوريه نطت من الجرف، ولما راحت شام بصت عليها لقتها واقعه علي حجر وميته وغرقانه فدمها، وفضلت تقولها قولتلك ارجعي قولتلك ارجعي ليه سمعتيش الكلام؟ وهملتها ومشت وهي واعيه الطيور الجارحه اتلمت عليها تنهش في جتتها. 

 ليلتها صحيت عديله على انفاس شام العاليه، ولما سألتها مالك وحكتلها الحلم عديله سكتت، وسرحت بعيد وهي عتهمس بصوت مسموع:

عاشت وهتموت بمخها القاسى وبرضك مش هترجع عن طريق الظلم ولا تعترف بغلطها وتطلب السماح منك ولا من اللي اذتهم بطولة يدها وسرقتها لمالهم! 


خلصت كلامها وعاودت للنوم تاني وقالت لشام تنام الليل لساه قاسم.. لكن شام جالهاشي نوم بعد منظر حوريه اللي شافتها عليه.. فقامت وراحت عليها أوضتها، ودخلت عليها لقتها نايمه ومفتحه عنيها ومبرقه للسقف بخوف.. اتقدمت منها وبحس مهزوز سألتها:

خالتي.. خالتي ام كرار صاحيه ليه.. جعانه اجيبلك حاجه تاكليها ولا عطشانه اسقيكي؟ 

لفت عليها حوريه ببطئ وهي لساها مبرقه عيونها، وفضلت بصالها هبابه وبعدها رجعت بصت للسقف من تاني كيف ماتكون مراقبه حدث مهم عيجرا فى السقف! 

فضلت شام واقفه مستنياها تبصلها ولا تطلب منها حاجه، لكن حوريه لا بصت ولا طلبت بالاشاره كيف ماعتطلب وفضلت مبرقه للسقف! 

فطلعت شام وهي متأسفه على حوريه وحالها، واللي في اللحظه داي عرفت إنها عتصارع الموت بس بطريقه خاصه واكيد مؤلمه بدليل نظرة الخوف اللي فعيونها.. وانها لو طلبت السماح بعيونها من شام في اللحظه داي كانت مستعده تسامحها من قلب خالص وتبريها من كل ذنب عيملته فيها، لكن حوريه اختارت تموت عالجحود، وشام قلبها اتشمع عاللي معبيه من تلاها، وعند الله تجتمع الخصوم، وقت مايكون السماح شعره مابين الجنه والنار والنفس تتمناه ومتطولهوش. 


راحت شام على الموطبخ وحمت ميه واتوضت وصلت قيام الليل، صلت زي ماستها قالتلها ووصتها ونصحتها متهملش صلاتها.. قالتلها قربي من ربك واحتسبي اللي عتعمليه كله وشقاكي لوجهه الكريم، وكانت تجيبلها على اذاعة القرآن الكريم دايما وتخليها تحفظ مع الراديو وتردد وراه لغاية ماعرفت كل الصور الصغيره، 


وكمان البرامج الدينيه اللي كانت تشرح الدين وتفهمه، كانوا هي وربيعه يقعدوا يستمعولها مع ستهم عديله، وكان ديه متعتهم الكبرى. 

وفعلا شام عملت بالنصيحه ومبقتش تفوت فرض ولا تاخره عن ميعاده، وكانت تزيد عالفروض والسنن على كد ماتقدر، وقربت من ربها لدرجة انها شافت إن كل اللي عيجرالها ديه واللي جرالها قبل سابق هين، 

وربنا انزل عليها صبر ورضى خلاها نسيت كل شي واستهونته، بس يبقى الشوق هو اللي مقدرش الصبر يغلبه.. ومع كتر صلاتها وخشوعها بقت تحصلها حاجه عجيبه، بقت تحلم بالشي قبل مايجرا وتحس بيه، كيف مايكون قلبها نال اسمى درجات الإحساس، أو كيف مايكون ربنا من عليها بالبصيره اللي مش عند حد واصل. 


خلصت صلاتها وقعدت على سجادتها تسبح وتذكر الله لغاية مياجي ميعاد الفجر ويأذن وتصليه، لكنها قلقت بعد شويه، وراحت لحوريه تشق عليها وتشوفها لو عايزه حاجه، وبمجرد مادخلت من الباب شافتها معدوله وماسكه القله وحطاها فحجرها وموطيه عليها وشكلها عايزه تشرب ومقادراش ترفعها، فراحت عليها قوام عشان تساعدها تشرب، وبمجرد مالمستها ولسه هتسألها لو عايزه مساعده لقتها مالت بجسمها كله علي جنب، وشافت شام لأول مره فحياتها الجته بعد مالروح فارقتها عيوبقي شكلها ايه، وعلي نفس البصه والتبريقه ميته وعنيها مفتوحين على آخرهم بمنظر يخوف، وكمان ماتت عطشانه ملحقتش تشرب والأ كان صدرها اتبل كيف ماعيتبل كل مره لما تشرب. 


شالت شام منها القله ونومتها، وحاولت تغمضلها عنيها، لكن عيونها رفضوا يتقفلوا، فغمضت هى عيونها  بالم على موتتها العفشه، 

اللي برغم هدوئها لكنها خابره زين ومتوكده إنها اتعذبت في طلوع روحها عذاب لو اللي عيموت عيطلع حسه كانت حوريه صرخت صراخ يسمع الدنيا كلها، لكن إهنه تكمن حكمة ربنا بأن الموت صامت والجسد عيتقيد. 


غطتها وطلعت بعدها بلغت ستها عديله اول وحده بموت حوريه، وعديله حوقلت وهزت راسها بأسف، لكنها ابدا مطلبتش لحوريه الرحمه.. وابتدت شام تصحي باقي البيت وتبلغهم الخبر.. والكل اتقبل الخبر عادي، الا كرار اللي كان حس صراخه وبكاه على امه يشبه زئير اسد غاضب حزين ومتألم.. 

اما عزت فكان واقف فوق راسها وباصصلها بلوم وعتب ومفيش دمعه نزلت منه ولا متاثر، كيف مايكون عيقولها خلي ولدك اللي حبتيه اكتر واحد فينا وبدتيه عالكل هو بس اللي يحزن عليكي.. وصفوت كان جامد في حزنه، صوح كان متاثر برهبة الموت، بس مش التأثر اللي يخليه يبكي ويقطع روحه كيف كرار، ولا يقف علي راسها ساخط كيف عزت. 


وبدأت تاني يوم مراسم الدفنه، وبناتها قاموا بالواجب عديد وندب وصراخ، وكرار عمل لامه اكبر عزا، وجوا بنات عمها كارم اللي عياجوا بس في المناسبات الصعبه.. خدوا عزاها وروحوا كيف الغرب، وخلص عزا حوريه وانقطع عيشها من الدنيا،


 ومبقتش منها غير سيرتها اللي مخلتش حد من عمايلها يذكرها بأي خير.. غير كرار وديه لأنه كان شارب فحوضها وواخد كل طبعها وبالنسباله هي قمة العدل وقمة الحب والعطاء وسنده اللي راح. 

وحزن عليها حزن عيل صغير فقد امه اللي كانت ماسكه يده وعتوجهه، مع انها في الفتره الاخيره مبقاش ليها دور فحياته، الا إن وجودها جاره كان عيمثله الامان. 


وعدت ليام واتنست حوريه كيف ماللي عيموت عيتنسى وتبرد نار فراقه، مع إن البعض نار فراقهم معتبردش، لكن اللي عيعيش لروحه بس.. عيروح في طي النسيان. 

❈-❈-❈


أما حدا بسيمه


قاعده في البيت ومشغله الرحايه وعتدش فى الفريك، ولواحظ قاعده قبالها وشايله بتها الصغيره وعتلاعب فيها، وبسيمه عينها على بتها الصغيره اللي بالها مش مع ستها خالص، وطول الوكت باصه علي امها وعتضحكلها وتشابي عليها.. وهي من وقت للتاني تهزلها دماغها بمداعبه؛ عشان تحسسها إنها منتبهالها..

 وبعد شويه بكت البت، وبسيمه سابت اللي فيدها وقامت عشان ترضعها.. وبمجرد ماحطتها على رجلها ابتدت تغنيلها بحنيه كيف ماعتمل، ولواحظ بصتلها بصة غيظ وقالتلها:


إشمعنا البت عتغنيلها وتدلعي وتهنني فيها والولاد الرجاله قاسيه عليهم؟ 

ردت عليها بسيمه وهي عتتملى فبتها وتبتسم بمحبه.. عشان البت لازمن تاخد الحنان كله، البت كيف الفراشه ام جناح رقيق لازمن لمستنا ليها توبقى حنونه ومعاملتها تكون باللين.. خلف الواد اللي لازمن يتشد عليه عشان يطلع راجل ناشف مش ني، والحنيه عليه تكون في حدود. 


ردت عليها لواحظ بتهكم:

والله إحنا منعرفوشي إكده ولا ربينا عيالنا كيف ماعتقولي انتي. 

ردت عليها بسيمه بنفس التهكم:

ماعشان إكده مطلعش حد من عيالك متربي.. وسكتت هبابه قصاد صدمة لواحظ وكملت.. غير عزام الله يرحمه.. الواد ديه كيف مايكون مكانش ولدك ولا انتي اللي ربتيه، وعشان مأدب ومحترم مات.. الله يرحمه ويحسن اليه في الجنه ونعيمها الشهيد البطل. 


اما لواحظ فسكتت خالص بعد قصف الجبهه اللي وجهتولها بسيمه، واللي دايما بس تحاول تعدل عليها بحاجه ترد عليها رد يحرق الدم يخليها متعرفش تنطوق خالص. 


لملمت بسيمه روحها وغطت نفسها زين ورمت طرحتها على صدرها لما دخل حمدون حماها من الباب ووراه همام.. وحمدون الاول رمى السلام عام، وبعدها خص بسيمه بالسلام المميز:

الله يعطيكي العافيه يانوارة الدار وعماره. 

ردت عليه بسيمه بإبتسامه:

الله يعافيك يابوي ويعافي بدنك. 

بعد منه رمى السلام همام وبرضك خصها هي بسلام مميز:

يعطيكي العافيه ياكل عافيتي. 

بسيمه:

الله يعافيك ياابو عمران.. قرب خد بتك هقوم اغرفلكم الغدا. 

حمدون:

العيال عاودوا من مدارسهم؟ 

بسيمه:له لسه قدامهم هبابه على ماياجوا

حمدون:

خلاص نستنوهم وناكلوا سوا عشان الوكل عيحلى بلمتهم. 


أيده همام كمان في رأيه وبناء عليه سكتت بسيمه، واستغلت إن همام شال بته وعاودت تدش القمح من. تاني


همام فضل يلاعب في بته هبابه ويضحكلها، وبعدها بص لبسيمه وهي عتدش الغله وبتفكير قالها:

ايه رايك ياأم عمران لو نجيبوا مدشه بالكهربا توفر على ناس البلد الدش عالرحايه وهدت الحيل ديه.. وانتي اول اللي هترتاحي من الدش كل هبابه والتانيه؟ 

ردت عليه بسيمه وهي عتحط الغله ففتحة الرحايه وهي دايره:

فكره زينه ياهمام.. شوف الفلوس اللي معانا كد ايه ويكفوا ولا له وهاتها وحطها جار الطاحونه، وإكده محدش هيطلع غلايه بره طاحونتك ومدشتك. 


ردت لواحظ بجهلها المعهود:

طيب المدشه داي مش عايزه تتشحم بالدم ولا فاكرين كل مره هتتستر معاكم والحديد هيشتغل لحاله من غير ماتروسه تفرملها بنى آدم؟ 

خافوا النوبادي متشتغلش وترموا قرشيناتكم عالارض وتقعدوا جارها كيف الحزانه اللي قعدوا تحت الريعريعه لا طالتهم شروه ولا بيعه. 


ردت عليها بسيمه قوام:

قولتلك قبل إكده لو غلبنا انتي قاعده اهه ومهنعوزوشي حد غريب، دمنا فدقيقنا يوبقي. 

كشرت لواحظ وهمام بإعتراض زعق وقلها:

بسيمه.. بلاها منيه الهزار ديه امي عتاخد على خاطرها. 

بسيمه: عضحك معاها ليكش صالح انت.. وبعدين يعني اني لو عايزه ارميها صوح هقول قدامها يعني؟ 

مش كنت كتفتها في الليل وسديت خشمها وحطيتها في شوال وحطيتها عالحمار ورحت رميتها وشغلت ولا مين شاف ولا مين دري، ومكانش حد هيعرف حاجه واصل؟! 

برقت لواحظ بخوف وهمام غمض لبسيمه علي شفته عشان تسكت، مع إن ابتسامه خفيفه ظاهره علي ملامحه لمزح بسيمه، وحمدون باصص للواحظ وعيضحك من غير صوت وهو شايفها خافت وعنيها زاغوا شمال ويمين.. وهمس لروحه.. تستاهلي ياوجع قلبي.. براوه عليها بت عبد الصمد، والله ملجماكي بالخوف لجيم، والا كان زمانك فايعه عليها وعلينا. 


َفعلا بدأ همام يفكر في موضوع المدشه جديا.. وظاهرياً عشان يكسب منها، لكن الباطن إنه عايز يريح بسيمه من تعب الدش.. ولما عد الفلوس ولقاها تكفي وزياده قوي كمان.. قرر يجيب المدشه والباقي يشتري بيه قراط ارض ويكتبه بإسم بسيمه بدال ارضها اللي باعتها وعملتلهم بيها الطاحونه اللي شغال فيها دلوك هو وابوه وهملوا الدكانه لبسيمه الصبح وعمران بعد الضهر، وخد عهد علي روحه إنه بعد المدشه اي قرش زايد عن مصاريفهم هيشتري بيه ارض ويكتبها لبسيمه، لغاية مايعوضلها ارضها اللي باعتها ويضاعفهالها كمان.. وديه هيكون قليل عليها ومياجيش فأفضالها عليه شي، واللي لو همام طال يجيبلها الدنيا كلها عليها ويحطها بين اديها.. برضك مهيسدهاش. 

برغم إن لسا جواها شوية جفا من تلاه، لكن همام مبسوط ومرتاح معاها ومع جفاها، ودايما يقول لروحه الجفا بالقرب ولا الموت بالبعد..وحامد ربه عليها وعلى اللي عياخده منيها، وشايف إنه كفايه عليه قوي ونعمه وفضل من ربه عليه. 

❈-❈-❈


أما شام ففاقت من شرودها قدام البوابور على حس ربيعه بتها وهي عتقولها:

ام ربيعه.. يمه.. شااامه. 

انتبهت ربيعه وابتسمت وردت على ربيعه بحنين للاسم وصاحبته:

شامه؟!.. اتوحشت اللي كانت عتناديني بيه قوي.. ربنا يرحمها يارب وتكون دلوك عتتمتع بالجنه ونعيمها ومستنيانا هناك واحنا نحصلوها ويتم اللقى اللي مابعده فراق. 


ربيعه قعدت جارها بعد ماغطت العجين يرتاح، ومدت يدها وطت البابور كيف ماعلمها ابو دراع، وبمجرد ماعيملت إكده شام حست براحه من حسه العالي اللي مش معتاداه غمضت علي اثرها عيونها وهمست لربيعه:

مهتحملش الوش بتاعه طول الوكت اني ديه، دا وجع العنين من الدخانه اهون الف مره من وجع الراس من وش الفقري ديه. 


ربيعه اتجاهلت كلام امها عن الوابور وبصتلها وديقت عنيها وعرفت شام من حركتها إن فيه سؤال صعب جاي في الطريق، ديه إن مكانتش موجه من الاسئله لا حصر لها،

 فتاهبت للرد عليها كيف مامعوداها ستها عديله إنها ترضى فضولها وتجاوب علي كل اسئلتها، ودلوك عديله ماتت وإجباري شام لازمن  تتولي المهمه داي، لأن ربيعه فضولها قتال ولازمن تلاقي إجابه مقنعه على كل اسئلتها، والا مش هتسكت. 


وزي ماتوقعت شام طلع السؤال من ربيعه بدون مقدمات:

شام انتي ليه مخدتنيش وطفشتي من البيت ديه ولا اتطلقتى حتي وكنا رحنا لبيت جدي، واللي اعرفه إنه كان هيحطك فعنيه ويصونك وتعيشي كيف الملكه.. ليه يمه رضيتي ولحد دلوك راضيه بالذل ليكي وليا ومفكرتيش تطلعي بكرامتك من البيت ديه اللي كل نفر فيه مسح بكرامتك الارض ، سوا بكلمه او فعل. 


اتنهدت شام وردت علي ربيعه بوجع:

تاني السؤال ديه ياربيعه؟ 

ربيعه:

وعاشر وعشرين وماليون يمه.. لغاية ماتقوليلي الجواب اللى يرضيني ويخليني اسكت، عشان بصراحة ربنا كل الاسباب اللي عتقوليها داي مداخلاشي مخي واصل.. وشايفه إنها حجج باطله عتصبري بيها روحك علي ضعفك. 


ردت عليها شام بوجع اكبر:

واني ماهما سألتي السؤال ديه ياربيعه حداييش ليه غير نفس الجواب.. وهقولهولك تاني واني متوكده إنه برضك مش هيرضيكي.. قعدت ورضيت فلاول عشان جدك ومن بعدها عشانك ياربيعه، عشان افضل معاكي وميكسرنيش كرار بيكي هو ومرته، مقدرتش اهملك واطلع واني خابره زين ان قساة القلب دول مهياخدهمش بيكي شفقه ولا رحمه.. 


وبعدين ياربيعه الف مره قولتلك الطلاق له، الطلاق ممنوع، الطلاق عار زيه زي عار الفجر والزنا، المطلقه ناسها عيطاطوا راسهم في الارض لو مكانش فيه سبب كبير قوي لطلاقها، وكون اني هتطلق عشان ناس البيت قاسيين علي وجوزي اقسى منهم هلقى الكل يوقف ويقول كلها البيوت فيها إكده وإني عتسبل، وإن مش ديه سبب طلاقي الحقيقي، واني اكيد عشقانه واتطلقت عشان اللي عاشقاه، وتكتر الحكاوي وتكتر القصص، وجدك عبد الصمد حتي لو سكت واتحمل الحديت هيوجعه ويكسر ضهره، وغير إكده انتي كمان ياربيعه هتتعايري بيا لو اتطلقت، وكل هبابه جوزك يقولك يابت المطلقه..ديه لو اتجوزتي يعني.. انتي لساكي صغيره ياربيعه وفيه حاجات كتير مفاهماهاش ولا عارفاها.. واللي اني اعرفه وشايفاه صوح غير اللي انتي شايفاه صوح.. اني مينفعشي عشان خاطر نفسى ادوس على حبايبي واخليهم يتحملوا الوجع عشاني، مينفعشي اكون معيره لابوي اللي عطاني حب الدنيا كله واكونله شوكه فضهره.. اني يابتي من ساعة مادخلت البيت ديه واني عرفت ان نهايتي هتكون فيه، فسلمت امري وعاهدت روحي اني اتحمل، وقلت لنفسي إن ديه نصيبي من الدنيا وخدته خلاص. 


ربيعه هزت راسها بعدم اقتناع وقالتلها:

بس اللي عيملتيه ديه مش صوح خالص يمه، انتي بقيتي على إكده ظالمه مش مظلومه، ظلمتي روحك وظلمتيني معاكي وخربتي حياتنا عشان كلام الناس. 

شام:

ظلم النفس اهون من ظلم الغير، ولو عليكي انتي متظلمتيش فحاجه، انتي لسه قدامك العمر بحاله تعيشيه كيف ماتحبي، اني اتحملت كل شي عشان اكبرك.. واديكي كبرتي، وهبابه لقدام وهتطلعي بره البيت ديه وترفرفي بجناحاتك فى فضا الدنيا الواسعه.. بس ياعالم عاد وكتها هينفع تحطى تاني فحضني ولا هتحرم منك وتحصلي باقي الحبايب. بس وكتها هكون مطمنه عليكي عشان هتوصلي اللي اتقطع.


ربيعه: قصدك ايه يمه؟ 

شام:

مقصديشي حاجه ياربيعة قلبي.. ربنا يكتبلك كل الخير ويرزقك بأحلى حظوظ الدنيا ويعوضني فيكي عن اللي اتقطع مني، كيف ماعوضني بيكي وخلاكي فرحة ايامي العفشه. 

❈-❈-❈


عدت الايام وجه يوم الخميس، ودخل كرار من بره وهو شايل ومحمل هو وعزت وحتى صفوت، اشي لحم واشي فواكه واشي محلويات، وكل ديه ضيافه لخطاب شام اللي جايين بكره، ومن اول ماشافه ابو دراع  من بعيد داخل بيهم، عرف إن لساه مخه الزنخ باقى علي زناخته ومصمم إنه يجوز ربيعه، فراح عليه وغضب الدنيا كله على وشه وبصوت عالي يشبه الرعد قاله:

مش هتعمل اللي فراسك ياكرار وهيكون فيها ياموتي ياموتك. 


كرار: يوبقي موتك، روح. موت حالك يابوا دراع وريحني منك. 

ابو دراع:

ديه اخر حديت عندك ياكرار يعني؟ 


كرار:

ااااخر حديت، اني حلفت يمين ومهرجعش فيه قولتلك، آمن وصدق ومتوجعش قلبي.. خلص كلامه ودخل وهمل ابو دراع متلاع فاللي قافل مخه عليه وشكله مصمم يعمله، لكن ابو دراع عاهد نفسه إنه مش هيخليه يتم واصل. 


ولف واتدور وهو عيفكر يحلها كيف ويمنعها كيف، وهو لافف شاف مرت العمده داخله من بوابة الجنينه، بص للارض وقوام ابتعد من طريقها ومشى ناحية بيته وهو عيفكر في الحل، ويادوبك قعد وشاف ممدوح جاي يجري عليه بإستنجاد ووقف قدامه يفرفط كيف طير مدبوح ويقوله:

الحقني ياعم ابو دراع ربيعه هتروح مني، بت عمي هيجوزوها ويحرموني منها، قولي اعمل ايه واني اللي قلبي وروحي شبوا علي محبتها.. قولي النار اللي جواي داي كيف اطفيها؟ 

بصله ابو دراع واتنهد بقلة حيله، لانه هو الوحيد اللي حاسس بيه في اللحظه داي ومجرب وجعها الكتال، وكيف القلب عيكون محطوط في سيخ على جمر وعيتقلب شمال ويمين عشان تتحرق كل ذره فيه..

 وعشان عارف إن مفيش اي كلام في الحاله داي عيواسي سكت.. سكت ومطمنش ممدوح بحاجه مش فيده ويمكن متتحققش، لان كرار مادام نوى علي جواز ربيعه يوبقى هيجوزها، وإن مكانش لده هيوبقي لغيره، والمسأله مسألة وكت، واي حاجه هتتقال لممدوح دلوكيت هتوبقي مسكن مؤقت، أول ماعمه يعمل اللي فمخه مفعوله هيروح ويرجع يحس بالوجع من أول وجديد.. فقرر إنه يهمله يعيش وجعه، وخصوصي إنه عارف إن مفيش حد عيموت من وجع الفراق. 

❈-❈-❈


اما كرار واخواته فنزلوا الحاجه في الحوش، وكل واحد راح على اوضته يتسبح ويغير خلجات الشغل، 


وشوقيه عرفت ان الحاجات اللي جايبها كرار لفاتحة بته ربيعه، وكانت هتنادم شام وبتها وتكايد فيهم هبابه.. لكن وقفها حس امها اللي سمعته وهي داخله عتنادي عليها، وشوقيه راحت عليها قوام واستقبلتها احسن استقبال.. وبعد السلامات والطيبات قعدوا في الحوش على جنب يتودودوا التنين، وفى الاثناء داي كانت ربيعه عملت الكركديه اللي ام شوقيه معتشربش غيره، وشوقيه وصتها عليه بمجرد دخول امها، واللي لو اتاخرت ربيعه او شام في عمايله وتقديمه تقوم القيامه متقعدش.. 

وقربت منهم ربيعه بهدوء وهي شايله الصينيه عليها كبايتين الكركديه، وشوقيه وامها مستمرين في الودوده مانتبهولهاش.. 

ولما وصلت وراهم سمعت ام شوقيه عتهمسلها وهي عتطلع حاجه من صدرها وتدسها فيد شوقيه بخوف وحرص:


خدي ودوبيهوله فأي عصير كيف كل مره او حطيله منيه على وكله عتتاكل بارده؛ عشان مينفعش يتحط فحاجه عتترفع عالنار يفسد. 

شوقيه خدته وقوام حطته فصدرها وهي عترد علي امها:

إيوه إيوه خابره يتعمل كيف.. بس الا هو يمه مفيش حاجه تدوم العمر كله بدال اللي كل شهرين تلاته يتجدد ديه؟ 


ام شوقيه:

له مفيش غير هو ديه، مشي حالك بيه واخلصي مادام نافع وقاضي موصلحه.. مش جوزك اتهدا عليكي هبابه من ساعة الاعمال عتقولي. 


شوقيه: اتهدا فحتتة النوم جاري وبقى يتقبلني، لكن لسانه لسه كيف الفرقله معيسكتش.. بس يمه من ساعة الاعمال داي واني بقيت عحس بحاجات غريبه، عحس إنه فيه حد جارى دايماً وانفاسه جار ودني واتلفت حواليا ملقاهوش!


امها ردت عليها:

ماهو ديه حارس العمل ياهبله، هو العمل ديه ايه؟ مش جن يتسخر عالمعموله العمل ويلازمه ويكتف عقله وتفكيره ويوسوسله باللي مطلوب منيه.. وهو ديه اللي عتحسي بوجوده جارك. 

شوقيه بخوف:

يمممه.. وليه سايبه هو وقاعدلي اني وعمال ينفخ فوداني؟ 

ردت عليها امها بديق:

وفيها ايه طنشيه طول مامآذيكيش ومعتشوفيهش.. بس اهم شي انك. متصليش؛ عشان ميغضبش عليكي. 

شوقيه:

متخافيش اصلا معقدرش اصلي عحس اني عتخنق بس اتوضى وانوي. 

امها:

ايوه ماهو اللي عيخنقك.. متصليش غير لو بطلتي تعملي لكرار اعمال، غير إكده هتتعبي والشيخه هي اللي قالت إكده بنفسها،ديه نجس وعيحب النجاسه معيحبش الطاهرين 


خلصوا كلامهم وسكتوا، وربيعه اتقدمت منهم بأدين عترجف بالصينيه من الخوف والكبابي اتلقلقت من الرجفه، وبس حطت الصينيه جارهم راحت على امها جري واترمت فباطها وحكتلها كل اللي سمعته، وشام فضلت تستغفر ربها، وتهدى فخوف بتها، وفكرت شام انها تقول لكرار وتنبهه، او تقول لابو دراع وهو يقوله بحكم ان ليه كلام معاه، يمكن يوديه لشيخ ويبطل العمل ويطلع الجنون اللي سكنت البيت،، لكنها بس  اتفكرت اللي ناويه لبتها نسيت كل تفكيرها فتحذيره، وحلفت لتهمله لغاية ماشوقيه تقضى عليه بالجنون بتاعتها، وهي طول ماعتصلي هي وبتها ومعيأجلوش فروضهم مفيش خوف من اي شي. 

وضل دلوك. التفكير فالاكبر والاوعر من الجن.. العريس العجوز اللي ناوي كرار يرمي ربيعه ليه.. وبعد تفكير قررت شام إنها هتهرب بتها على بيت سيدها وهما يدسوها من كرار ويحموها منيه، ومش مهم بعد إكده اللي هتقاسيه هي من كرار، ويمكن بعد مده تلحقها، 

اصلها عند بتها ولا يمكن هتسكت او تستسلم وتهملها لكرار الظالم يظلمها ويظلم شبابها.. 

بس عشان دلوك متنفعش خطوه زي داي تتم والا هتخرب الدنيا.. قررت إنها بعد قراية الفاتحه تنفذ.. واهو يكون كرار اطمن وحط فبطنه بطيخه صيفي. 

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف من رواية نفق الجحيم الجزء الثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة