-->

قراءة رواية مملكة الذئاب 2 Black لزينب عماد - الفصل 14

 


قراءة رواية مملكة الذئاب black الجزء الثاني 

بقلم الكاتبة زينب عماد  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية مملكة الذئاب black الجزء الثاني

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب عماد


الفصل الرابع عشر


فتحت ليلى عينها وهى تشعر بألم حاد برأسها ووجنتها اليسرى كذلك...فحاولت رفع يدها لتمسيد رأسها التى تؤلما...إلا أنها وجدت كلا يديها مكبلتين بحبل...ووجدت ذاتها بغرفة مظلمه بعض الشئ ولا يدخل إليها سوى شعاع ضعيف لضوء القمر...رمشت بعينيها تحاول تذكر ما حدث وكيف أتت هنا..حتى عادت لها ذاكراتها بما حدث قبل فقدانها للوعى...


"فلاش باك"


كانت ليلى أثناء صعودها لغرفتها سمعت صوت بكاء وركلات حاده...فأسرعت تجاه الصوت فوجدت أحد الرجال يعتدي على خادمه...فأسرعت نحوهم واستغلت عنصر المفاجأة... وأمسكت بقطعه خشب كانت ملقاه بأحد الأركان...وقامت بضرب الرجل على قدمه بقوة لا رأسه فهى تريده يقظ لما ستفعله به... ضربتها جعلته يسقط أرضا صارخاً من شدة الضربه... والتفت ينظر لمن أمسك به يعتدى على خادمه بتوتر... 

الخادمه التى اسرعت بالابتعاد تركض باكيه عن متناول يده بعدما سقط من شدة الضربه...كما كانت ثيابها شديدة التمزق...توتر الرجل اختفى حين وجد أن الذى ضربه لم يكن سوى فتاة ولم يكن أحد أخر... فإستقام ينظر لها بعيون تلمع بالشهوة...جعلت ليلى تشعر بالإشمئزاز وهى تقول بجمود:أظن أنك لاتزال تريد اللعب أليس كذلك؟!.. 


وألقت الخشبه بعيداً وبدأت تقاتله بعنف شديد تخرج تلك الطاقه المختزنه داخلها...لقد كانت غاضبه من كل شئ يحيط بها...والتى حاولت أن تنعى قلبها الذى تحطم ولم يجد من يداويه...إلا أنها لم تنجح خاصة حين تركها الجميع تتنفس شظايا غضبها وألمها...حتى امتلأت روحها جروح داميه... 


كانت هى الأخرى تتلقى بعض اللكمات من الرجل الواقف أمامها فبنيته قويه ولكنها كانت تقاتله بشراسه وسرعة كبيرة لم يستطع مجاراتها...ورغم أنها تلقت بعض اللكمات إلا أنها لم تشعر بها حتى أسقطته أرضاً...واصبح وجهه غارقاً بالدماء وهى جاثيه فوقه تكيل له اللكمات دون توقف...وحين استقامت وهى تتنفس بعنف لترى صنع يدها...شعرت بهالة شخص خلفها فإستدرات تنظر للقادم...


ولم يكن سوى من حكم عليها بالبقاء وحيدة لأنها لكمة أحد رجاله...مما جعلها تبتسم بسخريه قائله: أظن أنه لايزال يتنفس...قالتها وهى تشير للرجل الساقط أرضاً فاقداً للوعى ووجه مغطى بالدماء..


ظهرت ابتسامه غريبة على ملامح وجه رالف لم تفهمها ليلى فتسببت بتوترها...إلا أنها لم نجحت فى عدم اظهار ذلك وسمعته وهو يجيبها قائلاً بحده لم يحاول إخفائها:أنا أيضاً أظن أنكِ ستظلين تتنفسين بعد ما سأفعله بكِ أيتها البكماء... 


ولم يعطها فرصه لتحليل كلماته...فقد قام بصفعها صفعة أسقطتها أرضاً جعلت رأسها ترتطم بالأرض بقوة مما جعلها تفقد الوعى من شدتها...


"إنتهاء الفلاش باك"


عادت ليلى تنظر للغرفه من حولها تحاول اكتشاف المكان الذى تتواجد به....حتى أدركت أنها ليست غرفه بل قد تم سجنها فهى ترى القضبان أمامها الآن بوضوح...مما جعل ابتسامه ساخره ترتسم على شفتى ليلى التى سكن جسدها بعدما نجحت بفك قيدها...

والتى جلست بهدوء دون إصدار أى صوت منتظره ما سيفعلونه بشأنها...


على الصعيد الأخر كان الرجال الثلاثه جالسون معاً وكان صمويل من افتتح الحديث قائلا بتعقل:أظن أن الفتاة لديها أسبابها الخاصه لتقوم بتشويه وجه هذا الحارس...لأنها لو أردت افتعال المشاكل كما تعتقدون لتسببت بها خلال الأيام الأربعه الماضيه...إلا أنها لم تفعل لهذا أنا أفضل أن نستمع لأسبابها أليس كذلك نيكولاس؟!...


قالها للجالس أمامه يطلب منه العون بعيناه حتى لا يفتك رالف بالفتاة...أجابه نيكولاس بهدوئه المعهود:

وهل تظن أن فتاتك سهلة المراس إذا أنت مخطأ... مما رأيت هى ليست من ذلك النوع الذى قد يبرر أفعاله للأخرين...وإلا لما كانت الآن خادمه بقصرى أم أننى مخطأ... 


بالوقت الذى ختم به الملك حديثه...ظهر شبح ابتسامه لا تمت للمرح بصله على وجه رالف...والتى لم تكن سوى تأكد لحديث نيكولاس... 


استقام رالف قائلاً قبل خروجه:لقد تركتها سابقاً من أجل كلاكما....أما الآن فلن أجعل الأمر يمر مرور الكرام لهذا هى لى الآن...وتحرك خارجاً من المكتب دون اطالة فى الحديث...


قفز صمويل من مقعده وهو ينظر لأثر رالف بعيون صادمه...ثم نظر ل نيكولاس قائلاً:ألن توقفه؟!..اللعنه أنا لازلت أتذكر نظرات الملكة سابين وهى تكاد تفتك بنا جميعاً من أجل شقيقتها...والتى من المؤكد ستأتى من أجلها قريباً...وحينها ستشتعل حرباً حقيقيه هذه المره....


لم يتغير تعبير وجه نيكولاس بل أجابه بذات الهدوء: أظن أنه لن يضر لو تعلمت الفتاة بعض الأداب.... وأصبح هناك من تخشاه حتى تكف عن أفعالها وتلتزم بما تؤمر به...


تنهد صمويل بعجز لا يعلم كيف يفكر هذان الرجلان... إلا أنه ترك الملك وخرج مسرعاً للحاق بالأخر قبل أن يقوم بإيذاء الفتاة...وبالفعل لحق به قبل أن يدلف لمحبسها....


كانت ليلى تجلس بالزاويه وهو مكان مظلم كمعظم المكان القابعه به...وهى من اختارت هذا المكان حتى لا يستطع القادم إليها تحديد مكانها...إلا أنه حين خط ذلك ال رالف بقدمه للداخل نظر نحوها دون أى مجهود يذكر وكأنه يراها من خلال تنفسها الغير مسموع كما يرى الشمس الساطعه بالنهار...هذا جعلها تدرك أنه ليس بالشخص الهين...خاصة حين أدعى أنه لم يستطع تحديد موقعها اللعنه على ذلك....


كانت ليلى تنتظر خطوة هذا الحقير الأولى إلا أن دخول صمويل خلفه أوقف ذلك...وجعلها توجه نظرها نحوه لترى هل سيجدها هو الأخر بسهولة ك صديقه ويدعى العكس أم لا....وبالفعل فشل صمويل فى إيجادها...والذى ظل ينظر بأرجاء المكان يحاول إيجادها حتى استقامت ليلى واقفه تقترب منهم بهدوء حتى وقفت بمكان يسمح للواقفين برؤيتها... 


وبينما كان رالف يقف مستنداً على أحد الجدران وعيناه الأن تنظر لكل ما يصدر منها....إلا أنها لم تعطيه أهميه متعمدة إهانتة بفعلتها هذه...وهى تحدث صمويل قائلة ببرود:أريد معرفة ما الذى قمت به حتى يتم وضعه هنا سيد صمويل؟!... 


كان سؤالها موجه ل صمويل إلا أن رالف هو من أجابها قائلاً بصوت لازع:لأنكِ قمت بمخالفه أوامرى اللعينه....وقمتى بضرب أحد رجالى للمرة الثانيه ولم تعبئ بتحذيرى اللعين لكِ...إلا أن ما أننى متأكد منه الآن هو أنكِ لن تخرجى من هنا سوى وأنتِ فتاة مطيعه تقوم بتنفيذ كل ما يطلب منها ك قطة وديعه أليس كذلك أيتها الصغيره؟!...


ختم حديثه وهو يبتسم بسخريه أشعلت النيران بجسد ليلى...وظهر هذا جلياً بعينيها التى كانت تناظره بحده....لاحظ صمويل تصاعد التوتر بين كليهما فأرد أن ينهى الأمر....خاصه حين شعر أن ليلى كادت تجيب صديقه بما سيشعل غضبه...


فقال بتسأل سريع ظنن منه أنه بسؤاله سيخرجها من حجزها:لما فعلت ذلك ليلى رغم أنكِ قبلها قد وعدتنى أنكِ ستبتعدين عن المشاكل؟!...


أجابته ليلى وهى تنظر له بلامباله:لقد أردت أن أختبر قوة رجالكم ومدى قدرتهم على التحمل...إلا أنه واللعنه كان يصرخ ك طفل صغير من أول صفعة تلقاها...وأقسم لك أن أبناء شقيقاتى يتحملن أفضل منه...أتعلم أظن أن انتهاء الحرب دون مواجهة كان أفضل ما حدث لرجالكم...حتى لا يرى الجميع أعتى الرجال وهم يسحقون من قِبَل فتاة صغيرة...أنهت ليلى حديثها وهى تنظر ل رالف بتحدى سافر... 


إجابة ليلى لم تكن تلك التى يرغب صمويل فى سماعها...والذى صدم من ردها وتأكد أن هذه الفتاة ستلقى ما سيضرها اليوم لامحال...لهذا حاول إصلاح الأمر وكاد يتحدث إلا أن صوت رالف أرعده...حين قال بصوت عميق به غلظه:أخرج...


ابتلع صمويل ما بجوفه وهو لا يعلم ما الذى عليه فعله...ف رالف قد وصل لقمة غضبه وهو لا يملك القدرة فى الوقوف أمامه...فاللعين يقاتل ببراعه مخيفه دون استخدام أى سلاح...وإن كان قد سمح له بضربه أثناء الحرب لسبب لا يعلمه حتى الآن...فهذه عادة رالف يسمح له بقتاله بمثل هذه الطريقه من وقت لأخر...إلا أنه لن ينكر أن رالف سبب له الكثير من الألم فهو يعلم من أين يسقط خصمه بلكة أو صفعة واحده...


هنا أدرك أن وجوده لن يغير من الأمر شئ لهذا قرر الخروج وهو يتمنى أن ينتهى الأمر ب خروج الفتاة على قيد الحياة...خرج صمويل وأغلق الباب خلفه وحينها وقع المكان بصمت مطبق وظلام شديد...لا يكسره سوى ذلك الشعاع القادم من الخارج...والذى يظهر الجانب الأيمن من وجهه رالف والجانب الأيسر من وجه ليلى...


التى لن تنكر أن هناك بعض الخوف قد تسلل لقلبها حين أصبحت بمفردها معه...فالواقف أمامها يمتلك نظرات حارقه تكاد تخترق روحها...ولكنها ليلى لهذا لم تظهر أى شئ بل كان وجهها يحمل الجمود فقط... 


صوت رالف العميق أخرجها من شرودها وهو يقول: أظن أن هذا الوقت المناسب لتختبرى قوة قائد هؤلاء المخنثين...فأنا مهتم كثيراً لمعرفة رأيك بقوة تحملى...


وتقدم نحوها فعادت ليلى للخلف تحتمى بالظلام لتكون لها الأفصليه عليه رغم شكها بذلك...وبالفعل صدق حدسها فقد توجه رالف نحوها بدون مجهود يذكر...ولعادتها التى لا يعلمها كثيرون حين تخوض نزاع مع من هم أضخم منها...قامت بضم يدها لضرب الجزء السفلى لصدر الواقف أمامها...فإن تألم بشده فإن فريستها سهلة الإصطياد...وإن لم يتألم وعاد لرد لكمتها إذا فهو خصم قوى...والسبب وراء فعلتها هذه أن هذا الجزء من أكثر المناطق ضعفاً بالجسد البشرى...خاصة لمن لا يقومون بالكثير من التدريبات المكثفه...


ولكن حدث ما جعل عينيها تتسع بالظلام...فحين حاولت لكم رالف أمسك هو بأصابع يدها وضغط عليها بقوة جعلتها تسمع صوت تكسير بعض عظامها

كانت تريد الصراخ فاللعين قد قام بكسر ثلاثة أصابع من أصابع يدها...إلا أنها لم تهتم وبدلاً من لكمه بيدها الأخرى ليترك يدها....قررت التصرف بعشوائيه وتهور لهذا سحبت يدها المنكسره من بين يده بعنف ولكمته بها...ومعها خرجت صرخه حاده من جوفها لشدة ألمها وهى تقول بغضب:أيها اللعين...وهذا لأنها توقعت أنه يعلم بخطوتها التاليه...


كان غضبها أعظم من شعورها بالألم لهذا قررت التصادم معه...ولتلعنها السماء إن لم تأخذ منه حقها بينما الأخر يحاول استيعاب ما حدث كيف قامت بسحب يدها ولكمه بذات اليد التى تعمد كسرها...لن ينكر لقد أعجبته جرائتها لهذا وبهدوء بدأ ينزع أدواته ويلقها أرضاً بعشوائيه قاصداً ذلك....حتى يتنسى لها الفرصه لحمل أى سلاح لتهاجمه به...فهو يدرك الفارق الكبير بين كلاهما...


إلا أنها عادت لتصدمه مرة أخرى وهى تلقى خنجره الذى وقع تحت قدمها بعيداً عنها...قائلة بحدة لازعه: لا أحتاج خنجراً لعيناً لإخراج أحشائك...فلازلت أملك يدى لتحطيمك....


كانت أنفاسها المهتاجه عاليه ولم تتحمل وهى تقوم بإمساك أصابعها التى تم كسرها وأعادتها لموضعها... فأطلقت صرخة مكتومه وحين تأكدت من عودة أصابعها لمكانها....أمسكت بذلك الحبل الذى كانت مقيدة به ولفته على أصابعها وعلى طول زراعها... 


خلال ذلك ترك لها رالف الوقت الذى تريده لإنهاء الأمر ولن ينكر اعجابه بقوتها...بعدما انتهت ليلى استقامت وهى تحاول تنظيم أنفاسها واتخذت وضعية الدفاع...وهى تنظر له بشراسه بينما الأخر ينظر لها بهدوء قاتل سبب بتوترها خاصة حين لم تستطيع تحديد ما سيقدم عليه....إلا أنه فاجأها حين تقدم نحوها بسرعة معقوله وبدأ يسدد لها بعض اللكمات التى كانت تصدها ليلى ببراعه...رغم ألمها 


ولكنها شعرت وكأنما هو يلاعبها وكأنما أشفق عليها فالقوة التى تسببت بكسر أصابع يدها ليست بهذه الرقه...مما جعلها تقوم بإستغلال ذلك...


أجل هو سريع بركلاته ولكنه ليس بسرعتها لهذا وهى تصد ضرباته أمسكت بحبلها ولفته على يده...فأصبح الحبل يربط بين كلاهما...فأسرعت ليلى بالدوان حوله بسرعتها المعهوده وقامت بإلقاء ثقل جسدها مع دفعه حتى تسقطه أرضا لكسر يده من رسغها....وليس كسر بضع أصابع كما فعل معها... 


إلا أنه رغم سرعتها التى لم يواكبها أحد من قبل... استطاع رالف أن يمسك بعنقها من الخلف بيده الأخرى...واستدار بجسده مع استدارتها وأسقطها هى أرضا....وهو فوقها ضاغطاً على ذات اليد المكسوره وكسرها من رسغها...كان الألم لا يطاق مما جعل رأس ليلى ترتد للخلف...وقد رأى رالف إحمرار وجهها رغم ظلام المكان إلا أن القمر كان يسلط ضوئه على جانب وجهها...فجعله يرى بوضوح عروق عنقها النافره وهى تحاول جاهده عدم الصراخ...مما تسبب بإغضابه من إصرارها على المقاومه فضغط على رسغها ببعض القوه...


فخرجت صرخه متألمه من جوفها ولكنها مصاحبه لكمله نابيه بحقه...فإقترب رالف من أذنها قائلا بنفس مرتفع بعض الشئ:أليس هذا ما أردتى فعله...ها أنا قدمته لكِ...ثم ترك يدها ولم يمهلها لحظة ولكمها بقوة تسببت بفقدانها للوعى للمرة الثانيه بيوماً واحد على يد الشخص نفسه...


جلس رالف جوارها ينظر لوجها المتعرق بشده والذى لايزال مائل للإحمرار...وتلك الدموع التى بدأت تنهمر من عينها....رفع يده يكاد يلمسها إلا أنه توقف على بعد انشات....وهو يقول بخفوت:أنتِ ليست هى... 


قالها وهو يقترب من ليلى بدرجة خطيرة حتى أصبحت أنفاسه القويه تضرب وجهها قائلا:أنتِ لا تشبهينها ولن تستطيعى أن تفعليها مهما حاولتى.... ثم استقام خارجاً من المكان بعدما أمر أحد الحرس بإخراج الفتاة وارسالها للطبيب فقد تم كسر يدها... 


وبينما هو يسير تجاه غرفته تذكر تلك الحادثه منذ اثنى عشر عام مضى...

"فلاش باك"


كان يحارب لإلتقاط أنفاسه إلا أنها كانت مهمة صعبه بسبب تلك الجروح الكثيره التى تملأ جسده...وخاصة ذلك الجرح الغائر بمعدته الذى جعل قدرته على التنفس تصبح أصعب بمرور الوقت...هو لا يعلم منذ متى وهو على هذه الحالة إلا أنه يتمنى الموت سريعاً فهو لم يعد يحتمل الألم...ورغم محاولته فى الصراخ لطلب العون حين قام بفتح عينيه منذ قليل...إلا أنه توقف حين وجد جسده ملقى جوار أحد المقابر والسماء أمامه حالكة السواد...إلا أن القمر ينشر ضوئه على جسده الملقى بإهمال على الأرض وكأنه ينعى جسده الذى سيفارق الحياه بعد لحظات من الآن...مما جعل عيناه تمتلأ بالدموع وهو يحاول تذكر أى شئ جيداً حدث له طوال أعوامه الثلاثة عشر...حاول وحاول إلا أنه لم يجد مما جعل ألمه يتضاعف وقد بدأ بكائه يعلو تحسراً على حياته التى انتهت أسرع مما كان يظن...



ظل هكذا للحظات حتى أصبح يشعر ببرودة شديدة تسرى بجسده...فنظر للقمر وعيناه تذرف الدموع ببذخ ثم كاد يغمض عينه ليفارق تلك الحياة التى لم يرى منها سعادة قط...إلا أنه وجد أحدهم يقوم بصفع وجهه ببعض العنف وسمعه يقول:لا تغمض عينيك إذا أردت النجاة...لا تغمض عيناك أيها الفتى...أفهمت؟!... 


جاهد رالف لفتح عيناه فوجد شاب بالعشرين من عمره يقف أمامه...ينظر له ببعض من التوتر وحين إلتقط عينيهما تركه الشاب وركض بعيداً...هذا جعل ابتسامه ساخره ترتسم على شفتى رالف الذى كاد عاد ليغمض عينه مرة أخرى...


ولكن شعر بعد لحظات أن أحدهم يرفع جسده بصعوبة وحذر عن الأرض...ووضعه على خشب مستقيم بعد صعوبه...ثم بدأ يشعر بجسده يتحرك ولكنه لم يعد يملك القدرة على فتح عيناه....إلا أنه كان يستمع لبعض كلمات الشاب الذى رأه منذ لحظات والذى كان يجره على عربة وأنفاسه مهتاجة بقوة... 


قائلاً:لا تغلق عيناك فمازال أمامك الكثير لتقوم به...

كان هذا أخر ما سمعه رالف...وشعر بالظلام يحيطه من كل جانب...



على الصعيد الأخر كان هذا الشاب ذاهباً إلى المقابر كعادته من كل شهر...إلا أنه استمع لصوت بكاء ولكنه انقطع بعد لحظات...فأسرع نحو الصوت فوجد ما جعل عيناه تتسع بصدمه فقد كان فتى بعمر الثانية أو الثالثة عشر ملقى بإهمال على الأرض مع جرح عميق ب معدته...وجروح كثيرة وعديده بجميع أنحاء جسده...فأسرع ليساعده بعدما وجده لايزال يتنفس... فتذكر تلك العربه الموجوده أمام أحد المقابر فعاد ليأتى بها....ثم وضع الفتى عليها بحذر حتى لا يفقد دماء أكثر....وبدأ يعدوا بأقصى ما يملك ليساعد الفتى وهو يحدثه لعله لا يفقد هذا الصبى حياته التى لم يغتنم منها شئ بعد....


وصل الشاب لمنزله وقام بطرق بابه بعنف وهو يقول بحده:دوغلاس أسرع بفتح الباب....دوغلاس....فتح دوغلاس باب منزله فوجد الشاب قد اتى بفتى يظن أنه قد فارق الحياة...ولم يخرج من صدمته سوى على صوت الشاب وهو يقول بعنف:واللعنه دوغلاس قم بمساعدتى على حمله....



وبالفعل ساعده دوغلاس على إدخاله ووضعه على أحد الأرائك...كانت حالة الفتى مزريه ويلتقط أنفاسه بصعوبة بالغه...بدأ الشاب يسرع ويلتقط العديد من الأشياء وهو يقترب من الفتى ومعه قطعه من القماش ووضعها موضع جرح أمعائه وهو ينظر ل دوغلاس قائلاً:تقدم دوغلاس وقم بالضغط على الجرح حتى يتوقف نزيفه... 


تقدم منه دوغلاس وقام بما طلبه وبدأ الشاب بالهروله يميناً ويساراً وهو يأتى بهذا وذاك...وبدأ يطحن عشب مع أخر بعنف وهو كل فنية والأخرى بنظر للفتى...كان يعمل بتوتر شديد وعنف كبير جعل دوغلاس ينظر بأسى لهذا الفتى الذى يعلم أنه سيفارق الحياة لا محال....فجروحه كبيرة وكثيرة وقد فقد الكثير من الدماء....



لهذا لم يستطع منع نفسه من قولها دوغلاس بحزن: لن ينجو سابين...توقفت يد الشاب أم نعود لنقول سابين وليس ساب... حسناً توقفت يد سابين عن العمل للحظة...ثم عادت للعمل بقوة أكبر وهو تقول بإنفعال:لقد نجوت بالماضى لهذا هو أيضاً سينجو... 



أنهت سابين ما تقوم به واقتربت من الفتى وقامت بإبعاد تلك القماشة التى قد امتلأت دماء...وبدأت عملها وهى تنظر لوجه الفتى بين كل لحظة والأخرى وقلبها يرتجف خوفاً من فقدانه....كانت تعمل بجهد زائد حتى أنهت عملها....وأصبحت يدها وثيابها ملطخه بالدماء... 


ثم قربت سائلاً لفم الصبى وبدأت تسقيه منه رشفة رشفة حتى أنهته...وبعدما انتهت سقط جسدها أرضاً من شدة إرهاقها وهى تأخذ أنفاسها وتنظر له برجاء تتمنى أن يتحسن....ولكن لن تتأكد من ذلك سوى بعد بضع ساعات...لهذا ظلت جالسه كما هى وعينيها لا تفارق صدره الذى يصعد ويهبط ببطئ...


فاحترم دوغلاس ما تعيشه صغيرته وتركها هى والفتى بمفردهم...مرت خمس ساعات وسابين على حالها لم تغفل لها عين ولم تتحرك من مكانها...إلا أن قلبها بدأ يطمئن قليلاً فإن كان سيفارق الحياة لحدث ذلك بعدما انتهت من عملها بساعة على أكثر تقدير...

إلا ان أعشابها وإجباره على شرب دوائها الذى يعمل على إيقاف النزيف قد ألقى مفعولاً....


ورغم ذلك لم تتحرك سابين وظلت جالسه أرضاً جواره حتى أتى الصباح...وأصبحت وقت الظهيرة واستقرت حالة الفتى....حينها استقامت سابين وذهبت إلى غرفتها للإستحمام وإزالة الدماء عن جسدها....وحين انتهت بدلت ثيابها وهبطت للأسفل وطلبت من دوغلاس الإهتمام بالفتى حتى تعود... وذهبت إلى السوق وأتت بما تحتاج من أعشاب وطعام ثم عادت إلى المنزل مسرعه....وبدأت بتحضير أعشابها وجهزت الطعام ل دوغلاس...



ثم اقتربت للفتى وبدأت تداوى جروح جسده بعناية شديده....حتى وصلت لكتفه فوجدته منفصل من مكانه....فتنفست بإرهاق فمهمتها لم تنتهى كما كانت تظن...ولكنها لن تستطع رده الآن فهذا قد يتسبب بفتح جرحه التى قامت بتخيطه أمس...لهذا أكملت عملها حتى وصلت لقدمه فوجدت القدم اليسرى مكسوره من الكاحل...فخرجت كلمة نابية من بين شفتيها وبدأت تفكر فى حل لهذا الكسر...حتى أتتها فكرة جيدة فكما تقوم بصنع درعها ستقوم بقياس قدمه وصنع حذاء على مقاس قدمه لتقوم بتجبيرها.... 



قامت بهذا بعد أن وضعت عليها بعض الأعشاب وقامت بلفها بقطع قماش نظيفه...ثم وضعتها بذلك الحذاء الذى صنعته له وأحمكت إغلاقه...وذلك بعدما قامت برد كاحله على فترات متباعده حتى لا يتألم كثيراً... 



انتهت سابين من عملها وظلت تراقبه...تعلم أنه لن يستيقظ الآن...لهذا قامت للعمل مع دوغلاس...ظلت هكذا لما يقارب الخمسة أيام تعمل لبعض الوقت وتهتم به بعض الوقت...وبالفعل بدأ جسده يسترد أنفاسه وتلتأم بعض جروح جسده...ولكن ليس جميعها كما كانت تطعمه الطعام سائلاً حتى يسترد قوته...


وأثناء ما كانت تنظف جروحه لاحظت تحرك إحدى يديه والتى كانت اليد السليمه...مما جعل ابتسامة تشق وجهها وهى تقترب من أذنه قائله:أقسم أنك ستندم على عودتك للحياة من جديد ولكن حياة ك تلك تحتاج لأمثالنا...حتى نكون لونها الأسود الذى يعطى للحياة رونقها....


ثم تركته وعادت لتكمل عملها وهناك ابتسامة لم تفارق شفتيها وهى تعمل...حتى قالت ل دوغلاس: أخبرتك أنه سينجو وها هو يحارب ليعود للحياة من جديد...لم يتحدث دوغلاس فقط ابتسم لها بحب وهو يعود هو الأخر لعمله...


انتهت سابين من عملها وعادت للمنزل فوجدت الفتى قد استيقظ وينظر للعليه بشرود....فإقتربت منه تنظر لعيناه بأبتسامه حنونه قائله:أهلاً بعودتك أيها القشعام الصغير....وربتت على رأسه بود ثم تركته لبعض الوقت ثم عادت له من جديد...وهى تحمل بعض الطعام له وتجلس جواره قائله بمرح:الآن لن أحتاج لطحن الطعام حتى أعطيك عصارته...ف أنت تستطيع تناوله الآن... 


ساعدته سابين على الجلوس بحزر وبدأت تطعمه وهو ينظر لها بصمت...حتى قال بصوت خرج مرتجف ضعيف:لقد ظننت أنك قد تركتنى ورحلت إلا أنك عدت وقمت بإنقاذى...لهذا شكراً لك... 


ابتسمت سابين له بود وهى تجيبه بصوتها الذى اعتادت أن يكون غليظبعض الشئ:لا تقم بشكرى ف أنت سترد لى الدين عاجلاً أم أجلاً...لهذا لا تقلق فكل ما أحتاجه منك أن تعود بكامل صحتك سريعاً...



مر يومان أخران قامت خلالهم سابين برد كتفه بعدما أصر هو على فعلها...وإطمئنان عليه وعلى استقرار صحته وطلبت منه عدم خلع الحذاء الذى بقدمه حتى تعود هى وتقوم بفكه....وقررت العودة لمنزلها فقد تأخرت بالعودة...كما طلبت من دوغلاس الاهتمام به كما فعل معها من قبل فهو بحاجته الآن...


وافق دوغلاس على بقائه بمنزله وتعليمه...وبعد مرور شهر عادت سابين ووجدت الفتى الذى كان يدعى رالف قد استرد عافيته...وبدأ يسير على قدمه لهذا قامت بمعاينه جرحه وفك الحذاء الذى صنعته وتأكدت أنه أصبح بخير ويستطع العمل...ولكن لا يقوم بإجهاد نفسه كثيراً فجسده لم يسترد عافيته بعد... 



كان رالف ينظر ل سابين ك كنز حصل عليه بعد ألماً دام أعوام وأعوام...كان ينتظر عودتها كل شهر ليلتصق بها ويخبرها بما كان يفعله وما تعلمه خلال فترة غيابها...وهى تخبره بما تفعل هى الأخرى....



وبيوم كان كلاهما جالسان معاً كعادتهم فقال رالف بتسائل:لما دائما ما تدعونى بالقشعام؟!...فقد سألت دوغلاس عن معناه فأخبرنى أنه لقب ل ذكر النسر... 


ابتسمت سابين وهى تجيبه بهدوء:معروف أن النسور من أقوى الجوارح لقوة بصرها وسيطرتها الهائله بالسماء...كما أنها لا تخشى عدوها حتى وإن كان أكبر وأقوى منها...ليس ذلك وحده ما جعلنى ألقبك ب القشعام...لهذا أتعلم أكثر ما يميز ذلك القشعام رالف؟!.. 


نظر لها رالف بعيون تلمع سعاده وقلب ينبض بمشاعر امتنان لم يشعر بها تجاه أحد من قبل...وهو يؤمى لها بالنفى مما جعل ابتسامه ترتسم على شفتى سابين وهى تقول:قدرته على العودة للحياة بعد نزاع شرس مع الموت...ولقد رأيتك تشبهه لهذا أدعوك بالقشعام... 


ظهرت ابتسامة مشرقه على شفتى رالف وهو يقول ل سابين بسعادة:لقد أحببته شكراً لك ساب...

انتهت فترة بقاء سابين وعادت لمنزلها من جديد...

ولم تعلم أن الفتى قد اكتشف أمرها وعلم بهويتها وأنها فتاة وليس رجل...وذلك حين كانت تتحدث مع دوغلاس بغرفته ظنن منهم أنه لم يعد للمنزل بعد... 



وعلا صوت كلاهما وطغى صوت دوغلاس حين قال بغضب:أنتِ ستقومين بنزع ذلك الخاتم اللعين من اصبعك سابين...وستعودين لحياتك ف أنا لم أعد أستطيع السكوت عن ما تفعلينه بذاتك...واللعنه لقد قتلتى الفتاة التى داخلك لهذا يجب أن توقفى هذا الآن... 



أجابته سابين ببرود حينها قائله:أنا لن أتغير عما أنا عليه ودغلاس...وتلك السابين قد فارقت الحياة منذ كانت بالعاشرة ولن تعد....


أنهت سابين حديثها ولكن قبل خروجها اختبئ رالف حتى لا تراه سابين...وعقله لا يصدق ما سمعته أذناه بعد رحيل سابين كثر شرود رالف وهذا ما لاحظه دوغلاس...الذى شك بالأمر لهذا قام بمحاصرته بيوماً ما... 



حتى أخبره رالف أنه يعلم بحقيقة سابين...حينها لم يتحدث معه دوغلاس بشئ فقط أكمل عمله وكأنه لم يخبره بمعرفته بحقيقة سابين....وحين أتى الليل وأثناء تناولهم للطعام تحدث دوغلاس بهدوء:إذا علمت أنك قد أدركت حقيقتها ستقوم بإبعادك...فما يجعلها تبقى على رجلاً مثلى بحياتها إلى الآن أننى أعمل بأمرها منذ كانت فتاة صغيره...لهذا أفعل ما تراه مناسباً بالنسبة لك...وتركه دالفاً لغرفته 



ظل رالف بفكر بحديث دوغلاس لأيام وتسائل هل سيقبل بعدم وجود ساب بحياته...هو لا يهمه إن كانت رجل أو إمرأة فهذه الفتاة قد أنقذت حياته وفعلت ما لم يفعله غيرها....فقد أخبره دوغلاس بما قامت به طوال فترة نومه لهذا قرر الإحتفاظ بالأمر لنفسه...


مر ثلاث أشهر بعدها تعلم رالف الكثير والكثير خلال الفترة التى مكثها مع دوغلاس...وكان قدوم سابين يشجعه كما كان ملتصق بها أينما ذهبت...حتى أتته تلك الرسالة التى جعلته يترك كل ما أصبح عليه ويرحل دون تفكير دون أن يقوم حتى بوداعها أو شكرها عما قدمته له...كما لم يشكر ذلك العجوز الذى ساعده كثيراً....



وبالوقت الذى خرج فيه من حدود المقاطعه سقط أرضاً يبكى...يبكى شوقاً ل سابين التى أدرك أنه قد سقط بحبها دون أن يشعر...لهذا بكى شوقاً وحباً وأقسم حينها ألا يبكى شوقاً أو حزناً من أجل أحد من بعد اليوم...لهذا بكى حزناً لنفسه وشوقاً ل سابين ذلك الحب الذى لم ولن يغادر قلبه الذى عاد لينبض بفضلها...



"انتهاء الفلاش باك"



دلف رالف ألى غرفته وهو يقوم بنزع ثيابه ليتحمم ليحصل على بعض الراحه...وقلبه يأن شوقاً لتلك السيدة التى منحته الحياة دون أن تعرف من هو...ف

لقد أصبح القشعام الذى أردته هى أن يكون عليه.... أردها أن تسمع عنه كما يفعل الجميع حتى تتأكدت أنه نجح بأن يكون كما أردته أن يكون... 


ابتسم رالف بشرود ف حبها كان الشئ الوحيد النقى الذى دلف قلبه...والذى حماه طوال هذه السنوات الماضيه...أجل لم يعد يشعر نحوها بالحب كما كان صبياً إلا أن شعوره نحوها بالإمتنان والإخوة لن يقل أو ينتهى..فهى رفيقة وحدته...لهذا حين علم بتواجدها بمخيمهم أثناء الحرب رحل حتى لا يراها وتراه.... 



فحينها إذا رأها وهى بهذا الإحتياج الذى تحدث عنه صمويل...لكان قام بقطع رأس كل من تسبب بإحزانها ولهذا هو يبغض تلك الصغيرة لأنها من تسببت بإحزان صديقة قلبه...أجل لهذا قام بكسر يدها لتتألم كما تسببت بالألم لرفيقة دربه...




..يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة زينب عماد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة