-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 2 - 1

 

 قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد




الفصل الثاني

الجزء الأول

السيد سراج هو شخص ودود عاش سنوات طويلة من حياته خارج البلاد في تركيا، حيث تزوج من امرأة من أصل تركي وأنجب منها طفله الوحيد رسلان، وقد توفيت زوجته منذ سنوات وعندما توفي والده وهو في سن الخامسة عشرة من عمره، أخذه عمه وقام بتربيته مع أولاده، ومع مرور السنوات أصبح سراج مستقلاً بنفسه حيث عمل بشركه والده السابقة لفترة قصيرة ثم افتتح شركة في تركيا ونقل حياته هناك، لذا يشعر أنه مدين إلي عمو إسماعيل بالكثير ويريد رد جزء بسيط من رعايته له.


في ذلك الأثناء هبط سراج الدرج بخطوات بسيطة وتوقف من بعيد وهو يراقب تلك المشاجره بأعين مدهوشه، بينما حك حارس البناية رأسه، وأجابها بإيجاز 


= يا مدام وفاء بقيلك ساعه بتزعقيلي ليه، الحق عليا وقفت الاسانسير لمصلحتك 

وخايف على مالك اكتر منك 


هتفت وفاء بصوت صارخ وهي تشير بإصبعها مهدداً 


= ما المشكله انك مش عارف الغلط فين؟ بتتصرف ليه من نفسك طالما انا ما اديتكش الموافقه وقلت لك الناس اللي ما دفعوش فلوس الاسانسير اول الشهر ما تطلعهمش ولا تخليهم يستعملوا الاسانسير، بتشغل انت دماغك بقى وتمنع ليه ست كبيره زي دي تطلع عشر أدور وهي شايله الحاجات دي كلها لوحدها؟ انت ما عندكش دم ولا عندك قلب حتى تشيل عنها لا كمان بتمنعها تستخدم الاسانسير 


رد عليها بتلعثم وهو يحاول أن يبدو هادئاً أمامها 


= ما هي اللي ما دفعتش اول الشهر الفلوس، انا مالي وبعدين معروفه في كل العمارات اللي اشتغلت عندهم الجيران اللي مش بيدفعوا حق الاسانسير بنمنعهم من استخداموا .. لحد ما يدفعوا


ردت عليه وفاء بنبرة جادة وهي ترمقه بنظرات استحقار لهيئته 


= الست قالتلي نستنى عليها اسبوع وهتدفع عشان مستنيه ابنها اللي بره مصر يبعتلها الفلوس وهي استاذنتني وانا قلتلها ماشي، و لولا رجعت بالصدفه من بره وشفتها وهي طالعه على السلالم ومش قادره تاخد نفسها.. خلاص ما بقيناش في قلوبنا رحمه ما صعبتش عليك الست الكبيره دي تطلع الأدوار دي كلها على رجليها . 


أجاب الآخر ببرود وهو يضع يده في جيبه 


=لو مشينا زي ما انتٍ عاوزه كده بالصعبانيات يبقى كله هيستنطع فيها وما حدش هيدفع حاجه، صدقيني انا عارف الأشكال دي كويس انتٍ بس اللي مش عارفه حاجه عشان جديده على الشغلانه .. على العموم خلاص يا مدام انتٍ حره العماره عمارتك وانتٍ حره فيها تمشيها زي ما انتٍ عاوزه


حدجته بنظرات محتقنة وسـارت مبتعدة عنه وهي تردد قائلة


= الله ينور عليك بالظبط كده العماره عمارتي، وانا حره امشيها بالطريقه اللي تعجبني وعلى الله ده يتكرر تاني


لوي ثغره للجانب ساخراً منها وقال بفظاظه 


= بس صدقيني هو أسبوع بالكتير ولما تلاقي بعض الجيران استنطعوا فيها هتيجي و هتقوليلي كلامك طلع صح، بس نعمل ايه في نشفيه دماغ الستات اللي مفكره نفسها بتعرف في كل حاجه.. صحيح ناقصات عقل ودين 


توقفت فجاء وفاء بمكانها وسألته بإستنكار صريح وهي ترمقه بنظراتها الساخطة 


= افندم عيد كده آخر كلمتين قلتهم؟! هم مين دول اللي ناقصات عقل ودين يا جاهل ومالك بتقول الكلمه كده وكأنها شتيمه للستات، بس نعلمك و نأخذ ثواب فيك معلش، الرسول لما قال" النساء ناقصات عقل ودين" المقصود ناقصة عقل أنها تغلبها العاطفة والرحمة، و كون المراه عاطفيه ليس شئ خطا او سيئ بل بالعكس هو ميزه وناقصه دين أنها لا تستطيع الصيام والصلاة في فترة الحيض ومن يقولها بمعنى الشتم جاهل عقليا ودينيا، عشان بيوصف الرسول انه أهان المرأه و كده بيبتلى على الرسول .. واللي بيستخدم بقى الكلمتين دول كأنهم شتيمه هو اللي جاهل وناقص دين 


تحرك سراج خطوتين وكاد أن يقترب منهم لكنه توقف عند حديث وفاء، ثم ابتسم بخفه وهو ينظر الى ملامح الحارس الصامت بتوتر فجاه وعجز عن الرد. 


شعر ذلك الحارس أن قد ارتكب حماقه كبيره بكلماته وعجز عن التحدث بعد ذلك الرد، إبتلع ريقه بتوتر وأجابها بصوت متقطع 


= آآ أنا .. ما آآ ما قصدتش كده اكيد وما تقولنيش كلام ما قلتوش .


إزداد عبوس وجه وفاء وهي تردف بنبرة منزعجة 


= أبقى اعرف دينك كويس قبل ما تشتم بيه، بس نقول إيه الرجالة اللي من نوعيتك للاسف لما بيتناقشوا مش بيعرفوا يكوّنوا جمل هما مبيتكلموش بأساسيات منطق بيتكلموا بكلام حافظينه من المجتمع.. ويا ريتهم فاهمينه.


رحلت وفاء وقد مرت بجانب سراج بخطوات غاضبه بينما هو تطلع إليها بانتباه شديدة، وعندما رآه حارس العماره هتف قائلاً بنبرة عالية 


= خير يا سراج بيه تؤمرني بحاجه .


التفت أمامه ثم أخفض عينيه نحو حارس البناية وتنحنح سراج بصوت خشن وهو يسأله بفضول 


= آه كنت جاي عشان أسألك العماره دي مين صاحبها عشان كنت ناوي اشتري الشقه اللي ساكن فيها عمي، تعرف اكيد صاحبها مش كده .


أومــأ برأسه موافقاً وهو يشير بيده قائلا بجدية 


= ست وفاء اللي كانت هنا و لسه ماشيه هي صاحبه العماره و ورثتها عن جوزها زاهر الله يرحمه.


أخـرج الحارس علبة السجائر من جيبه، ثم إلتقط واحدة بيده وهو يضيف بتبرم بنظراته القلقة 


= بس ما تدخلنيش معاها في مشاكل وما اعرفش اذا كانت هتبيع ولا لاء، منك ليها حضرتك، معلش يعني في الكلام دي بتطلع في الواحد طالعه اعوذ بالله لما بيدخل معاها في حوار .


هز رأسه سراج بشرود ثم أردف بإقتضاب 


= ما انا خدت بالي من الكلام انها صاحبه العماره هي ساكنه في الدور الكام؟ و ساكنه لوحدها ولا معاها حد عشان لما اروح اكلمها .


❈-❈-❈


في إحدى المناطق الشعبية بمنزل سميحة، كانت تجلس بأريحية على الأريكة بينما تشاهد مسلسلها المفضل بحماس، وكانت تعابير وجهها تتغير حسب المشهد في التلفاز، ثم صاحت فجاه بنبرة عالية


= بنت يا شيماء قومي وطي على المحشي اللي على النار وشوفي استوى ولا لاء،

قبل ما يشيط .. يلا يا بنت قومي


إنزعجت شيماء من طلبها لتنهض ذاهبة للمطبخ وهي تهمس بصوت متبرماً 


= حاضر يا ماما قمت اهو الواحد ما يعرفش يذاكر في البيت ده خالص .


وفي ذلك الاثناء تفاجئت سميحه بباب المنزل يفتح ويطل منه أسر، ابتسمت له قائله بحماس


= أسر كويس انك جيت حماتك بتحبك عامله المحشي اللي بتحبه، كنت جبت معاك نرمين عشان نتغدى كلنا سوا


أجاب أسر بنبرة عادية وهو يمسح طرف أنفه 


=انا لسه جاي من عند الماذون نرمين طلبت الطلاق وانا نفذت وخلاص ما بقتش موجوده في حياتي 


نظرت له والدته بإندهاش وهي ترفع حاجبها للأعلى بعدم استيعاب ، وقالت محتدة


=انت بتقول ايه يعني ايه طلقتها وطلقتها ليه 

اكيد كله من الزفته اللي اسمها فريده لسه بتفكر فيها صح؟ مش قادر تخرجها من دماغك اديك خربت على نفسك وطلقت مراتك ارتحت دلوقتي


نظر لها أسر شزراً عندما ذكرت اسم فريده خطيبته السابقه ، وأجابها ببرود 


= ماما نرمين طلبت مني الطلاق عشان اكتشفت اني عندي مشاكل في الخلفه و احتمال كبير كمان مخلفش طول حياتي خالص.. قالتها لي صريحاً مش مستعده اضيع حياتي كلها مع واحد ما بيخلفش! و كفايه ان كنت متحمله برودك معايا وأن في واحده في قلبك غيري


نهضت بصدمة كبيرة ونظرت له بتوتر شديد متسائلة بنظراتها القلقة 


= انت جبت الكلام ده منين؟ مين اللي قال لك انك ما بتخلفش


لوي فمه في إحباط وأغمض عينيه بيأس ثم رد بصوت شبه حزين 


= هي طلبت مني اروح للدكتور عشان نشوف سبب تاخير الحمل ايه؟ فضلت تزن عليا كتير وانا ما كنتش حاطط الموضوع في دماغي وقلت اسيبه يحصل مع الوقت لحد امبارح استسلمت لزنها ورحت للدكتور وقال لها أنتٍ ما عندكيش مشاكل بس المشكله في جوزك! 

فضلت ساكته لحد ما روحنا وفاجئتني انها طالبه الطلاق واصرت عليه، قالتلي انت لو مكاني هتطلبها برضه و لو كنت بتحبني كأن ممكن اتمسك بيك شويه لكن هتمسك على ايه وانا جوازي منك كان اكبر غلطه ! 


شهقت سميحه بصوت عالي وهي تلطم علي صدرها و أشارت له بيدها الأخري قائله بسخط


=وانت سمعتلها على طول وطلقتها صح، كنت سالت الدكتور على علاج وخدته واستنيته تدوا لنفسكم فرصه هو الطلاق سهل كده .


كــز أسر على أسنانه في شراسة وصـرخ بإنفعال كبير فجاه فقد طفح الكيل به وهو يجد نفسه يخسر كل شيء حوله، خسر في السابق حب الوحيد والآن يخسر كرامته المهدوره عندما اكتشف حقيقه الامر وان لم يستطيع الإنجاب


= انتٍ عاوزاني اعمل لها ايه اتذلل ليها عشان تفضل معايا، مش دي الجوازة اللي اصريتي اتجوزها وقعدت ترسميلي عليها احلام و هي دي اللي هتسعدك واللي عمرها ما تتخلى عنك اهي سابتني مع اول مشكله؟ عارفه سابتني ليه؟ مش عشان موضوع الخلفه لا عشان ده ذنب فريده !. 


كـور قبضته في حنق وتنهد في تعب و هو يتذكر لمحات من الماضي تجمعهما سوياً، و رغم هذا الوجع يشعر بعاطفة نحوها و شعر أيضا بالعطف تجاه نفسة فإضطر هو أسفاً يضيف بانكسار


= لما نرمين وقفت في وشي وقالتلي لازم نسيب بعض وانا مش هقدر اكمل الطريق ده معاك افتكرت كلامي ساعتها اللي قلته لفريده هو نفسه بالضبط! حسيت كان ربنا بيعاقبني والأيام بتعيد نفسها.. وزي ما سبتها انا كمان اتسبت، زي ما اتخليت عنها في اكتر وقت محتاجاني! نرمين كمان اتخليت عني في اكتر وقت كنت محتاج حد يطبطب عليا 


قاطعته والدته بخوف ونظرت له بريبة وهي تقول بصوت هامس بأمل بعد أن أمسكت بكفه


= اهدى يا حبيبي واكيد المشكله دي ليها حل و في علاج، الطب دلوقتي اتطور وبكره اجوزك اللي احسن منها 


ضيق عينيه بسخرية مريرة ونظر إليها بإحباط ويأس وإزداد عبوس وجهه وقتامته ثم هتف بصوت جامد 


= واتعالج ليه ولمين؟ انا مش زعلان على فكره أن نرمين سابتني ولا زعلان على اللي عملته بالعكس كده احسن هي معاها حق الجوازة دي كانت غلط من الأول، سمعت كلامك ورحت ادور على واحده شريفه ما اتلمستش قبل كده وسمعتها كويسه بين الناس مش زي فريده اللي اغتصبت وسيرتها بقت على كل لسان واخر ما زهقت منكم رضيت تتجوز اللي اغتصبها؟ وانا كمان عملت زيها عشان اخلص من الزن ورحت اتجوزت واحده شريفه ما اتلمستش قبل كده بس نسيت ادور على الاصل .


تفرست أم شيماء ملامح أبنها بحزن شديد ، وهي اصبحت تري جيد حقيقة الأمر وما يقوله 

إبتلع هو ريقه بصعوبة بالغة وضعف، ثم هتف بألم حاد يعتصر قلبه بحرقة


= كنتي بتقولي من شويه هتجوزيني اللي أحسن منها؟ لا يا ماما بلاش تضحكي على نفسك ولا عليا، انا اللي هترضى بيا وانا في وضع زي ده؟ هتعطف عليا وكثر خيرها لو رضيت بواحد زيي! وجهي نفسك بقى لمره واحده المشكله المره دي فيا مش فيهم .


❈-❈-❈


استيقظ سالم ليجد نفسه في المستشفى ونائم فوق الأريكة و تسنيم بين احضانه، تطلع الى الأمام ليجد أبنته ما زالت نائمه فوق الفراش؟ تنهد براحه ونظر جانبه ليحدق في زوجته بنظراته الشغوفة بها دون أن يفلتها من أحضانه بقي ذراعه محيطًا لخصرها، وضمها إليه أكثر قائلاً بهمس


= تسنيم اصحي يا حبيبتي .. اصحي يلا اغسلي وشك عشان نجهز نفسنا ونروح


فتحت عينيها ببطئ شاعرآ بألم حاد بمنتصف ظهرها ورقبتها، ابتعدت عنده وهي تدلك تحت رأسها بوجع، تنهد سالم وهو يقول بعتاب


= شكلك تعبانه من النومه هنا على الكنبه قلت لك من الأول سيبيني وروحي انتٍ احسن 


رفعت عينيها نحوه لتنظر إليه بتأمل وقد أشرقت نظراتها بلمعان محبب وقالت بصوت مبحوح أثر نومها


= مكانش ينفع أسيبك في الحالة دي وما كانش جنبك .. ما تقلقش عليا شويه ورقبتي هتفك والوجع يروح .


كادت أن تنهض لتتفاجئ بـ سالم يسحبها و صارت في أحضانه، شعرت بالصدمة وشعر هو باضطرابها، ليبدأ في تدليك رقبتها من الخلف و ظهرها برفق! برهبتها من الموقف برمته، فلم تستوعب الأمر أغمضت عينيها مستسلمة لذلك الشعور الدافيء الذي اخترقها رويدًا رويدًا لينتشر في لحظات في أنحاء خلايا جسدها ثم أردفت قائلة بصوت مرتجف


= سالم انت بتعمل ايه ما يصحش كده .


باغتها بتطويقها من كتفيها ليضمها إلى صدره، و رفض إبعادها عنه رغم تلويها بجسدها للتخلص منه، وهو يرد بحنان


=أنا جوزك دلوقتي! وبعدين يصح تبقي تعبانه بسببي كده وأنا موجود؟ قربي يا حبيبتي، ده أنا أما صدقت نبقى سوى أخيراً وفي حضني! 


التفتت له، ثم لوي ثغره للجانب بعبوس قليلا وهو يضيف بحسرة


= هقول بس ايه النصيب، كان زمنا دلوقتي في أوضتنا زي اي عريس وعروسه وبنصحي بعض بالاحضان والـ .. 


زادت حمرتها الخجلة من تلك الكلمات الموحية وصمتت ولم ترد من الخجل الشديد، بينما عقد حاجبيه باستغراب زائف وهو يقول بمكر


= وشك احمر ليه وبعدتي عني؟ شكلك فهمتيني غلط تاني انا كنت هقول لك زمنا بنصبح على بعض بالاحضان و الفطار فوق السرير وبناكل واحنا مرتاحين .


بادلته ابتسامة رقيقة وقالت بنبرة خجوله


= علي فكرة أنت بايخ


وضع يده سالم أسفل ذقنها، داعب بشرتها بإبهامه، وقال لها بعدها بما يشبه الغزل 


= بس عجبك ما تنكريش، هو إحنا مش هانجيب لـ ليلي أخ قريب بقي؟ حاسس يعني الموضوع طول زياده عن اللزوم.. يعني الفرح اضرب في اخره و ليله الصباحيه راحت وتقريبا كده كمان اجازه شهر العسل هتروح . 


ظل على ثغرها بسمة ناعمة تلهب المشاعر أكثر، لكنها عبست بإحباط وهي تقول بتردد واضـح


= هو كده ممكن فعلا الاجازه تروح، احنا خدنا اسبوع بالعافيه واتفقنا هنسافر وقطعنا التذاكر كمان، بس اكيد طبعا معاك حق مش هتسيب بنتك في ظرف زي ده.. ما توقعناش ان ده يحصل وتتعب ليلى 


هز رأسه بتفكير قائلا بعدم اعتراض 


= مش عارف بس الدكتوره طمنتني وقالت انها كويسه.. هحاول محاوله تاني مع جدتها انها تخليها معاها واحنا نسافر وبعدين ده هو اسبوع يتيم وهنرجع على طول 


اتسعت تسنيم عيناها بفرحة عارمة، وابتسمت بحب واضح له . 


استمعت ليلي إلى جملته تلك الأخيرة، و أزعجها كلمات والدها بأنه سيرحل لرحله سفرة من دونها، لكنها لم ترضخ الى ذلك بالتاكيد؟؟ فبدت متجهمة من طريقته تلك معها فهي اعتادت علي والدها يخطط الى رحله سفر لهم هم الاثنين فقط! لكن الآن قد جاءت تلك الخبيثه لتاخذ مكانها بحياته لينساها والدها بالتاكيد.. تململت ليلي فجاه بالفراش وهي تغمض عينيها وتحدثت بصوت حزين مرتجف 


= ماما .. ماما انتٍ فين .. ماما ما تسيبنيش.


نهض سالم بسرعة إليها واحتضانها بعاطفة وقبل رأسها، فنظرت ليلي له بعتاب وهو يردف بصوت دافئ


= هشش اصحي يا ليلى انا هنا يا حبيبتي جنبك، اصحي شكلك بتحلمي 


فركت وجهها بنعاس و إعتدلت في نومتها بين احضانه وهي تقول بنبرة حزينه زائف


= بابا حبيبي ما تسيبنيش ما تبعدش عني عشان خاطري.. تعرف يا بابا كنت بحلم بمين؟ كنت بحلم بماما وحشتني أوي ونفسي ازورها .. وانت كمان منستهاش صح يا بابا 


قالت بسؤالها ذلك بإصرار حتي يريحها ولا يجعل تلك الواقفه تشعر بالنصر اكثر من ذلك عليها، انتظرت اجابته التي رغبة بها ولم يبخل عنها فهو لم ينسى والدتها بالتاكيد، هز رأسه سالم بهدوء واجاب 


= اكيد يا حبيبتي فاكرها وانتٍ كمان كل ما تفتكري ادعيلها بالرحمه


هزت رأسها بخفة ، وهي تقول بإهتمام


= انا مش بنساها يا بابا خالص عشان افتكرها 

ماما متتنسيش يا بابا، كان نفسي تكون معايا في وقت زي ده وحشتني اوي .. بابا انا عاوزه اروح ازورها في المدافن عشان خاطري وديني


ظل يداعب خصلات شعرها بأصابعه متنهدًا وهتف بتعجب من طلبها


= حاضر يا حبيبتي بس انتٍ تعبانه دلوقتي مشوار زي ده! لازم نرتبله قبلها بكام يوم وعد مني هخليكي تزوريها قريب، يلا يا حبيبتي لو جاهزه نروح دلوقتي.. قادره تقومي تغيري هدومك و تغسلي وشك ولا تحبي تسنيم تساعدك .


هزت راسها برفض ونهضت بهدوء نحوه المرحاض وظهرت ابتسامتها السعيده على وجهها عندما التفتت بظهرها وهي تعتقد بان تسنيم الآن تشتعل بالغيره تأثير كلماتها تلك حول والدتها الراحله، بينما اقترب سالم متردد وهو يسألها بقلق


= اوعي تكوني زعلتي يا تسنيم من كلام ليلى


ابتسمت تسنيم بخفه وهي تقول بتريث عقلاني 


= انا مبزعلش من ليلي انا مقدره اللي هي فيه... وبعدين هزعل من ايه عشان بتتكلم على مامتها طب ما شئ طبيعي وعادي، مش معنى ان انا دخلت حياتكم يبقى خلاص هتنساها وتخرجها بره حساباتها .


تنهد سالم في إرهــاق ، ورد عليها بغرابة 


= انا مش عارف هي ليه حلمت بيها الايام دي مستغرب اصلا دي اول مره تسالني عليها وتبقى مصممه اوي كده انها عاوزه تروح المدافن ، عمرها ما طلبت الطلب ده مني قبل كده.. وانا اللي كنت دايما كل مره ببقى حريص في المناسبات اروح اوديها تقرا الفاتحه ليها وكنت بقول اكيد عمرها ما هتطلب مني الطلب ده عشان ما شافتهاش ولا تعرف عنها حاجه .


تقوس فم تسنيم قليلاً وهي تجيبه بفتور


= طب ده شيء كويس انها اللي طلبت منك المره دي من قبل ما تطلبها، وبعدين متهيالي فكره انها افتكرتها في الوقت ده بالذات؟عشان انا دخلت حياتكم حسيت ان انا يعني خدت مكانها وانك ممكن تنساها 


عقد سالم حاجبيه بتفكير ثم قال بصوت هاديء 


= وجهه نظر برده يمكن، تسنيم انا عايزك تقربي من ليلي، نفسي انتم الاثنين تكونوا قريبين من بعض 


تابع وأضاف بجدية وهو محدق بعينيها


= صدقيني ليلي طيبه اوي وممكن بكلمتين تصاحبيها وتقربي منها، مش عاوزكم تعملوا بعض علي أن انتٍ مرات الاب وهي بنت جوزك .. نفسي بجد العلاقه تكون بينكم اكتر من كده .


أخذت تسنيم نفساً عميقاً وزفرته بعدم تأكيد ثم قالت بأمل 


= ان شاء الله مع الأيام والوقت ده هيتغير 


❈-❈-❈


بذلك التوقيت، كان بدر يسير بخطوات شبه سريعة، حيث تذكر أنه نسي إطفاء الغسالة

صعد الدرج بسرعة لكنه توقف فجاه أمام منزل أم خالد عندما وجد الباب مفتوحاً وصوت أطفاله يبكون بصوت عالٍ من الداخل !!

اقترب خطوة أخرى لتظهر الصورة أمامه؟


فوجد ابنته الأولى على الأرض تبكي بحرقة وليس هناك أحد بجانبها. أما الثانية فكان يحملها طفل في السابعة من عمره، وكانت تبكي بين ذراعيه بينما كان يحاول بالقوة إجبارها على تناول بعض الطعام الغير صالح لعمرها، للحظة توقف في مكانه عاجزًا عن التقدم خطوة نحو الداخل و كور قبضته ضاربًا الدرابزون بعنف ومفرغًا فيه شحنة مكبوتة،

قبل أن يركض ويسحب ابنته من بين ذراع ذلك الطفل بالقوة، الذي عندما رآه شعر بالرعب وركض إلى الداخل.. وانخفض أرضاً يحاول تهدئه الثانية، بينما خرجت تلك المرأة من المطبخ بعدم مبالاة ولما رآها بدر هتف قائلاً بغضب


= ايه ده اللي بيحصل هنا؟ هو ده اللي هتخلي 

بالك من العيال وما قلقش عليهم


شهقت أم خالد بصوت مرتفع وهي تلطم على صدرها من المفاجأة فلم تتوقع قدومه الآن مطلقاً، لتتقدم منه بخطوات مترددة هاتفة بتوجس


= سي بدر أنت ايه اللي جابك من الشغل بدري


كـــز بدر على أسنانه في شراسة وهو ينطق بتوعد 


= ده من حظي الكويس ان جيت بدري عشان اشوف اللي عامله في بناتي؟ راميه واحده مفلوقه من العياط والثانيه مكبره دماغك منها ومديها لعيل عنده سبع سنين يشيلها ولولا لحقته علي آخر لحظه كان هياكلها من اكله، هي دي الامانه اللي سايبهالك 


مطت أم خالد شفتيها في سخط وحدثته بإنفعال مثله


= جري إيه يا اخويا مالك داخل علينا كده وعمال تزعق الحق علينا بنخليلك بالنا من بناتك لحد ما ترجع من شغلك وتاخدهم، بدل ما تشكرنا على المعروف اللي بنعملهلك.. ايه يعني انشغلت عنهم شويه جرى ايه لكل ده؟

انت يا اخويا مش بتدفعلنا فلوس حق ما احنا بنخلي بالنا من عيالك عشان تدخل تزعقلنا كده .


في تلك اللحظة خرج زوجها علي آثار الصوت، ونظر إليه بدر بقوة وهو يصيح بعصبية شديدة


=لا يا أم خالد يعتبر بدفعلكم حق اللي بتعملوه لعيالي واكتر بامره عربيه جوزك التاكسي اللي شغال عليه، كل يوم والثاني عندي بصلح في كل ما يبوظ وعمري ما طلبت من جوزك حساب واكيد قايلك الكلام ده وفاهمين من نفسكم أنتم الاتنين ان ده ثمن قصاد اللي بتعملوه لعيالي 


رد عليه زوجها بتلعثم واضح وهو يبتلع ريقه بتوتر 


= مالك بس يا بدر اهدى كده وتعالى نتكلم بالراحه، ما جراش حاجه لكل ده احنا برده جيران ما يصحش كده 


نفخ بضيق أكبر وهو ينظر الى بناته التوأم بحزن شديد، وهز رأسه بيأس هاتفًا بصرامة


= لا جرى كتير و المشكله ان مراتك شايفه عملتها عادي لما تسيب عيلين عندهم اربع شهور من غير ما تاخد بالها منهم ورميالي واحده لابنها اللي عنده سبع سنين يعمل ما بداله فيها وبيتعامل معاها على اساس انها لعبه وكان ممكن يؤذيها، على العموم انتٍ معاكي حق هي غلطتي من الاول ان انا بسيب بناتي عند ناس اغراب و ما فكرتش لو لمره واحده اتاكد انكم قد الامانه دي ولا لاء.


أشار له بدر بإصبعه محذرا إياه، وهو يضيف بلهجة صـارمة وحادة


= وهي خلصت لحد هنا وانت ابقي تعالي خد التاكسي بتاعك، بس قبل ما تيجي تاخده من الورشه عندي ما تبقاش تنسي تدفع حسابها لعوض عشان المره دي مش هطنش واصلحها على حسابي زي كل مره، عشان دي اخر مره هسيب عيالي عند ناس اغراب سواء انتم ولا غيركم 


أخذ بناته التوأم بعدها ورحل من المنزل، لينظر إلي زوجته ببغض واردف بنبرة محتدة


= عاجبك كده يا وليه مش قادره تخلي بالك من بناته، التاكسي اللي بناكل منه عيش كل يوم والتاني بيبوظ مني وبيحتاج تصليح و اما صدقت انه بيصلحه على حسابه في الورشه عنده وعمره ما طالبني بجنيه واحد دلوقتي هعمل ايه هضطر ادفعله بسببك.


ردت عليه زوجته بوجه ممتعض وهي تلوي فمها 


= يا اخويا بلا وجع دماغ كفايه عليا وجع عيالي هشتغل لي داده كمان، ما يروح يتجوز ويجيب واحده تخلي بالها من بناته بلا هم.

تابع قراءة الفصل