-->

رواية جديدة عازف بنيران قلبي لسيلا وليد - الفصل 1

 

قراءة رواية جديدة بقلم سيلا وليد

تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية



رواية عازف بنيران قلبي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سيلا وليد


الفصل الأول



ماتت حروف الحب من دفتر الكلمات فقد ظُلمت مثلما ظلمتُ، مثلما حكم الجميع على قلبي وحالي من بعيد، دون أن يسمع احد او يرى في عيني انكسارات قلبي السابقة ، حكموا على مشاعري دون أن يلمسوها في العلن، حكموا على إحساسي دون أن تدخل قلوبهم لقلبي، ، أصبحت قلوب الجميع قاسية لا تعرف عن الحب شئ، إلا استغلال الفرص ان كانت لصالحة أو لاء، ، مات الحب مثلما قتلوا قلبي أمام عيني، ثم تركوني أبكى وحدي في جنازتي...!


❈-❈-❈


في إحدى أحياء الراقية في مدينة القاهرة  خاصة في ذاك القصر المقام على مساحة شاسعة يحاوطه الحرس من كافة الإتجاهات وهو قصر يعد مبنى من الطراز الكلاسيكي الضخم.. ورغم اتساعه إلا أنه يفقتد الدفئ حيث تحتوي جدرانه برودة سكانه.. رغم غناهم الفاحش ومظاهر الترف والرفاهية الطاغية من أثاثه ومفروشاته المطرزة على أحدث طراز.. 


ورغم إنه يضج بسكانه إلا لم نجد الدفئ سوى في هاتين الغرفتين.. إحداهما لفتاه تبلغ من العمر إثنى وعشرون عاما والأخرى لزوجة ابنهم الراحل التي تجلس بشرفة غرفتها مع بداية شروق الشمس التي تسلل شعاها ليسطح على سطح الأرض لينعم به الناس من دفئ طبيعة الخالق 


انتهت ليلى من صلاة الفجر وجلست كعادتها تتلو وردها اليومي بعد قرائتها للأذكار الصباحية ثم نهضت تتنفس بهدوء جمال الطبيعة حولها 


كان المنظر الرباني حقا رائعاً للقلب قبل العين.. قطرات الندى التي تغطو أوراق الشجر وتبدأ التلاشي بشعاع الشمس.. وقفت بعد الأنتهاء تنظر للزروع التي تحاوط القصر من كل مكان.. تتنفس نسيم الصباح بنداها الطيب.... لم تحب في هذا القصر سوى المساحات الخضراء الكثيرة التي تحاوطه.. 


أمسكت دفترها وبدأت تدون به بعض الجمل التي تشعر بها 


-"لا بأس أيها العاصي  .. مرحبا بحياة ..   نلتقي فيها ...كل يوم ألف مرة  ..  دون لقاء ..!! " 


-"حقا ‏لا شَـيء أسهَل من الكراهـيّة ... 

‏أما الحبّ فهو يحتَـاج نفوساً عظِيمة .."


قطع إندماجها بالكتابة 


إشعار رسالة وصلت لهاتفها.. أمسكت الهاتف تنظر من الذي راسلها بهذا الوقت المبكر.. نهضت كالملدوغة وأحست بغصة بحلقها تمنع تنفسها عندما وجدت بها: 

"ليلى لو مش عايزة راكان يعرف إنك حامل وممكن يقتلك لازم نقعد مع بعض و نتكلم وعلى مااعتقد إنك مؤمنة وعمرك ماتفكري تنزلي البيبي..." 

لونت الصدمة وجهها ونظرت حولها كالذي يُسحب على المشنقة 


جلست وعيناها تحجرت  بالدموع عند ذكراها لذاك الرجل التي اعتقدت إنها تستمد قوتها وحمايتها منه... اعتقدت إنه ملاذها الأول.. ولكنه صفعها بشدة كما صفعها القدر سواء من زوجها الراحل أو من زوجها الحالي... ليظهر وجهه كذئب بشري أودى بها لغيبات الجب 


مسحت عبراتها التي انسدلت على وجنتيها تحرقها كما تحرق النار سنابل القمح.. أمسكت هاتفها وجسدها يرتج تلعن اليوم الذي فعل بها ذلك ثم هاتفته صارخة به: 

- إنت عايز مني أي مش كفاية اللي حصلي بسبك.. بتهددني براكان الله ياخدك إنت وهو في لحظة واحدة.. ربنا ينتقم منكم..وهنزل الولد..يارب تكون مرتاح  قالتها بقهر وعجز في آن واحد.. لم تعطيه فرصة للرد وأغلقت الهاتف ثم وضعت يدها على أحشائها وهي تبكي بنشيح: 


- أعمل إيه يا ربي في المصيبة دي.. قالتها عندما شعرت بعجزها.. فلقد فعل بها القدر واسقطها في بئر مظلم لا نجاة منه وهي مكبلة الأيدي 


ظلت على حالتها لبعض الوقت إلى أن استمعت لطرقات خفيفة على باب غرفتها..وإن دلت خفتها فتدل على صاحبتها  بحيوتها وجمال روحها وابتسامتها الخلابة   سمحت بالدخول بعدما ازالت عبراتها 


دلفت سيلين بمرحها كالفراشة وابتسامتها العذبة تُزين ثغرها: 

- صباح الخير يالولة.. أنا قولت أكيد صاحية.. رسمت ابتسامة على وجهها لم تصل لعيونها بعدما شعرت بإنهيار قواها الداخلية فأجابتها: 

- صباح الخير ياسيلي.. طالعتها سيلين بتقيم فتسائلت: 

- انتِ كنتِ بتعيطي ياليلى.. هزت رأسها بالنفي وهي تتجه لأبنها بعدما استيقظ وأجابتها: 

- مش العياط اللي في دماغك.. أنا بس بابا وماما وحشوني أوي وطبعا اخوكي اللي معرفش مستحملينه إزاي.. محاوطني  بسجن من حديد... كانت أجابة واهية كاذبة علها تهرب من تساؤلات سيلين 


ربتت سيلين على ظهرها فهي تشاطرها أحزانها فتعثرت الكلمات عند شفتيها ولا تعلم كيف تخفف عنها..فتنهدت وهي تنظر لذاك الطفل  


ظلتا الأثنتين صامتتين لبعض اللحظات.. اخرجهما من صمتهما" أمير "الطفل الذي يبلغ من العمر سنة ونصف السنة وهو يتحدث بكلمات طفولية 

- ماما.. ماما.. سين.. سين.. اتجهت سيلين إليه تحملة وتقبله من وجنتيه: 

- قولي أعمل فيك إيه عايزة أكلك ياولا ياأمير.. اتجهت بنظرها تطالع ليلى فتحدثت علها تخرجها من حالتها الحزينة فناغشتها: 

- معرفش ليه حاسة أمير قلب لعمه راكان.. حتى شوفي عيونه بقت تهبل وتجذب زي عمه 


برقت ليلى عيناها وهو توزع نظراتها بين سيلين وأمير وشعرت وكأنها اسقطت دلوا من الماء المثلج فوق رأسها  ب ليلا شديد البرودة 


جذبت أمير تحدق نظراتها به وداخلها رجفة تسري بجسدها لا تعلم ماهيتها ثم دفعت سيلين بيدها بوهن وهي تتمتم بلسان ثقيلا كأنها تتعلم الحديث: 

- إنتِ بتفرسيني ياسيلين.. وعايزاني أكره الولد... بتشبهي ابني بالتتنين المجنح دا 


قهقهت سيلين عليها وأمالت بجسدها تحدقها بغموض: 

- بقى راكان اللي سيدات مصر كلها يتمنوا منه نظرة واحدة تشبيه بالتنين يالولة.. والله قلبك قاسي أوي أوي


اشتعل غضبها من حديث سيلين فرمقتها بنظرة تحذيرية

- بالله عليكِ مش عايزة صباحي ينتزع على الصبح..في سيرة اسم الله عليه أخوكي دا..وبلاش تجيبي سيرته مع إنه مسافر ومرتاحة منه..بس ممكن تلاقيه ناططلي هنا بيجي على السيرة زي الشيطان لما بيجي على المزمار كدا 


ضحكة صاخبة أفلتتها سيلين من فمها حين استمعت لحديث ليلى..فجلست تمسك بطنها من كثرة ضحكاتها 


أخرجت ليلى زفرة حادة وهي ترمق سيلين..بطلي ضحك يابنتي..وأحمدي ربنا إن الغجنفر مش هنا..مش بقولك ياجمال الحياة وهدوئها..طيب تصدقي بالله أنا بشعر بالراحة زي صفاء المية في البحر الأحمر كدا... وانت بتشوفي فيه جميع الشعاب المرجانية.. واخوكي زغنفر دا مش هنا.. يالهوي دا عليه تناكة إلهي يعدمها ياشيخة 


وضعت سيلين يديها على فمها حينما شعرت بتوقف قلبها من كثرة ضحكاتها 

نهضت سيلين وهي تراقص حاجبيها مردفة مماجعلها كالكتكوت المبلول 


- لولة.. راكان تحت وعايز يشوف أمير... ثم تلقفت الوطفل من يديها وهي تطالعها بشقاوتها: 


- هاخد أمير لراكان صحي من النوم  وبيسأل عليه وإنتِ اجهزي وانزلي يازوجة راكان البنداري اللي هتجنن بسببكوا إن شاء الله 


صاعقة قوية ضربت قلبها فبعثرته لأشلاء..

وبعينين زائغتين وقلب فتته الوجع  من شدة قساوة ما رأته بذلك المنزل وخاصة ذاك الراكان طالعتهاو همست بتقطع: 


- هو جه.. أشفقت سيلين على حالتها كثيرا فهزت سيلين رأسها ترأف بها فتحدثت سريعا: 


- ليلى والله راكان طيب معرفش ليه بتقنعي نفسك إنه عدوك.. عايزة اقولك حاولي تقربي منه وبلاش اسلوبك القاسي دا.. 


ورغم كلمات سيلين  البسيطة التي قالتها إلا أنها نجحت بإخراج نيرانها فأردفت: 

- لا طيب ولا وحش خليه بعيد عني ياسيلين... وبعدين هو ال خلاني كدا.. يوم مادفني بالحياة في البيت دا.. ربتت على كتف سيلين وأردفت 


- سيلين متزعليش مني بس أنا بجد بموت ومعنتش متحملة البيت والناس اللي فيه.. دول مش بنأدميين دول شياطين وخصوصا ولاد عمك... ونصيحة مني خليكي بعيدة عن يونس زي ماأنتِ برافو عليكي.. 


أشفقت عليها حينما وجدت عبرات متكورة بعيناها.. فأمسكت كفيها وضمتهما

- إنتِ جميلة أوي ونفسك عزيزة أوي أوي واللي زي يونس وراكان دول مش وش بنات ذيك.. دول فعلا عايزين بنات من اشكال اللي بيسهروا معاهم 


تراجعت سيلين خطوة للخلف وهي تهز رأسها 

- عندك حق ياليلى.. علشان كدا أنا بعدت عن الكل.. بس راكان غير يونس ياليلى صدقيني.. راكان ظروفه هي 


وضعت كفها أمام سيلين 

- لو سمحتِ بلاش سيرته على الصبح.. كفاية إنه رجع.. عايزة أتنفس قبل ماأقابله وينزع حياتي... قطعهم عندما



دفع الباب بقوة فدخل بهيبته وهيئته الجذابة وعطره الذي تسلل لرئتيها مما أشعرها بالغثيان 


ثارت زعابيب غضبها فأردفت تطالعه بعينان تطلق شرزا

- هتفضل لحد إمتى تدخل بالطريقة الهمجية دي.. رمقها بنظرات نارية لو تحرق لأحرقتها بالكامل.. دارت عينه لأخته وتحدث بهدوء مميت: 

- ساعتين عشان تجيبي الولد ياسيلين ولا المدام رفضت.. 


هزت سيلين رأسها وهي تطالع ثوران ليلى وغضبها فتحدثت: 

- لا ياآبيه دا كان نايم وبنصحيه.. أشار بيديه وتحدث: 


- سيلين انزلي بأمير.. قالها من بين أسنانه خطت سيلن وهي تحمل الطفل بين يديها ولكنه أوقفها وتلقفه بين يديه يقبله: 


- حبيب عمه عامل إيه... وحشتني يااميري.. أمسك أمير لحيته الكثيفة وهو يتمتم: 

- بابا.. بابا.. طبع قُبّلة مطولة وعيناه على التي تطلق شرزا والغضب يتملكها.. ناوله لأخته وأشار بعينيه للخروج 


غادرت سيلين الغرفة بينما تسّمرت ليلى بمكانها تستجدي طريقة تحاول التملص من قبضته ورائحته التي لم تعد تتحملها 


أوشكت على الألتفات فوجدت قبضته القوية التي أوقفتها بمكانها وعيناه تبحر فوق ملامحها وهو يزمجر: 


- أنا مش مليون مرة أقولك ماتتكلميش معايا بالطريقة دي ..نسيتي إنك مراتي وأدخل في أي وقت..إيه عايزاني أستأذن قبل ماأدخل أوضتي.. ليه دايما بتخليني أتعصب 


تصاعد غضبها للحد الذي جعلها  تنفض يديه بعيدا عنها وتقول: 


- أنا مش مرات حد.. ودي أوضتي أنا..خليك في نذواتك وأبعد عني.. 


برقت عيناه لقد تجرأت على كبريائه..فاشعلت كلماتها جحيم غضبه والذي تجلى بعينيه ف خطى إلى أن توقف أمامها ودنى منها حتى اختلطت أنفاسهما 

- لا مراتي ياهانم.. وغصب عنك مش براضكي..ولو كنتِ نسيتي أفكرك.. ودلوقتي لازم تجوبيني


- خرجتي من يومين وكسرتي كلمتي ليه؟ 

قالها عندما جلس على الاريكة  يضع ساقا فوق الأخرى وقام بإشعال تبغه الغالي ونفثه وهو يقيّم حالتها 


بللت حلقها تحاول أن تجيبه برد مقنع حتى لا يشك بها.. فهي تعلم إنه سيعلم 

- كنت تعبانة ولازم أشوف دكتور.. قالتها وهي تفرك يديها وتهرب من نظراته 


توقف يدور حولها ونظراته مثبتة يحدقها بتمعن... لهجتها المتقطعة وعيناها الزائغة.. جعل الشك يتسرب لقلبه فتحدث: 


- ودكتور النسا دا معرفة آسر برضو 

افلتت شهقة من جوفها فلقد بلغ الغضب ذروته فلم تعد تستطع حديثه المسموم الذي أصاب إحترامها  لذا أشتد صوتها وذادت حدته فصرخت: 


- احترم نفسك إحنا اتقابلنا صدفة وعلى ماأعتقد اللي سايبه يراقبني قالك.. ألقت كلاماتها بملامح مرتجفة وعينين تهتز من ثقل العبرات المحجرة بها 


- والله والمفروض أنا الأهبل أصدق صح...بداخله نيران تغلى وتحرق أوردته حينما علم بمقابلتها بذاك الآسر الذي يود لو يخنقه ويلقيه صريعا...

- ماهو مش معقول تقابلي الأستاذ صدفة وكمان يطلع معاكِ لدكتورة نسا.. دكتورة نسا مع راجل غريب يامدام.. وكمان   قريبتكم..ممكن المقابلة دي تكون واجهة  وياعالم عملتوا إيه قالها عندما تحولت عيناه لجحيم من النيران وبدأ يركل كل مايقابله... 


رمقها بنظرة حارقة وأردف مسترسلا 

- أنا مراتي تروح مع راجل غريب لدكتورة نسا.. ليه مش متجوزة راجل 


اتجهت إليه وطالعته بغضب انثى داس بكل جبروت على شرفها 


- "أخرص" مفكرني واحدة زي نزواتك قالتها وهي تدفعه بكل قوة وتنظر إليه بإشمئزاز فقد كانت كلماته كنصل سكين بارد تبتر عنقها ليجعلها تموت بالبطئ 


أمسك ذراعيها يعقدها  خلف ظهرها ودنى يهمس بجوار اذنها  فتقابلت عيناه التي بلون شعاع الشمس وهي تطلق كرات ملتهبة لسواد ليلها الذي القته كتعويذة على قلبه.. خرج من سواد عيناها وناظرها بجمود 

-نزواتي...على الأقل دول ستات معرفين بيعملوا ايه إنما المدام اللي تروح مع راجل غريب عند دكتورة نسا نقول عليها إيه  


صفعة قوية هوت على خديه وصرخت

-اطلع بررررة مش عايزة اشوف وشك 


اقترب يجذبها من رسغها 


- بتطرديني  من أوضتي اتجننتي..قالها وهو يخطو  إليها ونظرات الرعب تملكتها عندما وجدت نيرانه التي تخرج من عينيه... أمال بجسده وبدأ صدره يعلو ويهبط من إنفعاله وقربه منها ورائحتها الشهية التي تسللت لأنفه رغبة عاتية في الإقتراب أكثر وإستنشاق خصلاتها التي بلون عيناها فهمس إليها: 

- متنسيش إنك مكتوبة على اسم راكان البنداري... ودا جايزة بالنسبالك... تحمدي ربنا على الوصول لأسمه... ظل يطالع حالتها المرتبكة فأكمل: 

- احمدي ربنا إنك مراتي.. وإنك ست.. دا اللي شفعلك عندي.. لأن من قوانيني ممدش ايدي على واحدة ست... فتخيلي بقى مش أي ست لا دا مراتي،.. وحطي تحت مراتي دي مليون خط.. 


دنى حتى لامس شفتيها وأكمل 


- إنتِ مغلطيش بس يالولا... لا دا إنتِ اتجاوزتي حدودك... جبتي أخرك معايا يا ليلى راكان البنداري.. افتكري اللقب دا كويس لانه هو اللي بيشفعلك في كل مرة.. بس احترسي رصيدك بيخلص 


طالعته بأعين مرتجفة وجسد هاوي محاولة استيعاب مدى قسوته واهانته لها 

ورغم أنها في موقف الضعف إلا أنها تحدثت كقطة شرسة: 

- متخفش اسمك محفوظ بعيد مش حبا فيك ياديستينجويشنج  .. لا بس علشان مش عايزة افتكر اسمي مرتبط بشخص ذيك عايزة أفقد الذاكرة ياسوبر مان 



❈-❈-❈ 


صمت يطالعها بنظرات كالذئب وكأنه لم يستمع لماقالته  او كأنه ادعى  ذلك كانت عيناه على شفتيها التي تشبه حبة الكريز وهي تحركهم بحديثها  ودّ لو تذوقهم بتلك الأثناء حتى لو بها سما.. فالسم لديها كترياق له 


دنى مرة أخرى إلى أن اقترب من شفتيها يهمس 

- متخلنيش اوريكِ المميز والسوبر مان يعمل فيكِ إيه.. هنفذ كلامي اللي قولته قبل كدا وخصوصا بحالتك دي.. قالها ويود أن تعطيه فقط إشارة عينيها الجميلة 


شعور مقيت يجعل دقاتها تتقاذف بين ضلوعها من قرب أنفاسه التي تحرق رئتيها دون رحمة.. تقابلت نظراتهما هو بتمنيه قربها  وهي بنفورها من نفسها بسبب سيطرته الطاغية لروحها 


لحظات فقط كفيلة لتغرق كل واحدا بجبروت عناده.. أكمل وعيناه مثبتة بعينيها 

ثم سحب نفسا وطرده حتى لافحت انفاسه وجهها وأستطرد 


- خليني بعيد عنك ياليلى لو سمحتِ مش عايز أذيكي وترجعي تكرهيني تاني.. لو سمحتِ متخرجيش الوحش اللي جوايا  ناحيتك.. 


اللعنة على صوته الذي ذبذب جسدها بالكامل..وهمسه الهادئ بأسمها ارتجفت شفتيها تحاول الحديث.. ولكن حروفها قد هربت بالكامل.. انتشلها من سيطرته الطاغية وأنفاسه القريبة ونظراته التي خدرتها بالكامل طرقات  الباب 


اعتدل تاركا إياها.. محاولا السيطرة على نفسه فخرج صوته متزنا بعض الشئ: 

- ادخل... دلفت العاملة وهي تتحدث بوقار لشخصه 

- توفيق باشا والعيلة كلها وصلت يافندم.. والست زينب بعتتني عشان الست ليلى تنزل... أشار بكفيه بإنصرافها.. فتحركت العاملة سريعا وعيناها تلازم الأرض ثم استدار للتي جلست على الفراش تهرب بنظراتها في كافة الإتجاهات 


مسمعتيش قومي اجهزي... عشر دقايق والأقيكي تحت وإياكي تتأخري.. وقتها هطلعلك وبلاش اكملك... 


تحرك خطوتين فتوقف عندما تذكر شيئا

- آه بلاش تحتكي بسارة وسلمى نهائيا.. قالها وهو يغادر بخطواته المهرولة كأنه ينئ بالهروب بعيدا عن عيناها 


أخيرا استطاعت التنفس الذي سحبه بالكامل من حولها.. وقفت تضع يدها على صدرها وهي تحادث نفسها 

-" وبعدهالك ياليلى هتفضلي لحد إمتى كدا.. لازم تخلصي منه ومن كل اللي يربطك بيه.. وضعت يديها على أحشائها 

- وإنت كمان هخلص منك إزاي.. يارب ساعدني.. قالتها بقلبا يأن وجعا 


بعد قليل هبطت إلى غرفة الطعام التي تضم العائلة بأكملها...بهيئتها الخاطفة للقلوب بفستانها الأبيض الذي يصل لكاحلها بنقوشه الزرقاء التي بلون السماء...رمقها الجميع  بنظرات منها  الحنينة ومنها نظرات كره وغيرة... كان الجد توفيق يترأس الطاولة وبالمقابل أسعد وبجواره اخواته وزوجاتهم وأولادهم 


- صباح الخير... قالتها ليلى بهدوء..

- صباح النور ياحبيبتي تعالي اقعدي جنب جوزك.. هزة عنيفة أصابت جسدها عندما خصتها زينب بزوجته.. رمقها الجد بسخرية وأردف: 

- تعالي اقعدي شوية قبل مامراته الجديدة تستحوز على المكان.. مع أنه مش ملكك من الأول.. أخذت جرعة كبيرة من الهواء تحبسه بداخلها علها تهدئ من نيران الغضب الممزوج بالحزن الذي ظهر على ملامح وجهها وعيناها التي رمقته وهو يتناول طعامه بهدوء وكأنه لم يستمع لحديث جده 


ابتسمت سلمى بحبور وهي تطالع ليلى التي مازالت واقفة وأجابت جدها

- قولها ياجدو.. وعرفها إن نورسين مبتحبش اللي يقرب من ممتلكتها.. جذبت ليلى المقعد بعنف عندما شعرت بإنهيارها وجلست بجوار سيلين وتحدثت: 

- لا نورسين ولا غيرها، خليها تيجي وتاخد القصر باكمله... أنا هنا عشان ابني وبس.. أومأ الجد برأسه وطالعها بغموض

- برافو عليكِ خليكي دايما متذكرة كدا.. إنت هنا عشان أمير ولا إيه ياراكان 


استدار راكان لجده: 

- عارفين الموضوع دا وحفظينه ليه دايما بتحسسنا إننا في حصة وبتسمعلنا الدرس.. 


غيره ياتوفيق بيه.. قولي إيه سبب الجمعة الحلوة دي هو مكنش يوم الجمعة ولا أنا غايب بقالي سنين وغيرت النظام 


إذداد غضب توفيق واستشاط داخله فرمقه قائلا: 


- هشام النمساوي اتصل وقال نحدد فرحكم قبل إجتماع مجلس الأدارة.. وطبعا أنت عارف يقصد أيه.. إحنا عايزينه شريك للمشروع الكبير 


أنهى طعامه واتجه ليونس وتسائل: 

- هو نوح مش بيحضر الإجتماعات ولا إيه.. مال النمساوي بإجتماعات الشركات وبعدين حضرتك دخلت يحيى الكومي قبل كدا ودلوقتي النمساوي.. ايه ياباشا عايز تاخد اقتصاد البلد كلها.. 


قوس فمه وأكمل: 

على فكرة تفكير غبي.. لأنك كل مالحاجة تبقى بتعتك لوحدك أحسن من الشركاء 


اظلمت أعين توفيق وارتسمت عيناه بنظرة قاسية: 

- أنا اللي هوطدت العلاقات بينا.. وكدا كدا إنت هتتجوز بنته فعادي أنه يحضر.. غبي ولا غيره.. انت مش عندك شركاتك مالك ومال شغل العيلة ولا عشان نصيبك الأكبر هتتفرعن على جدك ياحضرة النايب زي كل مرة 


زفر بهدوء محاولا السيطرة على غضبه عندما حثته والدته بعينيها بعدم الغضب.. 


- تمام ياتوفيق باشا اعمل اللي حضرتك عايزه شغلكم ماليش دعوة بيه.. والفرح حدد عليه معنديش مانع.. قالها وهو يرمق تلك التي جلست تتلاعب بطعامها بعينين تقطران الماً وملامح يكسوها الحزن الذي تغلغل لروحها..


❈-❈-❈ 


قاطعهم دلوف نورسين 

- جود مورننج جدو.. جد مورننج للجميع 

اتجهت لراكان 

- حبيبي حمدالله على سلامتك وحشتني أوي.. قالتها عندما قبلته على وجنتيه 


أشار توفيق على المقعد الذي يجاور راكان: 


- صباح الخير ياحبيبتي.. اقعدي بنت حلال كنا لسة بنجيب في سيرتك 


طالعت راكان وأردفت: 

- إيه ياراكي.. أوعى تكون كنت بتقول لجدو إني وحشتك 

ابتسم بجانب فمه بسخرية.. فأجابها دون النظر إليها وتحدث: 

- ايوة طبعا ياحبيبي كنت بقوله نورسين دي مفيش زيها وحشتني لدرجة هنعمل الفرح بعد اسبوع 


هنا رفعت ليلى عيناها سريعا إليه فتلاقت بعيناه.. شيعها بنظرة خبيثة واكمل:

- كفاية تأجيل..إحنا كنا هنتجوز من فترة لولا موت سليم الله يرحمه 


رمقت نورسين ليلى فاستطردت قائلة

- وياترى ليلى هتفضل معانا فوق..سوري لكن من حقي ياجدو..مش كدا ولا إيه  


حمحم راكان وطالع ليلى مردفا: 

- مدام ليلى أصلا مش هتكون موجودة في إسبوع الفرح.. معنديش مانع لو عايزة تقضي أسبوع الفرح في بيت المزرعة واكيد مش هعرفها الجو هناك بيكون عامل إزاي الأيام دي 


كان واقع كلماته على مسامعها كصدى صوت رعد بليالي الشتاء القاسية وزواعب عواصفها... لم يرحم قلبها فأكمل: 


- مش عايز الناس يفهموا علاقتنا غلط.. وجودك هيصير الشك.. ودا عكس شخصيتي أبين حاجة وأعمل حاجة تانية


أستقرت كلاماته القاسية وسط قلبها فمزقته لأشلاء حتى شعرت بآلالاما شديدة بأنحاء جسدها مما جعلها تتشبث بيد سيلين بجوارها 

طالعتها سيلين وهمست إليها 

- إنتِ كويسة... هزت رأسها وغشاوة من دموعها احتجزت بعينيها منعتها من التحرر ولكن اكمل ماهشم الباقي من كرامتها حينما أردف: 


- ماما ممكن تنقلي ليلى وأمير للجناح التاني عشان حضرتك عارفة نورسين وغيرتها وأنا مش عايز دوشة حريم 


قبلته نورسين مرة أخرى على وجنتيه أمام الجميع.. وهمست له: 

- راكي خلص فطارك بسرعة عندنا فسحة هتغير مود الشغل اللي خطفك مني بقاله اسبوعين 


رفعت نظرها وعبرة غائرة انسدلت عبر وجنتيها مسحتها سريعا حتى لا يرى ضعفها فأجابته وهي توزع نظراته عليه وعلى نورسين: 


- أنا اتكلمت مع طنط زينب من فترة كبيرة من بعد موت سليم وحضرتك رفضت.. يعني أنا اللي طلبت من الأول.. ودلوقتي مستحيل اخرج من جناحي دا بتاع جوزي واللي مش عاجبه ممكن ينقل في مكان تاني.. ووقت مايجيلي مزاج ياحضرة النايب أنقل هنقل مش هستنى حد يتآمر عليا 


ذُهل الجميع من شراسة حديثها بل شعر بصفعة مدوية فاتجه بنظره لوالدته 

- كلامي يُنفذ ياماما.. سليم مات ومش موجود بينا ودلوقتي مينفعش.. قاطعته عندما هبت كالملسوعة توزع نظراتها بين الجميع 

- سليم مات عندكم بس.. لكنه لسة عايش جوايا.. عايش في ابنه دا.. مش من حق حد فيكم يجبرني على حاجة مش عايزاها... أنا اتجبرت مرتين ياحضرة المستشار.. المرادي لا.. دا حق ابني احنا هنا اللي لينا الحق الأكبر 


وقف أسعد محاولا هدوئها 

- ليلى حبيبتي اقعدي يابنتي هنعمل اللي أنتِ عايزاه.... ازاي ياأسعد!!

أردف بها توفيق بقوة.. هتسمع كلام أرملة أبنك.. رمقها الجد واردف: 

- إنتِ بأي حق تتكلمي كدا.. نسيتي نفسك

عايزة تحطي نفسك بنورسين 


إلى هنا وقد طفح الكيل وصرخت كالذي مسها مس جنيا وضربت على طاولة الطعام 

- أنا فعلا مش زي حد.. وعشان كدا خلي حفيدك المغرور دا يطلقني ويتجوز سليلة الشرف والنسب.... أنا مش عايزة اعيش هنا ادوني ابني خلوني امشي 


هب كالملسوع ورفع سبابته أمام وجهها قائلا بنبرة آمرة: 

- مفيش خروج من البيت دا بأمير إلا بأمر مني..ومتنسيش حضانة الولد معايا... عايزة تمشي اتفضلي الباب مفتوح، غير كدا مسمعش صوتك 


تساقطت دموعها بقوة عبر وجنتيها وهي ترمقه بنظرات إحتقارية ثم تحدتث بصوتا مرتجف 

- أن شاء الله تتعذب في حياتك ياراكان وتتوجع زي ماوجعتني كدا.. ضرب الجد بعصاه الأبنوسية  على الأرضية: 

- احترمي نفسك يابنت المحجوب متنسيش نفسك واعرفي إن اللي بتغلطي فيهم دول يبقوا إيه 


ظلت مسلطة بصرها تنظر إليه ببغض شديد.. استدار لجده والغضب استحوذ عليه كليا وصاح

- متنساش أن دي مراتي ياتوفيق باشا..ومش معنى اني ساكت يبقى تهنها  اللي يغلط فيها كانه بيغلط  فيا 


صفقت ليلى بيديها فلقد فقدت السيطرة بالكامل حينما داسو على  كبريائها 


- لا برافو.. زادني شرف والله ياحضرة النايب.. اتجهت إليه تدفعه بيديها 

- أنا مش مرات حد.. واعرف اخد حقي كويس.. اتجهت بنظراتها لنورسين 


- هو على بعضه مايلزمنيش ياحبيبتي.. ولو فعلا شايفاه راجل ويستحقك خليه يطلقني 


توقف مجرى الدم بعروقه وتثلجت أوصاله حينما ألقت سهامها وداست على رجولته بكل جبروتها.. أستدار إليها وجذبها من رسغها 

- اقعدي واسمعي آخر الكلام يابنات الناس... انا بحاول اتغاضى عن كلامك مش عشان انا مش راجل.. ابدا.. 


تنهد واخذ نفسا فأكمل 

- علشان اخويا المرحوم اولا..وعشان إنتِ مراتي.... فبحاول مغضبش عليكي ياليلى مطلعيش الغضب ال جوايا.. صدقيني هكرهك في نفسك 


- إيه ياراكان مش أنت من شوية كنت بتقولها هعمل واسوي ماترسى على حل يابني.. قالتها فريال وهي تنظر اليه بسخرية 


نهضت ليلى من مقعدها سريعا.. تحتضن ابنها الذي بكى من أصواتهم المرتفعة.. 


صاح راكان بغضب على مربيته: 

- خدي أمير.. ضمته ليلى لأحضانها 

- لا محدش هياخده مني.. سحب الطفل منها بقوة وصرخ: 

- خدي الولد اوضته وبعد كدا ممنوع يبات مع والدته.. نفذت المربية أمره سريعا 

انتفضت ذعرا تقول بفزع: 

- متبعدش الولد عني ياراكان لو سمحت 

جلس وكأنه لم يستمع لتوسلاتها 


اتجهت بعيناها تراقب ابنها الذي صدح بكائه  بالمكان حتى اختفى ثم استدارت تصلب انظارها تستجديه بعيناها علها تجد بهما رأفة لحالها.. ولكن كيف وهو الذي أوجع وأبكى قلبها وأدماه منذ لقائهما الأول 

سحب كف نورسين التي جلست تطالع الجميع بصمتا مريب وتحرك بعض الخطوات 


شعرت بآلالاما تنخر  بجسدها وشيئا ما يسقط من بين ساقيها.. ضغطت بقوة على يد سيلين التي تسائلت: 

- ليلى مالك.. انتبه الجميع لحديث سيلين 


اتجهت لتحركه تطالعه بنظرات متألمة ... رمقها سريعا وتحرك خطوة وهو يردف 


- ماما متعملوش حسابي النهاردة مش هرجع 


هنا شعرت بآلالاما أشد قوة فخار  جسدها وضعُف حتى هوت جالسة تأن وجعا وتصرخ 

دنى يونس إليها عندما وجد تعرقها وأنينها.. جلس بمقابلتها وأردف متسائلا: 


مالك يامدام ليلى.. قالها عندما تغير ملامح وجهها وتحول لشحوب كشحوب الموتى... أمسك كفيها ليرى نبضها.. ولكن جحظت عيناه واستدار يطالع راكان الذي وقف

متصنما بمكانه من صرخاتها  فسألها: 

مدام ليلى إنتِ حامل... تساقطت دموعها بغزارة تحرق وجنتيها كلهيبا يقضى عليها 

فهمست عندما فاق الألم تحملها: 

- الحقني يايونس أنا بنزف... رجفة قوية أصابت جسده  فعقد حاجبه يفهم سؤال يونس ومعنى حديثها: 

- همست ليلى أنا حامل.. قالتها ودموعها أغرقت وجنتيها بالكامل 

صدمات وشهقات وهمهمات من الجميع عندما استمعوا لحديثها.. بينما ذاك الذي تصنم جسده وكأن أحدهما سكب عليه دلوا من المياة التي وصلت لدرجة غليانها  حولت جسده كحمم بركانيه..

اتجه ليونس كالضائع بغيبات الجب واستمع لسؤاله عندما ازدادت سوء حالتها وبدأت قواها تتهاوى بفقدانها للوعي 

- ليلى انتِ حامل في الشهر الكام.. تسائل بها يونس الذي بدأ يقيس ضغطها ونبضها 

اطبقت على جفنيه متألمة وكأن روحها تنسحب منها وغمامه سوداء تطاردها فهمست: 

- التالت.. لم تكمل كلمتها فسقطت بين ذراعي يونس فاقدة للوعي.. نظر يونس تحتها وجحظت عيناه من آثار الدماء التي لطخت فستانها الأبيض فصاح بأخته وهو يحملها متجها لغرفتها 

- سلمى هاتي لي شنطتي بسرعة.. بينما سيلين التي وقفت كالمتصنمة تبكي على وضعها.. الكل بدأ ينظر لراكان.. هناك نظرات شفقة وهناك نظرات شماته..ولكن عنده لقد هوى قلبه وزهقت روحه تمنى لو صرخ من أعماق قلبه حتى ينقطع نفسه..أومأ رأسه رافضا حديثها بقوة....شعور بفقدان وعيه... نظر بضياع حينما أردفت فريال: 

- ايه ياراكان أرملة اخوك اللي ميت بقاله سنة ونص حامل إزاي.. وأحنا كلنا عارفين طبيعة جوازكم... هنا لم يجد كلمات تعبر عما يجيش في صدره من آهات صارخة 

تحرك يونس خطوتين وهو يحملها بين ذراعيه متجها لغرفتها.. 

هب فزعا وكأن صراخ سيلين بأسمها ايقظه من صدمته فهرول يلتقطها من بين ذراعه وصاح بغضب: 

- رايح فين.. أنا هوديها المستشفى.. قالها وشعور الأختناق يعيق خروج تنفسه كيف يتنفس وصفعات القدر المتوالية لم ترحمه 

خطى يونس بها للخلف وهو يضمها حينما وجد الغضب ونيران عينيه ووجعه بآن واحد.. فتحدث بهدوء: 

- راكان ليلى ممكن تموت.. ننقذها الأول.. ممكن يكون الطفل مات... وممكن يكون عايش.. ارجوك أبعد غضبك دلوقتي وخليني انقذها.. وبعد كدا حاسبها زي ماأنت عايز 

تلقفها منه بقوة وغضب.. وهو يدفعه بجسده: 

- ابعد عني عشان غضبي مايولعش فيك يايونس.. إياك تقرب مني 

توقفت والدته وعمته سميحة حينما وجدا حالته فاتجهت زينب لأسعد ووالده

- هتسبوه ياخدها.. 

تحدثت سميحة:  - بابا... رمقها الجد بنظرة غاضبة  واشار بسبابته: 

- مش عايز أسمع صوت حد فيكم... اتجه بنظره لاسعد: 

- شوفت مجايب ولادك.. أهو شرفهم بقى في الطين 

هبت زينب وصاحت بغضب: 

- إيه مالكم خلاص حكمتوا إن البنت خطيت.. إيه انتوا ناسين انها متجوزة 

طالعتها فريال بسخرية: 

- أه وعارفين كمان إن ابنك مش طايقها ومفيش حاجة حصلت بينهم واللي يثبت كلامي حالته المجنونة دي... بينما جلست نورسين وهي تضع ساقا فوق الأخرى: 

- لا دي مش أشكال راكان.. دا مبيكهرش في حياته أدها.. وبعدين ياانطي متنسيش إنها السبب في موت سليم.. مش كدا ياسلمى.. فاكرة موت سليم... قالتها  نورسين بمغذى وهي تنظر لأظافرها 

بالخارج عند السيارة 

تحرك بها يحاول أخفاء مزيج المشاعر التي اجتاحت كيانه مما استمع إليه..يحاول ان يحرق الأخضر واليابس وكل مايقابله خرج سريعا وهو ينادي على سيلين

- إلحقيني بسرعة للعربية...بينما بالداخل هناك حرب شعواء بين الجميع 

تحدثت يارا أبنة عمته: 

- معقول ليلى تكون غلطت مع حد..لا أنا مش مصدقة...بينما هز الجد رأسه وهو يردف: 

- وادي الأشكال اللي ضحكو على أولادك يازينب قبل كدا بنت صياد والتاني جايبلي بنت محاسب..لا وواقفة تجادلي وتقولي إنها متجوزة.. 

طالع زينب بسخرية: 

-هو تربيتك هتجيب  إيه غير كدا..قالها ساخرا ثم أكمل: 

- ادعي ربنا إن ابنك مايموتهاش ويدخل السجن في حاجة ماتستهلش... تحرك يونس سريعا يستقل سيارته عله يحاول السيطرة على راكان 

أما بالسيارة..جلست سيلين بالخلف..تبكي  وجسدها يرتعش  عندما وجدت تغير ملامح ليلى ليصبح شاحبا كالأموات فهتزت شفتيها وحدثت أخاها 

- راكان بسرعة.. ليلى هتموت 

انهت كلماتها المتالمة وانفاسها المتقطعة بالبكاء 

هل شعر احدكم كيف يكون حال العاشق حينما يرى موت معشوقه أمامه وهو عاجزا.. هذا ما شعر به راكان عندما شق طريقه بسرعة جنونية ودّ لو يحرقها ويحرق نفسه معا... كور قبضته يضرب على قيادة السيارة ونيران صدره تشتعل بداخله تحرقه بالكامل وهو يصيح بغضب: 

- ليه... ليه ياليلى ليه.. صرخ بها بغضب.. نظرت سيلين إليه بالمرآة فلا تعلم كيف تهدأ من روعه وهو محقا في غضبه ولكن الى أي حد سيؤدي به غضبه جراء نيران قلبه النازفة... هل حقا تكون ليلى دهست على رجولته وخانته بهذه الطريقة الشنعاء

مسحت عيناه وهي تهز رأسها رافضة حديثها مع نفسها 

انسدلت دمعة حارقة على وجنتيه وهو يتذكر الماضي