-->

رواية جديدة نفق الجحيم 2 مكتملة لريناد يوسف - الفصل 48

 

قراءة رواية نفق الجحيم الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الثامن والأربعون



اتحرك ممدوح من موطرحه بصعوبه مع ابوه اللي مسك دراعه وابتدا يشد فيه من قدام بيت ابو دراع اللي اتسمر قدام بابه ومبقاش قادر على الحركه، كيف اللي روحه فارقت جسمه ومبقاش فاضل منيه غير جسم متحنط!

ومشى معاه ممدوح برجلين بايده من كتر الضعف وعيجر فيهم جر، وكل ديه قدام عيون ابو دراع اللي كان باصصله ومعارفش يشفق على حاله وكسرة قلبه اللي يصعبوا عالكافر، ولا يغل منه بسبب الكلام الماسخ اللي طلع منيه دلوك على مسامع الكل؟ 


وطبعاً كالعادة قلبه الطيب حسم الموضوع على إنه يصير شفقه، والتمسله كل اعذار الدنيا بس بسبب إنه مجرب إحساسه وقال لروحه إن ماعلى المجروح حرج. 


اما بالنسبه لربيعه ووقفتها قدام ممدوح كيف البسه تخربش عاللي منها خلاها عليت فنظر ابو دراع اكتر واكتر، 

وخلى محبته ليها زادت اضعاف، واتوكد إنه مغلطش ابداً يوم ماوافقها وتمم جوازه منها، ومحى من  دماغه اى ذرة ندم أو خوف من العهد المنقوض. 


ودخل بعدها لربيعة قلبه وخدها فحضنه بمحبه، وباس دماغها على دفاعها عنه فأول مره ليه فى عمره ميكونش فيها فموضع قوة ودفاع عن حد، وهو اللي يكون فموضع الضعف ومحتاج الدفاع.. واللي تدافع عنه العصفوره الصغيره داي! 


❈-❈-❈


اما شام فكانت قاعده فأوضتها هاربه من شوفة ممدوح وشوفة وجعه اللي متوكده إنه هيفوق الوصف،واللي لا عينها ولا قلبها هيتحمله، وهيفكرها بوجع الخساره ومر الفراق وحالها فبداية إحساسها بإنها خسرت كل شَي..وفي احتمال الحزن والوجع لا يكلف الله نفساً الا وسعها وشام اكتفت اوجاع. 


لكنها شافت بتها ربيعه وهي فحضن ابو دراع وكاننها بين دراعاته وشافت بطنها الشايله ولده والفرحه اللي فعيونهم وهان عليها زعل ممدوح وكسرته، وقالت في نفسها بتي ومن بعدها الطوفان. 


❈-❈-❈


أما حدا بسيمه

همام وهو داخل من الباب:

عاليه.. ياعالييه.. تعالي يابوي شوفي جبتلك ايه من البندر. 

جات عليا تجري عليه من جوه واترمت في حضنه الاول قبل ماتبعد وتبص للي جايبه وتسأله بفضول:

ايه ديه يابوي اللي جايبهولي؟ جبتلي حلاوه ريم! 

همام بإبتسامه:

جبتلك حلاوه ريم اكيد وهو اني اقدر برضه انسى فيوم وادخل البيت بلاها؟ 

بس اني اليوم جايبلك حاجه تانيه حلوه اكتر من الحلاوة الريم. 

خلص كلامه وفتح الكيس اللي فيده وطلع منيه مريلة مدرسه وشنطه واقلام وكراسات وشريطين حمر وحطهم كلهم جار بعض عالدكه وقال لعليا:

دكتوره عاليه ديه لبس المدرسه بتاعك اللي هتروحي بيه السنه الجديده وتتعلمي زين وتاخدي شهاده كبيره وترفعي بيها راسي وسط الخلايق.. هتطلعي داكتوره واني في الرايحه والجايه يقولولي ابو الداكتوره راح ابو الداكتوره جه. عايزك توبقي احسن وحده في البلد والبلاد اللي حواليها يابت قلبي. 


مسكت عليا الحاجات بفرحه وجريت بيهم على امها اللي كانت واقفه وسامعه وشايفه كل اللي عيعمله واللي عيقوله همام لبته، وكيف عايزها تكون احسن وحده في الدنيا وقلبها رقص من الفرحه، لأنها جات المرحله اللي همام هيثبت فعلا فيها محبته وتفضيله لبته، 

مرحلة العلام اللي ميوافقش عليها لبته الا اللي تفكيره مختلف عن تفكير اهل البلد العقيم، وميوصلهاش لطريق النجاح ويمسك يدها وهي ماشيه فيه غير كل ذي عقل فهيم حكيم. 


ميلت بسيمه على بتها وحبتها من خدودها بفرحه وباركتلها عالحاجه وابدت اعجابها بيهم، وبصت لهمام بشكر وتقدير وابتسمتله وهو ابتسملها في المقابل،


 وشاورلها عشان تاجي تقعد جاره، وهي بدون نقاش راحت وقعدت جاره، وهو بس عيملت إكده مسك يدها وقربها من خشمه وحبها مره بعد مره، وقلبها وحبها فباطنية يدها كذا مره كمان، ومن بعد يدها ميل على خدها طبع بوسه حانيه وكلها شوق، 

والغريبه إن بسيمه النوبادي اتقبلتها منيه وهي على نفس ابتسامتها ماأختفتش وحل موطرحها التكشير! 

وديه خلى همام كان طاير من الفرحه ومش مصدق روحه، واستغل المعجزه داي وخد من خدها بوسه ورا بوسه وهي مستسلماله تماماً - كجندى انهكته الحرب ورفع راية الاستسلام تعباً وإعترافاً بأنه لم تعد لديه قدرة على المقاومة اكثر، وعدوه قاتل ببسالة لسنوات يستحق عليهم الثناء.


وبدأت عليا سنه جديده كلها حماس بسبب تشجيع ابوها وامها ليها، وابوها كان  ياخدها بنفسه للمدرسه كل يوم فطريقه وهو رايح عالطاحونه ولما تطلع يهمل الطاحونه ويروح يجيبها ويروحها، وميتطمنش غير وهو مدخلها البيت بأيده ومسلمها لامها، 

وطول الوكت يفضل يوصي فيها إنها تبعد عن الولاد وتحافظ على نفسها، ويقولها عايزك تطلعي كيف إمك جريئه وقويه وعفيه ومفيش حد يقدرلك ولا تخافي من صنف مخلوق في الدنيا مهما كان.. كوني بسيمه تانيه ياعليا وصدقيني الدنيا كلها هتمشي طوع ايدك. 

❈-❈-❈


اما حدا شوقيه

بدأت تلملم حالها وكل المهم اللي ليها فبيت المقاول وعزمت امرها على انها تسافر حدا عيالها وتهمل كرار وبيته وتهمله البلد كلها، وتروح هي تتنعم باللي خدته منه، الباقي من خيره وعياله اللي بقوا ليها لوحدها، وتهمله هو غاطس في البوظه والغوازي اللي خلوه مليهش عازه ببصله، ولا عاد يفرق معاها ولا مع اي حد. 


وبالفعل صحى كرار فيوم ملقيهاش في البيت، ولما راح بيت ابوها العمده يسأل عنها قالوله انها سافرت مع اخوها شاكر لعيالها وهتقعد فبحري، وانه لو عايزهم يهمل البلد ويروحلهم. 

لكن كرار اتمسك باللي باقيله من آدميته واللي عيتمثل في ذكرياته فبيت المقاول، وكمان قعد ظناً منيه إنه بكده عيحافظ عاللي باقيله من كرامته اللي ملهاش وجود بالمره غير فخياله هو وبس، لما ميلحقش اللي باعوه واستغنوا عنه. 


وفضي بيت المقاول اخيراً من شوقيه، بس بعد ماخربته وقعدت سنين على تله تستمتع بالخراب، وبعد ماملت هملت الخراب فوق راس صحابه وهربت. 



❈-❈-❈


أما ربيعه فمن ساعة ماعاود ممدوح وطلعتها للجنينه خفت خاالص، او يعتبر انعدمت، وديه مراعاة لمشاعر قطب اللي مهما عمل حاله مش هامه الوضع، الا انها خابره إن من جواه غير إكده، وإن مفيش حد كبير عالغيره مهما كانت قوته وصبره وتقله، وخصوصي لو عيحب بالقدر اللي عتشوفه ربيعه فعيونه ليها، واللي عتحسه فكل كلمه ونظره وهمسه ولمسه ونفس من انفاسه. 


أما قطب فكان عاجبه الحد اللي حطته ربيعه مابينها وبين ممدوح، والساتر اللي خدته من عنيه، واحترامها ليه ولأسمه خلاها حداه جوهره فريده من نوعها ملهاش زي ربنا خلقها ليه هو وبس وكرمه بيها دوناً عن البشر. 


واما ممدوح فبرغم من إن شوفته لربيعه بقت نادره، الا إن الدقيقه اللي كان عيلمحها فيها كانت كفيله انها تروى روحه وقلبه، وبدال ماكان فيه مراقب واحد في البيت عيستنى الفرص لسرقة نظره فى الخفا من محبوبته بقوا اتنين، 

والتنين كيف مايكونوا صابتهم لعنة عشق اللي مش في اليد، واتبلوا بمحبة شام وبتها.. بس الفرق إن عزت عاش عمره يحب من بعيد لبعيد.. أما ممدوح فبعده كان ترقب ودراسه وتخطيط للوكت الافضل والطريقه المناسبه اللي هيقدر يرجع فيها حقه المسلوب، واللي مش هيسمح إنه يطول وهو فيد غيره. 


وبناء عليه همل الكويت خالص وقعد في البلد، وابتدا يعمر في بيت بعيد ويجهزه؛ عشان ينقل فيه مع ربيعه وهى علي ذمته بعد مايطلقها من ابو دراع او ياخدها منيه بأي طريقه تانيه، 

وقرر إنه هيسامحها على غلطها فحقه، وهيعرف كيف يثبتلها إن ابو دراع العجوز كان ضحكان عليها ورابطها جاره واستولى عليها بمنتهى الانانيه، وإن فيه فرق بين الراجل العجوز والشباب في الفكر والروح والقوة هيثبتهولها مع الايام.. وبمجرد ماتولد يرميله ولده، وديه كل اللي ليه حدا ربيعه وبعدها ربيعه من حق ممدوح وبس . 


كان يفكر تفكير اهوج كيف مايكون مغيب عن الإدراك، وناسي إن اللي عيخطط ياخد منيه حاجه ديه هو ابو دراع! 

والحاجه اللي عايز ياخدها هي روحه والنفس اللي طالع وداخل فصدره، والمفروض يقيس عليه العقاب كيف هيكون، لكن الواحد لما عيفقد التمييز بين الصح والغلط، الآمن والخطر، عيفكر نفس تفكير ممدوح. 


❈-❈-❈


أما فى بيت عبد الصمد


دهب عماله تشتغل بأيدها وعلي كد شوفها طواقى صوف ولكاليك وتخيط بنطلونات صغيره وهدوم وتطرزها لمولود ربيعه اللي جاي وحاسه إنها عتعمل إكده لشام اللي اتحرمت من فرحتها بيها وبمولوها الاول،

 وحاسه كمان إن الزمن رجع بيها تاني لوكت حبل شام في ربيعه، وإنها منتظراها النوبادي تولدها على اديها وتضمها لحظة الولادة الضمه اللي اتحرموا منها هما التنين. 


أما عبد الصمد فكان باله دايماً مع شام اللي عامله كيف اللي فدنيا غير الدنيا، او دخلت معتقل واتحكم عليها بالنفي فيه لاخر العمر،

 وكد ايه الندم كان عياكل فروحه وهو عيسأل نفسه الف مره..كان يجرا ايه لو كنت خدتهم وهجيت؟ كان يجرا ايه لو طلقتها منيه فأول ايامها معاه وكت ماكان هو يسعالها، 

كان هيجرا ايه لو مكنتش خفت من الناس وكلامها وقولها، طيب اهي شافت العذاب وشفناه اني واخواتها وامها، مين فزعلنا من الناس اللي عملتلهم حساب ولا مين حس بينا وباللي فينا؟ 

ملعون ابو الخوف وملعونه العادات، وملعون الظلم اللي دمر بنية قلبه ودمره هو قبل منها، وملعون ابو الناس اللي يتعملها حساب ونضحوا بالغالي ونبيعوه رخيص عشان نقطع لسانهم 


وعشان عبصمد خابر إن الندم فات اوانه ومعادش يقدم او يأخر كان ساكت، بس عيتمنى فكل لحظه انه يضم شامته لقلبه ويقدملها اللي باقي من عمره إعتذار، ويركع تحت رجليها طالب السماح على عمرها وشبابها وفرحتها اللي ضاعوا بسبب جبنه وخوفه.

 


أما السيد فكان اكتر واحد من بين الجميع حياته مستقره وشاف مع بشاير الفرح اشكال والوان، ولقى عيله ليه تانيه تحبه كد عيلته واكتر، ولقى أب وأم كيف مايكونوا اتصنعوا في الجنه، أما بشاير ومحبته ليها وفرحته بيها فحدث ولا حرج،ودا كان جزاء التوبه النصوحه والإصلاح من رب العالمين. 

❈-❈-❈


أما فبيت نعيم

عدويه ابتدا ينال منها تعب الختام، وهي كانت عارفه وحاسه، فبمجرد مارقدت في السرير بقت تبص حواليها عشان تشوف مين اللي هيشيلها ومين اللي هينفر منها، 


وبناء عليه تعطيله الأمانه اللي معاها. 

لكن للأسف من بنات حوريه اللي هما حريم ولادها ملقتش لا فنعمه ولا فكريه وحده تستاهل، بالعكس دول يستحقوا الرجم عالمعامله اللي من ساعة مارقدت عيعاملوهالها، 

ولو عالمراعيه بناتها التنين ورده وبدور هما اللي كانوا يتناوبوا عليها، لكنها قررت إن الأمانه تروح لبدور، وديه عشان تخفف من عليها ظلم الدنيا وتفرحها وهي واعياها من يوم مااتجوزت عزت في هم وغم وقهر وعمرها مااتنصفت يوم. 


فجابتها فيوم جارها وفتحتلها شكمجية الدهب، وطلعت منها حتتين تلاته ركنتهم على جنب لورده، والباقي كله عطته لبدور اللي غميت كذا مره من الفرحه وهي حاضنه الصندوق.. وكل ماتفوق تبص للصندوق اللي فيدها واللي فيه وتضحك وتغمى تاني، 

لغاية ماامها دسته منها تحت الفرشه وخلتها فاقت زين واستوعبت لولا ماادتهولها، وهي خطفته وجريت بيه على بيتها قوام، 

وعدويه ضربت كف بكف لانها اتوكدت انها واخداه ورايحه تديه لعزت اللي عايزه تديه عمرها بس يرضى عليها، ومعارفاش إن رضا النفس نابع من رضا العين. 

❈-❈-❈


بدأت الايام تعدى والشهور تفوت وربيعه كل مادا وبطنها تعلا وتتألم بسبب شدة بطن البكارى، وقطب كل ماتتألم هي روحه تفزعلها ويتمني لو يقدر ياخد الوجع منها مكنش اتأخر لحظه، لكن عشان ماباليد حيله كان يكتفى بأنه ياخدها فحضنه ويصبرها، ويفضل طول الليل قاعد قبالها يحكيلها فحكاوي اهل السلف واللي عيجرا في البلد بين الناس من مشاكل؛ عشان بس يسليها وينسيها وجعها هبابه،

لكن في الحقيقه هو عيكون موجوع اكتر منها وأنفاسه عتديق وتتخنق كل ماعيوعاها منداقه فنومتها وحركتها ويبص لرجليها اللي اتورموا ويحس انه متكتف ومابيده عليها حيله. 


وخوفه عليها خلى فرحته باللي فبطنها خفتت واتولد جواه هاجس إن لو ربيعه جرتلها حاجه وهي عتولد  هيكون مصيري ايه؟ وهيصير فيا اي؟ وهل هعرف اعيش بعدها فدنيا هي مش فيها؟

 والاجابه دايما تكون له.. وبعدها ياخدها فحضنه ويضمها لقلبه على كد غلاوتها، 

وهي فى قربه عتنسى كلشي حتى الاكل والشرب، 

وتكتفي بحضنه اللي عيهون عليها كل اللي هي فيه من وجع، واللي عتعد الثواني عشان تخلص منه وتولد اللي طال انتظارها ليه، والشوق لشوفته مرمر قلبها وكل ليله تناجيه بمحبتها وشوقها ليه وتدعي ربها تفوت الايام بسرعه وياجيها قوام. 


وطبعاً لما عليت شهورها مبقتش تطلع من البيت خالص لا تروح لخالتها ولا لبيت جدها، وقطب وأمها كانوا دايماً مريحينها، وهو اللي كان يروح يطمن الحبايب عليها ويجيبلها هي وشام الاخبار ويطمنهم عليهم. 


وزي ماقطب وربيعه وحتي شام كانوا يعدوا اليوم بالدقيقه والثانيه لولادة ربيعه،

 زيهم كان عبد الصمد ودهب وبشاير وبسيمه اللي كلهم مستنيين اعز الولد. 

❈-❈-❈


واخيراً ربيعه دخلت في شهرها التاسع، وخلاص مبقاش يفصلها هي وقطب عن شوفة عيلهم غير ايام، وكانوا على ربيعه اصعب ايام وبشهور الحبل كلهم من كتر ماكانت متوجعه. 

أما شام فكانت كل مايقرب ميعاد ولادة ربيعه تخاف وتترعب، تخاف عليها من الوجع وتفكر كيف بتها الصغيره داي راح تتحمل ألم المخاض وهو عيهلك الروح ويخلي الوحده تحس انها وصلت لحافة الموت! 

وكل اللي كان معاها الدعا لربيعه بساعه سهيله، وإن ربنا يخلص النفس من النفس بيسر وسهوله ويقومها بألف سلامه. 


وعدوا بالظبط ١٠ ايام فى الشهر التاسع وصحى قطب مفزوع على صوت أننه خفيفه من ربيعه، فاتعدل وقام ولع النور وبصلها لقاها قاعده وماسكه بطنها ومغمضه عيونها، جري عليها وقعد جارها وبخوف سألها:

وجعه خفيفه ولا وجع مخاض ياربيعه؟ 

فتحت عيونها اللي اتفزع قطب وهو عيشوف حمارهم ودبلانهم وردت عليه بحس يادوبك طالع:

معرفاش ياقطب بس الوجع اشد النوبادي ومش زي التقاطيع اللي كانت عتقولي عليها امي، ومن الصبح مستنياه يروح عشان اعرف انام مش راضي، عيروح هبابه ويعاود تاني قوام. 


هب ابو دراع واقف وطلع قوام راح على اوضة شام اللي كانت سهرانه كيف عادتها عتقوم الليل وحارسه ربيعه وقاعدالها طول الليل زنهاره من خوفها عليها، 


واللي بمجرد ماسمعت صوت فتح باب أوضة ابو دراع وحس خطاويه المتعجله عتقرب عليها قامت فاززه وراحت عالباب فتحته ومن غير مايتحدت بس شافت منظره وخوفه جريت قوام على اوضة ربيعه ودخلتها.. واول ماشافت حالة بتها وقربت منها ووعيت زوغان عنيها بصت لابو دراع وقالتله:

ربيعه ولاده الليله ياابو دراع، هم ياولدي هاتلها الدايه. 


وربيعه بس سمعت سيرة الدايه استرجعت اللي عيملته الدايه فى أمها زمان، وعشان زي ماأمها كان ليها عدوا هي كمان دلوك ليها عدوا، 

ومتوكده انه عيفكر بنفس التفكير.. فصرخت بعلوا حسها وقالتلهم:

له.. دايه له، وديني المِستشفي ياقطب اني مهولدش غير فالمستشفي على يد دكاتره. 


وقطب سمع كلامها وجرى قوام على بره وطلع يجيبلها عربيه، وشام قوام راحت اوضتها لبست ملسها وجابت الغيار اللي مجهزاه من اول ماربيعه دخلت فشهرها عشان يستقبلوا فيه العيل، ورجعت لربيعه خدتلها غيار هي كمان ولبستها ملسها، ومفيش ربع ساعه وكان معاودلهم ابو دراع بعربيه، وقوام شال ربيعه بين اديه وطلع بيها حطها فى العربيه ورجع خد الحاجه من شام.. ولما شاف شام رايحه معاه وقفها وقالها:

خليكي انتي ياام ربيعه عشان كرار ومشاكله وقلة عقله، اني هاخدها اولدها واجيبها. 

صرخت فيه شام وهي عتزيحه من قدامها:

والله لو فيها موتي وموت الدنيا كلها مااسيب بتي فى الوكت ديه واصل ولو على قطع رقبتي، وكرار نفسه لو قدامي وإعترض هامد يدي فصدره اطلع كبده وآكله ني. 

خلصت كلامها وطلعت قوام علي بتها وركبت جارها في العربيه.. 

وقفل ابو دراع بيته بعدها وراحوا عالمستشفي، وطول الطريق ربيعه تتوجع وحسها بالوجع كل مادا يعلا،

 وقطب وشام قلوبهم تعلا دقاتها من الخوف وبدنهم يترجف، وكل واحد فيهم عايز يضم ربيعه لحضنه هو، لكن ربيعه اللي اختارت في اللحظات داي تكون فحضن قطبها وماسكه فيه بكل قوتها وكل مايزيد وجعها تشدد فمسكتها ليه وهو يضمها، وشام تدعي وعيونها محكماش عليهم ولا شايفه منهم وهي عتبكي من خوفها على بتها، وحتي قطب كانت من وكت للتاني تبصله تلاقي عيونه عيلمعوا بالدمعه، لكنه كاتمها عشان راجل، وكمان من خوفه من السواق واللي هيقوله لو شاف ابو دراع عيدمع عشان مرته عتولد! 


وصلوا اخيراً المستشفي وكملوا اجرآت الدخول، وبعدها دخلوا بيها، وفلحظة ماخدوا ربيعه من قطب بالقوة لكشك الولاده وهي ماسكه فيده وتقوله متهملنيش، حس بإنه عاجز وإنهم خدوا روحه منه، وقعد على حيله لما مقدرش يوقف من شدة خوفه وقلقه. 


وهي نص ساعه بالظبط قعدتها ربيعه جوا وحس صراخها كان عيزلزل فقلب قطب زلزله، وحاسس برجفه عتسري فبدنه كله، وشام في النص ساعه داي روحها كانت هتطلع مع صراخ بتها،

 ولكن التنين سكن خوفهم اتبدد وقلقهم اتحول لإبتسامه وهما سامعين صرخات الصغير اللي حسه كان بمثابة روحهم اللي ردتلهم، وخصوصي قطب اللي بص لفوق وتمتم بكلمات شكر، وبعدها سجد فى الارض شكر لله، 

وإهنه دموعه اللي كان حابسهم من الصبح بالقوه غصب عنه اتحرروا ونزلوا، وقام من سجوده اللي طول، واتعدل على يد شام اللي طبطبت عليه بشفقه على حاله اللي عمرها ماشافت عليه حال راجل مرته عتولد وخايف عليها كل الخوف اللي شافته من ابو دراع ديه! 


وبعد ماقام قطب ومسح عيونه بطرف كمه، راح ووقف قدام كشك الولاده، وهي دقايق وكان الباب مفتوح وطالعاله الممرضه بفرحته الكبيره بين اديها، واللي حس ان قلبه من شدتها مش مصدق وهيوقف من كتر ماعيفرفط بين ضلوعه.. 


وبس مدتله الممرضه اديها وقالتله بفرحه:

مبروك ياحج، واد يتربى فعزك. 

وأبو دراع كتم انفاسه وهي عتحطله ولده بين اديه، وبص لقي حته منه فحضنه وضاممها لقلبه! 

فابتسم وبعدها ضحك بحسه العالي من فرحته بيه، واتأمل ملامحه شويه وباس جبينه وكبر فودانه، واداه لشام اللي كانت واقفه وماداله اديها من اول ماشاله عشان تاخد دورها هي كمان في الفرحه. 


وبس شام خدت حفيدها وقف هو قدام الاوضه مستنى حبيبة قلبه وسبب سعادته تطلع منها بخير وسلامه، ويفرحوا سوا بولدهم. 

واول مااتفتح الباب وطلعت منيه ربيعه على الترولي قرب منها ومسك يدها حبها وحب جبينها، وميل عليها همسلها بمحبه:


حمدالله على سلامتك ياروح قلبي ونور عيني، إمبارك ماجالك ياأم ولدي..هو قال إكده وهي اتبسمتله بتعب ومقدرتش ترد، وبعدها الممرضين اخدوها على أوضه وتبعها قطب وشام اللي كانت متاخده من فرحتها بحفيدها اللي جدد فعيونها الحياة وخلاها حاسه إن الدنيا فيها حاجات حلوه عتنسى كل العفش اللي الواحد عيشوفه فيها، 

ومن اكبر الحاجات الحلوه داي اللي شايلاه فباطها دلوك، واللي مش مصدقه انها بيه بقت جده وشايفه اعز الولد! 


قربت شام من ربيعه ومدتلها ولدها وهي عتقولها:

مدي يدك خدي عوضك وفرحتك ونصيبك الحلوا من الدنيا يابت عمري. 


حاولت ربيعه تتعدل وساعدها قطب وقعد وراها سندها وهي فردت اديها للى رجف عليه القلب من الفرحه ورقص بمجرد ماطلت في وشه، واتبسمت وهي واعياه عيفتح فخشمه ويودي ايده الصغيره عليه ويمص فيها بجوع، وشويه وبدأ يبكى وربيعه ابتسامتها اختفت، وبصت لامها بإستنجاد وشام بدأت توصيها كل الوصايا اللي وصتهالها ستها عديله يوم ولادتها، واولهم ان العيل لازمن يرضع لبن السرسوب فاول ساعتين من الولادهَ


وساعدت ربيعه فأنها ترضع ولدها، وبمجرد ماعيملت إكده، وشاف قطب ربيعه وهي شايله ولده وعتديه الحنان منظرها ديه كبرها فعنيه سنين، وخلاه اتبسم للمنظر بسعادة مابعدها سعاده وهو واعي قلبه شايل روحه والتنين فحضنه.. وميل على ربيعه حب خدها ولف اديه حواليها بمحبه وهمسلها بحنيه:


عحبك يامُنية الروح وغاية النفس، عحبك ياسر السعادة وكل الفرح، عحبك ياللي خليتي القلب الشايب رد شباب وعاودتيله دقاته.. عحبك ياام ادهم. 

ربيعه رفعت عيونها عليه وهمستله بصوت مماثل: ادهم! اشمعنا؟ كنت مفكراك هتسميه مخلوف على إسم المرحوم ابوك عشان تخلده 


قطب: له إسم ابوي إكده إكده ولدي شايله وهيتنطق مع اسمه فكل مره، لكن اني حابب إسم ادهم، وكمان عشان الواد لما يكبر ميخجلش من إسمه قدام زملاته ويحس إن اسمه عفش من دولهم، واني ولدي لازمن يكون الاحسن في كل شي، من الاسم للطبع للأخلاق.

ربيعه اتبسمت ورجعت بصت لولدها وهمستله وهي عتمشى ضهر يدها على خده الترف الناعم بحنيه:


ادهم! ..ادهم..نورت ياقلب امك وابوك، نورت الدنيا ونورت حياتنا وحليت الدنيا، يامراحب بيك ياواد قطب الغالي. 


خلصت كلامها مع ولدها وبصت لامها اللي كانت بصالها وعيونها عتسح في الدموع وعماله تحمد ربها بهمس وتشكره من كل قلبها على احلى منظر ممكن الام تشوفه.. منظر ابنها او بتها وهو شايل اول طرح ليه. 

فهمستلها ربيعه بمحبه:

بذيادانا من الدموع عاد ياشامه، بزيادانا مش هنقضوها بكا حتى واحنا فعز الفرحه، خلينا نغيرو اللي عشنا سنين فيه ونتعلموا الضحكه.. قربي وخدي مني واد بتك (ادهم) وحطيه فحجرك وشبعيه من حنانك واني هناملي هبابه تعبانه، وانت ياقطب خليك جاري متهملنيش، عرتاح واني حاسه بأنفاسك حتى واني نايمه. 


رد عليها قطب وهو عيساعدها تنام بعد ماقربت شام قوام وسمت وخدت ادهم وراحت قعدت بيه، وابتدت تقراله وترقيه من عيونهم هما التلاته ومن فرحتهم بيه، 


وبعد مانامت ميل عليها قطب وابتدا يلم شعرها اللي طالع من بره ربطة راسها ويلملم فيها كلها ويغطيها ويدثرها، وبعدها اتمدد جارها وميل وسند دماغه على دماغها والتنين غفيوا سوا وهما باصين لولدهم فحجر شام، واللي بيه اكتملت جميع امنياتهم، 

وبالذات قطب اللي ابتدا يفكر في العقيقه امتا هيعملها وهيعملها بكام دبيحه عشان تكفي اهل البلد كلهم، وياترى يجيب مين ينشد في الليله اللي هيعملها (لأدهم قطب مخلوف) ولده وامتداد نسله وتاني اكبر عطايا ربنا ليه بعد ربيعه طبعاً.


أما شام ففضلت باصالهم وهما نايمين انفاسهم متوحده وكل واحد فيهم حاطط دراعه عالتاني كأنه كل اللي ليه في الدنيا. 


وعدى النهار وعشان ربيعه ولدت طبيعي واطمنوا الدكاتره على حالتها وحالة الطفل طلعوها، وخدهم ابو دراع وعاودوا علي بيتهم وهما زايدين فرد جديد. 


وبمجرد دخولهم من بوابة البيت لقوا ممدوح قاعد في الجنينه واول ماشافهم قام وقف على حيله وبص للواد اللي علي يد شام، وبعدها بص لربيعه بفرحه وعيونه عتلمع وعايزه توعدها بإن قربهم قريب، وإن اللي يخص ابو دراع طلع من جواها، 

وخلاص بقت خاليه وحقه هيرجعله سوا بالرضى أو بالغصب، بالذوق او بالعافيه، بالسلم او بالحرب، وعلى إستعداد تام إنه يستعمل كل الطرق في سبيل الوصول ليها. 


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف من رواية نفق الجحيم الجزء الثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة