رواية جديدة قلوب لا ترحم لنانسي الجمال الفصل 24
قراءة رواية قلوب لا ترحم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قلوب لا ترحم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة نانسي الجمال
الفصل الرابع والعشرون
وقفت جميله تطالع هيئتها النهائية أمام المرآة؛ فستان ابيض رقيق يتوزع علي الجسد بأنسيابيه خصلاتها مجموعه بطريقة منمقة خلف رأسها بينما تتساقط خصلتين علي وجهها حيث وضعت قليل من الزينه.
كانت شارده بهيئتها قبل أن تستدير ناحية نوران وانسام الواقفتين خلفها؛ كل منهم كانت تحمل ملامح البؤس بشكل مختلف، لكن يمكنها رؤية زواجها قريبًا من زواج انسام... زواج بالاكراه
فتح الباب و ولجت فتحيه وهي تنظر لهم قبل أن تتعثر الكلمات بحلقها حينما سقط بصرها فوق جميلة
_ اللهما بارك يا حبيبتي
_ ربنا يخليكي يا ماما
لم تكن سعيده بأي تعليق حول كم تبدوا أميرة فهي تملك همًا أخر وهو البقاء علي زمه معتصم!
كانت تصلهم اصوات لرجال عديدة بالأسفل وقد علمت ان محمد تلك المره قرر أن يدعوا العديد والعديد من افراد الشنديري حتى يثبت قوته وصدقه امام خالها.
خطت مع والدتها للخارج حيث كان محمد رفقه عريسها وخالها ينتظروها؛ابتلعت لعابها بهدوء دون ان تحيد بعينها عنهم ليتقدم معتصم ناحيتها باسطًا كفه أمامها.
تركت يدها تنساب بيده واشتدت اصابعها فوقها جاعلها انفاسها تنحبس بخفوت، تحرك معتصم قاطعًا طريقهم لخارج المنزل؛ كانت الزغارد المرتفعه تخترق أذنها و المباركات تلقى عليهم بكل خطوة؛ التقطت عينها العديد من الوجوه رجال ونساء لم تتعرف علي اي منهم لكنها حافظت علي صلابه وجهها.
تحركت السيارات لمسافة ليست طويلة لأحدى القاعات الغير مغلقة الخاصة حيث حجزها محمد للزواج؛ تستغرب لما لم يجعل الأمر يمر بهدوء مثل غريب وانسام!
كانت شاردة بما حولها دون شعور تدفن وعيها بينما توقع أوراق الزواج؛ ترغب بالصراخ أن كل ذلك كذب وأن لا حق لاي منهم في محاسبتها او القاء تهم عليها، لقد تخلوا عنها هي و والدتها لكنهم يلقون التهم والتحكمات عليهم!
_ مبروك
سمعت همسه معتصم الخافضه لترفع عينها وتجد الزغارد تزداد؛ لقد تم الزواج.
ما تلى ذلك كان رقص واحتفال من أشخاص لا تعرفهم وسعادة غير مبرره علي وجههم!
_ اختك برضو عملتها
همس عزت بضيق بينما ينظر لجميلة؛ يشعر بها قد زفرت بالاموال وتركته ملقى بعيدًا، استدارت له نوران وهي تساله ببعض الضيق
_ وهي كانت هتعمل ايه! ما هما اتجبروا
ضحك بسخريه واقترب محيطًا خصرها منخفضًا علي أذنها وهو يهمس بجديه
_ وفكرك مين بعت صوره لخالك؛ مين اصلًا يعرف عنوان خالك واشمعنا بعد ما أنتِ واجهتيها بالحقيقه وانك كشفتي رسمها علي معتصم! ناوية تفضلي بريئة لأمتي يا نوران!
كانت كلماته كمصباح يضئ عقلها الجاهل؛ اصابعها ارتعشت بضيق وصدمه وعينها تتسع ناحية جميلة، هي قد أشفقت عليها لكنها كانت..كانت اضحوكة حيه لشقيقتها.
أقترب هيثم ناحية مقعد العروسين مازال يتذكر مساعدتها له؛ لم تكن مجبره علي حمايته لكن غريزتها دفعتها لذلك... دفعتها لفعل ما لم تفعلة والدته وشقيقته.
تحدث بهدوء مجرد اقترابه منهم
_ أنتِ كويسه!
كلمته جذبت نظرات العريسان؛ أنتفخت اودجه معتصم بالضيق وجذبها بخفه ليتقدم أمامها مخفيًا جزء من جسدها خلفه وهو يبتسم بسخرية للاخر
_ ايه يا هيثم نسيت ان العرسان بيتقلهم مبروك مش انتو كويسين!
ابتلع هيثم رمقة بينما يبتسم بخفه في وجهه
_ اه اكيد؛ الف مبروك ليكم، انا بس قولت اطمن عشان لونها مخطوف
ضحكت معتصم وربت علي كتفه بتهديد
_ متقلقش هي زي الفل
استدار هيثم مغادرًا وسألته جميلة بأرهاق
_ اتعاملت معاه بقلة الزوق دي ليه؟
_ زعلتي عشانه طبعًا متوقعتش غير كدا
كانت عينه تطلق الرصاص والبغض لها؛ ابتلعت لعابها وانخفضت عينها بعيدًا عنه، هي مرهقه الدواخل تشعر أن كل ما بها يستنزف لتحافظ علي ثباتها لا طاقة كي تجادلة.
هالتها أثارت ريبته ليقترب قاطعًا المسافه الضئيلة بينهم؛ مد اصابعه بخفه
يرفع ذقنها ناحيته؛ انعقد حاجبيها قبل ان يسالها وعينه تدور علي ملامحها
— أنتِ مالك ؟
انفرجت عقده حاجبيها وتنهدت بأرهاق وي تبعد وجهها عن يده
— ماليش
_ شكلك تعبان اجيبلك حاجه مسكره تاكليها!
مهتم.. لمعت الكلمه بعقلها قبل ان تنفضها بعيدًا وهي تجيبه بجديه
_ مفيش داعي انا مرهقه شويه بس كل حاجه تخلص وهروح انام
حرك رأسه بقبل واستدار ينظر للرجال حوله؛ اقتربت فتحيه منهم ليبتسم لها معتصم قبل ان ينسحب للوقوف مع الرجال
_ أنتِ كويسه يا جميلة؟
تسائلت وهي تمرر يدها برقه عي وجهها المبتسم بأرهاق
_ ايوه تعبت شويه بس من الوقت بس متقلقيش
كان غريب يقف بزاويه قريبة مراقبًا انسام التي تتهرب منه حتى اللحظة تلك؛ زفر بأرهاق وتحرك مقتربًا منها حيث تجلس مع والدته مد يده يجذب ذراعها وهو يتحدث بخفوت
_ تعالي عايزك
كادت تجذب ذراعها بغضب لولا يد هناء التي دفعتها بعيدًا عن الكرسي، تحرك يأخذها لأحدى الزوايه وهو يسألها بسخرية
_ ايه قاعده مع ماما عشان قلقانه عليها برضو!
نظرت له بغضب وهي تسأله بأستياء
_ قصدك ايه؟
_ قصدي انك عماله تهربي مني عند جميلة وحجتك انك قلقانه عليها ودلوقتي مش جمبها وجمب امي قلقانه عليها برضو
كان الاستياء والغضب ظاهرين علي وجهه وقابلته بملامح غاضبه مشابهه وهي تبتعد عنه
_ انا ماشيه
جذبها من معصمها مجددًا لتقف امامه وهو يخبرها بجديه وبعض الضيق
_ انا بتكلم معاكي يبقا تقفي؛ في ايه مالك
_ ايه مالي! ببعد عنك عشان مجبركش علي وجودي زي ما جبرتك علي جوازك مني
لم تستطيع كبت الحقيقه بداخلها أكثر وزفر هو بضيق
_ أنتِ لسه مضايقه برضو!
_ لا يا غريب مش مضايقة عشان انا خلاص حطيت كل حاجه في مكنها؛ انتَ ابن خالتي مش اكتر من كدا وبس.
أنتفخ صدره بضيق و أدارت ظهرها للرحيل لكنه كان أسرع يحيط خصرها ويديرها له مجددًا وقد قلصت المسافه بينهم؛ إتسعت عينها بصدمه وهي تهمس دون تصديق
_ غريب بتعمل ايه؟
لم تتحرك تعابير وجهه الصلبة وهو يخبرها بجديه
_ بحط كل حاجه في مكانها؛ أنتِ مراتي وانا جوزك، ابن خالتي دي تلغيها من عقلك، يلا خليكي زوجه شاطرة و اقعد جمب ماما مشوفكيش متحركه
ابتعدت سريعًا عنه حينما فك حصارها وتحركات بقلب صاخب تجلس علي مقعدها .
❈-❈-❈
وقفت جميلة مصدومه تتطلع لباب المنزل الذي القابع فوق شقة عبير بينما بجوارها معتصم؛ زاغت عينها بقلق وغضب وهي تحط علي وجهه بضيق.
زفر بحده وهو يقترب منها هامسًا بضيق
_ فوقي بقا مش هفضل اعمل نفسي مش لاقي المفاتح لساعه
_ انا مش عايزه ادخل نفس البيت معاك!
همست بتوتر وخوف بينما تناظره بضيق، شعر بنفاذ صبره وهو يقطع خطوه غاضبه ناحيتها؛ سعل غريب بقوة خاطفًا الانظار عنهم ومنبهًا لمعتصم.
تنهد وهو ينخفض لأذنها هامسًا بضيق
_ ولا انا عايز ادخل نفس البيت معاكي بس احنا مضطرين وخالك واقف مع الناس يعني الي بتعمليه دا بيبوظ شكلنا فياريت تهدي بقا
لم ينتظر اجابتها وهو يعود للمنزل فاتحًا أبوابه؛ توقف غريب عن سعاله وهو يبتسم لمن حوله بهدوء.
ولجت جميلة بغضب ولم تلقي نظرة واحده خلفها بينما تحرك معتصم مبتسمًا وشاكرًا للجميع بينما يغلق الباب
وقفت بمنتصف المنزل وهي تلتف له بغضب وعنف
_ انا مش هبات معاك في بيت واحد
اقترب سريعًا مكبلًا فمها اسفل قبضته ويده الاخري التفت ممسكه بخصرها وهو يزجرها بهمس
_ وطي صوتك هتفضحينا؟ وبعدين محسساني اني ميت في دباديبك اوي؛ متنسيش يا جميلة اني مش طايق ابص في وشك دا
ابتعدت للخلف تبعد يده عن فمها قبل أن تعاود الاندفاع بوجهها ناحيته بحده تصارعه بهمس
_ وانتَ بقا فاكر اني هموت فيك وفي هواك! انا قرفانه من وجودي معاك بني ادم منافق تتعامل الصبح بشكل وبعد الضهر بشكل
انعقد حاجبيه بصدمه وغضب يجيب عليها بضيق
_ انا الي منافق ولا انتِ تدعي عليا الاحترام والمبادئ وفي الاخر طلعتي ايه؟
_ طلعت ايه ها؟ ما تنطق الذنب الي مشيله ليا من غير اي وجه حق !
كانت غاضبه تشتعل من فرط حقدها وغضبها عي تصرفاته التي بدون معني، عض شفته يحاول قمع الكلمات في جوفه لكنه طعنته حتى أخرجهم بصوت يعبر عن قتامة جرحهم
_ اقولك ايه السبب يا جميلة! السبب أني شوفت هيثم وهو خارج من بيتك؛ شوفت هيثم الي كنتي بتهربيه من شقتك الصبح يا جميلة
أنخفضت ملامحها وهدأت حده نظراتها وعقلها يستوعب كلماته؛ صدرها هائج بأنفاس سريعة وعينها تلتقط نظرته اللائمة؟
أنخفاض غضبها جعلها تدرك جسديها الذان أوشكا علي التلاحم لتدفعه بكفه الايسر بهدوء وتراجع هو دون مقاومة؛ كان ينتظر التبرير منها وكأنها شعرت بذلك فسألته باتهام
_ وانتَ بقا مجرد ما شوفته افترضت اني كنت معاه صح؟
تلك النبره وعينها التي تطالعه بسهام الحزن جعلت شئ من عزيمته يهتز؛ وكأنه أفاق علي بشاعة أفكاره وجزء اليقين بفعلتها بداء يتشقق
_ ان..انا مكنش ينفع أشوف حاجه تانية!
أبتسمت بسخرية واقتربت منه بخطوات بسيطه رفعت يديها تربت بكفيها علي صدرة عينها تناظر بلوم وحزن بينما شفتيها تتحركان لاطلاق صراح ما بجبعتها
_ أنتَ الي رفضت تشوف حاجه تانيه يا معتصم! ان..انا كنت فكرتك عرفتني وفهمتني؛ لكن انتَ رميت أول تهمه جت في دماغك وصدقتها؛ لاء وكمان حاسبتني عليها؟ مينفعش ابررلك يا معتصم ولا افهمك بعد ما دفعت الحساب خلاص
تركته بهدوء و دلفت لأول غرفه وقعت عينها عليها مغلقه الباب خلفها وهي تشعر براحه لا تعلم مصدرها؛ كان عقلها قد وجد حجه لافعاله لغضبة وكلماته ، أنخفض كتفيه بثقل لا يعلم مصدره وبداء عقله وقلبة ينغزه بضيق.. هل اخطاء؟
❈-❈-❈
_ بطلي تتحركي زي المجنونه كدا لو سمحتي
تحدث غريب بضيق وانسام لم تتوقف عن الدوران قلقًا او التحرك للباب والتنصت عليه؛ التفت بضيق وهي تخبره باتهام صريح
_ ما انتَ مش بتحس ولا بتفهم؛ مش خايف اصلًا علي جميلة لكن انا خايفه عليها
اعتدل بجلسته وهو يجيبها بهدوء وصبر
_ متخافيش معتصم هيخلي باله عليها ومش هيعملها حاجه
رمشت بأستغراب وهي تجيبه بينما تتحرك قريبًا منه وتخفض صوتها
_ وأنتَ مين قالك اني خايفه معتصم يعملها حاجه!
_ امال خايفه عليها ليه؟
— خايفه عليها لا تعمل هي في معتصم حاجه
كانت تتحدث بجديه جعلته يكتم الضحكات بداخله وهيقف مقتربًا منها، استغربت نهوضه وما كادت تتراجع حتى شابك يده بخصرها وجذبها لتصتدم بجسده
_ غريب بتعمل ايه؟
_ بعمل ايه؟
تسأل متصنعًا البلاهه لتتنهد بضيق
_ مش بحب كدا ابعد
حرك رأسه بتفهم دون ان يبتعد وهو يسالها بجديه
_ ممكن افهم أنتِ بتتجنبيني ليه!
_ مش بتجنبك انا بتعامل معاك بمكانك!
_ انا جوزك
نبس بحده بينما يدفع جسدها له أكثر؛ ارتعشت أنفسها وأرتفع البغض بحلقها بينما تنظر لعينه الحاده؛ زفرت الهواء محاولة ضبط مشاعرها لكن الأمر إنتهى وقد اكتفت منه
_ جوزي؟ الي مجبور عليا صح؛ رد عليا بتسكت ليه، كل مره أقولك الحقيقة تسكت؛ كل مره أوجهك تهرب؛ أنتَ عايز ايه يا غريب ها؟ انتَ عارف نفسك عايز ايه ولا لاء؟
طالعها بقلق وبدأت يده تتراخى عنها وهو يتراجع خطوة للخلف، أبتسمت بسخرية وهي تبيد المسافه التي ابتعدها وتنطق بقوة
_ أنا عارفة انا عايزه ايه يا غريب وزهقت من كتر ما أنتَ عارف وفاهم وبتمثل! أقولك أنا بحبك؛ من وأنا عيله بحبك وبدعي ربنا تبقى نصيبي
أرتعش صوتها وتسابقت العبرات لعينها بينما عينه تتحرك وراء كفها الذي احاط وجنته بارتعاش
_ كنت بقعد أدعي ربنا تكون نصيبي وسندي كنت ديمًا بتخيل إنك هتبقا ملجئ من كل حاجه يا غريب؛ كنت بستحمل وأصبر علي الي أبويا بيعمله فيا وأقول يا بت استحملي بكرا ربنا يكرمك وتروحي لغريب وبحنيته ينسيكي كل ايد اتمدت عليكي و وجعتك، لكن أنتَ مش غريب الي حبيته! أنت وحش بتلعب بيا وبقلبي بتجرحني وتوجعني وبعدين ترجع تصالحني بكلمتين! توجعني وتعالجني لحد ما تعبتني معاك
ابعدت يدها عنه وهي تضعها علي شفتيها محاولة منع شهقاتها التي تتسارع بالخروج؛ تراجعت للخلف بعيدًا عنه وهي تناظرة ببكاء وتهمس بخوف وارهاق
_انا تعبت ومش هقدر استحمل اي حاجه تاني يا غريب؛ مش هقدر، انا تعبت وزهقت من تهربك وتوهانك وانك مش عارف عايز ايه! عايزني ولا لاء؟ كارهني ولا لاء، عشان كدا انا هحمي نفسي! انا اتعلمت الدرس وإني مينفعش استني حد يحميني ومن انهارده انا هحمي نفسي و أنتَ اول واحد هحمي نفسي منه
استدارت تركض للغرفة واغلقها بقوة؛ استندت بيدها علي الباب بينما قدميها أعلنت استسلامها لتبقي جاثيه امام الباب؛ شهقاتها تخترقه وتطالب بمن يهدئها ويدها تدفع الباب خوفًا من دخول اي أحد.
❈-❈-❈
تسطحت فتحيه فوق الفراش تضع صوره منتصر بين أحضانها بينما عينها تبكي قهرًا وهي تكتم صوتها خوفًا أن يصل لشقيقها الذي يقطن بالغرفة الأخرى حتى يحل الفجر ويغادر.
دمروها جميعًا ولم يكفهم الأمر بل بدأوا بتدمير بناتها وهي عاجزه مجددًا .
جلست نور فوق فراشها بأجهاد وعينها تبكي دون أن تتأثر ملامحها؛ نهضت بتثاقل تدفع ذاتها علي أخراج ثياب قبل أن تذهب للمرحاض؛ لم تهتم بهيثم الذي نظر لها لثوان وتحرك لغرفته؛ لم يبالي اي منهم بالاخر يومًا .
ولجت للمرحاض تزيل الثياب عنها ببطئ بينما العبرات تزداد بخروجها حتى وقفت عارية؛ يدها امتدت تسير فوق جروحها الملتئمه؛ تلك التي تركت ندبه تذكرها بما حدث يومها! تتذكر لك جرح بجسدها وما سببه ومتي حدث؛ هل كان بسكين او بحزام! هل كانت عصا كُسرت فوقها ام يد لم ترحمها! ربما بقايا زجاج او قطع اثاث .
والأن كانت تقف تشاهد الدماء قد تجلطت علي جسدها من جروحها الجديده! يمكنها رؤية الكدمات الزرقاء التي انتشرت علي معدتها وهي متأكد من سوء وضع ظهرها عن ذلك!
لم يخف الم تلك الكدمات أبدًا؛ ولم تعتد بعد حدتهم ولكنها تعلمت كيف تتلقى ضربات وإهانات والدتها دون صراخ؛ تعلمت كيف تكتم الألم بداخلها فكرامتها ليست بحاجه لجرح أعمق من جسدها.
فهي اعتادت مداوة جسدها لكن روحها تُركت مشوهه.
❈-❈-❈
صباحًا تحركت جميلة بفراشها بأرهاق وبمجرد انفتاح عينها كان الالم يفتك برأسها؛ كانت تستطيع سماع تحركات معتصم الخفيضه بالخارج قبل أن يصلها صوت الباب الذي يغلق.
نهضت بهدوء وهي تغادر الغرفة للمرحاض بعدما تأكدت انه رحل بالفعل؛ بعد خروجها التقط هاتفها كي تتصل بوالدتها وتتاكد من رحيل خالها
_ صباح الخير يا ماما
_ صباح الخير يا حبيبتي؛ عامله ايه كل حاجه تمام؟
ضحكت بخفه وهي تعبث مازحه
_ ايه يا ماما اسأله الصباحيه دي؟ انتِ نسيتي الدنيا ماشيه ازاي؟ المهم خالي روح!
_ اه يا حبيبتي روح
تنهدت براحه بينما تضيف بجديه
_ الحمد لله انا مش قادره استحمل الفستان دا اكتر من كدا ولسه محتاجه كوبايه قهوه والشغل
كانت تتحدث بينما تغادر المنزل ولم تهتم بعدم وجود مفتاح برفقتها؛ هبطت الدرجات ركضًا وهي تستمع لوالدتها
_ما بلاش شغل انهارده يا جميله
_ افتحيلي الباب يا ماما
اغلقت الهاتف حينما فتحت لها الاخرى؛ عانقتها جميلة سريعًا قبل أن تتحركا للداخل
_ بلاش شغل انهاردة خليكي قاعده معايا
_ يا ماما يا حبيبتي الكلم دا لو كنت عروسه بجد! انما انتِ عارفه ان كل دا حوار وتمثيل فمتصعبيش الدنيا علي بنتك حبيبتك
تنهدت فتحيه وهي تتابعها تتحرك بحيويه بالمطبخ تلمس بها تغير غير معلوم؛ تنهدت وهي تنطق بخوف
_ انا حاسه اني ظلمتك
توقفت جميله عن الحركه واستدارت ناحيتها باستغراب
_ بتظلميني! في ايه انتِ عملتيه ايه يظلمني يا توحه!
نظرت لها فتحيه بأعين دامعه بينما تعترف بخفوت
_ انا ام فاشلة كان المفروض اقف في وشه واحميكي مش اخاف واجوزك! هو ملهوش اي حاجه عندنا عشان أخاف منه ان..انا ظلمتك
هبطت عبراتها بحزن وأسرعت جميلة تحتضنها وتتحدث سريعًا
_ ظلمتيني ايه بس يا ماما هو انا ليا في الدنيا دي حد غيرك؛ انتِ ضهري وسندي واقوي ست انا شوفتها في الدنيا؟ دا انا اي حد بيكلمني ولا بيقرب مني بدخل فيه ومش بيهمني عشان عارفه انك في ضهري! وبعدين مين قالك ان الي حصل ظلمني؛ بالعكس يا ماما دا التصرف الصح لان مكنش ينفع نسيبله فرصه يتكلم علينا! هو رمينا واحنا قايمين بنفسنا ومحافظين علي نفسنا ولازم يعرف دا كويس ويبقا عارف انك زي زمان! خلاص بقا وحياتي عندك متعيطيش متضعفيش يا ماما؟. انا قوتي باخدها منك يا ماما فعشان خطري متتكسريش
تنهدت فتحيه وهي ترفع رأسها وتبعد العبرات من عينها
_ ماشي يا حبيبتي بس اوعديني تخلي بالك من نفسك ديمًا؟
ضحكت جميلة بخفه وهي تقبل جبهه والدتها بقوة وتهمس لها بثقه
_ لاء لاني عارفه إنك أنتِ الي ديمًا هتحميني، ودلوقتي بطلي دلع بقا عشان اروح الشغل وانا مطمنه عليكي
_ ما بلاش شغل انهارده و…
قاطعتها جميلة بجديه وقوة
_ ماما انا هروح الشغل؛ انا بنتك وانتِ عرفاني كويس انا مش بتكسر يا ماما ولازم انزل الشغل عشان اي حد يفكر كدا فيا يفهم ان دا في خياله وبس
تنهدت فتحيه بيأس وهي تخبرها بهدوء
_ ماشي بس مفيش نزول من غير فطار
ضحكت جميلة وهي تضمها بهدوء
_ فطار بس! دا عنيا ليكي
تناولت طعامها سريعًا قبل أن تتحرك للرحيل؛ بمجرد هبوطها للشارع حتى رأت والتها تقف بالشرفة تنظر لها بأعين قلقه محبه؛ بينما التقطت عينها نور التي تقف بالشرفه وتطالعها بحقد .
أبتسمت لوالدتها ثم اخفضت عينها مجددًا.
كانت ثوان معدوده فقط؛ بثانيه تبتسم لفتحيه والأخرى لا تشعر بشئ سوي ألم حاد هاجم جسدها بأكمله…..
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة نانسي الجمال لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية