-->

رواية جديدة البريئة والوحش لأميرة عمار - الفصل 21


قراءة رواية البريئة والوحش كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية البريئة والوحش 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أميرة عمار


الفصل الواحد و العشرون



أوصلني حبك إلى أعماق الجنون

إنقلب حبي لك إلى لعنة تحيطني من كل إتجاه 

أخبروني ذات يوم أن من الحب ما قتل 

وها أنا اليوم تخرج أنفاسي الأخيرة 

والسبب هو حبي لك 


❈-❈-❈


نظر مازن للطبيب وقال بخوف:


-هي مالها يا دكتور


رد الدكتور على مازن بعملية مردفاً:


-الواضح ليا إن الأنسة أتعرضت لصدمة عصبية كبيرة عقلها مش قادر يتقبلها فتحولت الصدمة لشعور مضاد تماماً


-يعني إيه المفروض يتعمل دلوقتي يا دكتور معاها 


قالها علي بإستفسار وقلبه يتقطع على إبنته التي وجدها بعد عناء


أخذ الطبيب نفساً عميقاً قبل أن يلقي عليهم 

جملته القاتلة:


-المريضة لازم تتحول لمستشفى الأمراض العقلية


انصعق علي من جملة الطبيب الذي قالها بكل ثبات انفعالي،

وأي مستشفى تلك التي يريد هذا المعتوه أن يلقي إبنته بها بعد أن وجدها أخيراً 


ما الذي حدث أودى بها إلى تلك الحالة؟،كانت سليمة عندما أتت معه للڤيلا 

ماذا حدث بالغرفة جعلها بتلك الحالة التي من الصعب وصفها!!


لاحظ مازن صدمة أبيه فرد بدلاً عنه وهو يقول للطبيب بنبرة حمل معالم القلق :


-بس على حد علمي يا دكتور اللي بيروح المستشفى بيبقى مجنون بالمعنى الحرفي للكلمة،نغم حالتها زيهم كده ولا إيه بالظبط


-هي حالياً زيهم وهي حاسة بده من جوه لأن المريض في الحالات اللي زي دي بيبقى جواه اضطراب رهيب مرة بيضحك مرة بيعيط 

مرة عاوز يقتل نفسه وطبعاً دي بتبقى مصيبة لأن المريض مش بيبقى مدرك إنه بيأذي نفسه


بلل مازن شفتيه بلسانه وقال بتساؤل:


-طب مفيش حل تاني غير المستشفى يا دكتور؟


رد عليه الدكتور بعملية قائلاً:


-في حلول تانية أكيد بس للأسف الخطأ فيها بفورة،الآنسة باين عليها مصدومة من حاجة والخوف إن الموضوع ده يتطور معاها بطرق تانية زي مثلا إنها تأذي نفسها أو تأذي اللي حوليها فالمستشفي الضمان المثالي ليها 


نظر مازن لعلي وجده رافض فكرة دخولها المستشفى وعلى وجه إمارات الحزن واضحة  فرد على الطبيب بحسم محدداً لقراره النهائي:


-طب يا دكتور احنا عاوزين نبدأ في خطوات علاجها في البيت إيه المطلوب مننا 


-هتابع مع دكتورة نفسية وطبعاً المريضة مينفعش تتساب لوحدها أبداً وتحاولوا تخرجوها من صدمتها وتخلطوها بالناس عشان تتناسى 

مع إني شايف إن المستشفى أفضل حل من حبث السرعة والنتيجة 

لو شفائها في المستشفى هياخد شهر مثلاً في البيت هياخد تلاتة 


رد عليه علي قائلاً:


-لاء يا دكتور احنا هنعالجها في البيت إن شاء الله


-تمام زي ما حضرتك تحب،وأنا هكتب لحضرتك اسم دكتورة نفسية شاطرة جداً 


أخذ مازن منه الورقة التي كتب بها إسم الطبيبة وقال بتساؤل:


-طب يا دكتور لو كنا عاوزين نعمل تحليل DNA ليها إيه المطلوب


-في طرق كتير عشان تعمله بس أسهلهم يعني تاخد خصلة من شعرها وتحطها في كيس معقم 

وكذلك شعرة من الوالد أو الوالدة


-تمام يا دكتور شكراً لحضرتك جداً


-ده واجبي يا فندم،وأول ما الآنسة تفوق إن شاء الله تقدروا تخدوها وتخرجوا


خرج الطبيب من الغرفة بعدما قال جملته 


نظر علي لمازن وقال له:


-شوف يا مازن موضوع ال DNA ده قبل ما نخرج من المستشفى


❈-❈-❈


خرج مازن من الغرفة وبيده عينة الشعر الخاصة بنغم وأبيه متوجهاً بها إلى غرفة التحليل


سلم العينة للمتخصص الموجود بالغرفة وأخذ منه ميعاد ظهور النتيجة ومن ثم

سار بالرواق قليلاً وهو يفكر بما حدث اليوم 

عقله لايصدق أن نغم أخته وبرغم الشبه الكبير بينها وبين أمه لكن لم يقتنع بهذا الحديث


كيف يسير القدر بتلك الطريقة وتقع نغم بطريق فارس حتى يعثر عليها علي

والأدهى كيف اقتنعت نغم بكلام علي بتلك السهولة واليسر وأتت معه إلى المنزل 

قصة لا يصدقها عقل بالرغم من تعاطفه الشديد لما حدث مع نغم ولكن يشعر بالنقصان بشئ معين 


بداخله لمحة خاصة بركن بعيد بقلبه أن تلك الفتاة الراقدة على الفراش لا حول لها ولا قوة تكون أخته 

ولكن عقله لا يصدق تلك الصدفة التي عثروا عليها بها فهذا شئ أشبه بالحلم


كيف وقعت نغم بطريق فارس؟،وكيف فارس لم يبحث عن أصلها وفصلها قبل ارتباطه بها 

لم يخيل عليه أنه أحبها وتزوجها بكل ذلك اليسر،يشعر أن الموضوع خلفه سر كبير

وما يدور في ذهنه الآن أن من الممكن أن يكون فارس كان على معرفة بهوية نغم الأصلية وتعمد أن يتزوجها حتى ينتقم منه ومن والده 


لا يستبعد ذلك عن فارس أبداً فهو يعلم أنه مازال يضع الإنتقام منه صوب عيناه


نظر مازن للبعيد وجد زين أتي له وعلى ما يبدو أنه رأه


أردف زين عندما أصبح أمام فارس مباشرةً:


-أبوك خد نغم وراح على فين يا مازن


-زين أنا محتاج أتكلم معاك ضروري 


رد عليه زين بعجلة وهو يقول:


-مش وقت كلام يا مازن... أنا روحت الڤيلا ملقتش فيها حد،فين نغم 


-عاوز نغم في إيه يا زين


-فارس في غيبوبة يا مازن 


ردد مازن خلفه بإستغراب قائلاً:


-غيبوبة!!


أماء له زين بأسى وهو يقول:


-فارس ميقدرش يبعد عن نغم يا مازن ويمكن هي الوحيدة اللي تطلعه من الحالة اللي هو فيها دي ،انا متأكد إنها مهما كانت زعلانة منه ومصدومة فيه عمرها ما هتسيبة في الحالة دي لأنها بتحبه


لا ينكر تلك الغصة التي إنتابته عندما أخبره زين بان فارس بغيبوبة...برغم ما حدث وما سيحدث سيظل يحزن إذا أصابه مكروه 

ما كان بينهم ليس بالقليل،حتى الآن لم يعلم من أين أتى صديقه بكل تلك القسوة التي يعامله بها....مرت السنين ودارت الأيام ومازال يحمل له نفس الكره 

لا يستبعد أبداً أن فارس على معرفة مسبقة بهوية نغم 


رد عليه مازن مخبراً إياه بظنونه التي توصل إليها:


-فارس كان عارف الحقيقة يا مازن صح؟


هز رأسه بنفي قائلاً بإنفعال مزيحاً تلك التهمة عن صديق عمره:


-محصلش يا مازن فارس عمره ما شك حتى في هويتها،فارس بيحب نغم بجد ووقت ما أبوك خرج بيها من القصر جاله جلطة من كتر الضغط والزعل اللي حس بيه...أنا أكتر واحد عارف هو بيحبها إزاي يا مازن فعشان خاطري عندك قولي هي فين عاوز أتكلم معاها 


-نغم اتعرضت لصدمة عصبية كبيرة أثرت على جزء من مخها يا زين


اسود وجه زين وهو يستمع إلى حديث مازن

الذي صدمه قبل أن يقول بتساؤل:


-هي فين ؟


-في المستشفى هنا 


لا يعلم ماذا يقول له فحقاً لا يجد شئ يقوله 

فكيف تَوصل بهم الحب إلى هذه الدرجة

ففارس الذي لم يهاب شئ بحياته كان يهاب 

فقدانه لنغم والآن عندما فقدها لم يتحمل حزنه الشديد وأصابته الجلطة


وهي الأخرى كانت تحبه يعلم،فهي رأت به الحياة التي فقدتها بصغرها...رأت به الأب والأخ والصديق،عهدت إهتمام منه لم تشعر به طوال حياتها وها هي من وراء حبها له راقده هي الأخرى في المستشفى تعاني من أثار الصدمة التي سببها لها



نظر زين لمازن طالباً منه بعيناه قبل أن يقول بفمه:


-وديني عندها يا مازن 


أماء مازن برأسه وسار وزين جواره متجهين نحو غرفة نغم وكل منهم ذهنه مشغول بعدة أشياء 


دخل مازن الغرفة بعدما طرق الباب وجد أبيه يجلس على الفراش بجوار نغم التى على ما يبدو أنها استيقظت 


حمحم قبل أن يدخل الغرفة ومن خلفة زين حتى ينتبه أبيه لهم 


نظر علي للخلف وجد إبنه وزين 


نظر علي لزين بإستغراب وهو يقول بتساؤل:


-إنتَ هنا ليه 


-زين جاي يطمن على نغم يا بابا


نظر علي له بتحذير وهو يقول:


-قول للي باعتك ينساها خالص لأني أول حاجة هعملها هي إني هطلقها منه وهندمه على اللي عمله فيها


رد عليه زين وهو يقول بحزن:


-اللي جايبني في غيبوبة في المستشفى


قال جملته وتقدم من الفراش المسطحة عليه نغم بترقب

تنظر لسقف الغرفة بشرود تام

وكأنها بعالم منفصل تماماً عن عالمهم الموجودين به 


وضع يده على ذراعها لكي ينبهها بتلك الحركة وهو يقول بهدوء:


-نغم 


حولت أنظارها إليه دون حديث،تحاول إستيعادة جزء من قوتها الواهية ولكنها عندما نظرت إليه هبطت دموعها واحدة تلو الأخرى وهي تقول:


-كلكم خاينين،إنتَ كمان ضحكت عليا 


إعتدلت في الفراش ونظرت لعلي وقالت له ببكاء حاد وهي تشير إلى زين:


-هو كمان كذب عليا،كان عارف كل حاجه بس مقليش حاجة


ثم نظرت لزين وقالت له:


-ورانيا،رانيا كانت عارفه هي كمان صح؟


لم تنتظر رده بل قالت بصريخ:


-طب ليه ليه ضحكت عليا هي كمان أنا حبيتها وإعتبرتها أختي والله العظيم اعتبرتها أختي 

عملتوا فيا كده ليه دخلتوني حياة واحد متجوز ومخلف ليه 


جرى علي عليها عندما لاحظ إنهيارها وأخذها بأحضانه يهدء من روعها وصوت نحيبها 


بعدت نغم عنه بعنف وهي تقول بصريخ حاد:


-إبعد عني إنتَ كمان ،إنتَ فاكرني مصدقاك 

كلكم كدابين 


هز رأسه بنفي وهو يقول لها برجاء خفي لتصدقه:


-إنتِ بنتي والله العظيم أنا متأكد إنك بنتي يا نغم،قلبي عمره ما كدب عليا


-لو أنا بنتك بجد خدلي حقي منهم دمرهم كلهم

كلهم استغلوني عشان معنديش حد يقفلهم 


قالتها نغم بغل وقهرة واضحة بصوتها وهي تنظر إلى علي


أماء لها علي باستجابة لمطلبها وهو يقول مجاري لحديثها:


-حاضر يا حبيبتي والله العظيم لأخد حقك من أي حد أذاكي بس عشان خاطري بلاش تعملي في نفسك كده 


نظر زين بإستغراب لحالتها وهو لا يدري ماذا يقول لها فالذي رأه منها جعل الكلمات تتبخر في جوفه 


نظر مازن لزين وجده مازال ينظر لنغم وعلامات الصدمة تحتل وجهه 


حمحم قبل أن يقول له بهدوء:


-زين تعالى نتكلم بره لأنها طول ما هي شيفاك قدامها مش هتبطل صويت 


لم يرد عليه زين بكلمة لدرجة أن مازن شك بأنه قد يكون إستمع إليه من الأساس 


-فارس في غيبوبة يا نغم 


قالها زين بحزن بالغ ذروته علها تعود إلى رشدها بعد جملته التي ألقاها لها 


سكت صوت صراخها لثواني معدودة ومن ثم

بدأت ترتسم ضحكة واسعة على شفتيها وهي تقول:


-شكراً إنك فرحتني 


ثم نظرت لأبيها وقالت بضحكة مرتفعة:


-شوفت ربنا جابلي حقي


نظر لها زين وكأن على رأسها الطير فمن هذه الموجودة أمامه،من كانت صوت عويلها يدب أرجاء المستشفى أصبحت الآن إبتسامتها تملئ وجهها بمجرد سماعها بأن صديقه بالمستشفى

فكيف ذلك؟


نظرت له نغم بعدما داهمتها تلك الخاطرة وقالت بشك:


-اوعى تكون دي كدبة جديدة بتكدبوها عليا


-نغم فوقي من اللي إنتِ فيه وافهمي أنا بقول إيه،فارس في غيبوبة هنا في المستشفى

ولازم تقفي جمبه عشان يقدر يتجاوز الأزمة دي 


قالها زين بصوت عالي مليئ بالحدة حتى يجعلها تدرك فداحة الأمر،فهو منذ أن رأها علم أن حالتها ليست طبيعية بالمرة وبالفعل صدمتها بفارس أثرت على جزء من عقلها كما أخبره مازن، لكنه لم يتخيل أن يصل الموضوع الي هذا الحد..كان يظن أنه عندما يقول لها أن فارس بالمستشفى ستنسى كل ما حدث وتذهب إليه سريعاً حتى تراه ولكن حدث عكس ما توقع تماماً


نزلت دموعها بعدما صاح بها مازن بصوت عالي 

وهي تضع يدها على وجهها،عقلها يعطيها إنذار بالسعادة ولكن قلبها يمهد لها بنغزات مؤلمة بشدة...تشعر بالشعور وعكسه في نفس اللحظة

مما يؤذيها نفسياً،تارة تشعر أنها عادت لعقلها وإتزانها وأخرى تشعر أنها على وشك الجنون


إقترب مازن منها تلك المرة بشفقة وحزن شديد عليها ومد يده بعد تفكير دام لدقائق 

مقرباً رأسها إلى صدره وهو يقول بصوته الهادئ:


-كل حاجة هتكون أحسن


ثم نظر لزين وقال بنفس وتيرة الهدوء:


-لو سمحت يا زين أخرج وكفاية كده عليها 


أماء له زين بشرود وأعطاهم ظهره بدون حديث تاركاً الغرفة بكل هدوء عكس ما يدور بذهنه 

لم يكن يتخيل يوم أن يكون الحب بينهم إلى تلك الدرجة


فارس طوال حياته كان شخصاً صعباً إن أراد شيئاً عزم على الوصول إليه مهما كانت النتائج

لم يستسلم يوم لأي شئ أو ضغط خارجي


لم يتوقع أنه كان سيسمح لنغم بالمغادرة مع علي ولكن فارس هنا دائماً لكسر التوقعات 

ووقف في الأعلى يشاهدهم،يرى تلك التي يعلم أن عشقها يجرى بعروقه تخرح من حياته مع ألد أعدائه،كان مسالم لدرجة لا توصف 


صدمة نغم الكبيرة به ووصولها لتلك الحالة المحزنة للنفس،وتسطح صديق عمره على فراش المستشفى بغيبوبة إن دل على شئ 

فسيدل أن الإثنين كان حبهم صادق 


برغم أنه مازال لا يستوعب أنه يوجد شخص يعشق لتلك الدرجة التي تجعله يصاب بجلطة بسبب بعد حبيبته عنه أو صدمة بحبيبها تجعلها تصاب بالجنون ولكن هذا لا يغير حقيقة العشق السائد بينهم 


❈-❈-❈


بعد مرور شهرين


في إحدى العيادات النفسية


مستلقية على الشيزلونج  وهي تنظر لسقف الغرفة الأبيض دون أن يرف لها جفن 

تستمع إلى سؤال طبيبتها النفسية الذي 

جعل دقات قلبها تتزايد 


-لما عرفتي إنه خرج من المستشفى كان شعورك إيه وقتها  


تمهلت قليلاً في الرد وهي تتذكر ذلك اليوم الذي علمت به أنه وأخيراً تعافى من وعكته الصحية وأصبح بصحة جيدة

أخبرها مازن بذلك في إحدى الأمسيات التي كانوا يخرجوا بها سوياً حتى يرفه عليها ويخرجها من تلك الحالة التي كانت متلبساها


-للأسف فرحت لما عرفت إنه خرج لحد دلوقتي عمري ما أتمناله الأذى 


أعطتها فريدة سؤال أخر جعلها تشعر بإهتزاز قلبها 


-لسه بتحبيه؟


هزت نغم رأسها بالنفي لمرات متتالية وكأنها تخبر نفسها أولاً قبل أن تخبر فريدة أن ما قالته خطأ 


-بطلت أحبه من شهرين وأظن إني نجحت في ده 


-هايل


قالتها فريدة وعلى وجهها إبتسامة هادئة فخورة بتطور حالة نغم فهي مازالت تتذكر أول يوم أتت به نغم للعيادة برفقة أخيها ووالدها

كانت وقتها عندما تأتي بإسم فارس لها تملئ العياده بالصريخ نافرة من إسمه 


أما الآن تتحدث معها بكل أريحية كما لو كان ما حدث بالماضى رمته خلف ظهرها 

بالرغم من معرفتها التامة أن حديث نغم خاطئ فالمحب لا يقدر أن ينسى من أحبه بتلك السرعة...لكنها لم تريد أن تضغط عليها 

فمن مصلحتها الآن أن تقتنع بأنها توقفت عن حبه 


-نفسك في إيه دلوقتي يا نغم 


-نفسي أرجع أمشي في الشارع تاني يا فريدة لوحدي،نفسي أبطل أخاف من الناس وأواجه الدنيا كلها 


-وإيه اللي مانعك 


قالتها فريدة على هيئة سؤال تريد أن تصل به لتفكيرها 


-مش هقدر 


ابتسمت فريدة بهدوء وقالت:


-ومين قالك إنك مش هتقدري؟...لازم نحاول يا نغم ونجرب ووقتها هنعرف إحنا هنقدر ولا لاء


ردت نغم الإبتسامة لها وهي تقول بإمتنان:


-شكراً يا فريدة ليكي ولتعبك معايا،مهما عملت مش هقدر أوفيكي حقك والله


-مفيش شكر بينا يا نغم أظن إن احنا عدينا المرحلة دي ولا إيه؟


إبتسمت نغم وقالت بحب:


-عدناها 


-يلا يا ستي تقدري تخرجي دلوقتي معاد الجلسة خلص وطبعاً مش هفكرك لو احتاجتي تتكلمي من النهارده للأسبوع اللي جاي مع حد رني عليا على طول 


❈-❈-❈


خرجت نغم من الغرفة وأغلقت الباب خلفها وهي تأخذ نفساً عميقاً عادة اتخذتها منذ شهرين تقريباً تفعلها عندما تخرج من غرفة الكشف...بحثت في أوجه الجالسين عن 

أخيها وها هي وجدته أخيراً يتقدم إليها وعلى وجهه إبتسامة هادئة


سألها مازن ليطمئن عليها قائلاً:


-أيه الأخبار النهاردة


إبتسمت له وقالت بسعادة:


-زي الفل 


-طب يلا عشان بابا مستنينا على العشا 


أماءت له نغم برأسها ومسكت بكف يده لتشعر بالدفء والإطمئنان 

خرجوا من العيادة متجهين نحو سيارة مازن المصفوفة بجوار العيادة


صعدت نغم بجوار مازن بهدوء ومن ثم أغلقت الباب خلفها 


وجهت أنظارها لمازن الذي يقود السيارة بتركيز شديد وهي تتأمل وجهه وكل شئ به،لم تصدق أنها تقربت منه بهذا الشكل بتلك المدة القصيرة 


منذ ذلك اليوم الذي رأت به نتيجة التحليل 

وهي مشاعرها تغيرت تماماً ناحية علي ومازن 

وبدأت في التعامل معهم على النحو الطبيعي


ولكن قربها من مازن هو الذي كان غريب للغاية

أصبحت تحب الجلوس معه،تعشق خروجاتهم الليلية التي تعودها إلى صفائها ونقائها 


لاحظ مازن شرودها به فقال وهو ينظر إليها بمزاح:


-أنا حلو للدرجة دي 


إبتسمت نغم على مزحته وقالت بحب:


-زي القمر 


-أوه ده إحنا رايقين النهاردة جدا على غير العادة


-هو كده مش عاجب ولا كده عاجب


قالتها نغم بضجر وهي تنظر للجهة الأخرى 


ضحك مازن بصوت عالي وقال:


-بهزر متبقيش قفوشة كده 


❈-❈-❈


خرج من الجناح الخاص به بطلته الخاطفة للأنفس من يراه الآن لم يأتي بذهنه أبداً أن ذلك الشخص جلس في المستشفى بغيبوبة تامة لمدة شهرين ولم يشفى منها سوى من عدة أيام


هبط درجات السلم بخطوات رزينة يتصف بها 

منذ زمن،ومن ثم توجه إلى غرفة الطعام ساحباً كرسيه الخاص به بعدما ألقى السلام


رد عليه الجميع السلام بابتسامة عريضة شاكرين المولى أنه عاد إليهم مرة أخرى بسلامة 


ذهب مالك سريعاً إليه وجلس على قدمه 

حتى يشبع من إشتياقه لوالده الذي غاب عنه لمدة طويلة


إبتسم فارس له وأخذه بين أحضانه طابعاً قبلة 

حنونة على خصلات شعره


نظر إبراهيم له بإستغراب وهو يقول:


-إنتَ خارج يا فارس؟


أماء له فارس بهدوء وهو يتناول طعامه


ردت لين عليه بإعتراض وهي تقول:


-خارج فين يا فارس إنت مكملتش يومين خارج من المستشفى،لازم ترتاح شوية 


-أنا كويس يا لين متقلقيش 


-طب إنتَ رايح فين 


تمهل قليلاً في الرد وهو يبلع ما في جوفه من طعام:


-هروح أشوف ماما 


-هاجي معاك 


هز رأسه برفض وهو يقول:


-مش هينفع عشان رايح مشوار بعدها 


ثم نظر لسارة الجالسة بصمت على المائدة قائلاً بهدوء:


-من بكرة إن شاء الله هبدأ في إجراءات الطلاق رسمي وكل حقوقك هتاخديها 


-مش عاوزة حاجة يا فارس 


إبتسم لها إبتسامة بسيطة وهو يقول قبل أن يقوم من على كرسيه:


-ده حقك يا سارة وأنا مبكلش حق حد

❈-❈-❈


-شكراً جدا يا يونس إنك كنت جمبي في الفترة اللي فاتت دي ومسبتنيش 


رد عليها يونس بحزن واضح بنبرة صوته قائلاً:


-إيه شكراً دي يا لين 


ردت عليه لين بسرعة وهي تقول مصححة لما فهمه:


-مش قصدي حاجه والله بس كنت حابة أعبرلك قد إيه أنا ممتنة لوقفتك جمبي 


-أنا معملتش حاجه غير اللي المفروض أعمله يا لين بلاش تحسيسيني إني غريب عليكي 


-ربنا يخليك ليا يا يونس،أنا مبسوطة بجد إنك في حياتي 


رد عليها يونس بضجر وقال:


-وهو إنتِ مخلياني في حياتك يا لين ده إنتِ مبتخليش المكالمة تعدي العشر دقايق وفوق كل ده مش مخلياني أشوفك ولا نخرج سوا


-أنا عمري ما هعمل كده يا يونس وكفاية الذنب اللي أنا حاسة بيه دلوقتي إني بكلمك بس غصب عني مش قادرة أبطل أكلمك،العشر دقايق اللي بتطمن فيهم عليا كل يوم دول اللي بيخلوا يومي حلو 


-خلاص يا لين أنا هكلم فارس وأخد منه معاد 

لأن الوضع ده مش عاحبني خالص


ردت عليه لين بإبتسامة وقالت:


-صدقني يا يونس ربنا هيوفقنا في حياتنا ويبارك في علاقتنا عشان إحنا مغضبنهوش فيها 


-ايه الحرام في إني أقابلك يا لين 


ردت عليه لين بهدوء قائلة:


-يونس أنا مش هتجادل معاك في حاجه منهية عندي ...ويلا باي العشر دقايق خلصوا


ضحك يونس وقال بمزاح:


-والله يا لين يوم ما تقعي تحت إيدي ما هرحمك وهطلع عليكي القديم والجديد


❈-❈-❈


دخل فارس إلى البهو بهدوئه المعتاد ناظراً يساراً ويميناً ليرى أين يجلسوا، سمع صوتهم يأتي من غرفة المعيشة فاتجه إليها بنفس الهدوء وبمجرد ما أن خطى بقدميه باب الغرفة 

لمحته والدته 


قامت سارة من مقعدها سريعاً والسعادة طاغية على وجهها لرؤية إبنها أمامها أخيراً وهو مكتسب الصحة والقوة بعد وعكته الأخيرة 


ارتمت بأحضانه وهي تقول بخوف أموي:


-إيه اللي خرجك دلوقتي يا حبيبي إنتَ لسه تعبان 


قبل فارس رأسها قبلة مطولة قبل أن يقول:


-أنا بخير متقلقيش يا أمي


ربطت على ظهره من الخلف وهي تقول بابتسامة:


-يارب دايماً يا حبيبي 


تجاوز فارس سارة وسلم على جده وخاله 

وجلس بجوارهم 


-حمدالله على سلامتك يا حبيبي 


إبتسم له إبتسامة هادئة وهو يرد عليه:


-الله يسلمك يا وائل 


نظر فارس لمنير وقال بجدية شديدة:


-عاوز مراتي من علي المنشاوي يا منير 


رد عليه منير بإستغراب وهو يقول:


-طول عمرك لما بتعوز حاجة بتجيبها مهما كلفك الأمر،إشمعنا المرادي لجأتلي


-لجأتلك المرادي عشان محتجلك...زين قالي أن علي عمل تحليل DNA ونغم طلعت بنته فعلاً

وإنتَ الوحيد يا منير اللي ليك كلمة على علي وبيسمع كلمته 


-صعب يا فارس،صدقني من غير ما تطلب مني أنا حاولت أعرف إيه نيته من ناحيتك وقالهالي 

صريحة إنه ناوي على تدميرك 


كمل وائل حديث والده مواصلاً هو:


-اللي إنتَ متعرفوش يا فارس إن نغم جالها صدمة عصبية أثرت على جزء من مخها والدكتور طلب منهم ينقلوها مستشفى الأمراض العقلية عشان متأذيش نفسها

والتصرف الصح اللي عمله علي إنه رفض وبدأ 

يعالجها في بيته ويجبلها دكاترة نفسيين 

وطلبت من علي إنه يدمرك زي ما دمرتها 


إهتز في مكانه من صعوبة ما قاله وائل،هذا الخبر لم يعلم به من قبل...لم يخبره أحد أن ماسته عانت في بعده،وما هذا الذي يقوله

أيعقل أن صدمتها به تأثر على عقلها؟!

وكيف طلبت من علي أن يؤذيه؟

هذا الحديث من سابع المستحيلات ان يصدقه 

فهو يعلم تمام المعرفة أن نغم تعشقه ومن المستحيل أن تأذيه بشئ


قام من مكانه مصدوماً من حديث وائل قبل أن يقول:


-نغم كويسة دلوقتي يا وائل ؟


-لسه بتتعالج بس أخر مرة قعدت فيها مع علي قالي إن حالتها اتحسنت جداً عن الأول 


أماء برأسه بشرود وجاء ليخرج من الغرفة بهدوء مثلما دخل،قبضت سارة على يده وقالت بحزن:


-عشان خاطري يا فارس شيلها من دماغك،أنا مش هستنى لما علي يعمل فيك حاجة


-بحبها يا أمي،لو شيلتها من دماغي هلاقيها موشومة في قلبي


-أظن يا  فارس إن علي عمره ما هيسمحلك تاخدها،علي عامل زي اللي لقى روحه اللي كانت ضايعه منه 


قالها وائل بهدوء وهو يقف أمامه موضحاً إليه أن الطريق أمامه صعب للغاية 


إشتعلت النيران بصدره من حديث وائل فقال بغضب مكبوت:


-قسماً بالله لو وقفت على إني أقتـ ـ ـله لأعملها 

انا رايحله دلوقتي أشوف أخره إيه


إستدار فارس وخرج من الغرفة سريعاً وبعيناه الشر والغضب يعمي بصيرته 


مسكت سارة كف وائل وقالت له بدموع:


-روح معاه يا وائل أنا خايفة عليه 


أماء لها برأسه وقال بهدوء:


-حاضر يا سارة متقلقيش


ذهب وائل خلفه بسرعة ومن ثم فتح باب السيارة وجلس على المقعد المجاور لمقعده 

وهو يقول بنهجان من الركض خلفه:


-الله يسامحك على اللي إنتَ عملته فيا ده،مطلعني جري وراك ليه يا بني أدم


نظر له فارس بهدوء وقال:


-إنزل يا وائل


-مش نازل أنا جاي معاك عند علي مش هسيبك

تروح لوحدك


-أنا مش عيل صغير إنزل يلا 


رد عليه وائل ولكن تلك المرة بغضب وصوت عالي:


-قولتلك هاجي معاك يا فارس، يبقى بلاها كلامك ده 


زفر فارس بعنف حتى لا ينفجر به الآن وتحرك بالسيارة قاصداً ڤيلا على المنشاوي


❈-❈-❈


يلتف الجميع حول السفرة يتناولون العشاء الخاص بهم في جو أسري لم ينقصه أحد سوى شمس 


قطع علي الصمت المطبق على المكان بقوله الموجه لنغم:


-عملتي إيه النهاردة في الجالسة يا نغم 


-الحمدلله كانت حلوة وفريدة قالتلي إني اتحسنت جدا 


إبتسم لها علي إبتسامة مُحبة ثم قال:


-وقالتلك إيه المطلوب منك المرادي 


-أتعامل مع الناس 


أماء لها برأسه وقال:


-كويس جداً،من بكرة تنزلي تشتغلي معانا في الشركة، على الأقل هكون مطمن عليكي أكتر وإنتِ معايا


إبتسمت له إبتسامة هادئة وقالت:


-اللي تشوفه 


وجه علي نظره لمازن وقال:


-إطمنت على شمس النهاردة يا مازن


-اه والدكتور قالي في تحسن ملحوظ من يوم ما نغم دخلتلها 


-الحمدلله ربنا يقومها بالسلامة يا رب وترجع تنور البيت تاني


إستمع مازن لصوت عالي يأتي من الخارج على ما يبدو صوت شجار مجموعة أشخاص 


قام من على كرسيه وهو يقول :


-في صوت خناق بره 


قام علي هو الآخر وقال:


-أيوة الصوت عالي جداً...تعالى نشوف فيه إيه 


قامت نغم هي الأخرى لتذهب معهم لكن أوقفها مازن وهو يستدير تجاهها قائلاً:


-خليكي هنا يا نغم 


جاء ليستدير مرة أخرى حتى يخطو بقدميه للخارج وجد فارس يقف على باب الغرفة وبجواره وائل 


وخلفهم أحد أفراد الحراسة الذي يقول موجهاً حديثه لعلي:


-أنا أسف يا علي بيه بس وائل بيه هو اللي أصر إن فارس بيه يدخل 


أشار له مازن بإصبعه أن يغادر المكان بصمت 

وبالفعل فهم الحارس الإشارة التي أعطاها مازن له وغادر على الفور

  

وكأن عيناه لقطت غايتها ومرادها،بمجرد أن خطت قدميه الغرفة وعيناه وقعت عليها 

دقات قلبه يكاد صوتها يسمعه الحاضرين جميعاً،محبوبته وماسته النفيسة تقف أمامه 

أخيراً،يشعر وكأنه مر عاماً على أخر مرة إلتقى بعيناها....يريد أن يأخذها بين أضلعه ليعبر عن كم إشتياقه لها ولوعته في بعدها عنه 

يريد أن يبكي أمامها وحدها ويعري ضعفه وإحتياجه لها،يريد أن يخبرها أنه بدونها كالمحتل الذي لا يجد ملوى ولا ملجئ


أما هي فقابلت نظراته تلك بثبات أثبت لها

أولاً أنها تخطت هذا الشخص...لم تشعر بشئ 

تجاهه سوى للأمانه فرحة بسيطة غمرت قلبها عندما رأته أمامها شامخاً بعد خروجه من وعكته الأخيرة

كان قرار إتخذته من قبل وهي تجلس بغرفتها

بعد إحدى جلساتها وهو أن فارس صفحة في حياتها وأغلقت بحلوها ومرها 


-إنتَ بتعمل إيه هنا 


قالها علي بغضب وصوت عالي مخصصاً حديثه لفارس 


رد عليه فارس بهدوء تام يحسد عليه بعدما خرج من سطوة المشاعر التى داهمته فجأة:


-جاي أخد مراتي 


ضحك علي بصوت عالي وقال بسخرية:


-مراتك مين يا أبو مراتك ده إنتَ شكلك بتحلم


-لاء مش بحلم يا علي أنا واعي لكل كلمة بقولها 


غير علي الحوار وكأنه لم يعنيه ما يقوله وقال بجدية:


-بما إنك جيت لحد هنا ووفرت عليا المشوار...طلق يا فارس بالرضا أحسن ما ندخل المحاكم 


ضحك فارس بسخرية وقال:


-أطلق إيه إنتَ بتتكلم جد؟


-أكيد مش بهزر معاك،بنتي مش عوزاك


ردد خلفه الكلمة بإستحقار قائلاً:


-بنتك


-بنتي غصب عن عين أي حد


ضحك فارس وقال بسخرية:


-طب يا حمايا العزيز عاوز أتكلم مع مراتي على انفراد


جاء علي ليرد عليه ولكن تلك المرة بوجه مكفر

وغضب عارم من بروده لكن مسك مازن يد علي وسبق أبيه في القول وهو يقول بهدوء:


-نغم مش عاوزاك يا فارس  فلو سمحت بلاش مشاكل وكلام ملوش داعي،الطلاق هو الحل الأمثل وإن إنتَ رفضت إحنا هنمشي قانوني 


تدخل وائل سريعاً عندما رأى عروق فارس التي ستنفجر من الغضب من حديث مازن الذي يعلم تمام المعرفة أن فارس يكرهه 


-علي عشان خاطري سيب فارس يتكلم مع نغم كلمتين لوحدهم وبعدين نحدد إيه اللي هيحصل 


رفض علي حديث وائل بشدة قائلاً:


-مش هيحصل يا وائل ،أنا مأمنش على بنتي معاه 


أغمض فارس عيناه قليلاً ليهدأ ويتريس حتى لا يفقد كل شئ،فتح عيناه مصوباً إياهم نحوها وجدها مازالت تنظر إليه بنفس النظرات الباردة 

تقدم بضع خطوات تجاهها ومازال بصره معلق عليها ولكنها عندما إستشعرت هي تقدمه نحوها ذهبت سريعاً تقف بجوار مازن وهي تتمسك بيده بأمان وحماية


عند رؤيته لذلك المنظر أمام عيناه ضرب الدم بمخه بعنف وإشتعلت عيناه بنيران الغيرة 

وبدأ يشعر بنغزات عنيفة بقلبه 


مازن مرة أخرى؟!!

تلك المرة لم يستحمل،لا زال لم يقتنع أنها أخت لمازن حتى الآن...ما يراه الآن ما هو إلا خيانة بوجهة نظره

مازن دائماً يكون عامل مشترك بأي شعور سئ يعتريه،ماذا يفعل به أيقتله ويرتاح منه؟!


ماسته تحتمي بعدوه يا لها من مضحكة 


لم يأتي بتخيلاته أن يصلوا لهنا أبداً

كان يعلم أنه من الطبيعي أنها ستعصب 

وتغضب منه وستبكي أيضاً


ولكن كان توقعه أن كل هذا سيحدث وهي بداخل أحضانه،كان متأكد أنها لن تذهب لأي مكان سوى لأحضانه...كان بداخله يقين تام أنه قادر على إحتواء غضبها منه 


ولكن للقدر رأي أخر وأتت الرياح بما لا تشتهي السفن وتصبح نغم بيوم وليلة إبنه لعلي المنشاوي أكبر عدو له 

هذا الكلام يحدث بالأفلام فقط لم يصدق حتى الآن أنه حدث معه بالفعل


هل كذبته تلك تسبب لها صدمة عصبية 

لهذه الدرجة صُدمت به؟...هذا إن دل على شيء لم يدل سوى انها كانت تثق به ثقة عمياء

وتعشقه عشق أبدي 


وقف أمامها مباشرةً وخرج إسمها من بين شفتيه بحزن شديد:


-نغم 


وأخيراً تحدثت نغم بعدما استمدت القوة من أخيها في أول لقاء حتمي بينهم

أردفت بصوت جاد للغاية لا يحمل أي شعور ولا معنى:


-أنا بطلت أحبك يا فارس 


دقات قلبه أصبحت تتسارع واحدة تلو الأخرى جملتها نزلت كمياه النار شوهت قلبه...بأي قوة وجبروت أخرجت تلك الكلمة من بين شفتيها الناعمتين،صدق من قال أن بعض الكلمات تقتل 


الآن يشعر بذلك المعني حرفياً وبدون تزيف في المشاعر 


هز رأسه برفض لحديثها وكأنه يخبر نفسه أن هذا ليس حقيقي ومن ثم قال بنبرة إنكسار:


-مستحيل يا نغم مستحيل


- مفيش حاجة مستحيلة.. ابعد عني وطلقني من غير مشاكل وسيب شوية الإحترام اللي باقينلك عندي ده إذا كان فيه 


-نغم أنا فارس جوزك وحبيبك،فارس اللي كنتي عاوزة تكملي باقي حياتك معاه،فارس اللي كنتي شيفاه الدنيا كلها 


قالها فارس وهو ينظر بعيناها مباشرةً يحاول أن يستعطفها ويذكرها بمكانته لديها 


إبتسمت بدون مرح وقالت بقوة:


-لاء إنتَ فارس الكذاب والمخادع... فارس اللي ضحك عليا ووهمني بحبه الزايف ورسملي حياة مش حقيقة

فارس اللي كنت بسببه هترمي في مستشفى أمراض عقلية بسبب إني مقدرتش أستحمل صدمتي فيه...إنتَ مش أكتر من إنسان كذاب 

ومخادع يا فارس 


نزلت دموعها عقب إنتهاء حديثها الذي أذى كل جزء بقلبها قبل أن يؤذيه


ليس بالسهل عليها أبداً أن تراه أمامها ولم ترتمي بأحضانه،ليس بالسهل أن تتحدث معه بتلك الطريقة الفجة...ترى الإنكسار بعيناه بوضوح ،ترى قلة حيلته بإستردادها ولكن هي الأخرى ليس بيدها شئ فحقاً ثقتها به أصبحت معدومة وقلبها أصبح كارهاً لمن ملكه سابقاً


إحتضنها مازن بشفقة على حالتها وربط على ظهرها ليُهدء من حالتها ودموعها التي بدأت تهبط بغزارة 


إلى هذا الحد ويكفي أليس كذلك؟


إنطلق كالفهد على مازن ماسكاً ياقة قميصه بأصابع يده وعيناه تطلق شرارات من النيران 

وأردف بغضب جامح لا يستطيع أحد الوقوف أمامه:


-إيدك دي لو إتحطت عليها تاني هقطعهالك يا ابن ال...


ثواني وكان يداه تأخذ مجراها لوجه مازن 

مسدداً له بعض اللكمات العنيفة وهو يقول بغضب عارم:


-نغم خط أحمر لو عاوز تشوف الوحش اللي جوايا إلعب في السكة دي يا ... 


بعده وائل بصعوبة بالغة من على مازن 

وقال بعصبية:


-الكلام ما يبقاش كده يا فارس، أهدى 


جريت نغم على مازن سريعاً حتى تطمئن عليه وقالت بلهفة ودموع لا تتوقف:


_إنتَ كويس يا مازن؟


أماء لها برأسه باطمئنان ومن ثم نظر لفارس وقال:


-مش هضربك ولا أمد إيدي عليك عارف ليه؟


لم ينتظر جوابه على السؤال الذي طرحه منذ ثواني وقال:


-عشان أنا هعمل اللي هيوجعك ويعلم عليك وهطلقها منك يا فارس يا هواري ولو دي هي الحاجة الوحيدة اللي هعملها قبل موتي


جاء فارس لينقض عليه مرة أخرى بالضرب

ولكن منعه وقوف نغم بينه وبين مازن كحائل يمنعه عنه 


وعندما أتى بيبعدها حتى يشفي غليله من هذا القذر الذي يقف خلفها ولكن فاجئته برد فعلها 

وقالت بصوت عالي غير طبيعي وبكاء هستيري:


-إبعد عني وعن حياتي.. بكرهك وكل ثانية بتعدي كرهي ليك بيزيد أكتر،طلقني وارحمني 


إبتعد خطوتين للخلف كردة فعل على كلامها 

وإنهيارها الذي شهده الآن 


وجدها بدأت في فقد توازنها وبدأ جسدها يترنح يميناً ويساراً جاء ليقترب منها وجد علي يسحبه للخلف حتى يبعده عنها وإقترب هو منها أخذاً إياها بين أحضانه بدلاً من سقوطها على الأرضية


طلب مازن الأمن من الخارج وبالفعل لبوا النداء وأتوا في لحظات 


أردف مازن بعصبية شديدة موجهاً حديثه لأفراد الأمن:


-شيلوا البني أدم ده من هنا وممنوع يدخل الڤيلا تاني 


إتجهوا أفراد الأمن نحو فارس متجمهرين حوله وما إن لمسوا يده حتى يأخدوه للخارج 

ثار مثل الطور وبدأ يخرج كل طاقة الغضب الموجودة داخله بهم 


رفع نظره عنهم وهو يرى علي يحمل نغم بين يديه مغشي عليها وصاعد بها إلى أعلى 


فصاح بأعلى صوته حتى يسمعه :


-هاخدها يا علي وغلاوتك عندي لأخدها ووقتها مش هرحمك لا إنتَ ولا ابنك 


ثم استكمل حديثه بغضب لا يعي ما يقوله قبل أن يغادر الڤيلا:


-موتكم هيكون على إيدي


نظر علي لمازن وقال وهو يصعد درجات السلم حاملاً نغم:


-حرر محضر تهديد بالقتل حالاً يا مازن


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أميرة عمار من رواية البريئة والوحش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة