-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 5 - 2

 

 قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد

الفصل الخامس

الجزء الثاني


العودة للصفحة السابقة

في دار الرعاية، تنهد بدر مخرجًا من صدره الكثير من الهموم مع زفيره مشحون، وهو ينظر الى السيدة عواطف والى أطفاله الذي بدا يشعر عليهم بالسوء والعطف وهو ينتقل بهم الى هنا وهناك بين الاغراب بدل من أن يرعاهم ويكبروا بحضنه، فحتى لو كانت السيده عواطف حنونه معهم فيظل هو والدهم و أحق بذلك عن الغريب، لذلك دائما يشعر بتاني الضمير والتقصير نحوهم ثم أردف قائلا بصوت مرهق


= انا مش عارف هفضل سايب البنات لحد امتى عندك، متاكده ان ما فيش حد هنا بيضايق منهم.


هزت رأسها برفض وهي تردف بجدية


= بالعكس كل ما حد يعدي ويشوفهم معايا يقعد يلعب معاهم ويكون فرحان بيهم قلت لك ما تقلقش عليهم هنا، مش احسن من الحضانه اللي انت كنت هتدبس نفسك فيها ومصاريفها 

الكتير .. المهم طمني على احوالك لقيت العروسه ولا لسه .


ابتسم لها بهدوء وفهم ما المقصود وراء كلماتها تلك، و منحها نظرة عميقة قبل أن يقول بخفوت


= بترمي يعني بالكلام عشان تفكريني بموضوع الممرضه اللي انتٍ قلتيلي عليها وانا كنت مستعجل، انا من رايي بلاش يا خالتي الموضوع ده ما تنسيش يعني انها ممرضه زي ما انتٍ بتقولي وانا معايا بس الاعداديه يعني في فرق بينا في التعليم و جايز يكون في فرق في المستوى المادي كمان ما اعتقدش يعني هتقبل بواحد زيي، ولا هي يعني عشان مش بتخلف استغلها .


تنهدت بضيق شديد وهي تقول بنبرة حادة


= هتعيد نفس الكلمه تاني؟ هو انت يا ابني نيتك وحشه ناحيتها أكيد لا، بالعكس انا واثقه فيك وفي تربيتك يا بدر وعارفه قد ايه انت محترم ومنال مراتك ياما كانت بتشكر فيك وعمرها ما اشتكيت منك يبقى مش هتشيل مراتك الثانيه في عينك واللي هتراعيلك عيالك.. انا حاسه كده ان انت اصلا اتراجعت عن موضوع الجواز، ما انا ما بقتش فاهمه احوالك؟ كنت من فتره جايلي وشايل هم الدنيا فوق كتافك وقعدت تقول لي انا بفكر في موضوع الجواز ده كتير و عاوزه واحدة كويسه تشيل معايا المسؤوليه الكبيره اللي عليا ودلوقتي عمال تتلكك بأي حجه عشان الموضوع ما يكملش ، مالك بس .


زفر بدر بصوت مسموع وهو يرد بحزن طفيف


= مش عارف يا خالتي هو انا لسه احوالي زي ما هي وما فيش حاجه اتصلحت حتى الوقت اللي انتٍ بتاخديهم عندك برده نفس الحكايه  انا لسه في نفس الهم وكل حاجه شايلها لوحدي، بس يمكن لما لقيت نفسي خلاص هدخل في الجد وهتقدم لواحده قلقت منها وخفت على عيالي .. وكمان حسيت نفسي ان انا اناني، انا ما نسيتش منال الله يرحمها بالسرعه دي بس انا اللي محطوط في وضع صعب 


ربتت على كتفه عدة مرات برفق وهي تقول بنبرة متضرعة


= يا ابني هو انت هتتجوزها على طول ما في فترة تعارف وخطوبه، وانت مش اناني ولا حاجه انت هتبقى اناني فعلا لو كنت رميت عيالك في اي حته ورحت تتجوز عشان نفسك لكن انت بتفكر تتجوز اصلا عشانهم.. صلي صلاه استخاره واتكل على الله واللي فيه الخير هيقدمه ربنا واكيد ما حدش هيغصبك على حاجه تعملها مش عاوزها و لو حسيت باي قلق أنهي الموضوع من قبل ما يبدأ 


كاد أن يتحدث بدر لكنه ابتلع جملته عندما استمع الى طرقات فوق الباب لتدخل الممرضه فريده تخفض رأسها، ابتسمت عواطف بسعادة كبيرة


= ازيك يا فريده يا بنتي اخبارك ايه؟ اخيرا خرجتي وشفتك من تاني.


ثم غمزت بطرف عينها نحوه بدر الذي أخذ يهز رأسه بتعجب وعدم فهم، وتابعت قائلة مبتسمة بود


= طمنيني عليكي اتصالحتي انتٍ وسماح صاحبتك ولا لاء .


ابتسمت لها بلطف وهي تقول بصوت خفيض


= انا الحمد لله كويسه وما فيش مشاكل بيني وبين سماح ولا حاجه، ضغطك الحمد لله مظبوط ولو قادره تتحركي ممكن تطلعي وتقعدي في الجنينه برة تشمي هواه ده هيفيد في حالتك.. اسيبك بقى مع ضيوفك وهاجي  وقت ثاني، عن اذنك .


خرجت فريده بخطوات هادئه، بينما غمزت عواطف له بطرف عينها مجددا، ثم انحنت عليه هامسة بفضول


= هاه قولي ايه رايك فيها؟ حلوه مش كده 


استدار ناحيتها لينظر لها بغرابة مرددًا


= هي مين دي اللي حلوه؟ مش واخد بالي تقصدي ايه


عبست بوجهها قائلة بتبرم زائف


= يا ابني عماله اشاورلك على البنت اللي دخلت ما هي دي العروسه، وكنت عايزك تبصلها وتقول رايك فيها وانت ما فهمتنيش .


نظر لها بإحراج بعد أن تفهم الأمر وهو يحك مؤخرة عنقه قائلاً


= والله يا خالتي ما فهمت قصدك وبعدين هو انا اي واحده هتدخل هبصلها، ما ركزتش فيها بصراحه وبعدين انا مالي بشكلها يعني ما انتٍ لسه قايله من شويه انا عاوز اتجوز عشان عيالي .. فمش هيفرق شكلها معايا في حاجه وبعدين الموضوع مش هينفع نفتحه هنا أكيد الاصول بتقول ان احنا نكلم اهلها الاول .


ردت عليه مؤكدة بتفاؤل واثق


= صح، بس بقول الاحسن سيبني ايميل دماغها وافاتحها بالموضوع الاول و اشوف نيتها ايه قبل ما نشوف موضوع أهلها.. وأن شاء الله ربنا يسهل الأمور ما بينكم لو ليكم نصيب في بعض.


تنهد مرة أخرى، وأطلق زفيرًا قويًا من صدره، وهو يفكر في كلامها ولم يكن هناك حل آخر سوى الزواج من زوجة صالحة ترعى أولاده وتساعده على تحمل مسؤولياتهم. وربما حينها لن يجد مشكلة في تربيتهم، فيخفف العبء عنه بعد زواجه، ويتركها ترعي أولاده في بيته كما يشاء. هز بدر رأسه بالإيجاب بصمت، ينتظر تلك اللحظة التي يشعر فيها بالحنان تجاه شخص ما، حتى لو لم يكن لديه مشاعر تجاهها! يكفي أن تعتني بأولاده. وهذا هو الأهم بالنسبة له الآن، وبحديث السيدة عواطف بإن وجود بصيص من الأمل وهذا سيدفعه إلى الانتظار.


❈-❈-❈


وفي الصباح وقف طه في الشرفة يدخن أحد أعقاب سجائره وهو يستعرض أحداث و تفاصيل مشاجرة الأمس، وكيف أهانت زوجته مروة الجميع بوقاحة ولم تحترم حتى وجوده! وتزال ترفض الخضوع له وتذهب معه وتعتذر لأخته وفاء وابنتها بالتبني. فهذه المرة الأمر ليس بسيطا! وأقسمت أخته أنها لن تدخل منزله مرة ثانية ما لم تعتذر زوجته، و ليكون صريح مع نفسه لقد أخطأت زوجته بالفعل! وهو يعلم جيداً أن هذه لم تكن المرة الوحيدة التي تجرأت فيها زوجته لتفعل حواراً مزعجاً مع مهرة، وفي كل مرة كان يحذرها لكنها لم تستمع إليه، ويكفي أن مهرة هذه الفتاة لم تذهب وتشتكي من تصرفاتها المستاءه من البداية.


ثم تنهد بفارغ الصبر والانزعاج جلي علي وجهه وأنهى سيجارته، ودخل إلى الداخل متجهًا مباشرة إلى زوجته. رآها تجلس في غرفة المعيشة أمام التلفاز، تضحك بصوت عالٍ دون أن تهتم بما فعلته. هدر طه آمرًا فيها من بين أسنانه المضغوطة بعصبية


= اقفلي الزفت اللي بتتفرجي عليه ده، و ركزي معايا، اعملي حسابك النهارده او بكره بالكتير تروحي لوفاء وتعتذرلها ومش هي وبس ومهره كمان .. انا مش هخسر اختي عشانك وانتٍ غلطتي ولازم تتاسفي 


رسمت ابتسامتها تتسع لتستفزه أكثر، وهي تجيب بعدم مبالاة


= خامس مره تقول لي نفس الكلمتين دول وانا برد عليك نفس الرد؟ مش هعتذر لحد يا طه، وانا ما غلطتش ده بيتي وانا حره فيه و استقبل اللي عاوزاه على مزاجي، وحقي كمان اخذ حذري وما اثقش في البنت دي 


أجابها بانفعال وهو يجاهد لإخفاء نبرة صوته

تتعالٍ ويستمع أولاده بالداخل لهم.


= البيت ده زي ما هو بيتك بيتي انا كمان غصب عنكٍ، وانا كمان حره استقبل اللي انا عاوزه وبعدين اختي مش ضيفه ولا اي حد تبعها، اختي صاحبه ملك وانا مش هخسرها عشانك ولا عشان الهبل اللي فيه دماغك، وتبقى عبيطه لو فاكره الموضوع هيعدي بالساهل كده المرة دي .


ارتجفت نبرتها وهي تجيبه بقلق


= تقصد ايه يا طة؟ هتغصبني اروح اعتذر لها يعني ولا ايه؟ 


احتدت نظراته وهو يجيب بتشنج جاد


= مش بالظبط بس تعتبري نفسك طالق يا مروه لو ما رحتيش خدت بخاطر اختي والبنت اللي اتبنتها، وقبل ما تطلعي فيا وتتخانقي معايا عشان مستعد اطلقك بعد العشره دي كلها عشان خاطر موضوع ذي ده؟ بس لازم تفهمي كويس ان انا ما ليش غير اختي وانها ياما زمان وقفت جنبي وعملت حاجات كتير عشاني، فمش هاجي عشان موضوع هايف وانتٍ غلطانه فيه من ساسك لراسك وما اكبرهاش، الموضوع حصل قدامنا كلنا وانتٍ اللي ابتديتي بالغلط معاها وفضلتي تغلطي فيها وما سكتيش ولا كبرتيني قدامهم حتي! والمشكله أن انتٍ ما عندكيش دليل واحد انه مهره في دماغها حد من عيالك بس انتٍ اللي مصممه عشان تكرهيها وخلاص


فردت بذهول كبير وقد شحب لون وجهها من هول ما سمعته


= يا نهار اسود يا طه عاوز تطلقني عشان خاطر البنت دي، على كده بقى لو كان العكس اللي حصل و اختك هي اللي غلطت فيا كنت هتعمل نفس اللي بتعمله ده وتجيبلي حقي منها .


سحب نفسًا عميقًا ليضبط أعصابه قبل أن ينفجر من كثرة استفزازها وعدم اهتمامها بامراه ثم هتف بشراسة وهو يضغط على شفتيه


= انتٍ عارفه كويس ومتاكده ان انا مش عايزه اطلقك عشان خاطر البنت دي، انتٍ عملتي عامله كبيره ومستهتره بيها !! راجعي نفسك كويس عملتي ايه قلت لك ما كبرتنيش قدامها 

وفضلتي تغلطي في اختي قدامي؟؟ و لازم  تحطي في حسابك انك زي ما هتغلطي في البنت دي يعتبر بتغلطي في اختي عشان هي بقت غصب عني وعنك بنتها، وانتٍ ما احترمتنيش قدام اي حد منهم.. وبعدين بلاش الشغل ده انا وانتٍ عارفين كويس أنك حاطه البنت في دماغك من اول ما شفتيها، ومش اول مره تغلطي فيها بالشكل ده بس هي اللي بتسكت وبتكبر دماغها، وانتٍ شكلك بقيتي تستغلي النقطه دي وتدوسي عليها اكتر


إبتلعت ريقها متوجسة بتوتر ثم اعتدل طه في وقفته والتفت برأسه للجانب ليجيبها بجمود جاد


= اما بالنسبه لسؤالك لو أختي هي اللي غلطت كنت هجيبلك حقك؟ في ايوه يا مروه وانا اللي مخليني مصمم المره دي انك تعتذري عشان انتٍ اللي غلطانه.. و اخر الكلام لو ما اعتذرتيش لاختي ولمهره هيبقى كل اللي بينا انتهى يا بنت الناس، ولما اهلك يجيوا يسالوني بتطلق بنتنا ليه بعد العشره دي كلها هقول لهم على عمايلك ساعتها وانتٍ اللي هتكوني نهيتي اللي ما بينا مش انا .


❈-❈-❈


عيناها كانت عالقه بدبلة زواجها وتنهيده بائسه تخرج من بين شفتيها وآه محبوسه تود ان تصرخ بها ولكن ما باليد حيله هي وافقت وانتهى الأمر، أصبحت زوجه المحامي الشهير سالم! زيجه يحسدها الجميع عليها فالجميع معتقد انها تعيش أسعد اوقاتها معه! فلما لا ؟  تزوجت من شخص مناسب واحبته وهو ايضا يبادلها ذلك الحب لكن لا يعرف أحد ما عذابها الخفي! وانها تعيش مجرد زواج مع ايقاف التنفيذ .


فاقت من شرودها على خطوات قادمه نحوها لتري سالم يفتح غرفه باب مكتبها بالشركه،

الحسره ملئت فؤادها بعدما انطفئ ولاحظ هو تجاهلها مثل ما كان يفعل معها بالسابق و اشغلت نفسها بالاوراق التي امامها دون مبالاة تنهد بضيق شديد من علاقتهم الفاتره فهو لا يظلم نفسه وحده إنما يظلم طرفاً اخر معه.. وهي زوجته، لكن مبرراً لحاله أن ابنته كانت دائما في المقام الاول و ستظل هكذا حتى يتعود على دخول زوجته الى حياته لكن يجب بذلك الأثناء ان يقترب منها ويصلح ما افسده سابقاً فهي لا تستحق ذلك منه، وهو بالفعل احبها ولم يقصد جرحها واهمالها بذلك الشكل.


= تسنيم، ممكن نتكلم شويه .


صوته كان يُعذبها.. اغمضت عيناها تتذكر تأخيره بالخارج مع ابنته وبياته بغرفتها متعللاً بأمر امتحاناتها وهي التي تجلس بنفس المنزل جانبه لم يكلف نفسه مرة يذهب إليها ويراها  تحملت تجاهله و إهماله وتقلب مزاجه حتى،  مُعلله لنفسها انها فتره مؤقته وسيتغير كل ذلك إلي الافضل.. لكن ذلك لم يحدث.


تنفس بعمق ثم جمد أنظاره نحوها قائلاً بتريث


= أنا بحبك يا تسنيم.. ادي لنفسك ولي فرصه

ما ينفعش مع اول مشكله نزعل من بعض كده تمام انا غلطان وانتٍ معاكي حق في كل كلمه قلتها لي


ثم مد يده ليمسك بكفها بأنامله، فتفاجأت من حركته وقبل ان تجذبها منه رفع يدها إلى فمه ليضع قبلة صغيرة على ظهر كفها متابعًا بتنهيدة حارة


=و آسف.. آسف بجد، أنا آسف إنك ما جيتيش في بالي وإني كنت يتجاهلك وناسيكي، آسف إني مكنتش فاهم إني بجرحك لما اهملك أو إني محاولتش أفهم أكتر حتي مالك.. انتٍ معاكي حق بس اعذريني والله ما كنت اقصد يا تسنيم اعملك بالطريقه دي، انا بجد كنت بتعامل في حياتي عادي اللي هي حياتي القديمه والمعتاده انا وليلى وبس! من غير ما انتبه أن بقي في طرف ثالث بحياتي 


شعرت بتدفق الدماء في عروقها مظهره ارتباكها من تأثير ذلك عليها، سحبت يدها من بين أصابعه بسرعة رامشة بعينيها، استشعرت قوة نبضات قلبها التي كانت تتسابق داخل صدرها، عضت على شفتها السفلى متحاشية النظر نحوه، ثم هزت رأسها نافية وهي تجيبه بهمس شديد


= سالم احنا في مكان شغل مش هنتكلم هنا 


نفخ مستاءً من عدم مقدرته على التجاوز بعد أن اعتصرها الألم حزنًا منه وحاول التهوين عليها قائلاً


= ما انا لما بحاول اكلمك في البيت مش بتديني فرصه، مش انتٍ نبهتيني على غلطي اديني فرصه بقى اصلح الغلط ده ونبدا من جديد


رفعت راسها له أخيرا وابتسمت ابتسامة باهتة وهي تنفي داخلها ارتباكها و توترها الذي يوحى للخضوع له قائلة بجمود


= تمام كويس صلح براحتك بس انا كمان لما اكون قادرة ابقى اقرب، اصلا أنا مش تحت امرك و وقت ما يكون ليك مزاح تقرب و مزاح تبعد هتلاقيني موجوده .. و بالمره بقى تجرب يعني ايه نكون تحت سقف واحد وأحس أننا اغرب ومش حاسين ببعض


تفهم سالم ما الذي ترميه له بحادثها و انها تفعل ذلك ثأر لكرامتها، فلا حديث يستطيع الكلام به أكثر، تسنيم شخصية خجوله وبنفس الوقت تثار لو تجرا أحد وطعن كرامتها! و تحب الكلام عن المشاعر والحب لكن هو كان يفعل العكس، لذا انسحب بهدوء من مكتبها وهو يفكر في حل لهما وإلي علاقتهما التي انتهت بمجرد زواجهما .


نظرت الى هاتفها الذي يدق برقم أخيها، تجاهلته في البدايه فلا تريد ان تجيب ويشعر من خلال نبرة صوتها بشيء؟, فهي لا تريد ان يعرف شيئا عنها فيكفي ما هو فيه، وعاد رنين الهاتف ثانيه لتلتقطه بتردد واضـح وقالت بثبات


= ايوه يا ايمن اخبارك ايه يا حبيبي 


جاء صوته بقلق وهو يتسائل بغرابة


= مبترديش ليه يا تسنيم، انا عمال اتصل بيكي كذا مره من الصبح 


والحجة كانت موجوده على طرفي شفتيها كالمعتاد وهي تجيب عليه بخفوت


= كنت بره الاوضه، مشغوله مع عميل في قضيه 


هز رأسه بتفهم ثم قال بنبرة مازحا


= اه تمام، هو انتم نزلتوا الشغل ليه كده بدري انا قلت هتاخدوا اسبوع ثاني اجازه ولا زهقتوا من بعض بدري


زفرت أنفاسها تغمض عينيها وتحدثت بصوت فاتر


= يعنى، انت عارف اللي بيكون متعود على الشغل مش بيرتاح في الاجازه كتير 


ابتسم أيمن بتفهم وقال بحب


= ربنا معاكي يا حبيبتي، بس بلاش تجهدي نفسك كثير وخلي بالك من صحتك وما تنسيش تاكلي كويس، انا عارفك على طول بتنسي تتغدي في وقت شغلك. 


كلماته كانت تحرقها، أيمن أخيها يُعاملها بكل حب ورقي وهي بالفعل بحاجه الى ذلك، و تُريد كل هذا وأكثر لكن هذه المرة من آخر؟؟ حتي اللوم لم يريحها هو حكم عليها بالتعاسه منذ بداية زواجهم، بينما كان أيمن يريد ان يخبرها بما حدث بينه وبين عائلة ليان وأنها اصبحت زوجته للمره الثانيه! لكن تراجع بآخر لحظات حتى لا يفسد عليها اجواءها السعيده التي تعيشها مع زوجها، بالاخص أنها مازالت عروس جديد.


❈-❈-❈


"الراحل بدون سبب لا يؤتمن حتى وإن عاد."


في الاستراحه، تحرك امامها بخطوات هادئه وهو يستمتع بالرؤيه الى تفاصيلها باشتياق 

كذلك هو رأها بعين مختلفه عن الماضي، إزدادت نُضجًا وجمال، لكن هل مازال قلبها فارغً أم هنالك من إحتل مكانه خاصه لديها. 


انتبهت اليه فريده ولم تتفاجا فحينما رات والدتها في المرة السابقه توقعت مجئ الجميع الى هنا لذا بدات تفكر بالرحيل والهروب مجدداً منهما، قاطعت نظراته وهي تنظر له بحنق


= عرفت مكاني منين ماما اللي قالت لك صح؟ انا مش عارفه بجد مش عايزين تسيبوني في حالي ليه؟ بعدت عنكم و برده جايين ورايا، لو جاي هنا تزور حد ادخل شوفه انما لو جايلي فاعتبرني مش موجوده.


تشكلت ابتسامة راضية على محياه وهو يقترب منها هاتفًا بشجن


= فريده استني انا جاي عشانك، فريده انا طلقت مراتي ومن ساعتها عمال ادور عليكي ونفسي تديني فرصه تاني اصلح القديم، فرصه بس واحده صدقني وانا هتغير عشانك ! انا عملت كل ده اصلا بدافع ان انا بحبك حتى اتخليت عنك عشان بحبك وخوفت من التردد اللي جوايا ياذيكي ! 


ردت عليه مبتسمة ابتسامة باهتة قائلة بنبرة ساخراً 


= أيه؟! منطق جديد ده؟ أعمل كل اللي أنا عايزُه بأسم الحب، أكدب بأسم الحب! تروح تعرف غيري واحنا لسه مخطوبين و تتخلى عني وما تواجهنيش وتقول لي عملت كل ده بدافع الحب؟ ثم انك جاي ليه تقول لي انك طلقت ولا اتجوزت تاني حتى.. انت فاكرني بقيت اهتم اعرف عنك حاجه ولا لما تقول لي كده هفرح ولا اشمت فيك مثلا او في الهانم اللي انت اتجوزتها وسبتني آآسي لوحدي . 


برر أسر موقفه بسرعه قائلاً باستياء


= مش انتٍ بس اللي آسيتي، أنا آسيت أكتر منك .. أيوة يا فريده.. ما تفتكريش الوضع كان سهل عليا اني اسيبك واروح لغيرك؟ زي ما انتٍ كنتي محطوطه في ضغوطات خليتكٍ تتجوزي اللي ذبحك!! انا كمان كنت محطوط في ضغوطات خليتني ابعد عنك وما اقدرش اكمل ولا اساعدك 


عبست قسماتها بشدة، وهدرت به بانفعال طفيف


= إنت مَدتش نفسك فُرصة تساعدني، إنت كان مُمكن تساعدني بس ما حاولتش.. إنت اتلككت وانسحبت من طريق ما بداتوش اصلا! أنت كنت عامل زي اللي بتكرهني في نفسي لسوء اختياري، حتى مُميزاتي كنت بتقلبها عيوب؟ الطيبة كنت بتشوفها خيبة حبي ليك بتشوفه ضعف مع إن ما حدش حبك قدي يا أسر 


حاول أن يحرر قيد التوتر التي حلت به مرددًا بخجل كبير من نفسه


=ما تصغرنيش أكتر من كدة يا فريدة ، انا معترف ان انا غلطان وندمت .


السخريه ارتسمت فوق شفتيها بطريقه مؤلمه، وقالت له بلهجة صارمة، مع نظرة قوية و شبه حزينة من حدقتيها 


= ما حدش كبرك قدي إنت إللي صغرتني؟ أنا عُمري ما كنت ضعيفه ولا محتاجه لك ولا محتاجه لغيرك، بس كنت فاكره ومعتقده ان لما اسند على كل الناس اللي قريبين مني هي دي القوه بس معاكوا عرفت انها ضعف ! لما استغلتوها ضدي و عرفت ان قد ايه كنت غبيه لما استنى من حد يقف جنبي ويجيبلي حقي، 

أمشي يا أسر وما تفكرش ترجع تاني ولا تطلب مني اسامحك ولا ارجعلك


اعتصر قلب أسر بألم قوي من جملتها تلك، وتوسلها بصوت مختنق


= ما تسيبنيش يا فريدة و أحلفلك إني هتغير 

انا لما صدقت اني انفصلت عن نرمين واول واحده جريت عليها انتٍ وبقيت ادور عليكي باي طريقه عشان اوصل لك بيها زي المجنون 


ارتفعت عيناها نحوه وقد بهتت ملامحه والآلم عاد ينهش قلبها مُجدداً، طالعته بنظرات قاتمة لتهتف بيأس فكلما ظهر أحدهم بحياتها من جديد لا يعلم بانه بذلك يفتح جراحها القديمة مجدداً 


= ما تحلفش يا أسر ولا تفكر توعدني تاني، حلفانك ده لا هيقدم و لا هيأخر حاجة إتغير لنفسك، إثبت إنك اتغيرت بس مش ليا لغيري! للي مستعد يصدقك تاني ويديك فرصه 


بدأ وجهه مشدودًا على الأخير، هو توقع ذلك!  وحدث ما كان يخشاه، رفضت عودته لها و ليس ذلك فقط؟ بل فضحته امام نفسه ليعلم أنه كأن شخص ندل بجداره، هتف يسترجيها بندم


= انا اسف يا فريده عارف ان انا اذيتكٍ بطريقه وحشه، بس انا بحبك ولسه بحبك والدليل على كده ان انا هنا دلوقتي 


لمعت عينيها بخيبة وتجرعت غصتها بحزن للحظه، لتردف بعدم رغبة بالحديث أكثر او العوده الى تلك العلاقه مجددا 


= الفكرة أنا اكتشفت إن الناس كلها كانت حواليا بتاذيني وأنا متحملة جزء من الغلط ده مكنتش حاطه حدود لنفسي.. يمكن انت   الشخص اللي فيهم كان بيعمل ده بطريقة مباشرة فكنت قادره أشوفه.. أصل متجاملنيش يعني انت لو بتحبني فعلا مكنش زمانك روحت جريت ورا غيري ولا اتخليت عني !.

ما هو ما ينفعش تاذيني وترجع بعد كده تقول لي ما انا بحبك؟ ده مسموش حب يا أسر، ولو هو ده كان حبنا من البدايه تبقى دي علاقه سامه وما كانش ينفع نكمل فيها  


أربكته طريقتها المفعمة بالعتاب و الاشمئزاز منه، قبضة مؤلمة اعتصرت قلبه وهو يسمع تلك الكلمات منها... أطرق رأسه في حرج مخجل، بينما هي قد غالبتها الدموع و منحته نظرة أخري عميقة، لتنطق عما يجيش بين جنبات صدرها من ألم وخيبة متقدة


= كنت ممكن تقول انك مش عايز تكمل و بعدها كان هيبقى حقك تعمل اللي انت عايزة.. اكتر حاجة كسرتني هي إن إنت كدبت عليا لما وعدتني انك مش هتتخلى عني و وجعتني اكتر لما حتى ما احترمتش علاقتنا لاخر لحظه ووقفت قصادي وقلتلي انا هسيبك! يمكن ساعتها كنت جبان.. انت كنت أوحش غلطة في حياتي يا أسر واتمنى ما اعيدهاش الغلطه دي تاني في حياتي .


لحظات مرت و الالام تنهش قلبه بلا رحمه! لكن هو من اعطى الأمل لنفسة وهو من اضعه بنفسه أيضًا؟ فماذا كان يظن ان تستقبله بالحب والاشتياق بعد كل ما حدث بينهما؟ لم يستطيع الرد على كلماتها فالصوره اتضحت والآلم عاد لذا انسحب من الغرفه يدفع كل ما يُصادفه يود لو يصب لجام غضبه على أحداً

بينما هي تابعت رحيله بنظرات جامدة بفتور و لم تشعر بالندم على اي كلمه قالتها فهي تاخرت جدآ في العتاب، فمُتقلب الود لا يؤتمن، حتي وإن عاد نادمًا.

يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية حياة بعد التحديث, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة