-->

رواية جديدة نفق الجحيم 2 مكتملة لريناد يوسف - الفصل 39

 

قراءة رواية نفق الجحيم الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل التاسع والثلاثون

فضل ابو دراع قاعد في الجنينه مستنى رجوع شوقيه، وطال انتظاره، لكنها في الاخر جات بعد ساعات من الانتظار، وصلها اخوها بالطرومبيل بتاعه ونزلها هي وعيالها عالبوابه وعاود،

 وبمجرد دخولها ابو دراع اتبسم وهو واعيها عتتسند عالحيطان ومقادراشي تمشى، وكمان كانت مغطيه وشها ممبيناش منيه شي.. ودخلت عالبيت طوالي ومنه على اوضتها اللي حبست حالها فيها ومنزلتش تشوف ايه اللي عيجرا تحت مع الحريم ولا تنظر عليهم في العزومه، وديه كان مخليهم كلهم مستغربين! 


أما كرار فخلص إطعام المساكين واللي زادو عن الستين بمراحل، وبعد ماخلصت ليلته وارتاح من اول كفاره قرر إنه من بكره يبدأ فى الصيام، واللي من بعده هيصحح كل الاوضاع المعكوسه، وهيعوض كل السنين اللى كانت شام قدامه فيهم وهو بغبائه حارم حاله منها ومحرمها على روحه؛ بسبب شوقيه وخوفه منها، اللى ادرك دلوك إنه غير مبرر بالمره، 

وإن الواحد عشان يعيش كيف ماهو عايز وبراحته وبكرامته يغور كل شي وتهون الروح كمان. 


وطلع بعدها عالبندر من بره بره، وإهناك فضل يلف على بياعين الهدوم، واشترى لشام قماصين وخلجات حلوه ملونه كان يتخيلها فيهم ويبتسم وهو عيتخيل كد ايه هيكونو حلوين عليها، وبعد ماخلص شرا خد الحاجه وعاود بيها عالبيت وهو عيمني نفسه بعد شهرين و٣ ايام بالجنه ونعيمها، اللي كان محروم منها وهى بين اديه وبكفاره بسيطه كان ممكن يدخلها، لكنه كان جاهل ومعمى القلب والعين. 


❈-❈-❈

اما فبيت عبد الصمد

اذن الفجر وقام عبد الصمد ودهب وكلهم لهفه وسعادة بيوم جديد جه وجايبلهم الفرح معاه فهيئة رجوع الغايب،


 ولأول مره التنين ياكلوا ملوا بطنهم ويحسوا الزاد حلو، وبشاير من الفجر قايمه عالطبخ والتجهيز وعمل الدبداب، وحتي بسيمه جاتلهم بمجرد طلوع الضو هي وعيالها؛

 عشان يستقبلوا اللي ياما حكتلهم عنها وحببتهم في لقاها من غير مايشوفوها ولا يعرفوها. 

أما السيد فهمل البيت خالص وراح عالغيط وقعد فيه، ونبه على ولده اول ماتاجي خالته شام يقوله؛ عشان يحمل حاله ويروح لبيت ابوه يقعد فيه ويفضيلها البيت عشان يبقوا براحتهم مع بعض؛ 

لانها اكيد هتبيت فبيت ابوها عالاقل كام ليله، ومش هتكون حابه تشوفه قبال وشها، وإن كانت بتها عاملته بجفا فهي ممكن تعامله بغضب يوصل للعنف او الضرب، وتهز صورته قدام عياله، وبصراحه شايف إن كل الحق معاها لو عيملت إكده ومعليهاش اي لوم، حتى لو قطعت من جسمه جزايل. 


اما بشاير وبسيمه فجهزوا احلا وكل والكل من بعدها غير خلجاته ولبس احلى ماعنده كنه يوم عيد، 

وقاعدين كلهم في انتظار شامة القلب، وبعد ساعات من الانتظار القلوب فيها فرفطت من الشوق، 

وعبد الصمد كل هبابه يطلع من الباب يبص في الشارع شمال ويمين ويتمشى كام خطوه قدام الباب ويرجع يدخل تاني، ودهب طلعت عالسطوح وفضلت ملازمه السور بتاعه وعيونها عمالين يمسحوا الطريق فكل الاتجاهات في انتظار اي بشاره، 

وحتي لما عدى القطر بعدم وعي لقيت حالها عتشاورله وتقوله حبيبتك جايه.. والعيال كلهم متوزعين في شوارع البلد كلها.

وانتفضت قلوب الكل من الفرحه ورجفت رجليهم ومقدرتش تشيلهم وهما سامعين حس العيال الصغيرين عيهللوا ويقولوا خالتي جات خالتي جااات. 


والكل طلعوا من البيت واترصصوا عالباب وفي الشارع، ودهب رفعت يدها وزغرتت وهي واعيه طرومبيل جاي من بعيد واكيد جاي ليهم وجايب مهجة القلب معاه. 


وزيها عملت بشاير وبسيمه اللي ردوا علي زغروتة امهم بالزغاريت اللي طلعت عليها كل الجيران تشوف فيه ايه، لكن كل الزغاريت صوتها خفت واختفت وهما واعيبن الطرومبيل عيقرب منهم واللي فيه بانو وبانت ملامحهم، 

وكانوا ابو دراع اللي حاطط يده على راسه ومغمض عيونه، وربيعه اللي عيونها حمر من كتر ماباين انها باكيه. 


وبمجرد وقوف الطرومبيل ونزولهم منيه الكل وقف موطرحه متصنم لا حس ولا حركه، واتقدم منهم ابو دراع الاول بهامه محنيه ووقف قدام عبد الصمد وبأسى قاله:

سامحني فيما لا املك ياعمى، وحلني من وعد وعهد خلفته غصب عني. 


رجع عبد الصمد لورا واتسند على الحيط وهو حاسس روحه عيهوى من فوق جبل عالي وسأله بحس مخنوق:

مهشوفهاشي مش إكده؟ 


نكس ابو دراع عيونه للارض ودهب سندت راسها على كتف بشاير بوجع، وردت عليهم ربيعه:


سجانها مرضيشي يفرج عنها ياجدى، سجنها لساه اسواره عاليه وبيبانه مقفوله بالضبه والمفتاح عليها. 


هز عبد الصمد دماغه بيأس واتدور وخش للبيت بخطوات مهزومه وقلب مكسور، ودعا ابو دراع وربيعه للدخول، وقعد واستنى منهم تفسير لعدم جية شام وفك اسرها، مع ان التفسير مليهش عازه، ولا اي كلام في الدنيا ليه عازه مادام الغياب لساه قايم. 


وبالفعل ابتدا ابو دراع يحكيلهم كل اللي جرا واللي عيمله كرار، وطول ماعيسمعوا قلوبهم تقيد نار وتفور من الغيظ كيف البراكين، ودعوات مكتومه عتتردد جواهم عليه، لكنها مسجونه في القلوب مفيش حد سامعها ولا عالم بيها غير رب العباد. 


وفي النهايه استسلموا للامر الواقع وعقولهم اقرت إنه خلاص الفراق بالحيا لأخر العمر محتوم. 

انما القلوب ابداً مراضياش تسلم وعماله تهتف لاصحابها ان حتما ولازمن يكون فيه لقى، ورب العباد الرحيم مش هيرضيه حال القلوب ديه ويفضل مضطلع على عذابها وميجبرهاش. 

❈-❈-❈


أما شام فقاعده فبيت ابو دراع من بعد ماودعته هو وربيعه وحملتهم السلام لابوها وامها وخياتها والاشواق والحنين.. 


وقفلت عليها الباب بعد مامشوا وقعدت فى البيت رافضه الخروج منيه لبيت المقاول، بعد اللي قالهولها كرار امبارح وبعد اللي ردت عليه بيه ومناوياش تغيره ولا هترجع فيه مهما حوصول. 


ورجعت بذاكرتها وهي عتبص جارها للكيس اللي فيه الدهب والفلوس بتوع كرار واللي ربيعه مشالتهمش ولا دستهم كيف ماقالتها وقعدوا مرميين، وسرحت فليلة عشيه وافتكرت كرار وهو داخل عليها اوضتها من غير استئذان ولا احم ولا دستور، وماسك فيده كيس كبير وحطه جارها عالسرير وقالها وهو عياكل فجسمها بعنيه:

خدي دول ليكي، بس اخلص الكفاره عايزك متلبسيش غير منهم، وترمي كل خلجك القديم ديه، وهجيبلك زيهم كمان واكتر منيهم، وهبعتلك البلانه ونقي منها واختاري اللي يعجبك،

 ومن اليوم الموعود اللي هتخلص فيه كفارة الصيام عاوز اعاود من الشغل كل يوم الاقيكي مستنياني فأوضتك فاحلا وابهى صوره ومستعده لأي شي اطلبه منك وتنفذيه فالتوا واللحظه. 


وإهنه شام حست بحاجه طبقت على نفسها وهي عتتخيل روحها بين ادين كرار وتعاود تاني لعذابه ليها وغصبانيته وعنفه وتعنيفه لروحها وبدنها بالكلام والفعل،


 وقامت منتوره وعيونها لاول مره تنطوق قدامه بالتحدي وردت عليه:


اوعاك عقلك يكون صورلك انك هترجع تعمل فيا عمايلك بتاعة زمان ياكرار واني هرضى واسكت،

 اوعاك تكون فكرت اني هوافق انك تقرب مني وتنام ففرشتي واكونلك سكن بعد كل اللي عميلته فيا وفبتي طول السنين اللي فاتت، 

اوعاك تكون مفكر ان شام لسه فيه حداها حاجه ليك وهتاخدها منيها بالغصب وهي متلفلفه بضعفها زي زمان. 

له ياواد حوريه فوق.. شام الصغيره اللي دخلت بيتك قطه مغمضه وعذبت فيها كيف مايحلالك خلاص كبرت ووعيت وعقلت وفهمت.. 

ولو كنت رضيت اقعد معاك تاني تحت سقف بيت واحد فديه عشان أءمن شرك على حبايبي، غير إكده له. 


كرار بغضب: تقصدي ايه ياشام، يعني هتعصيني؟ هتعصي جوزك وتمنعي روحك عنيه، انتي عارفاشي الفعل ديه ربنا يحاسبك عليه بأيه؟ 


ردت عليه شام بسخريه:

ايوه ايوه، دلوك بس عرفت ربنا وحسابه وعقابه، دلوك بس عرفت ان للهجر حساب من رب العالمين، بس الحساب ديه ليا اني بس ومكانش فيه حساب ليك وكت ماكنت انت الهاجر، كنت عتاخد حسنات انت مش إكده؟ 


رد عليها كرار بنبره لينه:

خابر اني ظلمتك لما حرمتك مني ومن حقوقك ونومتي ففرشتك واديني اهه هصلح غلطتي واعوضك عن كل اللي فات. 


ردت عليه شام بحده ونفور:

اوعاك تكون مفكر اني عقولك إكده عتب ولا زعل على هجرانك ليا ولفرشتي، له والله العظيم داني كنت عدعي ربنا ليل نهار ان الهجر يطول، وكل يوم يعدى عليا واني محرومه قربك وانفاسك كنت احمد فيه ربنا واشكر فضله عليه، اني بس عرد على كلامك. 


كرار بغضب:

إيوه ونهاية الكلام يعني عايزه ايه انتي دلوك عتخربطي فالحديت ليه؟ 


شام: معاوزاشى حاجه، اني عايزاك تاخد مجايبك داي وتحل عنى بس وتهملني فحالي، ولو على اللي فبالك فطمن حالك مهيوحصولش، انى رجعتلك صوح، بس مغصوبه ومتهدده وممعتبراشي جوازي منك أمر واقع ولا معتبراك جوزي، ومن إهنه ورايح انت من طريق واني من طريق، وياريت الوشوش متتقابلش، مش انت عايز قعدتي فبيتك اديني قاعده، بس اكتر من إكده له ياكرار. 


كرار بدأت انفاسه تعلى وضم يده ورفعها قدام وشه بتهديد وقالها وهو عيجز على سنانه:

والله وبقيتي تقولي له فوشي ياشام وتصري عليها كمان! 

بس الظاهر ان جتتك نسيت يد كرار وتقلها وبدك تذكير عشان عقلك يعاود لراسك. 

بصتله شام بتحدي وقالته:

اعمل مابدالك واضروب لغاية ماتشبع، لا كلامي هيتغير ولا هخضعلك ولا هطولك اللي فبالك، قلتلك شام بتاعة زمان خلاص ولت، واللي قدامك داى بايعه روحها وحاطه روحها على كفها خلاص، وانت فعيني ياكرار كيف حفنة تراب مليهاش ايوتها عازه وموطرحها تحت رجلي وبس. 


شام يادوب خلصت كلامها ولقت كف من نار نازل على وشها، ويادوبك رفعت اديها تدس وشها من الكف التاني بخوف، لكن يد كرار اتعلقت فى الهوا بفضل يد مسكتها من ورا بقبضه من حديد. 


التفت كرار لورا بوشه وشاف ابو دراع اللي تابع الموقف من البدايه وهو جاي ينادم شام لربيعه، ووعي باب اوضتها مفتوح وكرار واقف قدامها، وفضل واقف من بعيد يشوف ايه اللي ناوي عليه كرار مع شام، ولما لقاه رفع يده عليها جري ناحيتهم، صوح اول كف ملحقهوش، لكنه لحق التاني وكبل يده وبغضب الكون كله قاله:


اوعاك تتنيها ياكرار.. اوعاك تفكر مره تانيه تمد يدك عليها واني عايش عالدنيا، اقسم برب الكون ميجرالك طيب واصل. 


كرار: اطلع منها يابو دراع داي مرتي واني حر فيها. 

ردت عليه شام بقهر وحس عالي:

له مش مرتك ولا هكون مرتك، ومن اليوم ورايح اني محرماك عليا ياكرار كيف ماانت حرمتني، والعين بالعين والسن بالسن والهجر بالهجر يامقاول. 


خلصت كلامها وراحت وقفت جار ابو دراع وقالتله:

ومن اليوم وطالع حتى تحت سقف بيتك ماهبيت الليل، هبيت حدا ابو دراع فداره. 


برق كرار عيونه وهو عيرد على شام:

موتك يكون على يدي لو عميلتيها ياشام. 


ابو دراع:

وموتك على يدي ياكرار لو حد احتمى فبيتي واحتمى بيا وانت تعرضتله، ودلوك ام ربيع قالت كلمتها وانتهى الأمر. 


يلا ياشام قدامى عالبيت واقعدي مع بتك كيف مايحلالك بيتك وموطرحك وأمني فيه وطمني قلبك محدش هيقدر يأذيكي ولا يقربلك. 

خلص كلامه ومسك يدها واتحرك بيها قدام عيون كرار اللي كان واقف عيتحرق، ونار شاعله فيه ومعارفشى يقول ايه ولا يعمل ايه، وممستوعبشى فكرة إن شام وقفت قصاده وناطحته بالكلام،وكمان حرمته علي روحها وقررت تقعد فبيت ابو دراع! 


لكنه همس لروحه إن لساه اوان الجبر مجاش وبس يخلص الكفاره هيكون فيه حديت تاني.. والصبر حلو. 


وبعد ماطلعت شام مع ابو دراع، طلع لاوضته فوق جابله غيار، ونزل اتسبح تحت ونام فأوضة امه وقفلها على روحه، وهمل شوقيه تاكل فبعضها وهي واعياه بعد عنها بعد المشرق عن المغرب وزهد فيها ومبقاش يهمه امرها، لدرجة انها حتى لما قالتله انها وقعت من عالسلم فبيت اهلها، وديه سبب الدشمله اللي هي فيها، قالها سلامتك وهملها ومشى من غير الدخول فأي تفاصيل،وديه علي كد ماريحها من موقف كان ممكن يوقعها فورطه معاه، على كد ماقهرها من انها مش فارقه معاه فشي، وكله كوم واللي عيعمله عشان شام من عشيه ديه كوم تاني خالص، وليه وقفه معاها بس تفوق من اللي هي فيه.



فاقت شام من شرودها وحادت بعيونها عن كيس الدهب، واتنهدت، وبعد التنهيده اتبسمت براحه وهي عتتخيل ربيعه فحضن جدها وستها وخالاتها دلوك، وعتتنعم بالمحبه اللي عاشت طول عمرها عتتمناها ومطايلاهاشي، وإن ربنا جبر قلبها اخيراً وطلعت من سجن ابوها. 


وحمدت ربها وقامت اتوضت وصلت فرضها وشكرته على حالها وحال بتها، وسلمت امرها ليه،وطلبت جبرها في الاخره، واكتفت من الدنيا باللي عاشته وشافته، وشافت فى بتها كل مباهج الدنيا اللي اتحرمت منها. 


❈-❈-❈


اما ربيعه وابو دراع فخدو قعدتهم فبيت جدها عبد الصمد، 

وطلعوا قاصدين بيتهم، وبرغم الزعل اللي كان كاسى القلوب والعيون،. 

الا انهم خدوا ربيعه فحضنهم وعطوها حنان نساها كل الهم والحزن، وطول الوكت وهي وسطهم مستغربه انه كيف فيه ناس عتقدر تدى حنان ومحبه بالطريقه داي وهما فعز كسرتهم ووجعهم!

 


والنوبادي ربيعه قالت لابو دراع يعاودوا بالقطر وهو طاعها، وطول ماهي في القطر باصه من شباكه وعتتفكر فأخر كلام امها اللي قالتهولها قبل ماتطلع من البيت:


ربيعه يابتي، افرحي واضحكي وفرحي جدك وستك وخالاتك بيكي، طمنيهم عني ولما حد ياخدك فحضنه ضميه مرتين، مره ليكي ومره ليا، شمي ريحتهم وواوبقي تعالي اوصفيهالي، خدى من حنانهم واشبعى وهحس ان اني الشبعانه، خدى من دفاهم واطمني وسطهم وهحس اني اني المطمنه،

 انى عايشه فيكي انتي دلوك ياربيعه وفرحك يفرحني وزعلك يزعلني، اني خلاص يابنيتي مليش وجود غير بيكي. 


بالك ياربيعه اني اتوكدت ان فيه ناس إكده عتاخد الراحه والفرحه فأول عمرها وباقي عمرها عتتشقلب حياتها وتكملها على اطلال اللي عاشته زمان وزكرياته،


 وفيه ناس عتتعب فاول حياتها وباقي حياتها عتاخده جبر وراحة بال. 

اني كنت من النوع الاولاني، وانتي الحمد لله انك من النوع التاني ومورثتيش من حظى كتير.

عيشى ياربيعه واتبسطى وفرحي قلبي بيكي يابنيتي. 


فاقت ربيعه من شرودها، واتنهدت وخفضت عيونها، وجات عينها على الجرح اللي فيدها، ورفعت يدها واتبسمت بوجع وهمست لروحها:

ويمكن خدت حظك كله يمه، بس لسه مفيش حاجه بينت، داني حتى الجرح وارثاه بالملى، مش هورث الحظ؟! 

بس وغلاوتك عندي ماهفرط فحقى، ولا اطاطي لحد واخلى حد يدوس على عمرى بنعله طول ماني عايشه،وهعرف الكل إن ربيعه غير شام بالمره. 


واخيراً هدى القطر، ووقف، وكل ديه وابو دراع عينه على ربيعه وساكت ومهملها ترتب افكارها ومراضيش يقاطعها وهو واعى ملامحها عتتغير لكذا وضع من الزعل للقهر للقوة للتصميم، وهملها تعيد حساباتها على هواها. 


ونزلوا بعد مالقطر وقف خالص، وبس عدوا العباره ووصلوا بلدهم، ربيعه بصت لابودراع وبرجا قالتله:

نفسي ازور قبر ستي عديله ياعم ينفع؟ نفسي اقرالها الفاتحه واتحدت معاها هبابه اتوحشتها. 

رد عليها ابو دراع بهدو:

ينفع ونص كمان.. همي بينا نروحوا الجبانه قبل ماالضلمه تضلم، وهشتريلك كيس ارواح كمان تفرقيه للعيال على روحها خليها تفرح. 

اتبسمت ربيعه وبالفعل راحو، وقرولها الفاتحه وفرقوا الارواح، وفضلت ربيعه تتحدت معاها شويه وتحكيلها كل اللي جرا كيف ماتكون قدامها وسامعاها! 


وبعدها عاودوا عالبيت، ورجعت ربيعه لحضن امها وابتدت الحكاوي عن اخبار الحبايب وابو دراع هملهم مع بعض وراح لغنماته، وطول الوكت ربيعه تحكي وتوصف وشام مغمضه ومبتسمه كيف ماتكون واعيه وسامعه كل اللي عتقوله وتوصفه، وقاعده وسطهم وحتى الوكل حست انها كلت معاهم لما شبعت، وراح جوعها اللي كانت حاسه بيه طول اليوم وهى قاعده مستنياهم من غير وكل ولا شرب. 


❈-❈-❈



أما حدا بيت عبد الصمد 

بعد ماروحت ربيعه وابو دراع، خيم الحزن عالوشوش، وانفضت الجمعه وكل حي راح لحاله، بسيمه خدت عيالها ورجعت بلدهم وعبد الصمد ودهب دخلوا اوضتهم، والسيد راح ولده نادمه وعاود عالبيت، ومتكلمش وهو واعى بشاير حزينه، بس خدها فحضنه من غير كلام وهو حاسس بذنب عينهش فروحه ومش عارف يعمل ايه ولا يسوى ايه، وكل اللي طلع عليه يتنهد ويستغفر ويطلب من ربه السماح على الذنب اللي دمر العيله اللي عمره ماشاف احن ولا اطيب من افرادها فحياته. 

❈-❈-❈


أما بسيمه فعاودت وصبت قهرها كله فهيئة زعيق وشخط ونتر فهمام من غير سبب، وهو بس عرف اللي جرا من عياله، سكت واتحملها واتحمل غضبها وفضل يحاول يمتصه ويهون عليها، وشيع العيال جابولها كل حاجه عتحبها، وابتدا هو يلاغى فعليا بته ويلاعب فيها ويقولها كلام غزل وهو قاصد بيه بسيمه، وكل همه يخليها تبتسم، 

ولما فشل قعد ساكت وشال الهم، وعينه فضلت عليها في الرايحه والجايه وهو مش عارف ميته نوبة غضبها تهدا وخايف تطول وتفضل الدنيا سوده فعيونه إكده كتير وهو واعى تكديرها ووجعها وملامحها المتألمه. 

❈-❈-❈


وخلص النهار عالكل وجه الليل، والكل نام على سخط قلب واحد والمسخوط عليه من الكل هو كرار. 



وبعد اليوم ديه ابتدت تمر الايام، واللي فيها شام طلعت من بيت المقاول خالص ونقلت كل حاجه ليها من بيت المقاول لبيت ابو دراع فى النهار مستغله غياب كرار فى الشغل، وكل ديه قدام حريم البيت اللي مستغربين بس ممتكلمينش وزي عادتهم مليهمش صالح باي حاجه تجرا بين راجل ومرته، 

مفيش بس غير بدور الفرحه مكانتش سايعاها وهي واعيه شام عتغادر البيت وحده وحده وهتختفى من قدام عيون عزت جوزها اللي من وجهة نظرها طول ماهي قدامه ممخلياهش شايفها ولا حاببها. 


أما كرار فكان مهملها على راحتها تعمل مابدالها، ومتحلفلها بعد الشهرين الصيام دول مايخلصوا هيردها تاني لبيته وهو عيهمس لروحه.. خليها ترفرف بجناحاتها مهما طارت مش هتقدر تبعد لانها متربطه وخيوطها كلها فيده. 


وابتدت الايام تمر على دا الحال، شام اتمردت عالقعده فبيت كرار وعليه هو شخصياً، وبطلت تعمل صنف حاجه في البيت، وصوح وافقت تقعد معاه وعلي ذمته بس ابداً مش هترجع كيف لاول خدامه وملطشه للكل الكبير والصغير، بتها وخلاص اطمنت عليها، يوبقي هتطاطي وتخدم وتتمرمط ليه تاني؟ وديه القانون اللي قررت تكمل بيه باقي حياتها فبيت المقاول. 

❈-❈-❈


أما شوقيه فابتدت بعد اسبوع تحصل معاها حاجات غريبه، ابتدت تسمع همس وتحس بحد حواليها وانفاسه فودانها وتبص متلاقيهوش، وخوف مسيطر عليها، وغير ديه وديه اسهال شديد معيتقطعش وقيئ مستمر، وشعرها ابتدا يوقع بطريقه غبيه، وصحتها ابتدت تكون في النازل يوم بعد يوم، ولأنها مش عتصلى ولا عتذكر ربها العمل اشتغل فيها اسرع ونتيجته عليها كانت اقوى. 


وفضلت تعاني وراحت البندر كذا مره فكام يوم، وتغير من طبيب لطبيب ومحدش فيهم عارف علتها وين؟

 وياجي النهار عليها تقضيه تعب وصراخ من التعب، والليل صراخ من اللي عتشوفه، 

ولما شكت يكون معمولها عمل راحت بيت ابوها وشيعت للخطاطه والخطاطه قالتلها انه عيا مش عمل. 

وهملتها بعد ماطمنتها انها عملت العمل لشام وربيعه بتها وكله تمام وكلها كام يوم ويشتغل. 


وعاودت شوقيه البيت وفضلت على حالها،

 ولما اشتد عليها العيا والخيالات قعدت فأوضتها مبقتش تنزل ولا حد كان يطلع يسأل فيها ولا عليها،

 وعيالها بقوا كيف ايتام الام مفيش حد كان يفكر فيهم بحاجه ياكلوها، ولما يشتد بيهم الجوع يروحوا علي شام اللي ولا مره ردتهم خجلانين ولا مشتهم جعانين، برغم انهم عيال شوقيه، بس هي ابداً مش عتاخد حد بذنب حد. 


ولما شوقيه شافت روحها خلاص خلصت، وقربت تموت، وحتي كرار مهملها كيف ماتكون كلبه ولا تسوا، لمت ورقها وعقود كل حاجه وفلوسها ودهبها، وقررت تروح بيت ابوها وتموت هناك بس بعدها تامن امها على عيالها ومالهم. 



وهي طالعه من البيت تتتكأ عالحيطان، شافها ابو دراع اللي كان قاعد قدام بابه، وبمجرد ماوعيها ووعى بوادر الموت باديه علي وشها وجتتها اللي اتسلت بسرعه قاتله، 

رجف قلبه من الخوف واتزلزل كيانه، ووقف على حيله وهو حاسس ان شعر راسه وقف وجلدها قف وجسمه كله قشعر، وهمس بخوف ورهبه:


استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم.. انت عميلت ايه يابو دراع، عميلت ايه ياحزين، هتقتل نفس يافقري؟! 

خلص كلامه واستنى لغاية ماشوقيه طلعت وركبت الطرومبيل اللي كان مستنيها بيه ممدوح عشان يوصلها بيه بيت ابوها، وطلع جرى عالخطاطه، وقالها تفك العمل اللي عملته لشوقيه قوام. 


ولما الخطاطه رفضت عطاها فلوس وهددها، وخلاها تفكه بالقوة، وقالها فخلال سبوع لو معاودتش شوقيه كيف ماكانت هيخلص عليها. 


وهملها ومشى بعد ماخد منها وعد انها هتفك العمل، واللي عرف انها عاملاهولها بالتعب والجنون والموت،كيف ماكانت قايلالها تعمله لربيعه وشام. 

وطول الطريق عيتخيل لو العمل كان صاب ربيعه كان هيوبقي ايه الوضع دلوك؟ 


وكل مايتخيل ربيعه في المنظر اللي شاف عليه شوقيه.. حاجه جواه تقوله كان هملتها تموت باللي عملتهولها، وشي تاني يقوله إنت لو كنت هملتها كنت بقيت زيك زيها كافر وطلعت من رحمة ربك.. 

وعشان ينهي الصراع اللي جواه ديه راح للشيخ حكيم يحكيله اللي جرا ويسمع منه اي حاجه تهدى خوفه وتطمن قلبه. 


وبمجرد ماقعد جاره وحكاله كل اللي جرا واللي عيمله، حكيم ملامحه اتغيرت للغضب وقال لابوا دراع بصوت ماليه الاسف:

ياخساره يابوا دراع، انت متعرفش إنك بكده إرتكبت كبيره من الكبائر؟ 

إنت صوح فى نيتك تخلص حق وتحقق العدل والقصاص، لكن للاسف الطريقه غلط.. كنت اكتفيت بالعلقه اللي عطيتهالها على يد الحريم، كنت اكتفيت بتخويفها، انما تروح ترد عالكفر بالكفر؟ 


طيب ربيعه عشان امها والعمار اللي بينها وبين ربها وعشان ربيعه نفسها عتعرف ربنا.. ربنا وقفنا ليهم اني وانت، لكن داي تموت على كفرها من غير اي فرصه للتوبه؟ 

قوم قوم هاتلي ميه اقرالك عليها وحاول تخليها تشرب منيها وتتسبح، 

ورش منها فبيتها وموطرحها وشغل فاوضتها قرآن وخليها تعاود، مع ان شفاها هياخد وكت لو العرافه مفكتلهاش العمل من عندها، بس اهو يوبقى اسمنا حاولنا واسمك تبت وندمت واصلحت، وربك ولى التوبه ومن عنده الشفا. 


وبالفعل خد ابو دراع الميه، ورشها وعمل اللي قاله عليه حكيم وشغل قرآن في البيت، لكنه مقدرش يدخل اوضة شوقيه المقفوله ولا حتي شام عرفت تدخلها.. 


وفضل محتار كيف يخليها تشرب من الميه المقرى عليها، بس اهتدى في الاخر انه يروحلها ويقولها على كل حاجه من غير لوع، اصلا هي اللي بدت بالشر وهو رده عليها وبس، ويقولها اللي حداه ويهملها منها لروحها ويوبقي اتبرى من ذنبها. 


وبالفعل خد الميه وراح بيها لبيت العمده، وطلب مقابلة شوقيه، وجاتله وقعدت قباله، وبعد مااتفحصها اتبسم وهو عيقولها:

يابوووي علي عدل ربنا، بقي ديه اللي كنتي عايزه تعمليه فى الغلبانه وبتها؟ كنتي عايزه تسليهم وتموتيهم وقبلها تبهدلي احوالهم وتدوقيهم الهوان؟ عيملولك ايه لديه كله ياشيخه! 


بس شوفي ربك مفيش اعدل منه كيف؟

شوقيه سألته بإستغراب وبحس يادوب طالع:

تقصد ايه بكلامك ديه انت؟ 

رد عليها ابو دراع وهو عيمدلها الميه:


قصدي اني عرفت اللي عملتيه لشام وربيعه ورديته عليكي، واللي انتي فيه ديه كان هيوبقى هو حالهم دلوك لولا ستر ربنا عليهم.

واني كنت ناوي اسيبك للنهايه، بس صعب عليا العيال الصغيرين اللي هتهمليهم وراكى يتامى بلا ام.

خدي الميه داي قاري عليها شيخ اشربيها وعاودي بيتك وشغلي قرآن والحقي روحك وارجعى لربك يمكن يقدر يفك كربك، ولو ملحقتيش ومتى اهو تموتى علي ايمان وتوبه. 


شوقيه كانت تسمع وهي مبرقه عنيها، وخايفه تمد يدها تاخد الميه من ابو دراع، لكنها راجعت نفسها وقالت إن لو صوح العمل اترد عليها يوبقي هي فطريقها للموت دلوك.


وزي الغريق اللي عيتعلق فقشايه مسكت الميه منه وشربت منها قوام، وغصبت على روحها وهي حاسه طعم الميه علقم، لكنها اتحملت، وهملها ابو دراع بعد ماقالها تزود الميه ومتبطلش شرب فيها ليل نهار.. وهي عملت إكده، وفضلت تشرب وقلبها عيرجف من الخوف ومبطلتش بكا واصل، وحتى امها لما حكتلها فضلت تبكى معاها وعليها بخوف، وادركوا انه من اعمالهم سلط عليهم. 


وعاودت بعدها شوقيه لبيت المقاول، وطلبت مساعدة ابو دراع زي ماساعد ربيعه وشفاها، وهو وافق بس بشرط انها متعملش إكده تاني وتتوب وترجع عن طريق الاعمال ومتهوبش عليها بعد إكده واصل. 

 وهي من حلاوة الروح وعدت وحلفت الف يمين، وبناء عليه ابتدا يعمل معاها اللي قاله عليه حكيم واللي عمله لربيعه، ونجملها ميه برجله وورق نبق وبقي يرشلها بيهم البيت، 

ويرشه بالميه المقرى عليها، وراح للخطاطه واكد عليها تفك العمل وهي قالتله انها فكته.. واتوكد من إكده لما شوقيه بدأت تطيب وصحتها ترد.


اما شوقيه فاللي عانته من خوف ووجع وإحساس بالموت وانها مفارقه الدنيا، خلاها تتعهد بانها بس تطيب مش هيهمها لا كرار ولا غيره ولا هتشغل روحها بصنف مخلوق غير نفسها وعيالها وبس، وهتعيش الدنيا زي مايكون مفيش غيرهم عليها، همها تبسط حالها وعيالها والباقي للجهنم الحمره. 

❈-❈-❈


وعدت الايام، والايام بقت اسابيع، والاسابيع بقت شهر والتاني وعليهم ٣ ايام، وخلاص كرار خلص من الصيام المتواصل اللي قضى عليه وخلاه كيف عود الحطب ناشف، 

وشوقيه طول الوكت تبصله ومتعجبه عاللي كان بالعافيه يكمل شهر رمضان صيام وهو متحمل وعيعافر لغاية ماكمل الكفاره كلها! 

ومع فطار اخر يوم فى ايام الصيام.. خبط باب بيت ابو دراع، وراحت ربيعه فتحته، واتفاجئت بأبوها كرار واقف عالباب، وبمجرد ماشافها بنبرة امر قالها:


خشي قولي لامك يلا عيقولك جوزك، خلاص الجلع خلص والليله انتي بايته فبيت جوزك وففرشته. 


اما شام فكانت قريبه على الباب وسمعته وقلبها وقع فرجليها من الخوف وهي عتتخيل اغتصاب جديد بعد السنين داي كلها وهي في السن ديه والروح والقلب والبدن وكل مافيها هي عارفه انه مش هيتحمل. 

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف من رواية نفق الجحيم الجزء الثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة