-->

رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 20 الجزء الثاني جـ1

 

 قراءة رواية بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية بدون ضمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


 الفصل العشرون

الجزء الثاني جـ1

ظل سالم أنظاره معلقة بباب الشركه مترقبًا ظهورها بين لحظة وأخرى، يعلم انها حالياً في عطله قد طلبتها منه واعتقد هو انها فعلت ذلك بقصد حتى تفكر براحه اكثر لذلك وافق على تلك الاجازه دون اعتراض! لكن كان لديه امل اليوم بأنها ستاتي ربما ، فهو لم يرغب في إضاعة فرصة أن يكون أول من تقع عليها عينيه.


وبالفعل بدات تسنيم بالدخول من باب الشركه

ولم يشعر بجسده وهو يهب واقفًا مستقبلًا حضرتها الآسرة بتلهف كبير.. في البدايه لم تنتبه إليه وسلطه أنظارها تجاه باب الاسانسير الهابط للأسفل، تنحنح سالم بخشونة ليلفت انتباهها وهتف بابتسامة عريضة


= ازيك يا تسنيم اخبارك ايه؟ كنت لسه هتصل بيكي النهارده اشوفك هتيجي ولا لاء 


نظرت إليه تسنيم بتفاجئ قائلة بحرج كبير


= انا الحمد لله كويسه وشكرا لسؤالك ، عن اذنك عشان عندي شغل


أخفض رأسه قليلاً ، ونظر حوله وهو يتحدث بخفوت 


= تسنيم استني هو انتٍ فكرتي في الموضوع اللي انا فاتحتك فيه! قصدي موضوع جوازنا انا فرحت لما عرفت انك طلبتي اجازه و قلت اكيد عشان تعرفي تفكري براحتك في الموضوع من غير ضغط .. ممكن اعرف يا ترى فكرتي ولا لسه محتاجه وقت ثاني


أجابته بهدوء حـــذر وهي تهز رأسها برفض 


= لا هو بصراحه انا طلبت اجازه عشان حصل ظرف عندي في البيت وكان لازم اقعد الأيام دي في البيت، واتلخمت في المشكله اللي عندي وما عرفتش افكر كويس في الموضوع.. ودلوقتي مش فاضيه برده قالوا لي في الاستقبال تحت ان فريده في مكتبي مستنياني وعندي شغل مهم لازم اركز فيه 


كور قبضته بغضب مكتوم من تصرفاتها الغير مفهومه وشعر بالضيق من عدم اهتمامها بذلك الموضوع وقال بحنق 


= ايوه يعني هتبتدي تفضي نفسك امتى ان شاء الله عشان تفكري في موضوعنا وتردي عليا؟ 


عبس سالم بوجهه فكان يحلم بانها تبادله نفس المشاعر والاهتمام لكن تبددت أوهامه، حينما همست بنبرة شبه متلعثمة 


= ما اعرفش بس انا لسه زي ما قايله عندي قضايا مهمه لازم اركز فيها الأيام اللي جايه، غير المشكله اللي عندي في البيت 


أردف سالم قائلاً بنبرة إصرار


= الشغل كده كده مش بيخلص يعني لو سيادتك مستنيه تخلصي كل الشغل اللي وراكي يبقى مش هسمع منك رد على كده خالص واذا كانت على المشكله اللي عندك في البيت عدم تفكيرك مش هو اللي هيحلها اكيد  


شعرت تسنيم بإحراج وهي تبرر قائلة


= انا اسفه بجد بس الامور عندي كلها اتلخبطت فجاه ومش قصدي خالص اني اوصل لك ان موضوعك مش مهم عندي. 


نظر لها بصرامة وهو يقول بحدة


= تسنيم اطلعي شوفي شغلك حالياً، و في الاستراحه هنبقى نتكلم عن اذنك 


هزت رأسها موافقة ، وأجابته دون أي إعتراض 


=حـ.. حاضر 


❈-❈-❈

###


ما زلت أؤمن أن الانسان لا يموت دفعة واحدة وإنما يموت بطريقة الاجزاء، كلما رحل صديق مات جزء،وكلما غادرنا حبيب مات جزء، وكلما قُتل حلم من احلامنا مات جزء، فيأتي الموت الاكبر ليجد كل الاجزاء ميتة فيحملها ويرحل.


في مكتب تسنيم، كانت تجلس فريدة معها وهي تخبرها عن تفاصيل القضيه وعن تعليقات الآخرين حول قصتها خلال الإنترنت

لكنها كانت شاردة الذهن وهي تتذكر لمحات من الماضي عن عائلتها تجمعهما سوياً ، ولكنها لم تكون سعيدة بشكل تام وهي تفكر بهم .. ورغم ما فعلوا لكن مازالت تشعر بعاطفة نحوهما . 


لاحظت تسنيم التغيير البادي على وجهها، و مسحت على ظهرها برفق حتي تجعلها تنتبه إليها وهي تقول بود و بإبتسامة سعيدة 


= فريده انتٍ مش مركزه معايا ليه عماله افرجك على ردود الناس وافعالها على الإنترنت لما قصتك اتنشرت وقد ايه في ناس كثير معاكي وبتشجعك وانتٍ مش مركزه معايا ليه .. ايه اللي شغلك أوي كده


خجلت فريدة من منظرها أمام تسنيم خاصة أن للأمر علاقة بكرامتها وكسر شموخها الأنثوي، فترددت في إجابتها وقبل أن تجد العذر المنطقي لترد عليها لسانها خانها  بالتحدث


= أهلي عرفوا موضوع القضيه اللي انا رفعتها  تاني! وكمان عرفوا موضوع قصتي اللي نشرتها على الإنترنت والمواقع الصحافيه

وكان رد فعلهم على اللي عملته؟ انهم طلبوا مني اتنازل من تاني؟ ولما رفضت طردوني! وانا حاليا قاعده عند عمي .


ضاقت نظرات تسنيم نحوها بعدم تصديق ، وتلاشت ابتسامتها من وجهها ليحل التجهم عليه، وللحظة شعرت بالذنب تجاهها لأنها من شارت عليها بتلك الفكرة من البداية، لكن لم تتوقع رد فعل أسرتها ضدها أبدا وسألتها بتردد وهي تجاهد للحفاظ على ثبات أعصابها المشدودة


= طب وانتٍ هتعملي ايه دلوقتي؟ بتفكري تتنزلي؟ فريدة انا ممكن اكون ضغطت عليكي انا كمان عشان تكملي بس انا ما توقعتش رد الفعل ده! وانها توصل يطردوكٍ وهما في النهايه اهلك فلو عاوزه توقفي يعني عشان ما تخسرهمش !.. 


اتسعت عيناها متألمة وهي تنظر إليها بصمت جعلت الأخري تقلق، لتلمع حدقتاها متأثرة من شدة الآلم ، وبدا ظاهراً على لون بشرتها مدى تأثيره عليها وهي تهتف بصوت متحشرج


= أوقات فعلا بفكر أوقف اللي انا بعمله ده و أرجع لي اهلي، بس برضه في نفس الوقت بخاف من الرجوع .. محدش مصدق إني هنجح زي ما يكونوا كلهم بيراقبوني كأنهم مستنيين إن أنا..


لن تستطيع تكمله الجمله بينما إبتلعت تسنيم تلك المرارة في حلقها وهي تجيب عنها بتنهيدات آسفة 


= مستنيين إنك تفشلي! فريده انتٍ مش لوحدك من النهارده اعتبريني أختك ومش بعمل كده عشان صعبانه عليا ولا انا عشان المحاميه بتاعتك، لا عشان عاوزاكي تعتبريني اختك بجد وانا حابه اكون جنبك . 


شعرت فريدة بألم شديد عندما وجدتها علي استعادة تساندها عكس اسرتها التي تخلت عنها، لتقول بنبرة منكسرة وهي تذرف عبراتها قائلة بعنف 


= انا مش عايزة حد جنبي انا فيا الي مكفيني انا من ساعة إللي حصل وانا شايله كل حاجة لوحدي.. لحد ما الزمن عدت بيا.. الي يلقح واللي يشمت، حتى الطيب بيخاف يقرب مني لأن حملي تقيل! وعشان محدش سمعته تتلطخ لما يقرب مني وكاني زي الوباء .


نظرت لها بحزن وهي تردف بتأثر


= هي الدنيا اللي احنا عايشين فيها للدرجه دي ما تتشافش .. وحشة أوي مش كده؟ 


رفعت فريدة عينيها المتورمتين وإبتعلت ريقها وأجابتها بنبرة ياس شديده   


= تؤ قصدك الدنيا دي متتعاش، ياريت يا تسنيم اقدر اخلص نفسي وارتاح بس مش بكيفي.. اهي دي بقي بالذات.. مش بايدي! عارفه انا كام مره فكرت في الانتحار عشان اخلص من كل الوجع اللي انا فيه ده؟ ما بقيتش اعدهم من كتر ما هم كتير؟ بس انا فكرت كتير أوي أعملها !. 


فغرت شفتيها مشدوهة من قسوة كلماتها ، لكن ما صدمها أكثر هو قولها بصراحة، انعقد ما بين حاجبيها بإندهاش ، وردت بخوف شديد عليها بأنه تستسلم بلحظة ضعف وتفعلها 


= فريده اياكي تعملي كده وتستسلمي لشيطانك، انتٍ مش ضعيفه للدرجه دي.. ازاي تفكري في الانتحار و انتٍ حد ناضح وعاقل، عايزه تموتي كافره يا فريدة .


أبتسمت بسخرية مريرة وبدأت العبرات تتسرب من عينيها و إختنق صوتها أكثر وإزداد نشيجه وهي تقول بحسرة كبيرة


= عارفه لو الموت كان حلال !! كانت حاجات كتير هتتغير في حياتنا؟ صدقيني كنتي هتلاقيني اول واحده متاخده القرار ده، انا وناس كتير تعبت ذيي من كتر الوجع والازمات اللي بتشوفها في حياتها


بللت كفها بعبراتها الحارقة، وإنتحبت بشهيق مكتوم وهي تترك لمخيلتها أن تعيد تلك الذكريات المأساوية التي طالما جاهدت لنسيانها،و تمكنت هي من رؤية الجميع حولها ومنهن عائلتها والتي أوصلتها لهذا الوضع المأساوي، تشنجت قسمات وجهها أكثر وهي تقاوم تلك الغصة المريرة في حلقها وهتفت بصوت شبه مسموع 


= أنا اتقال لي منهم كلام بيوجع وبيعصب و بيجرح.. يبقى ازاي هنسى واتعامل بعد كده عادي؟ عارفه هم هيعملوا إيه بعد كده! هيقولوا معلش آسفين ما كناش قصدنا! احنا عاوزين مصلحتك ما انتٍ بنتنا واحنا خايفين عليكي؟؟ بس كلمة أنا آسف مش دايمًا بتصلح الموقف.


صمتت للحظة ، وأخفضت عينيها وهي تكمل قائله بخفوت يحمل الانكسار


= اصعب حاجة في الدنيا انكٍ تمثلي انكٍ مرتاحة وقلبك مليان بالوجع، سالتيني من شويه بفكر أرجع لي اهلي عشان ما اخسرهمش! بس انا خسرتهم ومن زمان أوي بس انا اللي كنت بقاوح !! انا خلاص رتبت نفسي اني مبقتش اتعشم في اهلي تاني؟ مبقتش اتعشم علشان انا اللي برسم ليهم صوره مش حقيقيه و انا الي بضايق في الاخر.. يعني انا مثلا كنت زمان رسمه لهم صوره وبشوفهم انهم اعظم ناس في الدنيا وان انا لو حصلي حاجه هم سندي.. بس انا اللي رسمت الصوره مش هما مش كده؟ ولما يحصلي ازمه واجي اطلبهم جنبي واعوز أشوف الحاجات اللي رسمتها ليهم ان هم السند ومالقيش حاجه من اللي متوقعها يبقى بلومهم ليه؟ انا الوم نفسي انا، اني رسمت صوره مش موجوده فالازم اعاتب نفسي .. انا مش فاهمة ليه الأهالى بتبقى فاكرة أنها فاهمة مصلحة ولادهم وعارفين كل حاجة من غير مايسألوهم


أخرجت تنهيدة حارقة تعبر عن تلك النيران المتأججة في صدرها وقالت لها بكل جوارحها 


= تلاقي بتقولي عليا دلوقتي إن انا بروية معتقدش إن في أي حد ممكن يتقبل إن هو يسمع حد يتكلم كدة عن أهله.. و هيفتكر إني واحدة جاحده أو بنت عاق ! هو لية في حاجة اسمها بر الوالدين بس مفيش حاجة اسمها بر الأبناء ولا عشان الأهالي مش بيغلطوا ! 


تنهدت تسنيم في إرهــاق ونهضت إليها لتمسح دموعها هي أولا ثم فريده قبل ان تحضها بحنان ، وردت عليها بصوت هاديء 


= في طبعاً و ربنا قال ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا وفي عقوق ابناء، متقلقيش ربنا هيحاسبهم.. ربنا معاكي يا فريدة .


❈-❈-❈


على الجانب الآخر جلست خيرية على المقعد في منزلها ومسحت بمنشفة ورقية تلك العبرات الأسفة المنهمرة على وجنتيها.. وهي تستمع إلى حديث زوجها مع أخيه حسين حول موضوع ابنتها فريدة، فبـادر عابد بجدية وهو يشير بعينيه بشراسة


= هي قالت لك كده؟؟ يعني الهانم مش فارق معاها تخسرنا وبرده راحت للمحاميه دي وهتكمل في القضيه .. طب تمام مش هي عاوزه تلوي دراعي خليها عندك بقى وتنسى من النهارده ان ليها عيله هتقف جنبها في اليوم


تنهد حسين بضيق شديد وقال بعدم رضي


= اللي بتعمله ده غلط يا عابد حتى لو بنتك غلطت المفروض تقف جنبها وتساندها وتفهمها الصح فين لكن انك تسيبها كده وتبعد عنها ده اللي غلط انت كده مش بتصلح الأمور؟ كده بتتعقد اكتر وكل واحد فيكم عمال يعند في ايه ؟ 


ثم سأل خيرية بإستفهام وهو يلوح بيده 


= ما تقولي حاجه يا خيريه ولا عاجبك الوضع انتٍ كمان 


مسحت خيرية عبراتها بطرف كم عباءتها ، وقالت بصوتها المختنق


= عاوزني اقول ايه يا حسين اخوك حلف عليا بالطلاق لما حاولت اجري ورا بنتي الحقها لما طردها وحلف كمان عليا ما اشوفهاش من وراه ، ومش قادره اشوف بنتي ولا اطمن عليها بسبب حلفانه


اتسعت عيناه بدهشة وهتف بغضب شديد


= لا ده انت اتجننت رسمي يا عابد في ايه عاوز توصل لي ايه من اللي بتعمله ده؟ مش صعبان عليك بنتك واللي حصل لها ، اذا كانت فريدة فعلا غلطت لما فكرت تنشر حكايتها في الصحافه وراحت من وراك ترفع القضية فهي عملت كده عشان ما لقيتكش جنبها ، انا مش عارف انت ازاي هتامن علي بنتك تاني مع الزفت اللي اسمه حسام ده؟ هو انت مش واخد بالك هو عمل فيها ايه ده من كتر ضربة فيها خليها تشيل الرحم ، وكمان بتمنع مراتك تشوف بنتها 


عبس عابد بوجهه وهو يقول بجمود 


= مين قال لك ان انا مش صعبان عليا بنتي ولا هاخد لها حقها منه بس مش بالطريقه اللي هي عاوزه تعملها وقلت لها المره دي كده بنفسي ربيه وخدي كل الضمانات اللي انتٍ عاوزاها عليه، لكن هي برده مصممه تختار الطريقه اللي تفضحنا بيها، ده غير بعد ما تمشي في القضيه اكيد حسام وامه هيلاقوا طريقه يعرفوا يفلتوا بيها زي المره اللي فاتت، وانا بمنع خيريه عنها عشان تحس وتعرف قد ايه هي بتغلط لو مشيت في الطريق ده ولو لقيت امها جنبها وحد مننا بيساندها مش هترجع وهتكمل . 


❈-❈-❈

###


وضعت ليان الخرز اللولي بطرف الخيط ثم ضمه الخيط معاً وبدأت في التخييط وهي تضع قطعه اللولي في طرف الفستان و إبتسمت لنفسها بغرور عندما اكتملت القطعه معها وبدأ منظرها رائع الشكل، لتبدأ بعدها في  الارتداء وعبثت بشعرها المنساب على ظهرها وأدارت جسدها للجانبين لتتأكد من تناسق فستانها مع تقاسيم جسدها .. ثم تذمرت بضيق فكانت تتمنى ان يكون أيمن هنا وتاخذ رايه بعد انتهائها من تصنيع الفستان .


لكنه ببساطة لم يكن هنا حيث بدأ الفتره الاخيره في التاخير بكثره خارج المنزل وهي لا تعرف الى أين يذهب؟ بالفعل أحيانا يخبرها بانه يقضي بعض الوقت مع شقيقته تسنيم! لكن هي ليست بذلك الغباء لتصدق هذه الحجه كل مره؟ وغير ذلك طريقته في التعامل قد تغيرت معها كثير.. فلقد اعتقدت أنه عندما عاد يعاملها بلطفه وبطريقه مهذبه سيبدأ تدريجاً في النسيان و يعيش حياته معها ويغلق ذلك الباب بلا عودة !  


لم تنكر ليان بأنها احبه هذا الوضع وقد بدا الأمل يعود معها تدريجه، ولكن هناك شيء ما ناقص في حياتها..و إنها الحياة والدفء والألفة .


وفي نفس الوقت سمعت صوت غلق باب المنزل، لتذهب إليه علي الفور بعد أن عبس وجهها وقالت متسائلة باهتمام


= في ايه يا ايمن كل يوم كده تأخير لي الصبح هو انت بتروح فين كل ده؟ 


نظر لها أيمن بنظرات غير عابئة وصـاح بغلظة  


= في ايه انتٍ يا ليان عيله صغير خايفه عليه ما قلت لك نامي وما تستنينيش وكنت عند اختي يا ستي مالك قلقانه كده ليه ؟ هو انتٍ لازم تسمعي مني التقرير عشان ترتاحي و تعرفي تنامي.


انصدمت ليان من رد فعله فهي لم تقصد شيء سيء غير ان تطمئن عليه، إبتلعت ريقها بصعوبة وهي تحاول أن تبدو متماسكة أمامه رغم حالة الذعر المسيطرة عليها


= انا ما كنتش قصدي كل الكلام ده انا خايفه عليك وعاوزه اطمن، ايه اللي يضايقك في كده وبعدين انا متعوده ما بنامش غير لما اطمن عليك وانت هنا في البيت ، وخير هي تسنيم كويسه عشان كل يوم تتاخر عندها كده 


أجابها أيمن ببرود وهو يرمقها بنظراته الساخطة


= اه ده انتٍ هتقلبي الايه بقى و انتٍ دلوقتي  اللي هتشكٍ فيا بدل ما انا اللي اشك فيكي .. اسمعيني كويس انا مش مضطر اكذب ولا الف زي ناس ولما اقول لك انا كنت فين فلازم تصدقي لاني لو موجود في حته تانيه مش هخاف منك وهقول لك الحقيقة في وشك 


شعرت بألم خلال حديثه فهو بالتأكيد يقصد إهانتها مثل العادة، بتلك الكلمات! سألته هي بإهتمام وهي ترفع حاجبها للأعلى بفتور من طريقته الفظة في الحوار معها 


= في ايه يا أيمن مالك متعصب عليا كده؟ كل ده عشان سالتك أنت كنت فين؟ ما انت اللي تصرفاتك بقت غريبة بصراحه وبعدين انا مش بشك فيك انا بسالك عادي، ايه اللي حصل بقى لكل ده 


تنهدت بصوت مكتوم ثم أطرقت رأسها في خزي وهي تتابع قائله بصوت مختنق 


= وبعدين طبيعي لما تقعد اكتر من اسبوعين تتاخر في نفس الميعاد وكل ما اسالك تقول لي عند تسنيم عشان كده شكيت انها تعبانه ولا فيها حاجه عشان كده بسال.. هي كويسه؟ 


هز أيمن رأسه بعدم اكتراث وهو يرد عليها بنبرة ممتعضة 


= لا يا ستي ما تقلقيش نفسك هي كويسه

وانا بزورها عادي عشان هي بقت بتزهق من القعده لوحدها ، في اي اسئله تانيه حابه تعرفيها مني قبل ما ادخل انام ؟ 


تعجبت ليان من حالته الغير مفهومه و رغم اجابته لكن لم تقتنع بها وربما إذا أثارته يهتاج عليها ولن تعرف كيف توقف ثروة غضبه التي تعلمها علم اليقين لذا ، قالت بخفوت


= لا يا أيمن اتفضل ادخل نام واستريح.. وانا مش هضايقك تاني باسئلتي وانت معاك حق انت مش عيل صغير وعارف بتعمل ايه .


نظر لها بحدة قبل أن يوليها ظهره ويتحرك مبتعدًا موجهًا لها صفعة قوية في قلبها، لتظل هي على تلك الحالة الواجمة وهي لا تعرف لما أصبح هكذا معها حبست أنفاسها مترقبًا دخوله

الغرفة، لتهمس لنفسها بضعف 


-تعبت أعصابي! معاك يا أيمن. 


❈-❈-❈


بداخل كافتيريا الشركه، جمد سالم أنظاره عليها قائلًا بعدم اقتناع


= ها، يا تسنيم ممكن اعرف أمتي هتتكرمي  وتفكري في موضوعنا، ومن فضلك بلاش تقولي لي اعذار مش مقبوله .. لو عاوزاني من دلوقتي نمشي كل حاجه رسمي واروح اطلبك من اخوكي هعمل كده على طول بس بلاش تحسسيني ان انا ريمي نفسي عليكي و بضايقك أوي كده وانتٍ رافضه.. ها تحبي اتكلم مع اخوكي


هزت تسنيم رأسها معترضاً وهي تقول بسرعه


= لا طبعاً ما تتكلمش مع أيمن دلوقتي في حاجه، انت ليه مستعجل كده انا لسه ما فكرتش في الموضوع كويس وانت عاوز تمشي كل حاجه رسمي 


هتف فجأة بنزق وقد انعقد ما بين حاجبيه بشدة


= ما انا سبتك تفكري وما رضيتش اضغط عليكي ولا كلمتك وكنت فاكر ان كل ده واخده الاجازه عشان تفكري! لكن اتفاجئت بيكي بتقولي لي كنت مشغوله في الشغل ومشاكل عندي المفروض انا اعمل ايه دلوقتي وحتى لما قلت لك دلوقتي نمشيها رسمي برده ما رضيتيش، هو انتٍ ايه اللي مانعك بجد انك تفكري في موضوعنا ؟. 


توترت بشدة ثم أجابته قائلة بحياء


= بصراحه مش عارفه بس انا لما بحط الموضوع فدماغي لمده دقيقتين واتخيل جوازنا بقلق جدآ واتلخبط وبخاف الموضوع حساه صعب .. سالم انا ما اعرفش عنك اي حاجه أو حاجات حتى تخليني مطمنه ان انا اوافق ارتبط بيك


ابتسم لها سالم بعذوبة لطيفة، أراحها ردة فعله الهادئ، وأسبل عينيه نحوها قائلًا بهدوء


= هو انا طلعت بخوفك وبلخبطك أوي كده

طب خايفه من ايه؟ عشان اعرف ارد عليكي مثلا عشان طريقتي معاكي وتعاملي اكيد خدتي عليا وعارفه ان دي طريقتي في الشغل وبس، عشان بحب كل حاجه تمشي مظبوط زي ما انا عاوز .. لكن اكيد مش هتعامل معاكي بالطريقه دي بعد جوازنا 


رأت تسنيم في عينيه نظرات عاطفه لم تفهمها فخشيت أن يكون وقع في حبها بالفعل وهنا تســـارعت دقات قلبها وتلاحقت أنفاسها وهي تقول 


= انا عارفه ده ومش بتضايق انك بتحب تمشي شغلك مظبوط عشان انا كمان بحب شغلي ومش بحب اي لخبطه فيه فالنقطه دي عمرها ما ضايقتني .. وكمان انت لما بتحس انك زودتها معايا او فهمت حاجه غلط بتيجي تعتذر على طول ودي نقطه كويسه برده 


قال سالم بغضب و حنق في آن واحد


= طب طالما الموضوع كده خايفه من ايه ؟. 


إبتلعت ريقها في توجس عجيب، وهتفت بوهن 


= خايفه من الارتباط نفسه ومنك انت بالذات يا سالم ، انا ما اعرفكش كويس زي ما قلت لك واكيد انت تعاملك هيكون حاجه ثانيه معايا، غير موضوع بنتك قالقني فكره كمان اني ارتبط بواحد لي تجربه سابقه و بنت مش سهل، مش عاوزه اتحط في مقارنات طول الوقت منك ولا من بنتك ولا من اهلك ولا من الناس.. وكمان انا مش عاوزه افشل انا فسخت الثلاث خطوبات اللي قبل كده بسبب اني كنت بحس بعدم التوافق بيني وبين الطرف التاني وانه مش فاهمني واكيد هتحصل مشاكل ما بينا قدام، انا كده لما بحس التجربه هتجيبلي مشاكل ببعد عنها علي طول وما بحبش اغامر واتعب .. وانا سهل أبعد  


عاد لضبط انفعالاته و رد عليها قائلاً بصوت هاديء


= انا مش شايف برده في مشكله يا تسنيم في كلامك! طبيعي يعني انك تكوني خايفه من كل ده، تسمحي لي بقى ارد على بعض حاجات انتٍ فاهماها غلط وممكن كلامي يريحك شويه 

أولا مراتي السابقه ماتت وهي بتولد بنتي وانا قلت لك الكلام ده قبل كده بس تلاقيكي نسيتي يعني ليلى عمرها ما هتحطك في مقارنه بينك وبين امها لانها ببساطه ما شافتهاش ! وبالنسبه لي عمري ما هعمل كده ما تقلقيش، مراتي مش لسه ميته من الشهرين ولا ثلاثه يا تسنيم عشان احطك في مقارنه اصلا الموضوع بقيله سنين ومش يعني انا الراجل اللي بعشق مراتي عشق ملوش مثيل عشان افضل فاكر لحد دلوقتي حياتنا مع بعض ومش قادر اعيش من غيرها ، انا حياتي مشيت بعدها عادي صحيح تعبت في الاول جدا واكتئبت بسبب مشاكل كثير حصلت بعد موتها لكن حاولت اتفادى كل ده فمش هاجي ببساطه وانا بحاول ابني حياتي بعد كل ده افتكرها واقارنك بيها ... طب طالما مش قادر أوي كده من الأول أعيش حياتي من بعدها؟  هرتبط بيكٍ ليه وعاوز اتجوزك دلوقتي! 


واضاف سالم بنبرة عقلانية متريثة


= وبالنسبه لموضوع فشلك دي حاجه ورده احنا ما نعرفش المستقبل في ايه لينا ؟ فطبيعي كلنا نخاف من اي حاجه جديده داخلين عليها .. وبعدين خلينا نتفائل خير ان شاء الله حياتنا هتكون مع بعض كويسه

و ما يحصلش مشاكل 


زادت رجفتها محاولًا الصمود أمامه والثياب، وتحاشت النظر نحوه تمامًا وقالت بصوت مرتبك


= طب وموضوع بنتك يا سالم مضايقني او مش مضايقني مخوفني لما قعدت تتكلم في البدايه انك عاوز زوجه بس عشان تخلي بالها من بنتك وتعوضها عن حنان مامتها اللي افتقدته بقلق بصراحه وحبك الزياده لبنتك ده 

انا صحيح ما شفتهاش ولا اعرف حياتكم عامله ازاي مع بعض ؟ بس من كلامك واضح انكم قريبين أوي من بعض فبسهوله كده هتقبلوا حد ثالث ما بينكم 


هز رأسه متفهمًا وقال بجدية


=  انا عن نفسي قبلتك خلاص بحياتي بالدليل اللي انا طلبتك للجواز! واذا كان على بنتي اكيد مع الوقت هتتعود عليكي، صحيح في الاول أكيد مش هتقبل ده وانا بقول لك من اولها مش خوف لا عشان نتفادى ده .. بس انا وانتٍ مع بعض اكيد هنخليها تتعود .. اما بالنسبه لكلامي بتاع المره اللي فاتت اعتقد ان انا شرحتلك وجهه نظري وقلت لك ده مش اللي اقصده وانتٍ مش مطلوب منك انك تتحملي مسؤوليه بنتي ولا حاجه .. ها في اي حاجه تاني حبه تعرفيها او خايفه منها عشان اطمنك 


شعرت بخفقان قوي في قلبها وهي ترى بريق عينه ذلك في انجذاب وإعجاب نحوها ثم

تنهدت في إرتياح بسيط وهي تجيبه بخفوت 


= مش عارفه بس برده محتاجه وقت عشان افكر و لو انت مضايق من حكايه ان انا كل شويه عاوزه مهله ! فبراحتك خلاص ممكن تعتبرني رفضت احسن ما تضيع وقتك معايا.


وقبل أن تفيق من حرجها الواضح أمامة ،  اندهشت من إعلانه الصريح بنبرة ثابتة وبصوت شبه مسموع 


= انا ما اشتكتش يا تسنيم و مبسوط بالوقت اللي بيضيع معاكي طالما في النهايه هطلع بنتيجه كويسه و هتكوني لي !.

تابع قراءة الفصل