-->

رواية جديدة البريئة والوحش لأميرة عمار - الفصل 24

 

قراءة رواية البريئة والوحش كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية البريئة والوحش 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أميرة عمار


الفصل الرابع والعشرون

فيا ويل حبيبتي من هيجان عاطفة حبي الـمجنون


ويا ويل حبيبتي كيف ستتحمّل كل هذه الشجون


فكيف أصف لها ما بقلبي من شوقٍ لتلك العيون


فكل حب قبل أو بعد حبها بكل سهولة سيهون


فكيف لو كنت بدون حبها كيف كنت سأكون


فلو عرف الناس ما بقلبي من حب لن يسكتوا


ولو عرف الناس ما بصدري من غرام لن ينطقوا


فكيف لو عرفوا بأن ما بصدري أكبر مما يتخيلون ؟

❈-❈-❈


جلس زين على الفراش هو الأخر وهو يقول:


- يا بني كل حاجة هتتحل والله... الموضوع مسألة وقت 


-أنا قررت أطلقها يا زين


فتح زين عيناه بصدمة لما سمعته أذنيه 

قبل أن يردف ببلاهة:


-هتطلق مين 


نظر له فارس بجدية قائلاً:


-زين ركز معايا بلاش هبلك ده بقولك هطلق نغم 


- أهو ده الهبل بعينه،

يا بني نغم شهر كمان وهتنسى كل اللي حصل ده 


هز فارس رأسه بنفي وهو يقول بهدوء:


-أنا كلمتها امبارح 


-هو انت هتتكلم بالنقاطة!!...ما تقول يا عم ايه اللي حصل على طول


أردفها زين بنفاذ صبر


-اللي حصل إن نغم عمرها ما هترجعلي تاني يا زين


- مين دي اللي مش هترجعلك نغم بتحبك وأنا أكتر واحد عارف ده 


ثم استكمل حديثه قائلاً:


-بص أنا هبعتلها أمي ورانيا يحننوا قلبها عليك شوية، مش بيقولوا ميفهمش الست غير ست زيها 


رفع فارس أنامله مخللاً إياها في خصلات شعره، قبل أن يقول بجدية:


-محدش فاهم نغم قدي يا زين، أنا من امبارح وأنا قاعد بفكر في أي حل بس للأسف إنتهت الحلول...نغم طلبت الطلاق وأنا هنفذه

كده أحسن ليها كفاية أعذبها أكتر من كده 


-طب وإنتَ يا فارس


-مش مهم 


❈-❈-❈


مستلقية على فراشها منذ ليلة أمس 

تتذكر كل ما حدث في الماضي، تحاول تجميع الخيوط مع بعضها البعض حتى تصل لطرف الحقيقة...تتذكر حديثه ونظرات عيناه التي كانت تلومها على تفكيرها السئ به 


يا ليتها لم تطلب منه الخروج، ما الذي كان سيحدث إذا انتظرت حتى ينتهي من حديثه 

على الأقل كان ارتاح ذهنها من تلك التساؤلات التي تداهمه الآن 


لو كانت أفصحت بكل ما بداخلها لكانت تخلصت من ذلك الحمل الموجود على عاتقيها

ولكنها صمتت وخشيت من انهيارها 


عندما عاد للغرفة مرة أخرى ولكن تلك المرة كان برفقته الطبيب، تتذكر أنه لم يرفع بصره تجاهها كان يقف يتابع عمل الطبيب بهدوء 

وعندما غادر الطبيب بعدما أزاح المحلول عنها 

حاولت أن تقوم من على الفراش ولكن شعرت بأن جسدها يترنح فجلست مرة أخرى عليه 


نظر إليها أخيراً وهو يقول بنبرة لا تحمل أي معالم:


-تعالي معايا هوصلك لأنك لسه دايخة


-شكراً أنا شوية وهبقى كويسة 


تقدم إليها وكأنه لم يستمع إلى حديثها أو بمعنى أصح رفضها 

ومد يده نحوها قائلاً بهدوء:


-هاتي إيدك وحاولي تقومي


نظرت إلى يده الممدودة بتوتر لبضعة دقائق ومن ثم وضعت يدها بين كفه بعد تفكير


شعرت بكهرباء لذيذة تسير بجسدها بأكمله من أثر لمسها لكفه 

أغمضت عيناها قليلاً تستمتع بهذا الشعور ومن ثم فاقت من غفلتها نازعة يدها بسرعة وهي تقول:


-أنا آسفة يا مازن بس مش هقدر أخليك تروحني... أنا حاسة اني بقيت أحسن وأقدر أروح لوحدي


لم يرد عليها بل ظل معلقاً نظره بعيناها التي كانت تزوغ بعيداً عن خاصته 

ومن ثم سحب يده الممدودة واضعاً إياها بجيب بنطاله قبل أن يقول بجدية:


-عاوز أوضحلك حاجة يا سارة قبل ما أمشي

أنا مليش ذنب في أي حاجة إنتِ اتهمتيني بيها 

ولو في حد وصل علاقتنا لهنا فالحد ده يبقى انتِ


ثم استكمل حديثه قائلاً قبل ان يغادر الغرفة:


-عن إذنك


تركها وغادر الغرفة بهدوء تام، ظلت جالسه على الفراش أكثر من نصف ساعة تحاول تستوعب حديثه الذي ألقاه على مسامعها قبل أن يغادر 


كيف يرى نفسه برئ من كل ما حدث 

من كان يمتلك مفتاح الشقة التي كانوا يعيشون بها سواهم؟


كيف ليس له دخل بوضع الكاميرات بداخل غرفة نومهم؟!


ومن كان يمتلك أوراق زواجهم العرفي أليس هو؟؟


كيف ليس له دخل بإختفاء أوراق زواجهم 


تركه لها وهي في أكثر الأوقات حاجةً له 

من المسؤل عنه؟


كانت تتمنى وقتها أن يأتي ويمحى كل الأفكار السيئة التي تراودها ولكنه خذلها 


لا تزال تتذكر ذلك اليوم الذي تزوجت به من فارس

كان لديها يقين تام بأن مازن سيأتي وسيحرق هذا الفرح، فهو يعشقها ولن يرضى أبداً أن تكون ملكاً لأحداً غيره

ولكن خاب ظنها عندما انتهى الزفاف ووجدت نفسها فجأة في غرفة تُحطيها هي وفارس سوياً


ومن بعدها علمت بالصدفة أنه سافر خارج البلاد بلا عودة...مع ذلك لم تفقد الأمل بل بقيت منتظرة عودته مرة أخرى حتى ينتشلها من هذا البيت ولكن كالعادة لم ينصفها 


❈-❈-❈

بإحدى غرف العادات النفسية 


-حاسة إنك مرتاحة دلوقتي


سؤال ألقته دكتورتها النفسية عليها بعدما أخبرتها كل ما حدث في المكالمة التي كانت بينها وبين فارس أمس


أماءت برأسها ونظرها معلق على الفراغ قائلة:


-حاسة إن في حبل إتشال من على رقبتي بس في نفس الوقت في شعور بيراودني بالألم 

معرفش مكان الألم بالظبط بس حاسة بيه 


نظرت فريدة لعيناها وجدت تلك اللمعة التي كانت بدأت في العودة مرة أخرى منذ أيام انطفئت الآن 


صمتت قليلاً تاركة نغم تستجمع شتات أفكارها

ومن ثم قالت بتساؤل:


-خطوتك إيه بعد الطلاق منه


طلاق!

كلمة جعلت قلبها ينبض بعنف شديد وكأنه يرفض معناها، شعرت بالتشتت والاهتزاز

هي طلبت منه الطلاق بالفعل ولكنها لم تفكر 

بشئ أخر بعدها 


هزت رأسها بيأس وهي تقول بنبرة يملؤها الضعف:


-مش عارفة 


-بس ده مش الجواب اللي كنت مستنياه منك يا نغم...المفروض تبقى مُقبلة على الحياة أكتر من كده ويكون عندك خطط كتير تعمليها 


-كل خططي القديمة كان موجود فيها يا فريدة 

حتى من قبل ما أشوفه كنت دايماً أحلم بالشخص اللي هحبه وأتجوزه ويعوضني عن كل التعب اللي شوفته 

وظهر هو أخيراً وعرفت إن ده عوض ربنا ليا 

وبدأت أرسم معاه مستقبلنا...تخيلت حاجات كتير جداً، رسمت شكل أولادنا في دماغي 

شوفت مشاهد كتير لينا واحنا مبسوطين

فصعب دلوقتي أقولك خططي الجاية هتكون إيه، لأنه كان موجود في كل خطة


بالرغم أنها طبيبة نفسية ويأتي لها العديد من المرضى، وقابلت الكثير من الحالات المتعسرة 


ولكن مكانة نغم بقلبها تختلف عن الجميع

تشعر بالشفقة من أجلها ومن أجل حالتها 


طفلة صغيرة تحملت عناء الحياة بدون أهل 

سندت نفسها حتى أصبحت فتاة جامعية

لم يعطف عليها أحد ولم تأخذ معونة من شخص 


ذات يوماً وقعت في حب ذلك الفارس الذي بنت معه أحلامها ورأته عوضاً ونجاةً لها من أيامها العسيرة 

وثقت به وقدمت له حياتها كلها على طبقاً من ذهب حتى تزوجته برغم من بعض المعاناة التي عاشتها معه ولكنها عشقته حد الجنون 


وإذا في يوم تكتشف أن هذا الشخص الذي رأته عوضاً ما هو إلا فخاً وقعت به 

شخصاً كاذب اخفى عليها زواجه من أخرى 

وفي نفس ذات اللحظة التي اكتشفت به حقيقته اكتشفت حقيقة أكبر

وهي انها كانت تعيش بكذبة أخرى منذ الصغر وأهلها التي تربت بينهم

وكبرت بإسمهم ما كانوا الا خاطفين لها من أهلها الحقيقين 


مزحة صحيح؟!


إذا فكرنا بشكل عميق سنرى أن حياة تلك الفتاة الجميلة قلباً وقالباً ما هي إلا كذبة 


خرجت فريدة من شردها وهي تمحي نظرة الشفقة من عيناها قبل أن تلمحها نغم 

وأردفت بلين :


-لما نلاقي الصفحة بقت مليانة شغابيط ومنظرها مش عاجبنا أول حاجة نعملها عشان نرتاح نفسياً هي إننا نقطع الصفحة دي ومش هنرميها، لاء إحنا هنحرقها 

ووقتها نبدأ نكتب في صفحة جديدة بطريقة مرتبة وحلوة وهتلاقي نفسك بتتعلمي من أخطائك واللي كتبتيه في الورقة اللي اتحرقت هتحرمي تكتبيه في الجديدة 


ثم استرسلت حديثها قائلة بتوضيح أكثر:


-ملخص كلامي يا نغم حياتك القديمة دي احرقيها بكل الذكريات المؤلمة اللي فيها 

وابني حياة جديدة بشخصية جديدة، حياة مع أهلك الحقيقين، حياة من غير طيبة مفرطة 

حياة من غير فارس


نظرت لها فريدة بعدما أنهت حديثها لترى تأثيره بها، وجدت دموعها تهبط على خدها 

جعدت حاجبيها بإستغراب وهي تقول بتساؤل:


-إيه سبب الدموع دي يا نغم


-صدقيني مش عارفة


إبتسمت فريدة إبتسامة صافية وهي تقول لها بطمئنينة:


-كل حاجة هتبقى أحسن ثقى بالله 


ردت نغم إليها الإبتسامة وهي تقول:


-لا إله إلا الله 


❈-❈-❈


أخذت هاتفها الموضوع على المنضدة الموجودة بمنتصف الغرفة وفتحت الإتصال دون أن ترى إسم المتصل فهذه هي الرنة الخاصة التي وضعتها له فقط


-مساء الخير على عيون حبيبي


ردت عليه لين بجدية قائلة:


-يونس قولتلك مية مرة بلاش الكلام ده، احنا لسه مفيش حاجة بينا


- يخربيت الفصلان يا لين


ثم استرسل حديثه قائلاً بضيق ونفاذ صبر:


-قوليلي أعمل إيه؟....كلمت أخواتك الإتنين وطلبت إيدك منهم ولحد دلوقتي فارس مفتحكيش في الموضوع أعمل إيه أنا عشان أخلي فارس يكلمك وأخطبك ونخلص


أردفت لين بعصبية:


-هو إيه اللي تخطبني ونخلص ما تخلي بالك من كلامك يا يونس


-حقك عليا أنا أسف أعصابي تعبانة شوية....تصبحي على خير قولت أسمع صوتك قبل ما أنام 


ندمت لين على عصبيتها وصوتها الذي إرتفع عليه،فعضت على شفتيها وهي تقول:


-هتنام دلوقتي ليه لسه بدري


-عادي عاوز أنام


-متزعلش


قالتها لين بأسف فهي تعلم أنه تضايق من عصبيتها


إبتسم يونس وقال بحب:


-مبزعلش منك يا لين...بس أنا نفسي أخد خطوة رسمي تجاهك عشان نبقى براحتنا أكتر من كده


-خلاص أنا هحاول أنكش فارس كده بطريقة غير مباشرة...يمكن نسي


-ماشي يا حبيبتي...أقصد يا لين


ضحكت لين وقالت:


-أيوة كده


تحدثوا قليلاً ببعض الأمور ومن ثم أغلقت لين الهاتف وخرجت من غرفتها متجهة لغرفة أخيها


طرقت على الباب طرقتين وعندما إستمعت لصوت أخيها معطياً إياها الإذن بالدخول،أدارت مقبض الباب ودلفت إلى الداخل 


وجدت أخيها يجلس على الفراش وبجواره يجلس مالك 


أردف فارس بتساؤل:


-في حاجة يا لين


ردت عليه لين بتوتر ولم تجد غير تلك الكذبة أمامها:


-لا أبداً ده أنا كنت بدور على مالك عشان يعمل الواجب بتاعه 


قال مالك بمراوغة:


-واجب إيه يا لين احنا عملناه الصبح 


-اه معلش نسيت يا ملوكة 


نظر مالك لأبيه بضيق وهو يقول:


-متخلهاش تقولي يا ملوكة تاني يا بابي هو أنا بنت؟


حضنه فارس بحب وهو يقول:


-لاء يا حبيبي إنتَ راجل 


-ماشي يا مالك ابقى خلي أبوك ينفعك بقى... وشوف مين اللي هيوديك التدريب تاني 

وهيكتبلك الواجب بتاعك لما تتعب


فتح فارس عيناه على وسعها وهو يقول:


-أنتِ اللي بتكتبيله الواجب يا لين؟!!!!


هزت لين رأسها بالنفي بسرعة وهي تقول: 


-لاء يا حبيبي مين اللي قال اني بكتبهوله


-انتِ اللي لسه قايلة 


-محصلش


رفع فارس حاحبه الأيمن وهو يقول:


-بتكذبيني؟


أردفت لين بمزاح حتى تخرج من هذه العثرة:


-أنا اتزنقت ولا إيه 


ضحك فارس وأشار إليها بسبابته حتى تقترب وبالفعل استجابت لإشارته ووقفت أمامه مباشرةً 

وفجأة وجدت كف خماسي يهبط على مؤخرة عنقها جعل أذنيها تصفر من قوته 


أردف فارس بهدوء:


-أوف راحه غير طبيعية


نظرت له لين بغضب طفولي محبب على قلبه وهي تقول:


-وجعاني يا فارس


-معلش يا حبيبتي 


لوت لين شفتيها بإنزعاج وهي تقول:


-انتوا مش هتعرفوا امتى غير لما أمشي من البيت ده 


-هتمشي تروحي فين إن شاء الله 


قالها فارس بإستنكار لحديثها 


ضحكت لين وهي تقول:


-بيت جوزي قرة عيني طبعاً


-اتنيلي هو حد هيعبرك 


وضعت لين يدها بخصرها وهي تقول:


-والله أمال يونس ده ...


إبتلعت باقي حديثها بعدما وعت لما قالت....رأت تغير ملامح فارس، خفق قلبها بشدة 

وهي تدعي ربها أن يخرجها من هذه الحفرة التي أوقعت نفسها بها دون أن تعي 


-يونس مين 


كلمتين خرجوا من بين شفتيه بهدوء تام ومن ثم صمت ليستمع الى إجابتها


رسمت بسمة مهتزة على وجهها وهي تقول:


-يونس مين حد قال يونس 


تعرق وجهها بشدة عندما إستمعت إلى صيحته العالية بإسمها...وزاغت ببصرها يميناً ويساراً حتى تتهرب من عيناه التي تخترق خاصتها بكل قوة 

ندمت أشد الندم أنها أتت إلى غرفته، مجنونة أكانت تتخيل أنها ستوقع فارس في الحديث؟...ها هي التي سقطت من سابع سما 


قام فارس من على الفراش فأصبح ملاصق لها تماماً فتمتم بصوت واضح كوضوح الشمس:


-أقسم بالله لو كان اللي في بالي صح هتشوفي وش أسود من سواد الليل يا لين 


هزت لين رأسها بنفي والدموع تجمعت بعيناها بخوف وهي تقول بإهتزاز:


-والله أبداً ده أحمد اللي قالي إنه كلمه عشان يطلب إيدي حتى اسأله


وقف مالك بينهم قائلاً لأبيه بطفولة:


-ابعد شوية يا بابي إنتَ خوفت لين 


-لاء يا حبيبي لين مخافتش عشان هي مش بتعمل حاجه غلط...صح يا لين 


قال جملته الأخيرة بنبرة محتدة ذات معنى


أماءت رأسها له دون أن تتحدث تشعر أن أحبالها الصوتية ذابت من كثرة خوفها 


❈-❈-❈


دخلت نغم غرفة مازن وجدته يجلس على الكرسي الهزاز وشارد في الاشئ


أغلقت الباب خلفها بهدوء ومن ثم تقدمت نحوه 

مدت يدها واضعه إياها على كتفه قائلة بتساؤل:


-مازن إنتَ كويس؟


فاق من شروده على حركة يدها على كتفه فنظر إلى الخلف ليراها ومن ثم عاد ببصره مرة أخرى للأمام وهو يقول:


-اه يا حبيبتي كويس...ليه بتسألي السؤال ده 


عقدت يدها على صدرها وهي تقول بجدية:


-عشان إنتَ مش كويس يا مازن من إمبارح،إنتَ ماشوفتش شكلك كان عامل إزاي وإنتَ جاي تاخدني من العيادة


وضع يده على رأسه حتى يخفف من حدة الصداع الذي يضرب به بدون رحمة 

قبل أن يقول بحزن:


-حصلت حاجة امبارح شغلالي دماغي يا نغم 


جعدت نغم حاجبيها قائلة بأستفسار:


- ايه هي ولا مش حابب تقول؟


-عملت حادثة بسيطة بالعربية إمبارح 


انفزعت نغم في وقفتها قائلة بقلق:


-إنتَ كويس؟.. فيك حاجة؟


رد عليها مطمئناً إياها:


-أنا كويس يا نغم، أنا اللي خبط حد بالعربية إمبارح وأنا مش واخد بالي


-مازن إنتَ بتشوقني!؟...ما تقول ايه اللي حصل على طول


-خبطت سارة بنت عم فارس بالعربيه إمبارح 

وودتها المستشفى


اصطبغ وجهها باللون الاسود عندما ذكر سيرة فارس وسارة


ولكنه لم يترك لها الفرصة حتى تسبح بأفكارها بل سرد بها ما حدث بعد ذلك، وأخبرها بكل كلمة قالتها سارة له وجعلته يجلس مكانه منذ البارحة يفكر بحديثها المؤذي نفسياً له 


صمت بعدما إنتهى من سرده وبقى ناظراً لنغم حتى تفيده بهذا الموضوع 


-إنتَ كان ليك يد في أي حاجة من الحاجات اللي إتهمتك بيها دي يا مازن؟


أردفت نغم بتساؤل يحمل بين طياته جزء من الشك 


رد عليها مازن بإنفعال غاضب:


-إنتِ بتقولي إيه يا نغم أنا مستحيل أعمل كده

في سارة 


قالت بنبرة هادئة توضح المقصد من حديثها عله يهدأ:


-مش قصدي يا مازن، ده مجرد سؤال سألته

عشان أتأكد إنك ملكش دخل في الموضوع


قام مازن من على الكرسي بعنف مما جعل الكرسي يهتز بقوة قائلاً:


-كله من أبوكي، هو السبب في كل اللي إحنا فيه ده...دخل بيتي وحط كاميرات في اوضة نومي عشان يصورنا سوا ومكتفاش بكده وبس لاء سرق أوراق جوازنا العرفي كمان عشان محدش يصدق إنها مراتي ويمسك عيلة الهواري من إيديهم اللي بتوجعهم 


ثم إستكمل حديثه قائلاً بغضب ممزوج بحزن:


-أنا موجعنيش قد أنها فكراني مشترك معاه في كل اللي حصل ده....فاكرة حبي ليها كان كدبة يا نغم وعملنا كل ده عشان نوقع عيلة الهواري


رفع يده يمسح حبات العرق التي بدأت في الإنبات على وجهه وهو يتمتم:


-طب إزاي وهي أكتر واحدة عارفة أنا حبيتها قد إيه، تفكيرها جبها إزاي اني ممكن أكون مشترك في حاجة وسخه زي دي

ده أنا كنت بخاف عليها من نفسي، هجيب ناس تحط كاميرات في أوضة نومي عشان يصوروا مراتي وهي معايا...إزاي اقنعيني


إرتفع صوته في أخر كلماته بقهرة وهو ينظر لنغم طالباً منها تفسير 


ربطت نغم على ظهره وهي تقول بحنية تتصف بها: 


-اهدى يا حبيبي وبلاش العصبية بتاعتك دي، سارة صفحة في حياتك واتقفلت ميهمكش بقى هي شيفاك إزاي...المهم إن إنتَ قدام نفسك بريئ من كل الاتهامات 


-لاء طبعاً أنا مستحيل أخليها شيفاني بالطريقة دي... أنا اتحولت من مظلوم لظالم يا نغم 

بعد ما كنت بقول إنها هي اللي باعتني واتجوزت فارس بإرادتها عشان تجرحني 

طلعتني أنا اللي ندل وإنسان زبالة شوهت صورتها قدام الناس


-في فرصة إنك ترجعلها تاني يا مازن؟


سؤال طرحته نغم عليه جعله يقف مرتبك ومشوش الفكر، سؤال هو نفسه لا يعرف إجابة له 


بعد صمت دام دقيقة أول أقل رد عليها بجدية:


-أظن لاء يا نغم... سارة اتجوزت فارس وجابت منه ولد يعني إحتمال كبير بعد المشكلة دي ما تخلص يرجعلها تاني عشان إبنه 


تغاضت عن الألم الذي راودها بصدرها عندما سمعت حديثه الخاص برجوع فارس وسارة 

وقالت بتفسير:


-يعني إنتَ عندك إستعداد ترجعلها بس في عوائق هي اللي بتمنع ده صح؟


-لاء يا نغم انا وسارة قصتنا خلصت من زمان 

أنا اللي زعلني بس كلامها اللي اتهمتني بيه 


دخل علي الغرفة بعدما طرق الباب 


نظر علي لنغم قائلاً:


-بقالي ساعة بدور عليكي في الڤيلا 


- ليه في حاجة يا بابا؟


-اه يا حبيبتي، مُنير جد فارس كلمني وقالي إن فارس جايب المأذون وجاي عشان الطلاق


تلقت الخبر كالجماد، لم تهتز بها شعرة لا تعلم هذا برود منها أم صدمة من نوع أخر!!


-عن إذنكم هروح أوضتي ولما يجوا بلغني يا بابا

❈-❈-❈


فارس سيطلقها اليوم، ستصبح حُرة أخيراً منه 

وسينقطع بينهم كل الأحبال الموصولة 

ستبدأ حياة جديدة بأشخاص جديدة كما أخبرتها فريدة... يوماً ما ستلتقي بحبها الحقيقي الذي سيداوي ما فعله بها فارس 

سيحمل عنها متاعب الحياة ويكون لها خير سند 


نظرت لنفسها بالمرآة، ومن ثم دققت النظر بعيناها...من يراها من الخارج يقول من أين لها بكل هذه القوة التي تتحلى بها 

ولكنها هي فقط من تعلم ما يدور بداخلها 

هي وحدها قادرة على رؤية جروحها الداخلية 

نزيف قلبها المهدور بلا رحمة

صدق من قال أن الملابس تداري ما بصاحبها 


إبتسمت إبتسامة متهكمة لنفسها وهي تتذكر يوم أن كُتبت على إسمه وتواحدت دروبهم 


كانت السعادة تملئ كل خلية بها، عاشت معه 

أوقات كثيرة وبنت معه ذكريات عديدة 


وها هي الدنيا ما بين الحلو والمر 


ذاقت حُلوها على يده والآن تتعرف على طعم المرار من خلاله 


حقاً يا لسخرية القدر !!!


كيف من كان عنوان السعادة لها ينقلب رأساً على عقب ويصبح سبب تعاستها بالحياة 


من أنار حياتها بعد العتمة أطفأ نوره فجأة وصار كبوس يراودها بين الظلمات


فاقت من شرودها في المرآة على صوت مازن وهو يقول بتساؤل:


-إنتِ مش سمعاني يا نغم؟... بقالي ساعة 

بخبط على الباب


خرجت من الهالة التي كانت بداخلها ونظرت تجاهه قائلة: 


-كنت سرحانة شوية يا مازن مخدتش بالي 


إقترب منها مازن وهو يقول: 


-فارس والمأذون تحت 


أماءت له برأسها بصمت ونظرت حولها حتى تأتي بغطاء لشعرها 


-حاسة بإيه يا نغم ؟


وقفت يدها عن تعديل غطاء رأسها عندما سمعت سؤال مازن الذي أتى على غفلة 


سؤال لم تسأله لنفسها ..بماذا تشعر الآن تحديداً؟، وهي على وشك الطلاق


وللحقيقة لم تجد إجابة تصف ما بداخلها 

فلذلك أجابت على سؤال أخيها بهدوء:


-مش عارفة 


مسك مازن يدها قائلاً بدعم ومواساة:


-إن شاء الله ربنا هيعوضك خير يا حبيبتي أنا متأكد 


إبتسمت نغم إبتسامة هادئة وهي تقول:


-وأنا كمان متأكدة


❈-❈-❈


-نترك الزوجين بمفردهم لمدة نصف ساعة لعل يحدث الله بعد ذلك أمرا 


قالها المأذون وهو ينظر لعلي طالباً منه الأذن بما أنه والدها 


رد عليه علي بجدية :


-طلق يا سيدنا الشيخ الموضوع مفيهوش تفكير 


أردف الشيخ بهدوء:


-إن أبغض الحلال عند الله الطلاق....فاتركهم 

سوياً يجوز قلوبهم تحن ويغضوا نظرهم عن الطلاق


-بقولك طلق يا شيخ، الإتنين موافقين على الطلاق وده قرار نهائي 


قالها علي وهو ينظر للماذون بغضب مكبوت


نظر المأذون لفارس وقال بتساؤل:


-من حقك يا ابني تجلس مع زوجتك قبل الطلاق...هل تريد ذلك أم أبدأ بالإجراءات


لم يفكر لثانية واحدة بل رد عليه بكل ثقة قائلاً:


-عاوز أقعد معاها نص ساعة وبعدين نبدأ في الإجراءات يا شيخ 


نظر المأذون لعلي وجده عيناه تخرج شرارات من النيران فقال سابقاً إياه:


-هذا حقه ولم أقدر على منعه منه...إذا سمحت أدخلهم غرفة قريبة ليتحدثوا سوياً 


جاء ليعترض وجد مازن يقول له بصوت منخفض:


-سيبهم يا بابا ده حقهم 


قام مازن من مكانه وهو يشير لفارس بأن يأتي خلفه ومن ثم نظر لنغم ومد يده حتى تتمسك بخاصته 


وبالفعل قبلت عرضه سريعاً ومسكت كفه بقوة حتى تشعر بالطمئنينة وتجتذب القليل من الثقة 


لم تريد أن ترفض طلبه فضولاً منها لما سيقوله 

وها هي فرصة ذهبية لجلسة أخيرة بينهم 


فتح مازن باب إحدى الغرف وأشار لفارس بأن يدخل 


دخل فارس أولاً وأعطاهم ظهره رافضاً أن يرى تلك العلاقة المتوطدة بين نغم ومازن، عقله لم يستوعب بعد أنهم أخوة 


-أنا برة يا حبيبتي إن حسيتي بإنك مش مرتاحة أو أنك تعبتي نادي عليا هتلاقيني 

قدامك 


إبتسمت له نغم بحب قائلة:


-اطمن يا مازن انا تجاوزت مرحلة الخوف منه من بدري


أماء لها برأسه بابتسامة هادئة ومن ثم غادر المكان 


دلفت نغم الغرفة بهدوء وأغلقت الباب خلفها بهدوء مماثل لدخولها 


التفت فارس ناظراً إليها بعمق لدرجة أنها شعرت بأن بها شئ خاطئ 

ينظر إليها وكأنها أخر شئ سيراه بهذه الحياة 

يوشمها بداخله خوفاً من أن ينسى ملامحها في يوم


قال بعد مدة طويلة من الصمت:


-من أول يوم شوفتك فيه وأنا عارف إنك مش شبهي


إسترسل حديثه موضحاً وهو يتقدم بخطواته تجاهها:


-شخص زيي ملوش إنه يقابل ملاك زيك ويعيش معاه 

يوم ورا التاني لقيت مشاعري بتتهز بقوة

كل يوم كان بيعدي كان رغبتي في الوصول ليكي وإنك تبقى مراتي تزيد أكتر 

كان نفسي تكوني مراتي اللي أعلن عنها للدنيا كلها، كان نفسي أمسك إيدك وأقول للناس هي دي اللي خلت فارس الهواري يعرف يعني إيه حب.... وأنا مكنش عندي مانع إني اعمل ده الصراحة بس المشكلة كانت في جوازي


بلل شفتيه قليلاً حتى يرطبهم من الجفاف الذي داهمهم ومن ثم أكمل:


-عمرك ما كنتي هتقبلي بيا لما تعرفي إني متجوز...طب والحل؟، أعمل إيه في قلبي اللي حبك...ملقتش قدامي غير إني أخبي عليكي 

وأعيش معاكي بكدبة زي ما قولتيلي 


هز رأسه وكأنه يطارد الصراع الموجود بداخلها قائلاً:


-كل الكلام ده ميمنعش إني حبيتك يا نغم، يمكن كل حياتنا كانت كدبة بس حبي ليكي كان الحقيقة الوحيدة

مكنتش أتوقع أني اتنازل عنك بالسهولة دي 

بس لما فكرت لثواني عرفت إنك متستهليش 

تكوني معايا...أنا وحش وحش أوي يا نغم 

إنتِ متعرفيش وشي الحقيقي اللي كنت بحاول قدر الإمكان أداريه عنك طول الوقت 


مسك يدها بهدوء وهو يستكمل حديثه:


-عيشت معاكي أجمل أيام حياتي...شوفت معاكي سعادة ملهاش حدود، شكراً يا نغم 


جاءت لتتحدث وضع سبايته على شفتيها برفض وهو يهز رأسه قائلاً:


-متقوليش أي حاجة...طالب منك طلب أخير 

ومن بعدها هرمي عليكي اليمين 


رفعت أنظارها له وهي تقول بعيناها قبل أن تنطق شفتيها:


-إيه هو 


أطبق شفتيه على خاصتها بكل هدوء ولين 

قبلة كانت كالفراشة...كلما تعمق بها أكثر كلما حلقت به لمكان أبعد 


تجاوبت نغم معه بعدما خرجت من صدمتها 

شعرت أنها تحتاجها بالرغم من معرفتها أنها ستندم فيما بعد ولكنها قررت أن تترك الندم لوقته وأن تعيش اللحظة معه 


كانت أطول قبلة لهم، قبلة معبرة عن أشياء كثيرة لا تتحمل الحديث 

لا يريد أن يتركها، كلما قرر أنه سيبعد شئ ما يجذبه نحوها أكثر ويقول له أنها أخر قبلة سيقبلها لها فيعود مرة أخرى بنفس الشغف وبنفس الرقة 


تنفس من أنفاسها اللاهثة براحة، يشعر أنه على قيد الحياة الآن بعدما أخذ هذا الترياق 

وضع رأسه على خاصتها بهدوء عكس لهثان أنفاسه هو الأخر 

بقيا قليلاً على هذه الوضعية حتى هدأت أنفسهم وإعتدلت دقات قلبهم 


رفع فارس يده ماسكاً بها رأسها وقبلها قبلة مطولة على جبينها ومن ثم إبتعد وهو يقول:


-إنتِ طالق

يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أميرة عمار من رواية البريئة والوحش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة