رواية جديدة البريئة والوحش لأميرة عمار - الفصل 20
قراءة رواية البريئة والوحش كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية البريئة والوحش
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أميرة عمار
الفصل العشرون
لم أتوقع يوم أن أذوق كل ذلك الألم على يد من أطعمني خيرات الدنيا،كيف أصبحت كل تلك التعاسة ملكاً لي بسبب من أراني السعادة ألواناً
كيف من اتخذته وطناً أصبح لي قبراً الآن؟
من بنيت معه أحلاماً شامخة،هُدمت كل الأحلام
على كذبة واهية
❈-❈-❈
-استنى يا بابا أنا جاية معاك
رد عليها منير بإستغراب وهو يقول:
-جاية معايا فين؟
-أنا وإبراهيم اطلقنا يا بابا
جاء ليرد عليها سمع صوت علي الذي يقول بصدمة:
-نغم
عندما إخترق إسم محبوبته أذنه بصوت "علي"
نظر للخلف بدون تفكير محدقاً بعلي منتظراً منه توضيح على صدمته البادية على وجهه
ولكن علي كان بعالم أخر لا يرى فيه ولا يسمع سوى الماضي،ضحكات ملاك صغير يعلو بأنحاء المكان....ومن جهة أخرى أصوات صريخ زوجته شمس وبكائها لسنوات
انتقلت أقدامه تلقائياً إليها دون وعي منه حتى وقف أمامها مباشرةً،مد يده بعدم تصديق حتى يلمسها ويتأكد من وجودها أمامه الآن حية تُرزق
ولكن وجد فارس يسحبها من أمامه مدخلاً إياها بأحضانه وهو يقول بغضب:
-عينك لو متشلتش من عليها حالاً هخزقهالك
نظر علي لفارس بتيه وقال وهو مازال تحت تأثير الصدمة:
-مين دي
-مراتي
قالها فارس وهو ينظر إليه بتحدي وثقة
ردد الكلمة خلفه وهو يقول بإستنكار:
-مراتك!!....ازاي
إقترب وائل من علي وهو يحيل بينه وبين فارس قائلاً:
-في إيه يا علي...إنتَ تعرفها؟
أخرج "علي" جزدانه من جيب بنطاله وأخرج منها صورة صغيرة موضوعة به وأعطاها لوائل وهو يقول له بوجع:
-نغم يا وائل نغم
رفع وائل عيناه من على الصورة الموجودة بين يديه مصوباً بصره للقابعه بأحضان إبن أخته بصدمة لا تقل عن صدمة "علي"
ولم تغفى صدمته على فارس الذي رأي تغير ملامح خاله بوضوح شديد فأخرج "نغم" من بين أحضانه بهدوء ذاهباً إلى خاله ملتقطاً منه الصورة وجدها صورة تجمع شمس وعلي ومازن وفتاة صغيرة بعمر الثانية
نظر فارس إليه وهو يقول له بعدم فهم مستنكراً صدمته:
-مالها الصورة بمراتي
لم يرد عليه علي بل نظر لنغم بحنان ودموع متجمعة بعيناه وهو يقول بتساؤل:
-إسمك نغم؟
لم تستجيب نغم في الأول من توترها وأعين الجميع التي أصبحت منصبة عليها ولكن بعد فترة وجيزة أماءت برأسها بالإيجاب
نظر فارس لوائل بعدم فهم وهو يقول له بغضب:
-ما تقولي في ايه إنتَ التاني بدل ما إنتَ مصدوم كده
-البنت نسخة من شمس يا فارس إزاي مخدتش بالك
رافض تصديق الفكرة التي وردت بذهنه
فهز رأسه قائلاً بتساؤل:
-قصدك إيه
-دي بنت علي اللي إتخطفت منه
أغلق "علي" عيناه لوهله ونزلت الدموع من بين جفونه بغزاره وهو يقول لها بصوت متقطع:
-إسمك نغم محمد المحمدي صح؟
أماءت له مرة أخرى وهي تشعر بناقوس الخطر
حول منها
ولكن فجأة وجدته يبكي أكثر وبدون أي إنذار سحبها لأحضانه وهو يقول بأعلى صوته:
-بنتي
جاء فارس ليذهب إليه حتى يبعده عن نغم
وجد وائل يمسك معصمه وهو يقول له بهدوء:
-بنته يا فارس بجد
سحب معصمه من بين يد وائل وقال له بغضب:
-إيه الجنان ده يا وائل بنته إزاي يعني
تدخل منير في الحوار بعدما خرج من صدمة طلاق إبنته قائلاً لفارس :
-بنته يا فارس اللي خطفها منه محمد المحمدي ومراته ومن وهي عمرها سنتين
بعدت نغم عن أحضانه برعب وإتجهت لمكان وقوف فارس سريعاً داخله في أحضانه،تشعر بالخوف مما يحدث حولها...ذهنها لا يستوعب ما يحدث الآن وكيف يظهر لها أب أخر غير محمد المحمدي
إستقبلها فارس بأحضانه قابلاً رأسها ليهدأ من روعها
ومن ثم رفع الصوة التي كانت بين يديه مشيراً للطفلة الموجودة بها سألاً إياها بهدوء:
-إنتِ دي يا نغم؟
دققت نغم بالصورة التي بين يديه التي كانت لأسرة مكونة من ذلك الذي كان يحتضنها من قبل دقائق وإمراة حاضنه إياه تشبهها الآن بدرجة لا مثيل لها تحمل فتى بين يديها
أما هي فكانت بين يدين هذا الرجل
كيف؟،ما الذي أتي بها بهذه الصورة
فهي لديها بمنزلها القديم صور لها وهي صغيرة خاصة بتقديم المدرسة الإبتدائية وأخرى خاصة بالروضة لذلك تعرفت على نفسها بسهولة ويُسر
رفعت أنظارها لفارس وقالت له بدموع:
-أنا يا فارس
إنقبض قلبه إنقباضة موجعة وشدد على إحتضانها خشية مما سيحدث بعد
تدخل زين في الموضوع وهو يقول بإستغراب:
-إيه اللي حصل زمان يا جماعه حد يفهمنا وإزاي نغم اتخطفت
-محمد المحمدي كان شغال عندي في الڤيلا هو ومراته،ومراته دي كانت المسؤولة عن مازن ونغم وفي يوم وليلة صحينا من النوم ملقنهمش في الڤيلا ولا لقينا نغم
فضلت أدور عليهم وعلى مكانهم مدة طويلة بس للأسف معرفتش عنهم حاجه غير إن عدو ليا في السوق هو اللي كان واززهم عليا
وفي يوم من الأيام جالي إتصال من ناس كنت موصيهم يدوروا عليهم إن محمد ومراته عملوا حادثة وماتوا ولما سألتوا إذا كان موجود معاهم في العربية طفلة قالي اه
ففقدت الأمل وقتها وعرفت إن بنتي ماتت
نظر لها علي بإبتسامة هادئة وقال:
-إنتِ حبل النجاة اللي هينقذ شمس من الموت
ثم أكمل موضحاً لحديثه المبهم للبعض:
شمس رافضة الحياة بس لما تعرف إنك لسه عايشة هتتمسك بيها وترجع تاني أنا متأكد
-تتمسك إيه وبتاع إيه أنا مراتي مش متحركة من هنا
قالها فارس بغضب وهو ينظر لعلي بنظرات مليئة بالتحدي
-اتجوزتها إمتى وإزاي،إنتَ مش متجوز سارة الهواري بنت عمك وجايب منها ولد!
إنتابها دوار حاد كمن أخذ طعنة إخترقت صميم قلبها،بدأت قطرات العرق تصب على وجهها كمن سقط على رأسها دلو من الماء البارد بإحدى أيام الشتاء الباردة
شكت بصحة ما سمعت ولكنها لم تشك به وبخيانته لها أبداً
ولكن تأثير الجملة التي ألقاها "علي" مازالت
تشعر بها على هيئة نغزات ووخزات عنيفة بقلبها
تمسك فارس بها أكثر وقلبه أصبح بالهاوية
وأنفاسه باتت تخرج بصعوبة وهو يرى أمامه ما بناه معها يهدم بكلمة
شعر بتوهانها فاستغل الفرصة وأخذها صاعداً لأعلى مدخلاً إياها بإحدى الغرف الفارغة
يشعر بالخوف من استسلامها الرهيب له بدون أي مقاومة وكأن الجملة التي ألقاها جعلتها هشة فاقدة للنطق
ولم يأبه لمناداة علي عليهم من الأسفل ولا سؤال وائل الذي كان يستفسر عن وجهته
نظر علي لمنير وقال بغضب وصوت عالي:
-أنا مش هسكت يا منير أنا عاوز بنتي
رد عليه منير بمنتهي الهدوء والرزانة:
-إنتَ مش سامعه بيقولك مراتي؟
-مراته إزاي هو مش متجوز بنت عمه حد يفهمني
ثم إستكمل حديثه وهو يقول لمنير بإستنتاج:
-معقول يكون عرف إنها بنتي فاتجوزها عشان ينتقم مني
تدخل زين سريعاً وهو يقول له نافياً لإستنتاجه:
-فارس بيحب نغم وإتجوزها على أساس إنها نغم المحمدي،متدخلش فارس في مصايب هو معملهاش
نظر وائل لإبراهيم الجالس على كرسي الأنترية
مستمعاً إلى حديثهم بذهن شارد ولم يتدخل بشئ
إتجه وائل إليه وقال بتساؤل:
-إبراهيم إنتَ كويس؟
أماء إبراهيم برأسه دلالة على أنه بخير
وقام من مكانه صاعداً لأعلى هو الأخر ليرتاح قليلاً من الضجيج المحيط به من الداخل والخارج
رفعت سارة عيناها تتابع سيرة الواهن وشئ بداخلها يلح عليها بأن تصعد خلفه تخفف عليه تعبه الواضح
ولكن تغلب عقلها وكرامتها التي أبت
❈-❈-❈
لم تنطق بكلمة منذ دخولهم إلى تلك الغرفة
كل ما تفعله هو التحديق بعيناه تنتظر منه أن يُكذب ما سمعته أُذنها،تُريد منه أن يمد يده وينزع ذلك الألم الموجود بقلبها الآن
صمته أمامها الآن جعل وجعها يزداد أضعاف
ترى بعيناه شيئاً غريباً ترفض تصديقه
بدون سابق إنذار خانتها دمعتين هبطوا على وجنتها بمنتهى الهدوء
هز فارس رأسه وهو يمد يده ماسحاً إياهم قائلاً أخيراً:
-عشان خاطري عندك إوعي تعيطي
وجدت شفتيها تنطق تلقائياً برجفة دون إرادة منها وعيناها تترجاه بأن ينفي حديثها:
-إنتَ متجوز بجد
-هقولك كل حاجة يا نغم بس إوعي تحكمي عليا بالموت وأنا عايش
لحظة...لماذا لم ينفي؟،هل حقاً هو متزوج!
بدأت دموعها تنزل واحدة تلو الأخرى بعدما تأكدت من صحة الكلام الذي قيل بالأسفل
أما هو فمسك يدها ضاغطاً عليها يستمد منها الشجاعة حتى يُصارحها بالحقيقة،تأخر يعلم أنه تأخر في إفصاحها وأصبح الآن في محل
لم يعهده من قبل
بلع فارس ريقه قبل أن يجلي حنجرته ثم قال بهدوء:
-كنت شاب مليش لا في علاقات ولا في حب ولا في جواز مقضي كل حياتي شغل ووقت رفهيتي كان بيبقى مع اتنين صحابي زين ومازن،في يوم من الأيام وأنا في البيت
جالي فديو لسه تفاصيله موجودة في دماغي لحد دلوقتي كان عبارة عن علاقة بين مازن صاحبي وسارة بنت عمي
طبعاً شوفت الفديو من هنا وخدت أبويا وجدي وروحنا على العنوان اللي كان مبعوت تحت الفديو ولقينا فعلا سارة موجودة في شقة مازن
أول حل فكرنا فيه واحنا هناك إن مازن لازم يتجوزها عشان نداري على الفضيحة دي
وقتها قعد يقول إنه متجوزها عرفي وموثق الورق عن مأذون ولما طلبنا الورق عشان نتأكد ملقهوش فوقتها عرفنا إنه كذاب
في نفس اللحظة اتبعتلي رسالة على موبايلي من أبوه اللي هو "علي" ملخصها إن
لو مازن اتجوز سارة الفديو ده هينزل على مواقع التواصل وطبعاً ده بعد ما يخبي وش إبنه
وقتها مكنش قدامي أي حاجة غير إني أطلع غضبي على مازن،ووقتها مخلتش في حته سليمة وطلبت منه يسيب البلد
بعد ما وصلنا البيت جدي كلمني وطلب مني إني أتجوزها لأن علي المنشاوي مش هيسكت بالفديو اللي معاه ده وهيضر إسم العيلة وهينزل شغلنا الأرض
طبعاً وبدون أي تفكير إتجوزتها،اتجوزتها وأنا عارف إنها كانت في حضن صحبي قبلي برضاها
يمكن اللي شفعلها عندي شوية إني لما دورت وسألت عرفت فعلاً إنهم كانوا متجوزين عرفي
عمري ما حبتها ولا تقبلتها كزوجة ليا الحياة بينا كانت مستحيلة أنا عارف إنها بتحب مازن وهي عارفة إني بكرها وعمري ما هتقبلها
كانت بنسبالي مجرد خانة وزوجة بالإسم فقط
إبتلع ريقة بعدما أنهى حديثه قبل أن يسترسل مرة أخرى وهو يقول بحب:
-لما شوفتك أول مرة كل حاجة إتغيرت يا نغم
قلبي اللي كان مركون فجأة دق والمفاجأة إنه حبك حب غريب
كان مستحيل وقتها تقبلي إنك تتجوزيني
لما لقيت نفسي يوم عن يوم بغرق في حبك أكتر بدون تفكير طلبت إيدك ولقيت الشريط بيتكر مني لحد ما وصلنا لهنا يا نغم
سمعته لأخر كلمة،سمعته بقلب مفطور وذهن مولوع...تشعر وكأنها بإحدى الروايات
لا تصدق أن كل ما عاشته معه مبني على كذبة
كل ما قاله هذا لا يعنيها سوى زواجه من أخرى
خدعها واستغل ضعفها ووحدتها
استغل ثقتها العمياء به وطيبتها المفرطة
عند هذه النقطة لم تعد تستطيع السيطرة على هدوءها
رفعت يدها بدون أدنى تردد وهبطت على وجه في صفعة مداوية جعلته يميل بوجهه للجهة اليمنى،متقبلاً تلك الصفعة بصدر رحب
داعياً المولى أن ينتهي الموضع دون خسائر أخرى ولكن كيف؟
كذبة مثل تلك لن تمر مرور الكرام هكذا
رفع رأسه مرة أخرى ينظر إليها بذهول عندما رأها تنزل بيدها الإثنين على وجها تطلم كل خد مرة وهي تقول:
-لو إنتَ تستحق كف فأنا أستحق ألف كف على ثقتي فيك وسذاجتي اللي خلتني أتجوزك من غير ما أعرف عنك كل حاجة
سارع فارس في الوصول إليها ماسكاً معصميها
باعداً كفيها عن وجهها بقوة وهو يقول بوجع:
-إوعى تفكري تشيلي نفسك ذنب زي ده....أنا اللي أستاهل يا نغم إنتِ متستهليش حاجة غير كل الخير والحلو اللي في الدنيا
أماءت له برأسها بهزات متتالية موافقة إياه الرأي قبل أن تقول:
-صح ده مش ذنبي أبداً...مش ذنبي إنك بالوساخه دي
-نغم أنا طلقتها النهاردة وكنت ناوي أحكيلك كل حاجة والله
-زي ما طلقتها تطلقني
هز رأسه برفض وهو يقول لها:
-عارف إن الطلب ده من ورا قلبك يا نغم،إنتِ بتحبيني زي ما أنا بحبك ومش كدبة اللي هتهدم حبنا
ردت عليه بإبتسامة حسرة قائلة:
-اللي اتبني على كدبة يستحق يتهدم وحبي ليك كان أساسه كدبة كبيرة
ربطت الأحداث ببعضها عندما قال لها أن مالك إبن أبنة عمه في يوم عيد ميلاده
استرسلت حديثها قائلة:
-مالك يبقى إبنك صح
أماء لها برأسه بخجل من نفسه ومن ما فعله
صمتت مرة أخرى عندما إشتدت وخزات قلبها
فبادر هو بالحديث قائلاً:
-عيطي يا نغم،إضربيني تاني لو ده هيريحك
بس متسكتيش كده...سكوتك ده واجعني
-تعرف أنا ده كله مستنياك تقولي ان ده مقلب من مقالبك بس مقلب بايخ شوية
استرسلت حديثها قائلة:
-طب اتجوزتها غصب،خلفت منها بالغصب برضو؟
منعتني من الخلفة في حين إنك مخلف وعندك ولد،زعلت وقتها إني قولتلك إنك متجوزني عشان تقضي معايا شوية وقت
أهي الأيام ثبتتلي أهي إنه كلامي كان صح
مد يده لامساً لوجهها وهو يقول بهدوء معاكس للموقف:
-أنا اتجوزتك عشان بحبك يا نغم وأوعي في يوم من الأيام تُشكي في ده....حبي ليكي هو الحقيقة الوحيدة،حبي ليكي هو اللي خلاني أكدب عليك... انا كان ممكن أتجوز بنت أكبر عيلة في البلد برغم إني متجوز
بس ده محصلش لما حبيتك عرفت إنك عمرك ما هتوفقي تتجوزيني لو عرفتي إني متجوز ومش بس كده لاء كنتي هتبعدي عني خالص ودي حاجه أنا مكنتش عاوزها
-وغلاة كل لحظة كانت حلوة بينا لأندمك يا فارس،عمري ما هسامحك على كذبك وغشك ليا ولا عمري هسامحك على قلبي اللي بينزف ده
أنهت كلمها وهي تشير بيدها على قلبها بغصة
وجاءت لتغادر الغرفة وجدته يمسك معصمها بقوة وهو يقول:
-هعوضك عن كل ده وهنسيكي والله العظيم لأنسيكي
بعدت يدها بعنف من بين يديه وقالت بغضب وصوت عالي جديد على شخصيتها:
-إبعد عني وإوعى تفكر تلمسني تاني...أنا بكرهك وبكره كل لحظة حلوة عشتها معاك
لأنها السبب في الوجع اللي جوايا ده
ربنا يسامحك على اللي إنتَ عملته فيا
خرجت من باب الغرفة بغضب ونزلت درجات السلم بسرعة متناهية
أما هو فخرج خلفها ولكنه لم ينزل بل بقى يطلع عليها من أعلى
وقفت نغم أمام علي وقالت له بجدية:
-لسه عاوزني
أرتسمت إبتسامة سعيدة على وجه علي وقال:
-عاوزك وهفضل طول عمري عاوزك يا حبيبتي
أماءت له برأسها وقالت له:
-طب خرجني من هنا
اتسعت إبتسامته أكثر لم يصدق استعادته لإبنته بتلك السهولة دون معارضة من أحد
مد يده مُمسكاً بخاصتها وقال بحنية:
-حالاً يا حبيبتي
رفع علي رأسه لأعلى قبل أن يغادر من بوابة القصر وجد فارس يقف كالأسد الشامخ ولكن
لفت نظره دمعة عالقة بين جفونه على وشك النزول
ولكنه لم يهتم كل ما يهمه الآن أن فتاته بين يديه
❈-❈-❈
دخل فارس غرفته بعدما رأها تغادر مع علي دون أن تلتفت للخلف لتودعه بنظره أخيرة حتى
جلس أرضاً بعقل شارد مصدوم مما حدث
لا زال لا يصدق أن ما حدث حقيقي
لا يعلم أيفكر ببعد نغم عنه أم أنها أصبحت
إبنة علي وأخت مازن
الأحداث تداخلت على بعضها البعض
رأسه الآن يُقام بها الحرب العالمية الثالثة
يحاول تجاهل تلك الإنتفاضات المؤلمة بقلبه
الأمور تأزمت منه وتعقدت لدرجة لم يتخيلها،
لم يتوقع أن من يكشف سره هو علي،لم يكن بحسبانه ظهور أهل لها ويأخذونها بعيداً عنه
كان يعلم أنها ستغضب وتبكي ولكن كان يعلم أنها لن تذهب لأي مكان وستظل ببيته
أما الآن فأصبحت تحت كنف علي وإذا أراد أن يتحدث معها لابد من تخطيه أولاً
يا الله على تلك المصيبة التي حلت عليه
فتح زين الباب ودخل وأغلق الباب خلفه مرة أخرى
-إنتَ سبتها إزاي تروح مع علي يا فارس،إنتَ عارف كويس إن علي عمره ما هيرجعهالك
نظر له فارس وقال بألم وهو يضع يده على قلبه:
-قلبي هيقف مني يا زين،الحقني
اقترب زين منه بسرعة وهو يقول له:
-في إيه يا فارس،انتَ كويس
لم يرد عليه فارس بل استسلم لدوار رأسه ووجع قلبه وتسطح على الأرض،داخلاً بعالم
لا يوجد به سوى ماسته الغالية
انصعق زين عندما رأه متمدداً على الأرض أمامه كالجثة
❈-❈-❈
دخل علي المنزل ونغم تسير خلفه بهدوء مازالت السكينة تسرقها،لا تفكر بشئ تشعر بالخلو...حتى الآن لم تستوعب ما حدث ولم تفكر به حتى....كل ما يشغلها الآن ذلك الرجل الذي من المفترض أن يكون والدها والعالم الجديد القادمة إليه لا تعلم لماذا ذهبت معه
بكل تلك السهولة ولكنها فعلت كل ما بوسعها حتى تستطيع البعد عن فارس ولم تجد أفضل من خروجها مع ذلك الرجل الذي قال أنه والدها أمام الجميع ورأت كره فارس له جيداً
نظر إليها علي وإلى شرودها بإبتسامة حانية وقال:
-ممكن نقعد نتكلم شوية أنا وإنتِ
نظرت إليه نغم بإرهاق قائلة بحبور:
-انا تعبانة دلوقتي جداً ممكن توديني أي أوضة
أقعد فيها مع نفسي شوية
-حاضر يا حبيبتي تعالي ورايا هوديكي أوضتك لسه زي ما هي من يوم ما إختفيتي
صعدت نغم خلفه درجات السلم دون أن تُدرك حديثه فهي ليست بالوقت المناسب الذي يسمح لها بإدراك ما يقوله الآن
صدمتها في فارس كانت أكبر عليها من صدمتها بظهور أب جديد لها
فتح علي باب الغرفة على وسعيه وقال:
-إدخلي يا حبيبتي....وأنا هخلي المساعدة اللي تحت تعملك أكل
-شكراً مش عاوزة أي حاجة عاوزة أبقى لوحدي بس
لم يرد علي أن يضغط عليها حتى لا تنفر منه فقال لها بابتسامة:
-خلاص على راحتك يا بنتي...أنا هسيبك ترتاحي النهاردة وبكرة إن شاء الله نتكلم
تصبحي على خير
ردت عليه نغم تحيته وقالت:
-وإنتَ بخير
خرج علي من الغرفة وأغلق الباب خلفه بهدوء
ناظراً لأعلى حامداً الله على استرداده لإبنته المفقودة منذ زمن بعيد...لم يكن يتوقع أن عزاء محمد الهواري سيجعله يلتقي بها أبداً
"رُب ضرة نافعه"
❈-❈-❈
نظرت للغرفة من خلفها وجدتها أشبه بجنة الله على الأرض،كل شئ بها طفولي وبريئ للغاية
ويوجد على الأرضية بعض الألعاب الصغيرة
تقدمت قليلاً نحو إحدى الحوائط وجدت صورة لها بالصغر وبجوارها طفل أخر أكبر منها بالقليل يقف ويحتضنها وعلى وجهه مرسومة إبتسامة سعيدة
نظرت للصورة الموجودة جوارها وجدت نفسها مرتان مرة وهي بالصغر والأخرى بعمرها الآن
فحقاً تلك المرأة تشبهها بدرجة لا تُوصف
نفس الملامح الرقيقة كل ما يميز نغم عنها هو لون عيونها
كيف الدنيا دارت ووصلت بها لهنا؟
في أي قدر كان مكتوب لها هذا
عاشت طوال حياتها وحيدة تُكافح حتى تتعلم وتحصل على أعلى الشهادات
لعب الحظ معها وقبلت في شركة الهواري
لازالت تتذكر فرحتها ذالك الحين عندما تم تعينها
لازالت تتذكر إعتراف فارس بحبه لها ورغبته بالزواج منها
كم كانت غبية عندما تغاضت عن أشياء كثيرة
كيف لم يأتي ببالها أن تسأل عنه لتعلم إذا كان صادق أم كاذب
ذهبت ورا شعورها وحبها له وها هي غارقة بالوحل
نصل حاد مغروز بقوة بين نيات قلبها
تريد الصراخ بأعلى صوتها علها ترتاح من ذلك الألم
من رأته السند وعوض الله لها بعد تلك السنوات المُرة التي عاشتها كان كذبة
من عشقته وأخذت منه الأب والحبيب والصديق كان مُخادع
خدع قلبها وبرائتها ولعب بها كالكرة
جلست على الفراش وبدأت دموعها تهطل من عيناها،كان دموعها تهبط كمياه النار على وجهها
صوت نحيبها بدأ يعلو ويعلو وهي تضع يدها على قلبها المجروح قائلة بنحيب:
-ليه يا رب ليه دخلته حياتي وخلتني أحبه... أنا مكنتش ناقصة والله ما كنت ناقصة
ليه بيحصل معايا كده،دي ضريبة ثقتي في الناس يا رب
ارتفع صوتها وهي تقول :
-يارب شيل الوجع من قلبي....يا رب ارحمني
على صوت بكائها أكثر وأكثر وهي تلطم نفسها لطمات قوية على وجنتيها قائلة:
-إنتِ السبب في كل ده...إنتِ اللي غبية وصدقتي إن واحد زيه ممكن يبصلك
الكل لعب بيكي حتى اللي خدتيها صديقة ليكي ضحت عليكي...الكل كان مشترك في الكذبة دي وإنتِ كنتي هبلة ومصدقة
بدأت قوة اللطمات تزداد ودموعها تزداد إنهماراً
تسب نفسها بأبذئ الشتائم
لا تصدق أن من وهبته قلبها يفعل بها ذلك الشئ...هي التي لم تؤذي جرادة بحياتها دخلت على حياة أسرة ودمرتها بسبب نزوات رب هذه الأسرة،أصبحت زوجة ثانية له...هي من كانت نرفض مبدأ التعدد وترى أن الزوجة الثانية تدخل على البيت لتخربه أصبحت هي الآن
تلك الزوجة الخاربة للبيت
ضحكت بصوت عالي وهي تتذكر كلماته الأخيرة لها وتبريراته الكاذبة
نزلت دموعها مع ضحكاتها وهي تقول:
-فاكر نفسه هيضحك عليا تاني...وجعتي قلب ست تانية إتجوزتي جوزها وحبتيه يا نغم
فُتح باب الغرفة الموجودة به فجأة وظهر من خلفه مازن
دخل مازن الغرفة بإستغراب للأصوات الغريبة التي أستمع إليها وهو يمر ليذهب لغرفته
تقدم من الفراش يدقق النظر من الجالسة عليه
بدأت علامات الصدمة والتعجب تظهر على وجهه فهي تُشبه أمه للغاية وبنفس الوقت بغرفة أخته نغم فمن المعقول أن تكون هي!!؟
خرج صوته منخفض وكأنه يحادث نفسه وهو يقول:
-إنتِ مين
إبتسمت نغم إبتسامة بلهاء وقالت:
-أنا الهبلة اللي فارس ضحك عليها
جعد حاجبيه بإستغراب لحالتها الغريبة فمن ناحية دموعها تهطل كالشلال ومن أخرى الإبتسامة تصل من أذنها اليمين إلى اليسار
ومن فارس هذا الذي ضحك عليها؟
-إنتِ مين وبتعملي إيه هنا ومين اللي ضحك عليكي؟
قامت نغم من على الفراش وهي تنظر له بشر قائلة بغضب:
-هو اللي باعتك ليا صح؟
مال مازن رأسه لليمين وهو يسألها بشك:
-إنتِ طبيعية؟
هزت رأسها بنفي ودموعها تجددت على وجهها مرة أخرى عقب سؤاله وقالت ببكاء:
-لاء...اللي عمله فيا جنني،حاسس إني مجنونة صح؟
بعد خطوة للخلف وهو مازال ينظر لها بإستغراب تام ومن ثم خرج من العرفة واقفاً أعلى درجات السلم وهو يصيح منادياً لأبيه
في غصون دقيقة كان علي يخرج من غرفة مكتبه بالأسفل وهو يقول له:
-فيه إيه يا مازن صوتك عالي ليه
-مين اللي في الأوضة دي
قالها مازن وهو يشير على الغرفة الموجودة بها نغم
رد عليه علي وهو يصعد درجات السلم قائلاً بهدوء:
-إنتَ دخلتلها؟
لم يجاوب عليه بل سأل السؤال مرة أخرى بتصميم:
-مين دي؟
-نغم أختك يا مازن
ردد خلفه كلمته بإستغراب وهو يقول :
-أختي؟
اماء علي برأسه وهو يقول له
-هفهك كل حاجه بس تعالى الأول أعرفها عليك
سار مازن خلف على تجاه غرفة نغم وبداخله ألف سؤال وسؤال
دخل على الغرفة وجدها جالسة على الفراش وهي تطلم وجهها بصمت
تقدم علي إليها سريعاً ومسك يدها وهو يقول بإستغراب:
-بتعملي إيه يا نغم
نظرت إليه بدموع وهي تقول بكسرة:
-بضرب نفسي على اللي عملته فيها
إقترب مازن منهم بهدوء وهو يقول لها بتساؤل:
-عملتي فيها إيه
-ظلمتها كتير وأذتها بغبائي وهبلي
لم يستفسر علي عن شئ مما قالته بل سألها بهدوء :
-فارس عملك إيه يا نغم
اغرورقت عيناها بالدموع فور سماعها لإسمه واشتد وجع قلبها وهي تقول:
-فارس موتني وأنا عايشة
وفجأة ضحكت بصوت عالي وقالت:
-طلع متجوز ومخلف
نظر علي لمازن بصمت وجد الأخر ينظر إليه باستغراب لما يحدث
عاد بصره مرة أخرى لنغم وقال:
-إنتِ مراته
أماءت نغم برأسها وقالت ببكاء حاد:
-بس والله مكنتش أعرف إنه متجوز أنا مش وحشة والله مش وحشة هو اللي ضحك عليا وخلاني حبيته واتجوزته
أخذها علي بأحضانه مهدئاً إياها وهو يقول لها:
-اهدي يا حبيبتي وأنا هخدلك حقك
شعر بسكونها على كتفه فبعدها قليلاً حتى يرى وجهها وجدها مغشي عليها
ضرب بكفه على وجهها بخفة وهو ينادي عليها
ولكن لا حياة لمن تنادي
نظر علي لمازن بفزع وهو يقول بصوت عالي:
-رنلي على الدكتور بسرعة
-دكتور إيه البنت مش طبيعيه نهائي لازم تروح المستشفى
أماء له علي مؤيداً إياه بالرأي وأسرع بالقول:
-طب يلا بسرعة شيلها وإنزل بيها وأنا هجيب العربية من الجراج
❈-❈-❈
يقف الجميع أمام غرفة فارس بالمستشفى منتظرين خروج أي طبيب من الداخل يطمئنهم على حالته الصحية
تحتضن لين أمها وهي تبكي بشدة،مظهر أخيها وزين ووائل يحملونه لا يريد الخروج من بالها
سندها في هذه الدنيا وأخيها رأته ملقي كالجثة لا حول له ولا قوة
من إعتادت على شموخه وهيبته الطاغية كان يفترش الأرض كالأموات
تحتضنتها سارة بشدة وهي تدفن رأسها بعنقها تكتم شهقاتها على إبنها البكري وفلذة كبدها
وجهه الذي كانت تشع به الحياة والحيوية أصبح لوحة زرقاء شاحبة
لا تعلم ما حدث له كل ما حدث هو صيحة زين العالية منادياً عليهم ليصعدوا لأعلى
يستند إبراهيم على أحمد الذي تنزل دموعه هو الأخر كطفل صغير فقد أبيه
أما إبراهيم فكان صامتاً يشعر وكأنه كبر ٣٠ عاماً فوق عمره،كان ينقصه إبنه الآن
حتى ينتهي ذلك اليوم المشئوم،خرج من غرفته على صريخ لين إبنته وسارة إبنة أخيه
وجد إبنه في منظر لا يحب أن يراه به أبداً
فُتح الباب أخيراً وخرج الطبيب من خلفه
تقدم وائل وزين بسرعة رهيبة منه وخرج صوتهم في نفس اللحظة قائلين بخوف:
-فارس عامل إيه
إلتف الجميع حول الطبيب منتظرين منه إجابة على السؤال المطروح عليه ودقات قلب كل واحد بهم تكاد تسمع صوتها
أردف الطبيب بعملية شديدة وجدية:
-المريض كان جاي شبه ميت بجلطة في القلب بس الحمد لله عملنا اللي نقدر عليه وقدرنا نتجاوز الجلطة ولكن المريض دخل في غيبوبة حالياً معرفش مدتها قد إيه
بُهت وجه الجميع من حديث الطبيب الذي صدمهم،لا أحد بهم كان يتخيل ما قاله الطبيب منذ ثواني!!
من هذا الذي كان شبه ميت؟ -فارس!!
❈-❈-❈
بغرفة الكشف المخصصة للمرضى
يقف مازن وعلي بجوار الفراش المسطحة عليه نغم بسكون تام ينتظرون إنتهاء الطبيب من فحصه لها
علق لها محلول حتى يعدل من ضغطها المنخفض
ونظر لعلي وقال:
-الأنسة الحمد لله معندهاش أي شئ عضوي
وسبب الإغماء إنخفاض ضغط مش أكتر
رد عليه علي بجدية:
-بس يا دكتور كانت غريبة جداً وكلامها غريب قبل الإغماء
-هتفوق إن شاء الله لما المحلول يخلص...هبقى أجي أبص عليها برضو
-تمام شكراً يا دكتور
خرج الطبيب من الغرفة تاركاً خلفه علي ومازن على وققتهم الأولى
نظر مازن لعلي قائلاً بنفاذ صبر:
-فهمني كل حاجة عشان شوية وهتجنن
أماء علي له بهدوء وذهب جالساً على المقعد الموجود بأحد أركان الحائط
ذهب مازن خلفه وجلس جواره صامتاً منتظراً بدء أبيه في الحديث
-إنتَ عارف طبعاً إن كان ليك أخت إسمها نغم
واتخطفت زمان
أماء مازن برأسه مجارياً لحديث أبيه
فاسترسل علي بالحديث سارداً له ما حدث بالتفصيل في منزل محمد الهواري
بانت علامات التعجب والذهول على وجه مازن مما حكاه والده منذ قليل
خرج من صمته قائلاً:
-ما يمكن مش هي نغم أختي...إيه اللي أكدلك كده أنها نغم
-اللي أكدلي الشبه الرهيب بينها وبين شمس ودي حاجه مش طبيعية...ولما سألتها عن اسمها قالتلي نغم محمد المحمدي وطبعاً كلنا عارفين إن محمد المحمدي هو اللي خاطفها
وغير كده لما طلعتلها صورتها وهي صغيرة قالت إن ليها صورتها وهي صغيرة قالت إن هي دي
في تأكيد أكتر من كده إيه
رد عليه مازن وهو يشعر بتشويش بمشاعره:
-برضو لازم نعمل تحليل DNA
وافقه علي الرأي قائلاً بجدية:
-إحنا فيها هنعملوا النهاردة وإحنا هنا
-أنا فين
قالتها نغم بصوت يبدو عليه الإرهاق والتعب
قام مازن وعلي من مكانهم سريعاً واتجهوا إليها
نظر علي لها وقال بخوف عليها:
-إنتِ كويسة يا نغم؟
نظرت يميناً ويساراً وهي تقول بعظم إتزان:
-هو اللي جابني هنا صح؟
-هو مين
قالها مازن بتساؤل ليستفسر عما قالته
-فارس
كلمة واحدة قالتها نغم جعلت الدماء تتصاعد في رأس مازن فماذا فعل بها هذا الوغد حتى تُصبح بتلك الحالة التي من الواضح جداً أنه السبب بها
الواضح والذي فهمه من حديثها السابق وهم بالڤيلا أن فارس خدعها ولم يخبرها بزواجه ولا بطفله ولكنه لا يعلم ملابسات الموقف ولا ما حدث بالتفصيل
دخل الطبيب الغرفة بعدما طرق على الباب
وتقدم نحو الفراش بهدوء وهو ينظر لنغم ليرى ماذا حل عليها...بكل هدوء نزع الكانولا من يدها
نظرت له نغم بخوف وقالت:
-مين اللي باعتك
-أنا الدكتور
هزت رأسها بنفي وقالت له بصوت عالي:
-لاء مش هصدق حد تاني إبعد عني
نظر الطبيب لعلي بخوف مما شك فيه
وأعاد بصره مرة أخرى إلى نغم قائلاً بمجاراه حتى يتأكد مما شك به:
-ازاي مش هتصدقي حد تاني،لازم نثق في الناس عشان نقدر نعيش
ضحكت نغم بصوت عالي ودموعها هبطت في حالة عكسية مع ضحكتها قائلة:
-بس أنا لما وثقت فيه موتني وأنا عايشة
نظرت للطبيب برجاء وهي تقول:
-أنا عاوزة أموت،لو تقدر تعمل كده يبقى شكراً ليك
وضع علي يده على كتفها وهو يقول بلوعة:
-بس يا نغم متقوليش كده بعد الشر عليكي يا حبيبتي
نظرت له نغم بقوة وهي تبعد يده عن كتفها قائلة بغضب:
-ابعد عني،انتَ السبب في ده كله لو كنت دورت عليا ولقتني عمره ما كان هيخدعني ولا يضحك عليا
نظرت للطبيب وهي تضحك وتقول:
-هو ضحك عليا عشان كنت لوحدي معنديش حد
وفجأة بعد إنتهاء حديثها أصبحت تلطم نفسها مرة أخرى على وجنتيها بقوة
مسك علي يدها سريعاً وهو يبعدها قدر الإمكان عن وجهها ولكن قوة العالم إنزرعت بها
وأخذت تبعده عنها بكل قوة وهي تحاول الإنفلات من بين يديه وتخرج أصوات من فمها
غير طبيعية مع هزات رأسها السريعة والمتتالية....ترك علي يدها بعدما رأى ما رأه منها
بعدما ترك يدها وجدها تضعهم على وجهها وتبكي بنحيب بصوت عالي تتقطع له القلوب
نظر للطبيب يترجاه أن يفعل أي شئ
هز الطبيب رأسه بهدوء مطمئناً إياه
أخرج من جيب لباسه الأبيض حقنة مهدئة للأعصاب...تناول معصمها على غفلة ماسكاً إياه بقوة غارزاً الحنقة الموجودة بيده به
هدأ صوت صراخها الذي على عندما جذب الطبيب معصمها وفجأة ترنحت في جلستها ساقطة على الفراش ذاهبة لعالم هادئ للغاية
نظر مازن للطبيب وقال بخوف:
-هي مالها يا دكتور
رد الدكتور على مازن بعملية مردفاً:
-الواضح ليا إن الأنسة أتعرضت لصدمة عصبية كبيرة عقلها مش قادر يتقبلها فتحولت الصدمة لشعور مضاد تماماً
-يعني إيه المفروض يتعمل دلوقتي يا دكتور معاها
قالها علي بإستفسار وقلبه يتقطع على إبنته التي وجدها بعد عناء
أخذ الطبيب نفساً عميقاً قبل أن يلقي عليهم
جملته القاتلة:
-المريضة لازم تتحول لمستشفى الأمراض العقلية
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أميرة عمار من رواية البريئة والوحش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية