رواية جديدة نفق الجحيم 2 مكتملة لريناد يوسف - الفصل 47
قراءة رواية نفق الجحيم الجزء الثاني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
بعد ماقرت ربيعه جواب ممدوح لابو دراع شافت ملامحه اتبدلت للحزن ومسحة ندم لاحت جوا عنيه فمسكت جواب ممدوح وشقته نصين قدام وشه وهي عتقوله:
قطب انت مش خاين عهد ولا خسيس ولا عميلت العيبه والغلط، انت غلطت فوعدك من لاول لأنك وعدت باللي ماليكش عليه سلطان، ومحدش يوعد بحاجه تخص غيره ويزعل لما مايوفيش بوعده.. الوعد ليه اصول والعهود ليها شروط وموازين وإنت عهدك باطل.
رد عليها قطب بوجع:
وعدته هتفضلي كيف بتي لحين بلوغك سن الرشد وعلى اختيارك انتي هتمشي الأمور.
ربيعه:
وعدته بحاجه لو نفذتها كنت هتعصى ربنا وانت مانع روحك عني ومانعني عنك ومفيش وعد يحرم حلال ويكون صحيح.
ودلوك من غير ماياخدك الفكر وعقلك يفضل يودي ويجيب، اني عايزاك تحط فبالك اني حتي لو كنت اتطلقت منك كفالله الشر مكنتش هتجوز ممدوح ولو هو اخر راجل في الدنيا.
اني نسل بيت المقاول ميلزمنيش ولا ارضى إني اكون سبب في إمتداده واجيب من بطني نسخ صغيره من كرار.. ومتقوليش ممدوح غيرهم عشان انت سيد العارفين إن العرق دساس ولازمن الدم عيحن لأصوله، والبيت ديه اصوله ظالمه وإنت خابر زين.
رد عليها قطب وهو سرحان:
والله الاصول ماكان فيه اطيب منها سوا جدي كارم سوا عمي توفيق سوا ستي عديله، دول بس عيال حوريه اللي طالعين نبته شيطاني بسبب ان حوريه اللى كانت ترويها من طبعها الشين.
خلص كلامه وهملها وطلع وهو عيفكر ياترى هيقول ايه لممدوح لما يعاود ويقف قدامه وهيكون ايه عذره وهو خابر اللي فقلب ممدوح من تلا ربيعه، كيف هيتحمل يسمع صوت كسرة قلبه وهي عتسمٍع فروحه من شدتها، كيف هيقدر يشوفه وهو عيموت قدامه من الصدمه والخذلان؟ قد ايه كان يتمنى إن صحيفته تفضل بيضه قدام ممدوح ومتتلبَخش، لكن للاسف ماعلى القلوب سلطان.
وبعدها همس لروحه وهو عياخد نفس ويزفره.. سامحني ياممدوح القلب اناني بس يعشق، ومعيشوفش غير حاله وبس.
❈-❈-❈
أما صفوت فلما قرا جواب ولده، وقبلها كان سمع بخبر حبل ربيعه من ابو دراع فرح وشاف إن خلاص ممدوح راحت عليه اي فرصه مع اللي لساها من وجهة نظرهم بت حرام ومتليقش بيهم، وإن ربنا نجاه منها.
وميعرفش إن ربنا سبحانه وتعالى نجدها هي من عيله من كبيرها لصغيرها كانوا هيعاملوها على إنها بت زني لاخر عمرها، ويصير على عيالها من ممدوح نفس اللي صار عليها من قسوة ونبذ، وديه شي عمر ربيعه ماكانت هترضى بيه ولا هتسكت عليه.. وعشان إكده مستثنيه ممدوح من كل حساباتها من زمان، بس ياترى مين يفهم.
❈-❈-❈
وعدت الايام وابو دراع تناسى موال ممدوح وتركه لحينه، وربيعه يوم عن يوم بطنها تكبر ويبان عليها الحمل وشكلها ابتدا يتغير وتبان اكبر،
وكل ديه ابو دراع متابعه لحظه بلحظه وفرحان ببت روحه اللي كل مالها وتحلا وتطيب قدام عيونه كيف حبة الفاكهه اللي ميتشبعلاهاش من حلايه،
وغير إكده حلمه اللي فبطنها وعمال يكبر قدامه ويقرب ميعاد تحقيقه،، الحلم اللي من استحالته كان يستحى حتى يحلمه وهو وصل لسن الاربعين ومن وجهة نظره راحت عليه وولى أوان إنه يكون اب واللي كده عيجوزوا عيالهم، وهو واخد وحده من عيالهم كمان.
أما شام فكانت محاديه ربيعه ومدارياها كيف الميه فى الصينيه ومتابعاها فى الحركه والمشيه والقومه والقعده،
وقطب كان يزيد عنها اضعاف فى المداريه لربيعه والخوف عليها، لدرجة إن ربيعه كانت حاسه إنهم مراقبين حتى رفت عنيها، وكل واحد منهم يجيب ويحط فخشمها مما تشتهى الانفس،
وقطب معارفش هو وداخل عليها يجيبلها ايه ولا ايه؟
وكل كام يوم جدها وستها يبعتولها زياره مع حكيم، فطير وعيش طازه وبرامات معموله بيد بشاير خالتها في الفرن الطين اللي عرفوا إن شام اتمنعت تقعد قدامها دلوك ولا تشم دخانها، وربيعه اكيد محدش هيخليها تعملها لا شام ولا ابو دراع وهي حبله،
وحتى بسيمه كل كام يوم تعمل حاجه حلوة وتشيعها مع ولدها عزام يديها لابوا دراع وهو معاود بيته، والحق يتقال الكل كان مراعي ربيعه وفرحان بيها ومدللينها كيف ماتكون أول وأخر وحده حبلت وهتخلف.
❈-❈-❈
فى ليله حلوه فى جنينة بيت المقاول
قطب مقعد ربيعه قدامه وضاممها عليه ويده على بطنها عيمسد عليها، وهي مغمضه عيونها ومستسلمه لإحساسها بالأمان والحنان والدفا الجميل،
وفجأة حست بإنتفاضة جسم قطب، ففتحت عيونها قوام وبصتله وديقت حواجبها وهي واعياه مذهول ومبرق عيونه وفجاة ابتسم وقالها:
رعص ياربيعه.. ولدي رعص واني حسيت بالرعصه تحت يدي! حسيته وهو عيضروب فى بطنك والله!
اتبسمت ربيعه ومسكت يده ورجعتها على بطنها تاني لكن في مكان مختلف اتنقلت فيه حركة العيل وقالتله:
من إمبارح عشيه ياقطب وهو عيرعص ويرفص إكده.
قطب:
وليه مقولتليش من عشيه وخليتيني احس بأول حركه ليه واكلمه واحسسه اني فرحان بيه؟
ربيعه:
اهو قدامك وكلمه والعمر كله معاك تحسسه بفرحتك بيه.
خلصت كلامها وغمضت عيونها واتبسمت وهي سامعه ابو دراع عيحدت ولده اللي فبطنها بحنيه ومحبه وفرحه كيف مايكون قدامه،
وكالعاده عتستعجب على جبل القوة اللي عيتحول لجبل حنيه وهو معاها، وعيتحول لكتلة موده ورحمه عمرها ماشافتها حدا حد،
ومكانش ياجي فى دماغها تشبيه ليه ولحالته غير (بالغول وزريزفه)
الوحيده اللي سكنت قلب الغول وبيته وأمنت شره وجبروته وبطشه بمجرد انه حبها، وحولته من غول جبار لمخلوق فى منتهى اللطف، وداي قصه كانت ستها عديله تحكيهالها وهي صغيره، وفى الاخر تقولها إن المحبه عتغير النفوس وعتخلى الطباع تتبدل، وعتفضخ اللي في القلب ومحدش مطلع عليه غير رب العالمين.
وبعد ماخلص قطب مناجاته لولده وكلامه معاه خد ربيعه وهو محاوطها بأديه عالبيت، ودخل بيها وقعدها، وراح يعملها كباية اللبن اللي لازمن تشربها كل يوم قبل ماتنام سوا ليها نفس او مليهاش، وبعدها ياخدها فحضنه وتحفهم الراحه وعيونهم تروح في النوم قريره بقربهم من بعض ومحبتهم اللي ماليهاش مثيل.
❈-❈-❈
أما كرار فبقى حاسس انه خلاص صفى وحيد خالص عالدنيا، وكان يهروب من إحساسه بالوحده كل يوم بشرب البوظه لحد مايتكفى على بوزه، واتعرف على غازيه ورافقها،
وابتدا بالحرام يدور على متعته اللي ملاقيهاش مع شوقيه ولا طايلها من شام، وكانت النتيجه إنها ابتدت تسحب فلوسه وتحويشة عمره وحده وحده،
وهو يدي كل ماياخد منها شي، لغاية ماابتدا التل يختل من كتر الاخد منه،
والقرشينات كل مادا في النقصان مش في الزياده. وشويه بشويه خلصوا وايراد المعدات مبقاش مغطي، فابتدا يبيع في الارض اللي معاه بالقيراط كيف مااشتراها بالقيراط.. واللي كان يعمله في شهور ويشتري بيه دلوك عيصرفه فيومين تلاته.
❈-❈-❈
اما شوقيه فبعد الوكت ديه كله واخوها شاكر لا عاطيها شي ولا مشاورلها من بعيد بمكسب ولو قليل تفرح بيه!
فابتدا الفار يلعب في عبها، وراحت على بيت ابوها وكلمته من التلافون بتاع الدوار، ولما سألته عن فلوسها وارباحها قالها اللي خلاها تصرخ من قعف راسها، وترمح فبيت ابوها كيف المجزوبه اللي توها ضيعت عقلها:
شوقيه:
امال ياواد ابوي لا مشيعلي مع العيال قرشين ولا قايلي فلوسك زادوا كد إكده ولا عيملت فيهم كذا ولا سويت بيهم كذا، ايه ناسيني ولا ايه؟
شاكر سكت شويه واتنهد تنهيده طويله ورد عليها وقالها:
والله يابت ابوي عايز اقولك من زمان بس خايف عليكي كنت احسن تجرالك حاجه من الفجعه اللي هتتفجعيها.
رجف بدن شوقيه وسألته بخوف:
خير ياخوي خايف عليا من إيه وفاجعة ايه كفالله الشر؟
شاكر:
فلوسك كلها وفلوسي اني كمان ياشوقيه غرقوا في البحر في حموله حطيت فيها اللي ورايا واللي قدامي وكنت مسفرها لبلاد بره، وكنت مستنظر منها خير مليهش اول من اخر ليا وليكي.. بس الحظ والنصيب.. الله يعوض عليا وعليكي يختي عاد.
وقعت السماعه من يد شوقيه ومن غير وعي ابتدت تشيل وتحط فروحها وحسها علي بالصراخ وعليه اتلموا كل سكان بيت العمده، وامها تسألها مالها وهي مفيش حيلتها غير الصراخ والبعبله في الارض على شقى عمرها اللي بلعه البحر، وفلوس عيالها وسندتهم فى الدنيا، ووصلت لحافة الموت من القهر،
بس عشان الموت راحه للى زيها ربها ماأردلهاش بالراحه.
حزنت عليها امها وحزنت معاها واتقهرت كمان، وكل اللي في البيت من اول الخدامين وحريم الغفره لحريم اخواتها صعب عليهم حالها وحال شاكر اللي تلاقيه عايش نفس القهره دلوك عشان الخساره.
الا ابوها العمده اللي كان راسي عالفوله وكيالها، وفرحان لولده اللي خد خير المقاول كله لنفسه، واللي حدا ولده كأنه فعبه.
ورجعت شوقيه يومها على بيت المقاول وهي حاسه إنها مضروبه الف سكين فى قلبها وروحها، وعتسأل حالها ياترى هي ليه جرالها إكده وليه خسرت الجلد والسقط؟
وعقلها ابدا مااهتداش ولا افتكر إن ديه عيجرالها لأن اصل الفلوس داي مسروقه ومكسبها جه بالنصب والحيله، وإن اللي عياجي من حرام عتاجي ريح إمفاجئه ياتاخده هو ياتاخد الاغلى منيه، وداي فوايد الحرام والربى بتاعه.
وبعدها شاكر شيعلها عيالها عشان معادش ليهم شغل معاه ولا عاد يعوزلهم فى شي، وبس عاودوا العيال البلد حسوا بإنهم فى مطرح غريب عنهم،
لابقوا قادرين يقعدوا فيه ولا طايقين عيشة البلد، وكرار اللي فرح بيهم وبرجوعهم ليه فرحته ماتمتش وخدها الغراب وطار؛ لما لقى شوقيه بايعه كل المعدات اللي حداه بطلب من عيالها من وراه بوساطة ابوها ومدياهم فلوسها عشان يسافروا يفتحولهم مشروع ويعيشوا فبلاد بحري زي مااعتادوا، وحس كرار النوبادي وهما حاملين روحهم والفلوس ورايحين انها الروحه اللي بلا رجعه.
وقعد هو وشوقيه بعد ماخسروا كل حاجه لا وراهم ولا قدامهم ولا حيلتهم غير البيت اللي ساكنين فيه، واللي هو كمان بإسم شوقيه ومليهش فيه شبر.
واخيراً ذل اللي كان عزيز قومه، وابتدا يمد يده لأخواته ياخد منهم الحسنه، وكان من دواعي سرور عزت إنه يشغله حداه اجير ويركبه عالمعده اللي اشتراها بالقسط مؤخراً، ويفضل يزعق فيه قدام الناس ويتنشك عليه كيف ماكان يعمل معاه بالظبط، وحس اخيراً ان الباغي دارت عليه الدواير.
واما شوقيه بدأت تلجأ لبيت ابوها وتقيم حداهم إقامه كامله وكل وشرب وبيات، وهجرت بيت المقاول اللي دخلته بسلطه كيف الملكه المتوجه، وطلعت منه ذليله بعد ماخسرت مملكتها وكل ماهو تحت حكمها.
❈-❈-❈
وابتدت تعدي الايام على هذا المنوال، كرار بالنهار يشقى وبالليل يروح يصرف شقاه عالغازيه والبوظه، ويعاود يلاقي ابو دراع حاططله لقمه على الدكه فى المندره ومغطيهاله ياكلها وينام، أو من السطله مياكلش ويتكفى على بوزه.
ويوم جديد يهل ويباعد يوم على دا الحال، لغاية ماجه اليوم اللي ابو دراع كان عامل حسابه.. يوم رجوع ممدوح من السفر.. اليوم اللي اتصل فيه ممدوح على كابينة البلد فبيت العمده وبلغ ابوه صفوت انه الصبح هيكون على ارض مصر، وقاله بلغ ربيعه وابو دراع وخلي الكل يستعد.
وفضل ابو دراع في اليوم ديه متوتر ومتدايق من اول ماصحى من النوم، ومع انه مقالش كلمه تبين ديقته وكان مبتسم فوش. ربيعه كيف عادته، الا انها مكانتش محتاجهاه يقولها بلسانه.، كانت كفايه تبص فى عيونه وتحس بإختلاف إبتسامته، وحتى بصة عيونه الحزينه.
ومهما حاولت تطلعه من حالته داي الا انها فشلت، وفضل يجلد في ذاته بكرباج الشفقه على ممدوح لما مَزَّع روحه وخلاها تئن من الوجع.
ولغاية لحظة دخول ممدوح من البوابه وشافه ابو دراع اللي كان قاعد عالمصطبه في إنتظاره ووقفله، وممدوح جه عليه طاير وخده بالباط بكل الشوق اللي جواه، واستغرب من جمود ابو دراع وملاقاته البارده ليه، وبعد عنه وابتدت عيونه تجوب فى الجنينه وهو عيدور على ضالته اللي جاى وكله حنين لكل حاجه فيها.
وأبو دراع بس شاف عنيه عيدوروا عليها حس النار شبت بين ضلوعه وانفاسه عليت، وزادت النار لهب وهو سامعه عيسأل عليها:
فينها ياعم.. هي معارفاش اني جاي النهارده؟ طيب هي خجلانه مني يعني ومتداريه ولا ايه.. نادم عليها خليني اسلم عليها مشتاقلها.
خلص كلامه ومنتظرش ابو دراع ينادم وهو اللي ابتدا يعيط عليها بعلوا حسه وهو باصص لبيت ابو دراع:
ربيعه.. ربيعة القلب وينك.. جيتك يابت العم اهه كيف ماوعدتك.. جيتك عشان اوفيلك بعهدي واخدك من بيت المقاول واطلعك منيه ونعيشوا سوا احلا عيشه وسعادة حلمت بيها فكل ثانيه واني بعيد عنك.
وهو يحكي وابو دراع يغلي وفي الاخر مقدرش يمسك نفسه وهو سامع واحد عيتغزل في مرته قدام عيونه، فصرخ عليه بعلوا حسه وهو عيمسك دراعه يمنعه من التقدم ناحية بيته:
بسسس ياممدوح بزياداك اسكت عاااد.
سكت ممدوح ووقف وبص لابو دراع بإستغراب وهو معارفش ايه سبب عصبيته داي، وفتح خشمه عشان يسأله ماله؟!
لكن قبل ماينطوق بكلمه كان باب بيت ابو دراع عيتفتح وطلت منيه اللي بمجرد ماممدوح شاف ملامحها قلبه كان هينفجر بين ضلوعه من الفرحه والشوق، وابتسم إبتسامه واسعه وعيونه اتملت بالحنين.
ولكن إبتسامته وحنينه ولهفته وكل حواسه اتوقفت اول ماربيعه طلعت بالكامل من باب البيت،
وعيونه بدأت تسرح وتمرح فيها وتجيبها من راسها تفقُد لتحت، واتوقفوا فمحاجرهم وبرق ممدوح بصدمه وهو واعى بطن ربيعه اللي زاحت من عليها الطرحه بحركه مقصودة وحطت يدها عليها كأنها عتقوله بص وشوف زين.
وأبو دراع همل يده وهو واعيه اتسمر موطرحه والصدمه شلت حركته.. وعم السكوت دقايق قطعتها ربيعه وهي عتتقدم عليه بخطوات ثابته وراس مرفوعه وتقف قدامه وتمدله يدها وهي عتقوله:
كيفك ياولد العم حمدالله على سلامتك نورت بلدك وبيتك.
خلصت كلامها وعينها على ممدوح اللي عينه محادتش عن بطنها ولا رف رفه حتي، وعشان تصرف انتباهه عن بطنها بعد مااتوكدت انه شافها زين سحبت شالها وجابته عليها،
وكملت كلامها وهي واعيه عيونه عيترفعوا ويبصولها وجواهم دمعه محبوسه ومحتاره تنزل ولا تستني،
ولكن بعد ثانيه وحده اتحسمت الحيره والدمعه فطت من عيونه هاربه ووراها سيل من الدموع نزل.. ومن غير كلام بص لابوا دراع اللي نكس عيونه للأرض بخجل، وقاله بحس مخنوق:
كيف طاوعتك نفسك واتدنت عليها وإنت سيد الخابرين إنها تخصني وانها فنفسى من يوم ماربنا خلقها عالدنيا؟ كيف تاخد حاجه مش بتاعتك وتنقض العهد وتخون الامانه كيف؟
كيف ياحاميها، داني ماشي ومهملها فحماك تكون انت حراميها وتسرقها مني؟ كيف طاوعك قلبك ياابو دراع تاخدها وإنت خابر إنها ملك غيرك كيف.. بس قولي كييييييف؟
قال آخر كلمه بعلوا حسه بنبره وصلت عنان السما وطلعت بكل قهر الكون، وخر على ركبه وركع عالارض وهو حاسس ان رجليه اصبحت كيف الخيوط ممتحملاش وزن جسمه، وإن براح الدنيا كله داق بيه وحاجه طبقت على نفسه خلته مش عارف يتنفس، وبص للفراغ وهو واعي احلامه اللي بقاله حوالي سنين وسنين عينسجها حلم ورا التاني اتفكت خيوطه وطارت فى الهوا وبعدت وهي واخده روحه معاها وسنين عمره كلها.
فردت عليه ربيعه بكل ثبات وقالتله:
إنت اللي عيملت إكده فروحك ياممدوح محدش عيمل فيك حاجه.. انت اللي بنيت جواك اوهام من غير اساس وخدت وعطيت وعود مش من حقك.
سألتني قبل سابق وقلتلك له، يوبقى على اي اساس تصمم انك تاخدني وتاخد وعد من غيرى بيا، ولاصوح اني مستغربه ليه ما هي الغصبانيه عتجري فدمكم.
انت حبيتني ماشي، بس اني عمري ماحبيتك، ولا كنت هحبك مهما طال الزمن، ولا كنت هبقالك مره واصللل.
وحتي لو مش ابو دراع وكنت اتطلقت منيه برضك مكنتش هاخدك.. اني ياممدوح لا يمكن دمي يتخلط بدمكم ولا اقبل عيالي ياجوا من نسلكم،
والحمد لله اني طلعت بت وطلعت ماعون يشيل دم غيره، عشان لو كنت طلعت راجل مكنتش هتجوز طول عمري واجيب عيال يشيلوا إسمكم ويطلعوا كيف عيال عمامهم في الجبن والخوف وقلة النخوه والظلم.
اني فرحانه عشان طلعت بت بدرجه متتصوروهاش.
آني ربنا نجاني من لعنتكم ياملاعين.
خلصت كلامها وبصت لصفوت وهي قاصداه بكل حرف قالته، وقاصده تعيد على مسامعه نفس الكلام اللي سمعهولها قبل سابق وهي النوبادي اللي فموقف القوة والرفض والانكار مش هو.
رد عليها ممدوح وهو عيحاول يقوم:
إيوه صوح عندك حق.. انتي صوح فكل حاجه قولتيها ومعاكي عذرك فكل حاجه عميلتيها.. ولو كان حد لازمن يشيل ذنبي ويقع عليه اللوم كله فهو ابوي اللي وقف قدام قلبي ومنع عنيه السعادة وبعد منيه عمي كرار.. وفى الاخر خالص.
قالها وبص لابوا دراع بغضب.. عمى اللي نفسه اتدنت لبت من دور عياله، واللي مشيت واني خايف منيه وكدبت احساسي وخوفي وراهنت نفسي إنه اللي مهيجراشي جرا بالملي.
اني ممسامحكش ياابو دراع ولا هسامحك ولا هتتهنى بحاجه طالعه من عيني وقلبي.. ويكون فمعلومك ربيعه ليا مهما طال الزمن او قصر.
وبص لربيعه وقالها بتصميم.. والله والله.. ورب العرش العظيم ياربيعه لهخليكى على ذمتي وأعمل اللي مايتعمل عشان آخدك ولو باقي فى العمر يوم.. اهم حاجه إني اكون الاخير اللي هتكونى معاه فى الجنه، وحطيها حلقه فودنك ابوكي ابو دراع الخدام الكلاف بتاعنا العجوز مهيطولش كتير ولازمن ولابد هتقعدي بعده.
خلص كلامه وردت عليه ربيعه بغيظ وقهر:
قطع لسانك بعد الشر عنه الشر بره وبعيد شالله اللي يكرهه، ربنا يديه الصحه وطولة العمر لغاية مايشيلكم على كتفه ويشيعكم على قبوركم واحد واحد يابيت المقاول.
روح ياممدوح على داركم وكن فيها واوعاك تفكر وإنت معدي في الجنينه وشايفني انك ترفع عينك وتبصلي بيها.. اني مرت قطب، قطب اللي ضافره برقابيكم وجزمته تسواكم وسيدكم وتاج راسكم كلكم ياعرر الرجاله.
قال وجاي يلوم ويعاتب ومتعشم.. طيب شوف وكت الزعل كيف الطبع الردى والمعايره والذله طلعت للي عاش طول عمره يعاملك كيف ولده.. يابوي قولنا الردايه فدمكم والعرق دساس محدش مصدق.
خلصت كلامها وقالت لقطب بإبتسامه حنونه:
يلا ياغالي تعالى عشان تتغدى أمي جهزتلك وكل من اللي قلبك يحبه.
وبعدها دخلت البيت وقفلت الباب في وش ممدوح بعنف خلت قلبه فز من الوجع كيف اللي اتقفلت فوشه ابواب الحياة.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف من رواية نفق الجحيم الجزء الثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية