-->

رواية جديدة عازف بنيران قلبي لسيلا وليد - الفصل 4

 


قراءة رواية جديدة بقلم سيلا وليد

تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية



رواية عازف بنيران قلبي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سيلا وليد


الفصل الرابع



كان وداعه باردًا.. وكأني لم أكن له شيئًا." 

أقاوم الوقت من دونه ، بشكل يهلك قلبي 

ماذا لو تجاوزنا المنطق وتخطينا حدود الواقع..

فكتبت له كيف حالك ـــــ؟!

فأجابني  بعفوية   " لست بخير من دونكِ 



أعلم جيداً أنڪِ ستشتاقي لي

يوماً ما .. 

  و ستجدي ڪل مايذڪركِ بي 

و لڪنكِ ....

   للأسف "لن تجديني" و قد لا أڪون موجودا


❈-❈-❈


خرج من المصعد متجها لمكتبه ولكنه توقف عندما استمع لتهشيم شيئا ما... تخطى بعض الخطوات إلى أن وصل لدى باب مكتبها وقف ولكنه أصيب بصدمة مما وجدها في حالة ترثى لها 

خطى لداخل وهو يطالعها بعيونا جاحظة مما تفعله.. رأته رفعت كفيها أمامه 

- حضرتك دا مش مكتبك.. ولا شغلي مع حضرتك.. فياريت ماتتعداش حدودك معايا بعد كدا 

توقف مجرى الدم بعروقه.. حاول السيطرة على نفسه حتى لا يثور بغضبه عليها .. فتجولت أنظاره في الغرفة بتأني يحاول 

سحب شهيقا ويطرد زفيره بهدوء ولكن 

دنت منه بخطوة ورفعت رأسها بشموخ وتحدثت: 

- لو أعرف إننا هنتقابل هنا تاني صدقني كنت رفضت الوظيفة حتى لو دفعتولي مال قارون.. ودلوقتي عندي شغل 

لقد نجحت في إخراج وحوشه الكامنة واضرام نار غضبه فرمقها بنظرة متهكمة

- اهدي ياماما.. اعصابك شوية... نسيتي نفسك ولا إيه.. إنتِ هنا في شركتي.. يعني في ملكي.. ادخل أي مكان وقت مااحب مش هستنى من واحدة ذيك تقولي ادخل فين وامتى.  

دنى ومازال يطالعها بنظرات مشمئزه 

- إنتِ مين علشان أقرب منك.. إيه، قالها بصوتا مرتفع حتى اهتز جسدها.. أشار عليها بسخرية مردفا: 

- حبيت أعمل معاكِ راجل بس شكلك متستهليش.. قالها ثم تحرك غادرا وهو يصفع باب المكتب بقوة 

تجمدت بأرضها وقد شعرت للحظة برغبتها في التلاشي فلم تعد تتحمل كلامه.. وضعت يديها موضع نبضها وهمست لقلبها.وتعاتبه

- بطل بقى.. ملقتش غير دا تدقله.. أنا بكره.. انسدلت دموعها خارطة وجنتيها 

- مش قادرة اكرهك ياراكان مش قادرة 


عند درة 

خرجت من قاعة المحاضرات.. وتحركت متجه لخارج المبنى.. توقفت حينما وجدت دكتورها يقف أمامها 

- باشمهندسة درة ممكن كلمتين على إنفراد.. اتجهت بأنظارها لصديقتها ثم اتجهت إليه 

- حضرتك ممكن تتكلم هو فيه موضوع خارج الدراسة.. هز رأسه بالموافقة 

ربتت أروى على كتفها وتحدثت 

- هستناكِ قدام شوية يادرة.. خلصي وألحقيني... أومأت رأسها بالموافقة 

وقفت عاقدة ذراعيها أمام صدرها 

- إتفضل حضرتك سمعاك 

طالت نظراته عليها لبعض اللحظات ثم حمحم  لكي يخرج صوته ثم تحدث

- كنت عايز رقم والدك.. عايز ازوركم أنا ووالدتي وأختي.. الوقت اللي يناسبكم 

أنزلت ذراعيها بصدمة.. والقت نظرة خاطفة على ملامحه كي تستشف بما يقصده 

إبتسم عليها وأردف: 

- الصراحه أنا معجب بيكِ وعايز أزوركم علشان أطلب ايدك 

توردت وجنتيها خجلا...فأنزلت ببصرها للأرض وهي تفرك يديها..لقد صدمها بحديثه..حاولت أن تتحدث ولكنها أصبحت كالعاجزة..ظلت للحظات صامتة إلى أن قاطعها 

- درة مبترديش ليه ممكن أزوركم ولا لا 

هزت رأسهاولم تقو على الحديث 

- مش عارفه..أنا هقول لبابا الأول..قالتها ثم تحركت سريعا..وهي تتخبط بخطواتها 

وصلت لأروى التى تناظرها بإبتسامة 

- إيه نقول مبروك...لكزتها درة وهي تسحبها عندما وجدته متجها لسيارته خلفهم..

- امشي ياكلب البحر..أنا مش قادرة اقف على رجلي أصلا..رفعت أروى حاجبها بسخرية

- ليه ياختي لتكوني عشقاه يابت من ورايا..بس بصراحة هو دكتور مز ويتحب 

لكزتها مرة أخرى ودفعتها بداخل سيارة الأجرة

- اركبي يامصيبة حياتي..هو مين دا اللي مز ياختي..بتجيبي الألفاظ السوقية دي منين 

عند سيلين 

خرجت من فيلتهم متجه لچراج سيارتها..توقفت سارة أمامها..واقتربت تطالعها بإستهزاء 

- إنما الجميلة متأخرة على الجامعة ولا إنتِ مش وراكي جامعة وخارجة تعملي فسحة..قالتها وهي تدور حول سيلين 

رفعت بصرها وإبتسمت بحبور 

- والله ياسارة لو فاضية كنت عملت معاكي البحث العائلي بتاع العيلة دا..وياترى بتعمليه معايا أنا بس ولا إيه 

اقتربت سارة وهي تناظرها بغضب جحيمي وجذبتها من خصلاتها..ولكن قاطعهما وصول يونس 

- إبعدي ايدك عنها ياسارة اتجننتي. ايه الهمجية دي 

اسرعت سارة تتصنع البكاء أمامه 

- ماهو لو عرفت قالت إيه يايونس مكنتش زعقت كدا   

مد يونس كفيه لسيلين التي تطالعه وتنتظر جوابه 

- تعالي هاخدك في طريقي ووقت ماتخلصي أرجعك معايا مش إنتِ عندك سكشن بس الساعة تلاتة.. ابتسمت بعيونها وهي تهز رأسها بالموافقة.. كانت السعادة تحاوطها بسبب إهتمامه بتفاصيلها 

تشابك كفيهما ببعضهما أمام سارة التي نظرت إليها بعيونا تطلق شرزا.. تود أن تصفعها بقوة.. كورت قبضتها بغضب 

فتح باب السيارة وهمس لها 

- ودلوقتي أنا أسعد واحد علشان اميرتي الصغيرة هوصلها الجامعة 

استقلت السيارة بجواره... تحرك بالسيارة أمام سارة التي وقفت تتآكل من الغيظ 

بسط كفيه واحتوى كفيها ثم رفعه وطبع قبلة بداخله... مما أصابها برعشة مرت بسائر جسدها.. وبحركة آذابتها ودغدغت مشاعرها دنى هامسا إليها. 

- نفسي أقول للدنيا كلها... أنا أسعد راجل في الدنيا النهاردة وأخيرا عرفت انفرد بحبيبتي... قالها وهو يجذبها ويضمها لأحضانه.. ثم قبّل رأسها 

-  اكيد إنتِ عارفة أنا بحبك قد إيه.. قالها وهو يجمع خصلاتها على كتفها.. حتى لفحت أنفاسه وجنتيها 

شردت بملامحه التي تعشقها منذ نعومة أظافرها.. رمقها بنظرة خاطفة ثم غمز بطرف عينيه 

- حلو مش كدا.. اعتدلت تستند على المقعد وتحدثت بهدوء رغم ضجيج قلبها 

- يونس هتعمل أيه في قرار جدو.. تجاهل سؤالها ومازال يقود السيارة.. بسط كفيه وقام بتشغيل الكاسيت الخاص بالسيارة 

- شوفي الأغنية اللي الكل ماشي بيغنيها دلوقتي.. ارفع صوتها "سطلانة" حتى يشتت تركيزها بإجابته 

التفت بأنظارها للخارج تنظر من النافذة.. وعرفت من جهله لأجابتها.. زفر بحزن عندما وجدها بتلك الحالة 

جذبها مرة أخرى لتستقر بأحضانه.. وظل يمسد على خصلاتها 

- سيلي حبيبي مش عايزك تخافي من قرارت جدو.. أنا هحل الموضوع.. 

كادت أن ترفع رأسها من على كتفه ولكنه رفض 

- سيلين اكيد إنتِ حاسة وعارفة أنا بحبك قد إيه.. فياريت حبيبي تصبري شوية وأنا هظبط الدنيا 

خللت أصابع كفيه بأصابعها وتحدثت ومازالت تستند برأسها على كتفه 

- يونس وأكيد إنت عارف أن علاقتنا بقالها قد إيه.. وكمان مضايقة من نفسي علشان اخواتي عندهم ثقة فيا متخلنيش أندم إني حبيتك لو سمحت 

اعدل وضعيتها وأداد وجهها إليه

- أنا هتكلم مع راكان في أقرب وقت.. كنت هقوله لكن جدي جه هد كل مخطوطاتي 

هزت رأسها بتفهم ورفعت بصرها إليه

- أنا معرفش جدو بيعمل كدا ليه.. ومعرفش مابيحبنيش ليه 

مسد على خصلاتها بكفيه ونظر لعيناها 

- صدقيني معرفش.. ولو اعرف كنت قولتلك.. أنا بحاول أبعد نظره عن علاقتنا علشان ماينفش دماغه ويعمل حاجة فيا زي ماعملها في راكان 

رفع ذقنها وهو يوزع نظراته بينها وبين الطريق 

- سيلو عايزك تتأكدي أنك الوحيدة اللي هزت قلبي.. وابعدي عن سارة خالص 

تحولت ملامحها الهادئة إلى أخرى ثائرة فدفعت كفيه بعيدا 

- إنسى يابن عمي.. خليها تقرب مني وشوف هعمل فيها إيه.. ثارت زعابيب غضبها.. فأمسك كفيها يقبلها 

- سيلي اهدي حبيبي.. انا بحاول الاقي مخرج مش أكتر 

بلعت غصة بجوفها منعتها من التنفس فأردفت بنبرة مبطنة بالبكاء 

- يونس أنا بحاول أضغط على نفسي قدامها وهي كل شوية تقولي يونس بيكلمني وبيجبلي و.. وو 

وضعت كفيها على وجهها وانخرطت بالبكاء 

- صعب أتحمل واحدة عمال تتغزل في حبيبي.. كتير اوي على قلبي بجد حرام اللي بيحصلي دا 

توقف بالسيارة على جانب الطريق.. عندما وجد إنهيارها.. دمى قلبه لحالتها.. جذبها بقوة لأحضانه كأنها ستتركه وترحل وبدا ينطق بصوتا ممزوج بمشاعره

- سيلي حبيبي.. عارف إنك في موقف صعب.. لكن صدقيني الفترة دي مش هطول... أخرجها من أحضانها وحضن وجهها بين كفيه

- أنا مقدرش أبعد عنك.. إنتِ عارفة إنتِ إيه بالنسبالي.. أنا بحبك بجنون 

امسك كفيها ووضعها موضع نبض قلبه 

- دا ملكك إنتِ وبس.. مستحيل ينبض لحد غير سيلين.... ابتسم لها ومسح عبراتها التي كوت قلبه وأردف

- حب عشر سنين.. تخيلي كدا ممكن أن أتخلى عن حب مكنون في قلبي من عشر سنين.. إنتِ كنتي بذرة ودلوقتي شجرة اتفرعتي جوايا 

حاوطها بنظراته المحبة لقلبها.. عايز اشوف ابتسامة حبيبي 

ابتمست حتى لمعت عيناها... وضع جبينه فوق جبينها وهمس 

- بموت فيكِ ياطفلة يونس وعشق قلبه 

في مزرعة يحيى الكومي 

تجلس بين الزروع وتأخذ بعض الشتلات النباتية لفحصها.. كان يتماطى جواده.. رآها وهو عائدا من جولة صباحية.. اتجه لحظيرة الخيول.. واضعا جواده بمكانه ثم إتجه إليها... وصل إليها ولكنه دون إنتباها 

ظل يتطلع عليها بنظراته الحزينة على حب طفولته وصباه ولكن كان للقدر رأي آخر 

أمسكت زهرة من بعض الزهور التي تحاوطها ثم استنشقت عبيرها وهي تغلق عيناها بإستمتاع لرائحتها العبقة 

- ياريتني مكانها.. هزة اصابت جسدها واتجهت بنظرها مدهوشة من وجوده بل لما سمعته ملجمة اللسان تستطيع النطق او النظر إليه.. ولكنها ابعدت بنظرها عن مجرى نظراته. 

خطى بخطوات متمهلة عكس دقات قلبها التي ارتفعت بصدرها.. حتى وصل ولم يفصل بينهما سوى خطوة واحدة 

- مبترديش عليا ليه؟!  قالها نوح وهو يطالعها بإشتياق 

استدارت تواليه ظهرها وعبرة غائرة على وجنتيها مسحتها سريعا ثم أردفت متسائلة

- مش فاهمة قصدك يادكتور.. خطى حتى وصل بمقابلتها ونظر لمقلتيها 

- عايز اعرف ايه اللي حصل يوم الحفلة يا اسما من يوميها وإنتِ متغيرة 

قالها متصلب أنظاره عليها.. اما هي فكأن كلماتها هوت فوق رأسها كالماء الساخن وشعرت وكأن الأرض تموج من تحت قدميها ورغم ماشعرت به 

فركت كفيها وهي تتهرب بنظراتها بجميع الاتجاهات ثم اردفت بصوتًا مهزوز بعض الشئ 

- معرفش تقصد ايه... 

ضحك ضحكة مستهزئة واتجه إليها يرمقها 

- بجد!!  متعرفيش قصدي... أسبلت جفنيها تحاول الثبات امامه.. ساد صمتها مما جعله يأخذ نفسا عميقا حتى استمعت إليه 

- تمام ياباشمهندسة.. مترجعيش تعيطي بعد كدا.. قالها ثم تحرك للخارج 

في مكتب راكان 

دلف للمكتب وهو يكور قبضته بقوة.. ثم ضربها بقوة بجدار الغرفة حتى يخرج غضبه الذي اشعلته تلك المرأة.. أحرقته بكبريائها وشموخها.. بدا وقلبه يضخ نيران وليس دما.. ثار وثار إلى أن فقد توازنه 

اتجه لمكتبه وكلما تذكر حديثه.. تزداد نيران صدره إشتعالا بثورانها.. طاحت يمينه بكل ماقابله على المكتب.. وهو يمسح على وجهه بغضب 

قام بفتح زر قميصه الأبيض بعدما خلع جاكيت بدلته.. وبدأ يزرع المكان ذهابا وإيابا كالأسد الجائع.  يود لو يصفعها بقوة على فمها حتى يخرصها.. 

لحظات بل دقائق وهو يحاول ضبط أعصابه كي لا يخرج إليها مرة أخرج.. جلس مطبقا على جفنيه بقوة.. لحظة اثنين وكلماتها نخرت قلبه بشدة.. بل كانت كزجاج تشحذ طبقات صدره 

- ليه ياليلى.. بعد دا كله وجاية تدبحيني بكلماتك.. أغمض عيناه محاولا سحب نفسا لرئتيه عندما شعر بإختناقه 

- عملت دا كله وفي الآخر اتمنيتِ إنك مش تشوفيني.. قاطعه طرقات على باب المكتب 

دلفت السكرتيرة 

-الأستاذ حمزة برة.. أومأ برأسه دون حديث.. دلف حمزة غامز بعينيه ولم يلاحظ حالته فتحدث 

- مصدقتش لما عرفت العصفور وقع في القفص.. مسح على وجهه بغضب وهز رأسه ثم أخرج تبغه وقام بإشعال بطريقة حارقة مثل قلبه الذي يحترق كسيجاره 

جلس حمزة وطالعه بتقييم 

- راكان مالك فيه حاجة؟!..دا انا قولت أباركلك  على خطتك ياعم لما عرفت إن ليلى اشتغلت عندكم 

زفر دخانه بقوة حتى اختفى وجهه خلف غباره واردف

- حمزة بلاش نتكلم في الموضوع دا دلوقتي.. لو سمحت.. وزي مااتفقنا نوح مايعرفش حاجة.. مش هأكد عليك 

توقف حمزة متجها إليه ثم جلس امامه على المكتب 

- تمام نوح مش هيعرف ولا حتى يونس.. بس احكيلي مالك ومن زمان مشفتش حالتك كدا 

هز رأسه ومازال يدخن بشراسه.. حتى انقطع تنفسه من كثرة استنشاقه.. دقائق وحمزة يتابعه ولم يتحدث لأنه يعلم حالته وقت غضبه 

اتجه للنافذة حتى يستنشق بعض الهواء النقي هروبا من غبار تبغه الذي ملأ الغرفة 

عقد حمزة ذراعيه امام صدره ومازالت نظراته عليه.. عاد راكان يقف بمقابلته 

مربتا على كتفه 

- أنا كويس.. شوية مشاكل بس وهتتحل إن شاءالله 

- ليلى السبب؟ قالها حمزة بتحفز 

شعور مقيت يجعل دقاته تتقاذف بين ضلوعه في نيران تحرق قلبه من مجرد ذكرها 


أخذ نفسا طويلا من تبغه مرة أخرى وقال بعدم إهتمام 

- إنسى الموضوع دا كله.. ولا كننا اتكلمنا فيه 

رفع حاجبه متسائلا

- أي اللي حصل يابني.. مش دي اللي فضلت تخطط وتخلي الشركات كلها ترفضها.. لحد ماخليت نوح يكلمها عن شركتكم.. ودا كله ليه.. إنت مش عايز تعقل ياراكان.. 

تحرك وبدا ينظر إليه بغضب 

- كان عندي امل فيها وقولت يمكن دي اللي تفوقك ياصاحبي لكن طلعت غلطان 

نفث دخان تبغه ومازال جالسا بمكانه فتحدث بهدوء 

- بتكرهني قد كرهك لداليا ياحمزة..جحظت اعين حمزة وهو يهز رأسه بصدمة فأردف

- مستحيل..اللي بتقوله مستحيل..قاطعهم سليم عندما دلف بإبتسامته 

- انتوا قاعدين هنا وأنا قاعد باكل في الورق لوحدي..قهقه حمزة وهو يرمق راكان الذي خيم الحزن بعينيه 

- كنت هعدي اسلم عليكوأخد شوية ورق أتسلى فيهم في العربية لما اجوع 

ضحك سليم بصخب وهو ينظر لراكان 

- شوفت صاحبك..شكل يونس عداه..تركهم راكان وتحرك للخارج ولكنه توقف 

- سليم شوف نورسين عملت ايه..وجهز نفسك لمؤتمر الغردقة علشان انا مش هسافر..عندي قضية في مرسى مطروح..ومينفعش حد غيري،..شوف حد من المهندسين المطبقين للمشروع واجهزوا قالها ثم تحرك للخارج  

بعد أكتر من ساعتين في العمل 

اعطى السكرتيرة بعض الأوراق 

- ابعتي دول لسليم.. وابعتيلي المهندسة ليلى وآسر 

اخذته السكرتيرة وأجابته بطاعة

- تمام يافندم.. ثم تحركت دون حديث.. رجعت المهندسة وتحدثت

- الباشمهندسة ليلى مشغولة بمشروع الغردقة حاليا.. هب فزعا واتجه إليها بغضب من طريقتها التي هيجت اعصابه لدرجة جعلته يفكر بصفعها.. احتقن وجهه من الغضب مايكفي 

❈-❈-❈ 


بمكتب ليلى 

وقفت تحتسي مشروبا دافئ ليقيها برد الشتاء القارص... دلف إليها وألقى مابيديه 

- خدي التصميم دا راجعي عليه كله أخطاء... ياريت تركزي في شغلك بدل ماإنتِ عمال تضحكي مع دا ودا...

لم تحيد ببصرها عنه كانت تستمع إليه بملامح جامدة.. صاح بغضب عندما وجد برود نظراتها 

رفع سبابته إليها وأردف غاضبا 

- أنا بحذرك التكاسل بشغلك... وشغلك تحت إشرافي بعد كدا... ماهو مش بدفع الرواتب دي كلها علشان تيجوا تهزروا مع بعض...  وخرج كمطارد من عدوه 

وقفت مصدومة من حديثه... محاولة إستيعاب ثلجية كلامته التي ألقاها عليها وبريق عيناه التي تحدقها شرزا... جلست على مقعدها... هي تعلم إنها أخطأت بحقه ولكنه رد أهانتها اضعاف 

حاولت أن تتنفس بهدوء علها تملأ رئتيها بالأكسجين الذي شعرت أنه انسحب بالكامل من حولها 

- ليه بتأذيني بطريقتك دي... إنت مفكر نفسك مين... ملعون ابو الوظيفة اللي هتهين كرامتي دي... وقفت محاولة استجماع شتات نفسها وتحركت متجه لغرفة سليم بعد مااخذت ورقة وقلم وكتبت إستقالتها للمرة الثانية 

اتجهت للسكرتيرة الخاصة بسليم 

- البشمهندس سليم موجود... اومأت برأسها ب.. تحركت متجهة الى سليم 

دلفت للداخل ثم وضعت استقالتها امامه 

- آسفة مستحيل أكمل الشغل في الظروف دي... وقف سليم واتجه إليه جالسا أمامها وطلب منها الجلوس 

- ممكن تحكيلي إيه اللي حصل 

زفرت باختناق ونيران صدرها مشتعلة من ذلك المتجبر 

- حضرتك سؤال واحد بس... مين المسؤل عن المجمع دا غير المهندسين... إيه علاقة الاستاذ راكان بشغل المهندسين 

جحظت عيناه من حديثها 

- راكان قالها متفاجأ.. 

ماله راكان هو ايه اللي حصل بينكم تاني 

وقفت وتحدثت 

- أنا مش جاية لحضرتك علشان أقولك قال إيه أنا خلاص عايزة استقيل... 

- تمام يابشمهندسة استقالتك مقبولة... قالها راكان وهو يقف مستندا على باب غرفة المكتب ثم أكمل حديثه 

- عندك شرط جزائي ادفعيه ومع الف مليون سلامة 

راكان... صاح بها سليم 

نظر لاخيه بغضب 

- فيه إيه ممكن أعرف احنا فاتحين الشركة ليه إيه... علشان نشتغل ولا نقعد نهزر مع الموظفين ناسين شغلنا... ونعمل شغل كله أخطاء... احنا مش هنيجي على اخر الزمن سمعتنا تنضرب بسبب مهندسة غير مسؤلة 

تحركت متجهة له وعيناها تطلق لهيب لو أخرجته لحرقته بالكامل 

- مسمحلكش كفاية إهانة لحد كدا... أنا مقصرتش في شغلى... وإن كان حضرتك بتتكلم على وقفتي مع الباشمهندس أسر فكان بيعزمني على خطوبة اخته اللي هي اصلا بنت عمي مش واقفة اضحك مع حد. غريب.. لا أخلاقي ولا قيمي تسمحلي أخرج عن المألوف مع أي شخص.. وحضرتك عارف دا كويس 

نفس غضبه بدخان سيجاره وتحدث بغروره 

- مش مسمحولك وقت شغلك تتكلمي مع حد في إطار غير الشغل... لو على الاخلاق ياما فيه بنات ماشية تدعي الأخلاق بستار خلف اعمالهم 

اخرص قالتها بصوت مرتعش 

لقد طعنها بخنجر سام بقلبها... فانسكبت دمعة من طرف عيناها.. 

- آسفة قالتها ثم  خرجت مسرعة ودموعها تتساقط بقوة لأول مرة تشعر بالعجز 

زفر سليم بغضب مختنقا ليتحدث إليه بغضب خيم دخان نبرته 

- ليه كدا ياراكان من إمتى وأنت ظالم... البنت نشيطة وبتعمل شغلها المطلوب بدقة عالية... قالها ثم تحرك خارجا إليها 

جلس راكان وهو يمسح على وجهه بغضب من نفسه يعلم أنه أغضبها وجرحها بحديثه المهين تذكر صباحا عندما دلف الى مكتبه وجدها تقف مع أحد المهندسين وهي تضحك ببراءة كانت كطفلة بريئة بملامح جذابة لكل من ينظر إليها... شعر بدقات عنيفة اتجاهها... خطى عدة خطوات إليها ولكنه تراجع عندما استمع لاحد الموظفين 

- المهندسة ليلى دي جميلة أوي عليها جسم صاروخ ولا ضحكتها يخربيت جمالها فعلا... عقب أخر 

- تعرف نفسي اتكلم معها بس... لا والباشمهندس سليم عمل حصار عليها ياعم ومكتب خاص لوحدها وجنبه وتحت إشرافه بعد ماكنت تحت اشراف المهندس اسر.... ضحك الاخر 

- ماله حق آسر عينه هتطلع عليها... إنت مش واخد بالك من الكيميا اللي بينهم...لا وبنت عمه هو أولى بيها.. عاد الى مكتبه ونيران صدره تكاد تحرق قلبه 

أفاق من شروده عندما دلفت نورسين 

- حبيبي فينك روحت مكتبك بس مكنتش موجود... وقف متجها للخارج 

- اكيد مش هكون موجود وزي ماحضرتك شوفتي أنا هنا أهو... وصل لمكتبها 

- سليم أنا خارج عندي قضية وقدامي اسبوعين لحد ماأرجع انا كنت جاي ابلغك 

قالها وتحرك دون أن ينظر لها... شعرت بحزن من كلاماته لاتعلم لماذا 

هل لانها لم تراه مرة اخرى لمدة اسبوعين 

أم لأنه خرج دون ان يعتذر منها أو تعتذر منه 

نظرت لخروجه وجدت نورسين تطوق ذراعه متحركة معه للخارج... اغمضت عيناها وهي تسب نفسها كثيرا 

بعد قليل 

كانت تجلس تراجع التصميم الذي أحضره لمراجعته... ووجدت به أخطاءخح... تذكرت حديث سليم منذ قليل 

- ليلى راكان راجل قانوني بيحب يشوف كل حاجه مليون المية... هو ممكن يكون عنده مشكلة في القضية اللي ماسكه وخصوصا انها في مرسى مطروح. صديق عزيز عنده حصل عنده حالة وفاة فلازم يوقف معه ياخد قواضيه اللي مفروض يترافع فيها... ومش هخبي عليكي كل قضية في مكان مختلف 

نظر لها وأكمل حديثه

- ليلى لو سمحتي شوفي التصميم تاني فيه أخطاء فعلا... معرفش ازاي مااخدتيش بالك منه... أنا مع راكان في الشغل... بس طبعا كلامه التاني فأنا آسف بدلا عنه... وأنا بوعدك معدش هيتعرضلك بأي كلمة 

صوت نفس طويل خرج من رئتيها بعدما نظرت للتصميم ووجدت اخطائها

- تمام يابشمهندس... بس سؤال 

هو ازاي عرف اخطاء التصميم دا مع انه مش مهندس 

ضحك عليها سليم 

- راكان عارف كل حاجة... مايغركيش شغله بس هو مش مندمج أوي معانا... صدقيني لو فضل في الشركة حالها هيطور... بس هو مش حابب الشغل دا... بيحب شغله التاني او بمعنى اصح بيهرب بشغله بطموحه 

ضيقت عيناها وتسائلت 

- يعني إيه مش فاهمة؟! 

اقترب واضعا يديه على المكتب ونزل بمستوى جلوسها 

- اكيد هيجي وقت وأحكيلك كل حاجة... نفوق بس من مشروعنا دا اللي هينقلنا نقلة جديدة وبعد كدا هنقعد مع بعض كتير واحكيلك كل حاجة مش عنه بس عن العيلة كلها 

إستغربت حديثه ورغم ذلك تحدثت 

- تمام... هشوف التصميم تاني 


تابع قراءة الفصل