رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 7 - 1
قراءة رواية حياة بعد التحديث
الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حياة بعد التحديث
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل السابع
الجزء الأول
وصل سالم وزوجته إلى إيطاليا. فتح سالم باب غرفة الفندق، ثم وقف سالم بجانبه ينتظر العامل ليضع الحقائب بالداخل ثم خرج يحاسبه، وحينها دخلت تسنيم إلى الداخل لتنظر إلى الغرفة بدهشة وإعجاب. نظرت حولها بنظرات مليئة بالحيوية والنشاط. ثم دخل سالم ليقول بلهفة.
= استني يا تسنيم!
لم تنتبة الي كلماته باهتمام كبير لكنها أومـأت برأسها بلهفه وتهللت أساريرها وصاحت بحماس
= استنى ايه؟ المكان جميل انت عرفت الفندق ده منين، مش مهم دلوقتي اعرف بعدين بص احنا نغير هدومنا بسرعه وننام شويه نستريح من السفر ولا اقول لك لأ لأ، احنا ننزل دلوقتي احسن المكان شكله تحت تحفه انا ما جيتش ايطاليا قبل كده، طب انت جيت؟ تعرف طب اماكن كويسه نزورها.. ذي مطاعم أماكن سياحية نزورها و معالم و...
كأن سالم يستمع إلى كلماتها بدهشة ثم
قاطعها مبتسمًا بثقة وهو يشير بحاجبيه
= ايه يا حبيبتي اهدي خدي نفسك بالراحه واتكلمي وبعدين قولتي كل حاجه عاوزين نعملها ونسيتي اهم حاجه؟
تسمرت في مكانها مستديرة برأسها نحوه قائلة
بتفكير
= ايه هي دي اهم حاجه، اه افتكرت اكيد تقصد نزول مكاتب عشان انت بتحب القراء
نفخ بضيق شديد فتحرك صوبها متعمدًا تقليص المسافات بينهما، وقال بخفوت لكن بكلمات موحية
= كرهتها يا حبيبتي القراءه تغور دلوقتي هي والكتب يبقى نشوف الموضوع ده بعدين وبعدين هي من قله المكاتب في مصر يعني ؟ انا قصدي حاجه تانيه اهم يا حبيبتي احنا الاتنين نعملها سوا .
رفعت حاجبها للأعلى متسائلة بغرابة
= قصدك ناكل يعني؟ ما انا قلتها هنروح المطاعم نعمل ايه يعني ولا نطلب اكل من هنا هو انت جعان اوي للدرجه دي يا حبيبي .
نظر لها بأعين محتقنة وهو يرد بغيظ
= في ايه يا تسنيم هو أنا طفس للدرجه دي اكل ايه دلوقتي إللي افكر فيه ما احنا اكلنا في الطياره، انا قصدي يا حبيبتي حاجه احنا الاتنين نشاركها سوا؟؟ تفتكري ايه هي اول حاجه نفكر فيها دلوقتي بعد ما اخيرا بقينا لوحدنا .
عبست أكثر بوجهها قائلة بتجهم وهي تتحاشى الاقتراب منه
= ما انا مش عايزه انام دلوقتي المكان شكله تحت تحفه تعالي ننزل نتفسح او نام انت طالما عاوز وانزل انا .
نظر لها مستنكرًا رددها التي تدل على عدم فهمها للامر، ثم لوى ثغره هاتفًا باستهجان صريح
= الله يخرب بيت الغباء، مالك يا تسنيم مش مجمعه ليه ولا فاهمه كلامي .
شهقت بهدوء رغم تشنج تعبيراتها المصدومه
= انا غبيه يا سالم كده .
حرك رأسه برفض وهو يرمقها بنظراته المتيمة بها، وأشار لها بكفه محتجًا
= مش قصدي يا حبيبتي والله، طب هاتي دماغك أبوسها ممكن تفهمي، حقك عليا!
اقترب ثم لف ذراعه حول خصرها ليضمها إلى صدره، لكنها تحركت بعشوائيه بين ذراعيه لتقول بصوت مغتاظ
= انت لسه مصمم ان انا ما بفهمش، طب ابعد عني!
اتسعت ابتسامته العابثة أكثر وهو يرد بتسلية
= ولله مش هايحصل، مش قبل ما نبقي صافي يا لبن! اثبتي بس عشان اعرف اصالحك بذمه .
فتحركت مبتعدة من أمامه وهي تزفر بصوت مسموع، اعترض سالم طريقها وهي تردد بضيق
=برضه لا، أنا مش هاقعد هنا ثانية واحدة أصلا!
تحرك خلفها وضمها رغم عنها، و رد بإحباط وغيظ
= اسمعي بس، في ايه يا تسنيم هو من قله النكد في مصر هناجي نتخانق في ايطاليا كمان؟ مش قلت لك يا حبيبتي احنا منظورين في ام الجوازه دي ما صدقتنيش
نظرت له مطولاً بتأفف و تنهدت قائلة بعبوس مقتضب
= مش عاوزة أسمع حاجة منك، مش انت يا بايخ بتقول لي غبيه وفي شهر عسلنا كمان ؟بدل ما تبقى رومانسي معايا .
زاد ضمتها له وهو ينحني برأسه على أذنها ليهمس لها بتنهيدة ساخنة أصابت جسدها بالقشعريرة لكنها استمتعت بها
= يا حبيبتي مش قصدي، بس انتٍ نرفزتيني وانا من ساعه ما دخلنا وعمال احاول اكون معاكي رومانسي زي ما انتٍ عاوزه، بس انتٍ اللي فتحتلي فجاه لسته طلبات مش وقتها .
ضحكت بدلال وهي تعبث بخصلات شعرها، و أومأت له بحاجبها قائلة بتحدٍ مثير
= امال اللي هيكون وقته دلوقتي يعني؟ هي في حاجه هنعملها غير الاكل والنوم والخروج
لم يرد بالحديث إنما أحنى رأسه عليها ليطبق على شفتيها بشفتيه مقبلاً إياها بشوق قوي، فحبست أنفاسها رغمًا عنها و تخشب جسدها من فعلته المباغتة وتحفزت حواسها،واتسعت حدقتاها عاجزة عن ردعه حتي أبتعد اخيرا، و تراجع برأسه عنها ليتمكن من حملها سار بها بتمهل نحو الداخل، ثم أجلسها على الفراش، غمز لها قائلاً بابتسامة ماكرة
= والله شكلك فاهمه من اول ما دخلنا وعماله تمثلي، وهطلع انا اللي غبي ومش لقطك من الاول .
ضحكت تسنيم بصوت عالٍ من حالة الشد والجذب الدائرة بينهما، وهتف زوجها معللة بإبتسامة عريضة خبيثة
=الله، طب ليه المعاملة الناشفة دي من الأول طب ولا لسه بتتكسفي مني؟
شعرت بيد تحاوطها من خصرها ويحاول فتح سوسته الفستان الذي ترتديه فانتفضت في مكانها وهي تعتدل في جلستها،و عاتبته بدلال
= سالم، ماينفعش كده!
زاد عبثه المرح محدقًا فيها بنظرات متحدية وهو يقول بإصرار
=هو ايه اللي ما ينفعش يا حبيبتي ده ينفع وينفع انا اصلا لو ما عملتش كده دلوقتي المفروض تشكي فيا، موضوعنا طول أوي الصراحه .
اعترضت بدلال وهي تداعب صدره
= سالم اتلم مش هاينفع دلوقتي لازم ننزل نتفسح و...
رمقها بنظرات قوية هاتفًا بصلابة زائف
=أنا قولت ايه؟ مش رجلك انا والمفروض تسمعي كلامي
أبتسمت بخجل مثير وهي ترد ممتثلة
= حاضر يا حبيبي
غمز لها بطرف عينه، واتسعت ابتسامته اللاهية وهو يرد
= أحبك اكتر وانتٍ مطيعه كده.
اقترب نحوها ببطء دون أن يفلتها لينال من على شفتيها قبلة شغوفة، شعرت حينها بحرارة مشاعره الفياضة وتجاوبت معه بفمه المتطلب الحازم، ولم يزل يعانقها حتى تداعت حصون مقاومتها كليّة واحدا وراء الآخر واستسلمت اليه بكل رضا وحب، لينقلها معه الى عالمهما وحده... عالم سالم و تسنيم فقط لا غير! عالم خاص بهم هم الاثنين دائما.. أو ربما المؤقتا .
❈-❈-❈
اقترب أسر أكثر حتي بات يقف أمامها ولا يفصل بينهم شئ لتشعر هي بالقلق نوعا ما منه، ثم جمد أنظاره عليها قائلا بشراسة مخيفة
= لا ده انا من حظي الحلو اني جيت دلوقتي ، عشان اشوف البية اللي كنتي واقفه معاه وعاملين تتكلموا وبتبتسموا لبعض اوي كده.. يا ترى بقى هو ده السبب اللي مخليكي مش عايزه ترجعيلي من تاني؟؟ رغم ان قالتلك ندمان .
اندهشت من كلامه، و رفعت كفها أمام وجهه محذرة بصرامة
= خلي بالك من كلامك واتلم انا لو اعرف حد غيرك مش هخاف وهقول لك في وشك ، انا مش مضطره اعمل حاجه زي كده عشان ما حدش لاوي دراعي سامعني
نظر لها متحديًا وهو يواصل اقترابه منها قائلاً
بغضب شديد
= امال مين اللي كنتي واقفه معاه؟ وكنتوا بتتكلموا في ايه و ما تكدبيش عليا، انتم بقيلكم كتير بتتكلموا مع بعض انا هنا من بدري وشايف! و نظراتكم لبعض وهو بيبتسملك ده بالظبط تسميه ايه ؟.
رمقته بنظرات احتقارية أشعرته بوضاعته، ثم أردفت قائلة بجمود
= والله ما عنديش اي سبب يخليني ابررلك كل ده، لانك مش هاممني يا أسر ويلا اتفضل مطرح ما جيت
كادت أن ترحل، لكنه توقف أمامها بإصرار رافض رحيلها قبل ان يعرف من ذلك الشخص و هتف فيها بعصبية مفرطه
= استني هنا أنا لسه ما خلصتش كلامي، و مش همشي من هنا غير لما اعرف اجابتك وطالما بتهربي كده يبقى في حاجه ما بينكم؟
ليه يا فريده انا قلت لك ان انا ندمان وطلقت مراتي اول ما طلبت الطلاق على طول لما عرفت موضوع اني مش مخلف وجيت ليكي جري اول واحده افكر فيكي وآآآ...
تجمدت أنظارها الجاحظة عليه، صدمتها كلماته المريبة تلك فتهاوت قدماها وهي تقف أمامه، لتقول بصوت مصدوم
= نعم قلت ايه؟ انت مش بتخلف وده السبب اللي خلاك تنفصل عن مراتك؟ والسبب نفسه اللي خلاك ترجعلي وتدور عليا وعاوز ترجع علاقتنا من تاني؟
شهقت فريدة مصدومة من فعلته الغير متوقعة وتلاحقت دقات قلبها بصورة كبيرة، هو لم يكن في خاطرها أبدا ولم تفكر في العوده مطلقاً إليه، لكنه يشعرها دائما أنه متعمد التحقير من شأنها فمعنى حديثه ذلك بانه لم يفكر بها وركض ورائها للعوده إلا لمصلحته فقط، ولولا مشكلته في الانجاب لم يكن هنا ليعرض عليها الزواج .
= يعني لو كنت ما اكتشفتش انك مش بتخلف ما كنتش جيتلي دلوقتي، ولا كنت عمال تحاول معايا عشان عارف ومتاكد ان محدش هيقبل بيك كده وانا نفس الوضع ؟ فقلت يلا اخدها وهي كده، وهي هتقبل ظروفي وانا كمان اقبل بظروفها .
انتبه أسر الى حديثه ليعرف بأنه قد أخطأ بالحديث، ليسرع قائلا بتوجس كبير
= لا يا فريده ما تفهميش كلامي غلط الموضوع هو اني ...
استشاطت غاضبة مقاطعة وهي تقول بانفعال مقهور
= لا برافو يا أسر حقيقي احييك على كرمك وتضحيتك العظيم، كل مره بتثبتلي انك قد ايه واطي وما تستاهلش افكر فيك حتى.. امشي من هنا واياك توريني وشك هنا تاني .
ألتفتت هي لترحل ولم تهتم إلي نداءات أسر المتكرره وهو يهتف باسمها ويحاول اللحاق بها، بل أسرعت إلي الداخل مصدومه فلم يبقَ أحد لمساعدتها ولم يبقى أحد لم يؤذيها، كأن عليها الإبتعاد عن الجميع بالفعل! لتعلم أن كان هذا افضل قرار اخذته في الفتره الاخيره حتمًا قبل فوات الآوان، فأي دقيقة تمر ربما تشكل فارقًا في حياتها.. توقفت مكانها أخيرا و حبست أنفاسها فيجب دائما أن تكون متوقعة الأسوأ والاذي من البشر، بدت في وضع لا تحسد عليه! لما الجميع يسعى ليؤذيها ويقلل من شانها بينما هي لم تفعل اي شيء سيئة مطلقاً لهم.. حقا اكتفيت من الأذى والصدمات.. حياتها الهادئه تحولت فجأة من الترف و السعادة إلى النقيض تمامًا، زجت بها في متاعب لا حصر لها فلم تتصور أن تصبح بين عشية وضحاها في وضع متردٍ كذلك.
فحديثه جعلها تشعر أنه طعنها بلا رحمة إلى داخل دوامه العذاب ملقيًا إياها كالشاردة على الحافية، هو حتي لم يشفع الى حبهم بالماضي وايامهما سوا! ولا صلة القرابة بالسابق بينهما عندما كان خطيبها، أدركت بعد تلك المهانة أنها أجرمت في حق نفسها عندما فكرت في الارتباط به او أن تعطيه فرصه ثانيه؟ لذلك حزمت بأنها لم تفكر مطلقاً بأن تعطي أحد فرصه ثانيه ليدخل حياتها من جديد و يدمرها، بكت بقهر متحسرة على ما آلت إليه الأمور معها، واقتربت منها سماح بقلق شديد
= في ايه بتعيطي كده ليه! مالك انا كنت شايفاكي واقفه مع أسر خطيبك القديم هو الحيوان دي قال لك ايه خليكي تعيطي بالشكل ده .
نظرت لها مطولاً ودموعها تتساقط بمرارة، لتردف بصوت متحشرج
= الزباله طلع بيحاول يرجع القديم ما بينا بعد ما اكتشف انه مش بيخلف ومراته طلبت الطلاق وسابته، راجعلي بعد ما حس ان احنا الاتنين بقينا زي بعض! ولولا كده ما كانش وريني وشه تاني.. انا مش مصدقه بجد مصر ليه يحسسني ان انا قليله كل ما افكر فيه واللي كأن ما بينا زمان
اتسعت مقلتاها في صدمة، وهتفت مرددة
= الواطي وانا اللي كنت عاوزه احاول معاكي ترجعيله لما لقيته اكثر من مره هنا وشكله ندمان فعلا، بس يا فريده اهدي ده ما يستاهلش اصلا انك تزعلي عليه.. كان معاكي حق لما بعدتي عنه، صحيح اللي ما يقفش معاكي في أشد محنتك ما يستاهلش تكملي معاه أيامك الجاية وتامنيله من تاني
حركت فريدة رأسها للجانبين وهي تبكي بحرقة بينما اقتربت سماح تجذبها الى احضانها قبل أن تقول بانكسار
= انا مش زعلانه عليه، من اول ما بعد عني وانا كرهته ، و عمايله اللي شفتها منه خليتني ما اثقش في تاني، بس انا زعلانه على نفسي للدرجه دي شايفني رخيصه وقليله في نظره، و راجع يتأسف وندمان وفي الآخر اكتشف انه راجع عشان مصلحته.
❈-❈-❈
بعد رحيل طه و زوجته، خيم الصمت بينهما بمنزل وفاء وبالطبع لم تجرؤ وفاء هذه المرة الضغط عليها بأنها رفضت في البدايه اعتذار مروه رغم انها لم تكن راضية عن ذلك؟ لكن تعلم جيداً حالتها بالماضي و مشفقة على حالها، هي في وضع لا تُحسد عليه، وتحتاج للكثير من الدعم والتشجيع لتجاوز تلك الأزمة، والمؤلم في الأمر إنها ما زالت بسن صغير لتتعرض الى الكم المفجع من الأمور تلك .
كانت تلاحظ مهرة في ذلك الأثناء نظرات وفاء إليها بصمت وتفهمت جيد ما تريدة! لذلك بادرت هي هذه المره بالتحدث، استدارت نحوها مبتلعة ريقها وهي تقول بابتسامة زائفة
= انا عارفه انتٍ عاوزه تقولي ايه؟ يا ماما وفاء بس صدقيني انا مش بحب اشوفك مش مبسوطه وبعتبر عيلتك هي عيلتي عشان كده حبيت أنهي الموضوع واقول لها ما تعتذريش حتى لو لسه زعلانه منها، بس مش عاوزه الموضوع يكبر ما بينكم وتخسري عيلتك عشاني
ابتسمت وفاء وهي تمسك يدها وتحدثت بتريث قاصدة الضغط على كل كلمة فيها
= يا عبيطه لو هتحسبيها كده يبقى هتتنزلي بدل المره عشرة عن حقك وتتجاهلي اي حد يهينك ويفكر يدوس على كرامتك، انتٍ غاليه وغاليه جدا كمان ربنا خلقك مش عشان تهيني نفسك ولا تسمحي لاي حد يعاملك بالطريقه الوحشه دي وانتٍ مش متقبلاها .. خلي دايما عندك هدف واحد حقك هتاخديه غصب عن اي حد حتى لو هتخسري كتير
نظرت لها بأعينها الدامعه هامسة بخيبة أمل
= ما كانتش دي حياتي زمان، انا فاكره في مره لما فكرت اشتكي لبابا لما كان زاهر بيضربني ومش مستحمله الاهانه، قال لي ايه يعني ما لو كل واحده اشتكت لما جوزها يضربها كانت البلد كلها اتطلقت استحملي وعيشي وهي دي الحياه العاديه و...
عجزت عن إتمام جملتها لتبكي مجددًا متأثرة، و وضعت وفاء يدها على كتفها قائله باعتراض وجدية
= لا دي مش الحياه العاديه دي اسمها حياه مذله، للاسف في ناس تفكيرها كتير كده حتى في أهالي بتجبر اولادها يعيشوا الحياة دي.. وبيقنعوا كمان اولادهم ان زي ما احنا مستحملين بهدله الاب لينا، انتوا كمان استحملوا و فعلا بيكبروا على كده.. عارفه انا لما كنت برفض أن زاهر يضربني كان بيغضب جدا ويقول لي اشمعنا انتٍ اللي هتعملي لنفسك قيمه! ما في ستات كتير بتضرب وتسكت ومن ضمنهم كانت أمي .
جذبتها إليها لتضمها في أحضانها، فأرخت مهرة قبضتها تترك نفسها بين ذراعيها تحاوطها، لتضيف وفاء بنبرة حزينة للغاية
= عشان كده بتوجع أوي لما الاقي اي ام مستحمله الوضع ده وهي بايديها تمشي، هي مش بتاذي نفسها وبس! لا بتخلق بنت أنها تخضع لجوزها، وبتربي شبيه رجال بيهن مراته بنفس الطريقه اللي كان بيشوف امه بتضرب بيها...ما فيش اي حاجه في الدنيا تخلينا نتجبر نستحمل الاهانه، ربنا ما خلقناش لكده ولا قال كده في اياته ولا عمرنا شفنا كده في احاديث.. وما تصدقيش اي حد يفهمك كده.. والوضع دلوقتي كمان اتغير؟؟ زمان حاجه ودلوقتي حاجه تانيه وانتٍ كبرتي وفهمتي ان ده غلط أنك تسكتي عليه ..
تحرجت مهرة مما تقوله ولم تستطع الرد! فهي لم تكن معتاده على أن يحادثها أحد عن ذلك من قبل ويكون مهتم الى مشاعرها وما تشعر به! لكنها شعرت بحزن شديد علي حياتها بالسابق أيضا، فهناك عاملين مشتركين بحكايتهم؟ المعاناه ومن نفس الشخص ذاته! تابعت حديثها وفاء بصوت جاد رغم القهر الذي داخلها تشعر به، وبينما ضغطت على يد مهرة برفق حتى تجعلها تطمئن وكأنها شعرت بحرجها من ذلك وتطلعت فيها بنظرات أمومة صادقة
= ما تفتكريش ان انا سبت زاهر بسهوله بردة! في ناس كتير كانت ضدي لما كنت بقول لهم هتطلق عشان بيضربني ويهني! كنت دايما بسمع جمله بتوجعني أوي وهي؟ كفايه انه لسه مخليكي على ذمته رغم انك مش بتخلفي اللي هما بيعروا الحقيقي قدامي! انتٍ عندك نقص والمفروض تقبلي بالقليل وتتنزلي وتسكتي لما يفكر يعمل كده وزياده... لكن انا ما فكرتش في كده أبدا ، حتى إني اجرب استحمل؟ ولا حتى استنيت مساعده اهلي لي؟ وسبته وهو ما سكتش ولو دراعي بطرق كتير، وقال لي هسيبك كده ومش هطلقك وانا برده ما رجعتش وقلت ايه يعني المهم ان انا ما ارجعش وانا متقبله الاهانه دي .. وما اسيبش نفسيتي تتدمر عشان شويه كلام ناس مش هيفيدوني بحاجه في الآخر.. ومحدش بيحس بوجع التاني وانا لو فضلت معاه كنت هجيب أخري لحد ما أخلص ولو رحت بعدها لنفس الناس دي اشتكي هيقولي لي ايه اللي كأن جبرك تستحملي؟.
ظلت أنظارها مثبتة على وجه مهرة وهي تضيف بصرامة عقلانية
= عشان كده عاوزاكي ما تسمحيش لحد يهينك وتسكتي تاني مره، وعاوزكٍ المره الجايه لما تحصل حاجه زي كده؟ انتٍ بنفسك اللي تجيبي حقك وما تستنيش غيرك .. انتٍ مش ضعيفه يا مهره انتٍ قويه وخلي دايما الجمله دي جواكي كل ما تحسي صورتك اتهزت جواكي .
❈-❈-❈
حاول أيمن زيارة ليان مرة ثانية، إلا أنها رفضت رؤيته مرة أخرى، وهذا ما زاده غضبا بسبب رفضها المستمر له، رغم أن والدتها حاولت إجبارها على ذلك؟ لكنها أصرت على رفض ذلك هذه المرة. ولم تريد أن تعود لذلك الظلم والذل مرة ثانية. هذه الحياة لقد عانت كثيرا معه! وحتى لو أنقذها من الموت، فهذا لا يبرر أفعاله السابقة. وحتى لو لم تتخلص من مشاعرها بشكل كامل بعد، إلا أن هناك نقطة مهمة يجب أن تفكر فيها، وهي الثقة بينهما.
زفرت لاعنه خضوعها الأحمق الذي يهلكها من حضوره، ولم تستطع إيقاف تلك الرجفة التي حلت بها عندما عاد من جديد يقتحم حياتها!. وشعرت بالبرودة تجتاح جسدها وتزيد من رعشتها، عندما فكرت بالامر بانه اصبح زوجها من جديد! هزت راسها برفض فلم ترضخ هذه المره له مهما حدث؟ ويجب ان تفكر اولا في افعاله بالسابق ! ايمن سيظل في دائره الشك ولم تعود الثقه بينهما من جديد ولم تسمح لاي شخص مره ثانيه بأن يسيطر عليها ويحاسبها على ذلك الخطأ فقد اكتفت وكثيراً من دفع الثمن! هي حتى الآن لا تفهم لما أصر ان تصبح زوجته للمره الثانيه بعد كل ما يحدث بينهما و يصر على ارجعها المنزل ايضا؟ والوحيد الذي تنتظر حسابه و بقلب خائف هو الله! غلف عيناها عبرات كثيفة لكنها مسحتها بيديها سريعاً وهي تدعي داخلها ربها ان يغفر هذا الخطأ لها .
وفي ذلك الأثناء اقتربت منها والدتها،ونظرت لها بعدم رضي من أفعالها مع زوجها معتقدة انها تتدلل أو تنتقم منه من وراء تمردها ذلك! لتردف بصوت حاد
= هو الدلع اللي انتٍ هتفضلي عاملاه ده؟ ومش راضيه ترجعي لجوزك ولا تشوفي كل ما يجي هنا، عاوزه توصلي من ورا لايه بالضبط؟ بتردي لجوزك يعني أنه طلقك واللي عمله معاكي زمان، طب ما تحاولي تفكري ايه اللي وصله لكده قبل ما تعاتبيه .
عقدت ما بين حاجبيها مزعجة من أسلوبها الحاد معها مردده بعتاب طفيف
= انا ولا بدلع ولا بربي حد، انا كل اللي عاوزاه ابعد عنكم كلكم وبالذات هو، احنا مش خلصنا من الموضوع ده أصلا وانتٍ بنفسك طلبتي مني أطلق، إيه اللي قلب الايه فجاه وبقيتي
مصممه ان انا ارجعله وما لقيتيش حد غيره تتحامي فيه .
أجابت أمها بغضب قاصدة الضغط على كل كلمة فيها
= عشان لقيته هو الانسب ليكي وبعدين انا ما طلبتش منه يتجوزك ولا يرجعلك! هو لما جي هنا طلب بنفسه ومعنى كده انه لسه بيحبك وميال ليكي وطالما الموضوع كده ايه المانع انك ترجعي لي! على الاقل هو عارف كل حاجه عنك بدل ما لسه هنشوف واحد غيره يتقدملك ونقعد نحكيله القصه ويعالم هيقبل يتجوزك بعد اللي هيعرفه ولا لاء ؟ وممكن يفضحنا! كمان، لكن أيمن عارف كل حاجه و موافق وكويس انها جت منه فتحمدي ربنا بقى انه رجع تاني وعاوزكٍ بعد كل اللي عملتيه ولسه شريكي وبلاش الدلع والتمرد اللي انتٍ عماله تعمليه ده بسببه هتخسري تاني ..
فهمت ما ترمي إليه والدتها، فهزت رأسها مستنكرة محدودية تفكيرها وتجهمت قسمات وجهها مزعوجة من أسلوبها و الذي يؤثر بالسلب على صحتها ويؤدي بنتائج عكسية، لذا هتفت معنفها بلطف
= هو أنا ليه دايما بحس انك عاوزه تقللي مني وايه احمد ربنا انه رجعلي! خلاص موضوع حصل زمان يا ريت نقفل عليه وننساه وهو كمان، وما حدش من هنا ورايحه هيحاسبني على الغلطه دي انا دفعت ثمنها وزياده، لكن انتوا اللي مستمرين في الغلط ومحدش منكم عاوز يعترف بغلطه.. حتى عمي! ما شفتكيش وقفتي قصاده ومنعتيه ولا عتبتي على ضربه ليا لانك شايفه من وجهه نظرك انه عمل الصح وانا غلطت واستاهل.. ده ربنا غفور رحيم و انتوا ليه مش عايزين تغفروا لي وتنسوا.. فجاه حسستوني ان انا قاعده في جزيره كلها ملايكه وما بتغلطوش أبدا مع ان الله اعلم مخبين ايه عن الناس و لولا ستر ربنا محدش يعرف حاجه عنكم؟ عشان كده قادرين تقفوا قصادي وتحاسبوني.
تجهم وجه ليان تمامًا من أسلوبها الضاغط عليها من والدتها و لم تتحمل المزيد لتضيف بقهر صائحة
= انا مش لسه قاصر يا ماما عشان تحبسيني هنا بين اربع حيطان، وانا قاعده هنا وبكبر دماغي من اللي انتٍ بتعمليه عشان لسه باقيه عليكي ونفسي القديم نصلحه مع بعض بس كل يوم بيعدي بحس ان ده مستحيل يحصل والجفا اللي ما بينا عمره ما هيتحول لحب، انتٍ ولا قادره تفهميني ولا تتعاملي معايا ولا أنا برده.. كان زمان حجتك السفر طب دلوقتي ليه ما حاولتيش تقربي مني كل ده عشان غلطت غلطه واحده؟ هو مش المفروض برده ان مهما الاولاد يغلطوا الاهالي بيفضلوا جنبهم وهم الوحيدين اللي شايفين ليهم عذرهم وانهم صح.. ولا لانك مش عارفه تتعاملي معايا اصلا؟ مش عارفه تتعاملي مع بنتك ازاي ولا تمارسي الامومه صح
رمقتها امها بنظرات قاسية وهي ترد بحدة
= انتٍ بتقولي ايه يا متخلفه انتٍ ؟؟ هو في حاجة تخلي الأم مش ام، ولا مش عارفه ازاي تتعامل مع بنتها وتحسسها بالامومه
بررت بإصرارها بنبرة حزينة
= أيوة في، لما مشاعر الحب اللي بينهم تنتهي... لما بقى يتعاملوا مع بعض زي الاغراب! وانتٍ السبب في ده؟ زمان بسبب السفر ما عرفتيش تقربي مني ودلوقتي بسبب الغلطه دي حبستيني بعيد عنك وما قربتيش برده مني وما رضيتيش حتى تسمعيني
ردت دلال بجمود وقد ضاقت نظراتها عليها
= عايزة تقولي انك مبقتيش تحبيني يا ليان... وبتقوليهالي في وشي كده... طب قاعده معايا ليه؟ ما تيلا بره! شايفيني ماسكه فيكي ولا انتٍ قاعده هنا عشان عارفه ومتاكدة انك
ما لكيش مكان غير هنا ومش هتلاقي حد يصرف عليكي .
نكست رأسها باكية، و وضعت يديها على قلبها تاركة لعبراتها الحرية للانسياب بغزارة على وجنتيها، وهي لا تصدق لغه الحوار الذي اصبحت بينهما بدون تفاهم أو حب، رفعت وجهها للأعلى ماسحة بظهر كفها الدمعات الساخنة عنها، وحدثتها قائلة بصوت شبه مختنق
= شايفه الطريقه اللي وصلنا لها مع بعض، بقي كل تعاملنا وفكرينا عن الفلوس... ولسه برده مش قادره تتعاملي معايا وبدل ما تحاولي تفهمي ايه اللي وصلني للاحساس ده بتنهي الحوار ما بينا وتقولي لي اطلعي بره مش عاوزاكي.. تعرفي ان انا خدت بالي من حاجه متاخر ان انتٍ فعلا مش عارفه تتعاملي مع بنتك عشان كده بتلجئي للحلول المختصره علي طول، احبسها ؟ انهي معاها الحوار واقلبيه ضدها وهي اللي غلطانه؟ او الكلمه اللي دايما في بقك انا امك وعارفه مصلحتك فين؟, و المفروض انا بعد الكلمه دي اسكت لانك فعلا بتعملي لمصلحتي
زاد نحيبها المتحسر علي احوالها لدرجه أتعب قلبها شعورها بالخذلان بانها لم تحصل على عائله ولا زوج صالحين لها، وتمارس حياتها بشكل طبيعي، حتى احيانا تشعر بان العيب بها هي! و أنها نذير شؤوم! علي الجميع لم يكن بيدها أي حيلة، فاكتفت بتصليح الأمر الى حد مقدرتها، علها تهدأ وتستكين لحالها والجميع يراها بشكل اخر وبالاخص والدتها، رفعت عينيها المتورمتين من كثرة البكاء نحوها قليلا بعجز وهي تقول
= تعرفي يا ماما في نظريه سمعتها من فترة!
بتتكلم ان ٩٠٪ من الاباء والامهات مايعرفوش حاجه عن مسؤوليه أطفالهم ولا يصلحوا يكونوا اباء وامهات فبيطلعوا اجيال مدمرة نفسيا و مدمرة اجتماعينا وثقافيا وطبعا دينيا .. بنتكلم عن مجتمع مدمر.. هم ليه بجد مش بيعملوا كشف قبل الجواز ويشوفه الاب والام دول هيعرفوا يربوا ولادهم صح ولا لاء؟ بدل ما يطلعوا عقدهم علينا .
قبضت على أصابعها بيدها، وحدجتها بنظرات حادة وترتها، هتفت قائلة بصلابة
= عشان ما فيش اب وام مش عارفين مصلحه ولادهم فين ودي نظريه هبله زيك ومش اي حاجه تشوفيها تخشي تقرايها وتصدقيها ، ما هو ده اللي خيبك في الاخر وخلاكي تجري ورا واحد صايع وانتٍ متجوزه! تدوري على الاهتمام والحب !. كأن الجواز في الدنيا كلها كده وبس، وبدل ما كنتي بتبصي على عيوب جوزك بس.. نسيتي تبصي على الحاجات الحلوه اللي في الأول.
مجرد الحديث عن تقصيرها معها بالسابق أصابها بحالة من الفوران السريع، احتقنت دمائها بالأدرينالين واهتاجت خلايها، كانها بالفعل لا تريد ان يواجهها احد بذلك الخطأ وأنها لم تفعله من الأساس وهذا إقناعها التام.
ثم ضغطت على شفتيها تضيف بامتعاض رغم عدم اقتناعها
= ما تحطيش السبب دائما اهلك، اه ممكن
في مره ولا مرتين ولا عشرة حتي انشغلنا عندك شويه.. لكن السبب الأكبر انتٍ، خلاص كبرتي و بقي لازم تتعاملي مع اللي حواليكٍ وانتٍ عندك عقل تعرفي تميزي الصح و الغلط .
ملت وتعبت حقا من الأسلوب القاسي والجاف
بينهما، فهذه المعامله دائما بينهما هكذا؟ ولا يوجد بينهما لغه حوار مهذبه! ودائما ترمي اللوم عليها فقط! ترفض الاعتراف بخطائها أيضا، ويتحول بالنهايه الحوار الى اهانه وتعنيف و حبسها هنا، لكن هي تريد حل .. نقاش! تصل الى وضع مناسب بينهما لكن بتلك الطريقه لا تفهمها ولا هي تستطيع الحديث معها، ودايما تشعر بانها قد وصلت الى طريق مسدود معها .
لمعت مقلتاها بشدة تأثرًا بكلماتها الموجعة، وقالت بنبرة أقرب للبكاء
= فكره اول ما عرفتي المصيبه اللي انا عملتها قلتلي ايه؟ لما عاتبتك، بطلي تعيشي دور الضحيه، اهو متهيالي بقى دلوقتي انتٍ اللي بتعيشي الدور ده وبتحاولي تخلقي اي مبررات عشان تفضلي الضحيه في نظر نفسك وما تبينيش اي غلط ارتكبتيه.. زي ما يكون لو قلتي انا غلطانه هتحسي انك ارتكبتي خطيئه وما ينفعش تعترفي بيها
اغتاظت من حصارها لها بانها ترمي اللوم والخطا عليها، لترفع يدها لتصفعها بقوة وصاحت بها بنفس اللحظة بغلظة
= انتٍ قليله الادب وما لقيتيش اللي يربيكي.
توقعت والدتها أنها ستثور من ضربها و تغضب أكثر، لكن ليان استقبلت صفعتها بصدر رحب هذه المره دون اعتراض! ثم أردفت بصوت مقهور وقد قست نظراتها
= شكراً، اول مره تعترفي بحاجه صح انا فعلا ما لقيتش اللي يربيني ومش ذنبي! ده ذنب اهلي اللي جريوا ورا الفلوس ونسيوا بنتهم هنا بسبب الغربه، اقول لك على حاجه كمان هتريحك وتبسطك مني اكتر؟
زفرت بحزن أكبر وهي تضيف بغموض اجفل الأخري
= يا ريت تتصلي بايمن تقولي لي ان مراتك هترجع البيت خلاص، بس ده مش خوف منك ولا عشان بحاول اكون البنت المطيعه اللي بتسمع كلام مامتها؟؟ لا عشان ما بقتش عاوزه اي مكان يربطنا احنا الاثنين سوا.. وعشان كمان؟ ولا انتٍ قادره تفهميني ولا أنا قادره اتعامل معاكي فالاحسن ان احنا الاثنين نبعد عن بعض زي ما كنا زمان.