رواية جديدة عازف بنيران قلبي لسيلا وليد - الفصل 6
قراءة رواية جديدة بقلم سيلا وليد
تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية
مبارك يانفسي عليكِ وجعي ..مبارك الغدر والطعن .. كنت سأحاربُ بها الحياة .ولكنها أعلنت الكبرياء ..وأنا لم أصمت بل أعلنت القسوة الجفاء ...فهل يُكتب لنا الفراق أم يكتب لنا اللقاء ...؟!
❈-❈-❈
وصلت ليلى لمنزلها وجدت ذاك المتجبر يجلس أمام والديها يضع ساقا فوق الأخرى
دلفت وهي ترمقه بنظرات غاضبة :
-بتعمل إيه هنا ؟!...نصب عوده ووقف بمقابلتها ..وأردف وهو يضع تبغه بفمه
- عروستي الجميلة أخيرًا وصلت ...وضعت حقيبتها وجلست بجوار والدها ثم رمقته بسخرية
- وجودك مرفوض في بيتنا وياله أطلع برة ..ياإما اتصلك بالشرطة
دنى منها وأمال بجسده يحاوطها بذراعيه
- تؤتؤ يالولا ياحبيبتي...كدا ماجد يزعل وزعله وحش جدًا حتى أسألي والدك ..كنا لسة بنتفق
نهض عاصم واتجه لباب منزله وفتحه على مصرعيه
-أمشي اطلع برة ..ولو جيت هنا تاني صدقني هقتلك ...قهقه بضحكات صاخبة فاعتدل ينظر إلى عاصم
- والدك الحبيب ماضيلي على شيك عشرة مليون جنيه ..وإنتِ عارفة يالولا فلوسي غالية عليا أوي ..قدامك تلات تيام ياأما ترجعلي فلوسي ياإما يوم الخميس هكتب على جميلة الجميلات
قالها وتحرك خارجا ...شعر والدها بوخز قوي بقلبه ..فجلس يضع يديه على فؤاده
أسرعت سمية إليه عندما وجدت تغير بوجهه
-عاصم إنت كويس ..؟!ابتلعت ليلى حزنها واتجهت لوالدها ترسم إبتسامة
-إيه يابابا ! اوعى تكون خُفت منه دا بوق على الفاضي ...جلست على عقبيها أمامه ورفعت كفيه وقبلته
- بابا حبيبي مش عايزاك تخاف ...متشلش هم ..من بكرة هوقفه عند حده ..ضم والدها وجهها
- ليلى ابعدي عنه حبيبتي وأنا هقول لوالده يعرف يوقفه عند حده..
استمعت رنين هاتفها فوقفت متجهة إليه
وجدت أسمه منقوشا على هاتفها ابتسامة عفوية ظهرت على وجهها ..ولكنها تذكرت ماصار ..فوضعت الهاتف مرة أخرى ولم تجيبه ...كان والديها يراقبان حركاتها .
- مين ياليلى ..؟! قالتها سمية بتسأل
وزعت نظرها بين الهاتف وبين والدتها وتحدثت بتقطع
-دي ..دي أسما ياماما ...دنت والداتها وهي تربت على كتفيها
- خالتو عاملة إيه ؟ وليه روحتي المزرعة مش البيت ؟ صمتت وكأن أسئلة والدتها خرجت عن المألوف ولم تعلم بماذا تجيبها
قاطع حديثهما درة التي استيقظت من النوم وأنقذت ليلى من براثن أسئلة والدتها
- ماما مش قولتلك صحيني الساعة خمسة ..دلوقتي الساعة تمانية وعندي تست بكرة ينفع كدا ..أووف ياماما ...قالتها بصوتا ناعس ثم اتجهت لغرفتها و هي تزفر بغضب
عند يونس
خرج متجها إلى المزرعة ..استمع لرنين هاتفه ..فتح الخط وتحدث
- أيوة ياسيلين ...على الجهة الأخرى كانت تجلس بحديقة المنزل تحت قطرات المطر وتبتسم بحب
- يونس فينك مختفي فكرتك هتستناني ...أنا آسفة...لسة واصلين من ساعة بس .. وحشتني قوي ..
أغمض جفنيه بألما ..فقد أشتاقها كثيرا ..أشتاق لضحكاتها البريئة ..ولمسة يديها الناعمة ..ولكنه لم يجد كلمات تعبر مايجيش بصدره ..سحب نفسا وتحدث إليها على غير عادته :
سيلين لو مفيش حاجة مهمة ممكن نتكلم بعدين ...توقفت تستمع إلى كلماته القاسية - يونس إنت زعلان علشان روحت مع سليم شرم ...ماهو راكان اللي شرط بكدا
تجهمت ملامحه من صوتها الرقيق الذي أخترق قلبه ورغم ذلك صاح بغضب
- سيلين أنا بقولك مش فاضي مبتفهميش
أغروقت مقلتيها بالدموع والحزن ..وأردفت بصوتا مكتوما باكي
-آسفة ...قالتها ثم أغلقت الهاتف دون حديث آخر ..توقف يونس بالسيارة على جانب الطريق وبدأ يضرب على قيادة السيارة ويصيح بغضب
- ليه عملتوا معايا كدا ...ليه ضحكتوا عليا مسح على وجهه بغضب وحاول أن يهدأ..عقد العزم على أقتلاعها من قلبه ..لحظات وهو يحاول السيطرة على أنفعالاته ..ثم أدار السيارة مرة أخرى متجها إلى المزرعة
عند سيلين
جلست تنظر حولها بتشتت تحاول أن تفهم لما بعد عنها في تلك الفترة ..فهو منذ شهر وحالته متغيرة ..آهات ملتاعة مصاحبة بنبرة مرتعشة من تغيره المفاجئ ..انسدلت عبراتها تغسل وجنتيها
-ياترى أيه اللي مغيرك يايونس ؟! ودا وعدك ليا إنك هتتحدى الدنيا كلها علشاني
شعرت بدوار يضرب رأسها من فكرة أقترابه من سارة في فترة غيابها
❈-❈-❈
قاطع حديثها مع نفسها وصول سليم
-سيلي قاعدة كدا ليه في المطر ؟ انتِ مجنونة قومي هدومك اتبلت كلها
ظلت كماهي وكأنها لم تستمع إليه ..جلس بجوارها يضمها لأحضانه
- حبيبتي مالك قاعدة ليه كدا؟ من وقت ماارجعنا من شرم وانتِ كدا ..مش هتغيري
أزالت عبراتها دون أن يلاحظ وأردفت بصوت جعلته متزنا ..حيث خبأت آهاتها الصارخة وخيباتها وأجابته بقلب مفطور
- كنت مستنية آبيه راكان وحشني قوي
شعر بلهيبا بصدره كلما تذكر حديث يونس الغاضب قبل سفرهم بيوم واحدا..فاتجه إليها يمسد على خصلاتها وضمها لأحضانه
- قومي ياقلبي علشان ماتخديش برد ..وراكان أكيد لو عرف إنك رجعتي هيطلعلك على طول هو عنده كام سيلي بس ...أومأت برأسها ثم توقفت متجهة للداخل ..كان يراقب دلوفها وهي تتحرك بروح مسلوبه من جسدها ...أطبق على جفنيه حزنا عليها فهمس لنفسه
- ياترى عملت إيه يايونس مخليها كدا ...زفر غاضبا من حالة أخته وظل جالسا كما هو ..إلى أن أتت فرح وجلست بجواره
- عامل إيه حمدلله على السلامة ..استدار ينظر إليها وابتسم لها
- الله يسلمك اوعي تكوني انتِ كمان بتحبي المطر ..أيه اللي منزلك في المطر ..دنت من جلوسه متعمدة إثارة قربها ثم ضمت ذراعه
-يمكن علشان وحشتني وجاية أسلم عليك
أنزل يدها بهدوء وأجابها
-فرح إنتِ زيك زي سيلين ..اخذ نفسا ثم زفره وأكمل مستطردا :
-وإنسي كلام جدو لأني مرتبط ..وخلال يومين هعلن إرتباطي بيها ..قالها ثم نهض متجها لمنزله
كسا الوجوم ملامحها وهي تجز على أسنانها
- والله طيب هشوف كلام مين اللي هيمشي ياسليم ...قال مرتبط ..قالتها بغضب دفين
عند راكان ونوح ..بعد ذهاب أسما ولميا
جلس وبدأ يتجرع بعض من أنواع الكحول
جذب نوح الكوب من يديه وصاح به بغضب
-أكيد اتجننت ياراكان ..إيه الهبل دا من إمتى وانت بتشرب كدا
رجع بجسده وهو يتكأ بظهره على المقعد وبدأ ينفث تبغه حتى أخفى جسده خلف غبارها
- بنت خالتك دي خرجت عن المألوف صدقني أنا اللي مصبرني عليها القرابة اللي بينكم ...بتصل بيها مبتردش ،دنى نوح بجسده منه وتسائل:
- ليه الدنجوان كان ناوي يعمل إيه لو ليلى مش قريبتي ؟!
نفث دخان سيجاره وهو يطالع نوح بهدوء مميت
- كنت خطفتها !! صدمة تجلت على ملامح نوح فأردف
- لا أكيد اتجننت مش كدا ..من إمتى وإنت كدا ...ظل ينفث تبغه بشراسة ثم توقف ينظر من خلف زجاج النافذة
- ولو قولتلك أنا مبقتش عارف نفسي ..اتجه بأنظاره إلى نوح وأكمل :
- من يوم قضية باباها وأنا بقرب منها أو تقدر تقول بقربها مني ...عارف أنك هتتصدم وعارف هتقول وصلت لمرحلة ضعف ..اتجه بخطواته ونظر إلي نوح الذي ظهر على ملامح وجهه الغضب
- غصب عني ..شدتني بطريقة مثيرة ..مكنش ينفع أقولك ..كنت عايز أتأكد من مشاعري ..ولا هتكون زي غيرها ..ابتسم بسخرية وأكمل
- أنت مفكر نزولي الشركة علشان بابا طلب مني كدا ..طيب ماهو بيطلب بقاله سنين ..وبلاش أقولك إيه ورا تخطيط توفيق البنداري ...سحب نفسا وأغمض عيناه
- نزلت علشانها وبس ..علشان أقرب منها ..علمت فيا ياآخي هو مش من حقي أحب وأتحب بعد اللي غدروا بيا ..وقبل ماتقولي هتضعفك ياراكان ...هقولك أنا ضعفت فعلا يانوح ..بقيت زي الطفل قدامها ..بتقولي كلام لو واحدة تانية كنت دفنتها ، لكن منها بيكون على قلبي زي نسمة الربيع في عز الحر .
تنفس بتثاقل وكأن حجرا يطبق على صدره ثم قال بوجع مرير
كان نفسي أصارحك وأصارحها من بدري ،لكن غصب عني بقيت أشك في كل الستات ..رفع نظره إليه بحزن وشعر بقلبه يقتلع من بين ضلوعه
- ليلى لو كانت زيهم صدقني هيبقى نهايتي ..فكان لازم أصبر شوية وأتأكد من حبي ومنها ..
ظل جالسا يستمع إليه بقلب مفطور عليه ..ثم ابتلع ريقه محمحما
- راكان أنت عرفت إيه عن ليلى ، علشان تتمسك بيها كدا ..توقف نوح أمامه
- قبل ماتكون صاحبي هي بنت خالتي ..يعني مقدرش أشوفها بتقرب من النار واسبيها تحترق
تنهد بألما وشعور بالأختناق يعيق خروج زفراته الحارقة يريد صفع نوح بقوة على وجهه ..ورغم ذلك حاول السيطرة على غضبه
- قصدك قرب ليلى مني نار يانوح ..يعني أنا بحرقها ..بعد اللي حكتهولك دا بتقولي هحرقها
أشتعلت نظرات نوح بشكل مخيف وصاح بغضب
- راكان متحاولش تقنعني إنك هتخرج من القرف دا وتستقر بليلى ..ليلى غير البنات اللي بتسهر معاهم ..ضرب على صدره وصاح بغضب
- وخد الكبيرة ياصاحبي ..أنا استكترتها على نفسي ماهو أنا أولى بيها ابن خالتها بقى
لم يتحكم بنفسه إذ رفع كفيه وصفعه بقوة على وجنتيه وصاح حينما فقد سيطرته بالكامل
- أخرص يانوح متقولش كدا تاني ..أمسكه من تلابيبه وبدأ يهزه بعنف
- إنت عمرك مافكرت فيها ..وأنا أكتر واحد عارف حبك لأسما . قالها وهو يدفعه بقوة محاولا أخذ أنفاسه التي شعر بإنسحابها بالكامل ...اشار له بسبباته
- عارف بتختبر صبري مش أكتر ،علشان لو غير كدا كنت موتك ..اقترب نوح وطالعه بمكر
- لا مش بختبر صبرك ، الكلام دا مفهوش إختبار ،فعلا ليلى عجبتني ،بنت جميلة وذكية ،لكن انا حياتي مقرفة والبركة في يحيى الكومي ،لكن لو كنت سوي ..أكيد كنت هكون أسعد واحد في الكون ..لكمه مره أخرى ،وبدأ يتحدث كالمجنون
- إنت عايزني أقتلك يعني ولا إيه ،
قاطعهم دلوف يونس وهو يوزع نظراته بينهما وكأنهما كانوا في حلبة مصارعة ..خطى بعض الخطوات وهو يطالعهم
- مالكم في إيه ..كنت بتتصارعه ولا إيه
حمل راكان جاكتيه وتحرك للخارج دون حديث ..ناداه نوح ولكنه لم يتوقف..اتجه سريعا إليه توقف أمام سيارته
- راكان أنا بهزر معاك صدقني ،كان لازم أتأكد من حبك فعلا ،لم يرد عليه واستقل سيارته وخرج من المزرعة بأكملها
رفع هاتفه وحاول الأتصال بها عدة مرات ولكن ككل مرة لم يوجد رد ...ولكن فقد الأمل ولكن بمرته الأخيرة قبل الأنتهاء فتحت الخط بيد مرتعشة ونبضات هادرة
- أيوة مين ؟ قالتها بصعوبة لعلمها من المتصل ..استمعت لأنفاسه العالية التي زعمت أنها لو أمامه لأحرقها بها
اخرجت زفرة حادة عند صمته علها تهدأ من ذاك المتجبر الذي يشعل أعصابها
- لو مقولتش إنت مين هقفل في وشك !!
عقد حاجبيه وهو يقود السيارة ويتلذذ بصوتها الغاضب، لقد أخرجته من حالته الغاضبة ببعض كلماتها التي أصبحت دواء لداء عشقه، فأردف بهدوء
- عايز أتكلم معاكي ،بكرة الصبح هستناكِ في مكتبي ،ومش عايز إعتراض
صدمة ثم ذهول ف تمتمت بصوتا خافت
- اي أوامر تانية حضرت الطاووس المغرور
توقف بالسيارة فجأة حتى اصدرت صريرا مرتفع وابتسامة عفوية خرجت من بين شفتيه ..تمنى لو رآها أمامه لسحقها بأحضانه ..قاطعه صوتها
- حضرة الطاووس المغرور قفل السكة ، حبيت أسأل علشان ميقولش قاطعها
- لا ياحضرة ذات اللسان السليط ..ابتسمت بخفوت على صوته الغاضب
تجولت أنظاره على معالم الطريق وأخذ نفسا وأخرجه بهدوء
- ليلى فيه موضوع مهم لازم نتكلم فيه
تسمرت بوقفتها ودقات عنيفة أصابت قلبها احست بأن سيقانها لم تحملنها ..فجلست على مخدعها تتنفس بهدوء وتستمع لنبرة صوته الرجولية التي تنسيها العالم بأكمله
وجد صمتها طال فابتسم فلقد سدد هدفه ببراعة هداف متقن فأكمل حديثه وهو مازال ينظر على الطريق
- أنا كنت عايز أكلمك النهاردة ولكن كالعادة حضرتك هربتي ومدتنيش فرصة أتكلم
اغمضت جفونها بأستسلام حتى أخرجها عقلها من حالتها
- الموضوع متعلق بالشغل ؟ تسائلت بها وتتمنى أن يكذب حديثها
-لا ياليلى مش بالشغل خالص ..ولو ترضي نتقابل في مكان ونتكلم على راحتنا معنديش مانع ...قاطعته سريعا
- لا طبعا مينفعش..وكمان مينفعش تتصل بيا برة الشغل ..بعد إذنك هقفل دلوقتي
رد عليها بزفرة خافتة:
- تمام متتأخريش بكرة ..قالها واغلق الهاتف قبلها يزفر بغضب على شراستها في الحديث ..أرجع جسده على المقعد
- وبعدهالك ياراكان آخرة لعبة القط والفار دي إيه ...أتمنى متعصبنيش ياليلى
❈-❈-❈
بمنزل عاصم المحجوب وخاصة بغرفة درة
كانت منهمكة بالمذاكرة والتخطيط لبعض المشروعات المقدمة إليها لتجتاز اختبارها ..قاطع انهماكها رنين هاتفها ..ابتسمت عندما وجدته خطيبها
- عاملة إيه ؟ استنيت تليفونك !!
اتجهت تجلس على مخدعها وهي ترجع خصلاتها السوادء كسواد الليل
- صحيت متأخر ولسة يادوب مخلصة كام مخطط ..انت عامل إيه ؟
على الجانب الآخر كان يجلس بجوار ابنة خالته ووالدته يتناول العشاء
- أعملي حسابك بكرة بعد الجامعة هنخرج مع بعض شوية ..ارتبكت بجوابها وحاولت الحديث
- نور إحنا اتكلمنا في الموضوع دا كتير . قولتلك بابا هيرفض متنساش مفيش بينا رابط قوي ..نهض وحاول السيطرة على انفعاله
- ماليش دعوة ،أنا عايز أخرج مع خطيبتي براحتنا ،عايز أحس إني خاطب مش مجرد رايح زيارة وخلاص
لم تتحمل الكثير من حديثه الغاضب فتحدثت :
- نور أنا مشغولة دلوقتي، ممكن نتكلم بعدين، بعد إذنك هقفل دلوقتي
ألقى الهاتف بغضب أمام ابنة خاله ولم تكن سوى سارة ..ابتسمت بخبث
- علشان تعرف إزاي تروح تخطب واحدة مش من مستواك ..وصلت عايدة حيث جلوسهم ونظرت إلى نور
- مالكم فيه إيه..لكزت ابنتها وتحدثت بغضب :
- إنتِ زعلتي ابن خالتك في إيه ياسارة
مطت شفتيها وهي تنظر إلى نور بسخرية
- مش أنا ياماما..البنت اللي خاطبها دي ،حتى أسألي خالتو هي سمعت المكالمة
أشتعلت نظرات نور الموجهة إلى سارة فنصب عوده وجمع أشيائه وهو يرمقها بغضب:
- ياريت تاخدي بالك من دكتورك الفاشل اللي مش قادرة عليها ،قالها وتحرك للخارج
اتجهت بأنظارها إلى خالتها التي تدعى بسلوى
- شوفتي إبنك ياخالتو بيقول إيه ..وضعت شريحة اللحم بفمها وبدأت تلوكها بهدوء ،ثم رفعت نظرها إلى سارة
- عايزة منه إيه ياسارة ..مش دا نور اللي مقدرتيش تحبيه وسبتوا بعض ،هو حر خليه يتعامل مع خطبته براحته
قاطعتها عايدة
- ماهو ابنك اللي معجبوش ياسلوى هنيجي دلوقتي نتحاسب ،وبعدين إنتِ عارفة سارة من صغرها مرتبطة بيونس
رمقتها سلوى بسخرية ..فدنت منها وتحدثت بخبث
- يونس اللي رايح جاي مع بنت أسعد ياعايدة ..فاكرة أسعد
عند ليلى بعد إغلاقها الهاتف بتلك الطريقة
ظلت تتجول بالغرفة ذهابا وإيابا كلأسد الجائع ثم أرجعت خصلاتها للخلف بقوة كادت تقتلعها
- هو مفكر نفسه مين ؟ جلست تحاول أخذ أنفاسها التي سلبها منها ..شهقيا وزفيرا حتى هدأت تماما وذهبت بذاكراتها لليوم الذي حفرته بقلبها اليوم وهي قريبه منه تذكرت نظراته وهو يضمها عندما سقطت من فوق الحصان ..وحديثه لها
- لما تيجي تركبي الحصان بلاش حركاتك دي ..كان ممكن تتأذي ..قالها وهو يمسد على ظهر الحصان وهي بجواره
أمسك بعض الطعام الخاص به من حبوب ووضعها بكفها وأمسك كفيها يقربها من فم الحصان ..ونظر لمقلتيها
- حسسيه إنك مهتمة بيه ..خليها يحس بحنانك..رفع كفيها فوق كفيه وأطعم الحصان ، اتجهت ببصرها تنظر إلى وجهه القريب وكفيها فوق كفيه، إستدار إليها وابتسامة جميلة على وجهه جعلته كنجم سينمائي يخطف القلب والعقل ثم
أردف لها بهمسه
- على فكرة الحصان دا بقى ملكك خلاص محدش يقدر يقرب منه..أغمضت عيناها فكانت زخات المطر تشتد من فوقهما ..خلع جاكتيه ووضعه فوق أكتافها
- خليه علشان هدومك ماتتبلش ..كان يرتدي قميصه الأبيض كحال قلبه في ذاك الوقت ..رفعت نظرها إلى صدره وتذكرت تلك الرصاصة التي اخترقت صدره
كأن وجود الدماء مازال على قميصه فارتجفت شفتيها وتحدثت مسلوبة بالكامل من قربه الذي ذلذل كيانها
- الجرح عامل إيه ؟ مكنش قصدي وقتها
قطع حديثها عندما ابتسم إليها
- عارف مكنش قصدك ..أنا كويس وبعدين لسة فاكرة ؟
ابتعدت عنه برفق تطرق رأسها للأسفل قائلة بشفتين مزمومتين
- على فكرة كنت بسأل سليم عليك،مين كان عايز يموتك ..اكتفى بتنهيدة مرتجفة افلتت من بين شفتيه
- دول ناس مكنش عاجبهم الحكم في القضية، فحاولوا يتخلصوا مني ،ودي مش أول ولا آخر مرة
ظلت صامتة لثوان تحاول تنظم دقاتها الهادرة وأنفاسها العارية أمامه من فكرة فقدانه ... حمحم مردفا
- بلاش سليم دي ،ليه بتحسسيني انكو أصحاب..تحركت عندما لم تجد ما تجيبه ولكنها توفقت بعد خطوة وامسكت جاكتيه
- مش محتاجاه اتفضله ...جذب الجاكيت ووضعه فوقهما و تحركا متجهين إلى نوح وهو يتحدث
- أمشي ياليلى متخليش صبري ينفذ
خرجت من شرودها وهي تمسك كنزتها بين يديها تستنشق رائحته كمدمن يتجرع جرعته ..استمعت لأشعار رسالة ..ظنت أنها منه ولكن جحظت عيناها عندما وجدتها من ذاك المدعو ماجد
- شوفي يالولا ،الشيك هرفعه على باباكي في النيابة ،مفيش غير بكرة بس ،وبعده نكتب كتابنا
جلست على الفراش وكأن روحها تنسحب منها وهي تقرب تلك الورقة المصورة ويوجد به إمضاء لوالدها ..ظلت جالسة لبعض الوقت ،ثم رفعت الهاتف تحاول الوصول إلى حمزة ولكن هاتفه مغلق
أنكمشت ملامح وجهها بإمتعاض ولمعت عيناها ببريق الخوف على والدها من ذاك المتجبر ..وضعت وجهها بين راحتيها علها تجد مخرجا من ذلك المأزق ..قاطع شرودها مع نفسها رنين هاتفها
ضيقت عيناها عندما وجدته سليم ..رفعت الهاتف وانتظرت حديثه
- عاملة إيه ياليلى ..قالها سليم الذي كان يحتسي مشروبا دافيا وهو يجلس أمام حاسوبه
ارجعت خصلاتها واجابته
- الحمد لله كويسة ،حضرتك رجعت ..كان يدقق بالعمل وأجابها وهو على وضعه
- أيوة وبراجع على المشروع ..جهزي نفسك إنتِ هتسافري مع آسر بكرة إسكندرية علشان تشوفوا كل حاجة على الطبيعة
مسحت على وجهها وزفرت بحزن
- ممكن أطلب من حضرتك أجازة يومين ، آسفة بس حقيقي محتاجة اليومين دول
ممكن تشوف حد من الزملا
ترك جهازه وتسائل:
- ليلى فيه حاجة ،بتواجهي أي مشاكل
هزت رأسها رافضة
- لا يافندم كل حاجة تمام ،أنا تعبانة شوية وعايزة أرتاح ...أطبق على جفنيه ،لقد إشتاق إليها كثيرا وكان يتمنى أن ترافقه تلك الرحلة ...أغلق الهاتف واتجه لشرفة جناحه يتذكر وجهها البرئ وحديثها المهذب ...دلفت والدته إليها
- سليم هو راكان لسة مارجعش ؟ قالتها زينب وهي تنظر لشرود إبنها ..سليم كررتها زينب مرة أخرى وهي تربت على ظهره حتى افاق من شروده
- أيوة ياست الكل ..طالعته بنظرات تفحصية ثم تسائلت
- إيه اللي واخد عقلك ياحبيبي..احتوى كفيها وجذبها تجلس على المقعد وجلس على عقبيه أمامها
- ماما إبنك بيحب واحدة !! برقت عيناها وتسألت
- إبني مين فيكم ،إنت ولا راكان؟!
قهقه سليم عليها وغمز بطرف عينيه
- إيه ياست الكل ،هو راكان بتاع حب برضو ،دا سمعته في مصر كلها ..لكزته بكتفه
- احترم نفسك ياباشمهندس، دا راكان البنداري ..قبّل كفيها
- بهزر يازوزو إيه متعرفيش الهزار ..مسدت على وجنتيه
- ربنا يسعدك ياحبيبي، وأشوفك إنت وأخوك دايما مرتاحين وتتجوزوا وتكونوا أسرة بقى ...تنهدت وتجولت بأنظارها في أرجاء الغرفة
- شوف أنت دلوقتي كملت التمانية وعشرين وهو داخل على الأربعة وتلاتين ولسة أوضكم فاضية ياحبيبي..نفسي أسمع كلمة نَانًا من ولادكم
نصب عوده واتجه لغرفة ملابسه وهو يحادثها
- طيب ياست الكل جهزي نفسك علشان يومين كدا نروح نعملهم زيارة أنا وأنت وراكان
تبسمت بحبور وتحدثت لكي تتأكد
- بجد ياسليم يعني مابتخدنيش على أد عقلي وهتتجوز ..هي حلوة، حد أعرفه توقفت فجأة تسائلت :
- طيب فرح ،جدك هيسكت ولا هيوافق ..مش كفاية عدواته مع راكان
وصل إليها : ماما دي حياتنا وجدو مالوش دخل ..وأنا وفرح مفيش حاجة بينا غير الأخوة وبس ،زيها زي سيلين
هزت رأسها وتوقفت متجهة للخارج
- شكل راكان جه ،صوت عربيته تحت ،تصبح على خير ياحبيبي
قبّل جبينها : وإنتِ بخير ياست الكل
بالأسفل وصل راكان وظل جالسا لبعض الوقت بسيارته ،يعيد أحداث اليوم ،اغمض عيناه للحظات، ثم ترجل من سيارته ودلف للداخل
بغرفة سيلين ظلت فترة في شرفتها تنتظر رجوعه بفارغ الصبر ..أستمعت لصوت سيارته ،هبطت سريعًا للاسفل وخرجت من باب القصر متجه لفيلتهم ...توقفت أمام السيارة وهو يترجل منها ، تصنم جسده وهو يراها تقف تعقد ذراعيها وتطالعها بنظرات هادئة رغم إشتياقها الكامل له
-" سيلين " أردف بها يونس ..تقدمت بخطواتها إلى أن وصلت أمامه
- أيوة سيلين ،اللي حبيت تتلاعب بمشاعرها يادكتور ،سيلين اللي سلمتك قلبها ...فرت دمعة من عينيها تسيل فوق وجنتيها ببطئ، وضعت كفها المرتعش وأزالتها
- مبروك يادكتور ،كنت عرفني بدل ماأتفاجئ زي ،زي الغريب ..روح يايونس ربنا ينتقم منك ،لكمته بصدره بقوة
- إلهي ربنا يوجع قلبك زي ماوجعت قلبي
قالتها وتحركت من أمامه سريعا ،وعبراتها تسابق خطواتها ...أما هو جلس بمكانها
عندما فقد الحركة يطالع خطواتها المتعثرة تذكر صباح اليوم
- ماما أجهزي بالليل هنروح لعمو خالد نطلب سارة ،والفرح بعد شهرين...أغمض عيناه بألما شديد ،كلما تذكر دموعها ودعواتها عليه
❈-❈-❈