-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 8 - 2

 

 قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل الثامن

الجزء الثاني

❈-❈-❈


العودة للصفحة السابقة


أغمض أيمن عيناه لـ ثوانٍ معدوده حتي يكبح نيران الغضب التي إنتابته للتو فمنذ ان دخلا الي منزلهم وليان تتجاهله كُليا فقط جالسه بغرفة المعيشة بمفردها واوقات تؤدي فروضها وبعدها تقرأ قليلا من مصحفها الخاص واحيان أخرى تشرد امام التلفاز! حتى عندما جاء وقت الغداء طلب منها ان تاتي للتناول معه ولكنها رفضت بحجه ليس لديها شهيه الآن، وبعد فترة قام واتجه اليها بخطوات هادئه ظاهرياً ثم قال بنبرة حاول جعلها هادئه


= طب ما انا عرضت عليكي تاكلي معايا وما رضيتيش وقلتلي مش جعانه ولما هجوع هاكل وشايفك اهو طلعتي الاكل بعديه بشويه، كان ليه اللفه دي وكنتي قعدتي تاكلي معايا ولا للدرجه دي مش طايقه حتى تقعدي معايا على السفره.


نظرت اليه بنظرات خاويه بارده وقلبها لم يستطيع الصفو له، ولوهله شعرت إنها وحيده في هذه الدنيا فقالت بنبره بارده وهي تعاود النظر الي التلفاز


= ما كنتش جعانه فعلا، انا مش بهرب منك يا ايمن بس انت اللي بتهرب.. انا عاوزه اتكلم واعرف ايه وضعنا مش هستنى يوم ولا ثلاثة ولا شهر حتي وافضل عايشه في تجاهل وصمت وانا مش عارفه وضعي ايه .


وقف في منتصف الغرفه يعقد معصميه أمام صدره بحزم لتنظر اليه دون حديث حتي قال بقوه بعض الشئ


= عاوزه تعرفي ايه وتتكلمي في ايه؟ يا ليان مش همنعك بس ياريت يكون كلامنا بهدوء  وتفاهم .. كفايه خناق مش بنوصل منه لحاجه في الآخر .


نظرت إليه ليان واجابته ومازالت نبرتها مُختنقه 


=انا عاوزه اتكلم في الحاضر؟ حياتنا اللي جايه والماضي كمان، عاوزه اواجه حتي اخطائي ممكن اوصل لنتيجه في الآخر .. مع ان هيوجعني الكلام. عارفه بس دي الحقيقه مفيش مفر منها 


جلس دون استرخاء هاتفًا بجدية شديدة اللهجة


= بس انا مش عايز اتكلم في ده يا ليان وبلاش نفتح في القديم، عايزه ليه تفتحي حاجه هتوجعني إحنا الاثنين؟ خلينا نتكلم احسن في اللي جاي احنا بنحاول اصلا ننسى الماضي .. خلي عندك أمل يا ليان ، بكرة كله يتغير طول ما احنا بنحاول ننسى .


أجابته بنبرة واهنة


= يتغير للأحسن ولا للأوحش ؟! مافيش أوحش من اللي كنا فيه، ايمن انت منين بتقول لي عاوز تبدا حياه جديده معايا ومنين مش قادر تتكلم حتى في القديم؟ البدايه اهي واضحه للاسف احنا لسه في نفس الدايره ومش قادرين نطلع منها .


نهض بحدة وسحب نفسًا عميقًا لفظه دفعة واحدة ليقول بعدها بجدية


= ليان ارجوكي بلاش جو الفلسفه ده اللي مش بيوصلنا لحاجه، إحنا الإتنين كنا غلط وخاينين ارتحتي كده ؟ بس برده مش عاوز افتح جرح بيوجعني، اذا انا لحد دلوقتي مش قادر اواجه الموضوع واعترف بالحقيقة اللي انتٍ عملتيها، فانتٍ كمان لحد دلوقتي مش قادره تستوعبي انا قد ايه الموضوع ده بيجرحني .


تعمدت الظهور بمظهر خشن أمامه، فصاحت بنبرة متصلبة


= المفروض إن أنا اللي أقول كلامك دة ، أنا اللي ضعيت حياتي مش انت؟ او إحنا كنا ضحـايا بالذات أنا، حتي دي ما قدرتش أقولها، ماما ما رضيتش تعترف انها جزء من السبب ده، انا ظلمت نفسي وضيعت حياتي،

ماتتعبيش نفسك معايا.. خلاص مش ممكن نرجع زي زمان 


رد بصوت خفيض وهو يفرك مؤخرة عنقه بأعصاب مشدوده


= هو احنا كنا زمان ايه اصلا يا ليان؟ ما كنا تقريبا نفس الوضع! دلوقتي بتتخانقي معايا ومش عاجبك تصرفاتي وان انا بعيد عنك؟ و

انا كنت مهما احاول افهمك ان تقصري ده ما بيكونش بمزاجي وغصب عني ما كنتيش بتفهميني وفي الاخر رحتي و.. آآ .. قلت لك بلاش نفتح في القديم انتٍ اللي مصممه .. يعني هتكوني مبسوطه اوي لما تحكيلي عن خيانتك وانك كنتي بتكلمي واحد من ورايا وتحكيله همومك وحياتك وتستني منه كلمه حلوه بدل مني .


تراجعت مبتعدة عنه عدة خطوات تاركة مسافة فاصلة بينهما، وقالت باعتراف رغماً أنه خزي لكنها قالته بوضوح صريحاً


=انا كنت عايشة لوحدي طول الوقت، بابا و ماما سافروا وسابوني عند تيته كأن سنها كبير وما كانتش بتراعيني كويس ولا كانت قريبه مني وماتت بسرعه وحتى لما اهلي رجعوا خدوني اعيش معاهم بره؟ ما بقوش عارفين يتعاملوا معايا إزاي؟ وبرده فضلت لوحدي.. ولما اتجوزتك كنت بانيه احلام كتير في خيالي بس للأسف ما حصلتش؟؟ ولقيت نفسي عايشة ما بين اربع حيطان و انت طول الوقت مسافر و حتى و انت مش مسافر، كنت طول النهار بتبقى قاعد بره و ترجعلي اخر الليل تعبان و هلكان.. وكنت طول الوقت بحاول اقرب منك وما ياستش رغم كل مره كنت بتصدني .


جذبها من ذراعيها وأجابها مبرر بعصبية ظاهرة عليه 


= كنت بتعب و أشقى عشان ابني مستقبل ليا و ليكي.. شغلي اللي انا فيه ده وكياني ما عملتوش في يوم وليله، شغلي كان محتاج تعبي ومجهودي كله وان انا اختفي غصب عني فتره من حياتك.. قلت لك فتره بسيطه وكل ده ما كانش هيطول اكيد.


أغرقت عيناها بالدموع الحارقه، و ردت عليه بانفعال مرعب


= أيوه كنت بتبنيلي مستقبل، لكن كنت بـتقـل جوايا أجمل احاسيس الست بتعيشها في حياتها، و تبريراتك نفس تبريرات ماما لما واجهتها أنها قصرت معايا وان انا ما كنتش محتاجه فلوس وكنت محتاجاها هي؟؟ انتوا ليه مش قادرين تفهموني . 


اقترب منها ينظر الي ملامحها الحزينة و عيناها الحمراء الملتمعه بدموع الانكسار والاحباط واصبح يتنفس بقوه ثم قال ويده تطحن لحم وعظم عضدها بقوة 


= أي تبرير للخيانة مرفوض، وانتٍ كمان لازم تفهمي ده كويس .


ساد هنا صمت بين الاثنين! وهو ينظر نحوها بمظهر غير متناسق يتنفس بإعجوله، بضيق شديد فافتح الجروح القديمه هو من تسبب في ذلك؟ رغم انه حذرها من الافضل عدم التحدث بذلك لكنها أصرت حتى تنفك العقدة بينهما طالما قدرهم سيظل واحد!! تنهد بصوت مسموع وكلامها يدور في عقله بسرعه قصوي هل بالفعل يهملها بتلك الدرجه، هل بالفعل كان بعيد عنها ..!! 


حقاً عمله يهمه أكثر من عائلته، أم أنه اكتسب هذه العادة السيئة من والده الذي لم يهتم به ولو للحظة واحدة؟ بل أمه هي التي اهتمت به وبأخته..!! ويتذكر أنه عندما كان يتساءل عن والده، كانت والدته تقول له إنه يعمل ليكسب المال ليحصل على ما يريد، وكان والده يردد تلك الجملة دائمًا أيضا، وهذا يعني أنه يعيش حياته كلها يعمل ويهمل أسرته بدافع العمل..!!


حررت معصمها بعنف من بين يداه، و أومــأت برأسها و ردت مستسلمة بيأس يأست منه 


=ما انكرتش ده،والله العظيم ما انكرت غلطتي أنا غلط غلطة واحدة بدفع تمنها حياتها كلها وسنين طويلة..وبقى كل واحد يعرف مشكلتي يدي نفسه الحق ويجي يعاقبني وهو ما لوش اصلا حق عندي؟؟ انا قعدت استغفر و حاولت اكفـر عن ذنبي ده عمري كله.. حتى انتم كنت دايما حطوكم الاولويه في حياتي واللي لازم تغفروا لي الأول!! بس كلكم حسبتوني بدل المره عشرة ورفضته تساعدوني حتى اني احاول اتغير عشانكم قبل عشاني. 


استندت بيدها على أحد المقاعد متطلعة أمامها بنظرات فارغة، زمت فمها قليلاً بندم شديد ثم زفرت بيأس تضيف بروح مرهقة 


= نسيت نفسي وكرست حياتي كلها ان انا افضل اقول سامحوني.. انا اسفه.. انا غلطانه حقكم عليا، حطيت كرامتي على جنب واستحملت اهانه الكل وانا مستنيه حاجه واحده بس ؟؟ انكم تسامحوني!! تسامحوا الغلطه الوحيده اللي عملتها في حياتي وان انتم جزء منها والسبب.. 


ظلت تبكي وتشهق بعنف وآسي ودموع عينيها مازالت تهبط بغزاره وقلبها يُقرع بشده، كشفت وصرحت عما يجيش في صدرها ويحرق قلبها بقسوه فقد سئمت من تلك العيشه التي تعيشها سواء معه أو مع والدتها؟ حياتها معه كانت لا إهتمام إلا بعمله وإلا عندما تكون معه في حاله فراشه وهذا ما كان يؤلم قلبها.. كل ما يهمه عمله والنجاح ويذهب الباقي الي الجحيم 

فاي عيشه تلك.... أما عن والدتها فرفضت الإعتراف بخطائها وتقصيرها تجاهها وحملتها الذنب لها بمفردها، واكتفت من معاملتها هي الأخري! و من اهانتها وحبسها و تعنيفها و التحكم بحياتها.


انتبه إلي نفسه والي حاله الشد والجذب التي أصبحت بينهما، فخشى أن يأخذهم الحوار بلحظة غضب بالسماح للخلافات بالدخول بينهما اكثر، وعدم تعامله مع الأمر بحنكة أكد له ذلك.. فيجب أن تكون قوة علاقتهما القائمة على الود والحب، وليس الكرة والشك، ابتلع أيمن ريقه بجمود قائلا بمرارة


= تمام حتى لو كلنا غلطنا معاكي فانتٍ شايفه الصح انك تروحي تخونيني .. مش كده.


كانت نظراته نحوها تعكس غضبة زفر بصوت مسموعًا مزيحًا عن صدره أي انزعاج، وحافظ على هدوء انفعالاته معها، لاحظ حالة الارتباك التي تظهر في نظراتها المترددة نحوه، كذلك تلك الارتعاشة الخفيفة في ثوبها، فخمن أنها تهز ساقها بعصبية، هتفت ضاغطة على شفتيها


= أيمن لازم تعرف ان انا مخونتكش أنا مفيش حد قربلي.. انا اتجوزتك و انا فاهمه اني هقدر أحبك ولازم احافظ على الحب ده و فعلاً حاولت و مقدرتش و غصب عني ضعفت بس انا ما كنتش عاوزه أطلق وانفصل عنك علشان كده؟ اوعى تفتكر اني هروح أتجوزه لأ.. انا مش عايزه أي حد في حياتي خلاص. 


ضاقت نظرات أيمن نحو زوجته وهو يسألها بتجهم


= هو انتٍ حبتيه و محبتنيش صح؟ طب انتٍ ليه محبيتنيش؟ هو أنا كأن ناقصني حاجه؟ 


رمشت ليان بعينيها قائلة بصوت خفيض شبه متردد


= لا ما حبيتهوش انا حبيت اهتمامه اللي كان نفسي انت تعوضني بيه .


رد عليها أيمن وهو يهز رأسه بعدم ثبات أعصابه


= طب انا قصرت معاكي في حاجه؟ 


أجابته بلا تردد


= لا 


أصغت له بانتباه تام فعاد يتسائل مشددًا 


= كنت وحش معاكي؟ ضربتك؟ مديت ايدي عليكي في المرة؟ حرمتك من اي حاجه عاوزاها .


أخرجت تأوهات خافتة مصحوبة بأنين مكتوم لكنها كانت مؤشرات قوية على قربها من الانهيار، وهي تهز راسها بمرارة وتصرخ بقوة


= لااااا لااااا.. برضه لأ .


نظر لها شزرًا وهو يرد صائحًا مثلها


= ولما هو لا طب ليه؟ ردي عليا انا قصرت معاكي في ايه. 


أجابته وهي تصرخ فيه بانفعال مهتاج


= كل اللي قلته ما حرمتنيش منه ولا قصرت، إلا في حاجه واحده واللي كلكم دايما فاكرينها سهله وحاجه عاديه وأن ما ينفعش اشتكي منها.. أنك اهملتني وبقيت هامش في حياتك ومش في اولوياتك، آخر حاجه بتفكر فيها انا أو ممكن ما بتفكرش أصلا فيا.


رمشت بعينيها مزيحة تلك العبرات التي تغرق مقلتيها مرددة بصوت باكٍ


= بس أنت يا أيمن راحٖل محترم و العيب فيا انا.. انا اسفه سامحني لان ده برده مش مبرر ممكن الحاجه الوحيده اللي ماما قالتها صح ان كان افضل لي وأشرفلي اتطلق منك بدل ما..


صمتت مجبره محاولاً إكمال الجزء الصعب من جملتها، أو حقيقتها العارية! ثم أضافت بخوف واضح على نبرتها وفي تعبيرات وجهها المشدودة


= انا اسفه بجد، بس انا حتى لو كنت طلبت الطلاق عشان السبب ده كنتم كلكم هتكونوا ضدي برضه وما حدش هيفهمني وهتقولوا  انتٍ واحده مدلعه وعايزه تخربي بيتك وما ينفعش تكوني زوجه صالحه، و مش عارفه تتحملي شويه.. و إيه يعني جوزك نسيكي واهملك ما كل الستات كده انتٍ مفكره الجواز فسح وكلام رومانسي وحب؟؟ ده خيال خليكي عايشه على أرض الواقع .


شعر أنها تسخر منه بكلماتها للتو! فهل الأسف بتلك المساله يمحي فعلتها ويداوي جروحه! جعلته يصرخ غضبا وهو يقترب منها حتي قبض علي معصمها مجدداً بقوه


= بجد انتٍ أسفه؟ متشكر أوي انتٍ عارفه انتٍ عملتي فيا ايه؟ انا في الموقف ده كنت المفروض اروح أترمي في حضن اقرب شخص ليا يسندني واللي هو انتٍ؟؟ مراتي اللي خانتني طب انا دلوقتي اروح لمين؟ انا عايز اعرف اروح لمين دلوقتي ردي عليا اروح لــمــيــن .


شعر أيمن بارتخاء ذراعيها بين يده بارتعاشة رهيبة أجفل جسدها لمجرد طريقه الغاضبة ونظراته المخيفة تلك، بذلت مجهودًا كبيرًا كي تحافظ على ثباتها رغم الدقات العنيفة التي عصفت بقلبها، مازالت لم تستوعب الأمر كليًا بعد، فتوسلته بصوتها المتحشرج


= انا طلبت منك تفتح القديم ونقول كل الكلام اللي جوانا، و بقولهالك عشان تعرف كل اللي جوايا....


تركها بفروغ صبر فالأمر بالفعل يضغط على أعصابه وعليه كليا، لوح بذراعه من بعيد وهو يصيح بحدة 


=إيه هو اللي جواكي يا ليان؟؟ملا دماغك بإيه الزفت طارق ده ولا أمك ولا عمك اللي كان عاوز يجوزك لابنه .


تقطعت أنفاس ليان وهي تردد بحسرة 


= طارق قاللي كتير... وماما قالت اكتر... و عمي و منصور أبنه، كلهم قالوا وعملوا اللي ما كنتش اتخيله في حياتي يحصل لي، و انت....


انفجر أيمن منفعلاً وموضحًا بيديه


= عاوزاني أقولك إيه يا ليان؟؟ حاولت اتجاهلك عشان اعاقبك ما قدرتش؟ فكرت اتجوز عليكي بشرع ربنا! برده ما عرفتش،طب اعمل زيك واخونك؟ لقيت نفسي بدخل في دوامه تانيه واظلم حد ما لوش ذنب بس في النهايه ما عرفتش ولا قدرت.. بس انتٍ قدرتي !. 


شعرت بوخزة أخرى في قلبها من ذلك اللوم القاسي الذي يمارسه الجميع معها، ابتلعت غصة مريرة عالقة في حلقها مقاومة رغبتها في البكاء، أخرجها من تأملها الشارد في صوته الجاد حينما تابع


= عارفه زمان لما جاتلي الرساله دي؟ اللي فوقتني على حقيقتك وعرفت إللي كنتي بتعملي من ورايا ما صدقتش وكنت رايحلك وانا عارف ومتاكد انك هتكذبي الكلام ده برده وتقولي لي ده مش صح وما حصلش .


ابتلعت غصة مريرة في حلقها وهي ترد


= لو قلتلك وقتها محصلش..كنت هتصدقني؟؟


تحرك صوبها ليقف قبالتها بحذر، وقال بنبرة حزينة للغاية


= لو كنتي قلتيها بإخلاص وصدق حصدقك...

ولو العالم كله برده قال لي انك خنتيني كنت هصدقك .. بس يا ريتك كنتي قلتيها .


اعتصر قلبها ألمًا، وأخفضت نبرتها تردف بتنهيدة تحمل الكثير


= بس مش هقولها... بالعكس... كل اللي وصل لك في الرساله وقتها صح... كل اللي سمعته وشفته حصل و بقولهالك في وشك أحسن ما أفضل أقولها بيني وبين نفسي واتعذب بيها... 

عشان ضميري كان بيوجعني ساعتها وكنت ندمت وكان نفسي اتجرا انا بنفس و اعملها واقول لك على اللي حصل.. ما اخترتش هنا اكون كدابه وخاينه واعترفت بالحقيقه؟؟ بس برده مش عاوزك تكرهني.. أنا غلط يا أيمن عارفه لكن غصب عني وغصب عن أي حاجة بتحصل في الدنيا.. انا ندمت وما بقتش مستنيه الغفران منكم ولا عاوزه حد يعقبني تاني على الغلطه دي انا دفعت ثمنها كتير أوي من حياتي، كفايه بجد .


بدت ارتعاشتها واضحة في نبرتها وهي تضيف 


= كنت بتقول من شويه انك ما قدرتش تخوني زي ما عملت، بس انتٍ قدرت تاخد حقك مني وزياده بالعذاب اللي انا شفته سواء معاك ولا معاهم.. مش كنت بتسالني أنا اتصلت بيك وطلبت منك تيجي تاخدني ليه؟؟ عشان اهرب  من ماما مابقتش عارفه اواجهها ولا اتكلم معاها..وهي ما بقتش عاوزه تعترف انها غلطانه، طول الوقت اللي انا عايشه معاها مش عايزه تخلق لغه حوار وتفاهم بينا ؟ دايما بتجري لحلول مختصره! تحبسني تاخد مني تليفوني! تضربني! زي ما كانت هتعمل قدامك عشان تجبرني اوافق على الجواز منك..


لمعت عيناها بالعبرات أكثر ودفنت وجهها بين راحتيها لتنخرط في البكاء، فنفخ هو عاليًا وهو يراها هكذا واضافت


= هي دي كانت حياتي طول السنين اللي فاتت، سواء معاك ولا معاها؟ مش كفايه؟ ما دفعتش التمن ولا ايه ؟ عاوزين تعدموني يعني عشان اكفر لكم على الذنب ده .. اعمل ايه بجد عشان ترتاحوا وتنسوا .


لوي ثغره للجانب مرددًا بضيق


=في ناس قبل ماتموت وتتحاسب في الاخره.. بتتحاسب في الدنيا كمان.. 


رفعت راسها له وسألته بعتاب طفيف


= وانا بقى من ضمن الناس دي؟ هو انا ايه اللي عملته في حياتي عشان استاهل كده؟ انا كل اللي عملته ان انا ضعفت ورحت كلمته بس.


فغر فمه مدهوشًا من تصريحها المستتر وفهم سريعًا المقصد من ورائه، ردد مستنكرًا


= الخيانه مش باللمس بس يا ليان؟ حتى بينك وبين نفسك لو كنتي فكرتي بغيري بطريقه مش كويسه، برضه إسمها خيانه


زفرًا بصوت مختنق من فساد يومه بالكامل، و انزعج من فتح كل ذلك! ربما يكون الأمر لصالحهم لكنه مؤلم حقا، هوت كلماته كالسياط على قلبها لتجلده أكثر و أجابته بصوت مرتجف


= عارفه، وانت كمان عملت زيي واعترفت بكده بس الفرق اللي بيني وبينك ان انا اللي بتحاسب وانت لا؟ و مش عشان انا اللي بدات لأ عشان أنت الراجل انما انا الست .


حدجها هو بنظرات قاسية وهو يرد بصلابة 


= بس انا ما حسبتهاش كده خالص ولا ده تفكيري وانتٍ عارفاني كويس .


زاد بكائها الشديد وارتفعت أصوات شهقاتها، هي خذلته وأحزنته وربما أوغرت قلبه من ناحيتها، ومن المحتمل ألا يسامحها بسهولة.

للحظة توقف في مكانه عاجزًا عن التقدم خطوة نحوها كور قبضته ضاربًا الطاوله جانبه بعنف أكبر، انتفضت هي بخضه وخوف أنه يتطاول عليها بالضرب! فالجميع حولها تقريباً فعل ذلك إلا هو؟ رغم أنه أكثرها غضب وحزن، لاحظ خوفها ليجيب هاتفًا بجمود


= ما تخافيش يا ليان مش هضربك ولو كانت هي دي طريقة تعاملي مع الامور! كنت من اول ما عرفت كسرت عظمك! زي ما هم بيعملوا


أخفضت رأسها بيأس وحسرة، وألتفت ليرحل وفتح الباب ليخرج لكن توقف للحظات يأخذ نفس عميق ثم استدار عائدًا إليها، لم يكن ليتركها على تلك الحالة تبكي بمفردها وهو يعلم جيدًا أنها في أشد حالاتها ضعفًا، فتح الباب ليجدها تقف في الصالة فنظر لها بتعبيرات غير واضحة، وهي انتبهت أنه عاد إليها، وبصمت فتح لها ذراعه كإشارة موحية لتأتي إليه، لم تتردد كثيرًا، كانت بحاجة إلى ضمته التي تحتويها فتعيد لها الثقة والأمان، ارتمت في أحضانه متابعة بكائها، فلف ذراعيه حول ظهرها ماسحًا عليه برفق وهو يقول


= بس خلاص.. خلاص كفاية عياط.. خلاص يا ليان.. كفاية يا حبيبتي!. 


❈-❈-❈


وفي منزل عابد، خرجت ريهام من غرفة أطفالها بعد أن تأكدت من نوم الجميع. وكانت في الداخل تشعر بالحزن والأسى عليهم، فقبل أيام طلبت الطلاق من زوجها! فرفض ذلك الرجل الحقير أن يطلق زوجته الثانية، حتى عندما حاول عابد حسم الأمر وإبلاغه ببعض الشروط مقابل عودة زوجته وأولاده، مثل شراء منزل خاص بهم! رفض تلك الفكرة بحجة تقصير المال معه. وهنا لم تتحمل ريهام أكثر من ذلك وطلبت الطلاق وهو خير لها من هذا الذل، رغم أنها لا تعرف كيف ستكون حياتها في المستقبل بعد الطلاق إلا أنها لم تجد أي حل آخر بخلاف ذلك.


تحركت ريهام إلى غرفة المعيشة لتتفاجأ بوالدتها تجلس في الظلام وتضع يدها تحت خديها بحزن شديد. تنهدت الآخري واقتربت منها لتجلس قائله بقله حيلة


= وبعدهالك يا ماما هتفضلي كده طول الوقت سرحانه وبتعيطي، و الحزن اللي انتٍ فيه ده هيرجعها يعني؟ بالعكس هيقهرك أكثر 


إجابتها بنبرة مختنقة وقد أوشكت على البكاء أمامها


=عاوزاني اعمل ايه يعني؟ بعد ما رحت لاختك وطردتني بنفسها وقالتلي انسيني زي ما انا هنساكم من حياتي.. قلبي واجعني عليها أوي يا ريهام، واللي قاهرني اكتر ان انا السبب في اللي هي فيه .. يا ريت اقدر ارجع الزمن وما كنتش خليتها تتنازل عن حقها ولا تواجه كل ده لوحدها وتحس بكسرتها .


شعرت بخيبة الأمل لكونها فرطت في شرف ابنتها و تركت الجميع يتطاول ويسب بأخلاقها متصل فيها بروعونتها وتفكيرها الأحمق، هي أضاعت كنزًا ثمينًا من بين أصابعها بسبب سلبيتها الشديدة وخوفها من المجتمع، و واصلت مكملة بتعنيفٍ قاسٍ لنفسها


= يا ريتني ما ضغط عليها تتنازل، ازاي نسينا نفكر فيها زي ما فكرنا في نفسنا وخوفنا من الناس، وانا كنت ساكته...شایفة وساكته.. كنت زیکم انانيه.. الغلطه مش غلطت ابوكي بس غلطتي أنا كمان يا ريهام؟ يا ريتني فهمت من الأول انها كل اللي محتاجه مني حضن وايد تطبطب عليها، كنت فاكرة بقدم ليها نصايح بس الحقيقه انا كنت بأمرها.. و اوجع حاجه على الإنسان انه يحس انه متهان وسط الناس


إبتسمت ريهام لها إبتسامة باهته، وقبلت كفها وهي تجيبها بصوت متألم


= مش لوحدك يا ماما اللي ندمانه ولا زعلانه عليها، انا كمان والله وحشتني أوي ونفسي اروح اشوفها، بس من ساعه لما انتٍ قلتلي رحتلها بنفسك واستقبلتك بالطريقه دي و ما بقيتش عاوزه حد مننا وانا مش قادره اروحلها واحط عيني في عينها .. مش هستحمل منها الكلام ده .


تنهدت ريهام بعمق شديد ثم انتفضت في جلستها مذعورة حينما رأت والدها أمامها ينظر نحوهما بوجه قاتم؟ لتفهم بأنه استمع حديثهم عن فريده وللحظة ظنت أنه سيتطاول بالضرب عليهم لانهم اخفوا ذلك الخبر عنه، فصرخت بهلع


= بابا انت هنا من امتى .


أفاقت خيرية من شرودها المشين قائلة بارتباك


= عابد


ارتعش جسده لمجرد سماع كلماتهم تلك التي تحتوي من خلفها عن معرفة مكان ابنته الضائعة،وانتفض قلبه بقوة وهو يصيح بصوت غاضب


= انتم عرفتوا مكان فريده؟ وكمان رحتلها؟ ما حدش منكم قال لي ليه أنكم عرفتوا حاجه زي كده؟ خلاص بقيتوا تعتبروني مش موجود في حياتكم .


ظل مكانه مذهول يستوعب الأمر، ثم أضاف من بين شفتيه بنبرة بتهديد


= حسابكم معايا بعدين، حد يقول لي عنوانها فين؟ انطقوا بنتي فين عشان اروح اجيبها وارجعها البيت بدل ما هي عند الاغراب كده وما نعرفش عنها حاجه


نهضت خيرية ساحبة يدها من بين راحتي ريهام وهي تقول بقلق شديد


= الموضوع مش كده يا عابد انا ما رضيتش اقول لك غير لما احاول معاها انا الاول انها ترجع بس هي مش راضيه، و بقت تشتغل دلوقتي ولقيت مكان تبات فيه.. وبتحاول تعيش وتتعود على حياتها الجديده بعيد عننا 


انقلع قلب عابد في صدره لمجرد منعه من رؤيه ابنته وهو على بعد مسافة قريبة منها، هتف صائحًا بعصبية شديدة


= انا ما ليش دعوه بكل الكلام ده بقول لك هاتي العنوان انا هعرف اتصرف معاها، حاجه زي كده كان لازم تعرفني بيها وانا لما قلت لكم شلت ايدي وسبتكم تعملوا اللي انتم عاوزينه كان قصدي في اختياراتكم في حياتكم انما الهانم اللي سابتنا وما نعرفش حاجه عنها دي لازم نرجعها .


اقتربت منه زوجته تستعطفه بتوسل شديد

فهي تخوفت أن يحدث صدامًا بينهما عندما يذهب إليها، فهو يعتقد بأن الأمر بسيط و سينتهي عندما يذهب إليها ويامرها بالقدوم معه


= بلاش يا عابد البنت تعبانه ونفسيتها وحشه ومش طايقه حد فينا، بلاش انت تروحلها دلوقتي وسيبني انا احاول معاها مره ثانيه و..


فاستشاط غضبًا، دفعها بذراعه قائلاً بانفعال


= انا ابوها ودي بنتي ومش انتٍ اللي هتقولي لي أعمل إيه وما اعملش ايه معاها؟ و لاخر مره بقول لك يا خيريه هاتي العنوان بدل ما اخش افتش في الاوضه واقلبها جوه واجيبه انا بنفسي .


بعد وقت طويل في دار الرعاية، كانت فريدة تسير بلا اكتراث نحو أحد الغرفة تتابع عملها لتلقي نظرة خاطفة على والدها الذي وقف أمامها ومرت جانبه فلم تنتبه لوجوده أمامها ام اصطنعت ذلك، لكنه لمحها وهي تسير بخير لتلهب مشاعره ويؤجج العواطف داخله عندما رآها من جديد، هب من مكانه يتحرك ليحدق فيها مدهوشًا،و لمعت عيناه بوميض مشرق باشتياق كبير الي أبنته! لكن ذلك انطفى عندما وجدها تتجاهله؟ أمسكها بسرعة وهو يتحدث بنبرة جادة


= اقفي هنا، ايه مش شايفاني؟ ولا عامله نفسك مش واخده بالك وماشيه.. ولا السنه اللي عديت خليتكٍ تنسى ابوكي و مش فاكره شكله


ظلت صامتة وهي ترمقه بنظرات حادة، بينما هو تابع حديثه بلهجة صارمة بأمر


= بهدوء كده وبالراحه لم حاجتك كلها وتعالي معايا عشان ترجعي البيت كفايه المده اللي انتٍ قعدتيها بعيد عننا،اظن خلاص استريحتي وعملتي كل اللي انتٍ عاوزاه رفعتي قضايا وسبتنا متشحطاطين ندور عليكي في الأقسام والمستشفيات واحنا مش عارفينلك طريق وانتٍ في الاخر قاعده هنا ولا في دماغك حالتنا عامله ازاي واحنا مش عارفين عنك حاجه وما كلفتيش نفسك حتي تطمنينا .


قطب جبينه مهتمًا، وانتظر بترقب رده فعلها

وهو يضيف بحدة


= ومش هحاسبك على كل ده! مش خلاص عملتي إللي في دماغك وعاقبتينا ما دلوقتي الايه اتقلبت والاولاد هم اللي بيعاقبوا الاباء والامهات مش إحنا، بس تمام مش مهم كل ده ولا عاوزين نفتح في القديم.. يلا لم حاجتك وتعالي معايا.


نظرت له مطولاً بصمت ثم ردت بعدم مبالاة

بكلمة واحدة مختصرة


= لأ .


استاء من الجاف التي تعامله به، فعاتبها

وهو ينظر لها بضيق 


= هو ايه اللي لأ! يا بنت انتٍ، سمعتيني كويس قلت ايه كلمه واحده ونفذيها لمي حاجتك عشان ترجعي معايا البيت، مفكراني هسيبك هنا وانا مش عارف عنك حاجه ، ولا ايه اللي ممكن يحصل لك في مكان زي ده وانتٍ لوحدك . 


ردت بقسوة متعمدة الإشارة إليه ليتذكر أفعاله المسيئة معها بالسابق


= برده مش هاجي معاك، وبلاش جو الاب الحنين اللي خايف عليا ده ؟ عشان ما بقاش ياكل معايا عشان لو انت فعلا خايف ويهمك تطمن عليا ما كنتش عملت اللي عملته فيا زمان..و ما طلبتش اصلا من حد منكم يتعب نفسه ويدور عليا وفي الرساله اللي بعتها لعمي قلتلكم فيها انسوني والموضوع مش صعب عليكم متهيالي، ما انت رميتني سنه بحالها واكتر عند اخوك ولا تعرف عني حاجه؟ 

ما كنتش بتخاف عليا ليه وقتها.


ارتبك من تلميحاتها الخفية، وشعر بتأثير كلماتها عليه، ارتدي سريعًا قناع الجدية الزائف قائلا بصلابة


= عشان كنت عارف مكانك وكنت عارف اخويا انه هيستقبلك في بيته وانا اللي طلبت منه ده وكنت بطمن عليكي منه كل يوم بنفسي، ما كنتش رميكي ولا اعرف عنك حاجه زي ما انتٍ فاكره ورغم كل اللي عملتيه لسه باقي عليكي وبقول لك ارجعي .


احتقن وجهها بصورة بائنة فهي قد سئمت وملت من ذلك الأسلوب الضاغط عليها والأمر والنهي الذي يصر استخدامه عليها، لكن لم تسمح بحدوث ذلك مطلقاً فهي قد اتخذت القرار ولم تعطي اي منهم فرصه ثانيه ليتحكم بحياتها ويفسد راحتها، وبدت لهجتها متشنجة إلى حد ما وهي تتحدث بتهكم


=ولله بجد وبالطريقه دي؟ كده عملت الصح من وجهه نظرك، طب بلاش فعلا نفتح في القديم ويا ريت تمشي مطرح ما جيت عشان انا مش هرجع معاك.


عمق نظراته نحوها قائلاً بنبرة جادة وهو يلوح بإصبعيه بتحذير


= وانا مش همشي من هنا غير بيكي وهتيجي غصب عنك فاهمه ولا لاء.


احتاجت خلاياها غاضبة غضب جمًا من نفس الأسلوب القديم الذي كان يتخذه معها من قبل لإقناعها بالزواج من حسام ذلك الحقير بالإضافة إلى التنازل عن القضيه لأن ذلك الصالح لها متناسي أنه سيزوجها من مغتصبها وانها لم تجد الحب والسكنى الهادي والراحة التي افتقادتها بسببهم، ثم ردت عليه بقوة رغم هدوء نبرتها


= الظاهر حضرتك اللي مش عاوز تفهمني انا مش هرجع معاك مش عاوزاكم، وانا ما بقيتش نفس العيله الصغيره إللي لما تشخط فيها وتبرقلها هتجري تعمل اللي انت عاوزه وتنفذ اوامرك؟ الكلام ده زمان قبل ما اكبر واعرفكم على حقيقتكم؟ انما دلوقتي كبرت ودقت قسوتكم والاذى اللي شفته منكم .


تابعت موضحة بجمود وكأن أمرهم لا يعنيها


= يلا اتفضل امشي انا مش هاجي معاك مهما تعمل، وهتعمل ايه مثلا هتعلي صوتك وتزعق في المكان؟ مش هيفرق معايا ما هما ياما اتفرجوا وعرفوا عني كتير.. وانا بنفسي زمان نشرت كل اللي حصل في الصحافه عشان الفرجه تبقى على حق وانت يومها طردتني فاكر! ولا ناوي تشدني بالغصب وتقول لهم دي بنتي ومش عاوزه تسمع كلامي؟ عشان هي بنت عاق! برده يلا اعملها مش هتفرق معايا قلت لك انا مش لسه قاصر وانت ما لكش حكم عليا، و في النهايه برده هعمل اللي انا عاوزاه .


ضاقت نظراتها نحوه فبدت أكثر حدة عن ذي قبل، وتابعت مضيفة بلؤم


= بس تعرف انا متاكده انك مش هتعمل حاجه زي كده عارف ليه؟ عشان انت بتخاف من الفضيحه اكثر ما بتخاف على بنتك .


أولته ظهرها ليظل هو صامت بصدمه وعدم استيعاب، على فراق ابنته الإجباري ومصيرها المجهول بعمل و سكن لم يعرف عنه شيئًا، لم يعد بمقدوره الامر والنهي، انفلتت زمام الأمور منه فتوقف مكتوف الأيدي عاجز حتى عن رؤيتها أو ضمها إلي أحضانه، ضغط على كفي بحسرة، آهٍ لو لم يرغمها عن التنازل ولا اهتم لحديث الناس قبل أن تخرج المسائل عن السيطرة. 


خشي بالماضي أن تضيع أبنته منه عندما تكمل في القضيه وتحارب بمفردها في تلك الدنيا القاسية فتتسبب في تبعات جمة تعرضها للخطر، لذلك استسلم بيأس كبير لقرار التنازل عن حقها! وأمرها بذلك أيضا بطريقة غير قابلة للنقاش.. فعل كل ذلك تحت مسمى المصلحة حتى لا تضيع؟ و بالنهايه تنازلت بالفعل و ضاعت منه! ولم تعد أبنته جانبه ولا تريد رؤيته! جرجر ساقيه للخارج ملقيا نظرة وداع أخيرة على المكان بخيبة كبيرة، ثم تابع سيره المتخاذل متجهاً نحو الطريق الرئيسي باحث عن وسيلة مواصلات ليعود إلى المدينة وحيد كما جاء .


يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية حياة بعد التحديث, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة