-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 7 - 2

  

 قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل السابع

الجزء الثاني


العودة للصفحة السابقة


في إيطاليا، المكان هادئ جدًا ودافئ... دافئ ومريح. لم يفكر للحظة واحدة أنه قد يرتبط بشخص ما بهذه الطريقة ويؤذيه في نفس الوقت! ندم كثيراً على الفترة السابقة التي ضيعها دون وجودها في حياته.. لكنه عرف قيمة خطأه ووعد نفسه ألا يكرر ذلك مرة أخرى لأنها لا تستحقه؟ هو من أدخلها إلى حياته ويريدها، لكنه يريد أيضاً الوقت ليعتاد على وجودها، وهي تفهم ذلك كثيراً.


ألقي نظرة عميقة علي زوجته التي كانت تغطي بنوم هادئ، كانت لا تفكر بشيء حينها، فقد كان عقلها فارغ بشده و كل ما تستطيع التفكير به هو النوم بهدوء إلا انه لم يهتم.. و بيده التي كانت تطوق خصرها اشتدت بأحتضانها ليصبح ظهرها ملتصق بصدره، حشر رأسه بين ثنايا رقبتها يستنشق رائحتها العطره المشابه للمسك شعرت برطوبه رقبتها، ملمس شفتيه الخشنة و هو يقبل رقبتها من الخلف ببطئ شديد كان يستمر بأزعاجها و اعاقتها عن النوم.


تململت تسنيم في السرير بعدم راحه لتعقد حاجبيها بانزعاج حين شعرت بدغدغه برقبتها، حرکت رأسها بعدم راحه مع ذلك فتلك الدغدغه مازالت تلاحقها..وهمهمت بأنزعاج لترفع يدها ناحيه رقبتها محاوله ابعاد ما يزعج نومها.. بأناملها لامست شعره الأسود القاتم، حركته بعشوائيه بينما تتمتم بخفوت بعينين مغلقه


= تسنيم أصحي كفايه نوم! 


في حين انها لم تستيقظ حقا.. لقد كانت بين النوم والاستيقاظ إلا انها لم تشاء الاستيقاظ بعد.. لقد عانت من رحله طويله جدآ و تحتاج للراحه لذا ليست مستعده بعد للتخلي عن النوم.. إلا ان تلك الدغدغه و القبل العديد التي شعرت بها لم تتوقف أبدا بل بدلا من التوقف هي شعرت بها تصبح اقوى و اقوي.. عقدت حاجبيها حين شعرت به يلثم رقبتها بقوه آلمتها.. حركت يدها الممتده ناحیه شعره! ولم تجد غير أن تجذب شعره بقوه شديده تجره عنها في حين ان ذلك اتى بمفعول و لم تشعر بذلك الازعاج يلاحقها.


ليحدق فيها مدهوشًا من فعلتها للتو! ثم لمعت عيناه بوميض مشرق، عندما ابتعد عن رقبتها ببطئ لينظر لوجهها المبتسم ببلاهه بعد ان توقف عن لثم رقبتها لتصب كل تركيزها في النوم.. بينما عينيه قد احتدت بأنزعاج، من المثير للسخريه انها تجد النوم اكثر اهميه منه الآن... رغم أنها هي التي رفضت ذلك في البداية، وعندما غفل عن نومه، نامت وتركته.


امتدت يده ناحیه خدها الممتلئ ليقرصه بقوه

جعلتها تصرخ بغضب و تضرب يده بقوه شديده ، بينما تحدثت بأعصاب تالفه بعد ان رفعت رأسها قليلا ناظره لعينه الباليه تلك


=وبعدين عاوز مني ايه؟ بطل ازعاج عاوز انام 


ثم عادت بمنتهي البساطة للنوم مجدداً، لم يتحدث بل شعرت بهواء خفيف يبعد شعرها عن جبينها كان هو ينفخ برقه ليبعد خصلة من شعرها التصقت في جبينها عقدت حاجبيها بأنزعاج لتفتح عينيها ببطئ شديد.. عينيها كانت بالفعل غائمه و هي تنظر له عندما رأت عينيه كانت تبتسم ... 


ولوهله بدأت تعيد ذكرتها لما حدث بينهما سابقاً للتو، اضطربت من طريقة نظراته التي تثير أعصابها، شعرت بتورد وجهها، وبارتباك أنفاسها فهتفت محذرة ومحاولة إخفاء توترها


= سيب خدي بتوجعني! 


أجابها سالم بتحدي مثير 


= طب سيبي شعري انتٍ الأول! 


بدأت تستطيع التركيز بما حولها وتوقفت عن المقاومة و المشاغبه ايضا، حيث بدأ عقلها يستوعب الأمر من جديد، هي بالفعل كانت تمسك خصلات شعره تجذبها بيدها؟ أزاحت يدها عن شعره بسرعه بحرج، قائلاً هو


= صحيتي أخيرا كده وافتكرتيني، أنا سالم جوزك!


ختم جملته يغمز لها بوقاحة لتفهم ما الذي يرمي اليه وراء حديثه، زاد خجلها وبدا واضحًا على وجنتيها التي اصطبغت بحمرة كثيفة، خبأته براحتيها متحاشية النظر إليه وألقت بظهرها على الفراش زافرة بصوت مسموع ليحدق فيها بنظرات والهة، لا يصدق أنها تشاركه الفراش! يشعر بدفء جسدها الملاصق لها يراقب براءة روحها النقية التي أضاءت حياته الكئيبة، اعتدل سالم في نومته تحفزت خلاياه سريعًا للاستمتاع معها بحب جارف وهو جوارها ليعتلي جسدها دون أن يلمسها، وهتف قائلاً بنبرة ذات مغزى


= المفروض اقولك صباحية مباركة يا عروسة مش كده!. 


رفضت إبعاد يديها عن وجهها أو حتى النظر إليه من خجلها، لذا مد يده نحو قبضتيها ليزيحمها عن وجهها الذي شعر بسخونته من فرط حرجها، ليضيف هو بصوت شبه مكتوم


= بس صباحية إيه بقى، أنا وشي منك في الأرض! هي في صباحيه بعد أسبوعين من جوازنا ؟. 


عضت على شفتيها السفلى بإحراج وهي تقول بتحذير 


= سالم أسكت بقى، وسيبني انام.


ليحدق فيها بنظراته الشغوفة بها، وأسبل عينيه نحوه شفتيها هامسًا بمكر


= ما كان من شويه مش عاجبك النوم دلوقتي بقي حلو؟ ولا تعبتي من المجهود وعايزه ترتاحي .


رمشت بعينيها بخجل بائن أغراه للتودد إليها من جديد، وهتفت بنبرة مبحوحة  


= على فكره انت قليل الادب ومش محترم اوعي بقي .. وسيبني انام و روح نام انت كمان، ما تعبتش من مشوار الطياره 


ابتسم سالم قليلاً ثم وضع قبضته على كفها ليقربه من فمه فقبله قائلاً 


= اول ما قربت منك نسيت كل تعبي خلاص، المهم ما تكونيش زعلانه مني يا تسنيم وسامحتيني .


طوقت عنقه بذراعيها قائلة بصوت خفيض


= انا في العاديه مش بسامح حد جرحني بس انت جوزي وما ينفعش من اول غلطه اقلب الترابيزه وانسحب! لان ما فيش جواز بدون مشاكل بس في نفس الوقت مش عاوزه اعيش حياه بتهدر من مجهودي ونفسيتي كتير.. فكره انك اعترفت بغلطك وصلحته ده عندي حاجه كويسه جدآ ومش هنساها لك لأن معني كده؟ أنك حابب تكمل معايا و ما كبرتش دماغك وقلتلي انا مش غلطان وهي دي حياتي واعملي اللي انتٍ عاوزاه ؟ 


ثم رمقته بنظرات عاشقة وهي تضيف بجدية


= سالم انا فاهمه ومستوعبه قربك انت وبنتك لبعض واني فجاه حد يدخل حياتكم جديد والموضوع محتاج تعود! عشان كده استحملت الايام اللي فاتت وكان عندي امل ان الموضوع مش هيطول، مش عايزه افتح في القديم بس ليلي في النهايه طفله واتعودت على قربك منها وبتغير علي أبوها مني، كل ده انا متفهمه وما عنديش مشكله فيه انما انت! انت اللي كانت صدمتي فيك يا سالم انت كنت فين من كل ده في حياتي 


حرك يده يداعب خصلات شعرها بأصابعه متنهدًا وقال  


= معاكي حق انا اسف، ان شاء الله الغلطه دي مش هتتكرر تاني وانتٍ كويس انك نبهتيني من البدايه وان ده حصل؟ عشان اخذ حذري من حاجه زي كده .


ابتسمت له باتساع وهي تهز راسها بصمت، بينما هو أضاف بصوت جاد للغاية


= مش عاوزين بقى اي حاجه تنكد علينا الأيام دي ولا نفكر في القديم، احنا جايين هنا عشان نتبسط وبس اتفقنا .


ظل على ثغرها بسمة ناعمة تلهب المشاعر أكثر، فانحنى علي شفتيها ليحصل على قبلة خاطفة فخجلت من تصرفه مرددة بهمس


= مش هنام بقى .


صمت سالم لحظة شاعرآ وهو بين أحضانها الدافئة تثير فيه الرغبات ليتذوق المزيد معها،  ثم أردف مبتسماً بإصرار


= تؤ لسه شويه وحشتيني الكام ساعه اللي فاتوا لدلوقتي أصلا.


بعدها لم يعطيها فرصة للرفض! فقد أغرته للعودة مجددًا إلى تذوق مذاق الحب من على شفتيها، ليقترب دون تفكير أو مقدمات؟ فلم تعد بينهما حواجز بعد الآن، وقطف ثغرها في قبلة تحولت لعناق عاصف رمى بهما في أتون عواطف مشتعلة وتركهما يدوران في ثناياها لتبتلعهما رمال حبهما المتحركة قاذفة بهما الى عالم من الألوان المشرقة.


❈-❈-❈

أما العلاقة بين وفاء والسيد سراج فقد تطورت إلى حد ما. وأصبح التواصل بينهما متكرراً، وأحياناً يستمر الاتصال حتى منتصف الليل. وبدوا أن يعلموا الكثير من الأشياء عن حياتهم السابقة، و رغم أن المكالمة في البداية تكون بغرض العمل؟ لكن بعد دقائق معدودة تتحول إلى محادثة أخرى بينهما عن أيامهم وماذا كانوا يفعلون،وما الشيء السيئ والسعيد الذي حدث معهم في يومها؟ وفي بعض الأحيان ينتظرون تلك المكالمة بفارغ الصبر بعد يوم شاق حتى يتحدثون مع بعضهما البعض.


وفي اليوم التالي كانت وفاء تجلس في أحد الأندية الراقية مع مهرة، وكانت وفاء تجلس بكل حب تراقبها من بعيد وهي تمارس إحدى الألعاب الرياضية بمهارة.. وبعد فترة اقتربت منها مهرة وهي تبتسم لها بسعادة.. بينما رفعت الأخري المنشفة لإعطائها لها، لتجفف حبات العرق وهذا بسبب المجهود الذي بذلته في اللعب.


وفي هذه الأثناء كانت تلك السيده التي بجانبها تراقبها باهتمام من بعيد لتعرف بأن تلك الفتاه الجميلة ابنتها، ثم اقتربت بخطوات بسيطة وهي تقول بإبتسامة هادئة


= صباح الخير انا مدام علياء مشتركه هنا في النادي زيكم و باجي مع اصحابي كل فتره بس اتاخروا النهارده، ممكن بعد اذنكم اقعد معاكم لحد ما يجوا بدل ما انا قاعده لوحدي .


نظرت وفاء لها بتفاجئ ولم تجد غير الموافقه وهي تقول بصوت هادئ


= اه طبعا اتفضلي اهلا بحضرتك انا وفاء 


نظرت تلك السيدة الي مهرة باهتمام وقالت


= والقمر دي بنتك انا قاعده بتفرج عليها وهي بتتمرن شكلها شاطره ما شاء الله ربنا يخليها لك .


هزت راسها وفاء بالايجاب، ثم التفتت الأخري برأسها نحوها تقول بابتسامة ناعمة


= انا ليا ابني هنا كمان بيتمرن بس هو كبير شويه عنده 21 سنه، وبيلعب كوره انتٍ عارفه بقى الشباب وقد ايه مجانين بلعب الكوره، و بنت حضرتك اسمها ايه بقي وعندها كام سنه .


تنهدت وفاء بضيق مكتوم وبدأت تفهم الامر وما الذي تريدة بالضبط لتجيب بهدوء زائف


= اسمها مهره والسنه الجايه هتكون في الثانويه وعندها 17 سنه .


هزت رأسها باستغراب وقالت بنبرة متوترة


= هي شكلها داخله كبيره المدرسه مش كده، بس مش مهم في بنات كتير كده بيحصل لهم شويه تقعدات ومشاكل بتعطلهم سنه ولا سنتين في الأول، بس العمر قدامها كبير تعوض اللي فاتها براحتها.. في بيت اهلها او في بيت جوزها.. انتٍ مش مرتبطه صح يا حبيبتي.


تطلعت مهرة إلي وفاء بقلق بالغ، والأخري أجابت بدل منها بجدية أكثر


= ارتباط ايه حضرتك بقول لك عندها 17 سنه وموضوع الجواز و الارتباط ده تفكر فيه بعدين لما تخلص الجامعه ان شاء الله الأول، تعليمها اهم حاجه دلوقتي تركز فيه و مش عاوزه حاجه تانيه تشغلها .


أومأت بعينيها متفهمة، ثم أردفت قائلة بابتسامة لطيفة


=طبعا انا ما قلتش حاجه وبعدين هم اللي بيرتبطوا دول مش بيتجوزوا على طول، لسه بيتعرفوا على بعض وفي خطوبه وترتيبات بتحصل والحاجات دي بتاخد وقت كتير الأيام دي .. وياما في بنات بتكمل تعليمها في بيت جوزها .. بس انا برده معاكي ان التعليم اهم بس مش هيجرى حاجه لو في الفتره دي اتعرفوا على بعض .


تسائلت بصوت خافت لكنه يحمل الجدية


= هم مين دول اللي يتعرفوا على بعض ما تيجي حضرتك دغري في الكلام عشان افهمك واعرف ارد عليكي.


إزدادت نبرة السيدة علياء حماسة وهي تقول 


= بصراحه كده نفسي اجوز ابني، هو مش جواز على طول يعني وهو آخر سنه في الجامعه بس بيشتغل في شركه بابا، جواز الاولاد في السن ده بحسه مناسب احسن بدل ما دماغهم تروح في حاجه كده ولا كده، والقمر بنتك دي شفتها هنا كتير هو في فرق بينها وبين ابني بس مش كبير دول خمس سنين بس! مش 10 يعني وانا جوزي اصلا الفرق بينا يجي 18 سنه وما تفهمين مع بعض جدآ..و السن مش كل حاجه اهم حاجه التفاهم و انهم يحبوا بعض وكل حاجه طبعا هتكون على المكشوف قدامنا، ها قلتي ايه حضرتك .


ردت عليها الأخيرة بتركيز شديد


= طب انتٍ تعرفي حاجه عننا الأول احنا مين ولا عيلتنا تبقى مين؟ ولا اذا كان سبق وبنتي ارتبطت قبل كده ولا لاء .


عقدت حاجبيها بتعجب متسائلة باستفهام 


= ما ده اللي انا بتكلم فيه ان احنا نتعرف على بعض احنا كمان، العيلتين والاولاد وبعدين تقصدي ايه كانت مرتبطه هي كانت مخطوبه قبل كده .


أوضحت مقصدها بجدية أشد


= لا ما كانتش مخطوبه، بس كانت متجوزه وانفصلت بعد فتره وكانت حامل كمان وما حصلش نصيب والطفل توفى .


تلاشت ملامحها السعيده والحماس من وجهها، بدت المفاجأة واضحة عليها وصاحت فجاه بنبرة حادة باستنكار قوي


= افندم متجوزه ازاي انتٍ مش قلتي عندها 17 سنه؟ على كده كانت متجوزه وهي عندها كام سنه لو كلامك صح؟؟وكانت كمان مخلفه.. هو حضرتك بتهزري ولا بتتكلمي بجد .


زفرت وفاء بملل وهي ترد ببساطة


= انا ما اعرفش حضرتك عشان اهزر معاكي ومش شايفه في اللي انا بقوله حاجه غلط ولا عيب وطالما مصممه على الارتباط وأننا نتعرف على بعض؟ انا بقول لك اهو جزء من التعارف؟ مهره بنتي كانت متجوزه زمان وهي عندها 14 سنه وما حصلش نصيب وانفصلت مشاكل كده حصلت زمان ومش مهم تعرفي عنها حاجه، متهيالي انتٍ ليكي انك تعرفي من اول ما إبنك يرتبط ببنتي! ده باعتبار يعني لسه هيحصل. 


صمتت مهرة ولم تعقب عليها واكتفت تتابع ما يحدث بصمت، لكنها انزعجت من تصرفات تلك السيدة المستفزة لها، وبالأخص عندما تحولت نظراتها الى النفور منها و قالت ببرود 


= اديكٍ قلتيها بنفسك باعتبار لسه هيحصل واهو ما حصلش الحمد لله؟ متهيالي صحابي وصلوا اللي كنت مستنياهم عن اذنك لازم امشي فرصه سعيده.. سعيده ايه بس عن اذنكم.


رحلت السيدة في حين أخفضت مهرة رأسها أرضاً بخزي بينما وضعت وفاء كف يدها على ذقن إبنتها وأدارته في ناحيتها، وقالت بلهجة صارمة وقوية


= ارفعي راسك واياكي تنزليها مرة تاني؟ انتٍ ما عملتيش حاجه غلط تتكسفي منها وانا اصلا ما كنتش هوافق على ارتباطك وانتٍ في السن ده ولسه بتدرسي، بس قصدت اعرفك حاجه زي كده لما هتحصل نكون صارحين من الأول عشان إحنا مش غلط .


لكنها طأطأت رأسها مرة ثانية مرددة بصوت حزين مرتجف


= انا مش عايزه اتجوز يا ماما وفاء، ما حدش اصلا هيرضى يرتبط بيا ولو حاول؟ اول ما يعرف كل حاجه عني زي الست دي هيمشي ويسيبني يبقى الافضل ما ارتبطش .. شفتي عملت ازاي لما عرفت نص الحقيقه؟ امال لما تعرف باقى الحقيقه هتعمل ايه؟ 


تنهدت وفاء بعمق وهي تقول بإبتسامة مميزة بدعم وتشجيع


= لازم تعرفي اللي هيرفض ياخدك وانتٍ كده اكيد مش ده الشخص المناسب يا مهره، اللي ياخدك يحاسبك من اول ما خدك وبعدين اللي فات اصلا يحاسبك عليه باماره ايه؟ ولا عملتي ايه غلط؟ اهلك جوزوكي زمان بالغصب وانتٍ لسه طفله صغيره عندك 14 سنه غير ما كانش عندك وعيه كافي لتصرفاتك وقتها ولا تفهمي حاجه وشلتي مسؤوليه اكبر منك.. و بعدين فاكره اللي هيرتبط بيكي ولا ابن الست إللي كانت هنا دي! ما عندوش هو كمان نقط سوداء في حياته ولا حاجه في تاريخه القديم عشان نحاسبه عليها احنا كمان؟ كلنا مليانين عيوب وأسرار ومحدش فينا سليم .. صحيح في ناس مش بتحسبها كده لكن دول ما يخصوناش في حاجه، و ما حدش لي حاجه عندنا تمام.


هزت رأسها بإيماءة خفيفة كتعبير عن امتنانها لها، وأسندت وفاء كفها إلى جوارها متابعًا بنفس الابتسامة اللطيفة


= مش عاوزاكي تشيلي ذنب غلطه انتٍ ما لكيش يد فيها، ولا اسمعك ثاني مره تقولي مش عايزه اتجوز دي! ايه هتستخسري فيا اشوفك احلي عروسه فالدنيا واسلمك بنفسي لعريسك .


عضت مهرة على شفتها السفلى وهي تحرك رأسها بالإيجاب بإيماءة خفيفة خجلة، بينما إبتسمت وفاء على خجلها واقتربت تحتضن كتفها ليرحلون .


❈-❈-❈

وفي اليوم التالي وصل أيمن إلى منزل دلال ليأخذ ليان! هي التي اتصلت به بنفسها و أخبرته أنها وافقت على الرحيل معه؟ لا يستطيع أن ينكر أنه تفاجأ بالأمر لبضع دقائق، ثم ترك الاستيعاب جانباً وركض إليها لاصطحابها من منزل والدتها، ومنذ أن ركبت السيارة وهي تنظر إلى الخارج شاردة الذهن وقلبها كان يضرب بصوت عال. أما هو فكان يقود سيارته في صمت وتعجب، ولم يستوعب عقله ما حدث حتى الآن. هل هي بجانبه حقًا أم كان هو يتوهم ذلك وهذا حلم وسيستيقظ منه مثل كل مرة، رغم أنه لم ينظر إليها ولو مرة واحدة، فقط يقود السيارة بهدوء مذهل.


وقفت السياره بعد فترة، فتح الباب وترجل من السياره وهو يبلع ريقه بتوتر ماذا سيفعل الآن؟ وكيف ستكون حياتهم القادمه معا، اليس كان يتمنى عودتها والآن هي امامه ماذا سيفعل بعد لا يعرف لكن يجب أن يتفاهم معها بكل هدوء ورزانه.


هدوء ..؟!، كيف ذلك وهو أبعد ما يكون عنه في تلك اللحظات، يخشي أن ينظر اليها ويجد كل هذا حلما؟ نظر نحوها وجدها بالفعل معه شاردة، يعني لم يكن حلما بل واقـعاً وأخيراً أصبح واقعاً! ثوانِ و اتجه ليفتح بابها رغم  بهدوء إلا أنها شهقت بقوه؟ كانت بالفعل غير منتبهه لما يحدث حولها، مد يده وجذبها لكنها أبعدت يده بعنف وهبطت بمفردها وهي تحاول بأقصي ما لديها ثبات ولكنها لا تستطع، تنهد بضيق شديد ثم أخذ الحقائب وصعد خلفها، ليجدها تقف امام الباب بانتظاره ثم فتح الباب ودفع الحقائب للداخل وأغلق الباب مسبباً صوتاً عنيفاً مزعجـاً بشده .


كانت ليان تنظر الى المنزل بصمت وشرود وهي تتذكر لحظاتها فيه، السعيده والسيئه؟ لم يكن الأمر بسيط لتنسى لكن بالنهايه تلك الذكريات هي جزء من حياتها وقد عاشتها، ومع ذلك لم تتوقع عودتها مرة أخرى إلى هنا.. اقترب أيمن أكثر حتي بات يقف أمامها ولا يفصل بينهم شئ ثم قال 


= كل حاجه زي ما هي هتلاقيها في مكانها، انا ما حركتش حاجه فيهم حتي اوضه النوم ادخلي هتلاقي كل حاجه مكانها وحاجتك اللي كنتي بتطرزي فيها و التصميمات تبعك لسه كمان موجوده..


صمتت ولم تجيب عليه واتجهت أنظاره نحوها حتى بات لا يرى سواها، ثم أخرج تنهيدة مشحونة من صدره قائلاً 


= حتى الحاجات اللي كنتي بتحطيها في اماكن مش عاجباني وكنت دايما بقول لك انقليها سبتها زي ما هي، بصراحه كان عندي احساس انك هترجعي تاني مش عارف ليه 


لم تتحدث أيضا لكن لم تتوقف هي عن حدج أيمن بنظراتها المزعوجة منه فلن تصفو نيتها نحوه أبدًا، مما جعله يعقد حاجبيه باستغراب وقال بقلق


= ليان، انتٍ كويسه مش بتردي عليا ليه؟ حتى لما جيت خدتك استغربت ان انتٍ اللي كلمتيني بنفسك وطلبتي مني؟ وحتي و إحنا ماشيين ما سلمتيش على والدتك ولا هي اهتمت انك ماشيه، أنتم اتخانقتوا مع بعض صح؟ هي أجبرتك انك ترجعي معايا .


كان وكأنه يخاطب صنم لا ينطق ولا يسمع، بينما هي كانت شاردة في كل ركن بالمنزل فهنا يلقي أمرًا صارمًا بتهذيب أو غير ذلك؟ لا يهم! فهي لا تستطيع الاعتراض، تصرفاتها الهوجاء هي من اوصلتها الى هنا و بأسلوب عنيف، تنهد بقله حيلة وهو يقول بصوت هادئ


= طب تمام، ما تتكلميش ولا تحكي حاجه دلوقتي طالما مش عاوزه بس وقت ما تحبي تتكلمي انا موجود و بالنسبه لموضوع رجوعنا 

الأمور هنا هتمشي ذي...


قاطعته وكأنها تعرف وتعلم وتعودت على تلك الحياه والمعامله القاسيه من الجميع، و قد قرأت أفكاره، فقاطعت إياه بنفور


= الأمور هنا هتمشي زي الاول مش كده؟ هترجع تحبسني هنا وتاخد مني التليفون وتمنعني من إللي حواليا عشان ما اختلتش بحد واحاول اخونك تاني؟ ولانك مش بتثق فيا هتفضل طول الوقت شاكك فيا وانا لما احاول ابررلك ان انت ظلمتني مش هتصدق او حتى لو صدقت هترجع ترد عليا وتقول لي ما انتٍ السبب، وكالعاده اي مشكله تحصل أنا اللي هشيلها وانا الشيطانه هنا و الست الوحشه اللي خانت جوزها وعمرها ما هتكون ندمانه فعلا وهتوب .. وكل اللي انا بعمله ده عشان اداري علي عمايل زمان 


انصدم هو من الحديث، وهي ابتلعت ريقها بجمود و أضافت عليه بتنهيدة مستاءة


= مش كده؟ مش هو ده اللي هيحصل، مش هو ده اللي عاوز تقولهلي حفظت خلاص الشروط دي! انا عشت فيها اصلا اكتر من سنه 

لا متهيالي كمان سنتين عشان انا لما رحت عند ماما نفس الطريقه اللي اتعملت معايا بيها هي دي .. دايما مفكرين هو ده الحل، يلا تليفوني في الشنطه خده عشان تبدا الاوامر من اول دلوقتي .


تجمدت الكلمات على طرف لسانه فلم يستطع الدفاع عن نفسه حتي، لتضيف هي بجمود جاف


= سكت ليه؟ اديني وفرت عليك اللي هتقوله ليا، ولا في حاجه زياده عاوز تقولها لي؟ طب يلا اتفضل قول.. ما انا عشان ما عنديش حل تاني لازم اوافق ولازم افضل طول الوقت عبده ليك ولي اوامرك وابقى ست مش كويسه و وحشه لو فكرت بس اتمرد على اي طلب طلبته مني هو انا ليا عين أصلا اتكلم أو اعترض بعد عملتي السوداء.. وازاي يبقى في غفران منكم؟ انا خنت جوزي فاهمه يعني ايه؟ رحت كلمت واحد وانا على ذمت جوزي و عامله زي دي ما فيهاش رحمه ولا تسامح والمفروض أفضل طول حياتي اكفر على الذنب ده ؟ حتى لو إللي قدامي هو السبب في اللي انا فيه او كسرني أو خذلني أو آآ..


لم تستطيع الكلام اكثر او الصمت، أبعدت عينيها عن مقلتيه التي تبثان لها حبًا غير محدود هي تراه واضح وهذه نقطه الضعف، دار في خلدها الكثير من الأفكار المتخبطة حول طبيعة حياتهما سويًا بعد أن أصبحت التعاسة جزءًا من حياتهما، وكذلك هو، صمتت للحظات قبل أن تقول بقوة جامدة


= ايمن انت رجعتني ليه على ذمتك لسه ما خلصتيش انتقامك، حرام عليك بجد انا تعبت

شوف بالك قد ايه عمال تنتقم مني وعيشتني في جو صعب وفضلت ساكته ومستحمله من اهانه وذل عشان بس ترضى وتسامحني وفضلت كتير أوي اقول لك اديني فرصه وانا ندمانه وانت ما كنتش بتصدقني .. وطلقتني بالنهايه وبرده رجعت لي تاني مع اول فرصه جاتلك يبقى ده تسمي ايه .


لفظها للكلمات السابقة بالإضافة إلى نظراته التي تحولت للغرابة وهو يطالعها، وحل ساعديه متسائلا بتوجس


= ليان أهدي انتٍ فاهمه الموضوع غلط ، انا مش عايز انتقم منك وبالنسبه لي اللي حصل زمان انا ما كنتش هعيده تاني ومش ده اللي كنت هقوله لك اصلا من شويه، ما كنتش هسحب منك التليفون ولا احبسك هنا زي ما انتٍ فاكره و اللي حصل زمان مش هيعيده تاني يا ليان وده وعد مني صدقيني 


أبتسمت له إبتسامة متهكمة وهي تحدق في وجهه بنظرات حادة، تحولت تعبيراتها للوجوم الشديد، صحيح كانت بالسابق تتمنى اي اهتمام منه بالفعل ولكن الاهتمام بذلك الوقت بالذات يشعرها بالمذله و الخزي بما فعلته 


= بجد وايه العقل اللي نزل عليك مره واحده ده؟ ياااه كان نفسي اسمع الكلام ده من زمان أوي وتبطل تتعامل معايا بالطريقه دي اللي بتحسسني طول الوقت ان واحده رخيصه وما عندهاش كرامه، بس حتي لو كلامك صادق مش هيفيد بحاجه دلوقتي يا أيمن، ومش فاهمه برده رجعتني تاني على ذمتك ليه؟ 


حرك يده لمؤخرة عنقه وأجابها قائلاً بصوت مرهق


= انتٍ كمان رجعتي هنا برضاكي واتصلتي بيا ليه؟ عندك رد انتٍ كمان لكده .


تذكرت ما مرت به بالأمس مع والدتها من آلام مهلكة، لذلك انسحبت من حياتها وتركتها ولم تجد غيره أمامها فهو بالنهايه عاد وأصبح زوجها، بسبب ذلك اللعين طارق الذي اعترف بكل شيء حدث بينهما الى عمها معتقد بانه بذلك الطريقه سيوافق على ارتباطهم وهي بالاساس لا تريد الارتباط به؟ يكفي بان كل ذلك حدث معها بسبب دخوله بحياتها، طال صمتها ولم تجد إجابة مناسبة! في حين لمعت عيناه وهو يقول بتأكيد


= تمام احنا الاثنين ما عندناش رد! بس مضطرين نعيش مع بعض هنا، والاسباب هنقولها بعدين.. خليكي متاكده ان ما فيش اي حاجه من اللي حصلت زمان هتحصل تاني انا مش نيتي كده، ولا ده هدفي إللي رجعتك على ذمتي تاني عشان كده.. 


ثم عمق نظراته نحوها يضيف بنبرة جادة


= وبعدين زي ما انتٍ غلطتي زمان انا كمان غلط ذيك ولسه فاكر موضوع مهره وأن في لحظه من اللحظات ضعفت و كنت فاكر هو ده الحل وان ناري هتهدى لما انتقم منك بس ده ما حصلش وعرفت ان انا كنت غلط.. وانا ما ظلمتكيش وظلمت نفسي بس! لا انا كمان ظلمت طرف ثالث معانا واكيد هي كل ما تفتكرني دلوقتي بتدعي عليا وعلى اللحظه اللي قربت منها بس بغرض اثبت لنفسي ان انا قادر اعمل زيك واجرحك .. عشان كده مش مسامح نفسي على الغلطه دي كمان ذيك.


استغربت كلماته كثيرًا، هي لم تعهده مثل ذلك الهدوء المكثف من قبل والاعتراف بالخطا، ناهيك عن المعاملة الرقيقة التي يستخدمها معها، ارتسم على وجهها الذابل ابتسامة باهتة مرددة بسخرية مريرة


= والمفروض دلوقتي ايه؟ واحده قصاد واحده والمواضيع هتمشي بينا عادي بعد كده

وهنقدر ننسى اللي حصل زمان.. ما افتكرش يا أيمن الغلطات اللي احنا غلطناها صعب انها تتمحي حتى من رصيد ذنوبنا هتفضل موجوده وهنفضل نكفر عنها .. صحيح ربنا بيغفر لنا بس إحنا بشر ومش هننسى .


باغتها بالإمساك بكفها وضمه براحتيه لتشعر بسخونة دمائه على بشرتها الباردة، انفرجت شفتاها مشدوهة من حركته تلك وحدقت فيه بنظرات أكثر حدة، لكن لم يهتم بردة فعلها، واصر قائلاً بجدية وهو يضغط على كفها برفق


= ما إحنا لو حسبناها كده يا ليان، يبقى مش هنعرف نعيش اللي جاي وانا مش بتكلم على حياتنا مع بعض وبس! حياه كل واحد مع نفسه

انا ما كنتش مرتاح لما بعدت عنك؟ حياتي ما كانتش احسن حاجه والطلاق ما كانش ليا الحل زي ما كنت فاكر و معتقد ان انا يومين ولا عشرة وهقدر انسى واكمل حياتي، اللي حصل ممكن صعب يتنسي على رايك عشان كده.. لا انتٍ ولا انا قادرين نعيش حياتنا . 


هبطت دموعها وهي تهز راسها بمرارة وتابع محذرًا بجدية وهو يشير بعينيه


= بس عندي احساس أننا نقدر نتجاوز ده مع بعض يا ليان 


نظرت الي أيمن بعينان مغروقتان من كثره الدموع، وأردفت بغضب شديد تخفي خلفه ألم عنيف يشق صدرها وقلبها شقاً عنيفاً


= وعلشان ايه؟ عشان ما لقيتش اي حد قريب منك غيري.. والمفروض اوافق او ارفض على كلامك دة؟ وانسي معاملتك ليا زمان؟ غير أسلوبك اللي كنت بتتعامل معايا بيه البشع مش عارفه اسمي ايه غير كده؟ بس أنت كنت عامل زي اللي لافف طوق جنزير حوالين رقبتي و كنت بتسحب روحي بالبطيء واحده واحده ومش عاوز تطلق سراحي .


ضاقت نظراته نحوها فبدت أكثر يأس وحزن، وهو يحاول الدفاع عن نفسه قائلا باقتضاب


= ليان انا كنت محطوط تحت ضغط مافيش انسان يقدر يتحمله أقسم بالله لو جبل کان اتهد.. انا كنت بتعذب زيك كل يوم.. و يمكن اكتر مليون مرة.. كنت بتعذب مرتين مرة لنفسي و مرة اما بعذبك معايا.. انت مش عارفه يعني ايه راجل يعرف خيانه مراته؟ مش رجولته بس اللي بتتهز وشخصيته وكل حاجه فيه وبيحس بضعف فظيع فوق ما تتخيليه.. انا عارف انی قسیت علیکی جامد و يمكن معتيش بتحبينى زى الاول.. بس برده عارف انی عمري ما حبیت و لا هحب غيرك و مستعد اعوضك عن كل اللي فات.


كانت ليان صامته تبكي و هي تفكر بحياتهم

البائسة وما مر بهم هما الاثنين، أخذها في حضنه رغم عنها وهي تحاول الإبتعاد عنه بالقوة و التملص، وهو حضنها بقوة أكثر و رفض تركها، بينما ليان ظلت تبكي بحرقة في حضنه باستسلام. ثم نظرت له بتضرع شديد وقلبها ينقسم حزناً ثم قالت بألم وبكاء 


= الظاهر مش سهل أبدا نتخلص من حب بيأذينا لانه مهما كان مؤذى هيفضل جوانا حليف لي.


ابتعد أيمن ينظر إليها بألم شديد، هو يرفض رحيلها أو بعد زوجته عنه مرة ثانية، فإذا ستبتعد عنه هذه المرة أيضا؟ هناك شئ ما يخبره إن مسافه البعد طويله ولن تكن هينه عليهما أبدا، ثم شدد من لهجته قائلا 


= لو انا حبي مؤذي ليكي يا ليان فانتٍ حبك ليا كان بالنسبه لي عامل زي الموت اللي على قيد الحياه، بيديني الحياه والموت في نفس الوقت! ومش قادر انقذ نفسي ولا ابعد؟ عشان انا حابب أموت علي إيد حبك .



يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية حياة بعد التحديث, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة