رواية جديدة لهيب الروح لهدير دودو - الفصل 7
قراءة لهيب الروح كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية لهيب الروح
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
بقلم الكاتبة هدير دودو
الفصل السابع
الحزن طغى على جميع العائلة لخبر وفاة عصام الهواري الأبن الأكبر لتلك العائلة، كان الجميع في حالة من الصدمة، صرخات مبحوحة اعتلت ليلًا معلنة عن الحسرة والآسى للخبر الفاجع الصادم للجميع.
كانت مديحة تبكي وتصرخ بعنف لاطمة فوق وجنتها بقوة ضارية
:- منك لله يا رنيم الكلب منك لله يا زبالة أنتِ تقـ تلي ابني يا زبالة منك لله ربنا ياخدك.
أسرعت جليلة تحاول تهدئتها مربتة فوق ظهرها بحنان وقلق عليها
:- اهدي.... اهدي يا مديحة ياحبيبتي عشان خاطر صحتك هو دلوقتي في مكان أحسن.
ابتعدت عنها باكية بعنف وأردفت بجمود غاضب
:- انتي بتقولي إيه يا جليلة هو لو كان جواد ابنك اللي مات كنتي هتقولي كدة اهدي ايه دة أنا هموت.
شعرت بنغزة قوية في قلبها من حديث مديحة الجارح والقاسي بشدة لكنها حاولت أن تخفي حزنها، واحتضنتها بهدوء متمتمة بتعقل
:- طب خلاص يا مديحة عشان خاطر أروى ما أنتي شايفة حالتها هي دلوقتي محتاجاكي جنبها.
كانت أروى تحاول أن تدعي الحزن أمام الجميع لكن الحقيقة داخلها أنها تتعامل مع الأمر بلا مبالاه وكأنه أمر طبيعي، حاولت سما أن تجعلها تهدأ، نهضت أروى مسرعة ما أن رأت جواد يدلف إليهم وانطلقت مقتربة منه ملقية ذاتها بين أحضانه ملتصقة به بشدة أزعجته لكنه لم يستطع التحدث أو الاعتراض تمتمت
بنبرة باكية حزينة
:- جـ... جواد شوفت اللي حصل.. المجرمة دي نفذت تهديدها كانت عاوزة تقـ تلني انا وماما واهي قتـ لت عصام مكانا المجرمة.
ابتعد عنها بخطواته صوب الخلف مربت فوق كتفها مردفًا بتعقل وجدية
:- اهدي يا اروى بلاش عياط انا هتصرف ولو هي القا'تلة فعلا قسما بالله ما هسيبها تتهنى يوم بس نتأكد الاول.
صاحت مديحة بغل وغيظ واقفة أمامه بغضب
:- تتأكد من إيه هي اللي قا'تلة وكمان ممسوكة قدام كل الظباط اللي هناك ايه هتستناها تعترف.
تنهد جواد بحرارة محاولًا التمسك بهدوءه أمام حديثها لحزنها على ابنها المتوفي منذُ قليل
:- مش كدة بس برضو لازم نتأكد الاول ولو طلعت هي هتتعاقب وتتسجن مش هي هتخرج ونجيب القاتل الحقيقي.
تمتمت بوعيد والشرر يتطاير من عينيها بغضب
:- البت دي لو طلعت هقـ تلها انا بأيدي دي قتـ لت ابني الز'بالة دي..
تطلعت نحو فاروق وتابعت حديثها بقسوة
:- فاروق البت دي لازم تاخد اعدام لو مخدتهوش هنفذه فيها انا بإيدي مش هتـ قتل ابني وتطلع منها تعيش حياتها عادي بنت **** دي.
اومأ برأسه أمامًا بجدية يوافقها حديثها القاسي
:- هيحصل يا مديحة اهدي بس حق عصام الهواري هيرجع غصب عن عين الكل والبت دي هتاخد اعدام كدة كدة واهلها مش هسيبهم في حالها كله هيتحاسب وبالجامد اوي، اللي راح مش أي حد.
غمغم جواد معترضًا بقوة على حديث والده
:- وهو أهلها مالهم يا بابا، اللي بتقوله دة غلط ومينفعش هي محبوسة وهيتحقق في القضية.
صاح فاروق بعصبية وحدة يطالعه بنظرات مشتعلة بالغضب
:- بقولك إيه متدخلش في اللي ميخصكش وهو أنا هاخد منك اوامر ولا ايه انت هنا مش في القسم ولا بتكلم ظابط معاك، ولا تكونش متعاطف مع البت دي اللي قـ تلت ابن عمك.
غمغم يرد عليه بجدية وخشونة والغضب يملأه هو الآخر
:- لأ يا بابا مش متعاطف معاها دي مجرمة وتستحق العقاب بس انا بتكلم على أهلها مش أكتر.
طالعته والدته ليصمت بهدوء
اقتربت مديحة من فاروق بشدة حتى لا يستمع أحد إلىحد وتمتمت بغضب من بين أسنانها
:- ارتاحت لما جوزتهاله أنت مرتاح كدة من اللي حصل، كل اللي حصل دة يا فاروق أنت سببه.
رمقها بنظرات حادة غاضبة وتمتم بعصببة مفرطة من حديثها الخاطئ
:- أنتي كنتي موافقة يا مديحة واشتريتي اهلها وعصام عمل فيها ما بداله مكانتش غلطتي لوحدي انتي وافقتي على كل حاجة.
تنهدت بغضب ثم تمتمت بقسوة وجمود والشر يلتمع داخل عينيها بشراسة
:- البت دي تبعت حد يربيها وهي جوة سيبك من حوار اهلها دة عشان مش هينفعني بحاجة انا عاوزاها تتربى وتتفضح صح عشان سيرة عصام متتجابش على لسانها.
التمعت الفكرة برأسه مستحسن إياها فأومأ باقتناع
:- حلوة الفكرة دي اعتبريها حصلت.
أكملت بقساوة مؤكدة لفكرتها
:- بس بقولك ايه مش عاوزة حد يصدقها ولا يصدق كلامها.
انهت حديثها وسندت رأسها فوق كتفه وتمتمت باكية
:- ربنا ينتقم منها رنيم دي..
ظل جواد كما هو صامت لم يتحدث معها لم يستطع تصديق فكرة أنها استطاعت فعل شئ هكذا، كيف فعلتها وهو يراها رقيقة لم تستطع قـ تل حشرة، كيف ستقتل عصام؟! عقله يربط ماحدث بما يراه عندما كانت قابضة فوق عنق زوجة عمه وتتوعد بقتلها، صراع كبير بداخله، أفكار متضادة لبعضها ولا يعلم أيهم الصواب؟!
لكنه لم يصمت على فعلتها لن يتركها تفلت من العقاب أن كانت هي المجرمة على استعداد أن يبدل قلبه بحجر كبير ويثأر لحق ابن عمه الذي قُتل.
ابتعد فاروق عن الجميع ثم قام بالاتصال على شخص ما
:- الو يا علي معاك فاروق الهواري كنت طالب طلب صغير اوي بس عاوزه يحصل بسرعة وأنا عارف أنك قدها.
أجابه الشخص الآخر بلهفة
:- اؤمرني ياباشا واحنا نطول نخدمك دة أنا عنيا ليك.
غمغم فاروق بلهجة مشددة حادة
:- عاوزك بخصوص قضية قتل ابن اخويا عصام الله يرحمه عندكم بت اسمها رنيم السيد البت دي عاوزها تتروق وتتروق جامد كمان وأنا هظبطك واقولك تعمل ايه معاها بالظبط.
بدأ يقص عليه ما يجب فعله معها بجميع التفاصيل.
أجابه الآخر بطمع يلمع بداخله
:- بس كدة اعتبره حصل يا باشا.
أغلق معه ببرود تام متطلع حوله بحذر خوفًا من أن يراه أحد أو يستمع إليه..
❈-❈-❈
القاها الظابط في الزنزانة الخاصة بالمجرمين.
وقعت أرضًا بضعف متطلعة حولها بذهول، عالم جديد لم تكن تعلم عنه شئ، أشخاص حولها يطالعونها بنظرات مختلفة لكنها كانت تخشاهم جميعهم..
انكمشت مع ذاتها في صمت بخوف من همس بعض الجالسات حولها من الواضح أن الحديث عليها بالطبع.
انغمست في تفكيرها في كل ماحدث معها فجأة دون أن يستوعب عقلها كل ذلك.
بدأت تبكي بحسرة وقلب مقهور مدمر من قسوة الحياة عليه، دموعها لم تجف من فوق وجنتيها ولو لوهلة واحدة، وداخلها العديد من المشاعر الحزن الضعف، الرعب والخوف، شاعرة أن الحياة بأكملها مجتمعة ضدها، حزينة على كل ما فعلته بها الحياة القاسية عليها بضراوة..
شرد عقلها فيما حدث معها قبل مجيئها إلى هنا لعلها تعلم كيف حدث ذلك.
لكنها تفاجأت بتلك السيدة التي تقترب منها بأعين حادة مثبتة عليها والغضب يتطاير منها انكمشت رنيم على ذاتها برعب وتمتمت متسائلة بخوف وقلق ودموعها لازالت تسيل فوق وجنتيها
:- ا... أنتي مين؟! وعـ... عاوزة إيه مني؟!
ضحكت السيدة بصوت مرتفع بطريقة مقززة واكملت طريقها مقتربة منها أكثر مما جعل رنيم تزحف إلى الخلف برهبة وخشية حتى التصقت في الحائط، وتمتمت ترد عليها بطريقة مقززة
:- هتعرفي يا عنيا حالًا دة أنتي هتتروقي صح.
شعرت أن قلبها سيتوقف من الرعب الذي ملأه فتمتمت متسائلة بارتياع ونبرة متلعثمة
:- ا... انتي قـ... قصدك ايه أنا معملتش حاجة.
لم ترد عليها السيدة بالحديث بل انقضت عليها وبدأت تسدد لها ضرب مبرح تصفعها بقوة فوق وجنتيها جعلت الدماء تسيل من فمها وأنفها ركلتها بقدمها بعنف تحت صرخات رنيم المتوسلة المستغاثة حتى تتركها لكنها لم تبالي.
لم تكتفي بضربها فقط بل فجأة مزقت ثيابها وبدأت تنزعها عنها بعنف حاولت رنيم التمسك بثيابها الممزقة لكنها لم تستطع بجانب قوة السيدة التي أمامها بدأت تجردها من ثيابها بالقوة رغمًا عنها ووضعتها داخل كسوة الفراش جيدًا وعادت إلى الخلف مبتعدة عنها بعدما انهت مهتمها التي جاءت من أجلها.
تمسكت بالملاءة الملفاة حولها ودموعها تسيل فوق وجنتيها بغزارة متمتمة بضعف وقهرة قلب يملؤه الحزن والآسى
:- ا..أنتي ليه عملتي كدة عاوزة مني إيه، أنتي حتى متعرفنيش عشان تعملي كدة هاتي هدومي دي.
ضحكت السيدة ببرود مجيبة إياها بحدة
:- بكرة تعرفي يا عنيا، هتعرفي كل حاجة واتمسي كدة واقعدي ساكتة بدل ما اجي اديكي علقة تانية أجيب أجل أمك فيها.
جلست رنيم تبكي بضعف غير قادرة على فعل شئ لذاتها، لم تستطع الدفاع عن ذاتها أمام تلك السيدة التي فعلت بها كل ذلك.
فاقت من شرودها عندما علمت أن الظابط يريدها للتحقيق معها.
وقفت أمام المكتب في انتظار دلوفها إلى الظابط للتحقيق معها في ذنب لم ترتكبه سوى بالخطأ، لكنها تلك الحمقاء لا تعلم ما الذي ينتظرها في تلك اللعبة الحقيرة التي ستكون هي بطلتها لكنها بطلة كالدمية يفعل بها الجميع ما يريدوا.
في الداخل كان يقف أمام الظابط شخص ما والذي عرّف نفسه أنه الحارس الخاص بالمكان الذي تواجد به جريمة القتل.
تحدث الرجل بجدية محاولًا أن يخفي بها قلقه
:- انا سعيد البواب يا باشا.
اومأ الظابط برأسه وهتف متسائلا بجدية حازمة
:- قول بقى كل اللي شوفته من الأول لغاية ما عصام باشا اتقتل.
أجابه بثبات وثقة تؤكد جميع كلامه
:- ياباشا الست رنيم كانت جاية مع واحد تاني غير عصام بيه وكان بقالهم كم يوم مع بعض في المكان بعدها لقيت عصام بيه جاي وسمعت دوشة وزعيق ولقيت الراجل اللي كان جاي في الأول مع الست رنيم نازل يجري وهو بيلبس هدومه ياباشا، بعدها سمعت زعيق بين عصام بيه ورنيم لغاية ما سمعت صوت ضرب النار يا باشا.
أكد على حديثه ثم خرج ليلتقط بعدها أنفاسه بصعداء بعد انتهاء مهمتة الغير عادية..
وقفت رنيم أمام الضابط المسؤول عن التحقيق معها ترتعش برعب لأول مرة تتعرض لموقف هكذا، تمتمت بضعف وخفوت
:- مقتلتوش أنا مقتلتوش والله معملتش حاجة معرفش ازاي حصل كدة.
لم يهتم الظابط لحديثها الكاذب بالنسبة له، وهتف متسائلًا بحدة ولامبالاه
:- احكيلي بقى كل اللي حصل من الأول أحسنلك وسيبك من شغل الهبل دة مش هيخيل عليا قتلتيه ازاي ومين الراجل اللي كان معاكي بدل ما تشيليها لوحدك.
حركت رأسها نافية وصرخت رافضة لحديثه
:- لااا لااا والله ما عملتها مقتلتوش مقدرش اصلا اعمل كدة، والله ما قتلته ومش معايا حد غيره مكنش في حد غير عصام والله.
نهض مقتربًا منها صافعًا إياها بعنف ولا مبالاه، هدر بها بغضب
:- بقولك إيه يابت وقفي الهبل دة انتي مقبوض عليكي متلبسة بروح أمك وماسكة اداة الجريمة في ايدك فاتعدلي كدة احسنلك والبواب لسة خارج من هنا وحاكيلي انك كنتي جاية مع واحد غير جوزك فاعترفي احسنلك.
وضعت يدها فوق وجنتها بضعف مرتعشة الشفتين ودقات قلبها تخفق بسرعة عالية بداخلها برعب ضاري، والدموع تسيل من عينيها بشعور يصاحبها دومًا وما هو سوى الحزن والقهر..
دار حولها ببرود لكنه جعلها تشعر بالرعب أكثر من مصيرها القادم، باغتها بسؤاله الماكر
:- مين اللي كان ضاربك كدة بعد ما شافك مع الواد.
توترت بشدة تود أن تجيبه إجابة تعود عليها بالنفع لكنها لم تعلم، فتمتمت بصدق وقلق
:- ايوة هـ...هو عصام اللي عمل كدة وفي ضرب من واحدة جوة.
ضحك الظابط ببرود وكأنه وجد الحل مأومأً برأسه بمكر
:- هو كان بيضربك عشان خيانتك ليه وواضح أنه جامد فانتي اتعصبتي وجبتي المسدس وقتـ لتيه عشان تنقذي نفسك من الفضيحة وقولتي المكان مقطوع تعرفي تهربي.
صُدمت من حديثه واتهامها بالخيانة،حركت رأسها نافية بخوف وتعب نعم هي كانت تفكر في ذلك الأمر أثناء تطاوله عليها لكنها لم تستطع فعلها
:- لـ... لأ لأ والله ما قتلته ماهو اصلا بيضربني على طول من اول جوازنا وقدام أهله كمان ومقـ تلتوش هقـ تله المرة دي ليه وبعدين خيانة إيه أنا كنت رايحة مع عصام.
صاح بها بعنف، فأمامه هي كاذبة مذنبة لم تعترف بجريمتها
:- بقولك إيه الأنكار مش هيفيدك البواب لسة معترف بكل اللي شافه اللي بتعمليه دة بيضرك.
أغلقت عينيها أمامه بضعف رافضة لحديثه الخاطئ محاولة الدفاع عن ذاتها بصدق
:-لأ..لأ والله معملتش كدة بس أنت بتقولي حاجات محصلتش اعترف بيها ازاي، بعدين مكنش فيه بواب في المكان أنا مظلومة والله معملتش حاجة ولا قتـ لت عصام وجيت مع حد غيره كل دة كدب.
ضحك ببرود مضيفًا بسخرية لاذعة لم يحمل حديثها بجدية
:- لا متخافيش كان قبلك هنا يجي مليون واحدة وكلهم بيقولوا نفس الكلام لأ وبيحلفوا كمان زيك كدة.
وجدته يأمر مَن يقف أمامها بنبرة آمرة متعجرفة
:- خدها عالحجز عشان هي معملتش حاجة ومقتلتش حد.
قال جملته الاخيرة ساخرًا منها ومن حديثها التي تدافع به عن ذاتها،
قبل أن تذهب تمتمت بضعف منكسرة
:- طب ا.. انا عاوزة هدومي هـ... هما خدوها مني هناك..
أجابها الظابط ببرود ولا مبالاه
:- ملكيش حاجة هنا أنتي جاية هنا كدة يلا خودها الزنزانة.
عادت مرة أخرى إلى الزنزانة لكنها تفاجأت عندما لم تجد السيدة التي قامت بالتعدي عليها قد اختفت تمامًا وكأنها لم تكن هُنا.
اقتربت من إحدي السيدات وتمتمت متسائلة بخفوت وضعف
:- هـ... هي فين الست اللي كانت هنا وضربتني وخدت هـدومي.
باغتتها بإجابتها الصادمة بالنسبة لها
:- ست مين انتي محدش جه جنبك اصلا يا حبيبتي.
طالعتها بصدمة وقد فهمت ما يدور حولها لعبة مدبرة ضدها، وقد نجحت بالفعل.
جلست تبكي بقهر والحزن يملأ قلبها من الظلم التي تتتعرض من دون أن تفعل شئ يستحق.
لا تعلم لما كُتب الحزن على جبينها؟! كانت تظن أنها بموت عصام ستتبدل حياتها السوداء القاسية إلى أخرى وردية سعيدة، لكن ما تراه الآن هو أسوأ من كوابيسها، هي متهمة بقتل عصام زوجها وأيضًا خيانته، كل شئ مدبر لجعلها هي الجاني بدلًا من المجني عليها بأفعال عصام المختلة..
❈-❈-❈
بعد مرور يومين
كانت رنيم تجلس في أحد اركان الزنزانة بانكسار وحزن يملأ قلبها المحطم بداخل قفصها الصدري، تود الصراخ حتى تنقطع أحبالها الصوتية لكنها تستحي أن تفعل، دموعها لم تتوقف لحظة واحدة.
لا تصدق أن حياتها ستنتهي في شئ لم تفعله، هل حقًا ستقضي بقية عمرها هُنا تعاقب على فعل لم تقوم به.
قطعت شرودها عندما استمعت إلى الحارس الذي يصيح بأسمها بخشونة حادة
:- فين رنيم السيد.
تحاملت على ذاتها لتنهض بقلق شاعرة أن قدميها لم تعد تتحملها لكنها مجبرة على التحمل رغمًا عنها، وتمتمت بضعف وخفوت
:- ا... ايوة أنا... أنا رنيم.
استكمل حديثه بجدية وخشونة
:- تعالي اخلصي في حد عاوز يشوفك.
طالعته بذهول غير مصدقة حديثه، مَن سيأتي لرؤيتها هي حقًا ليس لها أحد ليسأل عليها، تخلى أهلها عنها منذُ زمن وبالطبع لن يعودوا إليها الآن، وعائلة عصام آخر ناس يريدون رؤيتها فمَن الذي يريدها الآن؟!
عقلها قد وصل إلى حل مرضي من الممكن أن يكون محسن لما لا؟! يود التحدث معها بعد فعلته الحقيرة معها وتخليه عنها.
فاقت على صوت أحدى السيدات التي صاحت بها بحدة غاضبة
:- ما تخلصي يا اختي روحي وخلصينا ايه شغل السهتنة والاستهبال دة.
لم ترد عليها لأنها لا تعلم كيف بجب أن ترد على أمثال تلك السيدة لذلك سارت مع ذلك الحارس وتمتمت متسائلة بقلق
:- هـ... هو أنت متعرفش مين اللي عاوز يشوفني؟
أجابها نافيًا بصدق
:- لا بس بيقولوا انها واحدة مهمة دة الدنيا اتقلبت لما جت.
تفاجأت عندما دلفت بوجود مديحة الجالسة فوق الأريكة بشموخ والحزن بادي فوق قسمات وجهها، أردف الظابط بهدوء واحترام لمديحة
:- أنا هسيبك معاها يا مديحة هانم.
اومأت مديحة برأسها أمامًا بينما رنيم ظلت واقفة بجانب الباب تود الذهاب مسرعة هاربة من أمامها تخشى ماستفعله بها.
نهضت مديحة مقتربة منها بغضب عارم يعميها، وتمتمت بجمود حاد مشيرة بسبابتها نحوها
:- بقى انتي يا بنت ال*** يا وسـ*ـة بتقتلي ابني قسما بالله ما هسيبك.
قبل أن تفهم رنيم مقصد حديثها اسرعت تنقض فوق عنقها بغضب غارزة اظافرها بعنقها بقوة صرخت رنيم متألمة بضعف محاولة الدفاع عن ذاتها بلهجة ضعيفة مجهدة
:- مـ... معملتش حاجة... والله ما قـ تلته كل دة كدب والله ولا الله معملتش حاجة مقدرش اعملها اصلا والله..
بكت بعنف حتى تجعلها تتركها لكن مديحة ظلت قابضة فوق عنقها حتى وجدت أنفاسها بدأت تقل وتغمض عينيها فتركتها ببرود
:- اقسم بالله ما هسيبك انتي اتجرأتي وقـ تلتي ابن الهواري يا زبالة.
ظلت تلتقط أنفاسها بصعداء وصوت مرتفع ثم أجابتها بنبرة مرتعشة خائفة من أن تفعل بها شئ آخر
:-و... والله ما أنا مش أنا اللي قتلته ولا خونته ولا أي حاجة من اللي بتتقال والله ما عملت حاجة معملتش حاجة أنا مظلومة.
لم تهتم وتبالي بحديثها بل جذبتها من شعرها بقوة مغمغمة بنبرة تهديد حازمة
:- بصي يا بت انتي سيرة ابني متجيش على لسانك ولا اللي كان بيعمله يتفتح احسنلك قسما بالله هجيب اللي يقتلك وانتي مرمية هنا زي الكلبة.
اومات برأسها أمامًا برعب متألمة من قبضتها القوية فوق شعرها، ولازالت تحاول تلتقط أنفاسها بصعوبة
:- خـ... خلاص خلاص كفاية سيبيني مش هقول حاحة بس خرجيني من هنا والله ما قـ تلته والله ما عملت حاجة ولا خو'نته حتى كل دة ظلم خرجيني من هنا.
طالعتها بغضب وأعين يملأها الشر مودة قـ تلها في تلك الوهلة انتقامًا لثأر ابنها الذي قـ تلته، أطاحتها أرضًا بعنف صائحة
:- اخرجك يا بنت ** دة أنا هاين عليا اخد روحك بايدي وابرد ناري بس حقي هاخده كدة كدة، انتي لسة متعرفيش اللي هيحصلك على ايدنا كلنا، جواد مستحلفلك وناوي على قـ تلك، هو وفاروق موصيين عليكي توصية صح عشان حقنا يا وسـ*ـة.
لا تعلم لما بكت بعنف عندما علمت بما يفعله جواد، توقعت عدم تصديقه والوقوف بجانبها، لكن كم هي حمقاء هل حقًا تتوقع وقوفه معها ضد ابن عمه الراحل بالطبع لا هي ليس لها أهمية بجانب ابن عمه.
تمتمت بضعف والدموع تملأ وجهها
:- أ... أنا مقـ تلتوش والله مظلومة.
لم تهتم بحديثها بل سارت نحو الخارج بعدما طالعتها بازدياء محتقرة متمتمة بنبرة تحذيرية
:- قسما بالله لو بوقك اتفتح بكلمة على ابني اللي قتـ لتيه هـ قتلك هنا وأنا نفسي اعملها يا خاينة يا وسـ*ـة طول عمري كنت شاكة فيكي وفي أخلاقك ال*بالة اللي زيك بس المرة دي جوايا نار مش هتطفي غير بروحك يا رنيم بروحك سمعاني.
تفوهت جملتها الأخيرة بشر والنيران تتآكل في قلبها على خسارة ابنها تود أن تنفذ تهديدها وتطفئ نيران حزنها على ابنها الوحيد بقـ تل رنيم لكنها ستنتظر حكم إعدامها المؤكد لها من الجميع.
خرجت بغرور وشموخ وجدت فاروق لازال ينتظرها بسيارته في الخارج جلست بجانبه غمغم متسائلا بحزم
:- عملتي اللي عاوزاه وارتاحتي كدة.
اومأت برأسها وتمتمت بمكر وتشفي
:- اه يا فاروق كنت هروح فيها لو مشوفتش البت دي وهي مذلولة قدامي وملفوفة بالملاية زي الناس ال*بالة اللي زيها بتدفع تمن روح ابني اللي خدتها وتبكي بدل الدموع دم.
أجابها بتعقل وجدية وهو لازال غير راضٍ على تلك الزيارة التي تمت
:- خلاص كدة كدة عملتي اللي عاوزاه مع أن كل دة ملوش لازمة وانتي عارفة كويس اوي أنها مش هتفتح بوقها بعد اللي حصلها وهتدفع تمن اللي عملته وهتتربي وهي جوة بس أنا ريحتك اهو.
تحدثت بمكر وخبث عالمة جيدًا نتيجة حديثها السام
:- اه عارفة بس قولت اعمل كدة للأمان احسن تفضح السر اللي من سنين.
تحولت ملامحه بغضب وصاح بها بلهجة مشددة غاضبة
:- مـديـحـة... بلاش الكلام دة احسن البت متعرفش حاجة اصلا حتى عصام عن نفسه ميعرفش حاجة عشان يحكيلها يبقى تسكتي خالص ومتفتحيش سيرة الموضوع دة أحسنلك.
خشيت من نبرته التي تحولت فأردفت متسائلة بتوتر وارتباك
:- قصـ.. قصدك إيه يا فاروق؟
صاح بها بحدة ضارية غالقًا ذلك الحديث السام
:- قصدي أنك تسكتي خالص وتقفلي الكلام دة يا مديحة.
اومأت له أمامًا ملتزمة الصمت كما أخبرها حتى لا تجعله بغضب عليها خاصة أنه أصبح في ذلك الوقت أكثر عصبية وأسرع غضبًا..
جلست رنيم في الزنزانة مرة أخرى تفكر في حديث مديحة، تتمنى وجود أهلها معها لكنهم تركوها من زمان وكأنها شئ ليس له أهمية، خشيت من تهديد مديحة لها، وقد آتى في عقلها سؤال هام هل هم من جعلوها تظهر بصورة الخائنة الزانية؟ هل هم من جعلوا تلك السيدة تفعل بها ذلك أم شهص آخر تظن أن محسن هو السبب في كل مايحدث لها؟!
شعرت أن عقلها سينفجر من فرط الضغط الذي به، وقلبها حزين على تخلى الجميع عنه، كانت حمقاء تتوقع وجود جواد بجانبها لكنه كيف سيفعلها وهي أمامه قا'تلة لابن عمه الذي كان بمثابة شقيقه هو فقط سيجاهد لاجل أن تُعدم ويعود حق ابن عمه.
❈-❈-❈
في الصباح
وجدت الحارس يصيح باسمها مجددًا ليخبرها أن أحد يريد رؤيتها وقفت في حيرة مستمعة إلى احد السيدات المتحدثة بسخرية
:- قومي يا ست رنيم زوارك كتروا كل يوم قومي ياختي.
اقتربت من الحارس متسائلة بقلق تخشى أن تكون مديحة عادت إليها مرة أخرى لتنفذ تهديدها
:- هـ.. هي نفس الست اللي جت قبل كدة.
رد يجيبها نافيًا
:- لا مش هي المرة دي لأ ويلا ياختي خلصينا مش هتتسايري معايا.
تراجعت بخطواتها نحو الخلف برعب متمتمة بتراجع
:- لـ... لأ لأ انا مش عاوزة اقابل اللي جاي مش عاوزة.
أسرع يقبض فوق ذراعها جاذبًا إياها منه بعنف ليجعلها مجبرة على السير معه رغمًا عنه
:- لأ اخلصي ياختي المرة دي مش بمزاجك لازم تروحي.
لم تستطع الإفلات من قبضته القوية فسارت بقلة حيلة لترى مَن الذي يريد رؤيتها تلك المرة لكنها تفاجأت عندما وجدت جواد هو مَن يريدها.
وقغت أمامه بخجل وحزن ودموعها سالت فوق مجنتيها متمسكة بالملاءة التي حولها بضعف، وأسرعت تحاول الفرار من أمام عينيه والخروج من الغرفة لكنه هدر بها بعنف يستوقفها
:- استني عندك أنتي رايحة فين اقفي قدامي.
تمتمت منكسرة بخفوت ونبرة ضعيفة شبه هامسة
:- ا... ابعد عني يا جواد خليني امشي مكان ماكنت.
صحح لها بحدة ونبرة مشددة حازمة
:- جواد باشا... جواد باشا هو اللي قدامك.
استمعت إلى صوت تحطيم قلبها بداخلها لأول مرة ترى قسوته عليها، تود الصراخ بكل قوتها لكنها لن تستلم أمامه وقفت أمامه بغضب وتمتمت بعصبية بعدما فقدت السيطرة على ذاتها
:- وأنت يا باشا عاوز إيه من واحدة زيي وجاي ليه اصلا دة انا مجر'مة حتى وقـ ـتلت ابن عمك وخو'نته قبلها.
لم يتوقع أعترافها له بتلك السهولة أسرع قابضًا فوق
ذراعها بغضب وصاح بها متسائلًا بحدة ولازال تحت تأثير صدمة حديثها
:- لـيـه لــيـه قتـ لتيه عملك إيه بستاهل منك كل دة، دى اتجوزك وعيشك عيشة متحلميش بيها ليه تعملي كدة أنتي.
تابع بوعيد حاد وغضب يملأ أوداجه
:- قسما بالله ما هسيبك وهرجع حقه منك، واحدة زيك متستاهلش حاجة حلوة زي ما كان معيشك.
ضحكت مستهزءة لحديثه بسخرية وأسرعت ترد عليه بغل وحقد شديد متذكرة أفعاله بها المختلة منذ بداية زواجها بها حتى قـ تله، متذكرة الآمها على يده في كل لحظة مرت عليها، قـ تله لطفلها داخل احشاءها وحرمانها من شعور الأمومة للأبد بسبب ما فعله بها كل ذلك ويرى هو انها عاشت حياة لم تحلم بها، هي كانت تعيش معه كابوس طويل مؤذي لها فقط
:- هـو يستاهل هو ميستاهلش غير القـ تل لو في ايدي اقـ تله تاني هعملها، هعملها تاني وتالت ومش هتردد لحظة واحدة.
يُتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هدير دودو، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية