-->

رواية جديدة عازف بنيران قلبي لسيلا وليد - الفصل 7 - 1

 


قراءة رواية جديدة بقلم سيلا وليد

تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية



رواية عازف بنيران قلبي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سيلا وليد


الفصل السابع


الجزء الأول من الفصل


كفاك ياقلب ..لاتدق فقد أوجعتني

لمن تدق الأن ..أمازلت لا تعي

أتحاربني ياقلب ..أم أنت معي 

تضغط ويعلو نبضك..في دمي

الم تمل بعد أو تهتدي

إهدأ ياقلب .. ولاتستعجل مصرعي 

فقد كنت قلبي ..يوم وعدت ألا تترك معصمي

ضعت ياقلبي..وضيعتني 

كف ياقلب  وأصمت فقد أوجعتني


❈-❈-❈

دلفت إلى غرفة مكتبها ..أغلقت الباب خلفها ثم جلست أرضا خالية من أي مشاعر سواء ندم أو لوم ..تتحسس قلبها الذي توقف نبضه عندما تذكرت نظراته الحزينة إليها هل بالفعل ظلمته ام ظلمت قلبها ؟!

عادت إلى متاهة قلبها الذي يخادعها مرة بكرهه ومرة بعشقه ..اتخذت نفسا طويلا تشحن رئتيها بالأكسحين  حتى تستطيع المواجهة مع نفسها 

ظلت عدة دقائق على حالتها ،ثم توقفت تجمع أشيائها متجها للخارج ،قابلها سليم وهو يهرول سريعا ...أسرعت متجهة إليه تخشى أن يكون أصابه شيئا لا تعلم لماذا شعرت بذلك حتى أحست بتوقف قلبها تماما ..توقفت أمامه 

- بتحري ليه في حاجة ؟ 

سحبها من كفيها متجها للمصعد وهو يحادثها 

- سيلين تعبانة ونقولها المستشفى لسة عارف دلوقتى..تعالي اوصلك في طريقي وأعدي عليها 

هزت رأسها رافضة وتوقفت 

- لا هروح مع آسر ،روح اطمن عليها وبعدين طمني 

أومأ برأسه فتحرك عدة خطوات ثم توقف مستديرا إليها 

- إيه رأيك تيجي معايا وتتعرفي على ماما ...فركت كفيها ولم تعلم بما تجيبه ..عزمت أمرها ودنت بخطواتها 

- سليم مينفعش أخرج معاك غير لما يكون بينا رابط قوي وكمان مش خاتم خطوبة ،اقل حاجة كتب الكتاب ،دي حاجة ،الحاجة التانية لازم تعرفها 

- تربيتي غير تربيتك ،طبعا مش بشكك فيك لكن شايفة كل حاجة عندكم مباحة ،زي مثلا طريقة كلامك مع نورسين وتقربها منكم ،عندي دا غير مقبول 

اقترب منها يطالعها بنظراته العاشقة 

- عايز أقولك حاجة ممكن ..رفعت رأسها تنظر لعيناه لأول مرة تقابلت نظراتهما فأردف  بصوته الرجولى  الهادئ 

"ليلى انا بحبك" هزة عنيفة أصابت جسدها .. لحظة تجمد الدم بعروقها وشعرت بتعطل اجهزة جسدها حينما تخيلته حبيبها ودامي قلبها ..اقترب وتحدث 

- ليلى مبترديش عليا ليه ؟! هنا لم تستطع السيطرة على نفسها ولم تمنع تساقط عبراتها فرجعت خطوة للخلف واستدارت سريعا متجهة للخارج حيث وقوف آسر  بإنتظارها 

كانت تسير بخطوات واهية إلى أن وصلت لآسر الذي يراقب وقوفهما ..طالعها بترقب وتمعن 

- سليم كان عايز منك إيه ؟ استقلت السيارة بجواره وجسدها يرتعش كلما تذكرت كلماته ..كيف ستتأقلم على ذلك ،فلم تستطع التحمل من مجرد إعتراف حبه ،فكيف لها أن تتحمل الزواج به 

وضعت كفيها على وجهها علها تمنع صرخات قلبها 

- سحقا لكِ ليلى ،ماالذي فعلتيه بنفسك ؟

كل هذا حتى تسحقي كرامته !! قاطع حديثها مع نفسها آسر 

- ليلى مقولتيش سليم كان عايز منك إيه ؟ إستدارت وحاولت رسم إبتسامة 

- إيه رأيك في سليم ياآسر ..كان يقود السيارة بهدوء ولكن توقف فجأة عندما استمع لحديثها 

- قصدك إيه ؟ ابتسمت ونظرت للخارج 

- يعني إيه رأيك فيه كراجل يعني ؟ 

زفر بإختناق وطالعها عندما شعر بشيئا بينهما فأجابها بهدوء رغم  حربه الداخليه 

- مبحبوش ،بحب راكان أكتر منه ،ولو سألتي ليه هقولك معرفش ،فيه ناس تتحب لوحدها وفيه ناس مجرد ماتشوفيهم تحسي بخنقة 

ضيقت عيناها وتسألت 

- ودا سليم ،لا بالعكس سليم إنسان هادي وناجح وأهم حاجة إنه محترم 

قهقه آسر قهقهات لا تعبر عن فرحته بشيئا وأجابها 

- لسة صغيرة ياليلى ،أو الأصح تقييمك للناس غلط ،عارفة راكان متخافيش منه أد ماتخافي من سليم 

انكمشت ملامح وجهها بإمتعاض وتحدثت سريعا 

- بلاش تجبلي سيرة الراجل اللي بيحرق دمي دا ،دا واحد كل ساعة تلاقيه في حضن ست 

انعقد حاجبيه بسخرية وأكمل حديثه

- علشان كدا مش طيقاه ،والله إنتِ واحدة هبلة ،أنا بقالي اكتر من خمس سنين اسمع عنه كلام من دا ،لكن تقيمي له غير اللي بسمعه ،هتقولي اهبل هقولك يمكن ، 

تنهد وهو ينظر للطريق مرة وإليها مرة كانت نظراته تتناقض كليا مع كلماته فأكمل حديثه

- عارفة الشخصية دي باينة للناس على إيه ،يعني مش خبيثة ،غير بقى اللي عامل ملاك وهو للأسف شيطان 

كسا وجهها بتساؤل ..قصدك إن سليم خبيث 

- لا ابدا مش قصدي ،أنا قصدي إن راكان واضح غير سليم ،ممكن يكون طبع سليم الهدوء ،وممكن يكون الخبث معرفش ،لكن الصراحة مسمعتش حاجة عنه بالباطل 

توقف آسر عن الحديث وتسائل 

- بتسألي ليه عن سليم ؟ سحبت نفسا وطردته دفعة واحدة 

- طلب ايدي للجواز النهاردة!!توقف مرة واحدة حتى أصصطدم جسدهم للامام ..صاحت بوجهه 

- إيه ياآسر ؟ دي مش أول مرة مالك في إيه؟

احتدت نظراته ،قولي كدا كنتِ بتقولي إيه ؟

زفرت بضيق وتحدثت 

- بقولك سليم البنداري طلبني للجواز ..أشار بكفيه 

- أيوة بعده ،قولتلي له ايه ياابلة 

التفتت إليه بحنق وضيقت عيناها 

- إيه أبلة دي ،شايفني واقفة قدامة السبورة وبشرح للعيال 

حاول تمالك أعصابه والسيطرة على غضبه قدر المستطاع ،فسحب نفسا واستدار بجسده إليها 

- ليلى مش معقول محستيش بيا طول الفترة دي 

عند راكان وحمزة

توقف وجمع اشيائه بعدما سيطر على موجة الغضب التي حاوطته لفترة من الوقت ،توقف حمزة حينما رأه يتحرك للخارج 

- راكان مين في المستشفى ؟أمسك هاتفه بأصابع مرتعشة وحاول الأتصال بسليم 

- سليم اختك في المستشفى ألحقني  على هناك 

كان سليم يقود السيارة بطريقه إلى المستشفى فأجابه 

- ماما كلمتني وأنا في الطريق عشر دقايق وهكون عندها ،خلص قضيتك وتعالى على هناك 

جف حلقه وحاول التماسك فأردف:

- القضية أتأجلت عشر دقايق وهكون عندك ..رفع بصره لحمزة 

-  كلم نوح وفهمه مش عايز يتكلم ولا يفتح موضوع ليلى نهائي حتى مع نفسه ،أكد عليه وبلاش يجادل أسما ،مش عايز سليم يشك مجرد شك إني اكون عائق في سعادته 

وانت هتقدر ياراكان ...تسائل بها حمزة 

آهة خفيضة تحررت من بين شفتيها يتبعها قولا مبررا بالحزن والضعف في آن واحد 

- هقدر ياحمزة الموضوع مش موتة يعني عادي ،عديت بالأصعب منها ..تحرك خطوة ثم تراجع ينظر إليه 

- ماتيجي نسافر ألمانيا كام شهر لو معندكش حاجة مهمة 

للحظة لم يستوعب حديثه ..توقف حمزة يستنكره 

- هتهرب شهر ،شهرين ،سنة ،سنتين ..طيب بعد كدا هتعمل إيه 

كان لحديث حمزة صدى مؤلم على قلبه فلأول مرة لا يعرف بماذا يجيبه فاكتفى بإيماءة بسيطة من رأسه ..وتحرك للخارج 

وصل بعد قليل للمشفى وجد والده يقف مع الطبيب ويحادثه عن حالة سيلين ..اتجه إليهما 

- سيلين مالها يابابا ؟ ربت والده على كتفه 

- مفيش حاجة خطرة ياحبيبي شوية إهارق مع قلة غذا ،اغمى عليها 

تحرك للداخل وجد سليم يجلس بجاورها ويحتضن كفيها ..أما والدته فتقرأ بمصحفها ،اتجه لوالدته وقبل رأسها وتسائل

- هي عاملة إيه دلوقتي ؟!..اغروقت عيناها بالدموع 

- أختك مالها ياراكان ؟ انت قعدت واتكلمت معاها ،أكيد عارف حاجة خلاها توصل لكدا 

سحب والدته من يديها وأجلسها على المقعد بجوار فراش سيلين

- هي كويسة ،انتٍ عارفة ياماما كل ماالامتحانات تدخل هي تتوتر وتتعب 

غامت عيناها بتأثر من حالتها فنظرت إليه ثم إلى سليم الجالس الصامت 

- معرفش حاسة انكو مخبين حاجة ..قاطعهم دلوف يونس ويتجلى على ملامحه الذعر ..توقف أمامهم وهو يكاد يلتقط أنفاسه من سرعة ركضه

- سيلين مالها ؟ هي كويسة ،تعبانة إزاي؟ 

توقف راكان يطالعه بصمت ..حاول أن يهدأ فأخذ جرعة كبيرة من الهواء بحبسه بداخله عله يهدأ من نيران الغضب الممزوج بخوف ظهر على ملامحه ..فاقترب يسحب يونس للخارج 

- أنت جاي هنا ليه ؟! تسائل بها راكان ،اندلع شعور اهوج وصاح بغضب 

- ابعد عني ياراكان متخلنيش افقد اعصابي واضربك 

أظلمت عين راكان وارتسم بها نظرة قاسية فدفعه بقوة حتى اصطدم جسده بالجدار خلفه ..وأمسكه يطبق على عنقه حتى كاد أن تزهق روحه فأردف بصوتا كحفيح افعى 

- إنت ابن عمي وصاحبي وكل حاجة ،لكن هي اختي اغلى ما أملك في الدنيا ،الهلس بتاعك دا لما يوصل لحد من دمك تبقى حقير ومالكش أمان ..قالها وهو يدفعه حتى شعر بإنسحاب أنفاسه 

بدأ يونس يتحسس عنقه ويلتقط أنفاسه بصعوبة 

اندفعت الدماء إلى أوردته وسرت كالنيران الذي شعر بها تحرق أحشائه فتلونت حدقتاه باللون الاحمر واتجه إلى راكان 

- أنا مخدعتش حد ،وبما أنك عارف علاقتي بأختك من الاول ،اه كنت بحبها ،لا كنت بعشقها لكن تستغفلني وتعيشوني في خدعة ،مستني بعدها إيه ،اكمل مع واحدة معرفش أصلها من فصلها ،وصل أسعد على صراخ يونس ..ولكنه تسمر بوقفته بعدما أستمع لحديثه 

- قصدك إيه يايونس بكلامك دا؟ تسائل بها اسعد ..أما راكان الذي وقف وكأنه تلقى صاعقة برأسه أطاحت بتوازنه فأصبح قاب قوسين أو أدنى من فقدانه للوعي ،فتسائل بصوتا مهزوز 

- ايه اللي بتقوله دا بالحيوان ؟ لم يجب عليهما ودلف للداخل متجها إلى سيلين ..طالع أسعد راكان بنظرات مرتابة وهمس بصوتا غير مفهوما 

- يونس ،يونس ،الولا دا يقصد إيه ياراكان 

ازدرد ريقه بصعوبه يستجمع كلمات يونس فتوقفت الكلمات على طرف لسانه واجاب والده بثبات انفعالي بعض الشئ

- تفتكر عرفوا حقيقة سيلين يابابا ،يعني جدي عرف سيلين تكون بنت مين 

هزة عنيفة أصابت أسعد وهو يهز رأسه بخوف ،وجسده الذي بدأ يرتعش 

- لا جدك لو عرف مكنش سابها عايشة ،أنا عارفه اكيد كان موتها ،لا اكيد معرفش ياراكان ،صح اكيد هو معرفش 

اقترب راكان ساندا والده حتى أجلسه على المقعد الحديدي الذي يوضع أمام الغرفة وتدارك توتره فتحدث بثقة كي يطمأنه 

- بابا متخافش ،انت ليه خايف كدا ،ميقدرش يقرب منها ،هو إحنا عايشين في غابة،اقسم بالله لو قرب منها لأحاسبه على القديم والجديد 

تنهد أسعد ممسكا بكف ابنه 

- بلاش نسبق الأحداث ياحبيبي ،خليك ورا يونس اعرف منه ليه قال كدا ..ربت على كتف والده وأومأ له بإيماءة بسيطة 

- المهم حاول متظهرش حاجة قدام ماما ،انت عارف ماما لو عرفت ممكن تعمل إيه ،حتى لو عرف متخفش 

هز أسعد رأسه محاولا اطمئنان نفسه فتحدث

-  خلاص روح شوف اختك فاقت ولا لسة ..بالداخل جذب يونس سليم من ذراعيه وجلس بجوارها ممسكا كفيها 

- سيلين فوقي حبيبتي ،أنا آسف مكنش قصدي ازعلك ابدا ..اقتربت زينب منه ووزعت نظراتها بينه وبين ابنتها الراقدة على الفراش لا حول لها ولا قوة ثم تحدثت

- ليه عملت في بنت عمك إيه يادكتور ؟!

تنهد بألما رافعا كفيها لشفتيه مقبلا إياه ثم أردف بصوتا مختنق 

- معملتش حاجة ياطنط ،بعدت عنها بس ..دنت زينب وجلست بجواره تربت على كتفه 

- فهمني أكتر ياحبيبي بعدت عنها إزاي ؟ اتجه بنظره إليها وانسدلت عبرة خائنة من عينيه فتحدث بصوت متقطع 

- ماوفتش بوعدي ،وعدتها واخلفت الوعد ،قولتلها بحبك وهحارب الدنيا علشانك ،وفي الآخر روحت خطبت غيرها ...هنا فقدت زينب سيطرتها على نفسها ولم تشعر بكفيها الذي ارتفع على وجنتيه وصفعته بأقوى مالديها ،ثم توقفت تشير إلى الباب 

- اطلع برة ،الراجل اللي يقطع وعده مع بنت ،يبقى مش راجل ،الراجل اللي يدوس على قلب بنت يبقى مش راجل ،ومن النهاردة بقولك إياك تقرب من بنتي ،وياله اطلع برة 

أطبق على جفنيه بألما وانسدلت عبراته على خديه تكويه 

- آسف ..قالها يونس بأنين قلبا ممزق ..والته ظهرها وصاحت بغضب 

- أسفك غير مقبول ياحضرة الدكتور ،ووجودك غير مرغوب ،رفع بصره إلى سليم الذي اقترب منه 

- ليه يايونس ،ليه كسرت قلبها بالطريقة دي ،قولتلي اديني فرصة اثبت حبي ،ادتلك فرص كتيرة وضعيتها 

جحظت أعين زينب تنظر لأبنها بغضب

- إنت كنت عارف بعلاقته مع اختك وساكت ياحضرة المهندس العظيم،اصابتها حالة من الذهول وهي تفرك كفيها بقوة وتنتقل بنظراتها بينهما 

- سليم ،ازاي رضيت أن أختك تكون على علاقة غير شرعية بالإنسان الغير أمين دا ، 

ثارت وبدأت تلكمه 

- من إمتى وانت مش راجل كدا ياسليم ،اسبلت جفنيها وقالت بصوت مهزوز 

- لدرجة دي معرفتش اربي ،أنا ام فاشلة ،توقفت مرة واحدة ورفعت بصرها إليه 

- راكان كمان كان عارف بالعلاقة مش كدا ،ايوة أنا إزاي مفهمتش لما جه وأخده برة ،هو هيفرق معاه حاجة ،ماهو مقضي حياته كلها هلس وخمور ،هستنى منه إيه ..دلف راكان في تلك الأثناء وهو يرمق يونس بإذراء 

- ماما روحي مع بابا وانا وسليم هنجيب سيلين ونيجي لما تفوق 

طالعته بنظرات غاضبة وتحركت تقف أمامه وصاحت بغضب 

- حياتك المقرفة ياحضرة وكيل النيابة اختك دفعت تمنها ،قالتها بملامح جامدة 

صعق من حديث والدته المبهم فتسائل 

- مش فاهم حضرتك تقصدي إيه ؟

هنا أفاقت سيلين وهي تهمس بإسم والدتها 

-" ماما " أسرعت زينب تجلس بجوارها 

- حبيبة ماما ،عاملة إيه دلوقتي 

رمشت بجفونها عدة مرات تحاول أن تفتحهما ،فهمست 

- أيدي وجعاني أوي ليه ؟ وأنا فين دلوقتي ؟ فتحت عيناها تنظر حولها فتلاقت عيناها المتألمة بعيناه المذعورة عليها فأردف 

-  حاسة بإيه أجبلك الدكتور ! رمقته زينب بنظرة أوقفت حديثه ..اقترب سليم إليها 

- حاسة بإيه حبيبتي ؟ طالعت راكان الصامت الذي صدم من حديث والدته واتهامها له 

- راكان عايزة أروح خدني من هنا ..مسدت زينب على خصلاتها فأردفت 

- تخلصي المحلول ياحبيبتي وهروحك أنا وباباكٍ،أخواتك وراهم شغل ، حضرة وكيل النيابة عنده قضية مهمة ،لازم يروح يترافع فيها ،أصله بيترافع بالحق مش كدا ياحضرة وكيل النيابة ..قالتها زينب بمغذى 



❈-❈-❈

تحرك سليم للخارج عندما شعر بحالة التوتر التي حاوطت المكان وأن والدتهم لم تستهان بالأمر 

سحب يونس وحاول الخروج ولكن يونس دفعه وهو يطالع زينب متجها إلى سيلين ،جلس بجوارها 

وسحب كفيها المغروز به الأبر يتحسسه 

- عاملة إيه ؟ حاسة بإيه ؟

سحبت كفيها وهي تنظر إلى راكان وتحدثت 

- راكان قبل ما تمشي رجعني البيت ،أنا كويسة مش عايزة أشوف حد ..قالتها ثم أستدارت للجهة الأخرى 

نصب يونس عوده ووقف يرمقها بنظرات غاضبة 

- تمام ياسيلين ،أنا كنت جاي اطمن عليكِ بنت عمي وقلقت عليها 

جذبه سليم عندما وجدت نظرات راكان النارية إليه وتحرك للخارج ، دفعه يونس وتحدث بغضب 

- مش تبقوا غلطانين وتحطوا الغلط عليا ..قالها وتحرك مغادر المشفى وقلبه يأن وجعا وصل لسيارته وهو يكاد يغلي بنار جهنم  حينما لم يستطع أبعادها عنه لأسبوع فقط ،فكيف يتحمل إبعادها عنه العمر كله ...جلس بالسيارة يمسح على وجهه بغضب 

- ماشي ياسيلين ..تذكر منذ ثلاث ساعات ..ذهب إلى كليتها ،كانت تقف مع صديقة ولم تكن سوى درة يتحدثون أقترب نور وهو يطالعهما وتحدث 

- واقفين كدا ليه مستنين حد ،ابتسمت درة وتحدثت 

- دا دكتور نور طبعا عارفاه ..بيكون خطيبي

أومأت سيلين برأسها وبسطت يديها تحيه

- اهلا دكتور نور ..الصراحة درة كلمتني كتير على حضرتك ،توقفت عن الحديث فأردفت

- حضرتك نور الدين زيدان ..هز رأسه واجابها بإبتسامة

- سيلين البنداري مش كدا ! ضحكت بصوتها الأنثوي الهادئ وأشارت إلى درة 

- إحنا طلعنا قرايب ،دا بيكون ابن خالة سارة وفرح ولاد عمي 

توسعت أعين درة وأجابتها

- والله ،لا كدا هنشوف بعض كتير ،رمقها نور بنظرة هادئة فأردف 

- انا مشفتكيش غير مرة أو مرتين ،لكن كنتِ صغيرة ،دلوقتي ماشاء الله كبرتي 

ابتسمت وأجابته :

- آه رجعت من ألمانيا انا كنت مستقرة هناك ،ودلوقتي رجعت وتانية هندسة ،اتجهت بنظرها لدرة وتحدثت 

- وأول حد اتصاحب عليه كانت خطيبتك ،بس بعد خناقة بينا 

قهقه على حديثها وابتسم :

- لا خدي من دا كتير ،درة بتتخانق مع اي حد ،بس إنتِ شكلك كيوتي ،هنا لم يستوعب يونس إكمال حديثه فتدخل 

- "سيلين" أردف بها يونس ..قطبت مابين حاجبها وتفاجأت من وجوده ،فتحركت بعد أستإذانها 

- دا إبن عمي ،لازم امشي ،اشوفك بكرة أن شاء الله...وصلت إليه 

- بتعمل إيه هنا ؟ كلية الحقوق مش هنا خالص 

جذبها من كفيها ونيران تشعل صدره بالكامل 

- امشي بلاش اتغابى عليكِ متخليش الطلبة ياخدوا بالهم..تحركت بهدوء حتى خرجت من الحرم الجامعي كانت سيارته مصفوفة بأحد الطرق 

توقفت وهي تناظره بغضب

- ممكن أعرف إيه اللي جابك هنا ،وليه تحرجني قدام صاحبتي ..دنى منها ونظر إليها نظرات جحيمية 

- كلمة كمان وهنسى أنك حبيبتي ،اركبي العربية ومش عايز ولا كلمة 

نزعت يديها بغضب وصاحت وهي تلكمه بذراعيه

- انا مش حبيبتك ياكذاب ،ابعد عني وإياك تقرب مني،انا خلاص مسحتك بأستيكة من حياتي ،وبكرة هلاقي اللي يصون حبي ،ويعرف يقدر حبي وقلبي له

..جذبها بقوة من خصرها حتى أصبحت بأحضانه وضغط عليها 

- دا في جهنم والجحيم إن شاء الله..يوم ماتفكر العيون الحلوة دي تخوني وتبص لغيري ،صدقيني هعميها 

دفعته تجز على أسنانه :

- أنا نسيتك ومفيش رابط بينا ..افهم بقى ،وحياتي ملكي أنا وبس  

- آه حياتك الحلوة اوي، وأنتِ قاعدة تضحكي مع الغرب ،ولا كأن مفيش حد هيحاسبك ،إيه بتعوضي  بعدي بحد تاني ، همس بجوار أذنيها 

- عادي ياسيلي اعتبريني واحد غريب وعوضي نفسك بيا 

صفعة قوية على وجهه وأشارت بسبباتها 

- من أمتى وانت حيوان كدا ،ولا إنت كنت حيوان وانا العمية ،لاول مرة تشعر بالقهر وقد كان بيد من دق له قلبها ..أغمضت جفنيها بألما 

- ابعد عني وإياك تقرب تاني مني ،متخلنيش احكي لبابا واخواتي ..قالتها وتحركت مغادرة 

وصل إليها بخطوة واحدة وجذبها بقوة يدفعها بسيارته وهي تلكمه ..كان بعض الطلبة يحاوطونهم متجهين بسيارتهم ...تاهت بنظراتها وحاولت السيطرة حتى تهرب من النظرات الموجهة إليهما ..استقل السيارة بجوارها 

وحاول إفراغ شحنات غضبه حتى لا يعاقبها على صفعه..كان الصمت سيد الموقف لبعض الدقائق حتى ابتعدوا عن الجامعة ،فاقتربت تلكمه وتصبح 

- وقف العربية ،انا بكرهك ومش عايزة أشوف وشك ،ربنا ينتقم منك يايونس . قالتها بصرخات عاتية من قلبها المتألم بحبه ..توقف بجانب الطريق وعلى حين غرة جذبها بقوة إليه وهو يضم ثغرها بشراسة وكأنه يعاقبها على ماتفوهت ،حاولت دفعه بكل قوتها ، ولكن قوة واهية ضعيفة في حالته التي وصلت للجنون ،ظل يقبلها بشراسة إلى أن انسحبت أنفاسها بالكامل حتى فصل قبلته وهو يضم وجهها بقوة ألامتها 

- يبقى قولي كدا تاني ،ضغط بقوة حتى صرخت بوجهه ،نظر لمقلتيها بجحيم واردف 

- المرة دي جت ببوسة بس ..أشار بسببابته واقترب يلمس شفتيها التي تورمت بسبب قبلته وهمس أمامها 

- المرة الجاية هخليكي ملكي للأبد ،غمز بعينيه وأكمل 

- اكيد عارفة معنى كلامي ياحبي ،،لمي الدور ياسيلين وأحترمي نفسك وإياكِ أشوفك واقفة مع جنس ذكر 

وقتها هتلاقي واحد غير يونس حبيبك 

بصقت بوجهه وأردفت :

- الله يلعن اليوم اللي قلبي حب واحد ذيك ..حقييير ،إزاي كنت عامية كدا 

جذبته من ياقة قميصه 

- تعرف يايونس اليوم اللي تفكر فيه إني أكون ملكك وقتها أعرف إنك حفرت قبري بإيدك 

دفعته ثم فتحت باب السيارة وترجلت تغلقه بقوة حتى شعر بتحطيمه كما حطم قلبه وقلبها 

أوقفت سيارة أجرة سريعا واستقلتها عندما وجدته نزل من سيارته متجها إليها بجنون ..بدأ يركل عجل السيارة ويصيح عليها بغضب ..بينما هي تتساقط عبراتها بقوة عندما أحست بقلبها مازال ينبض له

في منزل عاصم المحجوب 

دلفت إلى غرفتها بعد تناول طعامها بهدوئها الغير معتاد ..دلف والدها يتسائل 

- لولا مالك ياقلبي ؟ مسد على خصلاتها 

دخلت لأحضان والدها وانسدلت عبراتها وهي تعجز عن إجابته ..كيف ستقص له ماصار اليوم ابتعدت عن أحضانه بعدما جففت عبراتها 

- مفيش حبيبي، كان فيه شغل كتير النهاردة ،مرهقة شوية 

طبع قبلة على خصلاتها ونهض :

- إرتاحي حبيبتي...أومأت برأسها ،خرج والدها وهي تسطحت على الفراش تبكي بنشيج وضعت الوسادة على وجهها حتى لم يسمعها أحدا ..اطبقت على جفنيها كلما تذكرت نظراته إليها...أيعقل إنها نظرات عتاب !!

أيعقل إنه أحبها بالفعل !!،لماذا وجدت نظرات الحزن على وجهه ..نعم أحست بتصلب جسده ونظراته المشتتة بإتجاهها ..همست بشفتيها وهي تتذكر كلماته 

- لدرجة دي شايفني رخيصة وعايزني بأي تمن  ..هنا شهقة خرجت من جوفها بآلاما عاتية ...وضعت يديها على قلبها وهي تعاتبه 

- لسة بدقله بعد ماعرفت حقيقته ،فوق دا واحد مالوش آمان كان عايز يقضي ليلة مش أكتر ..تنهدت بحزن وحرب شعواء بين قلبها وعقلها إلى أن غلبها النوم 

عند راكان قام بحمل سيلين بعدما فقدت القدرة على الحركة ..وبعد فحصها تبين إنها حالة نفسية مؤقتة ..وضعها بهدوء بسيارته ..بعد نقاش حاد بينه وبين والدته أودى به للأبتعاد لفترة من الوقت ...وصل بها إلى القصر حملها متجها لغرفتها ،ولكنه توقف عندما وجد جده يقف في بهو القصر وهو يرمقه بنظرات نارية ..لم يعريه إهتمام واتجه بها ناحية المصعد ولكنه توقف عندما إستمع لحديث جده 

- هو أنا مش مالي عينك ياراكان ،مفيش عامل إيه ياجدو ...أستدار بجسده وهو مازال يحمل سيلين التي كانت تغط بنومها بسبب علاجها 

-  هو حضرتك كنت مسافر علشان أسأل عليك ،وبعدين أسأل على حضرتك وانت واقف قدامي سليم أهو ماشاء الله..المفروض حضرتك اللي تسأل على حال حفيدتك ،قالها بمغذى 

اقترب توفيق وهو يوزع نظراته بين سيلين وبينه فأردف متهكما :

- على أساس إنها حفيدتي يابن أسعد ..هنا ابتسم راكان بسخرية ،،ثم دلف المصعد ولم يجادله عندما علم بأن جده على علم بكل شيئا 

وضعها على مخدعها بهدوء ..وطالعها لبعض اللحظات وقبضة قوية أعتصرت قلبه عندما تذكر حديث جده ..جلس يمسد على خصلاتها ويهمس لنفسه :

- طول ماأنا عايش محدش هيقدر يلمس شعرة منك ،وخليه يعمل فيكِ زي ماعمل في باباكي ..دلفت زينب إليها ترمقه بنظرة جانبية ،فاليوم لأول مرة يحادثها بغضب عندما وضعت عليه اللوم في حالة أخته وتحدث بحالة جنونية فيكفي مابه  

" هو ليه كل حاجة وحشة بترموها عليا ،حد قلك اني شخص حقير أوي كدا   ،دي اختي على فكرة ولو كنت أعرف علاقتها بيونس مكنتش سمحت بكدا ،اقترب منها وصاح بغضب 

- متحطيش فشل مراعاتك ليها في السن دا عليا ياست ماما ،شوفي غلطك الأول وبعد كدا تعالي حاسبيني 

راكان صرخ بها سليم عندما وجد دموع والدته وحزنها من كلمات إبنها الجارحة 

نصب عوده واتجه بنظراته إليها ،توقف أمامها كطفل منتظر عقابه فأردف بصوتا حزين وقلب محمل بالهموم

- آسف عارف زعلتك مني وكلمتك بأسلوب مش كويس ،سامحيني حبيبتي 

جذبته لأحضانها وتعالت شهقاتها وهي تتحدث

- مكنش قصدي ازعلك ياحبيبي، ولا قصدي احط اللوم عليك ،لكن إنت الكبير ياراكان ،ولما عرفت سليم كان عارف اتجننت وحطيت همي فيك 

قبّل جبينها وأردف بحنان :

- عندك حق ياماما ،أنا الكبير كان المفروض أخد بالي منها أكتر من كدا ،علشان كدا اتعشينا برة وحاولت افهم منها لما شكيت وقت خطوبة يونس ،بس ماوصلتش لحاجة 

ربتت على كتفه :

- متزعلش مني حبيبي، انت أغلى من نور عيني ..رفع بصره إليها ولأول مرة أنهارت حصونه بالكامل أمامها وتساقطت دموعه ..فألقى نفسه بأحضانها 

- ماما أنا مش وحش زي ماكلكم مفكرين ،أنا بحاول أبعد عن وجعي بس عمري ماعملت حاجات تخليكِ تتبري مني وتقولي إني منحط 

مسدت على خصلاته وهو جالسا أمامها ،ثم سحبته وأشارت على ساقيه ..فرد جسده بجوار سيلين واضعا رأسه على ساق والدته 

- قولي مالك ياحبيبي، أول مرة أشوف كم الحزن اللي في عينك دا 

انسدلت عبراته حتى شعرت بها والدته 

- دا شكل الموضوع كبير ياراكان اللي يخلي دموعك الغالية اللي لأول مرة أشوفها وأشوف ضعفك ..ملست على خديه وابتسمت 

- لا تكون عشقان يابن زينب ...آهة خفيضة خرجت من جوفه وهو يطبق على جفنيه بألما حتى شعر بإنقباض قلبه وانسحاب روحه وهو يتذكر تشابك ايديهما . أعتدل سريعا يجفف وجهه ،ورسم إبتسامة مزيفة أمامها 

- حب إيه يازوزو ..تعرفي عن راكان كدا برضو ،لا أنا صعبان عليا سيلين ،وجعتلي قلبي 

مدت كفيها تزيل عبراته العالقة بجفنه تحاوطه بنظراتها مشككة :


- كان نفسي تفرحني زي سليم،  تنهدت وهي تطالعه 

- مش كان الأولى انك اللي تيجي تفرحني ،دلف سليم في تلك الأثناء وتسائل

- سيلين عاملة إيه ..نهض راكان وهو يجيبه 

- هي نايمة دلوقتي الدكتور بيقول هتفضل نايمة للصبح ،اتجه بنظره لوالدته 

- روحي نامي شوية ياماما وأنا هفضل جنبها علشان لو صحيت ..هزت رأسها بالنفي

- لا روحو ارتاحوا انتو الاتنين وأنا هبات معاها ،مينفعش هي مهما كانت بنت وهتحتاجني أكتر منكم 

خطى راكان بعض الخطوات ولكنه تسمر عندما استمع لحديث سليم 

- ماما أنا اتكلمت مع ليلى النهاردة، وطلبت تاخد ميعاد مع باباها ..جهزي نفسك انت وراكان وبابا علشان نروح بكرة نطلبها ..إيه رأيك ياراكان بكرة قبل مابابا يسافر ألمانيا 

تجمدت الحروف على شفتيه ..فأطبق على جفنيه وحاول أن يهدأ من دقات قلبه العنيفة داخل صدره .. ابتسمت زينب تربت على كتفه 

- أسمها ليلى ياحبيبي..أومأ برأسه ولمعت عيناه بالسعادة وتحدث:

- أيوة ياماما ..ليلى وهي ليلى فعلا ،حلوة أوي ياماما ،لما تعرفيها هتحبيها ،بس طبعا هي وراكان زي القط والفار ...اتجهت ببصرها إلى راكان الذي يكور على قبضته حتى ابيضت وهو يرى السعادة على وجهه أخيه    

- مالك ومالها ياراكان ،دا سليم بيقول فيها أشعار ،وشكل البنت محترمة وحلوة من كلامه عليها بصراحة حبيتها من كتر كلام سليم عليها 

صاعقة ضربته بقوة وهو ينظر لوالدته 

- حضرتك كنتِ عارفة بالموضوع...ضم سليم والدته وهو يراقص حاجبيه 

- قولتلها من يومين بس ...نيران مستعيرة أشعلت صدره بالكامل وهو يستمع لحديثه عن جمالها ورقتها لوالدته ....خطى سريعا للخارج وهو يتخبط بخطواته وكأنه غريق في بحر الظلمات..ايقظه من ظلمات قلبه صوت توفيق الصاخب لوالده 

- البنت دي لازم ترجع الشارع إللي جت منه ،ياإما كدا ،ياإما لا إنت ابني ولا أعرفك . ..دلف بخطواته لغرفة المعيشة على صيحاتهم ..توقف يرمق جده بغضب 

- ومين ادالك الحق إن شاءالله، تقولنا نقعد مين في بيتنا ومين لا 

- راكان ..قالها والده بحنو حتى لا تكبر الفجوة بينهما ..تحرك الجد حتى توقف أمام راكان 

- انت إزاي تكلمني كدا ..جلس راكان وقام بإشعال تبغه ليحرقه كما يحترق صدره فأردف بهدوء رغم نيران جسده بالكامل 

- من الآخر ياتوفيق يابنداري ..هقولك كلمتين ومفيش بعدهم 

- اللي جوا دي اخت راكان البنداري . وحط مليون خط تحت اخت راكان



هسمع غير كدا ،يبقى إنت اللي بدأت . وبيقولوا إيه يابابا . ..أيوة صح ،"البادي أظلم" وحياة الراجل اللي واقف جنبك دا اللي هو ابويا 

لو حاولت تقرب من سيلين ولا تقولها حاجة ماهرحم العيلة من أكبرها لأصغرها . ..توقف يتحرك حوله وهو يشير بسبباته 

- استحملت منك الكتير ..لو حابب اعدلك تمام وقتي يسمح . نبدأ منين ياتوفيق باشا آه 

راكان قالها والده حتى يصمت ...رفع بصره لوالده 

- بابا لو سمحت النقاش محترم ومتبادل بينا أهو مش كدا يا...اه توفيق باشا 

رمقه الجد بنظرات لو تحرق لأحرقته فأردف

- اللي حايشني عنك يابن أسعد إنك حفيدي ...قهقه راكان بضحكات صاخبة وهو يشير بيده بالنفي 

- لا ياجدي الغالي . .يعني واحد موت ابنه هيصعب عليه حفيده ..نهض توفيق يصرخ بوجهه 

- اخرص ياولد مين اللي قتل ابنه دا ..نفث راكان دخان تبغه بشراسة وأجابه

- أنت ياتوفيق باشا ..نسيت عمو محمود ،وخالتو زينا ..قوس فمه ووضع ساقا فوق الأخرى ومازال ينفث تبغه وينظر بنظرات قاتمه لجده 

- مكفكش انك طلقت ابويا وأمي وخليته يتجوز واحدة لا من دينه ولا من جنسه ،لا وبعد دمرتهم وسبت أبويا واتنقلت على ابنك الصغير.  حتى ماادتلوش فرصة يحكي ..وياريت عقلك يهدى بعد دا كله لا..جاي تكمل على ابنه ومفكره هيخضع لقوانينك . 

نجح في تسديد هدف قاتل لجده الذي تغيرت ملامح وجهه وشُحبت كالموتى 

نهض راكان واتجه لنافذة الغرفة وأكمل 

- موت قلبي ومسخت مني شخص بيكره الستات من كتر ماجنيت عليه في أول حبيبة ..وحتى بعد سنين لما اتجمع بواحدة عرفت تلملم وجعه جيت ودوست بكل غدر ووجعتني وموت فرحتي وقتلتها بدم بارد ..تصلب جسده وشعر بنيران تحرق دواخله فأستدار يرمقه بغضب وبعدما تحولت عيناه للون الأحمر 

- عروسة تتقتل في حضن جوزها يوم صباحيتها ويتعملها محضر إنها خانته وانتحرت قالها بصراخ وهو يركل كل مايقابله  وأشار بسبابته مقتربا منه كالمجنون 

- إنت مستحيل تكون بني آدم  ..حفيدك اللي ميشرفوش نسب عيلتك دي كبر وكبر قوي فلو عايز تفضل محافظ على هيبة توفيق البنداري أبعد عن غضب راكان البنداري ...قالها ثم تحرك بعض الخطوات ولكنه توقف متسائلا 

- سؤال واحد بس ..إزاي قدرت تعمل فيا كدا ،إزاي جالك قلب تتفق معهم على كسر قلبي ..استدار يناظره فتقابلت عيناه المحجرة بالدموع بنظرات جده القاسية ذو نظرة الجفاء ...ابتسم توفيق بسخرية وتحدث ماشقه لنصفين 

- أنا معملتش حاجة إنت اللي روحت لبنات لمامة وحبوا اسم راكان البنداري ..ماهم لو حبوك يابن ابني مكنوش خانوك مش كدا ولا إيه ياحضرة وكيل النيابة 

أومأ راكان رأسه وهو ينظر لوالده الذي يطالع ابنه بحزن فتحدث

- أنت في دي صح ياتوفيق باشا ..صح جدا ،المرادي فعلا غلبتني ..تراجع إليه وتحدث 

- علشان كدا أنا بعشق أمي اللي مهما عملت فيها ماحاولتش تخون جوزها اللي هو ابويا،اللي راح اتجوز عليها وسمع كلامك للأسف انتوا متستهلوش أمي ...قالها وتحرك سريعا عندما شعر بأنقباض أنفاسه 


❈-❈-❈

في صباح اليوم التالي 

توجه سليم إلى غرفة سيلين ..دلف بعد إذنه بالدخول ..ابتسم بوجهها 

- صباح الورد ياسيلي ..عاملة إيه دلوقتي 

ابتسمت له وأجابته 

- أنا كويسة حبيبي ..هو آبيه راكان فين ..جلس بجوارها يمسد على خصلاتها 

- نزل على الشركة ،أنا مسافر إسكندرية بالليل وهو هيتولى شغل الشركة ...قبّل جبينها 

- متزعليش منه ،عارف إنه اتعصب عليكِ بس انتِ غلطي ياسيلي كان المفروض تحكلنا ، 

أمسك كفيها يضمهما ثم أردف

- يونس قالي قبل سفرنا بيوم ،بس معرفش إيه اللي غيره كدا ..قبلت كفيه الذي يضمها بهما وأردفت 

- إنسى ياسليم ..أنا اللي أستاهل علشان بعد كدا مرميش قلبي لواحد مايستهلوش 

مسد على خصلاتها وابتسم من بين كلماته 

- لازم نغلط حبيبتي علشان نتعلم من غلطنا ...قالها سليم ثم توقف وهو يطالعها 

- متخليش حاجة تكسرك ،لازم اللي يوجعك يقويكِ مش يضعفك ،بس عايز أقولك حاجة مهمة 

- يونس بيحبك فعلا ،أنا شوفت خوفه ولهفته عليك ..اغمضت عيناها بألما وأجابته 

- روح على شغلك حبيبي ..بعدين نتكلم في موضوع يونس ..أومأ برأسه ثم استدار إليها 

- أرجع من أسكندرية الاقيكي مستنياني علشان عايز أعرفك بأجمل بنت رأتها  عنيا 

شهقت بسعادة وهي تصفق 

- أحلف ،أخيرا هتعملها وتتجوز وتفرحنا ..أقترب وطبع قبلة على خصلاتها 

- أيوة ياأجمل أخت في الدنيا ،خفي بسرعة علشان تيجي معانا ،أنا وانتي وماما وراكان ،قولت لبابا قالي هكون برة البلد ،وعايزني أستنى وطبعا مش قادر 

ضحك ضحكات خافته وقالت

- ربنا يسعدك ياحبيبي،  عقبال مانفرح براكان هو كمان ...ابتسم لها وتحدث 

- ان شاءالله ربنا يهديه هو كمان ..هسيبك علشان لسة هعدي على الشركة 

اعتدلت محاولة الجلوس وتذكرت يوم خطبته 

بعدما رجعت هي وراكان من الخارج ...دلفت للمسبح محاولة نسيان ألم قلبها من أصوات الفرحة التي تجاور قصرهم ..ظلت بعض الوقت ،ثم خرجت ترتدي مأزرها ووضعت سماعتها ودموعها تنزرف بقوة لم تشعر إلا به وهو يجذبها لأحضانه 

- مش قادر ياسيلين ..حاولت أبعد مقدرتش .نهضت سريعا تدفعه بكلماتك يديها وتحركت سريعا للداخل 

خرجت من شرودها وابتسامة سخرية على ملامحها   


بعد يومين بالمزرعة جلست بجوار أسما وفجأة نظرت إليها وتحدثت 

- نوح قالك حاجة ...ضيقت أسما عيناها وتسائلت 

- مش فاهمة تقصدي أيه ..ابتسمت تطالعها ثم غامت عيناها بالعبرات 

- سليم طلبني للجواز وأنا وافقت ...جحظت أسما عيناها وتسائلت لعل ماإستمعت إليه يكون خاطئا 

- مش فاهمة ياليلى كلامك ...تنهدت بحزن ثم وضعت كفيها على وجهها واجابتها 

- سليم طلبني للجواز ياأسما وانا وافقت ..هبت أسما كالملدوغة وصاحت بها بغضب 

- لا قولي أنك بتهزري مش معقول تكوني مجنونة وتروحي تتجوزي أخو حبيبك 

قطبت مابين جبينها وابتسمت بسخرية 

- إيه ياأسما مش دا سليم اللي اتمنتي أنه يكون مكان راكان ...دفعتها أسما بقوة وتحدثت كالمعتوهة عندما فقدت السيطرة على غضبها 

- مش دا قصدي ياحضرة المهندسة العظيمة ،قصدي لو حبيته هو مش راكان ومش معنى كلامي تروحي تحبي واحد وتتجوزي اخوه دي إسمها خيانة ياليلى 

قالتها أسما بقهر من صديقتها ..بكت ليلى بنشيج وهي تهز رأسها 

- قوليلي أعمل إيه..واحد طلب مني تمن مساعدته وقالي عايزك إنتِ ،انسدلت عبراتها كالشلال وضربت على صدرها 

- طالب تمن ليلة معاه ..وياريت عارفة أكره من خبتي التقيلة محبتش غيره ياأسما ،وهو بتاع ستات ،حاولت اكرهه ومعرفتش ،يوم عن يوم حبه بيكبر جوايا ،لدرجة بقيت بكره الليل علشان اشوفه ،بقيت أتجنن لو غاب يوم ،وفي الآخر يحطم قلبي ويدوس عليا ويخوني،كنتي مستنية مني إيه، كان لازم أشوف حد ينزعه من قلبي  

صفعة قوية على وجهها وصاحت بغضب من أسما 

- ايوة أنت واحدة مجنونة لما يوصل بيكي الانتقام أنك تكوني خاينة يبقى مش عايزة قلم واحد عايزة مليون قلم ياليلى ..فوقي صرخت بها أسما 

تفاقم غضب أسما اكثر واكفهر وجهها كاظمة  نيران صدرها التي اشعلتها ليلى فرفعت سبابتها 

- الخطوبة دي مش هتم ومش هتتجوزي سليم ،ودا آخر كلام عندي ياصاحبتي ..قالتها وتحركت ...أسرعت ليلى خلفها وحاولت التحدث توقفت أمامها 

- أسما ارجوكي أنا محتاجكي ،أنا لازم ابعد عن راكان ومفيش حد هيبعدني عنه غير سليم 

- إزاااااي صرخت بها أسما ..دا أخوه ،يعني طول الوقت هيكون قدامك ،انتِ لسة بتقولي بقيتي تكرهي الليل علشان بيكون بعيد ..هتتحملي تكوني في حضن سليم وبينك وبين راكان جدار واحد 

احتضنت وجهها  تحدثت بهدوء 

- ليلى حبيبتي اللي بتعمليه دا إنتِ أكتر واحدة هتتأذي بيه ..صدقيني ،لازم ترفضي الجوازة دي حتى لو هتبعدي عن راكان مع إني أشك إن راكان هيسكت ويسيبك ترتبطي بأخوه 

- يعني إيه تسائلت بها ليلى ولكن قطع حديثهما دلوف سيارة راكان بجواره نورسين إلى المزرعة ويبدو على ملامحهم السعادة ...ترجل من السيارة ينتظر نزول نورسين ولكن التقطتها عيناه وهي تناظرهما ..ابتسم بسخرية ثم تحرك بجوار نورسين وهو يحاوط خسرها متجهين للداخل 

استدارت إلى أسما وبدا على وجهها كم الآلام مع وديان دموعها الحزينة 

- هستناكِ الليلة ياأسما ،ماهو مش معقول تسيبي صاحبتك في يوم زي دا لوحدها 

أطبقت أسما على جفنيها بقوة وانسدلت عبراتها متحدثة 

- بتغلطي ياليلى ،اللي بتعمليه دا هيكسرك ..تذكرت شيئا فسحبتها من يديها وأجلستها 

- تعرفي أنا شاكة إن راكان بيحبك ..طالعت أسما بإبتسامة سخرية وأجابتها 

- بدليل دخوله دلوقتي وهو حاضن واحدة مش كدا ..دا قصدك ،اتجهوا بأنظارهم عند خروج نوح وراكان نورسين متجهين لحظيرة الاحصنة 

هنا شعرت  بأن الأرض تدور بها ..فتحركت دون وعي متجهة إليهم ،حاولت أسما توقيفها ولكن كأن عقلها لم يعد بجسدها .. اقتربت وتوقفت تطالع نورسين التي تضحك ضحكات صاخبة وهي تردف 

-  مش معقول ياراكان ،يعني هو يلف ويشتري الحصان وإنت تاخده، طول عمرك صياد ياحبيبي...عقد ذراعيه وتحدث 

- الموضوع مش كدا هو عجبني وطلبته من دكتورنا العبقري وأخد اضعافه مش كدا يلا...قالها راكان وهو ينظر لنوح الذي كان يطالع ليلى بنظرات مبهمة من وقوفها خلفهم ..فتحدث: ماهو التمن يستاهل ياحضرة وكيل النيابة ...استدار ينظر للذي ينظر إليه نوح 

هزة أصابت جسده وهو يراها تقف خلفه بنظرات شاردة ..قاطع تفحصه لها حديث نورسين

- بقولك ياراكي إنت اللي هتركبني الحصان وكمان هنلف المزارع ،قولت اليوم دا ملكي ،فخليني أستمتع بيه ...تحركت ليلى مغادرة المزرعة وهي تتخبط بسيرها عندما شعرت بنيران الغيرة تتأكل بقلبها ...ولكنها توقفت عندما أسرع نوح خلفها وهو يرمق أسما بنظرات ذات مغذى 

- تعالي.. أمسك نوح بيديها وغمز إلى راكان وتحدثت : 

- بنت خالتي أولى منكم انتوا الاتنين ..وضع يديه 

- ياله يالولو ..خلي بالك اوعي توقعي المرة اللي فاتت كان فيه اللي ينقذك المرادي معرفش الصراحة...كأن كلمات نوح اخترقت صدره كيف يفعل وهو لا يتحمل مزح صديقه ..فكيف لأخيه الاقتراب منها ...سحب أيدي نورسين متجها لجواد آخر وأردف 

- الحصان دا حلو تعالي جربيه ...أشارت لذاك الحصان الذي اعتلته ليلى بإبتسامة خلابة ونوح يمازحها حتى خرجت من كبوة حزنها وهي تصفق بيديها كالأطفال 

- بحبه أوي يانوح ...الحصان دا بقى عشقي ..شعر بدقات تخترق صدره وكأن حديثها موجه له ،فتحرك متجها إليها 

- متخرجيش رجلك من هنا ومتبصيش لتحت لتقوعي ...اقتربت أسما تنظر إليهما بحزن فأردفت بهدوء عندما وجدت شرودهما هما الأثنين 

- روح إنت ياحضرة النايب أنا هتولى ليلى ،،أومأ برأسه وتحرك يعتلي أحدى الأحصنة الأخرى متحركا خلف نورسين 

وضع نوح يديه بجيب بنطاله 

- من إمتى وأنت عارفة بحب ليلى وراكان ...أستدارت بجسدها إليه 

- هو فين الحب دا يادكتور ،الحب اللي بدوسوا عليه بجزمكم ..آه صحيح نسيت اباركلك 

- مبروك ...جذبها بقوة حتى أصبحت بأحضانه 

- غلطك بيكتر يااسما ماتوصلنيش لحاجة بحاول أبعد عنها ...قدامك يومين بس ياإما نكتب كتابنا ونتجوز زي أي اتنين بيحبوا بعض 

ارتجف جسدها بين يديه وتحدثت 

- ياإما أيه يانوح ..لمس خديها ودنى يهمس بجوار اذنيها 

- ياإما وعد من حبيبك نوح على أخر الشهر هيتجوز ياأسما ...هرولت سريعا متجه لليلى التي تراقب راكان بنظراته الثاقبة وهو يسرع بجواده بجوار نورسين        

             

مساء اليوم 

دلف سليم لغرفته وهو يطلق صفيرا ..وإن دل على شيئا فيدل على سعادته 

- إيه دا أنت لسة متجهزتش ..قطب جبينه وتسائل 

- مجهزتش لأيه ..إنت خارج ولا إيه ..زفر سليم وهو يعدل من رابطة عنقه 

- النهاردة هنروح نطلب ليلى ونلبس الدبل ..هي ماما ماقلتش لك ..ظل ينظر إليه بصمت حتى يحاول تنظيم دقاته الهادرة وانفاسة العارية أمام أخيه فتحدث مبررا 

- هو لازم أنا يعني ،ماكفاية ماما وبابا ..وبعدين مينفعش أسيب سيلين بحالتها دي ..روح إنت حبيبي وألف مبروك مقدما 

جلس سليم وشعر بالحزن فأردف

- يعني اروح من غير أخويا الكبير ياراكان ..عايزني اروح اخطب من غيرك .. 

توقف يضمه وتحدث بصوتا حزين 

- راكان عايزك تشاركني فرحتي الليلة ،لو سمحت مينفعش أفرح وانت مش معايا ..خرج من أحضانه ولكزه بخفة 

- يمكن لما تشوفنا تغير رأيك وتحب واحدة وتطلب تتجوزها 

وكأنه بكلماتك ضغط فوق جرحه فأصاب جسده برعشة حزينة ثم جذبه لأحضانه يربت على ظهره وتحدث ماأصاب قلبه المأنون 

- لا ياحبيبي هشاركك فرحتك ..بس مش النهاردة، خليني مع سيلين 

رفض سليم وتحدث :

- عمتو سمحية هتيجي تقعد معاها..ياله اجهز بقى اصلي والله ألغي الموضوع ،واطلع عيل قدامهم 

أومأ برأسه فتحرك سليم للخارج ..أما هذا الذي انسدلت دمعة غائرة من عينيه وهو يكور قبضته 

- كيف يتحمل كل هذا العذاب ..بعد قليل هبط للأسفل كان الجميع بإنتظاره ، توقف سليم يطلق صفيرا مرة أخرى 

- أنا خايف ياماما يفكروه هو العريس ..وقتها ممكن أروح فيها، يبقى مصيبة أخويا خطب حبيبتي...تسمر بوقفته وتجمد الدم بعروقه وكأن حديث سليم العفوي وضع طوقا حديدا منصهرا حول عنقه ليخنقه دون رحمة 

تحرك بعض الخطوات ولكنه اصطدم بآخر شخص تمنى رؤيته  بهذه 

- إيه ناوين تمشوا من غيري ...قالها توفيق وهو يرمق سليم ..روحت عصيت جدك وخطبت واحدة لا من مستوانا ولا نعرف لها أصل ...وصلت فرح خلف جدها ودموعها تنسدل بقوة 

-ليه يابن عمي دا أنا بحبك ..اقترب سليم وتحدث بهدوء:

- فرح مفيش حاجة بينا ..أنا بحب واحدة تانية ،وقولت لك قبل كدا ..أشارت بسبباته أمام ناظريه وأردفت بغضب:

وحياة قلبي اللي حطمته ياسليم ماهخليك تتهنى ...فرح قالها الجد بغموض 

- روحي ولكل حدث حديث يابنتي ..ثم رفع نظره إلى سليم 

- ياله زمان عروستك مستنياك ...وعقبال راكان لما نشوف هو كمان هيبتلينا بمين    

صمت راكان لثواني..فهو في حالة لم تجدي للنقاش فأردف 

- هو حضرتك هتروح معانا ليه ..دي حاجة على الضيق ..استدار لوالدته عندما أيقن إنها خلف مجيئه فأردف 

- إحنا رايحين فرح ياماما عايزين أشكال تفتح النفس ..مش رايحين معتقل ...قالها راكان ثم تحرك للخارج واستقل سيارته بجواره سليم 

أما الجد الذي استقل سيارة أسعد وزينب وهو يسب راكان 

- معرفش ليه مش عايز تلم ابنك يااسعد ،الولد عياره فلت 

تنهد أسعد بصوتا مسموع فأردف

- لو  عياره فلت صدقني مكنتش لسة في قصره يابابا ...حاول تتلاشى راكان ، راكان مشغول الأيام دي دا اللي مسكته 

لكزه بعكازه موبخا إياه 

- إنت بتهددني يااسعد ..بتهدد أبوك ...صمت أسعد عندما وجد النقاش سيأخذ منحنى آخر 

وصلت السيارت بعد قليل ..ترجلا سليم وراكان وتقابلا مع نوح الذي ترجل هو الأخر ..أومأ برأسه بهدوء عندما وجد نظرات راكان المنكسرة فتحدث:

- ألف مبروك ياسليم ..وبعدين تعالى هنا يابني ..كتب كتاب أيه اللي عايز تعمله ،عمو عاصم كان هيتجنن من طلبك 

غمز سليم وتحدث 

- أيه ياخي عايز أخد راحتي مع خطيبتي..ماانت عارف ليلى محافظة جدا ومستحيل تخليني أمسك ايدها ،وأنا الصراحة مش هضمن نفسي وأكون مؤدب 

تركهم راكان وصعد للأعلى بروح محترقة وقلب يتمزق ألما وعلامة دامية تشوه شقه الأيسر ..أطبق على شفتيه حتى لا تتساقط عبراته وهو  يقرع الجرس.. فتحت درة الباب بإبتسامتها الخلابة 

- أهلا..إبتسامة بسيطة من شفتيه . وهو يدلف للداخل يبحث بعينيه عنها ...تمنى لو أنه العريس المنتظر ،ولكن ليس الأماني بالتمني 

دلف خلفه  الجميع الجد، وزينب وأسعد وسليم ونوح وكذلك يونس ...جلس الجميع بغرفة المعيشه ...وبعد الترحيب بهم، طالع توفيق المنزل بنظرات مزرية 

- هو دا بيتكم ولا إيجار ..قالها توفيق وهو يرمق عاصم الذي يجاوره نوح 

ابتسم عاصم عندما علم بما يعنيه فاجابه 

- دا بيتي وارثه عن جد الجدود ...هنا بلاقي سعادتي في ضحكة من بناتي والدفا من مراتي والحنان من ابني . ..البيت اللي حضرتك شايفه دا ادفى من قصور كتير 

أكد أسعد على كلامه قائلا 

- عندك حق طبعا ياأستاذ عاصم ..المهم الحب اللي يحاوط العيلة ..عايز أقولك انا في بداية حياتي كان عندي بيت بسيط كله دفى وحب 

خرجت ليلى بجوار والدتها بطلتها التي خطفت الحضور ..حتى تحدث نوح 

- والله ياعمو كان أنا أولى بيها ،ضحك الجميع وهم يطالعون ليلى بنظرات إعجابية ..سوى الذي هرب بنظراته بعيدا عن ليلها الدامس ..

جذبتها زينب 

- تعالي ياحبيبتي هنا جنبي ..لا سليم طلع محظوظ جدا ...أومأت برأسها 

قدمت للجميع مشروبهم والذي عبارة عن قهوة 

اقتربت منه ورفعت نظراتها إليها ..كان يطالع هاتفه محاولا السيطرة على أعصابه ..فهمست له 

- قهوتك ياحضرة المستشار . هنا رفع بصره إليها وتقابلت نظراتها بنظراته ...حمحم يونس وجذب فنجان قهوته 

- شكرا ياليلى ..تحركت متجهة تجلس بجوار والدتها وارتعاشة جسدها الذي لم تتحكم به من نظرة عيناه الحزينة ..لأول مرة تجد شمسه بها غيوم كسماء الشتاء القاسية 

حمحم أسعد وتحدث قائلا :

- طبعا إحنا جينا قبل كدا وطلبنا أيد كريمتكم والنهارده جينا بناءا على طلبكم هيكون تلبيس دبل بس ،فأنا كنت بقول بعد اذنك طبعا ياأستاذ عاصم نعمل حفلة الخطوبة وكتب الكتاب والدخلة أخر الشهر 

شهقت سمية واتجهت بنظرها لزوجها فتحدث

- مستعجل على إيه يا باشمهندس ..ادونا وقت وبعدين على الأقل الولاد يتعرفوا على بعض ...قاطعهم سليم وتحدث

- بعد إذن حضرتك يابابا . أنا مش هرفض طلبك أكيد ياعمي ،لكن فيه رجاء بسيط ..نعمل حفلة الخطوبة وكتب الكتاب بعد اسبوع وبعد كدا الفرح وقت ماحضرتك تحب ولا إيه ياراكان ...قالها سليم وهو يلكز راكان بذراعيه 

حمحم راكان وحاول أن يتحدث بطبيعته 

- سليم عنده حق طبعا ..طبعا الباشمهندسة هتكون معاه في الشغل فمنعا للكلام الأفضل يكتبوا الكتاب ..قالها بصوتا حاول جاهدا أن يكون متزنا 

دنى يونس منه وهمس :

- يابرود أعصابك ياخي..لو منك كنت خطفتها دلوقتي...على فكرةفيه حاجة جيت مخصوص النهاردة علشان أتأكد منها 

رمقه بنظرة جانبية 

- اخرص مش عايز أسمع صوتك ..إنت جاي ليه أصلا ..دنى وهمس بصوتا مما جعل دقاته تخرج من صدره 

- ليلى بتحبك إنت ياعبيط أما عملت كدا ليه إجابته عندها ..رفع بصره إليها سريعا فوجد خيوط من الدموع محتجزة بعيناها ..توقفت ورسمت إبتسامة وتحدثت 

- بعد إذنكم ...ثم دلفت سريعا للداخل 

استدار يرمق يونس بنظرة تحذيرية أخرصته 

     

نهضت سمية وهي تبتسم 

- عارفين البنات طبعا بتكون مكسوفة وكدا ...أومأ سليم بتفهم ...أما توفيق الذي أمال على سليم 

- دا النسب اللي هيشرف عيلة البنداري ،لا ومستعجل على كتب الكتاب . قاطعه عاصم وهو يردف لأسعد 

- أحنا مالناش طلبات يابشمهندس ..هو ابننا وهي بنتكم ..ابتسم الجد بسخرية مردفا 

- واحنا لو طلبنا هتقدروا على طلبنا ...قاطعه راكان 

- واحنا نطلب بصفتنا أيه ...دي عروسة وهي المفروض اللي تتشرط وحضرتك تقول سمعا وطاعة ..ابتسم أسعد إلى عاصم محاولا التخفيف من حدة راكان وجده ..ورغم ذلك قاطعه الجد 

- لا يطلبوا إيه .. كفاية عليهم نسب البنداري هم هيطولوا أكتر من كدا ..رفع جانب وجهه بشبه إبتسامة سخرية وأجاب جده متناسيا النظرات الموجهة 

- ايوه ياتوفيق باشا،فيه الأحترام والأخلاق..ولو على الباشمهندسة يندفع فيها مال البندارية كله ...حاجة كدا متعرفش تقيمها 

لكزه يونس وهو يجز على أسنانه عندما وجد نظرات سمية ودرة الموجهة إليه فابتسم 

- راكان كان نفسه يبقى نايب في مجلس الشعب علشان كدا متحكمش في نفسه ..قالها يونس وهو يجز على أسنانه ينظر إلى راكان 

أما نوح الذي أغمض عيناه ألما وتؤلما على صديقه ..فحاول التخفيف من حدة الموقف 

- ليلى هنوصلها لعندكم من غير حاجة ياتوفيق باشا ..هز رأسه توفيق وهو يرمق نوح 

- ودا متأكد منه يابن يحيى الكومي ،بدليل انك روحت خطبت من برة العيلة 

نهض راكان حينما فقد أعصابه وهو يرمق جده فتحدث 

- ماقولنا لحضرتك ياجدو الحاجات دي تقيمية صعب عليك تفهمها ..ثم تحرك مستئذنا .

- بعد اذنكم عندي مشوار مهم ..جذبه سليم وهو يحادثه 

- راكان هتمشي قبل ماألبس الدبل . اتجه بنظره إلى درة وتحدث

- نادي ليلى يادرة ..دلفت للداخل ..أما الجد الذي تحدث

- دا العروسة شكلها مغصوب على العريس ،ينفع عروسة تسبنا وتدخل كدا 

مسح سليم على وجهه محاولا السيطرة على نفسه 

- وبعدين بقى ياجدو الناس تقول علينا إيه ..بالداخل دلفت درة وجدتها تجلس بغرفتها ويحيطها الظلام استغربت حالتها فتحدثت 

- ليلى قاعدة في الضلمة كدا ..جففت عبراتها وتحدثت 

- لا مفيش ياحبيبتي كنت خارجة .. أقتربت درة وتسائلت 

-مين الحلو اللي لابس بدلة رمادي دا يخربيت حلاوته لو تشوفيه عمل ايه ...توقفت منتظره حديثها 

- الراجل الكبير دا الصراحة محبتوش .إنما حماتك عسل ..وكمان سليم شخص محترم باين عليه ،ربنا يسعدك حبيبتي 

خرجت بروح محترقة وتتمنى لو تزهق روحها بالحال ..لم تعلم ماذا عليها فعله آلان ..وصلت أسما بتلك الأثناء دلفت للداخل وهي تضمها وتهمس إليها 

- مقدرتش أسيبك في يوم زي دا ..ربنا يسعدك ياليلى ،وهرجع أقولك فكري تاني متخليش غرورك يحطم حياتك ..رمقته بنظرة جانبية 

كان يقف بجوار نوح ويونس ويدخن وضحكاته الصاخبة ..ضغطت على فستانها متجه إلى سليم ..هنا إستدار ينظر من الشرفة عندما وجد إقترابهما وتلبيس خواتم الخطبة ...أطبق على جفنيه ..ربت يونس على ظهره 

- الحل الوحيد للكل انك تتكلم معاها بصراحة ..البنت دي بتحبك صدقني ،وانا شوفت دا قبل كدا في عينيها يوم حادثتك والنهارده شوفته وهي بتبصلك وبتقولك اخطفني وأهرب 

قهقه فجأة وهو يطالعه 

- لا دا شكل خطوبتك من سارة جننتك ..اوعى تفكر إني سامحتك يايونس على اللي عملته في سيلين تبقى متعرفنيش يابن عمي ..قالها ثم دلف للداخل...توقف أمامهما 

- مبروك ياحبيبي..عقبال لما اباركلك يوم فرحك كمان ..ربت سليم على ظهره 

-عقبالك ياراكي إن شاء الله . اتجه بنظره إليها 

- مبروك ياباشمهندسة ..قاطعه سليم 

- باشمهندسة إيه بقى ياراكان ..دي هتكون مراتي ،يعني بلاش التكليف 

رفعت حاجبها ونظرت إليه 

- عادي مش فارقة معايا ياسليم ...مش كدا ياراكان ..أومأ وتحدث 

- ألف مبروك ..ثم تحرك للخارج       

  

  ❈-❈-❈ 


تابع قراءة الفصل