رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل الأخير - 2
قراءة رواية بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بدون ضمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الأخير
الجزء الثاني
❈-❈-❈
اقترب سالم من طاوله المطعم وجلس مكانه وهو ينظر نحوه تسنيم بثبات و ارتشف قهوته ببطء وقال بهدوء
= اتاخرت عليكي معلش جالي تليفون مهم وكان لازم ارد عليه، ده مواكل عندي كان بيستاشرني عن حاجه في قضيته .
تنحنحت قائلة بتردد وهي تتحاشى النظر في عينيه
= لا عادي ولا يهمك، سالم هو أنت مازهقتش مني؟ قصدي من ناحيه علاقتنا اللي ما فيهاش حاجه جديده بتحصل
حدق فيها بأعين لامعة بغرابة، فقال بتنهيدة حارة
= انتٍ شايفه ايه؟ لو زهقت هفضل مكمل معاكي لحد دلوقتي؟ هو انتٍ آه عاوزه بال طويل بس اعمل ايه مضطر عشان بحبك .
زادت حمرة وجهها من اعترافه ثم صمتت للحظة قبل أن تقول بتريث لتؤكد على جدية الوضع
= افهم من كلامك انك لسه ما زهقتش، يعني برخم عليك ساعات وطول الوقت خروجاتنا بتكون لا اما عن الشغل لا أما عن حاجات بتكون خاصه بموكلين تبعي ومشاكلهم .. او مشاكلي انا الشخصيه، وساعات مش برد على تليفوناتك لما تحتاجني في حاجه مهمه .. أو تقريبا يعني مش بعبرك أصلاً
فهم سالم مقصدها و تجاهل صراحتها البغيضة بالحديث وهو يحاول كتم ضحكاته، و همس لها بتنهيدة حارة نابعة من أعماق قلبه الذي يهيم عشقًا بها
= وأنا لو في الطبيعي بتاعي مش هستحمل الوضع ده ولا هعبرك برده
هزت هي رأسها متسائلة بتعجب
= طب وبتعبريني ليه ومستحملني؟
لوى ثغره للجانب وهو يتحدث بشجن
= مش عارف، بس يمكن بكون مبسوط وأنا معاكي، برتاح في قعدتي معاكي بصي أوعى تفتكرني بستهبل ولا من النوع اللي بحب ارمي نفسي على الست يعني ولا بتاع، عشان بس نبقى واقعيين، أنا بعمل كل ده عشان بحبك
ومشدود ليكي
وزعت أنظارها المرتبكة بين وجه وبين قدحه القهوة الموضوعه فوق الطاوله أمامها، و تسارعت دقات قلبها وهي تقول بنبرة متوترة
= هو ﺍﺯﺍي ﺍﻟﺒﻨﻰ ﺁﺩﻡ ﻳﺨﺘﺎﺭ ﺣﺪ ﻭﻳﺤﺲ ويبقى ﻣﺘﺄﻛﺪ ﻭﻋﺎﺭﻑ ﺇﻧﻪ ﻋﺎﻳﺰ ﻳﻘﻀﻲ ﺑﻘﻴﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻌﺎﻩ ؟!
قطب جبينه وهو ينظر لها قائلا بإبتسامة هادئة
= انتٍ بتسأليني ﻭﻻ ﺑﺘﺴﺄلي ﻧﻔﺴﻚ ﻳﺎ تسنيم !!
أوضحت سبب سؤالها قائلة برفق
= ﻷ ﺃﻧﺎ ﺑﺘﻜﻠﻢ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ، ﻣﺶ ﻳﻤﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﺷﻮﻳﺔ ﺗﻘﺎﺑﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﺗﺤﺒﻬﺎ ﺃﻛﺘﺮ ﻭﺗﺤﺲ ﺇﻥ ﻫﻰ ﺩي ﺍﻟﻠﻰ ﻋﺎﻳﺰ تقضي ﻣﻌﺎﻫﺎ ﺑﻘﻴﺔ ﻋﻤﺮﻙ !! وتندم انك مكمل في حكايه الحب من طرف واحد واللي قدامك مش بيبادلك نفس الشعور
نظر إلى عينيها برومانسية واضحة قائلاً بخفوت
= ﺃﻧﺎ ﻋﻦ نفسي ﺷﻮﻓﺖ ﻛﺘﻴﺮ ﻭﻋﺎﺭﻑ ﻛﻮﻳﺲ اني ﻣﺶ هبقى ﻣﻊ ﺣﺪ ﻏﻴﺮﻙ ﻳﺎ تسنيم .. ﻋﺎﺭﻓﺔ ﻟﻴﻪ ؟ ﻋﺸﺎﻥ ﺃﻧﺎ ﺑﺤﺐ ﺭﻭﺣﻚ ﻭﺩﻯ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺒﺘﺘﻐﻴﺮﺵ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻗﺖ
ثم مال للامام وهو يمد أصابعه ليتلمس وجنتيها بنعومة ليضيف
= أما بقي حكايه بحبك وانتٍ مش بتحبيني فده عشان عندي امل انك تحبيني اضعاف ما بحبك وتبادليني نفس الشعور! واعتقد في مره انتٍ قلتلي ممكن مع الوقت ده يتغير مش كده
رفعت عينيها نحوه لتنظر إليه بتأمل وقد أشرقت نظراتها بلمعان محبب، قائلة بصوت خفيض
= انا متهيالي أنه اتغير اصلا ومن زمان يا سالم .. سالم انا بحبك.
تسمـر سالم في مكانه وظلت عينيه مسلطة فقط على تسنيم التي كانت تنظر إليه بحب حقيقي له .. لأول مـــرة يرى في عينيها تلك النظرات التي تمناها إليه كثيراً وإخترقت روحه المعذبة لتريحه.. لأول مرة يشعر بوجود مشــاعر تخصه ومنها هي .. هي التي أحبها و أراد أن تكون جزءاً منه.. فاخيرا قالتها.
تنهد بقوة وهو ينظر داخل عيناها لـ يغرق فى بحورهم و أردف قائلا بعشق
= وانا كمان بحبك يا تسنيم .
❈-❈-❈
جلس أنس بالحجز وسط المتهمين وهو مازال مصدوم من ما حدث والغير متوقع، تلاحقت دقات قلبه بصورة كبيرة لقد أنهي حياته دون قصد منه وبات الأمر متأزمًا بصورة أكبر، جلس في مكانه عاجز عن التفكير فيما سيفعله الان فلا يوجد حل! لقد تم الامساك به وهو متلبس بالتهمه بالاضافه الى قتل زاهر الذي لم يكن في الحسبان؟ دفع نفسه بلا رحمة إلى المهالك فلم يشفع له أحد بعد تلك الجريمه، و أدرك بعد تلك المهانة أنه أجرم في حق نفسه قبل أسرته، أخفض رأسه وهو يدمع بحسرة على مصائبه، فتبقى له أمرًا واحدًا بأن حسناء توكل له محامي للدفاع عنه لتخفيف عقوبته؟ فيجب أن تخرجه من الضياع الذي وجد نفسه به بسببها أنها زجت به في متاعب لا حصر لها بسبب أطماع زوجته الغير منتهية
لكن عليه أن يعترف بأخطائه أولاً قبل أن يتم محاسبة زوجته على أفعالها، هو كان يتابعها في كل راي ويفعل ما تطلبه منه دون تفكير في العواقب! ضاق به كل السبل هو لم يتهاون بوقت فيما يخص سمعة أخته مهرة، خاصة عندما وضعها في وضع سيئة كذلك! و طعن في شرفها بسبب الطمع، ركض وراء أهوائه متناسي يومًا كذلك؟
فسوف يتم الحكم عليه قريباً بالبقاء في السجن حينما تنتهي القضية ويقرر القاضي هو مصيره خاف علي نفسه من أن يحكم عليه القاضي بالموت، فالامر لم يتوقف على السرقه فقط كما كان يخطط بل تم قتل شخص أيضا .
أرعبة ذلك التفكير حد الموت، ودعي الله في نفسه ألا يصل الأمر به إلى هنا، كان يرتعد في مكانه يخشي من الموت! الان فقط بدا يفكر في ربه وما فعله من اخطاء فادحة! آه من الإنسان ومن الندم بعد فوات الأوان !!...
في تلك اللحظة دخل العسكري وأمره بصوت خشن أن يأتي معه حيث يريدة الضابط في شيئًا ما ؟ نهض هو بلهفه شديد متوقعًا أن تكون زوجته جاءت لزيارة بالخارج ، فانتقل معه سريعًا إلى مكتب الضابط.
أردف الضابط قائلا بصيغة آمرة إلي العسكري
=فك الكلبشات من ايده يا عسكري، وأنت تقف هنا متتحركش إلا بأوامر مني، سامع!
فعل ما أمرة به الضابط وأدى الفرد الأمني التحية العسكرية قائلاً بخنوع قبل أن يرحل
= تمام يا باشا!
تابعه أنس في صمت بحزن شديد فقد خسر حريته بسبب نصائح زوجته و تهوره، وحتمًا سيزج سنوات طويلة في السجن بعد إن ثبتت تلك التهمة عليه، تنهد قائلاً بتوجس
=خير يا باشا، خلاص هتحكموا عليا النهاردة
نظر له الضابط مطولاً متفحصًا هيئته، ثم رد بجمود
= في المحكمة هم اللي هيحكموا عليك مش انا، هو انت مفكر قضيتك سهله وهيتحكم فيها على طول دي سرقه وقتل! والسرقه لوحدها اقل حاجه 15 سنه.. يعني انت ضعت خلاص
اجاب أنس بتوجس وهو يمرر أنظاره على وجهه
= هاه، طب يا باشا والله انا ما ليش دعوه بحكايه القتل ولا حرضت حتى انا كانت نيتي السرقه وبس وانا معترف بكده، واكيد كاميرات المراقبه شافتني وانا سرقت وخرجت وزميلي الثاني هو اللي دخل وقتل
تحدث الضابط ببرود وبصوت خشن
= انت هنا مش في محكمه عشان تقعد تدفع عن نفسك وتقول مبرراتك سبق وحققت معاك وانا مش جايبك هنا، عشان افتح معاك موضوع التحقيق تاني انا جايبك عشان حاجه ثانيه .. قرب وتعالى امضي على الورقه دي
قوس فمه للجانب بقله حيلة وهو يقترب منه مرددًا بخفوت
= حاضر يا باشا، بس هي ايه الورقه دي فيها ايه؟
هز رأسه بعدم مبالاة وهو يقول بصوت هادئ
= الظاهر ان مراتك رافعه عليك قضيه خلع وعاوزه تطلق .
صُدم مما قاله وشعر بدمائه تفر من عروقه، فسأله مذهول بتلهف
= حسناء رافعه عليا انا قضيه خلع ....!!
❈-❈-❈
في منزل والده ليان، سلط أيمن أنظاره على حماته وتنهد بعمق وهو يتسائل باهتمام
= خير يا طنط دلال اتصلتي بيا من الصبح وقلتلي عاوزك في موضوع مهم واديني جيت لحضرتك خير .
لوت شفتيها لتجيبه بجفاء دون أن تنظر نحوه
= هختصر عليك من غير ما ادخل في مقدمات كثير انا اتصلت من شويه بالماذون عشان يجي ونخلص وتطلق ليان.. اظن دلوقتي ما فيش داعي أنها تفضل على ذمتك بعد اللي حصل .
سألها مستفهماً وهو محدق بعينيها بضيق شديد
= وحضرتك على اي اساس بتقرري ان اطلقها ولا اخليها على ذمتي، انا أسف في اللي هقوله بس الموضوع ده خاص بيا أنا و مراتي بس
نظرت له بجمود وهي تردف بجدية
= خاص بيكم انتم الاتنين لما تكون مجرد خناقه عاديه مش مصيبه عملتها وانا كمان جيت في الرجلين معاها بسبب الفضيحه وسمعت العيله اللي الهانم ضيعتها بعاملتها السوداء، انت عارف لو اي حد عرف من العيله هيجيب الحق عليا انا اول واحده ما هي دائما الست اللي بيغلطوها في الحاجات دي .. اسمعني كويس يا ايمن انا عارفه كل حاجه وليان حكيتلي كمان على اللي عملته معاهم واظن انت اخذت كل انتقامك زي ما كنت بتخطط وموضوع خنتها ولا ما خنتهاش
ما بقاش يفرق ..
أطلقت تنهيدة حــارقة من صدرها وهي تكمل
= بس بقيت متاكده من حاجه واحده من اللي سمعته منها وعملته فيها ان الحياه بينكم بقت شبه مستحيله، و انت طول الوقت هتفضل تشك فيها وعمرك ما هتامن ليها من تاني وده حقك ما حدش هيلومك عشان الغلط جاي من عند بنتي من البدايه، ولا حتى هلومك على انك اهملت فيها ولا المبررات اللي عماله تقولها عشان اي كلام مش هيفيد ولا هيغفر عمله زي دي! وانت عمرك ما هتسامح ولا تنسى حاجه زي كده فالافضل انتوا الاتنين تنفصلوا بهدوء وكل واحد يشوف حياته .
ثم صممت للحظة لتتابع بحرقة و بنبرة آسف
= انا اسفه يا ابني على كل حاجه بنتي عملتها بحقك و جايز فعلا اكون انا قصرت في تربيتها عشان كده هحاول المره دي اركز معاها، و اربيها من اول وجديد وافهمها الصح والغلط مع اني اللي عملته مش محتاج ان اقول لها إذا كان صح ولا غلط؟ بس هي غلطت غلطة كبيره أوي ولازم تتحسب عليها عشان
ما تحاولش تكررها تاني ..
كأن أيمن يستمع وهو لا يصدق أنه يوما ما قد يحب أى شخص بقدر حبه إلي ليان رغم خيانتها مزال يتساءل عنها ويخاف عليها، لكنه بالفعل لم يعد واثقاً من تغيرات الأيام و ليتغاضى مجدداً فيبدو أن العلاقة بينه وبينها ستقوم طيلة العمر على التغاضى من طرفه فقط، لتضيف موضحًا بنبرة غير قابلة للتفاوض
= طلقها يا أيمن و روح ابدا حياتك من جديد وانا بنفسي قلتلها يا ريتك كنتي انفصلتي عنه اشرفلك بدل ما تروحي تخوني جوزك، وبقولها ليك انت كمان اهو طلقها وبلاش تضيع وقتك انتقامك مش هيفيد بحاجه ولا هيرجع اللي راح بينكم ، لانك كده بتضيع وقت من سنين عمرك.. روح شوف غيرها يا ابني ممكن تعوضك وتحبها .
أغمض عينيه وتنهد بعمق ليقول بصعوبة
= تمام بس برده لازم أسمعها من ليان بنفسها انها عاوزه تطلق! و لو هي اللي طلبتها هوافق وهطلقها .
أجابته دون تردد وبثقة
= ثواني وهندهالك .
انتظر أيمن مكانه ومرت الدقائق وشعر بالقلق والتوتر، حتى خرجت ليان إليه واستخدمت أقصى قوتها في الصمود أمامه!، غير قادرة حتى على تقديم أي مساعدة لنفسها. نهض هو بسرعة وألقى عليها نظرة حزينة ، ملاحظًا شحوب وجهها وإرهاق جسدها الواضح ، وهو يتساءل بقلق.
= ازيك يا ليان عامله ايه؟ انتٍ كويسه .
هزت رأسها بالايجابي بهدوء دون ان تنظر اليه، لتسرع والدتها تهتف بصوت جاد للغاية
= كنت لسه بتكلم من شويه انا وايمن على الموضوع اللي اتفقنا عليه يا ليان وهو قال انه مستعد يطلقك بس؟ لما يتاكد ان دي رغبتك انتٍ ؟ ردي بقى عليه وقوليله انتٍ عايزه تطلقي فعلا ولا انا اللي بغصبك على حاجه زي كده .
رفعت ليان رأسها للأعلى لتنظر إليه رغم عنها
و إرتبكت من تلك النظرات الغريبة التي لم تعتادها منه.. وخشيت من أن يهاجمها ذلك الشعور الذي يجعلها تتآلم أكثر.. وهو الاشتياق والحنين! فحاولت أن تبدو غير مهتمة بما تقول، و إستدارت للجانب قليلاً وعقدت ساعديها أمام صدرها وهتفت بصوت مرتجف
= لا دي رغبتي انا فعلا، انا عاوزه اطلق.. وانا طلبتها كتير وانت اللي دايما ترفض! بس المره دي مصره !. و لو رفضت هتضطريني ارفع قضيه عليك .
اتسعت عيناه بعمق و لوي شفتيه بمرارة، ثم أخـذ أيمن نفساً عميقاً وزفـره على مهل ليردف قائلاً بصعوبة وهو يرمش بجفنيه
= لا وعلى ايه مش محتاجه قضيه ولا حاجه انتٍ طالق يا ليان .
وضعت ليان يدها على فمها في ذهول عجيب وظلت على حالتها المصدومة وهي تستمع لكلماته المؤسفة، فقد طلقها وتم الأمر كما كانت تريد! وكما طلبت منها والدتها، حتى يرتاح الجميع من تلك العلاقه التي باتت بالفشل والمشاكل التي لا تنتهي!
استمرت الإجراءات اللازمة بعد ذلك؟ وكانت ليان جالسة في وسطهم بتعابير جامدة لكن بداخلها شعرت بشعور سيء للغاية سقط على صدرها وانطبق على روحها ودمر آخر بقايا حياتها المعذبة. حتى البكاء على الاطلال انحرمت منه فهي خائنة وفعلت ذلك باختيارها كما أخبرتها والدتها فلما الندم الآن !
و رغم أنها رأت أن الانفصال هو الحل الأفضل بعد كل ما حدث، إلا أنها لم تكن تريده بهذه الطريقة التي تجعلها تشعر بالخجل والعار من الجميع لها، بينما إبتسمت دلال لما كان يحدث بارتياح.
وعندما رحل الجميع، إلتفتت دلال برأسها نحوها ورمقتها بنظرات جافة وهي تتحدث بلهجة صارمة وحادة
= مستنيه ايه يلا على اوضتك ارجعي تاني و ما تخرجيش منها إلا باذني؟ ومن هنا ورايح ما فيش اي حاجه هتعمليها إلا لما اكون عارفاها و موافقه عليها .
❈-❈-❈
أسرعت وفاء تستقل إحدى الحافلات المتجهة إلى المستشفى التي تقطن بها مهرة، وكان معها طه الذي كان يتحرك بوجه منزعج وهو لا يفهم حتى الان لما شقيقته مهتمه بتلك الفتاة بذلك الحد.. لكن وفاء أصرت على ان تساعد تلك الفتاه فلم يبقَ أحد لمساعدتها سوى هي، وعليها التصرف حتمًا قبل فوات الآوان فأي دقيقة تمر ربما تشكل فارقًا في حياتها..
فحينما أخبرها محامي زاهر بأنها ستحصل على كل أملاك زاهر لم تشعر بالسعاده مثل شقيقها فتلك الأموال لم تغنيها عن سنوات العذاب التي عاشتها معه ولا تنسيها المعامله السيئه التي تلقتها من زاهر! لكن لا تعرف لما فكرت بتلك اللحظه بها هي دونا عن الجميع !
وصلوا إلى المستشفى بعد فترة وأسرع طه بخطواتة خلفها وهو يهتف بصوت خشن أجش
= وفاء استني هنا، وفاء انا بكلمك هو انتٍ جايه هنا تعملي ايه؟
أردفت أخته بصرامة لكي تقطم جملته مجبرة، قائله بحنق معترضة
= وبعدين يا طه من ساعه ما نزلنا وانت نازل كلام هبقى افهمك بعدين هو ده وقته
تنهد طه بإنهاك لفشله في فهم ما بها لذا توقف بجسده بمكانه وصاح قائلاً بقوة وصرامة
= لا بقى انا مش هتحرك خطوه واحده غير لما افهم ايه سر اهتمامك بالبنت دي ؟
توقفت هي الأخري رغم عنها وابتسمت له ابتسامة مصطنعة وهي تجيبه بإختصــار
= تمام، انا جايه هنا عشان ناويه اتبنى مهره واخدها تعيش معايا، ارتحت دلوقتي؟ ومش عايزه اسمع اي اسئله تانيه .
حرک طه رأسه بذهول بعينه غاضبة وبها تساؤلات لا تنتهى، ثم أشارت له بكف يدها لكي يسير معها بصمت فإستجاب الأخير على مضض لها، ورافقها وهو يغمغم بسباب لاذع .
على الجانب الآخر جاهدت مهرة لتكتم أنين جسدها وروحها المنتهكة .. إدعت النوم لعلها تهرب من واقعها المخيف فليس بها أي ذرة أخــرى لتتحمل صدمه عذاب جديدة، فهي لم تعدْ تشعر بأي شيء بعد أن دفنت طفلتها و ودعتها، سوى بالآلام الموجعة التي تفتك بها ..
إعتصرت عينيها بقوة محاولة كتمان شهقاتها
وهي تبكي بحسرة على حالها ، فتحت عينيها ببطئ ثم لمحت بعينيها ذلك المشرط على الطاوله جانبها بالغرفة فبرقت عينيها و توهجت بوميض غامض وهي تقاوم سيطرة فكرة التخلص من حياتها للأبد، إبتلعت ريقها بضعف شديد تفكر لماذا لا تفعلها و تتخلص من تلك الحياة .
مدت يدها المرتجفة لتمسك بتلك الإله الحادة و رفعتها أمام عينيها.. وبكت بحرقة وهي تقربها من يدها بضعف شديد فآلام نفسها أكثر بكثير وكان عقلها اليائس يحدثها عن فعلها؟؟ يكفي عذاب.. يكفي استغلال من الآخرين.. يكفي ذلك الشعور بالوحدة ويكفي عذاب الفراق .. لمعت عينيها المتورمتين وهي تنوي غرز القطعة بيدها لتنهي حياتها كلها .
في الخارج بنفس التوقيت، ذهبت وفاء تسأل عنها في الاستقبال وعندما عرفت رقم غرفتها طلبت من طه ان ينتظرها هنا وهي دلفت إلي الداخل، اتسعت عيني وفاء في ذهـول حينما رأت مهرة تريد قطع شرايين يداها، وحالتها تدعو للإشفاق فلطمت على صدرها وهي تهدر بحدة
= مهرة، بتعملى ايه يا مجنونه
هرولت بسرعه وجذبت المشرط من يدها بعنف، انتحبت الأخري ببكاء شديد و امسكت بملابسها كالاطفال و أزداد رجاء مهرة وهي تهتف بصوت مبحوح
=ارحميني الله يخليكي مش عايزة أعيش، ابوس ايدك موتيني وخلصینی..
نظرت لها بعمق مضيفة بصوتها الباكي
= ما بقتش عاوزه الحياه دي عذبتني كتير وخدت اكتر ناس قريبه مني وبحبها.. انا خلاص ما بقاش ليا حد في الدنيا سيبيني اموت نفسي وارتاح
ابتلعت وفاء ريقها فقد زادتها شفقه عليها
فهتفت بصوت هادئ قدر الإمكان وهى توسع عينيها بحنان
= كده عايزة تموتي... وانا عاوزه اديكٍ الحياه
إنكمشت مهرة مذعـورة في الفراش حينما تذكرتها وابعدت يدها بعنف فشهقت بخوف وقد إتسعت مقلتيها بدرجة كبيرة
=انتٍ مين انا شفتك قبل كده فين؟ ايوه انا افتكرت انتٍ مرات زاهر اللي جت مره البيت ونقذتني منه، انتٍ جايه دلوقتي ترجعيني لي صح
وضعت يدها على كتفها ، وربتت عليها وهي تقول بحزن
= لا والله، متخافيش يا حبيبتي وبعدين انتٍ قلتيها بنفسك انا نقذتك منه اولاني يبقى هرجعك لي، وبعدين ما تخافيش اللي قضي علي حياتنا وكان بيراعبنا .. راح للي خلقه وهو دلوقتي بين ايدين ربنا وبيتحاسب .
بدأت وفاء تخبرها بما حدث وكيف مات زاهر ووالدها أيضًا. وسُجن أنس شقيقها الذي حاول السطو على المحل وصديقه الذي قتل زاهر. صمتت لإلتقاط أنفاسها لثوانٍ معدودة وهي تستوعب الصدمه و تسارعت ضربات قلبها حتى صمت أذنيها فهبت مذعورة لتصرخ بيأس وحسرة
= بابا مات وانس داخل السجن عشان حاول يسرق محل زاهر، و زاهر كمان مات !.
ابتل جبينها بحبات عرق غزيرة من الخوف والارتجاف والبكاء، ثم أخذت نفساً عميقاً لتضبط أنفاسها اللاهثة و أضافت بصوت مختنق منكسر
= ماتوا قبل ما احاسبهم كلهم على اللي عملوا معايا الموت ليهم راحه وانا الحياه ليا عذاب، بنتي ماتت بسببهم وانا حياتي ضاعت ما يستاهلش حد منهم ازعل عليه بس انا زعلانه على نفسي اللي ضيعوها .. حسبي الله ونعم الوكيل فيهم كلهم .. يا رب خذني زيهم بقى وريحني .
هزت رأسها برفض بسرعه وحدثتها بعزيمة عجيبة
= انا عارفه دلوقتي اللي حاسه بيه وليكي حق تزعلي، بس خلاص صدقيني حقك هيجيلك منهم حتى بعد مماتوا طول ما احنا بندعي
ربنا يجيبلنا حقنا وبنحاسبن علي كل ظالم، وخلاص كل اللي ظلمونا في الحياه ربنا بيخلصنا منهم، بس أحنا اللي لسه عايشين فيها وربنا بيدينا فرصه ثانيه؟؟ يبقى احنا بقى اللي نشوف مصلحتنا في الدنيا .
توترت مهرة بشدة وإرتفع صدرها وهبط في خــوف وسألتها بنبرة لاهثة ومذعـورة
= انتٍ عاوزه مني ايه بالظبط و جايه لي هنا ليه؟
إرتسمت إبتسامة تفائل على شفتيها الجافتين
وامسكت بيدها بحنان قبل أن تقول بهدوء
= ما قلتلك من أول ما دخلت انا عاوزه اديكٍ الحياه، اسمعيني كويس يا مهره في اللي هقولهلك و ركزي معايا وصدقيني انا مش عاوزه حاجه غير مصلحتك وانك تاخدي فرصه ثانيه وتحاولي تحققي كل امنياتك بالحياة .
❈-❈-❈
انتهوا من تناول تلك الوجبة الخفيفة التي احضرتها خيريه بسرعه كوجبة طعام سريعة حتي تلحق الوقت وتذهب! فقد عزمت النيه على استرجاع ابنتها الى المنزل مهما كلفها الامر حتى وان غصبتها على ذلك، فهي كانت تعرف من شقيقة زوجها اخر المستجدات التي حصلت في قضيه الخلع وان ابنتها اصبحت مطلقه الآن؟ لكن لا يهمها اي شيء بعد اليوم غير ان تكون ابنتها بين احضانها وتضمها.. دخلت غرفتها لتحضر حجابها وبعدها تنزل الى الاسفل ، وتذهب إلى منزل حسين عم فريدة .
بينما عابد كان على وشك الذهاب للمرحاض لغسل يده، لكنه تسمر في مكانه حينما سمع صوت جرس الباب و ذهب ليفتح الباب ليجد اخية امامه ! تحشرج صوت عابد وهو يرحب به قائلا بخفوت
= حسين تعالي اتفضل خيريه شويه و كانت نازله لكم
نظرت خيرية إلى حسين بعدم إهتمام وتنهدت بفتور وهي تستعد للهبوط إلي الأسفل لتري ابنتها، وهي عاقدة العزم على استرجاعها هذه المرة.
تحركت خطوتين وهي تسمع صوت حسين يتحدث مبتسماً بهدوء
= وكانت نازله لينا ليه؟ اديني طلعت بنفسي عشان اطمن على الأحوال واشوف فريده عامله ايه بعد ما رجعتلكم ، و ياتري اتصالحتوا ولا لسه ؟
شهقت خيرية مصدومة، ووضعت يديها على فمها وهي تردد بعدم تصديق
= انت بتقول ايه فريده مين اللي رجعتلنا البنت ما عتبتش البيت ولا شفتها من ساعه
ما اخوك طردها، افهم من كلامك ده ايه؟ ان فريده مش عندكم امال فين ؟؟
اقترب عابد منه بدهشة وقال بنبرة متشنجة ، ونظرات ضائعة
=الكلام اللي انت بتقوله ده صحيح يا حسين، بنتي مش عندك طول الايام اللي فاتت؟؟ فريدة ما شفناهاش ولا طلعتلنا انت تقصد ايه بكلامك ده؟ فهمنا؟
إتسعت حدقتي حسين وهو يهتف دون تردد
= يا جماعه اهدوا عشان انا كمان افهم ؟؟ انا كنت في الشغل ولما رجعت لقيت مراتي بتقول لي أن فريدة لمت حاجاتها وقالت انها هترجع لكم خلاص بعد ما جابت حقها وبما أني مفيش تاني قواضي هترفعها ..و لما مراتي حاولت معاها تخليها تستناني ما رضيتش، وقالت حابه تطلع لوحدها وانا قلت استنى يومين واطلع اشوفها .
ابتلع ريقه بتوتر واضاف بصوت يحمل الأسف
= بس يعني هي هتروح فين ممكن عند واحده صاحبتها ولا حاجه؟ اهدوا يا جماعه واكيد هنلاقيها .. انا والله فكرتهم رجعت هنا .
أدمعت عينيها في صدمة واضحة وهتفت بشهقة بكاء مرير
= أهدي ايه ونيله ايه؟ بنتي مش عندك امال فين؟ انا عاوزه بنتي هاتوا لي بنتي .
أمسك عابد قلبة بتعب وقاوم بشراسة عبراته التي تتحداه لتخرج من عينيه، و وضع أخيه يده على كتفه وربت عليه وهو يقول بحزن
= اهدي يا عابد هي اكيد بخير .
أغمض عينه بألم، ليصدر بذلك التوقيت صوت رساله من هاتف حسين الذي اتسعت عيناه بدهشة وهتف بلهفه شديد
= دي رساله من فريده !!.
كفكفت خيرية عبراتها بظهر يدها بانتباه و زوجها أردف قائلا بصوت مختنق
= بتقول فيها ايه اقراها بسرعه ممكن كاتبه فيها عنوانها؟.
فتح حسين الرسالة وبدأ بقراءة محتواياها بصوت عالي قليلا
« ازيك يا عم حسين شكراً على استطافتك لي ووقفتك جنبي عمري ما هنسي اللي عملته معايا بحياتي، وبتمنى ما تزعلش مني عشان كذبت على مرات عمي وقلتلها ان انا طالعه لاهلي وانا في الحقيقه كنت ماشيه لمكان تاني! طمن الباقي عليا قول لهم ما يقلقوش، انا هدبر سكن ليا وشغل وهبدا حياه جديده وانا بعيد عنكم وكده اريح ليكم ولي.. وانتم من البدايه اللي طردتوني وقلتوا لي ما لكيش مكان عندنا .. وانا فعلا ما بقاش ليا مكان معاكم .. دعواتكم ليا ومحدش يتعب نفسه ويدور عليا عشان مش هتلاقوني، حتي رقم التليفون اللي بعته منه الرساله هرميه واجيب خط جديد عشان ناويه أبدا حياه جديده ولوحدي!! زي ما عودتوني لما اتخليتوا عني في اكتر وقت محتاجه ليكم فيه.. مع السلامه.»
عندما انتهاء حسين من قراء الرسالة، أجهشت خيرية بالبكاء وظلت تتحسر بكلمات مختنقة عن اشتياقها لإبنتها التي رحلت ولا تعلم أين .
بينما لم يجد عابد كلمات تعبر عن ألمه لما افتراء بحقها وقام بتشويه ابنته بيده ، هوي فوق المقعد بصمت وهو يحمل كل همومه.
ترى ما الذي حدث لتهرب من الجميع؟؟ أو تهرب منه بالذات! والدها! وهل كأن لها ذلك الأب الذي استحقتة؟ هو ترك ابنته في وضع كذلك ولم يسأل عنها، إذن ماذا كان ينتظر ان تفعل بعد أن خذلها !! هو أراد الصالح لها، لكن هل يشفع له ذلك بما فعله معها؟ هل الندم بعد فوات الأوان يصلح الوضع.. وفي النهاية ذهبت وتركتهم برضاها ولم تعد !.
❈-❈-❈
في أحد المستشفيات، جاءت تسنيم راكضة بخطوات سريعة لتتفقد حالة مهرة بعد أن أنهت عملها المزدحم ، لكنها فوجئت بأن غرفتها كانت فارغة وعندما ذهبت لتسأل الممرضات في الاستقبال ، صُدمت بقولهم أنها رحلت مع أقاربها، تشنج فمها صارخة بإهتياج
= ده اسمه اهمال انا هوديكم في داهيه، يعني ايه اي حد يدخل ويقول لكم انه قريب المريضه تصدقوه على طول وتسمحوا لي ياخدها
أحمر وجهها من الغيظ بشدة، ونظرت لهم بنظرات حادة وهي تضيف بنبرة محتدة
= واللي جم خدوها دول مش اهلها انا لسه عارفه من أسبوعين ان ابوها مات واخوها اتقبض عليه وباقي افراد الاسره مستحيل يجوا ياخدوها بسبب المشاكل اللي حاصله بينهم.
ردت عليها أحد الممرضين ببرود حذر
= في ايه حضرتك هي عيله صغيره ولا احنا حابسينها هنا؟ وبعدين المريضه وهي مروحه معاهم سالناها هم دول فعلا اهلك؟ قالت لنا ايوه وراحت معاهم برضاها .. هنمنعها احنا بصفاتنا ايه بقى؟
أخذت نفسًا عميقًا للسيطرة على عواطفها وكانت صامتة وهي تفكر بجدية في الحديث، فمن الذي يمكن أن تذهب معه مهرة برضاها لأنها مستحيل تعود الي أهلها مرة أخرى بعد كل هذا؟ لتقول بصوت غير مسموع
= معقول يكون حد من الجمعيه جي خدها
اخرجت هاتفها من حقيبتها دون تفكير واجره إتصال هاتفي مع احد المشرفين بالجمعيه وسألتها عن مهره، لكن جاءتها الصدمة الأخري حينما اخبرتها المشرفه بانها لم تراها منذ فترة،
فجحظت عينيها في قلق عليها وتلاحقت أنفاسها وهي تقول بنبرة متوترة
= آمال مين اللي جم خدوها و مهرة ليه راحت معاهم، ياتري انتٍ فين يا مهره؟
❈-❈-❈
أعلن القطار صوت إنذار المغادرة حتى تستقل الركاب، بينما تحركت فريدة بخطوات ثابتة وهي تسحب الحقيبة خلفها ثم صعدت القطار وجلست فوق مقعدها بعد أن وضعت حقيبتها في الأعلى. المكان المخصص لها، كانت تفكر في رحلتها القادمة وتتساءل ما الذي ستلتقي به هناك أيضًا في تلك الحياة .. فتلك الأيام السابقة كانت تعيش في فندق ، حتى اتصلت بها أخيرًا صديقتها سماح و أخبرتها أنها وجدت وظيفة ومكانًا لها. جمعت كل الأشياء التي تخصها بالفندق وهبطت لتقطع أول تذكره لترحل من هنا إلي مكان آخر.. أو حياه جديده كما تتمنى .
أغمضت عينيها وحاولت النوم وتركت لرئتيها حرتين في التنفس واستنشاق الهواء ، ربما تتوقف عن التفكير في المجهول!
في ذلك الوقت على الجانب الآخر ، كانت مهرة تتحرك بخطوات بطيئة ومترددة بجوار وفاء ، التي كانت تنظر إليها من حين لآخر بابتسامة رقيقة وتمسك يديها لطمأنتها.
وهي كانت تبتسم لها إبتسامة مصطنعة دون أن تتكلم بكلمة واحدة ، وكانت تكافح لمحاولة تهدئة تفكيرها المحدود، ولم تكن تعلم لماذا وثقت بتلك السيدة ولجأت إلى شخص لا تعرفه لمساعدتها و رحلت معها. لكنها لم ترى شيئًا سيئًا منها حتى تذكرت الوقت الذي ساعدتها فيه عندما أتت إلى منزل زاهر وكانت تشعر بالتعب الشديد وكانت هي التي ساعدتها في ذلك الوقت ، وما زال صوتها يرن في آذانها وهي تصرخ بزاهر و تعاتبه بشدة على ما فعله بها، بالإضافة إلى أنها كانت الوحيدة التي عرضت مساعدتها دون مقابل بعد تسنيم المحامية !.
فحتى أهلها تخلوا عنها ، أو تركها البعض منهم بسبب الموت والدمار ، لتكون صريحة مع نفسها ، لم يضل معها أحد إلا تلك السيدة فقط.
لذلك لم تري أي خسارة كبيرة سترتكبها عندما وثقت بها و تري هل ستساعدها أم لا ، كما أخبرتها و وعدتها بحياة جديدة.. ركبت القطار مع وفاء وجلست بجانبها، لتنظر من خارج النافذة تراقب المارة، كانت مرتبكة وتراجعت للخلف عندما شدت وفاء على ذراعها لتنظر إليها وترى خوفها.. لكن وفاء تعاملت مع ذلك بهدوء وتفهم لأمرها .
لفّت ذراعيها حول كتفها وعانقتها مع ملامحها التي كانت أكثر إشراقًا وسعادة وبدأت تروي قصص عنها وعن شقيقها طه، وكانت تمازح بمرح أحيانًا لتزيل أي حواجز بينهما.
ارتعشت جفون مهرة خجلاً وهي تطل على وفاء، وشعرت أن كلماتها تتغلغل في روحها التي تكتفي بالصمت لكن ملامحها وعقلها بدأ ينتبه مع كل ما تقوله،و تدريجياً بدا أن الخوف يتلاشى عنها. وفي ذلك الأثناء تحرك القطار ليغادر إلى مكان بعيد .. أو حياة جديدة ربما.
يا لها من سخرية القدر! يعيش كل منا في هذه الحياة ويظن أنه الوحيد الذي يعاني ، وينظر إلى كل شيء من حوله وكأنه الوحيد المصاب في هذه الحياة... لا يعلم أن وراء كل إنسان قصة يعيش ويمر بكل ما فيها من خير و شر حتى يصل إلى نهاية قصته، ولكن ماذا لو كانت الرواية ليس لها ضمان؟ هل نقف في المنتصف ام تكتمل الرواية ونصنع نهايتها! نهاية جديدة .. بضمان !.
تمت بحمد الله "نهاية الجزء الاول"
نلتقي قريباً بعد أسبوع بالجزء الثاني من روايه بدون ضمان بإسم (حياة بعد التحديث)
إلى حين نشر الرواية الجديدة للكاتبة خديجة السيد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية