-->

رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 24 - 1

 

 قراءة رواية بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية بدون ضمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


 الفصل الرابع والعشرون



إحتضن سالم ابنته بعاطفة أبويه وقبل رأسها ، فنظرت ليلي له بعتاب دون حديث واشاحت بوجهها جانب، فمسح على وجه ابنته وجلس على طرف الأريكة جانبها، قائلا بهدوء 


= ايه يا حبيبتي واخده جنب وقاعده كده ليه ما تروحي تتبسطي مع اصحابك، اوعي تقولي لي انك لسه زعلانه من موضوع خطوبتي لحد دلوقتي وبعدين يا ليلي انتٍ بنت كبيره وعقله 

وأكيد عقلك مش صغير للدرجه دي مش كده


رفعت راسها للأعلى قليلاً وهي تتأمل ديكورات الزينه بالمنزل برضا التي صنعها لأجلها، وابتسمت رغم عنها ثم وضعت يديها حول خصر والدها حتى تحتضنه وهزت كتفيها وهي تنظر إليه بزهو، وتابع سالم حديثه قائلا بحنان


= طب ايه رايك في الحفله عجبتك انا عملتلك كل حاجه بتحبيها فيها و عاوزك النهارده تتبسطي وما تفكريش في حاجه ممكن تضايقك 


وقبل أن تجيب عليه ابعدها سالم عن حضنه عندما سمع صوت جرس الباب، و أشــار بعينيه وهو يتحدث بتلهف


= دي أكيد تسنيم وصلت هقوم افتحلها و استقبلها، روحي انتٍ يا حبيبتي اقعدي مع زمايلك.


نفخت في ضيق وأرخت ساعديها فور سماعها لإسم تلك الفتاة التي اقتحمت حياتها لتأخذ والدها منها مثل ما تظن، ثم أشاحت بوجهها للجانب وهي تقول بغيظ 


= ودي ايه اللي جابها .


فتح سالم الباب فدقق النظر فيها وهو يتفحص مظهرها الجذاب بذلك الفستان الكشميري، رفعت عينيها نحوه لتنظر إليه بتأمل وقد أشرقت نظراتها بلمعان محبب،

إبتسمت قليلاً وهي تهز كتفيها قائلة


= مساء الخير اتاخرت ولا ايه، انا نازله من البيت بدري بس زحمه المواصلات هي اللي اخرتني شويه 


أفسح سالم لها المجال لتمر بعد أن أدوا لبعض التحية، بينما دلفت تسنيم وهي تحمل بيديها علبه التورته وكيس آخر، اقترب هو نحوها ليساعدها في حمل الأشياء وهو يهتف بصوت عالي وسط دوشه الموسيقى 


= لا ولا اتاخرتي ولا حاجه انتٍ جايه في ميعادك بالظبط كمان، يلا ادخلي وهاتي الحاجات عندك .


طرقت هي بيدها الباب قبل أن تدلف للداخل، لتجد ليلي في وجهها، لتهتف بفرح 


= ازيك يا ليلى اخبارك ايه مبروك يا حبيبتي على نجاحك ربنا يوفقك ويسعدك دائما يا حبيبتي .


نظرت ليلي لها بتمعن متفحصاً جسدها و مفاتنها من رأسها حتى أخمص قدميها بغيرة شديدة وهي تقول بسخرية 


= كويسه شكراً 


صمتت تسنيم للحظة لتقول بهدوء وهي توميء بعينيها بحماس


= وبمناسبه نجاحك بقى انا جايبه لك هديه ان شاء الله هتعجبك، او هم في الحقيقه هديتين أول هديه التورته اللي والدك شايلها دي انا اللي عاملاها وان شاء الله تعجبك وتاني هديه الفستان ده ليكي و يا رب ذوقي يعجبك.


فتح سالم قالب الكيك وبدأ أن يتفحصها بإعجاب وقال بإبتسامة هادئة


= كأن كفاية التورته بس يا تسنيم شكلها يجنن تعبتي نفسك ليه كفايه مجيتك يا حبيبتي .


اخرجت تسنيم الفستان من الحقيبه لترى اذا كان مناسب عليها ام لا، لكن ليلي أبعدت الفستان عنها بيدها ليسقط بالارض بعدم مبالاه ونظرت لها بكبرياء و هتفت بعدم إكتراث 


= انا مش بحب اللون ده تعبتي فعلا نفسك على الفاضي هيفضل مركون في الدولاب ومش هستعمله او ممكن اشحته لاي حد يستفاد بي غيري


نظرت لها تسنيم بإندهاش وهي ترفع حاجبها للأعلى ، وقالت بأسف


= انا اسفه، بس ما اعرفش الالوان اللي بتحبيها بس هي غلطتي فعلا كان لازم اسال والدك قبل ما اجيبه، بس محلوله انا ممكن اديكٍ اسم الصفحه اللي اشتريته منها وتبدليه باللون اللي يعجبك وهم يوصلوا لحد عندك 


هز سالم برأسه بضيق إلي أبنته لكنها تجاهلت نظراته ثم تابع تسنيم بنظراته القلقة و تنحنح قائلا 


= ملوش لازمة يا تسنيم كفايه تعبك وبعدين هو شكله جميل و ذوقك حلو .. ممكن تبقي تجربيه يا ليلى اهو تغيير وتجربي مره تلبسي اللون ده انا متاكد ان هيكون شكله عليكي حلو 


ردت عليه بنبرة شبه مهينة وهي تشير بيدها ومررت عينيها عليها بجفاء 


= مش بالعافيه يا بابا مش بحب اللون ده وعمري ما عجبني غير كمان شكل الفستان مش قد كده .. ولا استايلي في اللبس بس شكراً تعبتي نفسك فعلا على راي بابا خليه هنا لحد ما اشوف هديه لمين من صاحباتي .. بس يا رب ذوقك يعجب حد فيهم .


استغربت تسنيم طريقتها بالحديث معها، و

هتف سالم بتوتر شديد وهو يعاتب أبنته بنظراته بقلق من رده فعل تسنيم 


= بس التورته شكلها يجنن اكيد عجبتك مش كده يا ليلى


لوت فمها بإبتسامة ماكرة وهي تجيبه قائلة ببراءة زائفة


= فعلا جميله شكراً .. هاخدها اوريها لصحابي 

ممكن يا بابا


تنهدت تسنيم براحه وسعادة وهي ترى اعجابها بتلك التورته أو بالاحري اخيرا قد اعجبها شيء احضرته اليها، سمح سالم الى ليلى بأخذ قالب الكيك ثم قال بجدية


= تعالي يا تسنيم معايا بقي اعرفك على باقي

افراد الاسره انتٍ اكيد ما شفتهمش من زحمه الخطوبه المره اللي فاتت كلهم .


أومــأت برأسها بخفة مبتسمة قائله


= ماشي يلا .


انتقلت تسنيم مع سالم ليقدمها لأقاربه ، وفي ذلك الوقت رأت المنزل الذي سيصبح عش الزوجية بعد فترة قصيرة. وقد رحب بعض أهل سالم بعروسه الجديدة .. بينما تفقدت تسنيم المنزل من الداخل الذي ستقيم فيه الفترة القادمة من حياتها .. و كانت الردهة واسعة وبها صالون وتحف ثمينة وصالون آخر أصغر حجمًا و توجد غرفة جلوس قريبة بها شاشة كبيرة .. بالإضافة إلى مطبخ واسع ومرحاض وغرفة مكتب وغرفة نوم رئيسية كبيرة واثنين أخريين أصغر حجمًا وأثاثًا. وكل ذلك اعجبها بشده وقد اكتشفت ان سالم له ذوق في اختيار كل شئ كان مميزا.


ازداد عبوس ليلي مع استمرارها في الاقتراب من والدها ، قبل أن تنتقل إلى جانب واحد وهي تحمل القالب في يديها ، ثم نظرت حولها باهتمام وفي غضون ثوانٍ أسقطت قالب الكعكة على الأرض لتجعله عديم الفائدة، ثم سقطت بالأرض جانب القالب أيضا وهي تصطنع السقوط وبدأت تتألم بشده.. 


تطلع الجميع لها بدهشة على اصدار الصوت ليركض والدها أولا وبعده جدتها، هبط بالأرض لمستواها ليطمئن عليها و نظر لها سالم بقلق قائلاً بتوجس


= ليلى حسبي يا حبيبتي، مش تاخدي بالك انتٍ كويسه ردي عليا في حاجه بتوجعك .


نظرت له ليلي بأعينها الدامعة وهي تقول بنبرة مرتبكه


= ما تقلقش يا بابا انا كويسه الحمد لله ما حصلش حاجه .. بس آآ


حدق أبيها فيها بقلق شديد وهو يتفحص وجهها وقدمها مرددا 


= بس ايه مالك يا حبيبتي لو في حاجه بتوجعك قولي بسرعه اطلب الدكتور ولا نروحله .. اتكلمي في ايه ؟ .


أخفضت ليلي نبرة صوتها للغاية وهي ترد قائلة بإحراج زائف 


= التورته بتاعت طنط تسنيم وقعت كلها على الارض واتبهدلت! انا اسفه ما كنتش اقصد ما اعرفش وقعت مني ازاي .. الظاهر رجلي اتكعبلت وانا شايلاها ورايحه اهوريها لاصحابي 


اقتربت جدتها بخوف وهي تنظر نحوها بريبة لتقول بصوت متوجس بعد أن أمسكت بكفها 


= في داهيه التورته دلوقتي المهم سلامتك انتٍ يا حبيبتي يلا الحمد لله خدت الشر وراحت .. ابقي خلي بالك بعد كده يا حبيبتي وانتٍ ماشيه.


تنهد سالم في إرهــاق، ورد عليها بصوت هاديء 


= الحمد لله انها جت علي قد كده فعلا مش مهم اي حاجه ثانيه يا حبيبتي .. غير سلامتك.


كانت تسنيم تلهث عندما رأت ليلى تسقط على الأرض واقتربت منها أيضًا، تساعدها في حالة من الذعر لكن عندما اقتربت ، وجدت الكعكة التي صنعتها ملطخة على الأرض على جانبها ، وتنهدت بحسرة ولم تستطيع التحدث. .


وقف سالم أمامها ورسم على ثغره إبتسامة هادئة وهو يقول بأسف 


= معلش يا تسنيم على التورته اللي وقعت 


تقوس فم تسنيم قليلاً وهي تجيبه بفتور


= ما حصلش حاجه الحمد لله ان بنتك بخير شوف بس اي حاجه مكانها تقضي الغرض النهارده عشان ما تزعلش .


أردف سالم قائلاً بصوت جـــاد


= مش هتفرق يا تسنيم اهي ليله وهتعدي هو مش عيد ميلاد يعني، وبعدين ما اعتقدش كمان ان في حاجه هتنفع بدل التورته الجميله اللي كنت عاملاها تسلم ايدك بجد .


ابتسمت تسنيم بهدوء علي حديثه، و كانت ليلي تتابع حديثهما بأعين مشتعله و كـورت قبضتها في حنق وظلت تتوعد لها في سرها بالمزيد من الخراب، وبعد فتره اقتربت منهم ليلي لتفسد الاجواء بينهما، تنحنحت هي بصوت مسموع وقالت بحماس 


= بابا ممكن تيجي تتصور معايا صوره عائليه انا وتيته 


رد عليها باهتمام وهو يشير بكفيه


= ماشي يا حبيبتي تعالي يا تسنيم كمان معايا انتٍ بقيتي خلاص احد افراد الاسره، و لازم من هنا ورايح تظهري في كل مناسبتنا وصورنا .


ترددت تسنيم في الموافقه لكن سالم هز رأسه ليشجعها وهو يرمقها بنظرات عاشقة، لتظهر علي ثغرها بسمة ناعمة تلهب المشاعر أكثر وهي تقول برفق


= ماشي تمام ما عنديش مانع .


ضغطت ليلي على شفتاها بعصبية واضحة ولم تكن راضيه بأنها ستظهر معهم بالصوره فهي حتى الآن لم تتقبلها كفرد من اسرتها، لتنظر حولها تبحث عن شيء ثم لمحت هي كوبا العصير الذي فوق الطاوله جانبها و استغلت حديث الاثنين معاً، فإعتلى ثغـرها إبتسامة لئيمة وهي متجهاً للطاوله لتاخذ كوب العصير .


ودون أن ينتبه اليها أحـــد.. اقتربت نحوه تسنيم واصطنعت انها تمر دون اهتمام وألقت بالمشروب فوق فستانها، شهقت تسنيم بصدمه

وهتفت ليلي قائلة بتوتر 


= انا اسفه مش عارفه مالي النهارده، ما تزعليش مني يا ابله تسنيم الظاهر ما نمتش كويس الأيام اللي فاتت بسبب ضغط الامتحانات .


نفخ سالم في ضيق وقال بيأس من تصرفاتها


= حسبي يا ليلى ايه يا حبيبتي مالك النهارده كل شويه هتقعي .. وينفع اللي عملتيه في فستان تسنيم ده.


كان وجه تسنيم قاتماً، ومتشنجاً للغاية بعد كل تلك التصرفات الغير مفهومه لها ثم أخذت نفس عميق وقالت بثبات زائف


= حصل خير يا حبيبتي، بس ابقي ركزي وخلي بالك بعد كده عشان ما تاذيش نفسك،

ممكن حد بقي يقول لي على الحمام فين عشان ادخل انظف الفستان .


لم تجبْ عليها ليلي بالطبع بل إكتفت بالنظر إليها بضيق، ليخبرها سالم عن مكان المرحاض ثم إستدارت هي في اتجاه الحمام .. زمت ليلي فمها قليلاً وهي تشاهد أبيها كيف يتابع بعينه رحيل تسنيم، نظرت له بضيق قائلة بنزق


= يلا يا بابا عشان نتصور بقي، زمانهم هناك خدوا صور كثير من غيرنا .. يلا .


❈-❈-❈


في منزل أيمن ألقت تسنيم بجسدها المرهق على الأريكة جانب ليان التي كانت تستمع اليها باهتمام ثم تابعت حديثها قائله بنبرة خافتة


= بس وبعد كده لما صدقت الحفله خلصت واستاذنت ومشيت بس سالم أصر يوصلني وانا قلتله اني مش هروح و هاجي هنا .. لو روحت هقعد افكر في الموضوع ومش هعرف انام عاوزه اتكلم مع حد ويفهمني التصرفات اللي انا شكيت فيها ان ليلى بنت سالم عملتها بقصد ولا انا اللي بيتهيالي ؟؟ ما تردي عليا يا ليان امال انا بحكيلك ليه كل اللي حصل 


رفعت ليان رأسها لتنظر إليها وهي تقول بإيجاز 


= عشان مش محتاجه تفكير يا تسنيم طبعا اكيد البنت تقصد اللي عملته معاكي. 


ردت عليها بوجه ممتعض وهي تلوي فمها بقلق بالغ


= يا سلام و انتٍ كده طمنتيني، بتقولها من غير مقدمات وشي كده 


قالت ليان مجدداً بإهتمام واضح على قسمات وجهها


= عشان الموضوع عادي انتٍ مقلقه ليه؟، عيله يا حبيبتي وغيرانه منك طبيعي


وضعت تسنيم كف يدها على ذقنها ثم أدارت راسها في ناحيتها وقالت بنبرة متوترة


= وهي دي حاجات عاديه المفروض ما اخافش منها، لما عيله صغيره ولا مراهقه تعمل كل ده فيا عادي ازاي ؟ دي كانت ممكن تاذي نفسها ولا تاذيني من كثر غيرتها دي .. لا مش عادي يا ليان طبعاً كل اللي عملته و اني اعديه كده وما اقلقش 


اخذت ليان نفساً مطولاً وزفرته على مهل وهي تجيبها بتوضيح اكثر 


= بصي هو انا طبعاً ما اعرفش نيتها ايه؟ و ممكن كل اللي حصل منها ما كانتش تقصده، أو في حاجات ممكن حصلت صدفه وفي حاجات ما كانتش تقصدها ! و معاكي حق طبعاً كتر الغيره ممكن تاذي .. بس انا بكلمك على المبدا نفسه ان ده طبيعي يكون رد فعلها يعني ليلى دي كبرت واتربت وما شافتش غير والدها قدامها وعاشت معاه يجي 15 سنه على الوضع ده و فجاه يصدمها ويقول لها في واحده هتجوزها وهتيجي تسكن معانا في البيت.. عارفه هي هتشوفها ايه؟ ان في واحده هتيجي تقسمها في والدها وهتشاركها في الدلع اللي كانت بتاخده لوحدها منه او احتمال اصلا تتركن هي علي الرف وانتٍ اللي تبقي الكل في الكل وهي ملهاش وجود في حياه أبوها من بعد جوازكم . 


إزداد عبوس وجه تسنيم وهي ترد بنبرة منزعجة 


= بس انا مش داخله حرب يا ليان و مش هعمل كده أكيد، دي مش فكرتي من جوازي من سالم، انا بجد نفسي اعتبرها زي بنتي ونتعامل مع بعض عادي بس هي مش سامحه لكده خالص 


إبتسمت قليلاً وهي تهز كتفيها قائلة


= انا فاهماكي عشان عارفاكي يا تسنيم و عارفه غرضك من الجوازه ايه وعمرك ما هتاذيها لكن هي مش عارفه كده وبتفكر بطريقه ثانيه حسب مخها بقى، و ما تنسيش انها في مرحله مراهقه والسن ده خطر في التفكير والتصرفات بس انا من رايي عشان تكسبيها حاولي تقربي منها، عارفه الموضوع هيكون صعب في البدايه بس صدقيني مع الوقت ممكن تميل ليكي وتعرف انك مش هتاخدي منها باباها ولا حاجه زي ما هي فاكره 


نظرت إلي ليان بضيق وقالت بصوت مختنق ومتحشرج 


= انا ابتديت أقلق من الموضوع وبفكر اصلا افشكله انا قلت لك مش داخله حرب .


تجهمت تعابير وجهها وهي تقول بنبرة ضجرة


= هو انتٍ مش بتحبي تتعبي في العلاقه يا تسنيم مش كل حاجه هتجيلك على الجاهز يا حبيبتي ومش كل ما تلاقي غلطه في اي راجل هترتبطي بيه تقولي انا هفشكل ومش هكمل معاه .. كل علاقه وليها اضرارها وايجابيتها هي دي الحياه، وبعدين هو الراجل عمل لك حاجه ولا عاملك وحش؟ ما انتٍ لسه قايله بلسانك وانتٍ بتحكيلي اللي عملته بنته أنه هو لحد دلوقتي كويس معاكي وبيعاملك بطريقه كويسه يبقى هتسيبيه عشان بنته، معلش انتٍ كده تبقي ظالمه يا تسنيم وهتظلميه على ذنب هو ما لوش يد فيه.


تسمرت الأخيرة في مكانها ورفعت رأسها نحوها ناظرة إليها بحزن بادي في مقلتيها .. ولم تجبها فهي بالفعل بدات ان تنجذب اليه، 

أمسكت بها ليان من ذراعيها ونظرت لها بحنو وهي تتابع بصوت هــاديء ومطمئن 


= فكري كويس وانتٍ بتاخدي قرارك عشان ما تستعجليش وبعد كده تندمي عليه انتٍ شكلك مياله لي وبتحبيه يبقى حربي عشانه مش من اولها تبعدي .


رمشت بعينيها في توتر ثم هزت راسها موافقه على حديثها بشأن تفكيرها، وقالت مبتسمه بإمتنان


= معلش دوشتك وانتٍ فيكي اللي مكفيك يا ليان، مش ناويه بقي انتٍ التانيه تحكيلي ايه اللي حصل بينك وبين أيمن؟ 


أجابت ليان بهدوء و أعين قد جف بها الدمع


= هيكون ايه يعني، موضوع كل مره رافض يسامحني وينسى اللي عملته .. بس الموضوع المره دي غيري! حاسه ان في حاجه تانيه طول الوقت ماسك تليفونه وبيتشات مع حد حتي مره غلط وناديني باسم مهرة .


استغربت تسنيم من ردها الفاتر عليها ونطقها لاسم مهره، فقالت بإهتمام 


= نعم مهرة !. انتٍ شكلك لخبطتي المواضيع في بعض وهيطلع شكك على الفاضي زي كل مره، يا ليان مهرة دي بنت بنساعدها انا وهو عشان عندها مشكله .


اتسعت عيناها بذهول وهي تجيبها بنبرة مهتمة بحدة


= لا استني كده لحظه هو انتٍ كمان تعرفيها؟ لا انا عاوزه دلوقتي حالا تقولي لي حكايتها. 


نظرت لها تسنيم بتردد واضـح في نظراتها المتأملة لها، بينما غضبت ليان من صمتها المفاجيء هذا ، وأدركت أن نواياها قد تكون صحيح وأيمن يعرف فتاة أخري عليها، لذا اقتربت منها وتشدقت قائلة بإصرار 


= تسنيم احكيلي كل حاجه عن البنت دي ومن فضلك ما تخبيش عني حاجه .. وبعد كده انا اللي أقرر المره دي شكي على الفاضي ولا لاء 


❈-❈-❈


بصعوبة بالغة تمكن سالم من النوم في فراشه، لعدة ساعات فلم يغب عن باله صورتها التي انطبعت في مخيلته وهي ترحل من منزله بوجه فاتر بسبب تصرفات أبنته الغيوره، ظل محدقًا في خاتم الخطبة لفترة طويلة متمنيًا أن ينقله لليد اليسرى عجلا، لكن يخشي بأن تعيد حساباتها بعد أن رأت تصرفات ابنته المتهوره اليوم بالحفل، نهض عن فراشه ذارعًا الغرفة جيئة وذهابًا، بحث عن هاتفه ليحدثها، فقد تملكته رغبة كبيرة في سماع صوتها تتحدث باي كلمة ليطمئن باله، ليقول مع نفسه بتوتر


= هي غلطتي من الاول ما كانش لازم اجيبها الحفله وتتقابل مع ليلى في الوقت ده! هو انا مش عارف ليلي و ازاي مش طايقاها من ساعه ما خطبتها.. توبه لو جمعتهم تاني قصاد بعض .


تردد في مهاتفتها واضعًا يده على رأسه وهو ينظر إلى الساعه ليجد الوقت تأخر لكن مع ذلك ضغط على زر الاتصال ليحادثها وعندما أجابت، أسرع قائلاً بلهفة


= صحيتك انا اسف بس ما قدرتش انام غير لما اكلمك واطمن عليكي


عضت على شفتيها متوترة


= لا انا لسه داخله من شويه البيت وبعدين مالي ما انا كويس تطمن عليا ليه؟ انا لسه سايباك من كام ساعه .


مط فمه قليلاً وهو يقول بجدية


= بصراحه خفت لتكوني لسه متضايقه من اللي عملته ليلي بنتي النهارده في الحفله، ما رضيتش انام غير لما اكلمك انا عارف ان انتٍ متضايقه من اللي حصل عشان كده ما رضيتيش تروحي بيتك على طول و رحتي عند مرات اخوكي تقعدي شويه .


توردت وجنتيها بحمــرة قوية وهي تسمع صدق واضح في كلماته وخوفه عليها، لترد 

عليه بنبرة جادة 


= ليه يعني كل ده، نام مستريح انا مش متضايقه من حاجه، وليلي برده زي بنتي واكيد مش هزعل منها ولا من شويه تصرفات طفوليه زي دي.


تنحنح سالم بصوت خافت ، وبرر قائلاً بصوته المتحشرج 


= تسنيم انا اسف بجد على كل اللي عملته ليلي وانا اتكلمت معاها ونبهت عليها تاخد بالها بعد كده من تصرفاتها عشان ما تتفهمش غلط وهي وعدتني مش هتعمل كده تاني وان كل اللي حصل اصلا كان غصب عنها وما كانتش تقصده اكيد 


نظرت أمامها مذهـــولة من كلماته الأخيرة بان أبنته لم تكن متعمده ان تفعل اي شيء من تصرفاتها الفظة تلك، هل حقاً صدقها و يبرر لها أيضا، إرتبكت قليله من طريقته في التبرير الغريبة او ربما هو يعتقد ذلك لا تعرف لكن لا تريد أن تتسرع و تظلمه مثل ما نصحتها ليان، لترد بتوتر وهي تغمغم 


= هاه، اه انا فاهمه طبعا انها ما كانتش تقصد تمام حصل خير وخلاص خلينا نقفل على الموضوع ما حصلش حاجه .


لمعت عيناه بوميض مشرق، وارتسم على محياه ابتسامة عريضة وهو يرد عليها


= تمام زي ما تحبي ايه رايك بكره بعد الشغل نخرج نتعشى سوا .. في مطعم فتح جديد قريب من شركتنا وعاوز اروح اجربه انا وانتٍ


أبتسمت تسنيم وهي تشعر بتلاحق دقات قلبها من فرط الحماس الممزوج بالحياء والخجل من اهتمامة الواضح دوماً، ثم قالت بمداعبًا 


= ده ايه التغير ده كله اللي حاصل، كمان بقيت بتقول شركتنا وبتتكلم معايا بهدوء وبتحاول تكون رومانسي وتعزمني على العشا برة.. لا انا كده هبتدي اقلق عشان اللي بيكلمني ده مش سالم اللي انا اعرفه و اللي اول مره شفته جه الشركه فيها و ازاي كان عاوز يعاقبني على التاخير وقتها.


ابتسم سالم وهو يتحدث معها عبر الهاتف بتنهيدة حارة نابعة من أعماق قلبه الذي يهيم عشقًا بها 


= لا ما انا لسه زي ما انا ما بسمحش للغلط يحصل، بس الا انتٍ ! و من هنا و رايحه هتكوني استثناء في كل حاجه! 


تنهد مجدداً بحرارة شديدة وهو يكمل قائلا

بمكر


= وخلاص عافينا عنك ما فيش عقاب بعد كده بس ما تسوقيش فيها انتٍ بس وتاخدي راحتك أوي .. احسن ارجع سالم بتاع زمان و اعاقبك .


أرجعت ظهرها للخلف لتصبح ممدودة فوق الفراش، ثم تطلعت لسقف الغرفة بإبتسامة حالمة وهي مازالت تضع الهاتف علي أذنها 


= لا وعلى ايه خليك سالم بتاع دلوقتي افضل، حنين وبيعاملني حلو وساعات بيكون رومانسي معايا كمان .. وانا هحاول اخد حذري عشان ما ترجعش سالم القديم .