-->

رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 28

 

قراءة رواية نزيلة المصحة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


قراءة رواية نزيلة المصحة

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الثامن والعشرون

بعد وجبة غداء دسمه.. أُعدت بيد سماح أخت حمزه، بمحبة بالغه..عاد الثلاثه الي غرفة سرد الحقائق مرة أخري.

وعاد حسام لإكمال الحكاية.. من حيث توقف.

 فأردف فور إنتهائة من فنجان قهوته، بعد إنتهاء حمزة مباشرة، فحمزه آخر الشاربين؛ بسبب طقوسه، وأول المنتهيين بسبب لهفته ومحبته.

حسام:

ومن يومها وبدأت الحياة تستقر نسبياً، المعاش رجع، وبطلت شغل، فابالتالي كريمه بطلت تخرب ورايا. وود بقت تروح المدرسه وترجع علي أيدي.

وبدأت تصليح في عربية عمي، كل شهر أصلح فيها حاجه، علي حسب المبلغ اللي يفضل مع أمي، من مصروف البيت..

لغاية مااتصلحت خالص، ورجعت تاني وقفت علي رجليها، وأبتديت شغل بيها بعد الجامعه.

 وبصراحه كانت بتجيب فلوس حلوه، كنت منها بصرف علي جامعتي.. وأشيل نصيب ود من الفلوس مع امي..ولو فيه حاجه فضلت كنت بديها لأمي.

واستمر الحال دا سنه.خلالها كانت الأمور كلها عاديه، ونجحت ود واتنقلت لتانيه ثانوي، وأنا للأسف فالسنه دي.. مع كل اللي شوفته ومريت بيه، مقدرتش أعدي منها فطلعت بمواد وعدت السنه. 

لكن أمي مزعلتش- ولا ادايقت مني، بالعكس؛ دي فضلت تهون عليا وتقولي: "معلش.. واللي انت شوفته فالسنه اللي فاتت دي؛ مكنش شويه". وكلام كتير، قدرت بيه فعلاً أنها تخفف عني. 

وفوق همنا دا وزعلنا، كأن كان ناقصنا اللي عملته كريمه فيا أنا وأمي بعد كده؛وشماتتها اللي حتي لو مبينتهاش.. متاكدين انها حاسه بيها ناحيتنا. 

واللي أكدلي دا، وبينلي اكتر سواد قلبها، صدفه كشفتلي حاجات، مكنتش أتخيل أن. ممكن كريمه تعملها، لما في يوم.. المفروض أني كنت أفضل شغال فيه، لغاية الساعه ٢ بالليل مثلا، أو ٣زي مامتعود كل يوم آخد وردية الليل.. لكني في اليوم دا حسيت بشوية تعب - وإجهاد، وأني مش قادر أكمل، وقررت أني هرجع البيت، وكانت وقتها الساعة ١٢.. وأمي كانت بايته في اليوم دا عند خالتي، وحتي ود أخدتها تبات معاها؛ لأن بنت خالتي الكبيره بتتجوز..

وأمي قالت آخد ود تغير جو، وتقعد مع البنات شويه. 

رجعت البيت، وفتحت الباب، ودخلت، واتفاجئت بريحة وحشه قوي فالشقة، زي ريحة حاجه معفنه كده، أو فضلات حيوانات بتتحرق، أصل أنا عارف الريحه دي كويس؛ من لما كنت بكنس الشارع بتاعنا أنا وأصحابي، ونولع فى الزباله وفضلات القطط والكلاب. 

دخلت الشقه بشويش؛ عشان أشوف أيه دا؟ والريحه دي جايه منين! ولقيت إن الريحه والدخان طالع من أوضة كريمه، من تحت عقب الباب!. 

وكان جاى من الأوضه كمان. صوت غريب، بيقول كلام مش مفهوم! 

قربت ودني من الباب؛ عشان اعرف اسمع كويس.. لكني برضوا مقدرتش أفسر الصوت بيقول أيه؟ خدني الإستغراب أكتر! فوطيت عشان أبص من خرم المفتاح؛ وأشوف أيه اللي بيحصل جوه دا مع كريمه! 

وأتفاجئت بكريمه قاعده علي الأرض.. وقدامها بخور.. وفاتحه قدامها كتاب  وبتقرا منه بصوت مخيف، وراسمه علي الأرض رسومات غريبه! وقدامها طبق فيه بيض، مكتوب عليه بلون أحمر. 

بعدت عن الباب، وأنا مش مستوعب اللي أنا شفته!؟ 

معقوله كريمه بتعمل سحر؟ 

رجعت وطيت تاني، وبصيت من الباب مره تانيه، والمرادي شفتها ماسكه عروسه قماش صغيره، وبتلف خيط حواليها.. بتلفه علي كل حاجه فيها، وفي الآخر بقت تبل صباعها من طبق قدامها فيه سائل أحمر وتدهن بيه العروسه.. وبعد ماخلصت العروسه الأولانيه، مسكت وحده تانيه، وعملت فيها، زي ماعملت في الأولي بالظبط.

 وبعد التانيه مسكت وحده تالته. 

وبعد كده بطلت قرايه، وقامت وقفت علي حيلها.. أنا بقي أول ماعملت كده، جريت واستخبيت في المطبخ.. قبل ماتشوفني؛ عشان أشوف هتعمل أيه؟! 

ولقيتها فتحت باب أوضتها، وخرجت منه، وهي ماسكه فأديها حاجات.. وراحت علي أوضة أمي، فتحتها ودخلت، وخرجت بعد دقايق. 

وعملت كده فأوضتي، وحتي فأوضة ود كمان! 

وبعدها دخلت أوضتها، وأبتدت تلم فالحاجات اللي كانت في الأوضه، وتتخلص منها. 

وبعدها دخلت أخدتلها حمام بسرعه، ودخلت أوضتها، طفت النور و نامت.. كل دا وأنا مستني في المطبخ، ومش راضي أخرج منه وتشوفني؛ وتعرف أني كشفت حاجه جديده من مواهبها الخفيه. 

وبعد ماأتأكدت كويس أنها نامت، لفيت في كل الأوض، وفتشت فيهم علي الحاجه اللي حطتها، ولقيتهم أخيراً.. 

كانو ٣ أكياس سود، فكل واحد فيهم دباره متعقده عقد كتير.. وفيهم حاجات تانيه، معرفش أيه هي، وفيهم كمان حتت قماش، كل حتة قماش، من حاجه تخص صاحب الأوضه المحطوطه فيها. 

أخدت الحاجه كلها علي أوضتي، وفضلت فاتحهم قدامي، وأسأل فنفسي:

" طيب أنا عارف أنها بتكرهني أنا وأمي، وعادي تلجأ لاقذر الطرق عشان تتخلص مننا، إنما ود! ود تعملها عمل هي كمان ليه" ؟! 

وهو دا السؤال، اللي ملقتلهوش إجابه أبداً، مع اني فضلت أحاول طول الليل. 

وتاني يوم الصبح، خرجت من أوضتي عادي، ومرضيتش أبينلها أي حاجه.. وعملت لنفسي فطار وفطرت، وأخدت الحاجه ونزلت بيها.. ورحت علي مشيخة الأزهر؛ وهناك طلبت مساعدة شيخ، يكون بيعرف في فك الأعمال، ووريتله الحاجه وحكيتله كل اللي حصل واللي شفت كريمه بتعمله..

 وهو إبتدا فوراً يقرا قرآن علي الحاجه، بعد ماحطها فمية وملح، وإبتدا يفك العقد اللي فيها.. 

بعد ماقالي:

-"إن الأعمال دي معموله بالخضوع والطاعه" . 

وأول ماقلي كده، طلبت منه تفسير أكتر لكلامه، وهو فسرلي، وقالي:

-"يعني اللي عامله العمل دا.. مسخره جن علي كل وأحد فاللي معموله عمل، الجن دا مهمته إخضاعه وإذلاله ليها، وإن الشخص دا يكون مسلوب الإرادة، وغير متحكم فقراراته، وأنه يطيعها فأي حاجه تقولها، وينفذلها أي أمر تأمر بيه. 

ومن هنا فهمت؛ كريمه ماشيه طول عمرها ازاي.

فهمت سبب خضوع عمي ليها بالشكل دا، وفهمت سبب خضوع ود هي كمان ليها، وتحكمها الكامل فيها بالطريقه دي. 

وبعد مالشيخ فك العمل، وطمني إنه خلاص مفيش حاجه.. سألته:

-هي طالما بتعرف تعمل الحاجات دي، وواضح أنها بتعملها من زمان.. ليه دلوقتي بس اللي فكرت تعملنا أنا وأمي؟ 

لقيته إبتسم وقالي:

-"ومين قالك إنها معملتش؟ ومحاولتش الاف المرات!.. بس كل محاولاتها دي فشلت؛ لأنك زي ماسألتك في الأول خالص وجاوبتني.. إنك محافظ علي صلواتك وأذكارك.. والست الوالده كمان زيك؛ وعشان كده انا طمنتك فبداية كلامي، بعد ماسألتك السؤال دا، وقولتلك متخافش مش هتحصلكم حاجه.. وتقدر تتأكد من كلامي دا بنفسك، لما تروح وتدور في أوضتك، وباقي البيت، ومتاكد إنك هتلاقي من دا كتير، لكن إرادة ربنا وحفظه ورعايته ليك، وبركة صلاتك واذكارك، منعت عنك الأذي. 

ولعلمك حتي لو مجتش بالحاجه دي، وفضلت مكانها؛ مكنش برضوا هيجرالك حاجه.. 

لكن جيتك دي نفعت البنت المسكينه اللي محصلها الاذي معاكم، إنت والست الوالده.. واللي معمولها سحر تجديد، وكان هياخد فيها بكل تأكيد؛لأن نجمها خفيف، وإنت قولت أنها مش بتصلي ولا ملتزمه بأذكارها. 

يومها رجعت علي البيت.. وأنا حاسس إني راجع لوكر إبليس.

دخلت إوضتي، وإبتديت بيها؛ فضلت ادور فكل مكان.. وزي ماقال الشيخ لقيت بلاوي فالأوضه.. وفأماكن متخطرش علي بال حد أبداً!. 

وبعدها دخلت أوضة عمي؛ بحجة إني هدور علي أوراق محتاجينها عشان المعاش.. وفضلت ادور فيها، وبرضوا طلعت بلاوي..

وبعدها اوضة أمي، لكن اوضة ود مرضتش أدخلها، ولا أدور فيها؛ لأن دخولي ليها، كان هيثير الشك والريبه في نفس كريمه. 

وأكتفيت باللي طلعته من التلات أوض، ووريته لأمي، وحكيتلها كل الحكايه، وأمي من يومها بقت بتتجنب كريمه، وبتخاف منها جداً.. وحتي مش بتخليها تمد إيدها علي أي حاجه من حاجة الأكل والشرب، ولو حتي بالصدفه. 

في الفتره دي ود إبتدت تتغير مع كريمه، وإبتدت تعارضها فحاجات كتير تقولها عليها.. بقت قريبه من أمي، اللي خلتها تصلي وتقرا قرآن، وتقول اذكار كل يوم الصبح وبالليل.. 

والحكاية دي كانت مخليه كريمه بتتحرق كل يوم ألف مره؛ 

زي الشيطان اللي بيتقرا عليه قرآن. وخاصة وهي سامعة القرآن، اللي أمي بقت تشغله فالبيت ليل نهار، وتشغل الرقيه الشرعيه. 

لكن كريمه طبعاً مبتستسلمش، وعشان كده.. كنت متوقع منها أي حاجه في الفتره دي، منتظر أشوف هتعمل أيه؟ وإنتظاري مطالش كتير.. لما جات فيوم قالت إنها مسافره البلد، عشان تزور وحده قريبتها تعبانه جداً، وطالبه تشوفها قبل ماتموت.. 

وصممت إن ود تروح معاها.. ولما لقت الكل رافض.. حتي ود! باتت يومها فأوضتها.. وفضلت طول الليل تعمل اللي أمر من السحر، واللي فعلاً جاب نتيجه، وخلي ود توافق تسافر معاها.. وهو الزن علي الودان. 

وتاني يوم فجرت قنبلة سفرها هي وود علي الفطار، وأخدت ود، وكانت محضره شنطتهم من بالليل، وطاروا علي البلد..

البلد اللي لا كنا عارفينها إسمها أيه؟

 لا أنا، ولا أمي.. ولا فين، ولا بيروحوها ازاي، 

وكريمه ولا مره ذكرت إسمها قدامنا حتي.. كانت دايماً تقول البلد وبس، ومحدش فينا إهتم يسألها؛ أصل هنسأل علي إسم بلدها ليه؟! 

وغابوا ٣ أيام ورجعوا.. 

رجعت كريمه، وبعد رجوعها ابتدت تحصل حاجات فظيعه.. أولها إن ود رجعت إتغيرت تاني، وبقت أنيل من الأول فطاعة كريمه، والعند مع الكل، ومخالفتها لكل الأوامر. 

أما أنا وأمي، فأحنا الاتنين بعد رجوعها بإسبوع.. إبتدت تظهر علينا أعراض غريبه! قيئ وإسهال.. وديق، وخنقه، وعصبيه، ومحدش فينا إحنا الإتنين بقا طايق نفسه، ولا طايق حد، وبقينا دايماً أنا وأمي فخناق مع بعض..

وكنت عارف إن دا من أعمال كريمه.. واللي مش عارف عملت إيه المرادي، خلته قدر يتمكن مننا؟ 

وكتير فكرت.. وحتي حاولت، إني أروح للشيخ بتاع الأزهر، لكن كان فيه حاجه مكتفاني، حاجه مانعاني إني أروح، وشاله كل حركتي، ومربطه أديا. 

وبقينا كل ما نحاول نصلي، أو نشغل قرآن في البيت أنا وأمي، ديقتنا بتزيد، ونحس إن روحنا بتطلع، فبطلنا خالص، وبقينا كل يوم، صحتنا في النازل، لغاية ماإبتديت أحس، إني بشم ريحة الموت حواليا، بشمها فأمي لما بتقرب مني. 

وقتها أخدت قرار.. بمجرد مافكرت فيه.. حسيت بحبل إتلف حوالين رقابتي، وحد بيشد فيه عشان يخنقني..

والقرار دا كان إني أروح للشيخ. 

وبالرغم من كل دا، قاومت وصممت ورحت تاني يوم مشيخة الأزهر.. وطلبت اقابل الشيخ.. اللي من اول ماشافني.. فضل يحوقل ويستغفر.. ومن غير مايسألني مالك عرف اللي بيا؛ 

لأن اللي فيا مكنش محتاج سؤال، وإبتدا فوراً يقرالي، 

وبمجرد ماعمل كده.. حسيت روحي بتتسحب مني..وشفت الموت قدام عيوني.. وبعد جلسة قراءه شفت فيها الويل.. 

والشيخ شاف عذابي فيها بعنيه، قالي إنها نجحت فسحري أخيراً،

 نجحت تستحوذ علي جسمي بالسحر الأسود السفلي، أقذر انواع السحر. 

سلطت عليا واحد من مردة الجن، وأقوي أقويائه، وأمي كمان زيي. 

وقالي إن طرده من جسمي شيئ صعب.. وإنه هيتعبني جداً، وإن هو مش هيقدر لوحده عليه، وسألني لو ينفع يستعين بصديق؟ 

وأنا قولتله:

-عادي معنديش مشاكل. وحددلي يوم تاني لجلسه، وطلب مني إني أجيب والدتي كمان معايا. 

ورجعت للبيت بعدها، وأنا تعبان وبالعافيه بمشي، كأني طالع جبل ونازل منه، وأول مارجعت حكيت لأمي كل حاجه..وبلغتها بميعاد الجلسه؛ في حال إني أنسي. 

❈-❈-❈


ورحنا في الميعد، وبعد عدة جلسات ومحاولات، شفنا فيها الموت أنا وأمي، نجح الشيخ ففك السحر عننا، وتحريرنا منه.. وأول حاجه عملتها بعد آخر جلسه، إني روحت فتشت فأوضة كريمه، وطلعت منها الكتاب والحاجات، اللي بتستخدمها في السحر، وحرقتهم قدام عنيها، وزي ماكل حاجه اتفحمت، وشها هو كمان إنطعن بالسواد. 

ومن يومها أنا وأمي، حطينا كريمه تحت حظر كامل.. لا تخرج ولا تدخل غير ورجل أمي علي رجلها.. ولا حتي تقعد فمكان الا وإمي جنبها، ولا تنام لوحدها بالليل الأ وأمي نايمه معاها فنفس الأوضه..

وتليفونها دايماً مع أمي، ودا خلي كريمه بقت زي ماتكون فسجن. 

وعدي علي الكلام دا بالظبط شهرين، وبنبص لقينا واحد جايلنا من البلد بتاعة كريمه، بيسأل عليها!

 وبيقول أنه جوز قريبتها من البلد، اللي كانت تعبانه وزارتها من فتره.. وأن مراته زاد عليها المرض، وجاي عشان ياخدلها كريمه تشوفها، أو ياخدلها فلوس منها. 

وبمجرد مابلغنا كريمه بوجوده.. وشها أتخطف.. وخرجت قوام عشان تقابله، والغريبه أنها أدتله كيس أسود.. من الواضح انه فيه فلوس، وكمان كان باين أن المبلغ اللي فيه مش قليل! وطلبت منه أنه ياخدالفلوس ويمشي وميجيلهاش مره تانيه، ويبلغ مراته سلامها، ويقولها كريمه بتقولك ربنا يشفيكي، وإن الفلوس دي آخر فلوس معاها، ومن بعدها مفيش أي فلوس. 

وبمجرد ماقالت كده الراجل إبتسم بسخريه، وفتح الكيس بص فيه، وحطه فجيبه، وانا فضلت واقف مراقب ملامحه المش مريحه بالمره.. وبصاته لكريمه اللي بتقول أن الحكايه مش حكاية تعب وفلوس أبداً.. 

وأن فيه سر بينهم أكبر من كده.. وفضلت مراقبه وهو بيبعد، وبيختفي من العماره، ومن الشارع، ومش عارف أيه اللي مخلانيش أروح وراه وقتها، ولا أحاول أعرف أيه حكايته مع كريمه؟ 

لكن هي كده فيه حاجات.. بناخدش بالنا ليها غير بعدين.. بعد مالموقف يعدي، وبنفضل نلعن فغبائنا وبلاهتنا اللي سيطروا علينا وقتها. 

وبعد اليوم دا.. رجعنا تاني لروتينا العادي، واللي كان مش مريح أبداً، لا ليا ولا لأمي؛ وأحنا طول الوقت عاملين زي الحراس، ولازم عيونا تكون دايماً مفنجله؛ أنا علي ود، وهي علي كريمه. 

كتيير طلبت من أمي أننا نطرد كريمه، ونطلعها من حياتنا.. لكن أمي كانت دايماً تقولي:

" لا يابني، هي كده قدام عنينا وآمنين شرها، لو بعدت ياعالم هتعمل فينا أيه.. خلي دايماً عدوك قدام عنيك." 


-تبسم الطبيب حمزه؛ فور سماعه لجملة حسام هذه.. فهي نفس الجمله التي قالتها كريمه على أمه.. وبنفس الأحداث، ولكن الأدوار قد قُلبت.. فالظالم أصبح مظلوم، والبريئ أصبح متهم..

ولا يعلم حمزه أي القصتين أصدق؟ 

ولكنه أخفي حيرته؛ كي لا يتوقف بسببها حسام عند هذه النقطه؛ ويحاول ألايضاح له أكثر، وهو يريد أن يتعجل حسام بالمضي قدما في الحديث، كي ينال أكبر قدر من المعلومات في مرة واحده، والإثباتات تأتي لاحقاً. 

وأنتبه لحسام الذي لايزال مسترسلاً في الحديث.. 

-وفضلنا في الهدنه المدعومه بالحراسه المشدده دي.. لغاية مافيوم جه لود عريس.

والعريس دا كان ابن الجيران من العماره اللي قصادنا.. 

وأتقدم لود هو ومامته، وجم بيتنا وأمي أستقبلتهم، وبعد مامشيوا كنا قاعدين كلنا مع بعض.. وكريمه وامي أول مره يجمعهم حديث مع بعض، من بعد اللي حصل وفضلوا يتناقشوا فأمر العريس.. 

والاتنين أول مره يتفقوا، علي أن ود مش هينفع تتجوز؛ وهي بالظروف دي.. وخصوصاً أن محدش عارف أنها كانت متجوزه قبل كده.. ولا فيه حاجه تثبت. 

وأمي قالت:

" ان دي مشكله وعقبه هتفضل فحياة ود للأبد، ومستحيل هتلاقي اللي يقبل بحاجه زي دي..وأنها ضيعت نفسها ومستقبلها". 

وبعد فترة سكوت من الكل.. ومحدش فيها كانت عنده الجرآه أنه يعترض علي كلام أمي منهم هما الاتنين.. 

تكرمت كريمه هانم وأقترحت حل، من وجهة نظرها هو الحل الوحيد والجذري للمشكلة؛ 

وهو أني أكتب كتابي علي ود، بمجرد ماتكمل ال١٨ سنه، وبعدها اطلقها، وبكده أبقي اديتها فرصه أنها تعيش حياتها بشكل طبيعي، بعد ماتبقي مطلقه، ودا هيحد من تساؤلات وإتهامات كتير ليها، وتقدر تتجوز وتكون أسرة.

وأمي سمعت الحل دا وبصتلي وسكتت، زي ماتكون بتسألني عن رأيي، ومش عارف ليه حسيت أنها راضيه - وموافقه-

بكلام كريمه!

❈-❈-❈


كل دا وأنا قاعد ساكت وبسمعلهم، وعيني علي ود اللي طول مابتسمع الكلام، لغاية اقتراح كريمه.. وهي باصه للارض وكل شويه ترفع عينها عليا، زي ماتكون مستنيه مني رأي؟.. أو مستنياني اقول حاجه.

لكن أنا مكنش عندي أي حاجه أقولها..

ولا حياتها الشخصيه بقي ليا علاقه بيها، من بعد اللي حصل.. ولا هحاول مجرد محاوله أني اصلحهالها؛ لأنها كانت روحي وطلعت من جسمي، والروح لو طلعت من الجسم مش بترجعله مره تانيه.

قمت من جمبهم، ودخلت أوضتي، برضوا من غير ماأتكلم، ولا أعقب علي أي حاجه من كلامهم، ولا حاسس أن مناقشتهم دي كانت تعنيني أصلاً. 

فردت جسمي ساعتها، وحاولت أنام.. بس مش عارف ليه وقتها النوم طار من عيني؟ وجاني هاتف يقولي.. "أنت ناوي تعمل أيه في حياتك الجايه؟ أيه خططك المستقبلية، طب أيه هو الهدف اللي حاطه ليك، وشايف مستقبلك عامل أزاي"؟ 

وأكتشفت أني عايش من غير هدف!..ولا خطط..ولا حتي بحاول أفكر في بكره.. بعد ماكنت باني كل حياتي الجايه علي ود ومعاها.. 

وباللي عملته دا، هدت كل حاجه سبق وبنيتها، وأنا دلوقتي حاسس أني مش عايز أرجع أبني من أول وجديد.. أو خايف أبني حاجه وأتعب فيها، وتتهد بعدين. 

وفضلت كده شوية، لغاية ماتعبت من التفكير.. وقررت أني أنزل أشتغل بالعربيه شويه، يمكن أعرف أتخلص من تفكيري دا، وأخرج بره حيرة عقلي. 


وفضلت أشتغل يومها لغاية الليل، وعملت مبلغ حلوا، ومش عارف ليه وانا راجع وشفت التين الشوكي، اللي بتحبه ود.. قررت اني اشتريلها منه! 

وخصوصاً أنها بقالها فتره كبيره مش بتخرج، ولا أكلته. 

وإشتريت علبه كبيره فيها حوالي ٢٠ وحده، وروحت بيها..وبمجرد مامديتهالها، وأخدتها من أيدي بإستغراب وفتحتها.. حسيتها طارت من الفرحه، وقعدت علي الكنبه وأخدت العلبه على رجلها، وإبتدت تاكل التين بسعادة كبيره. 

ومش عارف ليه في اللحظه دي.. مشفتهاش غير ود بتاعة زمان، بنوتي الصغيره، الطفله اللي ربيتها على ايدي، بنت عمي..وبنت قلبي، ولا ارادياً لقيتني ببتسم؛ وانا شايفها بتوقع من التين علي هدومها زي العيال الصغيره بالظبط. 

واتقدمت وقعدت جنبها، ومسكت منديل، وأبتديت أشيلها اللي بيقع عليها من التين.. بالظبط زي أيام الحادثه، وقت وقوعها من فوق المرجيحه، لما كانت تعبانه، وكنت بأكلها بأيدي، وأمسحلها الأكل اللي بيقع علي هدومها. 

ورجعت أفتكرت أيام زمان، وحتي هي الظاهر أنها حست نفس إحساسي، لأنها ابتسمت هي كمان وأنا بعمل كده، وفضلت باصالي كتير.. وكل دا كان بيحصل تحت أنظار، اللي كانت واقفه علي باب أوضتها، ومراقبانا.. وإبتسمت لما عيني جات عليها وقالتلي:

"حلوين حبه التين اللي بقرشين ساغ دول ياحسام، اللي جاي بتضحك عالعيله اليتيمه بيهم، وتحلل بيهم فلوسها، اللي بتلهفها فبطنك إنت وأمك؛ من عربية أبوها، والفلوس اللي بتيجي منها..دا أغلي تين دا ولا أيه؟ 

قالتها وضحكت ضحكه صفرا، ودخلت أوضتها وقفلت الباب عليها، وأنا فهمت اللعبه الجديده اللي هتلعبها، والحبل الجديد اللي هتلعب عليه.. وعشان كده سبقت أنا؛ وقولت لود أني بشيلها نصيبها من الفلوس اللي بتجيبها العربيه مع أمي، وإن حقها في الحفظ والصون، ولو تحب تشوف الفلوس بنفسها أوريهملها.. 

وإن أمي كانت بس مستنيه تكملهم مبلغ معقول؛ عشان تحطهولها فالدفتر بتاعها، عشان الفلوس تنفعها لما تيجي تدخل الجامعه أو تتجوز. 

وبالفعل أمي تاني يوم ورت الفلوس لود، وأخدتها وأخدت الدفتر بتاعها، اللي كانت شايلاه معاها، وراحت حطتلها ٤ تلاف جنيه علي الفلوس اللي فالدفتر،

ورجعت بيها علي البيت، وأخدت الدفتر شالته معاها مره تانيه. وبكده قطعنا الحبل اللي طلعت فوقه كريمه عشان تتحنجل، ووقعتها علي جدور رقبتها.

 يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة