رواية جديدة عازف بنيران قلبي لسيلا وليد - الفصل 1 - 2
قراءة رواية جديدة بقلم سيلا وليد
تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية
رواية عازف بنيران قلبي
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة سيلا وليد
الفصل الأول
الجزء الثاني
❈-❈-❈
فلاش باك قبل ثلاث سنوات
داخل هذا القصر المريب...في إحدى الغرف تدخل سيدة في أواخر عقدها الخامس إلى غرفة ذات الطابع الأنثوي الرقيق
جلست بجوارها السيدة التي تدعى زينب
تملس على شعرها بحنان أموي... ظلت لبعض الدقائق تنظر لأبنتها تتمنى من الله أن يرزقها حياة هادئة مثلها
- سيلين حبيبتي... ياله اصحي اخواتك صحيوا ياقلبي... قومي علشان متتأخريش على جامعتك... فتحت الجميلة عيناها التي تشبه لون البحر بأمواجه... اعتدلت الفتاه واتجهت لوالدتها مقبله جبهتها
- صباح الخير مامي الحلوة:
قبلتها والدتها صباح الياسمين على ياسمينة قلبي حبيبتي.. ياله قومي بسرعة خدي شاورك وغيري وانزلي بسرعة... جدك عامل اجتماع عائلي وعمك وولاده موجودين تحت
مطت شفتيها الكنزة بتذمر:
- اوف هو كل شوية اجتماعات عائلية... هو جدو دا مبيملش
رمقتها والدتها بتحذير:
- سيلي مينفعش نقول كدا على جدك... بابا لو سمع هيزعل جدا منك... ياله بلاش كسل قومي لما أشوف سليم صحي ولا لا
هو أبيه راكان مرجعش من اسكندرية
أردفت بها سيلين باستفهام
- رجع بس متأخر وصحي من بدري بيعمل تدريباته...
- نهار اسوح، هتهزأ يامامي كنتي عرفيني.. بقالك ساعة بتكلميني وساكتة
قهقهت عليها والدتها:
- يعني راكان بس اللي بتعمليله حساب والباقي لا ياسيلين.. تمام
قفزت من مخدعها متجها إليها سريعا تضمها بمشاكسة
- انت الحب كله يازوزو
ضمتها لصدرها.. وربتت على ظهرها
- ربنا يهديكي يابنتي... رفعت ذقنها تنظر لمقلتيها:
- انتِ كبرتي ياسيلين معنتيش البنوتة ام عشر سنين... عايزاكي ياحبيبتي تخلي بالك من تصرفاتك وبلاش الحفلات اللي مابتنتهيش دي.. راكان لو عرف مش هيرحمك وممكن يقعدك من الجامعة
نفخت وجنتيها بتذمر:
- يامامي كل صحابتي بيعملوا حفلات ويسهروا وحضرتك لسة بتقولي أهو انا كبرت معرفش ليه أبيه راكان بيخنقني بتصرفاته دي... ثم أكملت مفسرة:
عندك يونس أهو ابن عمه بس غيره خالص..اخواته بيروحو حفلات وبيفضلوا للصبح وهو كمان بيحب يضحك ويسهر أما دا معرفش ماله
قاطعتها بحزم
- اخوكي خايف عليكي.. مش معنى كدا أنه بيتحكم فيكي.. وبعدين ماهو بيعامل سليم الراجل كدا مش هيعاملك انتِ يابنت... وبعدين تعالي شوفي يارا بنت عمتك اهي بتعمله حساب... ياريت تاخدي بالك من أسلوبك في اللبس كمان وبلاها البناطيل المقطعة دي... قال موضة
دي موضة زفت على دماغكم... قالتها زينب وخرجت متأففة من أسلوب ابنتها
اتجهت إلى غرفة ابنها
طرقت الباب عدة طرقات... دخلت بعدما سمح لها بالدخول
صباح الخير ياحبيبي
- صباح الورد ياست الكل... قالها مقبل جبينها
جلست على فراشه
كان واقفاً أمام مرآته يهندم ملابسه... نظر لها من خلال المرآة وتسائل:
- فيه حاجة ياماما؟
ابتسمت له وأردفت:
- سلامتك ياحبيبي.. اتجه لها ناظر باستفهام:
- لا شكلك مضايقة من حاجة
هزت رأسها بالنفي.... ثم زفرت وتنهدت
- جدك عامل إجتماع... وربنا يستر مايتخانقش مع راكان زي كل مرة
قطب جبينه متسائلا:
- إنتي خايفة على راكان ياماما من جدو
اخذت شهيقا وزفرته بهدوء:
- راكان عصبي وجدك كمان... أنا كل مرة بحط ايدي على قلبي متنساش مرات عمك بتحب تلعب في المية العكرة يابني
ضحك سليم بصوته الرجولي:
- مين دي ياماما... إيه يازوزو نسيت انتِ مين وولادك مين ولا إيه... خايفة من فراويلة بنت سلطح ملطح دي منفوخة على الفاضي
اغروقت عيناها فجأة من ذكريات أليمة مرت بها بتلك العائلة كم كانت تكره ضعفها الذي انتابها حين تذكرت مآساتها مع والد زوجها الطاغي... هذا الضعف تحول لحزن تسرب إلى قلبها فدماه حتى شعرت بعدم تنفسها...نظر سليم لصمتها ثم أحتضن يديها بين راحتيه:
- ماما مالك ياحبيبتي... ليه شكلك أتغير كدا
هزت رأسها وربتت على يديه.:
-مفيش ياحبيبي... بس افتكرت حاجة.. المهم ياسليم كلم راكان وخليه يهدى وبلاش كل شوية تصادم مع جده يابني
قبّل رأسها وطالعها بنظرة حنونه مؤكداً:
- حاضر ياست الكل أنا هعدي عليه قبل ماانزل... وقفت متجه للخارج
- ربنا يكملك بعقلك ياحبيبي
على الجانب الاخر
في منزل ليس بالرقي الفاحش أو بالتوسط.. يقال عليه بالطبقة فوق المتوسطة يتكون من ثلاثة غرف كل غرفة بحمامها وبه صالون على الطراز الحديث
يعد صاحب هذا المنزل للأستاذ عاصم المحجوب الذي لديه ابنتان وولد
ليلى التي تبلغ من العمر ستة وعشرون عاما وابنته الأخرى "درة" التي تبلغ من العمر ثلاثة وعشرون وهي بالفرقة الرابعة لكلية الهندسة... أما الأبن الأصغر"كريم" الذي يبلغ من العمر ثمانية عشر عاما وهو بالصف الثالث الثانوي.. بداخل هذا المنزل الذي تحتوي جدرانه على الدفئ والحب والتعاون
تستيقظ تلك الجميلة من نومها...
فتاه في منتصف عقدها العشرين... تمتلك من جمالها مايميزها عن غيرها... عيون سوداء اللون متوسطة الاتساع برموشها الكثيفة وأنفها بطوله قليلا.. ودقة أرنبة أنفها وشفتيها اللتان تشبهان حبة الكريز... وشعرها الأسود بسواد االليل يصل لمنتصف ظهرها
وقفت متجه إلى حمامها... لتؤدي فرضها
بعد قليل تقوم بإرتداء ملابسها العمليه التي كانت عبارة عن بدلة نسائية من اللون الأبيض وحجاب باللون القرمزوي..
دلفت والدتها مبتسمة لها:
- صباح الجمال على جميلة ماما
- صباح الورد ياوردة... دققت النظر في ملابسها، ثم قطبت جبينها متسائلة:
- رايحة تدوري على شغل برضو زي كل يوم
ابتسمت بهدوء:
- لقيت شغل وعندي انترفيو النهاردة دعواتك ياسمسم
اتخذت نفسا طويلا تملأ رئتيها بأكسجين الأمل وأردفت داعية:
- داعيلك ياقلبي بكل وقت وحين... ربنا يوفقك ويكتبلك الخير... يارب يابنتي تقبلي مش هخبي عليكي حبيبتي
الحمل تقل على باباكي أوي وخصوصا مصاريف الثانوية العامة بتاعة كريم أخوكي
ربتت على يديها بحنان:
- انا حاسة المرادي هتقبل ياماما... بس يارب ميكنش كتير، مقدم لان الشركة دي كبيرة أوي وبيقولوا لها فرع في كل محافظة ورغم كدا آسر اداني أمل إني هقبل
- تمتمت أمها بدعواتها وخطت متحركة إتجاه المطبخ قائلة:
- هروح أحضر الفطار علشان تفطري مع اخواتك وباباكي قبل ماتنزلي
تمام ياست الكل بس سريعا علشان زحمة المواصلات انت عارفة زحمة الشوارع في الوقت دا... قالتها ليلى التي تقوم بعمل شعرها على شكل ذيل الحصان
بالغرفة المجاورة:
كانت تجلس تدرس محاضراتها فهي بالفرقة الرابعة بكلية الهندسة دلفت إليها ليلى
- صباح الورد ياوردة
- صباح الورد يالولة عاملة ايه حبيبتي... دققت النظر بها:
-إنت خارجة ولا إي؟
اجابتها وهي ترد بتمني قبولها:
- في مقابلة عمل في شركة البنداري جروب تسمعي عنها
ظلت تردد الاسم وهي تدق بقلمها على سطح مكتبها في محاولة التذكر فأجابتها:
- حاسة سمعت الإسم دا قبل كدا... المهم بالتوفيق ياحبيبتي إن شاء الله وربنا يكتبلك الخير
قبّلت خصلاتها الحريرية
- خدي بالك عايزين إمتياز زي كل سنة
أومأت درة برأسها وابتسمت بحنان لأختها
- إن شاءلله ياحبيبتي
خرجت من غرفة أختها وهي تأمن على دعواتها.. بعد قليل يجلس الجميع على مائدة الطعام
-ااامم بيض بالبسطرمة تسلم ايدك ياست الكل.. هذا ماأردفت به درة
- بالهنا على قلبك ياحبيبتي. رمقها زوجها بنظرة حنونة:
- تسلم ايدك ياسمية دايما بطلعي بأجمل نكهة مع أقل تكلفة
بالهنا ياحبيبي على قلبك
- حبيب مين ياسمسم نحن هنا... أردفت بها ليلى بمشاكسة
ابتسمت بخجل لأبنتها... قاطعها والدها
- مالك ومال سمسمتي ياليلى
رفعت حاجبها وهي تلوك الطعام بسرعة وتحدثت:
- والله سمسمتك.. وأنا ايه ياسي بابا اعترف حالا
قهقه والدها عليها واجابها
إنت روح بابا وقلبه ياحبيبة بابا
وقفت ضمته بجلسته مقبلة خديه:
- ربنا يخليك لينا ياحبيبي يارب... ياله أنا لازم انزل
ربت والدها على يديها:
- ربنا يوفقك يابنتي يارب.. ومش عايزك تشيلي هم ياحبيبتي يعني لو ملقتيش النهاردة تلاقي بكرة إن شاء الله حتى لو مفيش خالص مش عايز العيون الجميلة دي تحزن ابدا
ابتسمت لوالدها بعرفان وقبلت جبينه
- ربنا مايحرمنا منك ياحبيبي يارب... قاطعهم كريم أخيها
- دا إيه العشق الممنوع دا على الصبح
ابتسمت له
- صباح الخير ياحبيبي... عامل إيه في دراستك ماشفتكش امبارح
- تمام ياحضرة المهندسة النشيطة... وإن شاءلله هيكون ليكِ وريث هندسي
إن شاء الله ياحبيبي شد حيلك بس ياكريم عايزة مجموع مايقلش عن هندسة هزعل منك بجد..ابتسم لها وأردف مؤكدا
إن شاءالله يالولة متخافيش اخوكي ادها
أرسلت له قبلة في الهواء وتحدثت
أنا نازلة ياست الكل محتاجة حاجة
- سلامتك ياعمري وربنا يوفقك يابنتي يارب
في مكانا آخر بأحد المنازل العريقة التي تشبه القصور وهو قصر الدكتور يحيى الكومي..
كان يواجه والده بهدوء ظاهري ونبرة عميقة... ونظرات عيناه تبحر فوق ملامحه
بغموض
أردف والده بغضب
- وبعدهالك يانوح هتفضل منشف دماغك لحد إمتى!!... أنا خلاص إديت كلمة للناس وآخر الاسبوع دا هتروح تشوف العروسة..
حبس نوح أنفاسه داخل صدره ضاغطا على كل عصب بجسده الأ ينفلت وبنبرة عميقة:
- هو ليه حضرتك محسسني إني بنت ولازم امشي ورا طوعك... أنا كبرت ياحضرة الدكتور معنتش العيل اللي لازم يسمع الكلام ويقول آمين
اغتاظ يحيى من حديث ابنه وغروره اللامتناهي وتعجرفه مع كل بنت يختارها له
جلس واضعا ساقا فوق الأخرى منفسا تبغه الغالي الذي يشعل صدره كنيران ابنه المستعيرة له
- المرادي أمر ياحضرة الدكتور العظيم... هنروح يوم الجمعة علشان تشوف البنت
ودا آخر كلام عندي...
اسودت عين نوح وازداد عبوس ملامحه الخشنة تزامنا مع أنفاسه الحارة،
ثم خرج كالإعصار ويبدو أنه شيطانا طاغي للمحاربة... ولكنه اصطدم بجسد ضعيف أثناء خروجه
وقف يناظرها بهدوء رغم بركانه الثائر
ارتجف جسدها من نظراته التي اربكتها...إنها أسما..المهندسة الزراعية التي تبلغ من العمر خمسة وعشرون عاما وتعمل بمزرعتهم... قطعت نظراته لها وهي تردف مرتبكة:
- أنا كنت جاية اشوف دكتور يحيى عشان المزرعة... افسح لها الطريق دون حديث
اشتبكت عيناه بعيناها التي اشعرته بدقاته ولكنه ابعد هذا الشعور وتحرك مغادرا
تنهدت بحزنا من عدم مبالاته لها... وانسدلت دمعة شريدة من عيناها... أزالتها سريعا بأناملها متجه لغرفة الدكتور يحيى
دلفت والقت تحية الصباح
- صباح الخير يادكتور
أشار بيديه وأردف
- تعالي ياأسما... فيه حاجة؟
أمسكت بعض الاوراق ووضعتها أمامه
- دي أنواع سلالات جديدة لبعض الخيل.. وكمان بذور جيدة لأنواع الفواكه والمحاصيل
أمسك الأوراق يطالعها
- تمام سبيهم هشوفهم وبعد كدا هقولك تمام... أومأت برأسها مغادرة تبحث عن الذي جفاها النوم من حالته الأخيرة
علي الجانب الاخر
بقصر جلال البنداري وهو عم راكان
بإحدى الغرف شاب ينام عاري الصدر ورائحة الغرفة المظلمة متشبعة برائحة تبغه
ظلت العاملة تطرق على باب غرفته بعضا من الوقت... فتح عيناه وصاح بصوته النائم:
فيه إيه على الصبح
- أنا اسفة يادكتور بس الست فريال بتقول لحضرتك لازم تنزل حالا علشان الحج توفيق عامل اجتماع على الفطار في قصر البشمهندس أسعد البنداري
- تمام.. روحي انتِ وأنا شوية ونازل
استلقى على ظهره يزفر بضيق ثم وضع كف يديه على شعره ارجعه للخلف بضيق في حركة تنم عن مدى غضبه من تحكمات جده... رفع هاتفه
على الجانب الاخر
في غرفة شاسعة ذات الطابع الرجولي.. جدرانها باللون الرمادي الداكن مع اللون الابيض... يقف أمام المرآة منتصب العود
صاحب ملامح حادة قوية مع صلابة عظامه وفتول ذراعيه وعضلاته البارزة من قميصه الاسود الذي يرتديه... ذو بشرة قمحاوية مع عيون بلون أشعة الشمس
يقف يغلق زر قميصه الكلاسيك... قاطعه رنين هاتفه
- صباح الخير يايونس
أيوة بيقول فيه اجتماع الساعة تسعة... أنا عندي جلسة الساعة عشرة... مش فاضي لجدك... وكمان فيه اجتماع في الشركة معرفش فيه ايه حصل في فرع إسكندرية... كويس المشاكل دي حصلت بعد ماجيت
على الجانب الأخر أردف يونس ابن عمه
- تفتكر جدك عامل اجتماع الصبح ليه.. وياترى عمك خالد هيكون موجود هو وسميحة ولا
قاطعه مردفا:
- دلوقتى نعرف ياله أنا نازل وإنت فوق كدا وبطل سرمحة ياجيمس بوند
قهقه على الجانب الاخر:
-تلميذك ياأمبراطور..و بطل تراقيني ياراكي... أنا مش مسرمح يابني أنا محبوب بس... أعمل إيه الستات بيموتوا في جمالي
شعر بمدى حماقة ابن عمه فزفر بغضب:
- قدامك عشر دقايق وتكون هنا يااما فيديوهاتك هتكون على الصفحة الاخبارية
قفز من فوق مخدعه
- وعلى إيه الطيب أحسن دا أنا تحت بس إنت مش واخد بالك... قالها مقهقا عندما اغلق راكان الهاتف بوجه
بالأسفل بغرفة الطعام
دخل بهيئته الجذابة وقامته المديدة... كان الجميع يجلس في غرفة الطعام سوى فريال مرات عمه وابنها يونس.. دلف ملقيا تحية الصباح بهدوء على غير شخصيته العصبية
على رأس طاولة الطعام يجلس توفيق البنداري الجد الصارم الذي يبلغ من العمر سبعة وسبعين ربيعا
في مقابل الطاولة يجلس إبنه الأكبر أسعد.. على جانبه والديه راكان بجانبه سليم. وسيلين ... كانت الطاولة تضم خالد وزوجته وهما لا يملكان سوى توأمه سارةوفرح اللتان تبلغ من العمر اربع وعشرون. أما يجلس بجانب الجد ابنه الاصغر جلال بمقابله ابنه يونس الذي وصل للتو.. وعدي الذي يبلغ خمسة وعشرون عاما.. وابنته سلمى التي تبلغ من العمر ثلاثة وعشرون عاما
بجوارهم تجلس سميحة وزوجها وابنتهما الوحيدة يارا
رمق الجد الجميع بنظراته الصقرية
طبعا انتوا متعرفوش أنا مجمعكم هنا ليه دلوقتى على غير عادتنا...
أولاد أسعد
"راكان-سليم-سيلين" وهو الأكبر لتوفيق
الابن الثاني
خالد ولديه ابنتان توأم "سارة وفرح"
الأبن الثالث
جلال ولدية ابنان وبنت
"يونس وعدي وسلمى"
وابنته الوحيدة سميحة ولديها ابنه واحدة وهي يارا
رفع الجميع أنظارهم إلى الجد إلا من ذاك الذي يجلس يتفحص الجريدة وكأنه لا يعنيه حديث جده
إستشاط الجد من أسلوبه البارد والغير، المحبب لديه لعدم احترامه له
صاح بصوته
أنا بتكلم ياراكان إيه مفيش إحترام لجدك
- أنا سامعك ياجدي...
قالها وهو مازال ينظر للجريدة ولم يعتريه حتى أن يرفع نظراته لجده
ضرب بعصاه الانبوسية بجواره وتحدث بغضب:
- من الإحترام لما جدك يتكلم تبصله يابن زينب... هنا رفع نظره لجده وظهرت علامات الغضب قائلا بفظاظة
- إيه ابن زينب دي محدش قال لحضرتك إننا بنسمع بودانا.. بقالك ساعة عمال تتكلم في مقدمات وأنا عندي شغل.. واكمل باإبانه:
- كلنا متعطلين علشان وصايا حضرتك اللي مبتخلصش... وفي الاخر تقولي يابن زينب
نصب عوده ووقف وهو يلقي الجريدة من يديه... مالها أمي كل شوية إهانات ليه
نظر لأخيه الذي يرمقه بنظراته أن يهدأ وصاح به بغضب
- إيه بتبصلي ليه... اتجه مرة أخرى لجده
-زينب اللي مش عجابك ولادها هما اللي رافعين اسم عيلة البنداري... بص حواليك وشوف مين هي زينب اللي دايما بتقل منها
رفع سبابته أمامه
- لوحضرتك شايف إن سكوتي على إهانة أمي دا يعتبر أحترام... فأحب اقولك ياجدي العزيز وقتها اعرف إن حفيدك مترباش صح
قام بجمع أشيائه الخاصة
- أنا عندي شغل وقررات حضرتك يونس او سليم يبقى هيبلغهالي... بعد إذنك
جحظت أعين الجد من تمرد حفيده الأكبر عليه... فهو رجل ذو هيبة يستمع إليه الكبير قبل الصغير واوامر تطاع على الجميع إلا من ذلك المتمرد
اتجهت والدته إليه وعيناها تترجاه:
- حبيبي علشان خاطري أقعد ماينفعش تسيب العيلة كلها متجمعة وتمشي وانت أكبر حفيد
قاطعها عندما لملم اشيائه
- عندي محكمة ياماما بعد نص ساعة مش فاضي لطقوسات العيلة اللي مبتخلصش
صاح أسعد بولده
- اقعد ياراكان عشر دقايق ونمشي...
اتجه بنظره ليونس وهو يكز على شفتيه السفلى.. اومأ له يونس بعينيه أن يهدأ
- هقعد بس يكون في معلومك ياجدي أي غلط في أمي تاني مش هسمح بيه... وكمان انا ابن أسعد مش ابن زينب... أردف بها وهو ينظر داخل مقلتيه... تحدت النظرات بين الجد وحفيده
قطب الجد جبينه بسخرية
- والله عرفتي تربي يازينب الحمد لله إنك ممعكيش بنات قاطعته وهي تردف سريعا وهي تنظر لسيلين تترجاه بعيناها
- ولا يهمك ياعمي... راكان عصبي لما بيكون عنده مرافعة في قضية
رمقها راكان بنظرات حزينة لضعفها أمام جده
بدأ الجد حديثه
- أنا جمعتكم علشان ناوي اخليكم دايما متماسكين وايد واحدة
قاطعه أسعد متسائلا:
-مش فاهم حضرتك يابابا تقصد ايه... هو إحنا مش متماسكين
رمقه الجد توفيق
- لا فيه الأقوى يابني
- النهاردة ناوي أجوز الولاد لبنات عمهم
تناول راكان شريحة توست وبدأ يلوكها بهدوء حتى يخرج غضبه ثم إلتوى فمه بإبتسامة سخرية
كان الجد يراقب حركات وجهه مما جعله يستشيط غيظا
زفر الجد بحنق وأكمل حديثه:
- يونس هيكتب على سارة بنت خالد... اتجهت نظرات يونس سريعا لسيلين التي تتلاعب بصحنها دون مسه... في حين أكمل الجد حديثه:
وراكان هيكتب على سلمى بنت جلال
وسليم هيكتب على يارا بنت عمته
صمت الجميع لبرهة فيهما من أعجبه هذا القرار كثيرا وفيهما من استشاط داخله
طيب وسيلين ياعمي نسيت سيلين
رمقها بنظرة تحذيرية وأردف بغلاظة
- هنشوفلها واحد من برة العيلة دي مالهاش حد من عمرها
اشفق راكان كثيرا على والدته واخته فتحدث قائلا:
زي بالضبط كدا ياماما مفيش حد على أدي من العيلة...
- ايه اللي بتقوله دا ياولد... كلامي هيتنفذ كله
قهقه راكان مما جعل حالة من التوتر تصيب والدته.. أرجع بجسده يتكأ على مقعده ورفع بصره لجده وتحدث:
- وحضرتك نسيت تسمي العيال إيه ياتوفيق باشا
وضع إبهامه على ذقنه مصطنعا التفكير
- أيوة.. أنا لو جبت ولد هسميه توفيق البنداري.. مط شفتيه وتحدث:
ماهو لازم نخلد ذكرى كبير العيلة مش كدا ولا إيه يايونس.. ابتسم بسخرية وأكمل يوزع نظراته على الجميع
- شوف ياتوفيق باشا.. بص حواليك كدا.. شوف الدكتور يونس بقى إزاي من قراراتك التحكمية بتعتك.. ثم اتجه لسليم
ولا الباشمهندس سليم اللي كل حاجة لازم جدو يعرف ياراكان.. هو برضو كبير العيلة
أوف توفيق باشا نستني اهم شخص انفلاتي بالعيلة.. أمال برأسه لمرات عمه ونظر بخبث:
- الكونتيسة سارة البنداري.. رفع يديه لأبنة عمه الآخرى
آوه برنسس فرح.. آسف سموك، اصلكم كتير الصراحة مش عارف أبدأ من يونس ولا عدي ولا سليم.... توقف ونظر لسيلين
وأومأ بنظرة حنون إليها وأردف قائلا:
-والله كان نفسي أحقق لك أمنيتك دي ياجدي العزيز بس للأسف ماليش نفس للجواز أو ممكن تقول كدا.. جربت حظي مرة ومش هتتكرر تاني والبركة فيك... قالها ثم وقف مغادرا بخطوات نارية.. كالنيران التي أشعلها جده بجسده...
بينما يونس نظر لصحنه ووجع قلبه الدامي لا يعلم كيف الجراح به... على الجانب الاخر نظر سليم لفرح ثم رفع نظره لجده
- انا آسف ياجدي مش هقدر إحقق طلبك انا كمان.. فرح أخت ليا ومستحيل اشوفها غير كدا
رمقته والدته بنظرات التعاطف عله تجديه على عدم التحدث حاليا
❈-❈-❈
كانت سيلين تجلس ودموعها تنذرف على وجنتيها عندما استمعت لحديث جدها القاسي..
رمقها يونس بنظراته الحزينة.... نزلت دموعها على صدره كقطع زجاج تقطع جلده لطبقات متألمة
وقفت متجه للأعلى.. غادر المائدة خلفها بعدما وجد الاحاديث الجانبية بعد خروج راكان
-سيلين أردف بها بصوتا هادئ:
أطرقت رأسها للأسفل تقاوم رغبة قوية بالبكاء... لماذا تصفعها الحياة بهذه القسوة
سحبها من يديها متجها إلى الخارج في غفلة من الجميع سوى فريال والدته التي همست لزينب
- لمي بنت الايه دي بعيد عن ابني بدل ماتنطردي يازوزو... قالتها بشماتة
❈-❈-❈
في جامعة القاهرة بكلية الهندسة
تجلس تتابع شرح دكتور المادة بكل تركيز... فهي من الطالبات المتفوقة ودائما من أوائل دفعتها
كان يناظرها من حين لأخر... برائتها وجمالها الهادي يخطف السلام النفسي لروحه
رفعت نظرها عن دفترها التي تدون به بعض المعلومات المهمة... وجدته يصوب نظراته اتجاهها وحدها... لكمتها صديقتها
أروى..
- الدكتور نور ماله مش منزل عيونه من عليك ياجميل.. اتجهت بنظرها إليها:
- ايه اللي بتقوليه دا ياأروى... إنتِ عارفة أنا مش بتاعة الحاجات دي
قاطعهم زميل لهما
- درة ممكن اشوف كشكولك فيه حاجة معرفتش ادوّنها
ناولته دفترها بكل هدوء،.. الا أن ذاك الغاضب الذي كان يتابعها بعيناه الصقرية
ممكن المهندسين اللي ورا يركزوا معايا
نفخت وجنتيها بغضب من صديقتها
- جبتينا الكلام ياحضرة المهندسة... بعد فترة من إنتهاء المحاضرة اثناء خروجها اوقفها صوته
- باشمهندسة درة... استدارت له وتسائلت:
- فيه حاجة يادكتور؟
أومأ لها برأسه... اتجهت له ووقفت بمقابلته
- فيه حاجة يادكتور ولا إيه
رمقها بنظرة إعجاب ثم تحدث
- لو فيه حاجة مش فاهمها ممكن اشرحهالك
شكرته متعجبة من امره
- شكرا لحضرتك.. كله تمام بعد اذنك... تحركت مغادرة... ظلت نظراته متشابكة بها إلى أن اختفت من أمامه
بمكانا آخر
يجلس بمكتبه يراجع قضيته قاطعته مديرة مكتبه
- فيه واحد برة عايز يقابل حضرتك.. بيقول عنده قضية
رفع نظره من على الاوراق
- خلي "سماح" تشوف قضيته إيه أنا خارج دلوقتي عندي ميعاد ضروري.. وميت مرة اقولك يانرمين مدخليش حد بدون ميعاد
والله يااستاذ حمزة حاولت بس هو مُصر
نفخ بضيق ثم جلس مرة آخرى:
- دخليه وقوليله عشر دقايق بس
أومات برأسها وتحركت للخارج
- بعد قليل دخل المدعو راجح
إزي حضرك يااستاذ حمزة... سمعت عنك كتير.. وعرفت أد إيه إنك محامي شاطر
عندي قضية عايزك تترافع فيها
أشار حمزة بيديه وتحدث بلباقة عمله
- والله ياأستاذ انا مشغول جدا.. ممكن تشوف حد تاني
طالعه الرجل بنظرات توسيلية
- لو سمحت أنا عرفت عنك إنك شاطر في القواضي اللي زي دي.. وخصوصا ان المنافس راجل متجبر ومبيعرفش الرحمة
أشار بيديه وتحدث... سامعاك ياحج راجح
- جلس يستمع له باهتمام
بدأ الرجل يحدثه بحثثيات القضية فأردف قائلا:
- فيه عيلة اخدوا مني قطعة ارض غصب... وعايز ارجعها
خرجت الكلمات من فمه غاضبا... وأكمل
أنا معايا اللي يثبت ان الأرض ملكي
عايز ترفع القضية على مين سؤال أردف بها حمزة
- جلال البنداري
حجظت عين حمزة فكانت الصدمه تجتاحه.. ظل يستمع له باهتمام إلى أن انتهى
- تمام سبني أشوف أوراق القضية وابلغك رأيي
بعد قليل في إحدي المحاكم دخل بقامته المهيبة
حضرة المستشار راكان موجود
أومأ العامل بالأيجاب... فاردف إليه:
قوله حمزة الغمري
دخل المسؤل عن مكتب راكان
- فيه واحد بره اسمه حمزة الغمري عايز يقابلك ياباشا
- دخله حالا... بعد لحظات دخل حمزة بإبتسامته
- حضرة وكيل النيابة اللي محدش بقى يشوفه
ضمه راكان بمحبة:
- وحشني ياحمزة... إيه يابني مختفي ليه
رفع حاجبه بسخرية
- أنا برضو اللي مختفي... ليه نوح ويونس مش بوصولك أخباري ولا إيه
قطب جبينه وتسائل:
- نوح مشفتوش بقالي اسبوع... أما الدكتور الفاشل دا مبعرفش اتلايم عليه من كتر مصايبه
قهقه حمزة وأردف بشقاوته المحبوبة لقلب راكان:
- لسة زي ماأنت... يونس بصاوريخه وانت بغضبك وعصبيتك..... وبعدين مش عليا ياراكي.. أخبارك عندي يابتاع شط بحر الهوى والستات الحلويات.. أنا بسمع إنهم ناوين يلموك
قوس راكان فمه
- ايوة جينا بقى للنق يانص متر..أنا باخد توفيق باشا على أد عقله..بدل مانقلب على بعض... المهم سيبك من توفيق البنداري وتخطيطاته.. وتعالى عايزك في موضوع ومفيش غيرك..
- ليه يونس راح فين؟
يونس دا هاخده أرميه في البحر للحوت ياكله.. فيه بنت واكلة عقله والمشكلة إنها متجوزة.. ودماغه طايرة على الستات
مط حمزة شفتيه لا إلا المتجوزين مش سكتنا
لكزه راكان: ماتتلم إنت كمان ياحلوف.. هلاقيها منك ولا جيمس بوند
رفع حمزة حاجبه وتحدث مدافعا عن يونس:
- والله يونس أحسن منك على الأقل بعرف ألمه.. منكرش مغامرته تدوخ بس يستاهل والله بيجيب ستات صاروخ أرض جو
دفعه راكان بقلمه
- ماتتلم ياحمار.. شايفنا قاعدين في ديسكو.. دي محكمة ولازم تحترم نفسك.. اصل ورب الكعبة اخليهم ياخدوك تحرش
قهقه حمزة عليه
- إهدى ياحضرة النايب اللي يسمعك يقول مقطع حُصر الجامع... دا إحنا طبيخينه سوا
رفع حاجبه بسخرية وأكمل
- فينك يايونس والله إنت اللي في عيلة البنداري
أغتاظ من أسلوبه المغلف المدافع عن ابن عمه ولكن سرعان ماتحول لقهقه عندما تذكر بعض مناوشات مع يونس
سيبك من يونس ومغامرته:
- أخبارك ايه وإيه اللي رماك عليا النهارده
أجابه حمزة:
- ياسيدي أنا كان عندي مرافعة في المحكمة دي وعرفت حضرتك موجود هنا... فقولت أسلم، وكمان فيه موضوع يخص عمك جلال
❈-❈-❈
####################
في فيلا خالد البنداري
- جلست تتأكل من الغيظ.. شوفتي ياماما
يونس عمل إيه... سابني وطلع يجري ورا السنيورة
ناظرتها عايدة بهدوء وهي تقلم اظافرها ثم نفختهم بضيق:
- اهدي ياحبيبتي... مش مهم بيعمل إيه المهم أنه هيرجع لمين ويتجوزها
اتجهت فرح إلى والدتها
- ماما إزاي سكتي أن سليم يتجوز يارا... حتة البت المفعوصة دي عايزة تاخد مني حب عمري
وقفت عايدة متجة للنافذة وهي تتحدث بحقد:
- كل حاجه معمول حسابها متخافوش... وسليم هيكتب عليكي يافرح... ثم اتجهت بنظرها لسارة.
- اوعي تقلي بنفسك قدام يونس فهمتي ياسارة... خليكي ملكة قدامه.. علشان يعرف مين بنت الحسب والنسب من بنت الشوارع
جحظت أعين ابنتها واردفت متسائلة:
- قصدك مين ياماما بكلامك دا
ضحكت بسخرية وهي تجلس تضع ساقا فوق الاخرى
- سيلين هانم ماهي مش بنت اسعد وزينب زي ماهم ماقرطسينا كدا.... دي بنت لاقينها في الشارع وكانوا مخبين على جدكو وعلينا... بس احنا عرفنا وأخيراً جت زينب تحت ضرسي...
قاطعتها فرح وتسائلت
- علشان كدا جدو رفض يجوزها من العيلة... طيب ماكدا عارف
تهكمت عايدة وأجابتها
- لا عشان سيلين نقطة ضعف راكان فهو عايز يضغط على راكان بسلين.. واللي عرفته ان راكان خيره بين جوازه وبين أنه يبعد عن سيلين.. ولحد دلوقتي هو بحافظ على سيلين على إنها بنت أبنه
هزت فرح رأسها بنفي وتحدثت
- لا ياماما... فيه حاجه غلط... جدو عارف بدليل قالها احمدي ربك إن خلفتك ولاد.. أنا إزاي ماأخدتش بالي
قطبت عايدة حاجبها وتسائلت
- قصدك إيه!!!
يتبع...