رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 20 الجزء الثاني جـ2
قراءة رواية بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بدون ضمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل العشرون
الجزء الثاني جـ2
بعد مرور شهر، كانت فريدة في قاعه المحكمة تحضر الجلسة الأول في قضيتها ضد حسام، ظلت تنظر إليه مطولاً وهو خلف القضبان فى تعابيره المشفقة لحالته المزرية تلك أمامها، دون أن تمنع إحساسا بالراحة أن يجتاح صدرها .. فهل ذلك الشخص نفسه الذي كان يضربها بمنتهي الوحشية و دون رحمة ! هنا خلف القضبان الحديدية و قريباً سيتم الحكم علية لينال أسوأ عقاب يستحقه .
تجمدت أنظارها للحظة حولها و خفقان قوي في قلبها لمجرد تذكرت قضيتها السابقة معه فإذا كانت أكملت بها لكان هو هنا من البداية! ترقرقت العبرات في مقلتيها، وشعرت بوخزة حـــادة في صدرها ألم رهيب اجتاحها بسبب إحساسها بضياع ما أفنى فيها و أضاع هدر من عمرها في لحظات وتحول لهباء منثور.. لكن ما ألمها أكثر وجودها هنا بداخل المحكمة بمفردها دون فرد من أسرتها معها .. بل هي بالأساس ستخوض المعركة وحدها كلها !.
أغمضت عينيها تخفى ألم روحها وهي في انتظار حكم القضاء .
لكن لم يتم الحكم من الجلسة الأولي وانتفض قلبها لمجرد الفكرة لتقول بصوت حزين وهي خارج قاعه المحكمة
= القضيه اتاجلت يا تسنيم انا كان عندي امل الحكم يكون أسرع من كده شويه
ردت عليها تسنيم بنبرة عادية وهي تشير بكلتا يديها بالتحرك
= دي اجراءات عاديه يا فريده ما فيش قضيه الحكم فيها بيكون من اول جلسه الا نادرا وبعدين هو انتٍ شفتي خرج ولا حاجه ما هو كان قدامك محبوس وصدقيني مش هيطلع طول ما انتٍ مكمله ومش هتتنزلي
هزت برأسها بقله حيلة وقبل أن تتحرك فريدة إنتبهت إلى صوت تلك السيدة ورمقتها بنظرات حادة من عينيها الحمراوتين ، بينما هتفت تسنيم محتداً
= افندم !.
نكست سعاد رأسها بخزي أمامها ثم قالت حديثها قائله بنبرة ذليلة
= ازيك يا فريده يا بنتي ممكن كلمتين على جنب يا حبيبتي بعد اذنك .
أجابتها تسنيم بصوت محتقن وهي تشير برأسها علي مضض
= لا مش ممكن ومن فضلك ابعدي عنها واللي انتٍ عاوزاه منها هي مش هتوافق عليه فريحي نفسك بقى عشان لازم العداله تاخد مجراها والبيه ابنك يتحاسب على كل غلطاته .
جزت سعاد علي أسنانها بغضب من تلك الفتاه ، ورمقتها بنظرات مشتعلة وقالت بتحدٍ سافر
= انا موجهتلكيش كلام انتٍ ومن فضلك اسكتي، انتٍ مش قدامي في محكمه عشان تدافعي عنها كمان هنا هي ليها لسان وتعرف ترد .. وانتٍ يا فريدة تعالي معايا هقول لك كلمتين بس وبعد كده اعملي اللي انتٍ عاوزاه
من فضلك يا بنتي اسمعيني
صـرت فريدة على أسنانها بعنف ، وضيقت عينيها الشرستين وهي تنطق باشمئزاز
= انا مش بنتك وما يشرفنيش تكون أمي واحده زيك والمفروض اصلا تحمدي ربنا انك ما لكيش بنات لان كانت هي دلوقتي اللي هتشيل نصيبها من عمايلك انتٍ وابنك اللي عماله تداري فيها
تابعت تهز رأسها نافية ولم تحيد بنظراتها المحتقنة عنها واضافت بإصرار عجيب
= وريحي نفسك لان انا عارفه انتٍ عاوزاني في ايه وانا مش هتنازل المره دي عاوزه بقى تروحي لاهلي فانتٍ عارفه عنوانهم بس مش هيفيدوكي في حاجه لان انا سبتهم وبعدت عنهم واي حد من هنا ورايح هيقف قصادي عشان يمنعني اخذ حقي هبعد عنه مهما كان مين؟ لان مفيش حد في الكون يستاهل اتنازل عن حقي عشانه .
قطبت سعاد وجهها بدهشة صادقة ولم تصدق كلماتها ولا قوتها الظاهرة وشعرت هنا بالخطر القادم نحوه طفلها الوحيد! فا فريدة ليست غبية لتدرك أنها لهم مجرد وسيلة لتحريره من السجن و رد إعتبار لكرامته الذكورية الذي أتت عليها عندما وقفت أمامة تطالب بحقها، و تدرك أنها لم تكن سوى مرحلة سيتجاوزها يوما ما .. ولم تكن أهمية كبيرة إلي أحدهم منهما سابقة بل كانت حمل ثقيل عليهما وكان يجب التخلص منه .
❈-❈-❈
جلست تسنيم على المقعد الخاص بالصالة بمنزلها وهي تفكر في قبولها او رفضها عرض سالم؟ فقد مر شهر تقريباً و مازالت لم تعطية رد حتى الآن؟ وهو لم يفرض نفسه عليها مره ثانيه وترك اليها المساحه الكامله للتفكير ! لا تعلم لما الأمر صعب هكذا هذه المرة؟ فالامر سهل بأن توافق أو ترفض؟ كما يحدث كل مرة.
لكن ما الذي يختلف عن فرص الزيجات السابقه الذي كان يتقدمون اليها؟ بانها تحمل مشاعر داخلها تجاهه ! وربما هو ايضا هكذا بل واضح ذلك جدآ ؟ لكن كانت خائفة مما هي مقبلة عليه، فلم تكون الزوجه الاولى له؟ واذا أنجبت طفل لم يكن هذا الطفل الوحيد في حياته وحياتها .. هي ليست بهذه الانانيه لكن كامرأة بسيطة تريد تجربه هذه الأشياء مع الشريك الاول بحياتها.
لكن هي ناضجه اكثر من ذلك لتعلم أن هذه الأمور ليس من المفترض ان تحدث دائما والاهم بان تفكر فيه هو ذاته، هل هو زوج وشريك مناسب ام لا؟ التفكير بالفعل صعب فتنتظرها حياة جديدة مليئة بالكثير من التحديات والقرارات، عليها أن تكون فيها عقلانية تفكر بتريث وتتجنب حالة الاندفاع الأعمى التي تسوقها في بعض التصرفات .. ويجب ان تضع في الحسبان أيضا أحيانا ستكون مسؤوله عن ابنته، حتى رغم انه لم يطلبها منها! لكن هي ستكون فرض من افراد العائله .
خرجت مهرة من المرحاض بعد أن قامت بالإستحمام و أزالت كل هموم الدنيا وتعبها المستمر اثار حملها وأبدلت ثيابها بأخري قد أعطتها لها تسنيم وكانت تناسبها هذه المره؟
لتتفاجا بأن هذه الملابس جديده، لا تعلم من أين جاءت بتلك الثقة في تلك العائلة، يكفيها موقف كلا منهما نحوها؟ فتسنيم سمحت لها بالمكث معها في منزلها وبدات تعاملها وكانها فرد من أفراد أسرتها وعندما قام أيمن بأخذها و أنقذها من أخيها و زاهر؟ وما كان سيفعل بها جعلها ترتجف أكثر عندما تخيلت إنها بين يدي هذا الرجل عديم الرحمة.
بينما في تلك اللحظات كانت تراقبها تسنيم بشرود وهي تتذكر كلمات أيمن الذي اخبرها بها قبل اسبوعين :-
= البنت طلعت مش بتكدب يا تسنيم! و العناوين اللي هي اديتها ليكٍ فعلا موجوده، ليها أب فعلا اسمة زكريا وعنده اولاد كثيره و من ضمنهم بنت اسمها مهره! والراجل اللي هي متجوزه واسمه زاهر ده؟ موجود فعلا و بيشتغل في الذهب زي ما هي قالتلك و معروف في المنطقه انه بيتجوز كتير ويطلق واخر جوازه لي من بنت قاصر ..!!
تقدمت مهرة علي استحياء، كم هي تشعر بالخجل منها، وجلست علي الكرسي جانبها وجدتها تشرب القهوة بينما هي شعرت بالحرج والخوف وهي تتسائل
= ابله تسنيم هو انتٍ جبتلي الهدوم دي عشان تمشيني من هنا ؟ انا عارفه ان انا تقلت عليكي وانتٍ مش ملزمه تخبيني ولا تخليني عندك اكتر من كده عشان ما اعملكيش مشاكل .. بس انا والله اول ما الاقي مكان تاني هسيب هنا من غير ما تقولي لي
نظرت لها بأعينها اللامعة ونهرتها تسنيم قائله بعتاب
= ايه بس اللي انتٍ بتقولي ده يا مهرة انا ما طلبتش منك تمشي ولا حاجه و اذا كان على الهدوم الجديدة اللي انا جبتها لك عشان لاحظت هدومي مش مقاسك و مش بتعرفي ترتاحي فيها ..
نظرت مهرة نحوها قليلا بألم و امتنان وهي تتحدث بصوت منخفض
= بس انا ما ينفعش افضل اكتر من كده هنا، انتٍ شكلك طيبه انتٍ واخوكي اللي نقذني ومش عاوزه اجيبلك مشاكل من تحت راسي،
بصي هو انتٍ كثر خيرك اوي لو لقيتي لي شغل اعرف أشتغله واصرف علي نفسي وعلى ابني منه
عقدت حاجبيها بدهشة وقالت بحزم و جدية
= شغل ايه ده بس يا مهره اللي هتشتغلي لي وانتٍ حامل، هو انتٍ ناسيه كلام الدكتوره اللي رحنالها من يومين لما كشفت عليكي قالت لك ايه؟ قالت لك ان جسمك ضعيف ومش محتاجه تبذلي اي مجهود الفترة اللي جايه
و احتمال يكون في خطر عليكي لو عملتي اي حركه زياده لان سنك مع حملك مش مساعدك على الراحه .
ابتلعت غصة مريرة في حلقها وضغطت على أصابعها بحزن واضح قائله ببراءة
= انتٍ طيبه اوي يا ابله تسنيم غير اهلي اللي رموني وباعوني .
ردت عليها تسنيم بإبتسامة عريضة وهي تتأمل حزنها المنبعث من بشرتها
= خليكي هنا يا مهره معايا انتٍ مش مضايقاني ولا حاجه، وانا لو بايدي اساعدك بجد اكتر من كده مش هتاخر .. انتٍ سبق وقلتيلي عاوزه تطلقي من الشخص اللي انتٍ متجوزاه ده.. هو في القانون لو رفعتلك قضيه طلاق هتكون خلع عشان محدش هيحكم بطلاق
زفرت بضيق واضافت
= بس انا اللي ماخرني خوفك عشان ما حدش يعرف مكانك عندي ويجي ياخدك من أهلك وما اقدرش أساعدك ولا اعمل لك حاجه وبدل ما اخلصك منهم ارجعك تاني ليهم..
صمتت مهرة وتظاهر إنها تفكر قليلاً بقلق بالغ ، لتنهض تسنيم و وقفت أمامها وابتسمت وهي تخبرها ليطمئن قلبها الذي سمعت دقاته القوية
= بس ما تقلقيش اكيد هنلاقي حل، ومش عاوزاكي تتشائمي ولا تستسلمي لمصيرك ده، انتٍ ليكي حقوق ولازم تاخديها غصب عن اي حد .. ولحد ما نلاقي الحل ده هتفضلي ما انساني هنا يا ستي شويه .
❈-❈-❈
ضمت ليان ركبتيها إلى صدرها ، وأحاطهما بذراعيها وظلت تهتز بحركة ثابتة ثم أرجعت رأسها للخلف وحدقت بسقفية الغرفة ثم أخـرجت تنهيدة حارقة تعبر عن تلك النيران المتأججة في صدرها !
وبخطوات ثقيلة تحرك أيمن في إتجاه باب الغرفة بعد عودته من الخارج، وأمسك بيد مرتجفة المقبض ودلف إلى الداخل تفاجا بانها ما زالت مستيقظه وكانت تجلس فوق الفراش ومن الواضح انها كانت تبكي للتو! عقد حاجبيه باستغراب وقال متسائلا بخشونة
= خير مالك قاعده كده ليه؟ برده قاعده مستنياني اديني جيت اهو اتفضلي نامي بقى وسيبيني في حالي
لوت فمها بإبتسامة زائفة لتنهض وهي تتلفت حولها ثم عادت النظر إلى أيمن متسائلة بريبة
= انت ليه ما قلتليش ان سلمى مرات طارق جاتلك وطلبت منك انك تطلقني عشان تستريح لما تشوفني انا كمان بيتي اتخرب زيها
اتسعت عيناه بدهشة وهتف شبة ساخراً
=و انتٍ عرفتي منين بقى حاجه زي كده انتٍ بتراقبيني ولا ايه يا مدام ؟.
هزت برأسها بيأس وحسرة وهي تقول بمرارة
= مش براقبك ولا حاجه سلمى بنفسها اتصلت بيا عشان تطمن اذا كنت سمعت كلامها و طلقتني، كانت عاوزه تطمن انها رجعت تخليك تشك فيا من تاني وكلامها جاب نتيجه ولا لاء ولما لقت ان ما فيش حاجه حصلت وعدتني انها قريب هتخرب بيتي زي ما بيتها اتخرب بسببي.. هو ده بقي اللي خلاك تتغير معايا من تاني ؟.
إختنق صوتها أكثر وأردفت ببكاء
= انا تعبت من كتر ما بتكلم وادافع عن نفسي ومن كتر ما انا بشرح مبررات! ومن كتر ما انا بعترف ان انا غلطانه! ومن كتر ما انا بتحمل
اهانات منك! انا تعبت يا أيمن من الحياه دي بجد .. انا ما طلبتش من طارق انه يطلق مراته زي ما هي فاكره ولما حاولت اشرحلها كده زعقت فيا جامد وشتمتني وقفلت التليفون وهي بتتوعد لي بخراب بيتي وحياتي كلها .. بس عذرتها وعذرتك كمان زيها.. بس المشكله مش بلاقي حد يعذرني .
وضعت ليان يديها على صدرها وغمغمت بصعوبة بالغة بتوجس
= انا لما طارق طلب مني اني اطلق منك وهو يطلق مراته عشان نكون مع بعض ونتجوز، رفضت على طول وقلتله اياك تعمل كده وبعدها على طول بعدت عنه وقلت له لازم نوقف اللي احنا بنعمله ده عشان غلط .. بس هو ما سمعش كلامي وطلقها يبقى انا ليه اتحمل الذنب؟ مش كفايه الذنب اللي انا متحملاه دلوقتي؟ وطول الوقت عماله الوم نفسي على اللي عملته في حالي وفيك .. انا حتى لو كنت طلبت منه يطلقها وهو سمع كلامي برده غلطته هو، هو مش عيل صغير و المفروض ما يسمعش كلام حد و لو بيحبها فعلا وخايف عليها ما كانش يتكلم معايا من من الأول ولا طلب مني طلب زي ده! بس هو اول ما صدق وراح طلقها علي طول يبقي انا مالي بقي
هز أيمن رأسه معترضاً وهو يقول بإنفعال
= وانتٍ بقى الملاك البريء في القصه كلها مش كده؟ طب ما انتٍ كمان يا ليان لو كنتي بتحبيني وخايفه عليا ما كنتيش اتكلمتي معاه من الأول ولا كنتي وصلتني لكده ولا خنتيني
إبتلعت ريقها بخجل شديد ، وتلاحقت أنفاسها بخزي وهي تتحدث
= ما عشان في فرق بين الاثنين انا اعترفت بغلطي وبحاول اصلحه وبعدت ورفضت يطلق مراته وبحاول اهو طول الوقت اتاسفلك بس انت مش راضي و واضح كده عمرك ما هترضى ولا هتعرف تتجاوز المرحله دي من حياتنا كلها.. بس انا مش بلومك انت في النهايه راجل واتعرضت للخيانه من اقرب حد ليك فصعب تنسى كل ده بسهوله..بس انا تعبت يا أيمن والله من كتر ما انا بحاول اوصل لك ان انا غلطانه ومش هعمل كده تاني وانت مش راضي تصدق والدليل اهو! اول ما سلمى مرات طارق جت وقالت لك ما تصدقنيش و انها زي ما خانتك مره ممكن تعملها تاني عادي و انت صدقت على طول والشك رجع دخل في دماغك من تاني و رجعت تعاملني زي الاول وحش، بس اكيد حياتنا مش هتفضل كده عمالين نضيع فيها على ولا حاجه
أخذ نفساً عميقاً ، وزفره ببطء قائلاً بمرارة أشد
= قصري في كلامك عاوزه توصلي لايه؟ هو انتٍ مفكره لما تقعدي تعترفلي دلوقتي ان انتٍ غلطانه وقد ايه انا ضحيه وانتٍ المذنبه ان كده هسامح وانسى؟ لا يا ليان الوضع هو هو سواء اعترفتي ولا ما اعترفتيش النار اللي جوايا من ناحيتك مش عاوزه تنطفي .. ولا قادر انسى ان انتٍ اتجراتي واتكلمتي مع واحد غيري .
هوي فوق المقعد أمامها بوهن فجاه وشهقت هي بذعر وهي تركض إليه بخوف ومدت يدها تحاول أن تساعده لكنه امسكها بقوة و إحتضن كفها بين راحتيه ثم رفعه إلى وجهه ، وأسنده على وجنته وأغمض عينيه وهو يتابع بصوت حزين
= أنا سبب زعلي منك هو إن كل ما أتخيل إن
الحيوان ده كان بيكلمك أو بيسمع صوتك او حتى شافك في مره، دمي بيغلي وبحس بالاهانه واني مش راجل عشان آآ عشان مخلي واحده خانتني على ذمتي لحد دلوقتي واني واحد ما عنديش كرامه لأني لسه بحبك
جحظت ليان بعينيها وإرتجفت في مكانها بشدة ولم تنبس بكلمة، وإنكمشت على نفسها أكثر وهي تستمع إلى صوته المنكسرة حيث دموعه بدأت تلتمع بين عيونه الحزينه
= تعرفي رغم اني ما كنتش طايق مرات طارق الزفت ده وكنت عارف هي جايه عشان حاجه واحده بس؟ تشمت فيكي لما اطلقك، لكن واجهتني بحقيقه بحاول انكرها وهي أن احنا مهما عملنا ثقتنا مش هترجع لبعض من تاني؟ اصلا الحياه بين اي زوجين هي عبارة عن ثقه واحساس بالأمان وانا غصب عني.. بس ما تفتكريش ان انا ببقى مبسوط لما بعمل فيكي كده وبعملك بالطريقه دي ولا بهينك .. وان انا نفسي ارتاح واديك فرصه تانيه لحياه جديده نبنيها مع بعض من تاني بدون اي غدر ولا خيانه مننا إحنا الاتنين .. بس مش عارف !.
كانت تلك هي المرة الأولى لـ ليان التي ترى فيها زوجها على تلك الحالة الواهنة ، هي إعتادته قوياً لا يعبأ بشيء.. حتي هي أحياناً تخشاه بسبب هيبة واليوم هو لا حول له ولا قوة.. يبدو كالبشر الغير الطبيعين حينما يصيبهم المرض.. فقد انصدمت حقا عندما رأته يبكي أمامها و دموعه تساقطت بسبب أفعالها .. و لأجلها!
أشار لها إلي قلبه و زاد نحيبه وهو يقول بصوت مقهور
= انتٍ وجعتني أوي يا ليان أوي .. فوق ما تتخيلي احساسي كان عامل ازاي لما اتصدمت بحقيقتك وعرفت اللي عملتي فيا و لسه كل يوم بصحى من النوم على امل ان اكون بحلم وانتٍ ما عملتيش فيا كده ؟ بس دي الحقيقه وانتٍ خنتيني فعلا!! إزاي عاوزاني ارجع اتعامل معاكي عادي بطبيعتي واتجاهل اللي عملتي فيا بسهوله كده
صمت للحظة ليسيطر على نوبة البكاء التي إجتاحته ،وتابع بمرارة قاسية وهو مغمض العينين
= فكرك مش بحاول ابص للموضوع زي ما انتٍ بتبصيله وغيرك؟ و ان انا اللي غلط من الاول وانا اللي اهملت فيكي وأنا كمان مشترك معاكي في خراب العلاقه ما بينا ؟؟ بس عقلي بيرجع ينبهني ان تفكيري ده غلط ومفيش راجل عنده كرامه يسمح بكدة .. اقول لك على حاجه عشان اعرفك ان انا قد ايه بحس اني مش راجل كل ما افكر ان لسه بحبك رغم اللي عملتيه معايا ؟ لما قلت لك عاوز اتجوز كنت فعلا قصدها وبغصب نفسي بالعافيه اعملها ، بس ما قدرتش! فكره حتى اني اروح اكلم واحده غيرك ما قدرتش اعملها عنك وقلبي ما طاوعنيش اخونك بس انتٍ عملتيها وقدرتي .
مسح أيمن بأنامله عبراته المنسابة على وجنتيه وأخذ نفساً عميقاً وظل صامتاً لعدة دقائق .. وفتح عينيه لينظر لها بصمت لكن عيونه تحدثت بالكثير..
أفاقت ليان من شرودها على صوته الهادر ، وإبتلعت ريقها ثم فركت بإصبعها وهي تهبط بالارض لمستواه و زحفت نحوه بريبة ولمست وجنته بأطراف أناملها آسفاً و نطقت بصوت باكي
= بس يا أيمن خلاص وحياه ربنا ما تعمل في نفسك كده عشاني انا مستاهلش منك كل ده انا عارفه كل الضغط اللي انت فيه وان انا اللي عملت في نفسي كده من الاول، عشان كده كنت بستحمل منك اي اهانه واسكت .. انت معاك حق انا ازاي بطلب منك تسامحني بعد كل ده عادي؟ بعد ما خنت ثقتك فيا انت عندك حق انا واحده خاينه وما استاهلش فرصه تانيه
إحتضنها بذراعيه وألصقها بصدره أكثر، و أغرقت عبراتها رقبته أيمن وإنحنت عليه أكثر لتكتم شهقاتها في رأسه وتابعت بأنين هامسة
= أنا عارفه يا أيمن كل الكلام ده ومع ذلك كان عندي امل وبحاول عشانه ان انت تنسى .. وبما انك مش عاوز تنسى وانا خلاص طاقتي ومجهودي خلصت وانت بتتعذب كل ما تشوفني قدامك.. فالافضل ان احنا آآ انا كان لازم من الاول أفهم ان علاقتنا مش هتنفع تكمل بعد اللي حصل بس كأن عندي امل ومصممه أحاول أصلح .
توقفت عن الحديث وابتعدت عنه بأنفاس لاهثه ونظرت له بألم وندم ليمسح عبراته من على وجنتيها التي تبللت منه! وقالت هي بحسرة
= كان نفسي أكسر الضعف اللي جواك مخليك مش قادر تسامحني! وأقضي على الكابوس اللي ماسبنيش للحظة وطول الوقت بيطاردني ان انا ست مش كويسه وعلى عجزي وأنا مش عارفه أعمل حاجة .. بس انا حاولت والله حاولت بس فشلت إني اخليك ترجع تثق فيا زي زمان
نظر نحوها قليلا بألم وحب واضح وتلمس وجنتيها بأطراف أصابعه ثم أرخى قبضته عن كفها وإنحنى عليها بجذعه ليمد ذراعيه من خلف ظهرها ثم قربها إليه وضمها إلى صدره وأسند رأسه على كتفها وظلوا هكذا دقائق معدودة، حتي همست هي في أذنه بحزن جلي وقد بدأ جسدها في الإرتعاش
= طلقني يا أيمن لو سمحت !.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية بدون ضمان, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية