رواية جديدة البريئة والوحش لأميرة عمار - الفصل 19
قراءة رواية البريئة والوحش كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية البريئة والوحش
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أميرة عمار
الفصل التاسع عشر
نظر فارس لإبراهيم بعدما أخرج والدته من بين أحضانه قائلاً:
-وعشان مينفعش أفضل عايش في الظلم ده
خدت خطوة المفروض كنت أخدها من زمان
تعالت دقات قلب إبراهيم بشدة خوفاً من أن يكون ما خطر بذهنه صحيح
أما سارة كانت تقف ببرود تام منتظرة سماع الجملة التي شكت بها منذ أيام قليلة
وها هو قالها بكل ثقة وجدية متناهية:
-أنا إتجوزت
فتح إبراهيم عيناه على وسعيهما مما قاله ابنه
ولم يعي لنفسه إلا وهو يمد يده لاطماً إياه على خده بكل قوته
علت شهقات الجميع عقب نزول الكف على خد فارس،مصدومين من فِعلة إبراهيم التي لم يتوقعها أحد أبداً
إلتوى فكه عقب لطمة أبيه له،وتمالك أعصابه قدر الإمكان كي لا يفعل شئ خاطئ كرد فعل لفعلة أبيه يندم عليه فيما بعد
دخلت سارة بينهم وهي تلكم إبراهيم بصدره لكمه عنيفة قائلة بعصبية مفرطة:
-إيه اللي إنتَ عملته ده إنتَ اتجننت،إزاي تمد إيدك على ابني
أبعد يدها بغضب عن صدره،ضاغطاً عليها بشده تحت خاصته
إلتوت بين يديه كمن لسعها عقرب وهي تقول بصوت عالٍ دفاعاً عن ما فعله ابنها:
-اللي محتاجة ستين قلم على وشها هي الوسخه بنت أخوك اللي متجوزه ابني وبتفكر في الوسخ التاني اللي غلطت معاه
تلقائياً اتجهت أنظار فارس بشراسة نحو سارة
مستفسراً بعيناه عن مصدقية ذلك الحديث الذي قالته أمه
وجدها تهز رأسها نافية لما قالته والدته ودموعها بدأت في الهطول على وجهها خشيةً من معرفة فارس بوجود مازن بمصر..حتى الآن مازالت تخاف عليه وتخشى أن يضره شئ بعدما حدث بينهم...حقاً الحب ترى به العجب
-اللي عاوزة ستين قلم على وشها هو إنتِ
قالها إبراهيم بغضب جلي قبل أن يهبط على وجهها بلطمى من أقوى اللطمات التي لطمها لأحد بحياته
وضعت يدها مكان الصفعة بصدمة إعتادت عليها،قبل أن تنظر له بقوة قائلة:
-طلقني يا إبراهيم حالاً
جاء أحمد ليتدخل بينهم بعدته سارة بغضب وهي تقول:
-محدش يتدخل....أنا عاوزة أطلق ودلوقتي
-إنتِ طالق
نولها إبراهيم مرادها أمام الجميع...طلقها وأصبحت لم تحل له بعد الآن،لا يدرك الآن ما قاله،لا يدرك سوى أنها وقفت تناطحه أمام الجميع بعنادها المعتاد وأعطاها طلبها التي كانت تعلم أنه من المستحيل أن يحدث
إرتجف جسدها إرتجافة ملحوظة فور سماعها
لما قاله...وارتخى جسدها منها لولا يد فارس الذي تمسكت بخصرها لكانت فريشة في الأرض الآن
دخل محمد الغرفة بعدما استمع لصوتهم المرتفع عقب دخوله من باب القصر
وهو يقول بإستغراب:
-فيه إيه يا ولاد صوتكم عالي ليه
لم يرد عليه أحد بل بقيوا صامتين وكأن على رؤوسهم الطير...مصدومين من طلاق إبراهيم لسارة
جعد محمد حاجبيه بإستغراب من صمتهم المبالغ به قبل أن يتجه نحو لين المنهارة من البكاء
وقف أمامها وهو يضع يده على كتفيها قائلاً:
-في إيه يا حبيبتي بتعيطي ليه
ردت عليه بصوت متقطع من كثرة البكاء بصوت حزين:
-بابا طلق ماما
فتح عيناه على وسعيهما وهو يقول بصدمة:
-إنتِ بتقولي إيه
لم ترد عليه لين بل أكملت بكائها
نظر إلى إبراهيم وهو يقول بتساؤل حذر:
-الكلام اللي قالته لين ده صح يا إبراهيم
-أيوة يا بابا أنا طلقت سارة
قالها إبراهيم بكل ثبات وقوى دون أن يهتز له جفن
إنفعل محمد من سكونه الغريب وقال بغضب:
-إنتَ إتجننت أيه اللي حصل خلاك تعمل كده
لم تعطيه فرصة للرد على سؤال أبيه بل قالت هي بكل قوة:
-هقولك أنا إيه اللي خلاه يعمل كده...اللي خلاه يعمل كده إنه بيدافع على بنت أبنك،بنت إبنك اللي مصانتش ابني ولا راعت إنه حماها وحمى شرفها من كلام الناس ولسه بتحب الوسخ التاني وشافته كمان... بنت إبنغك اللي بتقول إننا ظلمناها لما جوزناها فارس وإنها كانت عاوزة تتجوز مازن،متجوزة راجل وبتفكر في حضن راجل تاني...زعل أني قولت عليها واحدة وسخه وضربتها بالقلم،قولي إنتَ دي واحدة بتقال عنها إيه
تعالت دقات قلب محمد بوجع مستنكراً لحديثها قائلاً بتيه:
-إنتِ بتقولي إيه
-بقول اللي حصل واللي بنت ابنك قالته لِلين بنتي
أما فارس لفت نظره كلمة واحدة بهذا الحديث الذي قالته أمه لِجده وهي"قابلته"...فكيف قابلته؟!
تقدم فارس نحوها ليحصل على إجابة للسؤال الذي بدر في ذهنه قائلاً لها بحدة:
-قابلتيه فين وإزاي
هزت سارة رأسها ببكاء وهي تقول بصوت مبحوح:
-مقابلتوش،مقابلتوش
علم أنها كاذبة من نظرات عيناها ودموعها التي تنزل خوفاً على مازن وليس خوفاً منه
هز رأسه عدة هزات متتالية قبل أن يقول بهدوء:
-إنتِ طالق....طالق....طالق
طلقها بالثلاثة دون أن يُفكر كثيراً...لا أحد يستطيع أن يعلم مدى راحته الآن عندما أزالها من حياته،كانت كل طلقة تخرج منه تحمل معها جزءً كبير من آلامه وهمومه
أغمضت سارة عيناها ودموعها هبطت على وجهها أكثر لا تعلم لماذا اوجعتها الكلمة لكنها حقاً مؤلمة،لا تصدق أنها تحررت منه ومن آلامه
شعرت بالشفقة على زوجة عمها وعلى شعورها الآن فهي التي تكره العيش مع فارس وتكره طباعه شعرت بألم غريب تخلل جسدها عقب سماعها لكلمة"طالق" فماذا بزوجة عمها التي تعشق عمها وهو لديها بالعالم بأكمله
وضع محمد يده على قلبه بوجع وهو يقول بعصبية:
-إنتَ اتجننت ايه اللي قولته ده،الطلاق ده ميتحسبش لأنه وقت غضب
إبتسم فارس ببرود وهو يقول لجده:
-مين اللي قال إنه وقت غضب...أنا بقوله وأنا في كامل هدوئي
نظر محمد لسارة وهو يقول بحنيه:
-متزعليش يا حبيبتي أنا هتصرف في الموضوع ده وهسأل شيوخ
-مبقاش ينفع يا جدو فارس اتجوز
لم تعد لديه القدرة على إستيعاب كمية الأحداث التى تهطل فوق رأسه فمن ناحيه إبنه طلق زوجته ومن أخري حفيده طلق هو الأخر
حفيدته ولم يكتفي بل تزوج عليها قبل الطلاق
اشتد ألم قلبه أكثر ولم يجد نفسه إلا وهو طريحاً على الأرض
بهتت وجوه الجميع وإقتربوا منه صائحين بإسمه
ولكن لا حياة لمن تنادي
❈-❈-❈
-طنط عاملة إيه دلوقتي يا مازن
أردف بها زين هادفاً للإطمئنان على شمس والدة مازن
رد عليه مازن وهو يضع يده على شعره يرجعه للوراء بحزن:
-والله يا زين الدكاترة مش بيقولوا حاجة...كل اللي بيقولوا ادعولها
ربت زين على رجل مازن قائلاً بمواساه:
-إطمن يا صحبي خير إن شاء الله
-إن شاء الله أديني رايح النهاردة يمكن حد يطمني ولو بكلمة
-هاجي معاك أطمن أنا كمان
أماء له برأسه دلالة على الموافقة
ثم أكمل حديثه قائلاً بتساؤل:
-هتتجوز إمتى
-المفروض الاسبوع الجاي إن شاء الله،كنت مستني فارس يرجع من السفر وأهو رجع الحمدلله
أماء له مازن بصمت شارداً بالفراغ ككل مرة يأتي بها إسم فارس في الحديث
أردف زين بتوتر وهو لا يعلم كيف يقول ذلك الكلام:
-طبعاً يا مازن إنتَ عارف إني نفسي تحضر فرحي بس للأسف فارس هيعرف إنك في مصر كده
إبتسم مازن إبتسامة بسيطة وهو يهز له رأسه بتفهم
لوى زين فمه بضيق من نفسه ولكنه لا يعلم ماذا يفعل فكيف سيأتي مازن على فرحه وفارس موجود أيضاً ؟،فارس يعلم أنه قاطع مازن منذ تلك الواقعة وعلى ما يظن أنه إن علم بتجديد صداقته بمازن مرة أخرى سيقطع علاقته به
لاحظ مازن إنقلاب وجهه فقال له بجدية:
-متزعلش نفسك يا زين...هو ده اللي المفروض يحصل،مينفعش أنا وفارس نتجمع في مكان
-حاسس إن هيجي اليوم اللي هنرجع فيه إحنا التلاتة زي ما كنا
إبتسم مازن بسخرية وهو يقول:
-أهو ده بقى المستحيل بعينه
-مستحيل من ناحيتك ولا من ناحيته؟
-مستحيل من ناحيتنا احنا الإتنين...اللي حصل مكنش سهل عليا يا زين ولا كان سهل عليه أنا عارف
❈-❈-❈
في المستشفى
تقف عائلة الهواري أمام باب الإسعافات الأولية بقلق وخوف منتظرين خروج أي دكتور يُطمئنهم على "محمد"
أما هو فكان يقف بعيداً عالماً بما سيحدث،فهو الذي كان يحمله بين ساعديه وشعر وقتها أنه يحمل جثة جده...نبضه متوقف وأنفاسه
منقطعة تماماً
أما سارة كانت تبكي بشدة على حالة جدها
الذي وقع أمامهم من حسرته عليهم
تدعو الله بداخلها أن يخرج لهم بالسلامة ولا يحرمها منه أبداً فهو الذي تستند عليه بهذه الدنيا ولا أحداً غيره
فُتح الباب المحجوز خلفه محمد فجري إبراهيم سريعاً نحوه متقابلاً مع الطبيب
وهو يقول بصوت مُتعب:
-أبويا عامل إيه...حالته إيه دلوقتي
بعد الدكتور للخلف مقدار خطوة نظراً لإلتصاقه بإبراهيم وقال بعملية شديدة:
-الحاج كان جاي بسكته قلبية بس للأسف مقدرناش نعمل حاجة لأن قدر ربنا كان نفذ...البقاء لله
صراخ الفتاتان "لين وسارة" هو الذي شق الصمت المطبق على المكان
أما إبراهيم فتراجع للخلف وكاد أن يسقط لولا يد أحمد التي سندته
ذهب فارس تجاه أخته وأخدها بين أحضانه عندما أزداد إنهيارها عن الحد وأخذ يهدء فيها
ولكن كان بكائها وعويلها يزداد أكثر
سقطت سارة على الأرض بعدما أصبحت قدميها لا تحملها وهي تضرب بكفيها على وجهها صارخه بإسم جدها
نظر لأحمد أخيه فأستجاب سريعاً ودخلت لين في أحضان أحمد بعدما كانت في أحضان فارس
أما فارس فهبط للأسفل متقابلاً مع سارة وبدون تردد أخذها بأحضانه وهو يبعد كفها عن وجهها
أخذ سارة تصرخ وهي تقول:
-جدو مات يا فارس...جدو مات
ضممها فارس أكثر وهو يحاول السيطرة على حركة جسدها المفرطة قبل أن يقول بهدوء عكس ما بداخله:
-ادعيله...عمره انتهى يا سارة
هبطت دموع إبراهيم بحزن على فقدانه لأبيه
الذي وبالرغم من كبر سنه كان سنده في هذه الحياة،يشعر بالهواء يلحف ظهره،من كان يحميه من مصائب الدنيا رحل وترك ظهره مكشوف للمارة
❈-❈-❈
في تلك اللحظة
دخل مازن وزين إلى مكتب الإستقبال ليأخذوا تذاكر الزيارة
سمع زين صوت عويل وصراخ بعض النساء
فدعى للمتوفى بالرحمه وهو يقول لمازن:
-يا أخي عمري ما جيت المستشفى دي غير لما يبقى فيها حالة وفاة
نظر له مازن بزعر مصطنع وقال:
-وجاي معايا عند أمي!!!
ضحك زين بشدة وقال:
-الله يخربيتك يعم متقولش كده ربنا هيقومها بالسلامة إن شاء الله
خرج من الممر فارس وهو يحمل سارة التي سقطت مغشي عليها
وأحمد يسند لين على صدره
خارجين بهم من المستشفى
ولكن تقابلت الوجوه مع زين ومازن بعدما أخذوا التذاكر وإلتفوا حتى يصعدوا بالمصعد
❈-❈-❈
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أميرة عمار من رواية البريئة والوحش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية