-->

رواية جديدة نفق الجحيم 2 مكتملة لريناد يوسف - الفصل 44

 

قراءة رواية نفق الجحيم الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الرابع والأربعون



ربيعه شافت امها عتطيح عالارض وجريت عليها بخوف الدنيا كله، وحاولت تفوقها مفاقتش! 

فطلعت جرى على ابو دراع ومن بعيد شافها  وهي عتجري عليه وتصرخ بأسمه بخوف وتقول الحقني ياقطب، وقلبه وقع فى رجليه من الخوف وكمل هو المسافه عليها جرى،

 وبس قرب منها وشاف دموعها ووشها المخطوف حس الدنيا اسودت فعينه، وضلمت خالص وانطفى نورها وهو عيسمعها عتقول بأنفاس مقطوعه:

امي ياقطب ألحق امي. 


خلصت جملتها وابو دراع جرى على البيت بكل سرعته من غير مايسألها فيه ايه، وهو مقتنع ان الوكت اللي هيسأل فيه ويستنى الإجابه يلحق فيه شام من اللي هي فيه وميعرفهوش. 


وبس وصل عالبيت ودخل وشاف شام مرميه عالارض جري عليها، وتبعته ربيعه وشالوها التنين بين اديهم وحطوها عالسرير وهي قاطعه النفس خالص ووشها ازرق وشكلها ميطمنش، وربيعه مفيش معاها غير النواح على امها، وبعد كذا محاوله منهم هما التنين انهم يفوقوها، فتحت عيونها بضعف ودخلت فى نوبة كحه متواصله مكانتش قادره تاخد نفسها منها، 

ولما ابو دراع لقاها مفيش امل ان حالتها تتحسن عن إكده وترجع لطبيعتها، جرى على بره يجيبلها عربيه وياخدها عالبندر يكشفلها عن داكتور. 

وبالفعل جاب العربيه وخدوها هو وربيعه واندلوا بيها عالبندر، وعلى كد ما كانت امنيتها من سنين انها تطلع من بيت المقاول وتشوف الدنيا، الطلعه اللي طلعتها ماشافتش من الدنيا الواسعه شي، وراحت مغمضه عيونها من الوجع، ولحد ماكشف عليها الدكتور وهي على حالها، وبداية التشخيص قالهم انها حالة فشل تنفسى، 

وحطها فوراً على جهاز التنفس، وبعدها ابتدا يأنبهم لان الحاله واضحه قدامه انها من مده طويله بتعاني من اعراض الفشل التنفسى وهما غفلانين عنها.. وابتدا يسأل لربيعه الاسئله اللي خلته تأكد من ظنه.. 


-هي والدتك بتنام كتير في الفتره الاخيره وبقت تصحى بصعوبه صح؟ 

ربيعه: ليها سبوعين بس ياداكتور بقت تنام نص النهار

- وبالليل نفسها بيديق وبتبقي زي اللي بتصفر وهي نايمه وبتجيلها نوبات كحه كتيره وتستمر معاها لفترات طويله؟ 


ربيعه: ايوه صوح. 

الدكتور: للاسف انتوا المفروض كنتوا جبتوها بدري عن كده شويه ومأهملتوش في صحتها؛ لأن الظاهر انها حصلها مضاعفات كتيره بسبب اهمالكم ليها.. وكأغلب اهالي الصعيد طبعا الوالده بتتعرض للدخان وللشمس وللغبار والبيئه اللي حواليها كلها بالشكل ده. 


ربيعه: ايوه ياداكتور حصل..طيب ديه معناتو ايه ياداكتور امي هتطيب ولا مش هتطيب ولا ايه؟ 

هز الدكتور دماغه بتفهم ورد عليها وهو شايف الرعب بدأ يظهر على ملامحها:


خير خير بأذن الله متقلقوش، وسابهم وخرج، وخرج وراه ابو دراع يستفسر عن الحاله زين بعيد عن ربيعه.. لكن للاسف كلام الداكتور مطمنهوش واصل. 


وبعد كام ساعه من الانتظار شام اخيراً ابتدت انفاسها تهدا ولونها يتغير من الزراق للطبيعى، وابتدت تعود لوعيها من تاني، وكل ديه وربيعه جارها منتهيه من البكا والخوف على كل اللي ليها فى الدنيا وعلى روحها اللي مقرونه بأنفاس امها واتخنقت وكت خنقتها. 


أما ابو دراع فكان واقف وعمال ياكل فبعضه من القلق على شام ومن الشفقه على حال ربيعه، وحاسس ان قلبه عيتعصر عصر على عزاز قلبه اللي بقو كل اللي ليه في الدنيا دلوك وكل اهله وناسه،


 ومجرد إحساسه بأنه ممكن يخسر حد فيهم خلاه لا على حامي ولا على بارد، وعايز بأي طريقه يرجع لشام عفيتها حتي لو هيدفع كل قرش معاه، اهم حاجه تطيب وتقوم تنور الدنيا بقلبها الاوبيض وتبارك بيت المقاول اللي من بعدها هيتحول فعيون ابو دراع لمعبد كل سكانه كهنه من عصر الظلام. 


واول مابدأت شام تفوق اتبسمت لبتها اول  ما وعيت حالها وخوفها وعيونها اللي قفلوا من كتر البكا، وهمستلها بحس متعوب:

اني زينه ياربيعه متخافيش.. هبابة تعب وراحو لحالهم يابنيتي. 

ميلت ربيعه على يدها تحبها وهي عتقولها:

انشالله مافيكي الا العافيه يانن عيني، بيا ولا بيكي التعب يمه.. اصلا انتي مينفعش تعيي ولا تتعبي وتغمضى عيونك وتغفلى عني دقيقه وحده.. اني عايشه بيكى ياشامه. 

ابتسمت شام وهي عترد عليها:

شامه!! اتوحشت الأسم وصاحبته قوى والله ياربيعه، اتوحشت اترمى فحضنها وتهون عليا وتنصحنى وتصبرني،

اشتهيت احس فحضرتها بالأمان اللي محستوش من ساعة ماهملت بيت ابوي غير معاها.. اشتهيت ضحكتها وحسها الحنين وهى عتقرا وردها وتسبح على سبحتها.. الله يرحمها ويبرئ ذمتها ويحسن مأواها ويجازيها بالجنه ونعيمها عاللي عيملته معانا. 


أمنت ربيعه وراها، وبعدها طلعت لابو دراع تخليه يسألها الداكتور لو ينفع أمها تاكل حاجه او تشرب حاجه دلوك؛ لانها ماداقتش حاجه من الصبح، ولما ابو دراع راح وسأل والدكتور سمحلها بالوكل والشرب، فطلع طوالي جابلهم وكل وعصير وميه وعاودلهم، 

وهما التنين قعدوا يوكلوا شام، وبرغم زعل ربيعه من ابو دراع الا أن موقفه مع امها وجدعنته وحنيته دوبت الزعل وصفت القلوب، وخلت بسمتها ترجع من تاني، وعيونها يرجعوا يبصوله بنفس المحبه، أما هو فلما رجعت ربيعه تكلمه واتصافت معاه، حس بأنه كيف مايكون كان مضيع حاجه ولقاها. 

وبعد ما اتحسنت ربيعه شويه الدكتور كتبلهم علاج ومتابعه مستمره، وبناء عليه كتبلهم خروج ووافق انها ترجع البيت. 

❈-❈-❈


أما كرار فبمجرد ماعاود البيت وعرف ان ابو دراع وربيعه طلعوا وخدوا شام معاهم من غير مايسألوه او شام تاخد الاذن منه جن جنونه، وبقى يلف في البيت كيف المجذوب يسأل الكبير والصغير راحوا فين؟ 

وعشان محدش يعرف ومشافهمش غير ولده تمام وهما راكبين العربيه وماشيين وميعرفش رايحين فين ملقيش كرار إجابه على سؤاله، 

والكل جاوبه بانه ميعرفش حاجه عنهم، وديه وصله للأنهيار التام وهو عيفكر ان شام احتمال تكون هملت البيت وراحت لأهلها، 

ومن غير تفكير دخل على اوضة امه وخد الطبنجه بتاعته فجيبه، وطلع بيها على بلد اهل شام وهو حالف يايجيبها معاه يايسيبها هناك بس وهي جثه مفارقه الدنيا.

❈-❈-❈


وبالفعل كرار وصل هناك ووقف بعربيته قدام باب البيت بتاعهم، ونزل وابتدا يدق الباب بمنتهى العنف، واول ماعمران واد بشاير فتح الباب زقه كرار ودفع الباب ودخل بسرعه وهو شاهر الطبنجه بتاعته، وفتح اول اوضه اللي هي اوضة الضيوف وبص فيها ملقاش فيها حد، وبعدها دخل جوا في البيت من غير مايراعي حرمته وابتدا يفتح الاوض اوضه اوضه، وعمران يحاول يوقفه وهو عيزعق فيه ويقوله انت مين وعايز ايه، وبشاير نزلت من فوق تجرى على حس ولدها، ودهب طلعت من اوضتها جري، واول ماشافت كرار والطبنجه فيده شهقت وضربت على صدرها بخوف وهي عتمتم بأسم شام، ومن الفزع حست برجليها هربطوا فبركة طين مقدرتش تحركهم من موطرحهم! 


وبشاير لما وعيته عدلت طرحتها على راسها وبحسها العالى قالتله:

ايه ديه كيف داخل البيت انت تتهجم  وتفتح فبيبانه وكمان بالسلاح! اتجنيت انت ولا ايه؟ 

واد ياعمران اجري نادم ابوك من الغيط هو وجدك وقولولهم فيه حرامي هجام دخل علينا البيت فى عز النهار وببجاحه محدش شافها قبل سابق. 


كرار التفتلها بغضب ورد عليها:

حرامي؟ 

بشاير: 

إيوه حرامي ياكرار،واكبر حرامي في الدنيا عتسرق الفرحه من الناس وتسرق الاعمار الحلوة وتضيعها.. ودلوك اطلع بره على مارجالة البيت ياجوا. 


كرار: مطالعش غير لما اخدها فيدي.. فينها مدسوسه خلوها تطلع قوام احسن ميحصلش طيب. 


سمعت دهب كلامه والدنيا لفت بيها واستنتجت ان شام طفشت من عند كرار وياعالم جرالها ايه على يده وصلها للطفشان؟ 

 وبصوت مخنوق ودموع اتجمعت في عيونها في الحال همست: 

(بتي) 

خلص كرار كلامه وبشاير راحت عليه وبخوف سألته:

هي شام هملت بيتك؟ راحت فين اختي وعميلت فيها ايه خليتها طفشت انطوق.. وكمان جاي علينا احنا بالسلاح.. قول اختى راحت فين احسن قسماً عظماً ياكرار ماتطلع من البيت على رجليك وبسلاحك ديه اخلص عليك. 


زفر كرار بديق وكمل بعدها لف في البيت وتفتيح فى بيبانه من غير مايعمل لبشاير ولا لكلامها باعت، 

ومش بس إكده دا كمان طلع عالسطوح يدور، ولما ملقيش لشام اثر في كل البيت نزل ووقف فنص الدار وبحسه العالي قال:


وديتوها فين انطقوا، والله ماههمل البلد غير وهي معاي، سوا ميته سوا حيه. 


ردت عليه دهب بصوت عيرجف من الخوف:

والله ياولدى ماجات ولا عتبتلنا دار ولا خطتلنا عتبه ولا نعرفوا حاجه عنها واصل.. قولي ياولدي إنت عميلت فيها ايه، طيب  بلاش عميلت فيها ايه طيب قولي ربيعه بتها وابو دراع معاها ولا طفشت لحالها؟ 

كرار بعصبيه:

كلهم غارو كلهم، مفيش حد فيهم قاعد. 


دهب بس سمعت ان ابو دراع وربيعه مع شام بلعت ريقها بإطمئنان وكل خوفها اتبدد، وحست ان بتها خلاص اتحررت من قبضة كرار، وحتى لو مجاتش عليهم ولا شافوها يكفى انها مع ابو دراع معناها انها بخير. 

ومعدوش ثوانى على كلام كرار وكان السيد داخل البيت يجرى وعيونه وقعت على كرار وكان فيهم غضب الدنيا كلها،

ووصل عنده وبدون مقدمات مسكه من خلجاته ومهتمش للطبنجه اللى فيده وابتدا يزق فيه على بره وهو عيقوله:


كيف تتعدى على حرمة بيتي وتدخل ع الحريم من غير استئذان ياخسيس؟ 

افرض وحده قالعه وحده متعريه وحده واخده راحتها فبيتها تبص على غفله تلاقي راجل فوق راسها واقف؟ 

ترضاها انت على روحك، ترضاها لأهل بيتك؟ 

قال كلامه وكان وصل لباب البيت بكرار دفع، فطلعه وطلع معاه والتنين بقوا فى الشارع، وفوراً ابتدت الناس تتلم عليهم من باب فضول اهل البلد المعروف، والتنين كانوا واقفين لبعض ند بند السيد ماسك كرار وكرار حاضض بوز الطبنجه فجبينه، وكل واحد مستنى التاني يبدأ بكلمه عشان يبتدى النزال الغير متكافئ بالمره واللي هينتهي لصالح كرار من قبل مايبدأ اصلاً. 


وفي الوكت ديه وصل حداهم عبد الصمد اللي كان جايبها جرى من الغيط بس طبعاً على كد حيله،

 وبمجرد وصوله وقف جار السيد ومسك فيه كحماية ليه من كرار، وبس شاف الطبنجه فيد كرار وقف قدام السيد يفديه بروحه وفرق مابينهم، وسأل كرار بهداوة:


فيه ايه ياولدي جاي علينا هداد ليه؟ 

خير عميلنالك ايه احنا ولا اعترضنا طريقك ميته؟ 

كرار:

اني مش جاي هداد ولا عهوش هويش، اني جاي اخد مرتي بالذوق او بالعافيه وانتو اللي تحددوا الطريقه عاد. 


عبد الصمد بإستغراب ممزوج بفرحه سأله وقلبه وروحه طاروا عالبيت جوا يفتشوا عليها:

هى شام جات حدانا؟ 

ميته جات طيب! 

كرار:

معرفش ميته جات ولا عايز اعرف اني عايز اخدها من إهنه واعاود بيها، خش شوف اهل بيتك واسألهم هي قاعده وين دلوك وخليهم يدلونى عليها. 


همله عبد الصمد ودخل البيت قوام عشان يشوف صحة كلام كرار، لكن دهب وبشاير نفوا ان شام جاتلهم ولا شافوها حتى! 


وكرار كان واقف بره ممنوع من الدخول بسبب السيد اللي كان واقف قدامه كيف الديك الحراجى وعيغلى غلى من فوتته عالبيت بالطريقه اللي وصفهاله عمران، ونفسه يمسكه يمنتره، 

لكنه سكت منعاً للفضايح وكلام الناس احسن يقولوا دخل عمل حاجه فمرته وتفكيرهم العقيم يخليهم ينسجوا قصص على مزاجهم. 


وطلع عبد الصمد بعدها رد على كرار بأن شام مجاتلهمش وحلفله على إكده، ولما كرار شاف الصدق فى عيونه وفكلامه اتحرك فوراً من قدامهم قاصد بلده عشان يشوف شام يمكن عاودت للبيت. 


واول مااتحرك تبعه عبد الصمد، فلفله كرار وسأله بغضب:

رايح وين انت؟ 

عبد الصمد:

رايح معاك ياولدي اطمن على بتي راحت وين وجات منين ومالها، اسمحلي النوبادي بس ياولدي احلفك بتراب ابوك وامك. 


كرار وهو عيشاورله بالطبنجه:

عاود ياراجل انت واقعد على حيلك مفيش جى ولا روح، ولو شفتك حدا بيتي هكومك بطلقه وحده.. مشفش حد فيكم حوالين داري فاهمين. 


خلص كلامه وبص للسيد ودهب وبشاير اللي كانوا عالباب واقفين وركب عربيته وطلع بيها، وهمل الكل فحيره مابين فرحتهم بأن بتهم هملت كرار وراحت مع ابو دراع وين ماراح وديه معناه انها اتحررت منه اخيراً بعد مااطمنت على بتها،وخايفين عليها احسن يعتر فيها كرار ويأذيها وهو عالأذى ميتوصاش 


وقف عبد الصمد موطرحه وهو حاسس انه متكتف، فقرب عليه السيد وقاله:


اني رايح ياعمي اشوف خبر ايه واعاود. 


عبد الصمد:

له ياولدي اوعاك تروح احسن الفقرى ديه يعمل فيك حاجه انت معاك عيال عايزينلك، اني اللي هروح واللي يعمله البو ديه فيا يعمله. 

ردت عليه دهب بخوف:


له ولا حتى انت تروح، وهو انت اللي مفيش حد عايزك يعني؟ حدش منكم يروح ويحط يده فجحر التعبان وبعدها ينوح ويقول ليه عضني.. هملوه وشام ليها رب وطول مامع جوز بتها مفيش عليها خوف.. شام فيد أمينه صاحبها بينه وبين ربه عمار. 


رد عليها السيد:

له اني هروح يامرات عمي وهتطقس من بعيد لبعيد، وبعدين داي بلدي انتي ناسيه ولا ايه؟ 

يعني ميقدرش يحدتني ولا يتعرضلي لو رحت. 


خلص كلامه ودخل جاب جزدانه وطلع، وهو وماشي بص لبشاير بصه اخيره وابتسملها يطمنها، وبعدها توكل على الله ركب القطر  قاصد بلده. 

❈-❈-❈


أما كرار.. فوصل البيت وبس دخل من بوابة الجنينه وشاف ابو دراع فى الجنينه عيرعى غنماته، خد نفس عميق وزفره بغضب وراح على بيته ودفع الباب بطريقته المعتاده الخاليه من اي ادب او ذوق،

 ودخل يدور عليها، ولما لقاها قدام عيونه وقف وحس انه دلوك بس نبضات قلبه الثايره استكانت، وشبك اديه ورا ضهره وسألها من بين سنانه:

كنتى وين وكيف تطلعي من البيت من غير شوري، وكيف تطلعى من البيت اصلا واني محرم عليكي الطلعه منيه؟ 


 شام غمضت عنيها ومردتش عليه واتقلبت على جنبها وادته ضهرها، لكن ربيعه هي اللي تولت امر الرد وقالتله:


إنت مواعيش حالها واللي هي فيه واقف تحاسبها عالطلعه والفوته؟ ديه بدال ماتقولها مالك وجرالك ايه حتى كرمال سنين خدمتها ليك ولاهلك وعيالك ومليت بطونكم ولحم كتافكم اللي كله من تعب يدها؟ 


كرار: عقولك ايه يابت انتي، انتي تبعدي عني خالص ومتتحدتيش معاي وخصوصي لما اكون عتحدت مع امك، داي مرتي وانتي ليكيش صالح بينا، مش شدوكي امحامي للناس انتي. 


ربيعه بعصبيه:

كيف مليش صالح ديه، امي داي اللي واقف تتحدت معاها وتحاسبها على طلعتها عشان كانت هتموت وراحت للحكيم، امي داي اللي معاوزنيش احاميلها واقف اتفرج عليك وانت عتشتري وتبيع فيها، أمي ولا مكانش ليك ام ومتعرفش غلاوة الام كمان؟ 


كرار اتنرفز وزفر بغضب وبص لشام وقالها:

شوفي هقولك كلمتين تحطيهم حلقه فودنك.. رجلك بره البيت ديه متخطيش غير فحالتين.. انك تكوني ميته ورايحه علي قبرك، او تكوني مشتهيه الموت وعايزه تنوليه على يدي.. غير إكده عيانه مرضانه دم خاشش عليكي.. 

بت الحرام داي او جوزها يروحو يجيبولك السم الهاري اللي تتسمميه وانتي فموطرحك. غير إكده له.

واظون اني سبق وخيرتك وعطيتك فرصه تعيشي كيف البني ادمين وانتي اللي رفضتيها،

 يوبقي تكملي حياتك فبيتي وتنهيها كيف مابدأتيها.. خدامه لا ليكي قيمه ولا قانون. 


خلص كلامه وطلع، وابو دراع اول ماشافه طالع من بيته جري عليه بخوف احسن يكون عمل فربيعه وامها حاجه،

 وحلف فى سره لو ديه حوصول هيكون اخر يوم فعمر كرار النهارده. 


وصل قباله وسأله بتحذير:

اوعاك تكون مديت يدك على وحده فيهم، عليا النعمه ياكرار اعدمك عافيتك. 

كرار:

بالك ياابو دراع مش هما اللي عايزين مد اليد والربايه، اللي عايز مد اليد هو انت، انت اللي قويت شوكتهم وخليتهم عرعرو عليا،

 انت اللي خليتليش قيمه حداهم واصل ولا خليت فقلوبهم ذرة خوف مني.. انت اللي عطيتك البت وجوزتهالك عشان تربيها طلقتها علي حل شعرها وخليتها تطلع تلف الدنيا لحالها، والبندر خليتها تروحه لحالها وحتى علام علمتها!

والله والله لو حد غيرك اللي اتجوزها وخلاها تعمل إكده لكنت قطعت خبره وخبرها. 


ابو دراع:

اسمع ياد انت، اني مرتي تعمل اللي يحلالها واللي تعوزه رقبتي سداده ليها، وتلف الدنيا كلها على حسي مش البندر بس. تعرف ليه؛

عشان هي رباية يدي واني خابر زين رباية يدي، وكمان عشان هي بت شام اللي مفيش اشرف ولا انضف منها فبيتكم كله، شام اللي اتشرفت اني اخد بتها مش عشان هي بتك.

وبخصوص التعليم ايوه علمتها ولسه هعلمها كمان وكمان وهخليها احسن وحده في البلد كلها، وهديها عمري كمان لو عازته. 


بصله كرار بصه طويله وهو مديق عنيه وبعدها قاله:

ولو قولتلك ربيعه متطلعش من البيت تاني لا لعلام ولا غيره ايه قولك؟ 

ابو دراع:

كلامك تبله وتشرب ميته، داي مرتي وانت ليكش اي كلمه عليها.

كرار رد عليه بغضب وبحسه العالي:


وزي ماربيعه مرتك وحدش يحقله يحكم عليها غيرك شام كمان مرتي وحدش ليه حكم عليها غيري، يعني من اليوم وطالع اشوفك طلعتها من البيت بغير اذني ولا اتصرفت أي تصرف يخصها هيكونلي معاك  حديت تانى.. 

واظون داي الاصول ولا الاصول عتطوعها ليك انت وعايز الناس تعاملك بيها وانت متعاملش بيها غيرك؟


ابو دراع سكت هبابه ورد على كرار بهدوء وقاله:

حقك.. بس ديه لما تكون انت تعرف الاصول وتعامل بيها الناس وكتها الناس تعاملك بيها ومتتعداهاش معاك. 

كرار:

قلت اللي حداي ياابو دراع، واخر حاجه هقولهالك.. طلعة شام من بيتي لاى موطرح هيكون فيها دم.. مرضانه الداكتور يجيلها في البيت إهنه ويكشف عليها، غير إكده له.. وناسها لو لمحت حد فيه على بوابة البيت هكومه موطرحه بطلقه واقول جاي يتهجم على بيتي ومهاخدش فيه يوم واحد حبس. 


خلص كلامه ومشى من قدام ابو دراع بخطوات غاضبه سريعه ناحية البيت، وابو دراع همس وهو مراقبه:


الهي يتهجم بيتك ديه هجم يابووو ياللي متتحسب عالبنى آدمين واصل. 



ودخل ابو دراع بعدها بيته واطمن على شام وربيعه وانهم بخير، وبعدها غير خلجاته وطلع يجيبلهم شوية طلبات للبيت من سوق البلد. 

❈-❈-❈


اما كرار فدخل اوضة امه ونام على السرير وبص للسقف وهو عيفتكر لحظة ادراكه ان شام مش في البيت وإحساسه وكتها، وكيف هيقدر يتحمل إحساس الشتات ديه لو غابت عنيه خالص! ومعادش ليها وجود فبيته او حياته، وقرر ان هو مش هيسمح لديه يجرا ابداً ولا بأى شكل من الاشكال. 

❈-❈-❈


أما السيد فوصل البلد، وراح طوالي نواحي بيت كرار وقعد مراقب من بعيد لبعيد ومستني اي حد من شباب البيت يطلع،

 وبرق عنيه وجري بفرحه وهو واعي ابو دراع طالع من بوابة البيت، وابو دراع وقف وبصله بإستغراب وهو جاي عليه باللهفه داي كلها،

 لكن بطل عجبه لما وقف السيد قباله وسأله عن شام، وبعد ماقاله ابو دراع انها في البيت حكاله السيد على مرواح كرار لبلدهم وتهجمه عليهم وكل اللي عيمله، ولما ابو دراع عرف باللي عيمله المهجوم ديه مرضيش يزيد الخوف والرعب فقلوب ام شام وابوها، 

فقال للسيد انهم راحوا البندر يتفسحوا ويشتروا شوية طلبات من ورا كرار وديه اللي جن جنونه، لكن شام زينه وفأحسن حال. 


وبناء عليه مشى السيد وعاود على البلد وهو حامل الطمأنينه للقلوب المتلاعه، وكمل ابو دراع على السوق وهو عيستغفر ربه عالكدب اللي معارفش روحه هيتحاسب عليه لانه كدب ولا ربنا هيغفرهوله عشان نابع من شفقته عالناس الغلابه ورحمته بقلوبهم؟

❈-❈-❈


وعاود السيد وطمن اهل شام ورجعوا لصبرهم من تانى على الفراق، واستنوا جية ربيعه يوم الجمعه كالمعتاد عشان تطمنهم عليها وعلى امها وتقضي معاهم الساعات اللي عتخليهم يحسوا بإن شام قاعده وسطهم، وشايفينها بعنيهم وهما سامعين حديت ربيعه عنها، 

ونقلها لرسايلها ليهم، وزي ماوصاها قطب مرضيتش تجيبلهم سيره عن تعبها، وكل اللي نقلتهولهم إن امها بخير وأمورها تمام وانهم مبسوطين ومرتاحين مع قطب،


 وديه خلاهم يرفعوا اديهم للسما ويدعوله كالعادة من قلوب ممتنه مالياها المحبه ليه. 

❈-❈-❈


وعدت الايام وشام حالتها استقرت لكن متحسنتش، ماشيه عالعلاج وربيعه بطلت تخليها نحط يدها فأي حاجه من شغل البيت، والطبيخ حتى ابو دراع منعها منه وبقي هو يساعد ربيعه فيه، واحياناً كانت تعاود من مدرستها تلاقيه هو اللي طابخ ومجهز الوكل كله، وبرغم ان طبخه مكانش بنفس طعامة وكل ربيعه وشام، حتي بعد توجيهات شام ليه، الا ان ربيعه كانت تلاقي اي حاجه يعملها بيده هي احلا حاجه في الدنيا، والوكل من طبيخ طابخه لذه مابعدها لذه، وكانت دايماً تطلب منيه الفول ابو تخديعه الحاجه الوحيدة اللي محدش غيره عيعرف يعمله حتى هي وأمها، وديه لأنه كان عايش عليه وهو عاذب واتقنه. 

❈-❈-❈


أما كرار فكان مكتفى بأنه عارف ان شام فبيته حتي لو مش عيشوفها او يحتك بيها، لكن كون انها فبيته مخليه مرتاح، كيف مايكون قعادها في البيت جزء من البيت او حيطه من حيطانه لو غادرته يتهد باقيه ويبقى عريان

❈-❈-❈


اما عزت فكان كل يوم لازمن يعدى على بيت ابو دراع يتطمن على شام من ساعة ماعرف انها عيانه، وكمان عشان يتبارك بوشها ويتصبح بطلتها قبل مايطلع لشغله اللي عيحسه عيمشى عال العال بعد صباحها. 


أما مرته بدور فولدت من كام شهر وجابتله واد كمان، وبس عرف انه واد حمد ربه انه مجاش بت وطلع على امه فى الشكل كان احتار فيها وفجوازها!


❈-❈-❈

أما شوقيه فهي كمان بقت على وش ولاده، وكل الشواهد عتقول ان فيها واد تالت، وشيعت ولدها التاني مع اخوه عند خاله، وبكده حرمت كرار من ولاده التنين، وقلعت فصوص كبده وبعدتهم عنه وكوته ببعادهم.

 وإهناك اخوها شاكر غسل دماغهم من تلا ابوهم غسيل، ومن تلا البلد وناسها والعيشه فيها وكرههم فيها خالص. 

❈-❈-❈


أما ربيعه فكانت طول الفتره اللي فاتت ساكته ومراقبه كل حركه من حركات قطب ومركزه معاه اعلى تركيز، كل كلمه كل حرف كل التفاته كل خطوه، ومراقبتها ليه بالتركيز ديه مازاده الا محبه فقلبها وهي كل يوم تشوف فيه اللي يخليها تعشق تفاصيله. 

وهو طول الفتره اللي فاتت كان ملاحظ تركيزها معاه، وكان بكل الطرق عيحاول انه يحافظ على كلامه وتصرفاته معاها بحيث انه ميعلقهاش بيه، وكمان خف قعادة معاهم لحاله وخف ضحكه وهزاره معاها، وبقت معاملته ليها شبه ميري. 


لكن هيهات بين اللي هو عايزه واللي ربيعه عتحس بيه من تلاه.. واللي لو عرفه هيتوكد إن الفاس وقعت فى القلب، وإن كل اللي عيعمله ديه بلا فايده. 


وبعد فترة السكوت داي والمراقبه من بعيد قررت ربيعه انها مش هتاخد دور المتفرجه كتير، وإن ابو دراع جوزها وحقها وهو اللي علمها إن الحق ميتسابش، والدرس هتطبقه عليه غصب عنه وتعرفه انها اتعلمته وذاكرته زين. 


وفيوم وهي قاعده فبين خالتها بسيمه في الوكت اللي خابره زين إن همام معيكونش في البيت فيه طلبت منها طلب بسيمه استغربته منها قوي!


ربيعه فركت اديها فبعض بتوتر وفضلت عيونها تتحرك بسرعه وبحركة امها الموروثه اللي خلت بسيمه خالتها تقولها:


قولي اللي حداكي يابت اختي ومتخشيش شي، مالك ايه اللي جواكي وملبكك إكده وخلي عيونك زاغوا؟ 


ردت عليها ربيعه بخجل وإحراج شديد:

عايزه اطلب منك حاجه ياخاله بس خجلانه منك. 

بسيمه: واه.. خجلانه مني كيف ديه! اخص عليكي هو اني مش زي امك ياربيعه ولا ايه؟ قولي ياغاليه يابت الغاليه عايزه ايه واني عيونى ليكي. 


ربيعه: تسلم عيونك ياخاله.. والله اللي هطلبه منك اخجل اطلبه من أمي حتى، بس اني معارفاشي اقول لمين ولا اطلبه منيه. 


بسيمه: 

قلقتيني ياربيعه متتحدتي طوالي يابتي فيكي ايه؟ 

ربيعه بخجل وهي باصه للأرض:

ياخاله اني عايزه احف وشي وحواجبي. 


خلصت كلامها ورفعت عيونها علي خالتها بحركه سريعه ونزلتهم تاني بخجل اكبر لما سمعتها عتضحك عليها ضحكه عاليه وبعدها رفعت بسيمه وشها بيدها وقالتلها بمحبه:

كبرتي ياربيعه وعايزه تحفى وتظهري جمالك! بدك تخلى الناس تتخَبَل عليكي وهما واعين حسنك اللي مناقصش حلا يابت شام؟ 

ردت عليها ربيعه بإعتراض:

له ياخاله ناس مين، ومالي ومال الناس اني، اني هعمل إكده لجوزي، مش عايزه اكون حلوه فعيون حد ولا حد يبصلى غيره، اني عايزه اكون حلوه لقطب وبس ياخاله. 

ابتسمت بسيمه وهي واعيه المحبه فعيون ربيعه وهي عتتحدت عن جوزها وسألتها بحنيه:

عشقتيه ياقلب خالتك؟ 

ربيعه: ومين غيره اتخلق لجله العشق ياخاله؟ 

وسعت ابتسامة بسيمه بعد ماتوكدت ان بت اختها واقعه لشوشتها، وقربت من وشها وقالتلها:

هحفلك وشك، لكن حواجبك حرام ياحبيبتي واصلا هما حلوين ومرسومين لحالهم، هشيلك الكام شعره المبعشكين بس، وهتطلعى كيف البدر فتمامه.. بس ابو دراع هيعمل فيكي ايه بعد إكده؟ 


ربيعه:

ولا هيعمل حاجه ويمكن ميلحظش اي حاجه من اللي هعملها، ديه مفيش حداه احساس ياخاله جبله بارد واسقع من مية طوبه من تلاي. 


بسيمه: عيتهيألك.. الراجل مهما مثل البرود جواه عيكون بركان عيغلي بس هو دايس عليه بتقله.. وابو دراع مهما مثل الزهد فيكي مستعده احلفلك انه عيتمناكي اكتر ماعتتمنيه بس هو تفكيره انه  معاوزش يظلمك معاه.. بس اني هعلمك كيف تعرفيه إنه لما يحرر قلبه ويعيش معاكي كل اللي اتحرم منيه ديه هيكون اكبر عدل ليه وليكي، 

اما اللي عيعمله دلوك ديه هو الظلم بعينه وهيندم عليه بعدين وعالايام اللي عيضيعها داي من عمره ومعارفش السعادة اللي فايتاه. 


خلصت كلامها وابتدت تحف لربيعه وشها، وربيعه رغم الم اول نوبه الا انها كانت متماسكه ومتحمله، وكانت تصبر روحها بأن كل الوجع يهون عشان عيون قطبها. 


وفي الاثناء داي استفسرت منها بسيمه على كام حاجه، وحكتلها ربيعه علي وصية امها شام ليها فى بداية جوازها، واللي بسيمه قالتلها ترميها في الترعه نصيحة امك داي وتنسيها خالص، وابتدت تديها نصايح على النقيض تماماً. 


وبعد ما خلصت بسيمه من وش شام بعدت عنها وبصتلها واتبسمت وهي واعياها بلمسات بسيطه شكلها اتغير خالص وكبرت عن سنها وزاد جمالها الضعف وقالتلها:


ورحمة ابوكي يابت شام ابو دراع لو عيحبك هيوبقى كتالك النهارده عاللي صاير فوشك وعيونه مهتنزل من عليكي مهما حاول يلجمهم، واني اهه وانتى اهه. 


ويوبقى يوريني عاد ابو دراع كيف هيقدر ميبصش عالتفاح الامريكاني ديه ولا كيف هيبعد عنه.. بس انتي من النهارده تعملي اللي قولتلك عليه، وتقولي لامك البوه داى وسعى مجال وخليكي حسيسه متوبقيش عزول، انتي بس قوليلها بسيمه عتقولك إكده وهي هتفهم لحالها. 


وخلصت كلامها وربيعه قامت عشان تروح، 

وطلعت للشارع بشكل وشها وحماره اللي يجيب التايه، واللي خلى كل اللي رايح واللي جاى واللي واقف واللي قاعد وعيتحدت مع اللي جاره قطع حديته وانتبه للقمر اللي نزل من السما وماشي وسط الناس فعز النهار ديه، ولأنهم عارفينها مرت ابو دراع الكل ابتدا يحسد فى سره اللي صبر ونال. 



أما ربيعه فبس دخلت البيت وشافتها امها برقت عيونها وفتحت خشمها بصدمه عاللي بتها عيملته فوشها وجايه بيه، وأبو دراع اللي كان جوه طلع على فتحتها للباب، وأول ماشافها وقف موطرحه وبدون وعي قالها:

حرق اللي جابك يابت كرار!


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف من رواية نفق الجحيم الجزء الثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة