رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 3 - 2
قراءة رواية حياة بعد التحديث
الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حياة بعد التحديث
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الثالث
الجزء الثاني
الأم مدرسة إذا أعددتها أعدت شعباً طيب العرق، لكن السؤال الأهم كم مدرسة موجودة الآن؟ لا من وجهة نظرها.. ولا من زوايا تضحياتها الأسطورية من أجل أبنائها، دون أن تقدم تضحيات من أجل مصالح شخصية، و السؤال الأهم كم امرأة نستطيع أن نقول إنها مدرسة بصراحة؟
تلفتت خيرية حولها بنظرات قلقة محاولة اكتشاف ذلك المكان الذي جاءت له حسب العنوان الذي اخذته من سماح و اتضحت لها الرؤية تدريجيًا إنها في دار مسنين، تلاحقت دقات قلبها بقوة عندما شاهدت ابنتها تجلس جانب بمفردها هزت راسها بعدم تصديق هتفت بصوتٍ باكٍ باشتياق
= فريدة!
اقتربت بخطوات سريعة نحوها و ذراعيها راغبًا في احتضانها فركضت بلا تفكير نحوها تريد فقط الاطمئنان عليها وترتمي بجسدها داخل أحضانها التي تشتاقها، شعرت فريده فجاه بظل جانبها فرفعت عيناها بصدمة كبيرة، بكت أمها بفرحة أكبر وهي تقول
= ايه يا فريده يا حبيبتي مش هتيجي تسلمي على امك؟, وحشتيني يا حبيبتي وحشتيني اوي
نهضت بسرعه وهي لا تصدق كيف توصلت الى عنوانها، و قالت باقتضاب
= انتٍ عرفتي مكاني منين؟
حدقت فيها بعينيها الباكيتين مكتفية بالنحيب الخافت ولسانها مزال يهمس بالاعتذار والاشتياق
= انا اسفة.. صدقني من ساعه ما مشيتي وكلنا حالنا اتغير وابوكي ليل نهار بيدور عليكي عشان يرجعك وكلنا ندمنا على كل اللي عملنا معاكي وما كانش قصدنا سامحيني يا بنتي
اقتربت منها لتضع يدها على كتفها لتبدي ندمها لها، لكنها أبعدتها عنها بجفاء قائلة بصلابة
= انا سالتك سؤال وعاوزه اجبته عرفتي طريقه منين؟ و ازاي؟ و اعتذار ايه اللي مكلفه نفسك وجايه تعتذري ومفكراني هقبله ولا كنت مستنيه منك ولا من غيرك .
هزت راسها بيأس وحسرة من ردت فعل ابنتها الجامده، ثم أردفت قائلة بنبرة حزينة للغاية
= انا مش هدافع عن نفسي، انا عارفة اني غلط، بس من فضلك اسمعيني يا بنتي افتكري لي اي حاجه حلوه كنت عملتها لك بس بلاش القسوة دي تعامليني بيها، من ساعه ما سبتيني وانا حياتي كلها اسودت.. كل يوم بصحى وانام بحلم بيكي انك رجعتي لحضني تاني.. ده انا امك برضه و انتٍ حته مني، عاوزاني استحمل بعدك عني ازاي كفايه بعتي سنه وانتٍ بعيد عني وما اعرفش عنك حاجه كفايه بقى كده.. ارجعي و صدقني محدش المره دي هيعمل لك حاجه ولا هيغصبك ونضغط عليكي على حاجه مش عاوزاها .. وانا بقول لك اهو احنا كلنا غلطنا فيكي بس احنا في النهايه اهلك وما ينفعش تبعدي عننا
ردت عليها بجمود وهي تتفرس وجهها الحزين بعدم مبالاة وقسوة اكتسبتها من جفائهم
= بلاش تستخدمي نظريه فنُّ إغتصاب العقول دي! لانها ما بقتش تاكل معايا لأن مفيش غلط بدون قصد او حتي نيه الغلط دايما ليها غرض
اقتربت منها والدتها، ونظرت لها بتفحص وهي ترد عليها بتلهف وندم
= لا ساعات بنغلط من غير ما نقصد فعلا
المهم منتماداش و نعتذر بطريقة تراضي اللي غلطنا في حقه فعلا، وانا اهو قدامك مستعده اخذ منك اي عقاب بس ترجعي لحضني تاني وتسامحي وتنسي اللي فات، يا حبيبتي احنا اهلك وما لناش غيرك
تنفست بعمق مخرجة زفيرًا يحمل الكثير من الهموم وقالت بسخرية مريرة
= وانا برده ما كانش لي غيركم واتعشمت فيكم كثير أوي بس انتوا خذلتوني واتخليتوا عني، و أي تبرير منك او من جوزك مرفوض، وما تستنيش مني ان انا بعد اللي عملتوا زمان هقبل اعتذارك كده وانسى ولا كأن عملتوا حاجه
سريعًا اقتحم عقلها ذكريات متنوعة من ماضيها الموجع حتى لحظة طردها، ترقرقت العبرات في عينيها بقوة وهي تقول بصوت شبه متشنج لكنه مختنق
= عاوزاني أنسي طب ازاي؟ انسى حقي اللي فضلتوا تضغطوا عليا لحد ما اتنازلت عنه؟ انسى ان انا جيت لكم بعد ما خسرت كل حاجه ابني وشرفي و انتم بدل ما تقفوا جنبي جوزك طردني من بيته عشان خايف من كلام الناس ؟ أنسي اني فضلت اكتر من سنه مرميه في بيت عمي و محدش منكم اتراجع وحس بغلطه لا بالعكس فضلتوا مستمرين في اللي بتعملوا و قلتوا يلا اهي بتتربى مش فضحتنا عشان عاوزه تاخد حقها تشرب بقى، انا بقيت بتعالج بسببكم سامعني كويس؟ انتوا السبب عرفتي انا ليه بقيت قاسية .. انتوا السبب إني على طول غضبانة و قاسية، بوظتوا حاجات كتيرة جوايا، تحبي اكمل ولا كفايه كده؟
رفعت خيرية رأسها نحو فريدة وهي صامته وعيناها مليئه بنظرات خزياً وخجلاً.. ساد الصمت للحظات، ثم تابعت حديثها وهي تخرج من جيبها علبة دواء السكر و رفعتها بيدها أمام وجهها بوضوح بتشنج متعصب وقد برزت حدقتاها بمرارة وقهر
= طب بلاش شايفه دي ايه؟ ده علاج للسكر اللي جالي من كتر القرف والضغط اللي انا كنت عايشه فيه بسببكم لوحدي .. حتى ده كمان هعرف انساه واعتذارك هيشفيني منه!
شهقت خيرية بعدم تصديق، بقلب منقبض
وأجابتها بنبرة متقطعة
= آآ انتٍ عندك السكر، ما كنتش اعرف
التهبت عيناها بعبراتها الحارقة، فشعرت بنبضاتها المتلاحقة تصل إلى أعصاب يدها لذا سقط الدواء أرضا منها، و رفعت عينيها إليها وقالت من بين بكائها المرير
= انتٍ عمرك ما عرفتي حاجه عني ولا انتٍ ولا جوزك اصلا ولا حاولتي تفهميني ولا وقفتي جنبي ولا عرفتي انا عاوزه ايه ولا ساعدتوني، لا طول الوقت بتحاولوا تهدوا فيا وبس! انا أوقات كنت بسال نفسي هو انتم ازاي أهلي وبتعملوا فيا كده بجد.
أحست بقوتها تنهار بجسدها الواهن، لم تتحرج من البكاء في حضورها أو حضور الجميع حولها وزاد نحيبها مع قولها الصريح بروح مقهوره
= عارفة في وقت المحنه اللي انا كنت فيها كنت عاوزه منكوا ايه؟ ماكنتش عايزة حلول ولا فلسفه ولا نصايح مش هتفيدني بحاجه، ولا تحكمات اللي بتسموها تحت بند احنا اهلك وعارفين مصلحتك، مكنتش عاوزاكي تجيبلي حتي حقي اللي ضيعتوا بالقوة، كنت عايزة حضن! عاوزه ايد تطبطب عليا أو حتى تقفي جنبي وتحتويني! بس حتى دي استكترتوها عليا..انا شفت منكم قسوة وظلم لحد دلوقتي عقلي مش قادر يستوعبها، وانتٍ جايه بكل بساطه تقولي لي انا اسفه وانسي اللي حصل
انتحبت أكثر في ألم، وزاد ذلك من الوخز في قلبها، ومع تضاعف رجفة جسدها وهي تضيف
بنهنهة متقطعة
= انا لو نسيت اللي حصلي منكم مش هنسي أحساسي وقتها كان عامل ازاي؟ أنا مبلحقش أبقي كويسة، والله ما بلحق ارحموني بقى .
أخفضت خيرية نبرة صوتها للغاية وهي تقول بمرارة قاتلة لروحها من مظهر ابنتها المتألم أمامها بذلك الشكل بسببها
= معاكي حق في كل كلمه قلتيها بس للاسف انا ما فهمتش ده وقتها ولا ابوكي ولا اختك ولا اي حد مننا، انتٍ لسه زعلانه مننا اكيد ؟!
طب معلش حقك عليا انا غلطانة ، حقك عليا مش هعمل كده تانى، انا غلطانة من ساسى لراسي.. وكل اللي انتٍ عاوزاه هنعمله ليكي بس ارجعيلي تاني يا فريده، ايه ماوحشناكيش كل المدة دي كلها حتي.
آلمها ما اختبرته من دناءة حقيرة و خذلان من الجميع، لذلك لم يكن التسامح في خانتها مطلقا وأبدا، هي بالاساس لم تتجاوز ألمها حتى تفكر في التسامح! قست نبرتها مع نظراتها نحوها محتجًا على خذلانها البائس
= مش كل حاجه توحشنا ينفع نرجعلها تاني..
ما تحاوليش تيجي تاني هنا ارجعي مطرح ما جيتي و انسي أن ليكي بنت إسمها فريدة، زي ما انا نسيت ان انا ليا أهل اتخلوا عني زمان .
❈-❈-❈
تحركت فريدة بخطوات سريعة تبحث عن سماح وتوهجت بشدة حينما رأتها بداخل غرفه السيدة عواطف كانت تتحدث معها بعدة مواضيع غير هامه، نظرت بعينيها المتورمتين بنظرات محتدة وهي تقترب منها وهتفت بجدية وهي تشير لها بسبابتها المرتعشة
= انتٍ اللي قلتي لماما عنواني مش كده ؟ انا مش حذرتك لو حد اتصل بيكٍ منهم تقولي انك ما تعرفيش عني حاجه.
نظرت لها سماح بدهشة وضغطت على شفتيها هاتفة بارتباك بعد أن تداركت الأمر
= اسمعيني بس يا فريده وافهمي حالتها كانت صعبه وهي بتتكلم معايا وما قدرتش بصراحه ما اقولهاش مكانك فين؟ هي أم برده واكيد قلبها واجعها عليكي
عقدت حاجبيها بتعجب عواطف التي كانت تجلس بالخلف ولم تفهم ما بها وما الذي يتحدثون عنه، استشاطت فريده بعصبية شديدة من كلماتها تلك فقد اشعرتها بانها هي الجاني مجدداً بالحكايه وليست الضحيه، لذا صاحت تقول بنبرة حادة
= يا سلام صعبت عليكي عشان مجرد كلمتين قالتهم ولا دمعتين نزلتهم؟ وانا ما صعبتش عليكي ما انا حكيتلك اللي عملوا معايا وازاي اذوني؟
تلك هي الحقيقة التي حاربت لتثبت عكسها؟ بانها لم ترى من عائلتها الا الأذى، هي حاربت معارك معهم وفي الأخير كسبت الكثير من المعارك تلك، إلا تلك المعركة معهم انتهت بالخساره والفشل، ولم تظفر سوى بالمعاناة والألم، و لم يشعر أحد بها ولا باوجعها ولا بنفسها المهدوره والتي حكموا عليها بالنهاية قبل حتى أن تبدأ، لم ترى منهم عطف او شفقه؟ لذا انتهى أمرهم بالنسبة لها، أسرعت سماح تهتف بتبرير لوضعها ولما فعلت ذلك
= صعبانه عليا اكيد وانا عملت كده من خوفي عليكي، يا فريده كلنا بنغلط، وانا مش بقول لك كده عشان مش حاسه باللي انتٍ فيه ولا مش صعبانه عليا زي ما انتٍ فاكره بالعكس انا كل ما اشوف حالك كده لوحدك قلبي بيوجعني عليكي وببقى نفسي اساعدك باي طريقه فقلت ممكن لما والدتك تقرب منك الوضع يرجع زي ما كان بينكم زمان، وهي ندمانه والله على كل اللي عملته
استدارت ببطء برأسها نحو سماح لتحدق فيها بعينين دامعتين بعدم تصديق، وصاحت فريدة بصوتها المختنق رافضة كلماتها بتلك البساطة و السخرية على مُصابها الأليم قائلة
= نعم انتٍ قلتي ايه؟ ندمانه آه والمفروض عشان ندمانه ارجعلها وانسى حقي اللي اتنازلت عنه بسبب الضغط اللي شفتوا منهم
وانسى اني بسببهم برضه بقيت مش بخلف
عشان لما لجات ليهم كلهم اتخلوا عني دلوقتي بس حسوا انهم غلطانين.. بس ليكي حق وهم كمان ما انتوا لو عشتوا دقيقه واحده نفس الشعور اللي جوايا وقد ايه انا اتوجعت ؟ هتعرفي ان مهما عملوا ما فيش حاجه هتخليني اتخلص من العذاب اللي انا عايشه جوايا .. وندمهم اللي انتٍ مبسوطه أوي بيه ومفكره عشان ندمانين ان خلاص كل حاجه هتتصلح مش هيفيدني ولا هيرجع اللي راح ولا هنسى اللي هم عملوا معايا
انهمرت عبرات فريدة بغزارة وغص صدرها بالبكاء الحزين كانت في أضعف حالاتها! في أصعب المواقف وأقساها، فقط نالت من الجميع تلك المواقف القاسية الغليظة متحجرة القلب والمشاعر ومن أسرتها التي لا تعبأ بأحد سوى نفسهم، لذا تغيرت مشاعرها نحوهما تحولت كثيرًا وبدت أخرى، كتمت بصعوبة شهقاتها الموجوعة لكن زاد ألمها وكذلك حدة الوخزات التي أوجعتها وهي تقول بانكسار
= انتٍ اصلا ما تعرفيش كل حاجه عملوها معايا عشان تدخلي حياتي وتحكمي علي حاجه ما لكيش فيها، بس انا استاهل اللي اعتمدت عليكي.. ما صحيح اللي ايده في الميه مش ذي اللي ايده في النار والله العظيم انتٍ ولا غيرهم لو عشتوا وشفتوا دقيقه واحده من اللي حصلي ما هتستحملوا.. عشان انتٍ مش حاسه بيا ولا عارفه انا فيا ايه بسببهم عشان بكل سهوله تروحي تقولي لهم مكاني وبتطلبي مني عشان ندمانين ارجع لهم.. آخر مره هقولها لك يا سماح ما لكيش دعوه بحياتي
ترقرقت العبرات سريعًا في مقلتي سماح تأثرًا بحالها، فمن الصعب عليها تقبل مثل تلك الحقيقة الألم، هي بالفعل لا تعرف كل شيء حدث لها بعد ذلك الحادث المفجع! لذلك اعتقدت أن الأمور يمكن أن تحل ببساطه، لتقول بصوت خافض بندم
= خلاص معلش والله ما اعرف ان الأمور هتوصل لكده انا قلت انها حاجه بسيطه بينكم وهتفرحي لما تتقابلوا، والله كانت نيتي خير حقك عليا وانا غلطانه .
امتزج صراخها ببكائها المرير وهي ترد بازدراء ناكر
= بسيطه! بلاش نقلب في المواجع واقول لك هم عملوا في ايه بجد وكل حاجه شفتها منهم،
ما كانش لازم تعملي حاجه زي كده؟؟ ما كانش لازم! انا بالعافيه بحاول ابعد عنهم واتجاوز إللي حصل وانساهم زي ما هم طلعوني من حياتهم زمان .
نظرت لهم عواطف بغرابة متعجبة من تبدل أحوال فريدة للانزعاج ونظراتها للحدة، لأن صديقتها اخبرت والدتها بمكانها؟ وتساءلت نفسها لما هي هكذا غاضبة وتبكي بحرقه لأجل ذلك؟ فسألتها مستفهمة
= في ايه بس يا بنات ما تهدوا انتوا مالكوا قلبتوا على بعض كده ليه فجاه؟ اهدي يا فريده وصلي على النبي كده.. مالك بس يا حبيبتي ايه اللي مضايقك اوي كده.
هزت رأسها بيأس وحسرة ثم التفتت ترحل بينما حاولت ان تلحق بها سماح وهي تردد قائلة بندم
= فريده انتٍ رايحه فين انا اسفه والله العظيم حقك عليا انا غلطانه لك.
❈-❈-❈
تهدجت أنفاس دلال بخوف مما تشاهده فقد اتى الماذون بالفعل وهو الآن بمنزلها وبدا أن يفتح دفتره وهو ياخذ البيانات من جابر و منصور بالإضافة إلى إثنين من الشهود الذي اتى بهم من الخارج وقد خمنت بانهم بالتاكيد تبعهم أيضا، وضعت يدها فوق فمها وهي تبكي بصمت وتقف مكبلة الأيدي عاجزة عن الدفاع أو مساعدة ابنتها .. فكل ما طلع بيديها ان تتصل بايمن طليق ليان السابق وتستنجد به؟ لكن علمت الآن بانها كانت فكره خاطئه فكيف سياتي الى هنا وينقذ ابنتها بعد ما حدث بينهما سابقاً .
حمحم المأذون قائلا بصوت خشن أجش
= فين العروسه عشان اخد رايها في الجوازه
نظر منصور الي والده بصمت، والذي أخذ يتحدث بصوت خاليًا من التعبيرات وهو يردف قائلا
= ما لوش لزوم واحنا يعني هنجوزها غصب ده ابن عمها واحنا اهلها مش ناس اغراب كمل الاجراءات يا شيخ بسرعه عشان مستعجلين
والشهود قدامك اهو، وانا عمها و وكيلها .
هز المأذون رأسه علي الفور باعتراض وهو يقول بإصرار
= مش كفايه طبعا لازم أخد رأي العروسه الأول حتى لو انتوا اهلها دي الاصول وشرع ربنا، هي فين لو البنت مش موافقه كده تبقى الجوازه باطله لازم تكونوا عارفين ده كويس .
كاد أن يتحدث جابر مرة أخرى بالرفض من أن تظهر ليان أمام الماذون وهي بتلك الحاله فبالتاكيد سيرفض المأذون كتب الكتاب بعد أن يراها بذلك الوضع، لكن فجاه أستمع إلي صوت ضرب يد بعنف فوق باب المنزل ليفتح دون مقدمات بسهوله، ثم هبت دلال واقفة من مكانها تتنفس بارتياح وهي ترى أيمن أمامها فهي من تركت له الباب مفتوح على أمل أن يأتي ويوقف تلك الزيجة، اقترب أيمن يصرخ فيهم بانفعال مهتاج
= مفيش عروسه يا شيخنا، هتطلع لانها مش موافقه و على رايك الجواز كده هيبقى باطل
ضاقت نظراته علي الجميع بعدم رضي وهو ينهض معلق بامتعاض
= كنت شاكك، عشان كده عن اذنكم بقى لأني ما بكتبش كتب كتاب إلا بموافقه العروسه و العريس كمان.
تحرك المأذون ليرحل بالفعل، وصمت أيمن للحظات مترددًا في الحديث بما يجول بخاطره بالطبع هو تفهم للظروف الطارئة التي جدت عندما اخبرته دلال باختصار ما حدث وحينها لم يفكر بالأمر مرتين قبل أن يأتي إلي هنا و ينفذها، لكن بعد رحيل المأذون هل سينتهي الامر الى هنا بالتاكيد لا؟ لذا تنفس بعمق ثم جمد أنظاره نحوه المأذون قائلاً بجدية
= رايح فين يا شيخنا في كتب كتاب هيتم و ما تقلقش بموافقه العروسه كمان، زي ما انت عاوز بس في تغيير بسيطة هيحصل أن هكون انا العريس .
اقترب منه منصور وصر على أسنانه هاتفًا بنبرة عالية متعصبة
= هو انت باي حق تدخل كده وبتفرد نفسك علينا وعمال تتآمر هو احنا مش مليئين عينك
ولا إيه، بقول لك ايه اتكل على الله ما فيش جواز هنا هيتم الا لو انا العريس سامعني
رد باحتجاج متذمر وقد اكتسى وجهه بحمرة منفعلة
= لا مش سامعك وكلامي انا اللي هيحصل ليان مش هتتجوز حد غيري؟ و يا ريت تتفضل انت وابوك من هنا طالما مش عارفين تتعاملوا مع الموضوع إلا بالضرب والعنف اللي انتم شغالين فيه ده؟ مش هو اللي هيحل ! وهي في النهايه كانت مراتي ودلوقتي انا عاوزه ارجعها على ذمتي من تاني.
نظر جابر إلي دلال بنظرات نارية وهو يردد بتشنج
= رحتي اتصلتي بيه وجبتي يا دلال بتتحامي في الاغراب، ده جزاتنا واحنا كل اللي عاوزينه نستر على بنتك بدل الفضيحه.
أخفضت رأسها بحزن شديد ولم ترد، بينما راقب أيمن ما يحدث باهتمام حوله دون أن يلمح ليان بينهما وهذا أشعرة بالقلق نوعا ما، ثم تنفس بعمق ليخرج بعدها زفيرًا قويًا وفكر بأن يتحدث بعقلانيه ليكسب المعركه لصالحه، ثم قال متسائلاً بتريث
= هو مش حضرتك عاوز تحل الموضوع تمام انا عارف كل حاجه و موافق، ومش حد غريب في النهايه عنكم فالافضل ترجعها على ذمتي أحسن.. ابنك متجوز اصلا ولو هو عاوز يمشيها بالاصول وشرع ربنا بجد الافضل كان يقول لمراته الاول ويعرفها وانت اكيد مش هتظلم مرات ابنك وهي مش هتوافق اكيد يعني ما ينفعش، ولو انت شايف الحل انها تتجوز ويبقيلها راجل فرجعهالي أحسن وانا هعرف أتصرف معاها
فكر قليلاً بالعرض ثم تقوس فمه للجانب و قطب جبينه مبدي قبوله الصريح قبل أن ينطق بفتور
= خلاص يا منصور جايز اتسرعنا في النقطه دي، مراتك مش هتسكت فعلا وهتعمل لنا مشاكل هي وابوها وما تنساش الشغل اللي ما بينا، وانا مش عاوز خراب البيت ليك انت كمان..
ثم حمحم بخشونة يضيف بجدية شديدة اللهجة
= تمام يا أيمن موافق انها ترجع على ذمتك بس عارف لو عملت حاجه زي كده تاني وما قدرتش عليها، هتطلقها غصب عنك وهتجيبها بنفسك هناك على البلد اربيها بمعرفتي سامعني .
هز أيمن رأسه باختصار ولم يظهر عليه اي اعتراض علي كلماته منه، فهو كأن يحاول مجاريته حتى يتم الأمر دون عواقب وخيمة.. ثم طلب من المأذون أن يكمل الإجراءات لكن هذه المره سيكون هو العريس
أردف المأذون بنفاذ صبر وقد اشتدت تعابيره
= قلت موافقه العروسه الأول؟ عمالين تاخدوا وتدوا في الكلام وناسيين موافقه العروسه!.
وهنا ساد الصمت بينهما قليلا، وبداوا يفكروا براي العروسه مؤخرا وبدأ أيمن يفكر بتوتر بموافقه ليان فبالتاكيد سترفض، هو مدرك لحالة التخبط الشديد في أفكارها لتلك، و الصراعات الدائرة بين عقلها وقلبها وأي قرار متعجل قد يأتي بنتائج عكسية، لكن اذا رحل وتركها دون ان يحصل على موافقتها؟ فلم تكن له بعد ذلك أبدا وعمها سيزوجها الى أبنه أو سياخذها من هنا، وفي الحالتين هو لا يريد التخلي عنها هذه المرة .
آفاق فجاه علي صوتها القادم من خلفه وهي تقول بنبرة صارمة رغم ضعفها
= انا شايفه ان الافضل تمشي يا شيخنا عشان العروسه ذات نفسها طلعت اهي وبتقول لك انا مش موافقه ولا هرجع لطليقي ولا هتجوز إبن عمي .
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية حياة بعد التحديث, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية