-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 6 - 2

 

 قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل السادس

الجزء الثاني


العودة للصفحة السابقة



في منزل وفاء، وضعت مهرة اكواب العصير أمام الضيوف وهي تشعر بالتوتر منهم؟ بينما

كانت تطلع وفاء إلي مروة بامتعاض ظاهر علي ملامحها، ثم هتفت قائلة بقصد وهي تجذب مهرة من ذراعها نحو الأريكة لتجلسها إلى جوارها

 

= اتفضلي اشربي العصير يا مروه كرم الضيافه هنديهلك حتى لو مش طايقاكي وبعد ما اهنتي بنتي و اهنتيني انا كمان ومع ذلك دخلتك بيتي من تاني، عشان انا بس بنت اصول ومتربيه وبحترم الناس اللي بتدخل بيتي حتى لو مش طايقاها

 

استدارت برأسها نصف استدارة لتجيبها بحذر

 

= ايه لازمته الكلام ده بس يا وفاء، للدرجه دي شايله مني؟ ما أنا قلت لك انا اسفه وجايه لك مخصوص النهارده مع اخوكي عشان اعتذر لك عاوزاني اعمل لك اكثر من كده ايه؟

 

نظرت وفاء ناحيتها هاتفًة بوجه خالٍ من التعبيرات

 

=اللي انتٍ عملتيه يساوى عندي كتير أوي يا مروه ومع ذلك هكبر دماغي واسامح عشان اخويا بس، وانا بتكلم عن نفسي انما انتٍ لسه في حد ما اعتذرتيش لي مع انك غلطتي فيها اكتر مني وهي اللي تستاهل الاعتذار

 

رمقتها مروة بنظرات مهينة تجاه مهرة، وردت بنزق

 

= هو مش انتوا الاتنين واحد وانا اعتذرتلك مش كفايه .

 

ابتلعت ريقها مهرة وضغطت على شفتيها قائله بتردد محاولة تلطيف الأجواء

 

= ماما وفاء خلاص انا مش زعلانه وكفايه فعلا انها اعتذرتلك اكنها اعتذرت لي انا كمان

 

لم تجب عليها وفاء بل إكتفت بالنظر إليها بضيق شديد وعدم رضا من كلماتها فهي تحاول ان تجعل لها قيمه ولا تريد ان تمرر الأمر هكذا بهذه البساطه حتى لا يتجرا احد مره ثانيه عليها ويقلل من شانها، ثم إستدار طه قائلا بجدية

 

= مروه اعتذري وطيبي خاطر مهره انتٍ غلطتي فيها اكتر من مره، خلينا يلا نخلص الليله دي على خير و طالما جيتي يبقى اعتذري لكل اللي غلطتي فيه.

 

تنفست مروة بعمق مستجمعة شجاعتها لتقول الكلمات شاعرآ بضيق مكتوم وضغطت على شفتيها قائلة بتمهل مدروس

 

= حقك عليا يا مهره واوعدك مش هعمل اللي عملته تاني ولا هعملك بالطريقه الوحشه دي لو جيتي تاني بيتي و أنا اسفه، ها لسه زعلانه مني؟

 

أخفضت مهرة رأسها أرضاً كالتائهة وهي تري لأول مره أحداً يُعاملها وكأنها روحً من حقها أن تنال كلمة أعتذار، وبعد فترة هتفت بخفوت 

 

= لا مش زعلانه ما حصلش حاجه يا طنط مروه وانا والله ما فيش حاجه من اللي في دماغك حقيقي و من اللي حضرتك كل مره تتهميني بي.. انا بعتبر ولادك اخواتي فعلا وعمر ما في حاجه تانيه هتحصل غير كده .

 

قال طه بهدوء وهو يشير بيده

 

= واحنا مصدقينك يا مهره خلاص خلينا بقى نقفل على السيره دي وننساها ولا اكنها حصلت والحمد لله ان النفوس كلها اتصافت .

 

بعد فتره اخذ طه مروه ليرحلون من المنزل، و نوعاً ما كانت وفاء راضية من اعتذارها بينما في الأسفل صعدت السياره واغلقت الباب بحدة وهي غير راضيه من إجبار زوجها لها لفعل ذلك، ضربت جانبيها براحتي يدها مرددة بانزعاج

 

= يا ريت تكون مرتاح دلوقتي بعد ما حلفت عليا بالطلاق وكنت هتطلقني عشان غلطه زي دي.. و... انت بتعمل ايه يا طه؟؟

 

صمتت للحظة و رمقته بنظرات مصدومة لرؤيتها إياه يقبل كفها وهو يجيبها بصوت نادم

 

= حقك عليا يا مروه انا غلطان انا كمان ولازم اعتذر ما كانش ينفع تحت اي سبب احلف عليكي بالطلاق بس انتٍ عصبتني وضيقتيني فعلا منك، و مش موضوع انك غلطتي في مهره واللي عملتيه معاها بس؟ لا الموضوع اكثر و انك ما كبرتنيش ولا احترمتي وجودي ولا وجود اختي.. بس انا كنت مصمم انك تعتذري عشان لقيتك بتدخلي في حته مش بتاعتك انتٍ عمرك ما كنتي وحشه لا بتظلمي حد كده يا مروه.

 

ثم أضاف طه بصوت جاد للغاية بعقلانية و تريث

 

=و زي ما طيبتي خاطر اختي عشاني و سمعتي كلامي انا كمان بطايب خاطرك اهو وبقول لك انا اسف، وانا مش واخدك يا بنت الناس من بيت ابوكي عشان اكسر خاطرك بالطريقه دي ولا اطلقك على أي سبب، و كان لازم احل الامور احسن ونتفاهم انا وانتٍ بدل ما اخرب البيت واحلف بالطلاق لانك كان ممكن تعندي معايا بس انتٍ ما عملتيش كده! بس انتٍ اللي كنتي منشفه دماغك عليا بس مش هيتكرر تاني.. ويتقطع لساني يا ستي لو فكرت احلف عليكي بالطلاق ثاني مره

 

احتوائه للامر بتلك الطريقه الساحره لها، وانه اجبر بخاطرها هي الأخري! و اعتذار منها بندم جعلها الى حد ما تدرك قيمة خطاها وتتراجع عن اي أفكار سيئة تجاه مهرة، ضغطت على شفتيها بخجل طفيفة من نفسها وهي تقول بنبرة متوترة

 

= بعد الشر عليك ما تقولش كده، خلاص انا مش زعلانه وقابلت اعتذارك كمان.. و اوعدك ان انا مش هضايق اللي اسمها مهره دي، بس طول ما هي بعيده عن عيالي.

 

--

 

ذهبت ناهد لتفتح الباب بعد أن استمعت الى صوت الجرس، لتجد سالم امامها وبصحبته أبنته ليلي! اندهشت من وجوده بصحبة حفيدتها بذلك الوقت دون اخبارها مسبقا، و أشارت ملامح وجهها ونظراتها إلى ذلك،هي لم تتوقع مجيئه بتلك الأيام، وقبل أن يدفعها فضولها للسؤال بطريقة قد تربكه، هتف سالم موضحًا

 

= معلش يا مدام ناهد ان انا جاي من غير ميعاد، بس اتصلت بيكٍ قبل ما اجي ما ردتيش وانا كنت مستعجل في اللي عاوز اقوله لك

 

سألته ناهد باهتمام وهي تشير بعينيها نحو الداخل

 

= لا ولا يهمك اتفضل، بس خير في حاجه اصلك جايب ليلى معاك وقلقتني بصراحه

 

ابتسم سالم لها بخفة وهو يضغط برفق على يد أبنته قبل ان يامرها بهدوء

 

=لا ما تقلقيش الموضوع بسيط، ليلى ممكن معلش تدخلي الاوضه بتاعتك وتسيبيني انا وتيته نتكلم براحتنا

 

هزت راسها بالايجاب ورحلت وتركتهم، و مرت أكثر من ساعة ولم تسمع ليلى صوت والدها بالخارج لتضطر ان تخرج لتري ماذا يفعل؟ ثم انعقد ما بين حاجبي ليلي باندهاش عندما لم تجده بغرفة المعيشة وهي تتساءل بغرابة

 

= هو بابا فين يا تيته؟

 

نظرت إليها ناهد وهي تقول بنبرة هادئة

 

=باباكي سافر هو ومراته عشان يقضي شهر العسل بتاعهم يا ليلي، اظن انتٍ اكتفيتي منه وبزياده، المره اللي فاتت لغى شهر العسل بتاعه مخصوص عشان امتحاناتك سيبيه بقى يستجم مع مراته براحته، و انا وانتٍ نقعد براحتنا

 

انصدمت ليلي من فعلت أبيها وقد قست نظراتها على الأخير وقطبت جبينها مبدية غضبها الشديد، لتضيف جدتها قائله بحب

محاوله ان تواسيها

 

= هنقضي مع بعض الاسبوعين اللي باباكي هيسافرهم فصح وخروجات احنا كمان، و  هنتبسط مع بعض أوي يا حبيبه تيته 

 

لم تعلق عليها بل اكتفت بالتحديق فيها بنظرات غامضة تحمل الحنق والسخط، هي متأكدة بأن والدها تركها هنا بأمر من زوجته الحقوده! ليزداد غضبها تجاهها وكرهها، فهي مؤمنة بأنه والدها ولها هي فقط! من حقها أن تثور و أن تغضب و تخرج عن المألوف بالصراخ والعويل إذا أقترب أحد منه، لكنها صمتت مجبره نفسها على ذلك وداخلها تشتعل غضب وتتمنى رحلتها ان تكون تعيسه الحظ

و لم تنل تسنيم من الحياة السعادة إلا القليل.

 

لكن ذلك الصمت لم يطال بالتاكيد كثيرا !!.  تحشرجت أنفاسها حتى أوشكت على الاختناق

و زاد جنونها ورفضت تصديق بأن والدها تخلى عنها من اجل زوجته! وابتعد عنها تاركها هنا ليذهب ويلهي مع زوجته دون الاهتمام إليها، ولم يكفيها بأنه الايام السابقه كان معها وحدها .. ما زالت تريد الاكثر؟؟ تريدة كله لها دون ان يشاركها أحد فيه، ركضت إلي غرفتها وأغلقت الباب خلفها بكل قوة وهي عاجزة عن فعل شيء ليعود إليها، فحسب كلمات جدتها بانه سافر الآن! بكت رغمًا عنها، وتتابعت شهقاتها المتحسرة عليها.. وبدأت أشد دافعة  ما على تسريحة غرفتها ومكتبها من أدوات مدرسية وكتب! تخرج غضبها فيهم! وهي لا تصدق بان تلك اللئيمه انتصرت عليها مجدداً .

 

بينما في منزل سالم، قرع جرس الباب فتوجهت تسنيم لفتحه، وتفاجات بكونه سالم  يرن الجرس رغم أن المفتاح معه! و شعرت بخجل حينما رأته أمامها يطالعها بنظراته المتلهفة لها، ثم حمحمت لتدخل متحاشية النظر إليه! و أسرع سالم في خطواته نحوها بعد أن أغلق باب المنزل و استمر في التحديق بها بنظرات شغوفة متناسيًا العالم من حوله وقبل ان ترحل تسنيم من أمامه وهي لا تفهم حاله الغريبة تلك اخرج سلسله جميله ليقدمها لها، عضت على شفتيها السفلى وهي تأخذها منه ونظرت إليها باعجاب

 

= إيه السلسله الجميلة دي، جايبها ترشيني  بيها يعني ولا ايه عشان اسامحك واعفو عنك

 

غمز لها سالم من طرف عينه مبتسمًا بعبث

 

= هو انتٍ بذمتك في حد بيعرف ياكل بعقلك حلاوه، ولا يرشيكي كفايه الأيام اللي فاتت مطلعه عيني عشان غلطه واحده بس عملتها من غير ما اقصد، بس ماشي حقك يا ستي

تعملي اكتر من كده كمان؟ عشان انا ما كانش ينفع اتجاهل قمر زيك كده وانساه

 

زفرت بصوت مسموع قبل أن تقول حديثها المرتبك

 

= والاهتمام والكلام الرومانسي ده ما كانش بيتقال من الاول ليه؟ ولا لازم تتقرص عشان تعرف قيمتي.. على العموم السلسله حلوه و ذوقك جميل بس مش معنى كده ان انا سامحتك 100%

 

هز رأسه سالم بندم دون أن يحيد بعينيه عنها

 

=عارف بس متهيالي المفاجاه الجايه هتخليكي تسامحيني مش 100% بس لا كمان هتديني حضن وبوسه وهتنسي كل اللي عملته

 

عقدت حاجبيها بتعجب متسائلة بفضول

 

= واثق من نفسك اوي كده! طب قول لي ايه هي المفاجاه؟ يمكن ما تعجبنيش

 

أخرج من جيبه تذاكر سفر ثم أردف سالم موضحًا بجدية

 

= اولا دول تذكرتين سفر لايطاليا والطياره فاضل عليها من دلوقتي ساعه بالظبط يعني تتحركي حالا تجهزي شنطتك بسرعه وشنطتي، وثانيا اخدتلك اجازه ليا وليكي من شغلنا، و ثالثا ليلى قبل ما اجي وديتها عند مدام ناهد وآه كمان اجازتنا هتكون اسبوعين مش اسبوع واحد زي المره اللي فاتت! ايه رايك بقى في مفاجاتي؟؟ متهيالي دي مش مفاجاه واحده! لا وكمان لسه باقي المفاجات هتبتدي لما نسافر هناك إيطاليا .

 

ارتفع حاجبي تسنيم للأعلى مبدية اندهاشها من أفعاله المثير، فهو بالفعل ندم علي افعاله بالسابق وفي وسط المشاكل تلك حصل على الحل الامثل و أستطع التفكير بذهنٍ صافٍ، الذي حجب عن عقله الكثير من الحلول الميسرة التي تضمنتها بالطبع، حينما غفل عنها غير متعمد، لتقول بصوت متوتر اثر صدمتها

 

= سالم انت بتتكلم بجد ولا بتهزر لحقت تعمل كل ده امتى؟ و إزاي ؟

 

رد مبتسمًا قائلاً بمرح طفيف

 

=يا حبيبتي دي قدرات وانتٍ لسه ما تعرفنيش كويس، انا مستعد اعمل اي حاجه عشانك وعشان تسامحيني وتعرفي ان انا ما كنتش اقصد اي حاجه وحشه عملتها في الايام اللي فاتت وان انا مستحيل استغنى عنك..والغلطه دي ان شاء الله مش هتتكرر تاني و اوعدك بكده

 

اتسعت حدقتاها بصدمة، وشعرت بتلك السخونة المتدفقة إلى وجهها، وهتفت بسعادة كبيرة

 

= سالم انا مش مصدقه انت بجد عملت كل ده عشاني، شكراً يا حبيبي انا بحبك اوي و مبسوطه أوي و مش مصدقه ان احنا هنسافر فعلا .

 

و كأن كلماتها تلك قد أوقدت نيران الحب بداخله، نظر لها بأعين لامعة محافظًا على ابتسامته الهادئة وهي لم تنبذ مشاعره مثلما تفعل؟ بل على العكس كانت تلين نحوه وقلبها المتيبس يرق اثر كلماته واهتمامه الصادق هذه المرة المصحوبة بأفعاله، لم يطل التحديق فيها طويلاً وهو يري تأثير حبه المتأجج على تعابيرها التي استسلمت لتيار عشقه اخيرا، حيث نظر لها متأملاً حمرة وجنتيها المغرية و وضع يده على طرف ذقنها متحسسًا إياه بأنامله ورافعًا وجهها إلى عينيه قبل أن تنخفض شفتاه على شفتيها، لتقوم بدورها الاحترافي، جعل كامل بدنها ينتفض ويتلبك في توترٍ خجل خفضت رأسها حرجًا منه، ليضطر الى فصل قبلته ثم همس لها بحرارة لفحت وجهها

 

= وانا كمان بحبك يا تسنيم .. وانتٍ مش بس مراتي انتٍ بقيتي حياتي كلها واسف على اي حاجه حصلت مني المره اللي فاتت وزعلتك مني .

 

ثم أضاف بحذر زائف وهو يشير بيده

 

= ممكن بقى تتكرمي بسرعه وتحضري الشنط قبل ما نقعد نرغي كده ونحب في بعض كتير والطياره تفوتنا لثاني مره، اظن لو حصلت المره دي كمان؟ كده يبقى في حاجه غلط بقى في الجوازه كلها و حد عامل لنا عمل مش محسودين وبس .

 

تنهدت بصدرٍ يخفق بقوةٍ وهي تجد نفسها محوطه بنظراته الوالهة، لتهتف بإبتسامة عريضة

 

= لا حاضر بسرعه هروح اجهزها وانت تعالى معايا عشان تساعدني، بسرعه قبل ما يحصل حاجه فعلا عشان انا كمان بقيت اتشائم من موضوع السفر والطيارات ده

 

هز رأسه بأصرار ينفي على اعتقادها قائلا بدلائل محسوسة

 

= ما فيش حاجه هتحصل ان شاء الله يا حبيبتي المره دي، و هنفرح ونتبسط غصب عن اي حد ومهما حصل .

 

لوت ثغرها بابتسامة عابثة تأكد علي كلماته وكأن الدنيا قد ابتسمت لها من جديد بمجرد أن بدأ سالم يهتم بها، جعلها تشعر ببريق الأمل يلوح في الأفق لكونه يصلح الامر لعوده الحياه الى مجاريها بينهما بطريقة أو بأخرى، بالإضافة لكونها فرصة طيبة لتبادل اطراف الاقتراب و التودد إلي بعضهما البعض بعد أن عزفت عنه لأيام عدة، فباتت لياليه طويلة جافة.

 

--

في دار الرعاية، انتبهت فريدة لصوت صراخ طفله باكية يأتي من غرفة السيدة عواطف، فتلفتت حولها تبحث عن مصدر الصوت ثم نهضت من مكانها متجهة صوبها عندما زاد صوت البكاء ثم وقفت أمام الرضيعة، بكت بحرقة حتى احمر وجهها من كثرة صراخها المتوسل للرحمة والحنان، راقبتها فريدة بقلق بنظرات مطولة، ثم عاودت الالتفات بالغرفة تبحث عن السيدة عواطف او أي شخص ما، هاتفه بصوت مرتبك

 

= مدام عواطف.. مدام عواطف حضرتك فين

 

سمعت صوت مياه قادم من المرحاض لتعلم أنها بالداخل، لوت ثغرها مرددة بامتعاض

 

= ازاي تدخل كده وتسيب الاولاد لوحدهم هنا، ممكن حد يدخل يعمل لهم حاجه من غير ما تحس.. ولا عيل صغير من بره يجي يضايقهم .

 

لم يتحمل قلبها بكاء الصغيره اكثر من ذلك؟ و رق قلبها نحوها أكثر عندما رفعت الرضيعة كفيها للأعلى عله تمسك بها، ابتسمت فريدة لها بحنان وعطف شديد و مدت أصابعها المرتعشة وهي تقترب منها ثم رفعتها بذراعيها إلى صدرها تهدهدها كي تصمت، ثم خرجت بها من الغرفة حاملاً إياها حتى لا تستيقظ اختها الصغيره النائمه بالداخل، و وقفت بها جانب تتحدث معها كأنها تفهم عليها بمعاتبًا بضيق زائف

 

= هشش، اشمعنى انتٍ اللي عامله صداع واختك ساكته، شكلك شقيه عنها .. ما هم دايما بيقولوا التوام مش زي بعض وفيهم اختلاف حتى لو الشكل واحد .. بس انتٍ جميله اوي وفيكي براءه بتخطف العين .

 

بدأت الصغيرة تصمت وهي تنظر اليها باهتمام وتلتفت حولها بفضول ثم عادت لتنظر اليها وتبتسم ببراءة، أخفضت فريدة نبرة صوتها وهي تتابع ابتسامتها الجميلة التي خطفت قلبها، لتكمل بإبتسامة عريضة 

 

= انتٍ بتضحكي شكلك فاهمه كلامي، وذكيه كمان ماشاء الله .

 

استمرت فريدة تداعب الصغيرة وتضحك علي تعابيرها البريئه وهي لاول مره تشعر بذلك الاحساس، وفي ذلك الأثناء كان قادم بدر من الخارج وقبل ان يدخل الى غرفه السيده عواطف لمح ابنته تحملها ممرضة هنا، وكانت تحتضنها و تدلك برفق على ظهرها بحنان..   ظل دقائق يتابعها بصمت و لم تشعر فريدة بوجوده، ولم تعبأ بأنظاره المثبتة عليها بغرابة! ظلت تحمل الرضيعة تلاعبها بيدها حتى غفت بين ذراعيها ثم استمعت الى صوت يحمحم جانبها، فالتفتت برأسها للجانب لتجد شخص ما أمامها لا تعرف هوايته، تسائلت بجمود جاد

 

= خير حضرتك عاوز حاجه .

 

اتسعت ابتسامته تدريجيًا وهو يتابع ابنته النائمه على كتفها براحه، ثم هز رأسه قائلا بهدوء

 

= اه البنت اللي حضرتك شايلاها دي تبقى بنتي اكيد مدام عواطف اللي اديتها لك صح؟ هي اختها فين مع خالتي جوه.

 

اتسعت عيناها بصدمة وسرعان ما خمنت بانه

بالتاكيد هو نفسه العريس الذي كانت تتحدث عنه السيد عواطف قبل أيام! يقف أمامها وهي تحمل ابنته، خجلت كثيرًا من تصرفها الذي وضعها في موقف حرج للغاية، واكتست تعابير وجهها بحمرة قوية وهي ترد بتلعثم واضح

 

= هاه آه آآ لأ .. آآ قصدي انا دخلت الاوضه عشان اديها الدواء واطمن عليها لقيتها في الحمام، وكانت البنت بتعيط فخدتها والبنت الثانيه جوه في الاوضه ساكته أو نايمة مش فاكرة .

 

لاحظ تحديقها المستمر به بالبداية و جرحها منه، لكن خمن بأنها خجلت من وجوده أمامها فجاه كذلك، لكن هي كانت لا تعرف أكان على معرفه بانها العروس التي تحدثت عنها السيدة عواطف ام لا؟ ثم هتف هو قائلاً مبتسماً براحه

 

= اه تمام شكراً أكيد تعبتك معلش، طب ممكن البنت.

 

نظرت له عدة ثواني ثم هزت راسها بتأكيد، وهي تتحدث بقلق واضح على نبرتها وفي تعبيرات وجهها المشدودة

 

= اه طبعا اتفضل.. بس بالراحه عليها وسمي قبل ما تشيلها و خالي بالك من...

 

قاطعها قبل أن يسحب بدر نفسًا عميقًا، لفظه ببطء محافظًا على ثابته وهو يجيبها بتريث

 

= ما تقلقيش انا عارف كل ده واكتر، هم بقيلهم اربع شهور واكتر و انا اللي بربيهم لوحدي ومسؤول عن كل حاجه عنهم، وعارف كل المعلومات دي من بدري وكل حاجه عن تربيتهم

 

هزت راسها بتفهم قبل أن تمد يديها له لياخذها بهدوء، وتحرك تجاه غرفه السيدة عواطف قبل أن يقول بامتنان

 

= شكرا مره ثانيه عن اذنك .

 

كورت قبضتي يدها بحدة ضاغطة على أصابعها بقوة مستشعرة الحرج الشديد منه،  التهب وجهها بحمرة صريحة مستعيدة المشهد في عقلها، فاذا كان يعرف بامرها ستكون في موقف لا يحسد وسيعتقد انها ربما فعلت ذلك بقصد حتى تلفت انتباهه وهي بالتاكيد لم تتعمد ذلك، انتفضت في مكانها بخضة حينما ظهر أسر أمامها دون مقدمات! لتقول هامسة بضيق

 

= أسر انت بتعمل ايه هنا؟ انا مش قلت لك مش عايزه اشوف وشك تاني.

 

اقترب أكثر حتي بات يقف أمامها ولا يفصل بينهم شئ لتشعر هي بالقلق نوعا ما منه، ثم جمد أنظاره عليها قائلا بشراسة مخيفة

 

= لا ده انا من حظي الحلو اني جيت دلوقتي ، عشان اشوف البية اللي كنتي واقفه معاه وعاملين تتكلموا وبتبتسموا لبعض اوي كده.. يا ترى بقى هو ده السبب اللي مخليكي مش عايزه ترجعيلي من تاني؟؟ رغم ان قالتلك ندمان .

يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية حياة بعد التحديث, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة